نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ٨

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ٨

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٩٥

وقال محمد بن عيسى بن الطباع : قال عبد الرحمن بن مهدي : كان هشيم أحفظ للحديث من سفيان الثوري ، كان يقوى من الحديث على شيء لم يكن يقوى عليه سفيان ، وسمعت وكيعا يقول : نحوا عنّي هشيما وهاتوا من شئتم ـ يعني في المذاكرة ـ.

وقال ابن مهدي : هشيم في حصين أثبت من سفيان وشعبة ، وقال علي بن حجر : هشيم وأبو بشر مثل ابن عيينة في الزهري. وقال عيينة بن سعيد عن ابن المبارك قال : من غير الدهر حفظه فلم يغير حفظ هشيم ، وقال العجلي : هشيم ثقة يدلس ، وسئل أبو حاتم عن هشيم ويزيد بن هارون فقال : هشيم أحفظ منه ومن أبي عوانة » (١).

عود إلى ترجمة الكلبي

وقد أثنى أبو إسحاق أحمد بن محمد بن ابراهيم الثعلبي على الكلبي ، وجعله من أقران مجاهد والسدي حيث قال في ديباجة تفسيره : « وفرقة جرّدوا التفسير دون الأحكام وبيان الحلال والحرام ، والحل عن العويصات المشكلات والرد على أهل الزيغ والشبهات ، كمشايخ السلف الماضين والعلماء السابقين من التابعين وأتباعهم ، مثل مجاهد ، ومقاتل ، والكلبي ، والسدي ، رضي الله عنهم أجمعين ، ولكل من أهل الحق منهم غرض محمود وسعي مشكور » (٢).

وقال ابن جزلة : « قال الحسن بن عثمان القاضي : وجدت العلم بالعراق والحجاز ثلاثة : علم أبي حنيفة ، وتفسير الكلبي ، ومغازي محمد بن إسحاق » (٣).

وقال القاضي أبو عبد الله محمد بن علي العامري : « قد خرجت هذا من التفاسير التي سمعتها من الأئمة رحمهم‌الله ، منها : ما سمعت من الأستاذ الامام أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الإسفرايني رحمه‌الله ، مثل تفسير مقاتل بن سليمان

__________________

(١) تذهيب التهذيب ـ مخطوط.

(٢) الكشف والبيان ـ مخطوط.

(٣) مختصر تاريخ بغداد ـ مخطوط.

٢١

والحلبي والكلبي وغيرهما ... ولم أعتمد إلاّ بما صحّ عندي بتواتر واستفاضة أو روي في الصحاح بغير طعن الطاعن ، والله الموفق لذلك » (١).

وقال ابن قتيبة : « الكلبي صاحب التفسير ، وهو محمد بن السائب بن بشر الكلبي ، ويكنى أبا النضر ... وكان نسّابا عالما بالتفسير ، وتوفي بالكوفة سنة ١٤٦ » (٢).

وقال البغوي : « وما نقلت فيه من التفسير عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حبر هذه الأمة ، ومن بعده من التابعين ، أئمة السلف مثل : مجاهد ، وعكرمة ، وعطاء بن أبي رباح ، والحسن البصري ، رضي‌الله‌عنه ، وقتادة ، وأبي العالية ، ومحمد بن كعب القرظي ، وزيد بن أسلم ، والكلبي ، والضحاك ، ومقاتل بن حبان ، ومقاتل بن سليمان ، والسدّي ، وغيرهم فأكثره مما أخبرني الشيخ أبو سعيد أحمد بن محمد الشريحي المذكور ... » (٣).

وقال صديق حسن القنوجي : « وجمعته جمعا حسنا ، بعبارة سهلة ، وألفاظ يسيرة ، مع تعرض للترجيح بين التفاسير المتعارضة في مواضع كثيرة ، وبيان المعنى العربي الإعرابي واللغوي ، مع حرص على إيراد صفوة ما ثبت عن التفسير النبوي ، وعن عظماء الصحابة وعلماء التابعين ، ومن دونهم من سلف الأئمة وأئمتها المعتبرين ، كابن عباس حبر هذه الأمة ومن بعده من الأئمة ، مثل مجاهد وعكرمة ، وعطاء ، والحسن ، وقتادة ، وأبي العالية ، والقرظي ، والكلبي والضحاك ، ومقاتل ، والسدي ، وغيرهم من علماء اللغة والنحو كالفراء ، والزجّاج ، وسيبويه ، والمبرد ، والخليل ، والنحاس » (٤).

وقال علي بن محمد البزدوي : « ليس من اتهم بوجه ما يسقط به كلّ حديثه

__________________

(١) الناسخ والمنسوخ ـ مخطوط.

(٢) المعارف ٥٣٥ ـ ٥٣٦.

(٣) معالم التنزيل ١ / ٣ هامش تفسير الخازن.

(٤) فتح البيان في مقاصد القرآن ١ / ١٧.

٢٢

مثل الكلبي وأمثاله ، ومثل سفيان الثوري وأصحابه ، مع جلالة قدره وتقدّمه في العلم والورع » (١).

وقال علاء الدين عبد العزيز بن أحمد البخاري في شرح كلام البزدوي المذكور ما نصه : « قوله : مثل الكلبي. هو أبو سعيد محمد بن السائب الكلبي صاحب التفسير ، ويقال له أبو النضر أيضا ، طعنوا فيه بأنه يروي تفسير كلّ آيه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ويسمى زوائد الكلبي ، وبأنه روى حديثا عند الحجاج ، فسأل عمن يرويه فقال : عن الحسن بن علي رضي الله عنهما ، فلمّا خرج قيل له : هل سمعت ذلك من الحسن؟ فقال : لا ولكنّي رويت عن الحسن غيظا له.

وذكر في الأنساب : إن الثوري ومحمد بن إسحاق يرويان عنه ويقولان حدثنا أبو النضر حتى لا يعرف. قال : وكان الكلبي سبائيا من أصحاب عبد الله ابن سبأ ، من أولئك الذين يقولون إن عليا لم يمت ، وإنه راجع إلى الدنيا قبل قيام الساعة ، ويملؤها عدلا كما ملئت جورا ، وإذا رأوا سحابة قالوا أمير المؤمنين فيها ، والرعد صوته والبرق سوطه ، حتى تبرأ واحد منهم وقال :

ومن قوم إذا ذكروا عليا

يصلّون الصلاة على السحاب

مات الكلبي سنة ١٤٦.

وأمثاله. مثل عطاء بن السائب ، والربيعة ، وعبد الرحمن ، وسعيد بن أبي عروبة ، وغيرهم ، اختلطت عقولهم فلم يقبل رواياتهم التي بعد الاختلاط ، وقبلت الروايات التي قبله.

فإن قيل : ما نقل عن الكلبي يوجب الطعن عاما ، فينبغي أن لا يقبل رواياته جميعا.

__________________

(١) أصول الفقه ٣ / ٧٢ بشرح عبد العزيز البخاري.

٢٣

قلنا : إنما يوجب ذلك إذا ثبت ما نقلوا عنه بطريق القطع ، فأما إذا اتهم به فلا يثبت حكمه في غير موضع التهمة ، وينبغي أن لا يثبت في موضع التهمة أيضا ، إلاّ أن ذلك يورث شبهة في الثبوت ، وبالشبهة تردّ الحجة ، وينتفي ترجح الصدق في الخبر ، فلذلك لم يثبت أو معناه.

ليس كل من اتهم بوجه ساقط الحديث ، مثل الكلبي ، وعبد الله بن لهيعة والحسن بن عمارة ، وسفيان الثوري وغيرهم ، فإنه قد طعن في كل واحد منهم بوجه ، ولكن علوّ درجتهم في الدين ، وتقدّم رتبتهم في العلم والورع ، منع من قبول ذلك الطعن في حقهم ومن ردّ حديثهم به ، إذ لو ردّ حديث أمثال هؤلاء بطعن كل واحد انقطع الرواية واندرس الأخبار ، إذ لم يوجد بعد الأنبياء عليهم‌السلام من لا يوجد فيه أدنى شيء مما يجرح إلاّ من شاء الله تعالى ، فلذلك لم يلتفت إلى مثل هذا الطعن ، فيحمل على أحسن الوجوه ، وهو قصد الصيانة » (١).

ترجمة عبد العزيز البخاري

وعبد العزيز البخاري شارح البزدوي وصاحب الكلام المزبور في الدفاع عن الكلبي ، من مشاهير الأئمة الكبار ، وقد أثنى عليه عبد القادر القرشي في ( الجواهر المضية في طبقات الحنفية ) ومحمود بن سليمان الكفوي في ( كتائب أعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار ) والكاتب الجلبي في ( كشف الظنون ).

__________________

(١) كشف الأسرار في شرح أصول الفقه ٣ / ٧٢.

٢٤

(٢)

يحيى بن زياد الفراء

وفسّر يحيى بن زياد الفرّاء ( المولى ) بـ ( الأولى ) كما قال الفخر الرازي بتفسير قوله تعالى : ( هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) : « ( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ). وفي لفظ المولى هاهنا أقوال : أحدها ـ قال ابن عباس : مولاكم أي مصيركم. وتحقيقه : أن المولى موضع الولي وهو القرب ، فالمعنى : إن النار هي موضعكم الذي تقربون منه وتصلون إليه.

والثاني ـ قال الكلبي : يعني أولى بكم. وهو قول الزّجاج والفرّاء وأبي عبيدة ... » (١).

ترجمة الفراء

١ ـ ابن خلكان : « أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الأسلمي ، المعروف بالفراء ، الديلمي الكوفي ، مولى بني أسد ، وقيل مولى بني منقر.

كان أبرع الكوفيين ، وأعلمهم بالنحو واللغة وفنون الأدب ، حكى عن أبي العباس ثعلب أنه قال : لو لا الفراء لما كانت العربية ، لأنه خلّصها وضبطها ، ولو لا الفرّاء لسقطت العربية ، لأنها كانت تتنازع ، ويدّعيها كل من أراد ، ويتكلّم الناس فيها على مقادير عقولهم وقرائحهم. فتذهب.

وأخذ النحو عن أبي الحسن الكسائي ، وهو والأحمر المقدّم ذكره من أشهر

__________________

(١) التفسير الكبير ٢٩ / ٢٢٧.

٢٥

أصحابه وأخصّهم به.

ولمّا عزم الفرّاء على الاتصال بالمأمون كان يتردّد إلى الباب ، فبينما هو ذات يوم على الباب ، إذ جاء أبو بشر ثمامة بن الأشرس النمري المعتزلي ـ وكان خصيصا بالمأمون ـ قال : فرأيت أبهة أديب ، فجلست إليه ففاتشته عن اللغة فوجدته بحرا ، وفاتشته عن النحو فوجدته نسيج وحده ، وعن الفقه فوجدته رجلا فقيها عارفا باختلاف القوم ، وبالنجوم ماهرا ، وبالطب خبيرا ، وبأيام العرب وأشعارها حاذقا ، فقلت : من تكون وما أظنك إلا الفرّاء؟ قال : انا هو ، فدخلت فأعلمت أمير المؤمنين المأمون ، فأمر بإحضاره لوقته وكان سبب اتصاله به ...

وقال الخطيب في تاريخ بغداد : إنّ الفراء لما اتصل بالمأمون أمره أن يؤلف ما يجمع به أصول النحو وما سمع من العربية ... وبعد أن فرغ من ذلك خرج إلى الناس وابتدأ في كتاب المعاني ، وقال الرّاوي : وأردنا أن نعدّ الناس الذين اجتمعوا لإملاء كتاب المعاني فلم نضبطهم ، فعددنا القضاة فكانوا ثمانين قاضيا ، فلم يزل يمليه حتى أتمّه ...

وكان سبب إملائه كتاب المعاني : أن أحد أصحابه ـ وهو عمر بن بكير ـ كان يصحب الحسن بن سهل المقدّم ذكره ، فكتب إلى الفراء أنّ الأمير الحسن لا يزال يسألني عن أشياء من القرآن لا يحضرني فيها جواب ، فإن رأيت أن تجمع لي أصولا ، وتجعل في ذلك كتابا يرجع اليه فعلت. فلمّا قرأ الكتاب قال لأصحابه : اجتمعوا حتى أملي عليكم في القرآن ، وجعل لهم يوما ، فلمّا حضروا خرج إليهم وكان في المسجد رجل يؤذن فيه وكان من القراء ، فقال له : اقرأ. فقرأ فاتحة الكتاب ، ففسّرها حتى مرّ في القرآن كلّه على ذلك ، يقرأ الرجل والفرّاء يفسّره ، وكتابه هذا نحو ألف ورقة ، وهو كتاب لم يعمل مثله ، ولا يمكن لأحد أن يزيد عليه.

وكان المأمون قد وكّل الفرّاء يلقّن ابنيه النحو ، فلما كان يوما أراد الفرّاء أن ينهض إلى بعض حوائجه ، فابتدرا إلى نعل الفرّاء يقدّمانها له ، فتنازعا أيّهما

٢٦

يقدّمانها له ، فاصطلحا على أن يقدّم كلّ واحد منهما فردا فقدّماها ...

وقال الخطيب أيضا : كان الفقيه محمد بن الحسن ابن خالة الفرّاء ، وكان الفرّاء يوما جالسا عنده فقال له الفرّاء : قلّ رجل أنعم النظر في باب من العلم فأراد غيره إلاّ سهل عليه ، فقال له محمد : يا أبا زكريا قد أنعمت النظر في العربية ، فأسألك عن باب من أبواب الفقه ، فقال : هات على بركة الله تعالى. قال : ما تقول في رجل صلّى فسهى فسجد سجدتين للسهو فسهى فيهما؟ ففكّر الفرّاء فيهما ساعة ثم قال : لا شيء عليه. فقال له محمد : ولم؟ قال : لأن التصغير عندنا لا تصغير له ، وإنما السجدتان تمام الصلاة وليس للتمام تمام. فقال محمد : ما ظننت آدميّا يلد مثلك ...

وقال سلمة بن عاصم : إني لأعجب من الفرّاء كيف كان يعظّم الكسائي وهو أعلم بالنحو منه.

ومولد الفرّاء بالكوفة ... وتوفّي الفرّاء سنة سبع ومائتين في طريق مكّة ، وعمره ثلاثة وستون سنة ، رحمه الله تعالى ... » (١).

٢ ـ اليافعي : « وفيها الامام البارع النحوي ، يحيى بن زياد الفرّاء الكوفي ، أجلّ أصحاب الكسائي ، كان رأسا في النحو واللغة ، أبرع الكوفيّين وأعلمهم بفنون الأدب ، على ما ذكر بعض المؤرّخين ، وحكي عن أبي العباس ثعلب أنه قال : لو لا الفرّاء ... » (٢).

٣ ـ الذهبي : « الفرّاء أخباري علامة نحوي ، كان رأسا في قوة الحفظ. أملى تصانيفه كلّها حفظا ، مات بطريق مكة سنة ٢٠٧. عن ثلاث وستين سنة. اسمه يحيى بن زياد » (٣).

__________________

(١) وفيات الأعيان ٥ / ٢٢٥ ـ ٢٣٠.

(٢) مرآة الجنان حوادث ٢٠٧.

(٣) تذكرة الحفاظ ١ / ٣٧٢.

٢٧

٤ ـ الذهبي أيضا : « ... وهو أجلّ أصحاب الكسائي ، وكان رأسا في النحو واللغة » (١).

٥ ـ ابن الوردي : « ... أبرع الكوفيين نحوا وأدبا ، وله كتاب الحدود وكتاب المعاني ، وكتابان في المشكل ، وكتاب النهي ، وغير ذلك. توفي بطريق مكة ، وعمره نحو ثلاث وستين ، كان يفري الكلام فلقّب بذلك » (٢).

(٣)

أبو زيد اللّغوي

وأمّا تصريح أبي زيد سعيد بن أوس الأنصاري اللّغوي بورود ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) ، فقد اعترف به ( الدهلوي ) نفسه في كلامه ، كما جاء في كلام غلام محمد بن محيي الدين بن عمر الأسلمي في ترجمة ( التحفة الاثنا عشرية ) حيث قال في الجواب عن حديث الغدير : « ولا يخفى أنّ أوّل الغلط في هذا الاستدلال هو إنكار أهل العربيّة قاطبة ثبوت ورود المولى بمعنى الأولى ، بل قالوا لم يجيء قط المفعل بمعنى أفعل في موضع ومادة أصلا ، فضلا عن هذه المادة بالخصوص ، إلاّ أن أبا زيد اللّغوي جوّز هذا متمسكا بقول أبي عبيدة في تفسير ( هِيَ مَوْلاكُمْ ) أي أولى بكم ».

وستأتي ترجمة أبي زيد اللّغوي في الكتاب إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) العبر حوادث ٢٠٧.

(٢) تتمة المختصر حوادث ٢٠٧.

٢٨

(٤)

أبو عبيدة

وأمّا تفسير أبي عبيدة معمر بن المثنّى البصري ( المولى ) بـ ( الأولى ) فقد نصّ عليه الفخر الرازي في ( نهاية العقول ) أيضا كما سيأتي قريبا ، وفي ( التفسير ) كما عرفت من عبارته الماضية ، وكذا ذكره ابن الجوزي في ( زاد المسير ) ، واعترف به ( الدّهلوي ) كذلك ، وصرّح به الأسلمي المذكور في ( الترجمة العبقريّة ).

ترجمة أبي عبيدة

١ ـ الذهبي : « أبو عبيدة معمر بن المثنى البصري ، اللغوي الحافظ ، صاحب التصانيف ، روى عن : هشام بن عروبة وأبي عمرو بن شيبة. وعنه : أبو عثمان المازني وأبو العيناء وخلق.

قال الحافظ : لم يكن في الأرض خارجي ولا جماعي عالم بجميع العلوم من أبي عبيدة. وذكره ابن المبارك فصحّح رواياته.

مات أبو عبيدة سنة عشر ومائتين ، وقيل سنة تسع » (١).

٢ ـ الذهبي أيضا : « أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي البصري اللغوي ، العلاّمة الأخباري صاحب التصانيف ، روى عن : هشام بن عروة وأبي عمر بن العلا وكان أحد أوعية العلم. وقيل توفي سنة إحدى عشرة » (٢).

٣ ـ وذكر ابن الأثير في خطبة كتابه ( النهاية ) القول بأنّ أبا عبيدة أوّل من

__________________

(١) تذكرة الحفاظ ١ / ٣٧١.

(٢) العبر حوادث ٢١٠.

٢٩

ألّف في فن غريب الحديث بعد اختلاط الألسن وتداخل اللغات ، حيث قال : « فلما أعضل الدّاء وعزّ الدّواء ألهم الله جماعة من أولى المعارف والنهى وذوي البصائر والحجى ، أن صرفوا إلى هذا الشأن طرفا من عنايتهم ، وجانبا من رعايتهم ، فشرّعوا فيه للناس موارد ، ومهّدوا فيه لهم معاهد ، حراسة لهذا العلم الشريف من الضّياع ، وحفظا لهذا المهمّ العزيز من الاختلال ، فقيل : إنّ أوّل من جمع في هذا الفن شيئا وألّفه أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي ، فجمع من ألفاظ غريب الحديث والأثر كتابا ... » (١).

٤ ـ وقال السيوطي نقلا عن أبي الطيّب اللّغوي بعد ذكر الخليل : « وكان في هذا العصر ثلاثة هم أئمة الناس في اللغة والشعر وعلوم العرب ، لم ير قبلهم ولا بعدهم مثلهم ، عنهم أخذ جلّ ما في أيدي الناس من هذا العلم بل كلّه ، وهم أبو زيد وأبو عبيدة والأصمعي ، وكلّهم أخذوا عن أبي عمرو اللغة والنحو والشعر ، ورووا عنه القراءة. ثم أخذوا بعد أبي عمرو عن عيسى بن عمرو أبي الخطاب الأخفش ويونس بن حبيب ، وعن جماعة من ثقات الأعراب وعلمائهم وكان أبو زيد أحفظ الناس للّغة بعد أبي مالك وأوسعهم رواية وأكثرهم أخذا عن البادية ، وقال ابن منادر : كان الأصمعي يجيب في ثلث اللغة ، وكان أبو عبيدة يجيب في نصفها ، وكان أبو زيد يجيب في ثلثيها ...

وأبو زيد من الأنصار ، وهو من رواة الحديث ، ثقة عندهم مأمون ، وكذلك حاله في اللغة ، وقد أخذ عنه اللغة أكابر الناس منهم سيبويه وحسبك ، قال أبو حاتم عن أبي زيد : كان سيبويه يأتي مجلسي وله ذؤابتان قال : فإذا سمعته يقول : وحدثني من أثق بعربيته فإنّما يريدني.

وكبر سنّ أبي زيد حتى اختلّ حفظه ولم يختل عقله ، ومن جلالة أبي زيد في اللغة ما حدثنا به جعفر بن محمد حدثنا محمد بن الحسن الأزدي عن أبي حاتم عن

__________________

(١) النهاية في غريب الحديث ـ خطبة الكتاب.

٣٠

أبي زيد قال : كتب رجل من أهل رامهرمز إلى الخليل يسأله كيف يقال : ما أوقفك هاهنا ومن أوقفك؟ فكتب إليه : هما واحد. قال أبو زيد : ثم لقيني الخليل فقال لي في ذلك فقلت له : إنما يقال من وقفك وما أوقفك. قال : فرجع إلى قولي.

وأما أبو عبيدة فإنه كان أعلم الثلاثة بأيّام العرب وأخبارهم وأجمعهم لعلومهم ، وكان أكمل القوم ، قال عمر بن شيبة : كان أبو عبيدة يقول : ما التقى فرسان في جاهلية ولا إسلام إلاّ عرفتهما وعرفت فارسيهما ، وهو أوّل من ألّف في غريب الحديث ... ».

وقال السيوطي نقلا عن أبي الطيّب : « أخبرنا جعفر بن محمد أخبرنا إبراهيم ابن حمد قال قال أبو حاتم : إذا فسّرت حروف القرآن المختلف فيها وحكيت عن العرب شيئا فإنّما أحكيه عن الثقات منهم ، مثل أبي زيد والأصمعي وأبي عبيدة ويونس ، وثقات من فصحاء الأعراب وحملة العلم ... » (١).

(٥)

أبو الحسن الأخفش

وممن نصّ على مجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) : أبو الحسن سعيد بن مسعدة المجاشعي المعروف بالأخفش ... قال الفخر الرازي : « إنّ أبا عبيدة وإن قال في قوله تعالى : ( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) معناه : هي أولى بكم. وذكر هذا أيضا الأخفش والزّجاج وعلي بن عيسى واستشهدوا ببيت لبيد ... » (٢).

__________________

(١) المزهر في اللغة ٢ / ٢٤٩.

(٢) نهاية العقول في الكلام ودراية الأصول ـ مخطوط.

٣١

ترجمة الأخفش

١ ـ ابن خلكان : « أبو الحسن سعيد بن مسعدة المجاشعي بالولاء النحوي البلخي المعروف بالأخفش الأوسط. أحد نحاة البصرة ... من أئمة العربية ، وأخذ النحو عن سيبويه وكان أكبر منه ، وكان يقول : ما وضع سيبويه في كتابه شيئا إلاّ وعرضه عليّ وكان يرى أنه أعلم به منّي وأنا اليوم أعلم به منه ...

وكانت وفاته سنة خمس عشرة ومائتين ، وقيل سنة إحدى وعشرين ومائتين رحمه الله تعالى ... » (١).

٢ ـ اليافعي : « وفيها الأخفش الأوسط إمام العربية ... » (٢).

٣ ـ السيوطي : « ... قال المبرد : أحفظ من أخذ عن سيبويه الأخفش ثم الناشي ثم قطرب. قال : وكان الأخفش أعلم الناس بالكلام وأحذقهم بالجدل ... » (٣).

(٦)

أبو العباس ثعلب

وأما تفسير أبي العباس ثعلب أحمد بن يحيى الشيباني البغدادي ( المولى ) بـ ( الأولى ) فقد ذكره الحسين بن أحمد الزوزني في شرح المعلّقات السّبع حيث قال :

« فغدت كلا الفرجين تحسب أنه

مولى المخافة خلفها وأمامها

الفرج موضع المخافة ، والفرج ما بين قوائم الدواب ، فما بين اليدين فرج

__________________

(١) وفيات الأعيان ٢ / ١٢٢.

(٢) مرآة الجنان حوادث ٢١٥.

(٣) بغية الوعاة ١ / ٥٩٠.

٣٢

وما بين الرجلين فرج ، والجمع فروج.

وقال ثعلب : إن المولى في هذا البيت بمعنى الأولى بالشيء كقوله تعالى ( مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ ) أي هي الأولى بكم ... » (١).

مصادر ترجمة ثعلب

ولقد ترجم لأبي العباس ثعلب بكل ثناء وتبجيل في المصادر التالية :

١ ـ وفيات الأعيان ١ / ٨٤ ـ ٨٧.

٢ ـ تاريخ بغداد ٥ / ٢٠٤.

٣ ـ مرآة الجنان حوادث سنة ٢٩١.

٤ ـ العبر في خبر من غبر حوادث سنة ٢٩١.

٥ ـ تتمة المختصر في أخبار البشر حوادث سنة ٢٩١.

وقد أوردنا في الكتاب سابقا ترجمته عن هذه الكتب.

وقال الذهبي بترجمته في ( تذكرة الحفاظ ) : « ثعلب ـ العلاّمة المحدّث شيخ اللّغة والعربية ... حدّث عنه : نفطويه ومحمد بن العباس اليزيدي وعلى الأخفش ومحمد بن الأعرابي وأحمد بن كامل وأبو عمرو الزاهد ومحمد بن مقسم وآخرون. مولده سنة ٢٠٠. وابتدأ بالطلب سنة ست عشرة حتى برع في علم الأدب ، ولو سمع إذ ذاك لسمع من عفان ودونه.

وإنما أخرجته في هذا الكتاب لأنه قال : سمعت من القواريري مائة ألف حديث. وقال الخطيب. وقال الخطيب : كان ثعلب ثقة حجة ديّنا صالحا مشهورا بالحفظ ... قال المبرّد : أعلم الكوفيين ثعلب. فذكر له الفرّاء فقال : لا يعشره ... » (٢).

__________________

(١) شرح المعلقات للزوزني : ٩١.

(٢) تذكرة الحفاظ ٢ / ٦٦٦.

٣٣

(٧)

أبو العباس المبرد

وأما حكم أبي العباس محمد بن يزيد المبرد بمجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) فقد ذكره علم الهدى السيد المرتضى رضي‌الله‌عنه حيث قال : « قال أبو العباس بالمبرّد في كتابه المترجم عن صفات الله تعالى : أصل يا ولي أولى الذي هو أولى وأحق ، ومثله المولى » (١).

مصادر ترجمة المبرد

وللمبرّد ترجمة في كثير من كتب التاريخ والأدب مع المدح العظيم والثناء الجميل ، وقد أشرنا سابقا إلى ترجمته في عدة من المصادر ، مثل :

١ ـ وفيات الأعيان ٤ / ٣١٤.

٢ ـ العبر في خبر من غبر حوادث : ٢٨٥.

٣ ـ تاريخ بغداد ٣ / ٣٨٠ ـ ٣٨٧.

٤ ـ مرآة الجنان حوادث : ٢٨٥.

٥ ـ بغية الوعاة ١ / ٢٦٩.

٦ ـ المنتظم في تاريخ الأمم ٧ / ٩ ـ ١١.

وقد نصّ جلال الدين السّيوطي على وثاقته حيث قال : « وكان فصيحا بليغا مفوها ثقة أخباريا علاّمة صاحب نوادر وظرافة » (٢).

__________________

(١) الشافي في الامامة : ١٢٣.

(٢) بغية الوعاة ١ / ٢٦٩.

٣٤

ترجمة الشريف المرتضى

وأما السيد المرتضى الذي نقل عن المبرد كلامه المذكور فمن كبار علمائنا الذي أطراهم علماء السنة وأثنوا عليهم الثناء البالغ ، وذكروا فضائلهم وأوصافهم الحميدة في معاجم الرجال ومصادر التراجم ... وقد تقدم سابقا في الكتاب طرف من كلماتهم في حقه. فراجع.

(٨)

أبو إسحاق الزجّاج

وأما حكم أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بمجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) فهو صريح كلام الفخر الرازي في ( نهاية العقول ) وقد نقلناه آنفا.

ترجمة الزجاج

١ ـ السمعاني : « والمشهور بهذه النسبة أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل النحوي الزجاج ، صاحب كتاب معاني القرآن.

كان من أهل الفضل والدين ، حسن الاعتقاد ، حميد المذهب ، وله مصنفات حسان في الأدب ... » (١).

٢ ـ النووي : « أبو إسحاق الزجاج الامام في العربية ، مذكور في الروضة في الشرط في الطلاق ، فيمن علّق طلاقها بأوّل ولد ، هو أبو إسحاق [ إبراهيم ] بن السرّي بن سهل البصري النحوي ، صاحب كتاب معاني القرآن قال الخطيب في

__________________

(١) الأنساب ـ الزجاج.

٣٥

تاريخ بغداد. كان أبو إسحاق الزجاج هذا من أهل الفضل والدين حسن الاعتقاد وحسن المذهب ، له مصنّفات حسان في الأدب. روى عنه علي بن عبد الله بن المغيرة وغيره ... وتوفي الزجاج يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة سنة ٣١١ » (١).

٣ ـ ابن خلكان : « كان من أهل العلم بالأدب والدّين » (٢).

٤ ـ اليافعي : « ... كان من أهل العلم بالأدب والدّين المتين ، وله من التصانيف في معاني القرآن وعلوم الأدب والعربية ... » (٣).

(٩)

ابن الأنباري

وأما تصريح محمد بن القاسم الأنباري بمجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) فقد نقله السيد المرتضى حيث قال : « وقال أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري في كتابه في القرآن المعروف بالمشكل : والموالي في اللغة ينقسم إلى ثمانية أقسام ، أوّلهنّ المولى المنعم المعتق ، ثم المنعم عليه المعتق ، والمولى الولي والمولى الأولى بالشيء ، وذكر شاهدا عليه الآية التي قدّمنا ذكرها ، وبيت لبيد ، والمولى الجار ، والمولى ابن العم ، والمولى الصهر ، والمولى الحليف ، واستشهد على كلّ واحد من أقسام مولى بشيء من الشعر ، لم نذكره لأن غرضنا سواه » (٤).

__________________

(١) تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ١٧٠.

(٢) وفيات الأعيان ١ / ٣١ ـ ٣٣.

(٣) مرآة الجنان ، حوادث ٣١٠.

(٤) الشافي في الامامة : ١٣٤.

٣٦

ترجمة ابن الأنباري

١ ـ السمعاني : « أبو بكر محمد بن القاسم بن محمد بن بشار بن الحسن ابن بيان بن سماعة بن فروة بن قطن بن دعامة الأنباري النحوي ، صاحب التصانيف ، كان من أعلم الناس بالنحو والأدب ، وأكثرهم حفظا ... روى عنه : أبو الحسن الدار قطني ، وأبو عمر ابن حيويه الخزاز ، وأبو الحسين بن البواب وطبقتهم.

وكان صدوقا فاضلا ديّنا برّا خيرا من أهل السنّة ، وصنّف كتبا كثيرة في علم القرآن وغريب الحديث والمشكل والوقف والابتداء والرد على من خالف مصحف العامة ، وكان يملي وأبوه حي ، يملي هو في ناحية من المسجد وأبوه في ناحية أخرى ، وكان يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شاهد في القرآن ، وكان يملي من حفظه ، وما كتب عنه الإملاء قط إلاّ من حفظه. وكانت ولادته في رجب سنة ٢٧١. وتوفي ليلة النحر من ذي الحجة سنة ٣٢٨ » (١).

٢ ـ ابن الأثير : « ثم صنّف الناس غير من ذكرنا في هذا الفن تصانيف كثيرة منهم : شمس بن حمدويه ، وأبو العباس أحمد بن يحيى اللغوي المعروف بثعلب ، وأبو العباس محمد بن يزيد الثمالي المعروف بالمبرد ، وأبو بكر محمد بن القاسم الأنباري ، وأحمد بن الحسن الكندي ، وأبو عمرو محمد بن عبد الواحد الزاهد صاحب ثعلب وغيرهم.

هؤلاء من أئمة اللغة والنحو والفقه والحديث ... » (٢).

٣ ـ ابن خلكان : « ... كان علاّمة وقته في الأدب ، وأكثر الناس حفظا لها ، وكان صدوقا ثقة ديّنا خيّرا من أهل السنّة ... » (٣).

__________________

(١) الأنساب ـ الأنباري.

(٢) النهاية في غريب الحديث ـ خطبة الكتاب.

(٣) وفيات الأعيان ٣ / ٣٦٣.

٣٧

٤ ـ الذهبي : « ابن الأنباري الحافظ شيخ الإسلام ... كان من أفراد الدهر في سعة الحفظ مع الصّدق والدين. قال الخطيب : كان صدوقا ديّنا من أهل السنّة ... » (١).

٥ ـ الصفدي : « محمد بن القاسم بن محمد بن بشار أبو بكر ابن الأنباري النحوي اللغوي العلاّمة ... كان إماما في نحو الكوفيين ، وأملى كتاب غريب الحديث في خمسة وأربعين ورقة ... » (٢).

٦ ـ ابن الجزري : « ... الإمام الكبير والأستاذ الشهير ... قال أبو علي القالي : كان ابن الأنباري يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شاهدا في القرآن ، وكان ثقة صدوقا ، وكان أحفظ من تقدّم من الكوفيين.

وقال حمزة بن محمد بن ماهر : كان زاهدا متواضعا.

وقال الداني فيه : إمام في صناعته مع براعة فهمه وسعة علمه وصدق لهجته. وقال أبو علي التنوخي : كان ابن الأنباري يملي من حفظه ، ما أملى قط من دفتر .... قال محمد بن جعفر التميمي : ما رأينا أحفظ من ابن الأنباري ولا أغزر من علمه ، حدّثوني عنه أنه قال : أحفظ ثلاثة عشر صندوقا. قال التميمي :

وهذا ما لا يحفظ لأحد قبله. وحدّثت عنه أنّه كان يحفظ مائة وعشرين تفسيرا بأسانيدها ... » (٣).

٧ ـ السيوطي : « ... قال الزبيدي : كان من أعظم الناس علما بالنحو والأدب ، وأكثرهم حفظا ، سمع من ثعلب وخلق ، وكان صدوقا فاضلا ديّنا خيّرا من أهل السنّة ... » (٤).

__________________

(١) تذكرة الحفاظ ٣ / ٨٤٢.

(٢) الوافي بالوفيات ٤ / ٣٤٤.

(٣) طبقات القراء ٢ / ٢٣٠.

(٤) بغية الوعاة ١ / ٢١٢.

٣٨

(١٠)

محمد بن عزيز السجستاني

وأما تصريح محمد بن عزيز السجستاني العزيزي بمجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) فقد جاء في تفسيره لغريب القرآن المسمى ( نزهة القلوب ) حيث قال : « مولانا. أي : ولينا. والمولى على ثمانية أوجه : المعتق والمعتق والولي والأولى بالشيء وابن العم والصهر والجار والحليف ».

نزهة القلوب

وهذا التفسير أوله : « الحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله وسلّم تسليما ، هذا تفسير غريب القرآن ألف على حروف المعجم ليقرب تناوله ويسهل حفظه على من أراده. وبالله التوفيق والعون ».

ذكره القاضي الشوكاني بقوله : « تفسير السجستاني المسمى نزهة القلوب أرويه بالإسناد السابق إلى الشماخي أيضا عن أحمد بن عباس السامري عن محمد ابن علي المؤذن عن عبد الله بن محمد بن دحمان عن محمد بن أحمد المعروف بابن الخطاب عن أبي الحسن عبد الباقي بن فارس المقري عن عبد الله بن الحسين بن حسنون المقري عن المؤلف » (١).

ترجمة العزيزي السجستاني

١ ـ السيوطي : « محمد بن عزيز أبو بكر العزيزي السجستاني بزائين

__________________

(١) إتحاف الأكابر بإسناد الدفاتر : ٢٥.

٣٩

معجمتين كما ذكره الدارقطني وابن ماكولا وغيرهما. وقيل : الثانية مهملة نسبة لبني عزرة ، وردّ بأن القياس فيه العزري لا العزيري.

كان أديبا فاضلا متواضعا ، أخذ عن أبي بكر الأنباري ، وصنّف غريب القرآن المشهور فجوّده ، ويقال : إنه صنّفه في خمس عشرة سنة ، وكان يقرؤه على شيخه الأنباري يصلح فيه مواضع. رواه عنه ابن سحنون وغيره. مات سنة ٣٠٣.

وقال ابن النجّار في ترجمته : كان عبدا صالحا ، روى عنه غريب القرآن أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان المعروف بابن بطّة العكبري وأبو عمرو عثمان بن أحمد بن سمعان الوزّان ، وأبو أحمد عبد الله بن حسنون المقري وغيرهم.

قال : والصحيح في اسم أبيه عزير آخره راء. هكذا رأيته بخط ابن ناصر الحافظ ، وذكر أنه شاهده بخط يده وبخط غير واحد من الذين كتبوا كتابه عنه وكانوا متقنين. وذكر لي شيخنا أبو محمد الأخضر أنه رأى نسخة بغريب القرآن بخط مصنفه وفي آخرها : كتبه محمد بن عزير بالراء المهملة » (١).

٢ ـ السيوطي : أيضا : « النوع السادس والثلاثون في معرفة غريبه ، أفرده بالتصنيف خلائق لا يحصون منهم : أبو عبيدة وأبو عمرو الزاهد وابن دريد. ومن أشهرها : كتاب العزيزي فقد أقام في تأليفه خمس عشرة سنة يحرّره هو وشيخه أبو بكر ابن الأنباري » (٢).

٣ ـ السمعاني : « وكتاب غريب القرآن للعزيري ، وهو : محمد بن عزير السجستاني المعروف بالعزيري لأنه من بني عزرة. هكذا ذكره القاضي أبو الفرج محمد بن عبيد الله بن أبي البقاء القاضي ، وروى الكتاب عن أبي موسى الأندلسي

__________________

(١) بغية الوعاة ١ / ١٧١.

(٢) الإتقان في علوم القرآن ١ / ١١٥.

٤٠