نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ٨

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ٨

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٩٥

جلال الدين المحلّي : « ( وَهُوَ كَلٌ ) ثقيل ( عَلى مَوْلاهُ ) ولي أمره » (١).

وقال الواحدي : « ( أَنْتَ مَوْلانا ) أي ناصرنا والذي يلي علينا أمورنا » (٢).

وقال النيسابوري : « قوله : ( وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ ) أصله : من الغلظ الذي هو نقيض الحدّة ، يقال : كلّ السكين إذا غلظت شفرته ، وكلّ اللّسان إذا غلظ فلم يقدر على الكلام ، وكلّ فلان عن الكلام إذا ثقل عليه ولم ينبعث فيه ، وفلان كلّ على مولاه أي ثقيل وعيال على من يلي أمره ويعوله » (٣).

وقال : « ( أَنْتَ مَوْلانا ) وليّنا في رفع وجودنا وناصرنا في نيل مقصودنا » (٤).

ومن الواضح : أن ( ولى الأمر ) مثل ( متولي الأمر ) كلاهما بمعنى ( الامام ، الحاكم ، الرئيس ). فلو كان ( المولى ) في حديث الغدير بمعنى ( ولي الأمر ) لتم استدلال الشيعة به على معتقدهم.

إنكار ولي الله الدهلوي

إلاّ أن الشّاه ولي الله الدهلوي أنكر (٥) مجيء ( المولى ) بمعنى ( ولي الأمر ). وذلك من أصدق الشواهد على دلالة حديث الغدير على هذا التقدير أيضا ، ولا ريب في أن هذا الإنكار مكابرة واضحة وتعصب مقيت ، وما أوردنا من كلمات علماء القوم كاف لإبطاله.

٥ ـ مجيء ( المولى ) بمعنى ( المليك )

فهل يا ترى لم يلحظ شاه ولي الله تفسير الجلالين؟! أو لم يقف على تصريح

__________________

(١) إزالة الخفا عن سيرة الخلفاء.

(٢) تفسير الجلالين : ٣٦٢.

(٣) التفسير الوسيط ـ مخطوط.

(٤) تفسير النيسابوري ١٤ / ٩٩.

(٥) المصدر ٣ / ١١٣.

١٠١

البخاري بمجيء ( المولى ) بمعنى ( المليك ) وهو مرادف ( وليّ الأمر )؟!

قال البخاري في كتاب التفسير : « باب : ( وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً ) وقال معمر : موالي : أولياء ورثة عاقد أيمانكم ، هو مولى اليمين وهو الحليف. والمولى أيضا : ابن العم. والمولى : المنعم المعتق والمولى : المعتق. والمولى : المليك. والمولى : مولى في الدين » (١).

إنّ مجيء ( المولى ) بمعنى ( المليك ) أيضا كاف لثبوت مطلوب الشيعة من حديث الغدير ، لأن ( المليك ) و ( ولي الأمر ) في المعنى واحد ، وان كان لأحد من المكابرين شك من هذا الترادف ننقل له كلمات شراح البخاري في شرح كلامه المذكور :

قال بدر الدين العيني : « إنّ لفظ المولى يأتي لمعان كثيرة ، وذكر منها خمسة معان ... الرابع : يقال للمليك المولى ، لأنه يلي أمور الناس ... » (٢).

وقال شهاب الدين القسطلاني : « ... والمولى : المليك ، لأنه يلي أمور الناس » (٣).

إذن يقال للمليك المولى لأنه يلي أمور الناس ، فالمولى يستعمل بمعنى ( ولي الأمر ) و ( متولي الأمر ) أيضا قطعا.

على أن هذا المعنى ثابت بوضوح من كلمات اللغويين ، فقد قال الجوهري « والملكوت من الملك كالرهبوت من الرهبة ، يقال : له ملكوت العراق وملكوت العراق أيضا ، مثال الترقوة. وهو الملك والعز ، فهو مليك وملك وملك ، مثال فخذ وفخذ. كأن الملك مخفف من ملك والملك مقصور من مالك أو مليك ، والجمع : الملوك والأملاك ، والاسم : الملك ، والموضع : المملكة ، وتملّكه أي ملكه قهرا ،

__________________

(١) صحيح البخاري ٨ / ١٩٩ بشرح ابن حجر.

(٢) عمدة القاري ١٨ / ١٧٠.

(٣) إرشاد الساري ٧ / ٧٧.

١٠٢

ومليك النحل : يعسوبها » (١).

وقد ترجم اللّغويون المترجمون للّغات العربية إلى الفارسية لفظة ( الملك ) بـ ( شاه ) و ( پادشاه ) كما لا يخفى على من راجع ( صراح اللغة ) و ( منتهى الأرب في لغات العرب ).

ثم إنّ المراد من « معمر » في كلام البخاري هو ( أبو عبيدة معمر بن المثنى اللغوي ) وبه صرّح ابن حجر العسقلاني في الشرح حيث قال : « ومعمر هذا بسكون المهملة ـ وكنت أظنه معمر بن راشد. إلى أن رأيت الكلام المذكور في المجاز لأبي عبيدة واسمه معمر بن المثنى ، ولم أره عن معمر بن راشد ، وإنما أخرج عبد الرزاق عنه في قوله : ( وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ ) قال : الموالي الأولياء الأب والأخ والابن وغيرهم من الغصبة ، وكذا أخرجه إسماعيل القاضي في الأحكام من طريق محمد بن ثور عن معمر. وقال أبو عبيدة : ( وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ ) أولياء [ و ] ورثة ( وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ ) فالمولى ابن العم ، وساق ما ذكره البخاري وأنشد في المولى ابن العم :

مهلا بني عمّنا مهلا موالينا.

وممّا لم يذكره وذكره غيره من أهل اللغة : المولى : المحب. والمولى الجار. والمولى : الناصر. والمولى : الصهر. والمولى : التابع. والمولى : الولي ... » (٢).

فظهر أن المراد من ( معمر ) هو ( أبو عبيدة اللغوي معمر بن المثنى ).

وقد نقل ابن حجر عن اللغويين مجيء ( المولى ) بمعنى ( الولي ).

( المولى ) بمعنى ( الأولى ) من حديث في الصحيحين

بل إنّ دلالة ( المولى ) على الأولوية في التصرف ثابتة بوضوح من حديث

__________________

(١) الصحاح ـ ولي.

(٢) فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٨ / ١٩٩.

١٠٣

أخرجه الشيخان عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهذا نصه فيهما :

قال البخاري : « حدّثنا عبد الله بن محمد ، ثنا أبو عامر ، ثنا فليح عن هلال ابن علي عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة : أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : ما من مؤمن إلاّ وأنا أولى به في الدنيا والآخرة ، اقرءوا إن شئتم : ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) فأيّما مؤمن مات وترك مالا فليرثه عصبته من كانوا ، ومن ترك دينا أو ضياعا فليأتني فأنا مولاه » (١).

وأخرجه مرّة أخرى في كتاب التفسير في تفسير سورة الأحزاب (٢).

وقال مسلم بن الحجاج : « حدثني محمد بن رافع قال : نا شبابة قال : حدثني ورقاء عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : والذي نفس محمد بيده إن على الأرض من مؤمن إلاّ وأنا أولى الناس به ، فأيّكم ترك دينا أو ضياعا فأنا مولاه وأيّكم ترك مالا فإلى العصبة من كان » (٣).

فهذا الحديث ظاهر في كون ( المولى ) بمعنى ( الأولى بالتصرف ) لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال أولا : « ما من مؤمن إلاّ وأنا أولى به ... » ثمّ فرّع على ذلك قوله : « فأيّما مؤمن ... » فظهر أنّ المراد من قوله بالتالي : « فأنا مولاه » هو الأولويّة التي نصّ عليها واستدل عليها بالآية الكريمة.

وفي شرح القسطلاني في كتاب التفسير بشرح قوله : « وأنا مولاه » ما نصه « أي : وليّ الميت أتولى عنه أموره » (٤). وظاهره أن المراد من ( المولى ) في هذا الحديث هو ( متولي الأمر ).

وشرح بعضهم بمعنى ( القائم بالمصالح ) و ( ولي الأمر ) ، ففي شرح شمس الدين الكرماني : « وقضاء دين المعسر كان من خصائصه صلّى الله عليه وسلّم ،

__________________

(١) صحيح البخاري ٣ / ١٥٥ باب في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس.

(٢) المصدر ٨ / ٤٢٠ بشرح ابن حجر.

(٣) صحيح مسلم. كتاب الفرائض.

(٤) إرشاد الساري ٧ / ٢٨٠.

١٠٤

وذلك كان من خالص ماله ، وقيل : من بيت المال. وفيه : إنه قائم بمصالح الأمة حيّا وميّتا وولي أمرهم في الحالين » (١).

وقال النووي : « ومعنى هذا الحديث : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : أنا قائم بمصالحكم في حياة أحدكم وموته ، وأنا وليّه في الحالين ، فإن كان عليه دين قضيته من عندي إن لم يخلف وفاء ، وإن كان له مال فهو لورثته لا آخذ منه شيئا ، وإن خلّف عيالا محتاجين ضائعين فليأتوا إليّ فعليّ نفقتهم ومؤنتهم » (٢).

فالمولى إذن هو ( وليّ الأمر ) و ( متولي الأمر ) و ( القائم بمصالح المتولى عليه ).

وفي شرح ابن حجر العسقلاني : « فأنا مولاه. أي : وليّه » (٣). وهو يريد ( ولي الأمر ) قطعا.

اعتراف الرازي بمجيء ( المولى ) بمعنى ( ولي الأمر )

ولقد بلغ مجيء ( المولى ) بمعنى ( ولي الأمر ) في الثبوت والشهرة حدّا بحيث لم يتمكّن الرازي مع كثرة تعصبه من إنكاره وجحده ، بل لقد أثبته إذ قال في ( نهاية العقول ) : « وأما قول الأخطل ع : فأصبحت مولاها من الناس بعده. وقوله : ع : لم يأشروا فيه إذا كانوا مواليه. وقوله : موالي حق يطلبون به.

فالمراد بها : الأولياء. ومثله قوله عليه‌السلام : مزينة وجهينة وأسلم وغفار موالي الله ورسوله. أي : أولياء الله ورسوله. وقوله عليه‌السلام : أيّما امرأة تزوّجت بغير إذن مولاها. والرواية المشهورة مفسّرة له. وقوله : ( ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا ) أي وليّهم وناصرهم ( وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ ) أي لا ناصر لهم. هكذا روي عن ابن عباس ومجاهد وعامة المفسرين ».

ومن الواضح أن المراد من ( الولي ) في هذا المقام هو ( وليّ الأمر ).

__________________

(١) الكواكب الدراري ٢٣ / ١٥٩ كتاب الفرائض.

(٢) المنهاج في شرح صحيح مسلم هامش ـ إرشاد الساري. كتاب الفرائض.

(٣) فتح الباري ١٢ / ٧.

١٠٥

فظهر أنّ شاه ولي الله الدهلوي أكثر تعصبا وأشدّ عنادا من الفخر الرازي الشهير بالعناد والتعصّب.

٦ ـ مجيء ( المولى ) بمعنى ( الرئيس ).

وقال الفخر الرازي : « أما قوله : ( لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ) فالمولى هو الولي والناصر ، والعشير الصاحب والمعاشر. واعلم أن هذا الوصف بالرؤساء أليق ، لأنّ ذلك لا يكاد يستعمل في الأوثان ، فبيّن تعالى أنّهم يعدلون عن عبادة الله تعالى الذي يجمع خير الدنيا والآخرة إلى عبادة الأصنام وإلى طاعة الرؤساء. ثمّ ذمّ الرؤساء بقوله : لبئس المولى. المراد به ذم من انتصر بهم والتجأ إليهم » (١).

فظهر أنّ ( المولى ) يأتي بمعنى ( الرئيس ) وهو و ( ولي الأمر ) و ( متولّي الأمر ) واحد كما لا يخفى.

وممن قال بمجيء ( المولى ) بمعنى ( ولي الأمر )

جماعة من مشاهير العلماء ومحققي اللغويين كالأنباري حيث قال : « والمولى في اللغة ينقسم إلى ثمانية أقسام أولهنّ : المولى المنعم المعتق ، ثم المنعم عليه المعتق ، والمولى : الولي ، والمولى : الأولى بالشيء ... » (٢).

وقد أورد كلام الأنباري هذا ابن البطريق ـ يحيى بن الحسن الحلي المتوفى سنة ٦٠٠ ـ قائلا : « وقال أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري في كتابه المعروف بتفسير المشكل في القرآن في ذكر أقسام المولى : إنّ المولى : الولي. والمولى : الأولى بالشيء. واستشهد على ذلك بالآية المقدّم ذكرها ، وببيت لبيد أيضا :

كانوا موالي حق يطلبون به

فأدركوه وما ملّوا ولا تعبوا » (٣)

__________________

(١) تفسير الرازي ٢٣ / ١٥.

(٢) مشكل القرآن : ولي.

(٣) العمدة لابن بطريق : ٥٥.

١٠٦

وكالسجستاني العزيزي حيث قال : ( مَوْلانا ) أي ولينا. والمولى على ثمانية أوجه : المعتق والمعتق والولي والأولى بالشيء وابن العم والصهر والجار والحليف » (١).

وكأبي زكريا ابن الخطيب التبريزي إذ قال : « المولى عند كثير من الناس هو ابن العم خاصة وليس هو هكذا ، ولكنه الولي وكلّ ولي للإنسان فهو مولاه ، مثل : الأب والأخ وابن الأخ والعم وابن العم ، وما وراء ذلك من العصبة كلهم. ومنه قوله : ( إِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي ) وممّا يبيّن ذلك ـ أي المولى كلّ ولي ـ حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيّما امرأة نكحت بغير إذن مولاها فنكاحها باطل. أراد بالمولى الوليّ. وقال عزّ وجلّ : ( يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً ) أفتراه إنما عنى ابن العم خاصة دون سائر أهل بيته؟ ويقال للحليف أيضا مولى ... » (٢).

وكالفيروزآبادي : « والمولى : المالك والعبد والمعتق والمعتق والصاحب والقريب كابن العم ونحوه والجار والحليف والابن والعم والنّزيل والشريك وابن الأخت والولي والرب والناصر والمنعم والمنعم عليه والمحب والتابع والصهر ... » (٣).

وكأبي ليث السمرقندي حيث قال : ( أَنْتَ مَوْلانا ) يعني وليّنا وحافظنا » (٤).

وقال أيضا : ( بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ ) يقول : أطيعوا الله تعالى فيما يأمركم. هو مولاكم يعني وليّكم وناصركم » (٥).

وكالثعلبي حيث قال : ( أَنْتَ مَوْلانا ) أي ناصرنا وحافظنا ووليّنا وأولى

__________________

(١) نزهة القلوب : ٢٠٩.

(٢) غريب الحديث : ولي.

(٣) القاموس : ولي.

(٤) تفسير أبي الليث ـ مخطوط.

(٥) المصدر.

١٠٧

بنا » (١).

وكالواحدي : ( بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ ) ناصركم ومعينكم. أي فاستغنوا عن موالاة الكفار فلا تستنصروهم ، فإنّي وليّكم وناصركم » (٢).

وكالبغوي : ( أَنْتَ مَوْلانا ) ناصرنا وحافظنا ووليّنا » (٣).

وكابن الجوزي : ( وَاللهُ مَوْلاكُمْ ) أي وليّكم وناصركم » (٤).

وكالقمولي : ( وَاللهُ مَوْلاكُمْ ) أي وليّكم وناصركم ... » (٥).

وكالنيسابوري : « ... ( بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا ) أي وليّهم وناصرهم » (٦).

فهؤلاء وغيرهم يفسّرون ( المولى ) بـ ( الوليّ ) ، وحيث أنّهم يفسّرون ( الوليّ ) بـ ( ولي الأمر ) ( ومتولي الأمر ) فإنه يكون معنى ( المولى ) هو ( مولى الأمر ) و ( متولّي الأمر ).

وقد جاء تفسير ( الولي ) بمعنى ( وليّ الأمر ) في تفسير الرازي حيث قال : « قوله تعالى : ( اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا ... ) فيه مسألتان. المسألة الأولى : الولي فعيل بمعنى فاعل من قولهم : ولي فلان الشيء يليه ولاية فهو وال وولي. وأصله من الولي الذي هو القرب ، قال الهذلي : عدت عواد دون وليك تشغب. ومنه يقال : داري تلي دارها أي تقرب منها ، ومنه يقال للمحب المعاون : ولي لأنه يقرب منك بالمحبة والنصرة ولا يفارقك ، ومنه الوالي لأنه يلي القوم بالتدبير والأمر والنهي ومنه المولى » (٧).

__________________

(١) تفسير الثعلبي ـ مخطوط.

(٢) التفسير الوسيط للواحدي ـ مخطوط.

(٣) معالم التنزيل ١ / ٢٦٥.

(٤) زاد المسير ٨ / ٣٠٧.

(٥) تكملة تفسير الرازي.

(٦) تفسير النيسابوري ٢٦ / ٢٤.

(٧) تفسير الرازي ٧ / ١٨.

١٠٨

وجاء تفسير ( الولي ) بمعنى ( متولي الأمر ) في تفسير النيسابوري حيث قال : ( اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا ) أي متولي أمورهم وكافل مصالحهم. فعيل بمعنى فاعل. والتركيب يدل على القرب. فالمحب وليّ ، لأنّه يقرب منك بالمحبّة والنصرة ، ومنه الوالي لأنه يلي القوم بالتدبير » (١).

* * *

__________________

(١) تفسير النيسابوري ٣ / ٢١.

١٠٩

حديث الغدير بلفظ :

« من كنت وليّه فعليّ وليّه »

وقد جاء في كثير من طرق حديث الغدير لفظ « من كنت وليّه فعلي وليّه » بدل « من كنت مولاه فعليّ مولاه » وهذا دليل على مجيء ( المولى ) بمعنى ( الولي ) ومجيء ( المفعل ) بمعنى ( الفعيل ). وإليك نصوص بعض الأخبار المشتملة على ذلك :

(١)

رواية أحمد بن حنبل

لقد جاء في مسند أحمد ما نصّه : « حدثنا عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا وكيع ثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة عن ابن بريدة عن أبيه قال قال رسول الله صلّى

١١٠

الله عليه وسلّم : من كنت وليّه فعليّ وليّه » (١).

وفيه : « حدثنا عبد الله ، حدثني أبي ، حدثنا أبو معاوية ، ثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة عن ابن بريدة عن أبيه قال : بعثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سرية قال لمّا قدمنا قال : كيف رأيتم صحابة صاحبكم؟ قال : فإمّا شكوته أو شكاه غيري. قال : فرفعت رأسي وكنت رجلا مكبابا ، قال : فرأيت النبي صلّى الله عليه وسلّم قد احمرّ وجهه قال وهو يقول : من كنت وليّه فعليّ وليّه » (٢).

وفيه : « حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة عن ابن بريدة عن أبيه : أنه مرّ على مجلس وهم يتناولون من علي ، فوقف عليهم فقال : إنه قد كان في نفسي على علي شيء ، وكان خالد بن الوليد كذلك ، فبعثني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سريّة عليها علي وأصبنا سبيا ، قال : فأخذ علي جارية من الخمس لنفسه. فقال خالد بن الوليد : دونك. قال : فلمّا قدمنا على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعلت أحدّثه بما كان. ثم قلت : إن عليا أخذ جارية من الخمس. قال : وكنت رجلا مكبابا. قال فرفعت رأسي فإذا وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد تغيّر فقال : من كنت وليّه فعلي وليّه » (٣).

(٢)

رواية النسائي

وقال النسائي : « ذكر قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت وليّه فعلي وليّه.

__________________

(١) مسند أحمد ٥ / ٣٦١.

(٢) المسند ٥ / ٣٥٠.

(٣) المصدر ٥ / ٣٥٨.

١١١

أنبأنا محمد بن المثنى قال ثنا يحيى بن حماد قال : أخبرنا أبو عوانة عن سليمان قال حدثنا حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم رضي‌الله‌عنه قال : لمّا رجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن ، ثم قال : كأنّي قد دعيت فأجبت ، وإني قد تركت فيكم الثقلين ، أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض. ثم قال :

ان الله مولاي وأنا ولي كلّ مؤمن. ثم أخذ بيد علي فقال : من كنت وليّه فهذا وليّه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فقلت لزيد : سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قال : ما كان في الدوحات أحد إلاّ رآه بعينه وسمعه بأذنه.

أخبرنا أبو كريب محمد بن العلاء الكوفي قال حدثنا أبو معاوية قال حدثنا الأعمش عن سعيد بن عمير عن ابن بريدة عن أبيه قال : بعثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم واستعمل علينا عليّا ، فلما رجعنا سألنا : كيف رأيتم صحبة صاحبكم؟ فإمّا شكوته أنا أو شكاه غيري ، فرفعت رأسي وكنت رجلا من مكة [ مكبابا ] وإذا وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد احمرّ فقال : من كنت وليّه فعليّ وليّه » (١).

« أخبرنا أحمد بن عثمان [ البصري أبو الجوزاء ] قال ثنا ابن عثمة ـ وهو محمد ابن خالد البصري ـ عن عائشة بنت سعد عن سعد قال : أخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيد علي فخطب فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ألم تعلموا أني أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا : نعم صدقت يا رسول الله. ثم أخذ بيد علي فرفعها فقال : من كنت وليّه فهذا وليّه ، وإن الله ليوالي من والاه ويعادي من عاداه.

أخبرنا زكريّا بن يحيى قال حدثنا يعقوب بن جعفر بن أبي كثير عن مهاجر

__________________

(١) الخصائص ٩٣ ـ ٩٤.

١١٢

ابن مسمار قال أخبرتني عائشة بنت سعد عن سعد قال : كنّا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بطريق مكة وهو متوجه إليها ، فلمّا بلغ غدير خم وقف للناس ، ثم ردّ من تبعه ولحقه من تخلّف ، فلمّا اجتمع الناس إليه قال : أيها الناس من وليّكم؟ قالوا : الله ورسوله ـ ثلاثا ـ ثم أخذ بيد علي فأقامه ثم قال : من كان الله ورسوله وليه فهذا وليه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه » (١).

« أخبرنا الحسين بن حريث المروزي قال أخبرنا الفضل بن موسى عن الأعمش عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب قال قال علي كرّم الله وجهه في الرحبة : أنشد الله من سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم غدير خم يقول : إن الله وليي وأنا وليّ المؤمنين ، ومن كنت وليه فهذا وليه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره. قال فقال سعيد : فقام إلى جنبي ستة. وقال زيد بن يثيع من عندي ستة ـ وقال عمرو ذو مرّ : أحب من أحبه وأبغض من أبغضه. وساق الحديث » (٢).

« أنبأنا يوسف بن عيسى أنبأنا الفضل بن موسى قال ثنا الأعمش عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب قال قال علي رضي‌الله‌عنه في الرحبة : أنشد بالله من سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم غدير خم يقول : الله وليي وأنا ولي المؤمنين ومن كنت وليّه فهذا وليّه ... » (٣).

__________________

(١) الخصائص : ١٠١.

(٢) المصدر : ١٠٣.

(٣) المصدر : ١٠٣.

١١٣

(٣)

رواية ابن ماجة

وقال أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة القزويني : « ثنا علي بن محمد نا أبو الحسين أخبرني حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب قال : أقبلنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حجته التي حج ، فنزل في بعض الطريق ، فأمر الصلاة جامعة ، فأخذ بيد علي فقال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا : بلى. قال ألست أولى بكلّ مؤمن من نفسه؟ قالوا : بلى. قال فهذا ولي من أنا مولاه. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه » (١).

(٤)

رواية الطبري

وأخرج محمد بن جرير الطبري أحاديث عديدة متضمنة للفظ ( الولي ) بدلا عن ( المولى ) وقد روى القاري هذه الأحاديث ، وإليك ذلك :

« عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال : لمّا رجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من حجة الوداع فنزل غدير خم أمر بدوحات فقممن. ثم قال : فقال : كأني قد دعيت فأجبت ، إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني

__________________

(١) سنن ابن ماجة ١ / ٤٣.

١١٤

فيهما فإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض. ثم قال : إن الله مولاي وأنا ولي كلّ مؤمن ، ثم أخذ بيد علي فقال : من كنت وليه فعلي وليه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فقلت لزيد : أنت سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فقال : ما كان في الدوحات أحد إلاّ قد رآه بعينيه وسمعه بأذنيه. ابن جرير.

أيضا عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري مثل ذلك. ابن جرير » (١). « عن أبي الضحى عن زيد بن أرقم قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من كنت وليه فعلي وليه. ابن جرير » (٢).

« عن بريدة قال : بعثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سرية واستعمل علينا عليا ، فلما جئنا سألنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كيف رأيتم صحبة صاحبكم؟ فإمّا شكوته أنا وإمّا شكاه غيري ، فرفعت رأسي وكنت رجلا مكبابا إذا حدّثت الحديث أكببت ، فإذا النبي صلّى الله عليه وسلّم قد احمرّ وجهه فقال : من كنت وليّه فإنّ عليّا وليّه ، فذهب الذي في نفسي عليه فقلت : لا أذكره بسوء ـ ابن جرير » (٣).

(٥)

رواية الحاكم النيسابوري

وقال الحاكم أبو عبد الله النيسابوري : « حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد ابن تميم الحنظلي ببغداد ، ثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي ، ثنا يحيى بن حماد ، وحدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه وأبو بكر أحمد بن جعفر البزاز قالا :

__________________

(١) كنز العمال ١٣ / ١٠٤.

(٢) كنز العمال ١٣ / ١٠٥.

(٣) المصدر ١٣ / ١٣٥.

١١٥

حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا يحيى بن حماد. وثنا أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخارى ، ثنا صالح بن محمد الحافظ البغدادي ، ثنا خلف ابن سالم المخرمي ، ثنا يحيى بن حماد ، ثنا أبو عوانة عن سليمان الأعمش قال ثنا حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم رضي‌الله‌عنه قال :

لمّا رجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من حجة الوداع ونزل غدير خم ، أمر بدوحات فقممن ، ثم قال : كأنّي قد دعيت فأجبت ، إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله تعالى ، وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض. ثم قال : الله عزّ وجلّ مولاي وأنا وليّ كل مؤمن ، ثم أخذ بيد علي رضي‌الله‌عنه فقال : من كنت وليه فهذا وليّه. اللهم وال من والاه. وذكر الحديث بطوله.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله. شاهده حديث سلمة بن كهيل عن أبي الطفيل أيضا صحيح على شرطهما » (١).

(٦)

رواية الخطيب الخوارزمي

وروى الموفق بن أحمد المعروف بأخطب خوارزم حديث الغدير بسنده عن الحاكم النيسابوري كما تقدم مضيفا اليه : « فقلت : أنت سمعت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فقال : ما كان في الدوحات أحد إلاّ رآه بعينه وسمعه بأذنه » (٢).

__________________

(١) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ١٠٩.

(٢) مناقب الخوارزمي : ٩٣.

١١٦

(٧)

رواية ابن المغازلي

ورواه علي بن محمد الجلاّبي المعروف بابن المغازلي حيث قال : « أخبرنا أبو يعلى علي بن عبد الله بن العلاف البزار إذنا قال : أخبرنا عبد السلام بن عبد الملك ابن حبيب البزار قال : أخبرنا عبد الله بن محمد بن عثمان قال : حدثنا محمد بن بكر ابن عبد الرزاق ، حدثنا أبو حاتم مغيرة بن محمد المهلّبي قال : حدثني مسلم بن إبراهيم حدثنا نوح بن قيس الحدّاني حدثنا الوليد بن صالح عن ابن امرأة زيد بن أرقم قالت : أقبل نبي الله من مكة في حجة الوداع حتى نزل صلّى الله عليه وسلّم بغدير الجحفة بين مكة والمدينة ، فأمر بالدّوحات فقمّ ما تحتهنّ من شوك ، ثم نادى : الصلاة جامعة. فخرجنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في يوم شديد الحرّ ، وإنّ منّا لمن يضع رداءه على رأسه وبعضه على قدميه من شدة الرّمضاء ، حتى انتهينا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فصلّى بنا الظهر ثم انصرف إلينا فقال :

الحمد لله نحمده ونستعينه ونؤمن به ونتوكل عليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، الذي لا هادي لمن أضل ، ولا مضلّ لمن هدى ، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدا عبده ورسوله.

أمّا بعد أيّها الناس ، فإنه لم يكن لنبيّ من العمر إلاّ نصف من عمر من قبله ، وإنّ عيسى بن مريم لبث في قومه أربعين سنة ، وإني قد أسرعت في العشرين ، ألا وإني يوشك أن أفارقكم ، ألا وإني مسئول وأنتم مسئولون فهل بلّغتكم؟ فما ذا أنتم قائلون؟ فقام من كل ناحية من القوم مجيب يقولون : نشهد أنك عبد الله ورسوله ، قد بلّغت رسالته وجاهدت في سبيله وصدعت بأمره ،

١١٧

وعبدته حتى أتاك اليقين ، جزاك الله عنّا خير ما جزى نبيّا عن أمته.

فقال : ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ الله لا شريك له ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله؟ وأنّ الجنّة حق وأنّ النار حق وتؤمنون بالكتاب كلّه؟ قالوا : بلى. قال : فإنّي أشهد أن قد صدقتكم وصدقتموني ، ألا وإنّي فرطكم وإنكم تبعي توشكون أن تردوا عليّ الحوض ، فأسألكم حين تلقونني عن ثقليّ كيف خلفتموني فيهما. قال : فأعيل علينا ما ندري ما الثقلان ، حتى قام رجل من المهاجرين وقال : بأبي وأمي أنت يا نبيّ الله ما الثقلان؟

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الأكبر منهما كتاب الله تعالى ، سبب طرفه بيد الله وطرف بأيديكم فتمسّكوا به ولا تضلّوا ، والأصغر منهما عترتي ، من استقبل قبلتي وأجاب دعوتي ، فلا تقتلوهم ولا تقهروهم ولا تقصروا عنهم ، فإنّي قد سألت لهم اللّطيف الخبير فأعطاني ، ناصرهما لي ناصر وخاذلهما لي خاذل ، ووليهما لي وليّ وعدوّهما لي عدوّ.

ألا وإنّها لم تهلك أمة قبلكم حتى تتديّن بأهوائها وتظاهر على نبوّتها ، وتقتل من قام بالقسط ، ثمّ أخذ بيد علي بن أبي طالب فرفعها ثم قال : من كنت مولاه فهذا مولاه ، ومن كنت وليّه فهذا وليّه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. قالها ثلاثا. هذا آخر الخطبة » (١).

__________________

(١) المناقب لابن المغازلي ١٦ / ١٨.

١١٨

(٨)

رواية الحمويني

ورواه إبراهيم بن محمد بن حمويه بسنده عن مهاجر بن مسمار عن عائشة بنت سعد عن سعد ... كما تقدّم سابقا (١).

(٩)

رواية ابن كثير

ورواه اسماعيل بن عمر المعروف بابن كثير الدمشقي عن النّسائي في سننه ثم قال : « تفرّد به النسائي من هذا الوجه. قال شيخنا أبو عبد الله الذهبي : وهذا حديث صحيح. وقال ابن ماجة ...

وكذلك رواه عبد الرزّاق عن معمر عن علي بن جدعان عن عدي عن البرّاء » (٢).

__________________

(١) فرائد السمطين ١ / ٧٠.

(٢) تاريخ ابن كثير ٥ / ٢٠٩.

١١٩

(١٠)

رواية ولي الله الدهلوي

ورواه شاه ولي الله الدهلوي عن الحاكم النيسابوري « من طريق سليمان الأعمش عن حبيب عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم ... » (١).

أقول : إلى هنا ظهر :

أوّلا : إن ( المفعل ) يأتي بمعنى ( الفعيل ).

وثانيا : إن ( المولى ) يأتي بمعنى ( الولي ).

وثالثا : إنّ هذه الأحاديث ـ ولا سيّما حديث سعد ـ تدلّ على الامامة بوضوح ، لأن الامام هو ( ولي الأمر ) و ( المتصرف في الأمر ) وهو المراد من ( الولي ) في هذه الأحاديث قطعا ، لأنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سأل الأصحاب : « من وليّكم » فقالوا : « الله ورسوله » ، فلو كان المراد من ( الولي ) هو ( المحبّ ) لم يكن لحصر الولاية بالله ورسوله معنى.

ثم إنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد أن أثبت هذه الولاية لله ورسوله وشهد القوم بذلك قال « من كان الله ورسوله وليّه فإنّ هذا وليّه » أي : فمن كان الله ورسوله المتصرّف في أمره فإن عليا هو المتصرّف في أمره.

٧ ـ مجيء ( المولى ) بمعنى ( السيد )

وقد ثبت من كلمات جماعة من أعلام القوم ومشاهيرهم مجيء لفظة ( المولى ) بمعنى ( السيد ) ، وممّن فسّرها بهذا المعنى وأثبته :

__________________

(١) إزالة الخفا في سيرة الخلفاء ٢ / ١١٢.

١٢٠