نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ٨

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ٨

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٩٥

وفي رواية طويلة له ذكر لصوم كلّ يوم من أيام رجب ثوابا وفضيلة إلى أن قال : « ومن صام عشرة أيام فبخ بخ بخ ، له مثل ذلك وعشرة أضعاف ، وهو ممن يبدل الله سيئاته حسنات ، ويكون من المقربين القوامين لله بالقسط ، وكان كمن عبد الله ألف عام قائما صائما صابرا محتسبا ، ومن صام عشرين يوما كان له مثل ذلك وعشرين ضعفا ، وهو ممن يزاحم إبراهيم خليل الله في قبّته ، ويشفع في مثل ربيعة ومضر من أهل الخطايا والذنوب ، ومن صام ثلاثين كان له مثل ذلك وثلاثين ضعفا ... » (١).

وفي ( روضة العلماء ) : « حدّثنا الامام أبو بكر الاسماعيلي بإسناد له عن سعيد ابن جبير عن أبيه إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : إن رجبا شهر عظيم يضاعف الله فيه الحسنات ، فمن صام منه ثلاثة كان كصيام سنة ... » (٢).

وفي ( نزهة المجالس ) : « قال علي رضي‌الله‌عنه : صوم ثالث عشر رجب كصيام ثلاثة آلاف سنة ، وصوم رابع عشر رجب كصيام عشرة آلاف سنة ، وصوم عشرين كصيام مائة ألف عام. وسيأتي نظيره في الأيام البيض.

وعن النبي صلّى الله عليه وسلّم : فضل رجب على سائر الشهور كفضل القرآن على سائر الكلام.

وعنه صلّى الله عليه وسلّم : من صام يوما من رجب فكأنه صام أربعين سنة » (٣).

وفيه : « وعن ابن مسعود عنه صلّى الله عليه وسلّم : من صام ثلاثة أيام من رجب وقام ليلها فله من الأجر كمن صام ثلاثة آلاف سنة وقام ليلها ، يغفر الله له بكلّ يوم سبعين كبيرة ، ويقضي له سبعين حاجة عند النزع ، وسبعين حاجة في

__________________

(١) المصدر ٤٨٦.

(٢) روضة العلماء ـ مخطوط.

(٣) نزهة المجالس ١ / ١٥٢.

٢٨١

قبره ، وسبعين حاجة عند تطاير الصحف ، وسبعين حاجة عند الميزان ، وسبعين حاجة عند الصراط » (١).

وفيه : « عن سلمان الفارسي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم : من صام يوما من رجب فكأنما صام ألف سنة وكأنما أعتق ألف رقبة » (٢).

٣ ـ فضل صوم يوم عرفة

وفي ( روضة العلماء ) في فضل صوم يوم عرفة : « وحدّثنا أيضا محمّد بن نعيم ، بإسناد له عن أبي قتادة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : من صام يوم عرفة فهو مثل صيام سنتين » (٣).

وفيه : « حدّثنا الحاكم أبو نصر الحربي بإسناد له عن أبي سلمة رضي‌الله‌عنه عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : من صام يوم عرفة كتب الله تعالى له بعدد من صام ذلك اليوم ، وبعدد من لم يصمه من المسلمين عمر الدنيا كلها عشر مرات ثوابا ، ويشيّعه من قبره القيامة سبعون ألف ملك إلى الموقف وعند نصب الميزان ، ومن الموقف إلى الصراط ، ومن الصراط إلى الجنة ، يهوّنون عليه أهوال يوم القيامة والنزع ، ويبشرونه في كلّ خطوة ـ يخطوها مركبه ـ بشارة جديدة ، وقيل له : تمن على الله ما شئت. صلّى الله على محمّد وآله أجمعين » (٤).

وقال أبو الليث نصر بن محمّد السمرقندي : « حدّثنا أبي رحمه‌الله بإسناده عن عطاء عن عائشة رضي الله عنها قالت : إنّ شابا كان صاحب سماع. أي كان

__________________

(١) نزهة المجالس ١ / ١٥٢.

(٢) المصدر ١ / ١٥٣.

(٣) روضة العلماء ونزهة الفضلاء لعلي بن يحيى الزندويستي المتوفى سنة ٣٨٢ ـ مخطوط. كذا في الأعلام.

(٤) روضة العلماء الزندويستي ـ مخطوط.

٢٨٢

مشهورا بين الناس بالخير والشجاعة ، وكان إذا أهلّ هلال ذي الحجة أصبح قائما ، فارتفع الحديث إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : فأرسل إليه ودعاه فقال : ما يحملك على صيام هذه الأيام؟ قال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله أصوم أيام المشاعر وأيام الحج عسى الله أن يشركني في دعائهم. قال : فإنّ لك بكل يوم تصومه عدل مائة رقبة ومائة بدنة ومائة فرس يحمل عليها في سبيل الله ، فإذا كان يوم التروية فلك فيها عدل ألف رقبة وألف بدنة وألف فرس يحمل عليها في سبيل الله ، فإذا كان يوم عرفة فلك فيه عدل ألفي رقبة وألفي بدنة وألفي فرس يحمل في سبيل الله ، وهو يعدل صيام السنتين سنة قبلها وسنة بعدها. وفي رواية أخرى أنه قال : صيام عرفة يعدل سنتين ويعدل صوم عاشوراء بصوم سنة » (١).

٤ ـ فضل صوم ثلاثة أيام من كل شهر

وفي ( غنية الطالبين ) : « عن عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده قال : سمعت علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه يقول : أتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذات يوم عند انتصاف النهار ـ وهو في الحجرة ـ فسلّمت عليه ، فردّ السّلام. ثم قال : يا علي هذا جبرئيل يقرئك السّلام فقلت : عليك وعليه السلام يا رسول الله. ثم قال صلّى الله عليه وسلّم : أدن مني. فدنوت منه. فقال : يا علي يقول لك جبرئيل : صم من كلّ شهر ثلاثة أيام يكتب لك بأوّل يوم ثواب عشرة آلاف سنة ، وباليوم الثاني ثواب ثلاثين ألف سنة ، وباليوم الثالث مائة ألف سنة. فقلت : يا رسول الله هذا الثواب لي خاصة أم للناس عامّة؟ فقال صلّى الله عليه وسلّم : يا علي يعطيك الله هذا الثواب ولمن يعمل بعملك بعدك ... » (٢).

__________________

(١) تنبيه الغافلين ـ مخطوط.

(٢) غنية الطالبين ٧٣٨.

٢٨٣

٥ ـ فضل صوم عاشوراء وكلّ يوم من محرم

وحول فضل صوم عاشوراء وكل يوم من أيام شهر محرّم الحرام قال الشيخ عبد القادر الكيلاني : « مجلس في ذكر فضائل يوم عاشوراء. قال الله عزّ وجلّ : ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ) وقد تقدّم ذكر ذلك وأن منها المحرّم ، فهذا الشهر من الأشهر المحرمة عند الله عز وجلّ ، وفيه يوم عاشوراء الذي عظّم الله أجر من أطاعه فيه.

من ذلك ما أخبرنا به أبو نصر عن والده بإسناده عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من صام يوما من المحرّم فله بكلّ يوم ثلاثون يوما. ومن ذلك ما روى عن ميمون بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضا قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من صام عاشوراء من المحرّم أعطي ثواب عشرة آلاف ملك. من صام يوم عاشوراء من المحرّم أعطي ثواب عشرة آلاف حاج ومعتمر وثواب عشرة آلاف شهيد » (١).

وقال : « وفي لفظ آخر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ومن صام يوم عاشوراء كتب له عبادة ستين سنة بصيامها وقيامها .. » (٢).

وقال الصفوري : « وفي رواية الطبراني : من صام يوما من المحرّم كان له بكلّ يوم ثلاثون يوما » (٣).

وقال أيضا : « مكتوب في التوراة : من صام يوم عاشوراء فكأنّما صام الدهر

__________________

(١) غنية الطالبين ٦٧٣.

(٢) المصدر ٦٧٥.

(٣) نزهة المجالس ١ / ١٧٣.

٢٨٤

كلّه » (١).

دحض المعارضة بحديث الصحيحين

وأما قول ابن كثير : « فإنه حديث منكر جدّا بل كذب ، لمخالفته ما ثبت في الصحيحين عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أن هذه الآية نزلت في يوم الجمعة يوم عرفة ، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم واقف بها كما قدمناه ».

فالجواب عنه ـ بعد تسليم صحة حديث الصحيحين سندا ، وبعد غض النظر عن عدم صلاحيته للمعارضة مع حديث أبي هريرة المذكور ، لكونه متفقا عليه دونه ـ إنه يحتمل أن تكون هذه الآية نازلة مرتين ، والجمع بين الحديثين بهكذا احتمال كثير شائع بين العلماء ، كما لا يخفى على من يتتبع كتب الحديث والتفسير وشروح الحديث ، وسيجيء إن شاء الله تعالى بيان ذلك في الوجه السادس.

ولقد صرح سبط ابن الجوزي بهذا الاحتمال في خصوص هذه الآية الكريمة ، وبذلك أجاب عن دعوى ضعف حديث نزولها في يوم غدير خم ، فقد قال ما نصه : « فإن قيل : فهذه الرواية التي فيها قول عمر رضي‌الله‌عنه : أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. ضعيفة.

فالجواب : إن هذه الرواية صحيحة ، وإنما الضعيف حديث رواه أبو بكر أحمد بن ثابت الخطيب عن عبد الله بن علي بن محمّد بن بشر ، عن علي بن عمر الدار قطني ، عن أبي نصر حبشون بن موسى بن أيوب الخلال ، رفعه إلى أبي هريرة وقال في آخره : لمّا قال النبي صلّى الله عليه وسلّم : من كنت مولاه فعلي مولاه نزل قوله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) الآية. قالوا : وقد انفرد بهذا الحديث حبشون ، ونحن نقول : نحن ما استدللنا بحديث حبشون ،

__________________

(١) نزهة المجالس ١ / ١٧٤.

٢٨٥

بل بالحديث الذي رواه أحمد في الفضائل عن البراء بن عازب وإسناده صحيح. ورواية حبشون مضطربة ، لأنه قد ثبت في الصحيحين أن قوله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) الآية ، نزلت عشية عرفة في حجة الوداع ، على أن الأزهري قد روى عن حبشون ولم يضعّفه ، فإن رواية حبشون احتملت أن الآية نزلت مرّتين ... » (١) ..

صوم يوم الغدير كصيام ستين شهرا

هذا ، ولقد روى جماعة آخرون حديث فضل صوم يوم غدير خم عن أبي هريرة ،

فقد روى السيد علي الهمداني : « عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه قال : من صام يوم الثامن عشر من ذي الحجة كان له كصيام ستين شهرا ، وهو اليوم الذي أخذ فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيد علي في غدير خم. فقال عليه الصلاة والسّلام : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه واخذل من خذله.

وعن الامام الباقر عن آبائه عليهم‌السلام مثل ذلك ، بل يروى عن كثير من الصحابة في أماكن مختلفة هذا الخبر. انتهى » (٢).

وقال الخطيب الخوارزمي : « وبهذا الإسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، قال الحاكم أبو عبد الله الحافظ قال : حدثني أبو يعلى الزبير بن عبد الله الثوري قال : حدّثنا أبو جعفر أحمد بن عبد الله البزاز قال : حدّثنا علي بن سعيد الرملي قال : حدّثنا ضمرة عن ابن شوذب عن مطر الوراق عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة قال : من صام اليوم الثماني عشر من ذي الحجة كتب له صيام ستين سنة ، وهو يوم غدير خم ، لمّا أخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيد علي فقال : من كنت

__________________

(١) تذكرة الخواص : ٢٩ ـ ٣٠.

(٢) المودة في القربى للسيد علي الهمداني ، أنظر ينابيع المودة : ٢٤٩.

٢٨٦

مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره. فقال له عمر بن الخطاب : بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كلّ مسلم ومسلمة » (١).

وقال الحموئي : « أخبرنا الشيخ الامام عماد الدين عبد الحافظ بن بدران ـ بقراءتي عليه بمدينة نابلس في مسجده ـ قلت له : أخبرك القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمّد بن أبي الفضل الأنصاري الحرستاني إجازة فأقرّ به ، قال أنبأنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل الفراوي إجازة قال : أنبأنا شيخ السنّة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي الحافظ قال : أنبأنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ قال : حدثني أبو يعلى الزبير بن عبد الله الثوري ، حدّثنا أبو جعفر أحمد بن عبد الله البزاز ، حدّثنا علي بن سعيد الرملي ، حدّثنا ضمرة عن ابن شوذب عن مطر الوراق عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة قال : من صام يوم الثماني عشر من ذي الحجة كتب له صيام ستين سنة ، وهو يوم غدير خم ، لمّا أخذ النبي صلّى الله عليه وسلّم يد علي فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره. فقال له عمر بن الخطاب : بخ بخ لك يا ابن أبي طالب ، أصبحت مولاي ومولى كل مسلم » (٢).

__________________

(١) مناقب علي بن أبي طالب ٧٩.

(٢) فرائد السمطين ١ / ٧٧.

٢٨٧
٢٨٨

(٣)

شعر حسّان بن ثابت

في يوم الغدير خم

٢٨٩
٢٩٠

ومن الأدلة على دلالة حديث الغدير على الامامة والخلافة : شعر حسان بن ثابت ، الذي أنشده بعد فراغ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الخطبة بإذن منه ، وبمشهد ومسمع منه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

وممّن روى خبر ذلك من مشاهير أئمة أهل السنّة :

١ ـ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه.

٢ ـ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الاصفهاني.

٣ ـ الموفق بن أحمد المكي الخوارزمي.

٤ ـ أبو الفتح محمّد بن علي النطنزي.

٥ ـ شمس الدين أبو المظفر سبط ابن الجوزي.

٦ ـ أبو عبد الله محمّد بن يوسف الكنجي.

٧ ـ إبراهيم بن محمّد بن المؤيد الحمويني.

٨ ـ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي.

٢٩١

(١)

رواية ابن مردويه

لقد روى ابن مردويه ـ على ما نقل عنه في كشف الغمة ـ : « عن ابن عباس قال : لمّا أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يقوم بعلي فيقول له ما قال. فقال صلّى الله عليه وسلّم : يا ربّ إنّ قومي حديثو عهد بجاهلية ، ثم مضى بحجّه ، فلما أقبل راجعا نزل بغدير خم أنزل الله عليه : ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) الآية ، فأخذ بعضد علي ، ثم خرج إلى الناس فقال : يا أيها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا : بلى يا رسول الله. قال : اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه واخذل من خذله وانصر من نصره ، وأحب من أحبه وابغض من أبغضه.

قال ابن عباس : فوجبت والله في رقاب القوم.

وقال حسان بن ثابت :

يناديهم يوم الغدير نبيّهم

بخم واسمع بالرّسول مناديا

يقول فمن مولاكم ووليّكم

فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا

إلهك مولانا وأنت وليّنا

ولم تر منّا في الولاية عاصيا

فقال له قم يا على فإنّني

رضيتك من بعدي إماما وهاديا (١)

__________________

(١) كشف الغمة في معرفة الأئمة ١ / ٣١٨ عن مناقب علي بن أبي طالب لابن مردويه.

٢٩٢

(٢)

رواية أبي نعيم

وروى ذلك أبو نعيم أحمد بن عبد الله الاصفهاني ـ : « عن قيس بن الربيع عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري رضي‌الله‌عنه : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دعا الناس إلى علي في غدير خم ، وأمر بما تحت الشجرة من شوك فقمّ ، وذلك في يوم الخميس ، فدعا عليا فأخذ بضبعيه فرفعهما حتى نظر الناس بياض إبطي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، ثم لم يتفرقوا حتى نزلت هذه الآية : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً )

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الرب برسالتي وبالولاية لعلي من بعدي. ثم قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصر واخذل من خذله.

قال حسان بن ثابت : ائذن لي يا رسول الله فأقول في علي أبياتا تسمعهن ، فقال : قل على بركة الله. فقال حسان : يا معشر مشيخة قريش اسمعوا قولي بشهادة من رسول الله في الآية ماضية ، فقال :

يناديهم يوم الغدير نبيّهم

بخم وأسمع بالرسول مناديا

يقول فمن مولاكم ووليّكم

فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا

إلهك مولانا وأنت وليّنا

ولم تر منا في الولاية عاصيا

فقال قم يا علي فإنّني

رضيتك من بعدي إماما وهاديا

فمن كنت مولاه فهذا وليّه

فكونوا له أنصار صدق مواليا

هناك دعا اللهم وال وليّه

وكن للذي عادى عليا معاديا » (١)

__________________

(١) ما نزل من القرآن في علي ـ مخطوط.

٢٩٣

(٣)

رواية الخوارزمي

وروى ذلك الموفق بن أحمد المكي الخوارزمي بقوله : « أخبرني سيد الحافظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي ـ فيما كتب إليّ ـ من همدان قال أخبرنا أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني ـ كتابة ـ قال : حدّثنا عبد الله بن إسحاق البغوي قال : حدّثنا الحسن بن عقيل الغنوي قال : حدّثنا محمّد بن عبد الرحمن الذراع قال : حدّثنا قيس بن حفص قال : حدثني علي ابن الحسين بن الحسن العبدي عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري :

أن النبي صلّى الله عليه وسلّم يوم دعا الناس إلى غدير خم ، أمر بما كان تحت الشجرة من الشوك فقمّ ، وذلك يوم الخميس ، ثم دعا الناس إلى علي ، فأخذ بضبعه فرفعها حتى نظر الناس إلى بياض إبطه ، ثم لم يتفرقوا حتى نزلت هذه الآية : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الرب برسالتي والولاية لعلي بن أبي طالب. ثم قال : اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله.

فقال حسّان بن ثابت : يا رسول الله ائذن لي أن أقول أبياتا ، قال : قل على بركة الله تعالى. فقال حسان بن ثابت : يا معشر مشيخة قريش اسمعوا شهادة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :

يناديهم يوم الغدير نبيّهم

بخم وأسمع بالرسول مناديا

بأني مولاكم نعم ووليّكم

فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا

إلهك مولانا وأنت ولينا

فلا تجدن في الخلق للأمر عاصيا

٢٩٤

فقال له قم يا علي فإنني

رضيتك من بعدي إماما وهاديا » (١)

(٤)

رواية أبي الفتح النطنزي

ورواه أبو الفتح محمّد بن علي النطنزي قائلا : « أخبرنا الحسن بن أحمد بن الحسن المهري قال : حدّثنا أحمد بن عبد الله بن أحمد قال : حدّثنا محمّد بن أحمد ابن علي قال : حدّثنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة قال : حدّثنا يحيى الحماني قال : حدّثنا قيس بن الربيع عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دعا الناس إلى علي رضي‌الله‌عنه في غدير خم ، وأمر بما تحت الشجرة من الشوك فقمّ ـ وذلك يوم الخميس ـ فدعا عليا فأخذ بضبعيه فرفعهما حتى نظر الناس إلى بياض إبطي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، ثم لم يتفرقوا حتى نزلت هذه الآية : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً )

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الرب برسالتي والولاية لعلي من بعدي : قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله.

فقال حسان بن ثابت : ائذن لي يا رسول الله فأقول في علي أبياتا تسمعها فقال : قل على بركة الله. فقام حسان فقال : يا معشر قريش اسمعوا قولي بشهادة من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الولاية الثابتة :

يناديهم يوم الغدير نبيّهم

بخم وأسمع بالرسول مناديا

__________________

(١) مناقب علي بن أبي طالب : ٨٠.

٢٩٥

يقول فمن مولاكم ووليكم

فقالوا ولم يبدوا هناك التعاديا

إلهك مولانا وأنت وليّنا

ولن تجدن منّا لك اليوم عاصيا

فقال له قم يا علي فإنني

رضيتك من بعدي إماما وهاديا

هذا حديث له طرق كثيرة إلى أبي سعيد الخدري » (١).

ترجمة النطنزي

وأبو الفتح النطنزي من أعلام محدثي أهل السنة الثقات ، كما يظهر لك من ترجمته في كتبهم :

١ ـ أبو سعد السمعاني : « أبو الفتح محمّد بن علي بن إبراهيم النطنزي. أفضل من بخراسان والعراق في اللغة والأدب ، والقيام بصنعة الشعر ، قدم علينا مرو ، سنة إحدى وعشرين ، وقرأت عليه طرفا صالحا من الأدب ، واستفدت منه ، واغترفت من بحره ، ثم لقيته بهمدان ، ثم قدم علينا بغداد غير مرة في مدة مقامي بها ، وما لقيته إلاّ وكتبت عنه واقتبست منه ... » (٢).

٢ ـ الصفدي : « كان من بلغاء أهل النظم والنثر ، سافر البلاد ، ولقي الأكابر ، وكان كثير المحفوظ ، محب العلم والسنّة ، مكثر الصدقة والصيام ، ونادم الملوك والسلاطين ، وكانت له وجاهة عظيمة عندهم ، وكان تياها عليهم ، متواضعا لأهل العلم ، سمع الحديث الكثير بأصبهان وخراسان وبغداد ، ولم يمتّع بالرّواية ، ... » (٣).

٣ ـ ابن النجار : « كان نادرة الفلك ونابغة الدهر ، وفاق أهل زمانه في بعض فضائله » (٤).

__________________

(١) الخصائص العلوية ـ مخطوط.

(٢) الأنساب ـ النظنزي.

(٣) الوافي بالوفيات ٤ / ١٦١.

(٤) ذيل تاريخ بغداد ـ مخطوط.

٢٩٦

ترجمة ابن النجار مادح النطنزي

وابن النجار الذي أثنى على النطنزي بما ذكر ، من أكابر الأئمة ، ترجم له الذهبي بقوله : « ابن النجار ـ الحافظ الامام البارع ، مؤرّخ العصر ، مفيد العراق ، محبّ الدين أبو عبد الله محمّد بن الحسن بن هبة الله بن محاسن ابن النجار البغدادي ، صاحب التصانيف. ولد سنة ٥٧٨ ... وجمع فأوعى وكتب العالي والنازل ، وخرّج لغير واحد ، وجمع تاريخ مدينة السّلام وذيّل به واستدرك على الخطيب ، وهو ثلاثمائة جزء ، وكان من أعيان الحفاظ الثقات ، مع الدين والصيانة والفهم وسعة الرواية ... وكان رحمه‌الله من محاسن الدنيا. توفي في خامس شعبان سنة ١٦٣ » (١).

(٥)

رواية سبط الجوزي

وقال أبو المظفر سبط ابن الجوزي : « وقد أكثرت الشعراء في يوم غدير خم ،

فقال حسّان بن ثابت :

يناديهم يوم الغدير نبيّهم

بخم فأسمع بالرسول مناديا

وقال فمن مولاكم ووليكم

فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا

إلهك مولانا وأنت ولينا

ومالك منا في الولاية عاصيا

فقال له قم يا علي فإنني

رضيتك من بعدي إماما وهاديا

فمن كنت مولاه فهذا وليّه

فكونوا له أنصار صدق مواليا

هناك دعا اللهم وال وليه

وكن للذي عادى عليا معاديا

__________________

(١) تذكرة الحفاظ ٤ / ١٤٢٨.

٢٩٧

ويروى أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما سمعه ينشد هذه الأبيات قال له : يا حسّان ، لا تزال مؤيّدا بروح القدس ما نصرتنا ، أو ما نافحت ، عنا » (١).

(٦)

رواية الحمويني

وروى صدر الدين الحمويني شعر حسّان يوم الغدير بقوله : « أنبأني الشيخ تاج الدين أبو طالب علي بن الحسين بن عثمان بن عبد الله الخازن ، قال أنبأنا الامام برهان الدين ناصر بن أبي المكارم المطرزي إجازة قال : أنبأنا الامام أخطب خوارزم أبو المؤيد الموفق بن أحمد المكي الخوارزمي قال : أخبرني سيد الحفاظ فيما كتب إليّ من همدان ، أنبأنا الرئيس أبو الفتح كتابة ، حدّثنا عبد الله بن إسحاق البغوي ، نبأنا الحسن بن عقيل الغنوي ، أنبأنا محمّد بن عبد الله الذراع ، أنبأنا قيس بن حفص قال : حدّثني علي بن الحسين العبدي عن أبي سعيد الخدري.

إن النبي صلّى الله عليه وسلّم يوم دعا الناس إلى غدير خم ، أمر الناس بما كانت تحت الشجرة من الشوك فقمّ ـ وذلك يوم الخميس ـ ثم دعا الناس إلى علي فأخذ بضبعه فرفعها ، حتى نظر الناس إلى بياض إبطيه صلّى الله عليه وسلّم ، ثم لم يفترقا حتى نزلت هذه الآية : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الرب برسالتي والولاية لعلي. ثم قال : اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله.

فقال حسّان بن ثابت : يا رسول الله أتأذن لي أن أقول أبياتا؟ قال : قل ببركة الله ، فقال حسان بن ثابت : يا مشيخة قريش اسمعوا شهادة رسول الله

__________________

(١) تذكرة الخواص : ٣٣.

٢٩٨

صلّى الله عليه وسلّم ، ثم أنشأ يقول :

يناديهم يوم الغدير نبيهم

بخ وأسمع بالنبي مناديا

بأني مولاكم نعم ووليكم

وقالوا ولم يبدو هناك التعاميا

إلهك مولانا وأنت وليّنا

ولا تجدن في الخلق للأمر عاصيا

فقال له قم يا علي فإنني

رضيتك من بعدي إماما وهاديا » (١)

و روى الحمويني أيضا : « عن سيد الحفاظ أبي منصور شهردار بن شيرويه ابن شهردار الديلمي قال : أخبرنا الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد المقري الحافظ قال : أخبرنا أحمد بن عبد الله بن أحمد قال : أنبأنا محمّد بن أحمد بن علي قال : أنبأنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة قال : أنبأنا يحيى الحماني قال : حدّثنا قيس ابن الربيع ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دعا الناس إلى علي في غدير خم ، وأمر بما تحت الشجرة من الشوك فقم ، وذلك يوم الخميس ، فدعا عليا فأخذ بضبعيه ، فرفعهما حتى نظر الناس إلى بياض إبطي رسول الله ، ثم لم يفترقوا حتى نزلت هذه الآية : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ).

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الرب برسالتي والولاية لعلي من بعدي. ثم قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله.

فقال حسّان بن ثابت : ائذن لي يا رسول الله فأقول في علي أبياتا تسمعها فقال : قل على بركة الله ، فقام حسّان بن ثابت فقال : يا معشر مشيخة قريش اسمعوا قولي شهادة من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالولاية الثابتة ، فقال :

__________________

(١) فرائد السمطين ١ / ٧٢.

٢٩٩

يناديهم يوم الغدير نبيّهم

بخم وأسمع بالرسول مناديا

بأني مولاكم نعم ووليّكم

وقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا

إلهك مولانا وأنت وليّنا

ولا تجدن في الخلق للأمر عاصيا

فقال له قم يا علي فإنني

رضيتك من بعدي إماما وهاديا

هذا حديث له طرق كثيرة إلى أبي سعيد سعد بن مالك الخدري الأنصاري » (١).

الحمويني شيخ الذهبي

وغير خاف على ذوي العلم والاطلاع ، أن الحمويني من مشاهير أئمة أهل السنة ، ومن أعلام مشايخ أكابرهم ، قال الذهبي بترجمته :

« إبراهيم بن محمّد المؤيد بن عبد الله بن علي بن محمّد بن حمويه ، الامام الكبير المحدّث ، شيخ المشايخ ، صدر الدين أبو المجامع الخراساني الجويني الصوفي ، ولد سنة ٦٤٤ وسمع بخراسان وبغداد والشام والحجاز ، وكان ذا اعتناء بهذا الشأن ، وعلى يده أسلم الملك غازان ، توفي بخراسان في سنة ٧٢٢. قرأنا على أبي المجامع إبراهيم بن حمويه سنة ٦٩٥. أنا أبو عمرو عثمان ابن موفق الأذكاني بقراءتي سنة أربع وستين ، أنا المؤيد بن محمّد الطوسي.

ح وأنا أحمد بن هبة الله عن المؤيد أخبرنا هبة الله بن سهل أنا سعيد بن محمّد البحيري أنا زاهر بن أحمد الفقيه ، أنا ابراهيم بن عبد الصمد ، ثنا أبو مصعب ، ثنا مالك بن سمى مولى أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن أبي صالح السمان ، عن أبي هريرة : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ، والحج المبرور ليس له جزاء إلاّ الجنّة.

__________________

(١) فرائد السمطين ١ / ٧٤.

٣٠٠