نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ٧

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ٧

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٢٧

ترجمته

قال ابن خلكان : « أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري ، المفسّر المشهور ، كان أوحد زمانه في علم التفسير ، وصنّف التفسير الكبير الذي فاق غيره من التفاسير ... وذكره عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي في كتاب سياق تاريخ نيسابور ، وأثنى ليه وقال : هو صحيح النقل موثوق به ... وتوفي في سنة ٤٢٧ ... وقال غيره : توفي يوم الأربعاء لسبع بقين من المحرم سنة ٤٣٧. رحمه الله تعالى » (١).

(٧٠)

رواية الحافظ أبي نعيم

رواه في كتاب ( معرفة الصحابة ) حيث قال :

« حدثنا عبدالله بن جعفر ، ثنا إسماعيل بن عبدالله ، ثنا الفضل بن دكين ثنا ابن أبي غنية عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن بريدة قال : غزوت مع علي إلى اليمن فرأيت منه جفوة ، فقدمت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فذكرت عليا فتنّقصته فرأيت وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتغيّر ، وقال : يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت : بلى يا رسول الله. قال : من كنت مولاه فعلي مولاه.

رواه أبوبكر بن أبي شيبة عن الفضل مثله » ٣ / ١٦٤.

ورواه في كتاب ( حلية الأولياء ) حيث قال :

__________________

(١) وفيات الأعيان ١ / ٦.

١٢١

« حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم ، ثنا العباس بن علي النسائي ، ثنا محمد بن علي بن خلف ، ثنا حسين الأشقر ، ثنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس عن بريدة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : من كنت مولاه فعلي مولاه. غريب من حديث طاوس ، لم نكتبه إلاّ من هذا الوجه » ٤ / ٢٣.

وقال : « حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أحمد بن إبراهيم بن كيسان ، ثنا إسماعيل بن عمرو البجلي ، ثنا مسعر بن كدام عن طلحة بن مصرف عن عميرة ابن سعد قال : شهدت عليا على المنبر ناشدا أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ وفيهم : أبو سعيد وأبو هريرة وأنس بن مالك ـ وهم حول المنبر وعلي على المنبر ، وحول المنبر اثنا عشر رجلا هؤلاء منهم. فقال علي : نشدتكم بالله هل سمعتم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه؟ فقاموا كلّهم فقالوا : اللهم نعم. وقعد رجل فقال : ما منعك أن تقوم؟ قال : يا أمير المؤمنين كبرت ونسيت. فقال : أللهم إن كان كاذبا فاضربه ببلاء حسن. قال : فما مات حتى رأينا بين عينيه نكتة بيضاء لا تواريها العمامة. غريب من حديث طلحة ، تفرّد به مسعود عنه مطوّلا. ورواه ابن عائشة عن إسماعيل مثله. ورواه الأجلح وهانئ ابن أيوب عن طلحة » ٥ / ٢٧.

ورواه في كتاب ( أخبار أصبهان ) حيث قال :

« حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أحمد بن إبراهيم بن عبدالله بن كيسان المديني سنة ٢٩٠ ثنا إسماعيل بن عمرو البجلي ، ثنا مسعر عن طلحة بن مصرف عن عميرة بن سعد قال : شهدت عليا على المنبر يناشد أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم غدير خم يقول ما قال فيشهد. فقام اثنا عشر رجلا منهم : أبو هريرة وأبو سعيد وأنس بن مالك فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه » ١ / ١٠٧.

قال المتقي : « ألا إنّ الله وليّي وأنا ولي كل مؤمن ، من كنت مولاه فعلي

١٢٢

مولاه ، أبو نعيم في فضائل الصحابة عن زيد بن أرقم والبراء بن عازب معا » (١).

وقال : « من كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه طب عن ابن عمر. ش عن أبي هريرة وأثني عشر من الصحابة حم. طب عن أبي أيوب وجمع من الصحابة ، ك‍ عن علي وطلحة. حم طب ص. عن علي وزيد بن أرقم وثلاثين رجلا من الصحابة. أبو نعيم في فضائل الصحابة عن سعد. الخطيب عن أنس » (٢).

ترجمته

١ ـ الذهبي : وفيها : « توفي أبو نعيم الاصبهاني أحمد بن عبدالله بن احمد بن إسحاق الحافظ الصوفي ... تفرّد في الدنيا بعلوّ الإسناد ، مع الحفظ والاستبحار في الحديث وفنونه ... وصنّف التصانيف الكبار المشهورة في الأقطار » (٣).

٢ ـ اليافعي : « فيها : توفي الحافظ الشيخ العارف أبو نعيم الاصفهاني ... كان من أعلام المحدّثين وأكابر الحفاظ المفيدين ، أخذ عن الأفاضل وأخذوا عنه وانتفعوا به ... » (٤).

__________________

(١) كنز العمال ١١ / ٦٠٨.

(٢) نفس المصدر ١١ / ٦٠٩.

(٣) العبر حوادث سنة ٤٣٠.

(٤) مرآة الجنان حوادث سنة ٤٣٠.

١٢٣

(٧١)

رواية ابن السّمان

قال الحافظ محبّ الدين الطبري بعد ذكر حديث رباح : « وعنه قال : بينما علي جالس ، إذ جاء رجل فدخل وعليه أثر السفر فقال : السلام عليك يا مولاي ، قال : من هذا؟ فقال : أبو أيوب الأنصاري. قال علي : أفرجوا له ، ففرجوا. فقال أبو أيوب : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه. خرّجه البغوي في معجمه.

وعن البراء بن عازب قال : كنّا عند النّبي صلّى الله عليه وسلّم في سفر ، فنزلنا بغدير خم ، فنودي فينا الصلاة جامعة ، وكسح لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم تحت شجرة ، فصلّى الظهر ، وأخذ بيد علي ، وقال : ألستم تعملون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا : بلى ، فأخذ بيد علي وقال : اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. قال : فلقيه عمر بعد ذلك فقال : هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة.

وعن زيد بن أرقم مثله.

خرّجهما أحمد في مسنده ، وخرّج الأول ابن السمّان ، وأخرج أحمد في كتاب المناقب معناه » (١).

وقال الطبري : « وخرج ابن السمّان عن عمر منه : من كنت مولاه فعلي مولاه. وخرّجه المخلّص الذهبي » (٢).

__________________

(١) الرياض النضرة ٢ / ٢٢٣.

(٢) الرياض النضرة ٢ / ٢٢٣.

١٢٤

وقال الطبري : « وعن عمر أنه قال : علي مولى من كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مولاه.

وعن سالم قيل لعمر : إنك تصنع بعلي شيئا ما تصنعه بأحد من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قال : إنه مولاي.

وعن عمر ـ وقد جاء أعرابيان يختصمان فقال لعلي : اقض بينهما يا ابا الحسن ، فقضى علي بينهما. فقال أحدهما : أهذا يقضي بيننا؟ فوثب إليه عمر وأخذ بتلبيبه وقال : ويحك ما تدري من هذا!! هذا مولاي ومولى كلّ مؤمن ، ومن لم يكن علي مولاه فليس بمؤمن.

وعنه وقد نازعه رجل في مسألة فقال : بيني وبينك هذا الجالس ، وأشار إلى علي بن أبي طالب. فقال الرجل : هذا الأبطن!! فنهض عمر عن مجلسه وأخذ بتلبيبه حتى شاله من الأرض ، ثم قال : أتدري من صغّرت؟ إنّه مولاي ومولى كل مؤمن.

خرّجهنّ ابن السمّان » (١).

ترجمته

١ ـ الرافعي : « إسماعيل بن علي بن الحسين السمّان أبو سعد الرازي ، حافظ مكثر ، سمع وجمع وكتب وطاف الكثير ، ومعجم شيوخه ومعجم البلدان من جمعه يوضّحان سعة رحلته وطلبه وسماعه ، وورد قزوين ... » (٢).

٢ ـ الذهبي : « أبو سعد السّمان إسماعيل بن علي الرّازي الحافظ ... قال الكناني : كان من الحفّاظ الكبار ، زاهدا عابدا ، يذهب إلى الاعتزال ، قلت : كان متبحّرا في العلوم ، وهو القائل : من لم يكتب الحديث لم يتغرغر بحلاوة الإسلام. وله تصانيف كثيرة ، يقال : إنه سمع من ثلاثة آلاف شيخ ، وكان رأسا في القراءة

__________________

(١) نفس المصدر ٢ / ٢٢٤ ـ ٢٢٥.

(٢) التدوين في أهل العلم بقزوين ٢ / ٢٩٨.

١٢٥

والحديث والفقه ، بصيرا بمذهبي أبي حنيفة والشافعي ، لكنه من رؤس المعتزلة ، وكان يقال : إنه ما رأى مثل نفسه » (١).

٣ ـ اليافعي : « الحافظ أبو سعد السّمان إسماعيل بن علي الرازي ، قال الكناني : كان من الحفاظ الكبار زاهدا عابدا ... » (٢).

٤ ـ السيوطي : « السّمان الحافظ الكبير المتقن أبو سعد ... وكان من الحفاظ الكبار ، إماما بلا مدافعة في القرآن والحديث والرجال والفرائض والشروط وفقه أبي حنيفة والخلاف ، زاهدا ورعا معتزليا ... ومات في شعبان سنة ٤٤٣ » (٣).

(٧٢)

رواية أبي بكر البيهقي

قال الشيخ نور الدين ابن الصباغ المالكي المكي : « وروى الامام أحمد بن حنبل في مسنده عن البراء بن عازب أنه قال : كنا [ مع النبي صلّى الله عليه وسلّم ] في سفر فنزلنا بغدير خم ، فنودي فينا الصّلاة جامعة ، وكسح لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم تحت شجرتين ، فصلّى الظهر وأخذ بيد علي فقال : ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا : بلى ، قال : ألستم تعلمون أني أولى بكلّ مؤمن من نفسه؟ قالوا : بلى. فقال : اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فلقيه عمر بن الخطاب بعد ذلك فقال له : هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة. وروى الحافظ أبوبكر

__________________

(١) طبقات الحفاظ ٤٣٠.

(٢) العبر حوادث سنة ٤٤٥.

(٣) مرآة الجنان حوادث سنة ٤٤٥.

١٢٦

أحمد بن الحسين البيهقي رحمه الله تعالى أيضا هذا الحديث بلفظه مرفوعا إلى البراء ابن عازب » (١).

وقد روى الخطيب الخوارزمي روايات عديدة عن البيهقي ، وكذا جمال الدين الزرندي ... كما ستسمع فيما بعد إن شاء الله تعالى.

ترجمته

قال السيوطي : « البيهقي ـ الإمام الحافظ العلاّمة شيخ خراسان ، أبوبكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخسروجردي ، صاحب التّصانيف. ولد سنة ٣٨٤ في شعبان ، ولزم الحاكم ، وتخرّج به ، وأكثر عنه جدّا ، وهو من كبار أصحابه ، بل زاد عليه بأنواع من العلوم ، كتب الحديث وحفظه من صباه وبرع ، وأخذ في الأصول ، وانفرد بالإتقان والضبط والحفظ ... مات في عاشر جمادى الأولى سنة ٤٥٨ بنيسابور ، ونقل في تابوت إلى بيهق مسيرة يومين ... » (٢).

(٧٣)

رواية ابن عبد البر

قال أبو عمر ابن عبد البر : « وروى بريدة وأبو هريرة وجابر والبراء بن عازب وزيد بن أرقم كلّ واحد منهم عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ، أنه قال يوم غدير خم : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وبعضهم لا

__________________

(١) الفصول المهمة في معرفة الأئمة : ٤٠.

(٢) طبقات الحفاظ ٤٣٣ وتوجد ترجمته في : تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٣٢ وتاريخ ابن كثير ١٢ / ٩٤ طبقات السبكي ٤ / ٨ وفيات الأعيان ١ / ٢٠ وشذرات الذهب ٣ / ٣٠٤ والنجوم الزاهرة ٥ / ٧٧ والمنتظم ٨ / ٢٤٢ ...

١٢٧

يزيد عن : من كنت مولاه فعلي مولاه » (١).

ترجمته

قال اليافعي : « الحافظ أبو عمر ابن عبد البر القرطبي ، أحد الأعلام وصاحب التصانيف ، وعمره خمس وتسعون سنة وخمسة أيام ، قيل : وليس لأهل المغرب أحفظ منه ، مع الثقة والدين والنزاهة والتبحّر في الفقه والعربية والأخبار ... وكان له بسطة كثيرة في علم النسب ، مع ما تقدّم من الفقه والأخبار والعربية » (٢).

(٧٤)

رواية الخطيب البغدادي

أخرج في ( تاريخ بغداد ) بقوله :

« الحسن بن علي بن سهل العاقولي ، حدّث عن حمدان بن المختار. روى عنه القاضي أبوبكر ابن الجعابي. أخبرنا أبو الفتح محمد بن الحسين العطار ـ قطيط ـ أخبرنا محمد بن أحمد بن عبد الرحمن المعدل بإصبهان ، حدّثنا محمد بن عمر التميمي الحافظ ، حدثنا الحسن بن علي بن سهل العاقولي ، حدّثنا حمدان بن المختار ، حدثنا حفص بن عبيدالله بن عمر عن سفيان الثوري ، عن علي بن زيد ، عن أنس قال : سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه » ٧ / ٣٧٧.

__________________

(١) الاستيعاب ٣ / ١٠٩٩.

(٢) مرآة الجنان حوادث ٤٦٣ وتوجد ترجمته في : تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٢٨ ووفيات الأعيان ٢ / ٣٤٨ وشذرات الذهب ٣ / ٣١٤ والعبر ٣ / ٢٥٥ والديباج المذهّب : ٣٧٥.

١٢٨

« أخبرنا ابن بكر ، أخبرنا أبو عمر يحيى بن محمد بن عمر بن عبدالله بن عمر ابن حفص بن بيان بن دينار الأخباري ـ في منزله بدرب الساج ، في جوار ابن الشونيزي ، في سنة ٣٦٣ ـ حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد الضبعي ، حدثنا عبدالله بن سعيد الكندي أبو سعيد الأشج ، حدثنا العلاء بن سالم العطّار ، عن يزيد أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلي قال : سمعت عليا ـ بالرحبة ـ ينشد الناس : من سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ فقام اثنا عشر بدرّيا فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه » ١٤ / ٢٣٦.

قال المتقي الهندي : « عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : شهدت عليا في الرحبة ينشد الناس : أنشد الله من سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول يوم غدير : من كنت مولاه فعلي مولاه لما قام ، فشهد اثنا عشر بدريا. قالوا : نشهد أنّا سمعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول يوم غدير خم : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجي أمهاتهم؟ فقلنا : بلى. قال : فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. عم ع وابن جرير خط ص » (١).

ترجمته

١ ـ اليافعي : « والحافظ أحد أئمة الأعلام ، صاحب التواليف المنتشرة في الإسلام ، أبوبكر الخطيب ، أحمد بن علي بن ثابت البغدادي ... صنّف قريبا من مائة مصنّف ، وفضله أشهر من أن يوصف ... وكان فقيها يغلب عليه الحديث والتاريخ ، توفي يوم الاثنين سابع ذي الحجة ، وقال السمعاني : في شوال ... وكان قد انتهى إليه علم الحديث وحفظه ، قال ابن ماكولا : لم يكن

__________________

(١) كنز العمال ١٣ / ١٧١.

١٢٩

للبغداديين بعد الدار قطني مثل الخطيب » (١).

٢ ـ ابن قاضي شهبة : « أحد حفاظ الحديث وضابطيه المتقنين ، ... وشهرته في الحديث تغني عن الإطناب في ذكر مشايخه فيه ، وتعداد البلدان التي رحل إليها وسمع فيها ، وذكر مصنفاته في ذلك ، فإنها تزيد على ستين مصنفا ، منها تاريخ بغداد ، قال ابن ماكولا : كان آخر الأعيان ممّن شاهدناه معرفة وحفظا وإتقانا وضبطا لحديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وتفنّنا في علله وأسانيده ، وعلما بصحيحه وغريبه وفرده ومنكره ، وقال : ولم يكن للبغداديين بعد الدار قطني مثله ، وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي : كان أبوبكر الخطيب يشبّه بالدارقطني ونظرائه في معرفة الحديث وحفظه ، قال ابن السمعاني : كان مهيبا وقورا ، ثقة متحرّيا ، حجة حسن الخط ، كثير الضبط فصيحا ختم به الحافظ ... » (٢).

(٧٥)

رواية أبي الحسن الواحدي

سيأتي نص عبارته في وجوه دلالة حديث الغدير إن شاء الله تعالى.

ترجمته

قال ابن خلكان : « علي بن أحمد بن علي بن متوّيه الواحدي ، صاحب التفاسير المشهورة ، كان أستاد عصره في النحو والتفسير ، ورزق السّعادة في تصانيفه ، وأجمع الناس على حسنها ، وذكرها المدرّسون في تدريسهم ، منها : البسيط في تفسير القرآن الكريم ، وكذلك الوسيط ، وكذلك الوجيز ، ومنه أخذ أبو حامد الغزّالي أسماء كتبه الثلاثة ، وله كتاب أسباب النزول ، والتحبير في التفسير ... وكان الواحدي المذكور تلميذ الثعلبي صاحب التفسير المقدّم ذكره في حرف

__________________

(١) مرآة الجنان حوادث ٤٦٣.

(٢) طبقات الشافعية ١ / ٢٤٦.

١٣٠

الهمزة ، وعنه أخذ علم التفسير وأربى عليه ، وتوفي عن مرض طويل في جمادى الآخرة سنة ٤٦٨ بمدينة نيسابور. رحمه الله تعالى » (١).

(٧٦)

رواية أبي سعيد السجستاني

لقد علم فيما تقدم ان أبا سعيد مسعود بن ناصر السجستاني ممّن قد جمع طرق حديث الغدير وأسانيده ، وقد أسمى كتابه بـ « الدراية في حديث الولاية » ومن ذلك الحديث التالي عن عبدالله بن عباس : « قال : لمّا خرج النبي صلّى الله عليه وسلّم الى حجة الوداع ، نزل بالجحفة ، فأتاه جبرئيل عليه‌السلام فأمره أن يقوم بعلي فقال صلّى الله عليه وسلّم : أيّها الناس ألستم تزعمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا : بلى يا رسول الله قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وأحبّ من أحبّه وأبغض من أبغضه ، وانصر من نصره وأعزّ من أعزه ، وأعن من أعانه. قال ابن عباس : وجبت والله في أعناق القوم ».

(٧٧)

رواية ابن المغازلي

روى حديث الغدير حيث قال : « قوله صلّى الله عليه وسلّم : من كنت مولاه فعلي مولاه : ـ أخبرنا أبو يعلى علي بن عبيدالله بن العلاف البزار إذنا قال : أخبرنا عبد السلام بن حبيب البزار قال : أخبرنا عبدالله بن محمد ابن عثمان قال : حدثنا محمد بن بكر بن عبد الرزاق ، حدثنا أبو حاتم مغيرة بن محمد المهلبي قال : حدثني مسلم بن إبراهيم ، حدثنا نوح بن قيس الحداني ، حدثنا الوليد بن صالح

__________________

(١) وفيات الأعيان ٢ / ٤٦٤.

١٣١

عن امرأة زيد بن أرقم قالت :

أقبل نبيّ الله من مكة في حجة الوداع ، حتى نزل صلّى الله عليه وسلّم بغدير الجحفة ، بين مكة والمدينة ، فأمر بالدوحات فقمّ ما تحتهنّ من شوك ، ثم نادى الصلاة جامعة ، فخرجنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، في يوم شديد الحر ، وإنّ منا لمن يضع رداءه على رأسه ، وبعضه على قدميه ، من شدة الرمضاء ، حتى انتهينا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فصلّى بنا الظهر ، ثم انصرف إلينا فقال :

الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونؤمن به ونتوكّل عليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، الذي لا هادي لمن أضل ، ولا مضلّ لمن هدى ، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمدا عبده ورسوله.

أمّا بعد ، أيّها الناس فإنه لم يكن لنبي من العمر إلاّ نصف من عمر من قبله ، وإن عيسى بن مريم لبث في قومه أربعين سنة ، وإني قد أسرعت في العشرين ، ألا وإنّي يوشك أن أفارقكم ، ألا وإنّي وأنتم مسئولون ، فهل بلّغتكم ، فما ذا أنتم قائلون؟ فقام من كلّ ناحية من القوم مجيب ، يقولون : نشهد أنك عبدالله ورسوله ، قد بلّغت رسالته ، وجاهدت في سبيله ، وصدعت بأمره ، وعبدته حتى أتاك اليقين ، جزاك الله عنّا خير ما جزى نبيّا عن أمته.

فقال : ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ الله لا شريك له ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، وأن الجنّة حق وأن النار حق ، وتؤمنون بالكتاب كله؟ قالوا : بلى ، قال : فإني أشهد أن قد صدقتكم وصدقتموني.

ألا وإني فرطكم وإنكم تبعي ، توشكون أن تردوا عليّ الحوض ، فأسألكم حين تلقونني عن ثقليّ. كيف خلفتموني فيهما. قال : فأعيل علينا ما ندري ما الثقلان ، حتى قام رجل من المهاجرين وقال : بأبي وأمي أنت يا نبيّ الله ما الثقلان؟

قال صلّى الله عليه وسلّم : الأكبر منهما كتاب الله تعالى ، سبب طرفه بيد الله وطرف بأيديكم ، فتمسّكوا به ولا تضلوا ، والأصغر منهما عترتي ، من استقبل قبلتي

١٣٢

وأجاب دعوتي ، فلا تقتلوهم ، ولا تقهروهم ، ولا قصّروا عنهم ، فإني قد سألت لهم اللّطيف الخبير فأعطاني ، ناصرهما لي ناصر وخاذلهما لي خاذل ، ووليّهما لي وليّ وعدوهما لي عدوّ.

ألا وإنها لم تهلك أمّة قبلكم حتى تتدين بأهوائها ، وتظاهر على نبوتها ، وتقتل من قام بالقسط.

ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب عليه‌السلام فرفعها ، ثم قال : من كنت مولاه فهذا مولاه ، ومن كنت وليّه فهذا وليّه ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه ، قالها ثلاثا. هذا آخر الخطبة ».

« أخبرنا أبوبكر أحمد بن محمد بن طاوان قال : حدثنا أبو الحسين أحمد بن الحسين ابن السماك قال : حدثنا أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير الخلدي حدثنا علي بن سعيد بن قتيبة الرملي ، قال : حدثنا ضمرة بن ربيعة القرشي ، عن ابن شوذب عن مطر الورّاق عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة قال : من صام يوم ثماني عشرة خلت من ذي الحجة كتب له صيام ستّين شهرا ، وهو يوم غدير خم ، لمّا أخذ النبي صلّى الله عليه وسلّم بيد علي بن أبي طالب فقال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا : بلى يا رسول الله. قال : من كنت مولاه فعلي مولاه. فقال عمر بن الخطاب : بخ بخ لك يا علي بن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ، فأنزل الله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ).

« أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان قال : حدثنا أبو الحسين عبيدالله ابن أحمد بن البوّاب قال : حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي حدثنا وهبان قال : أخبرنا خالد بن عبدالله ، عن الحسن بن عبدالله ، عن أبي الضحى عن زيد ابن أرقم قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من كنت وليّه فعلي وليّه ـ أو مولاه ـ ».

« أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي البيّع قال : حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الصلت الأهوازي ، قال حدثنا محمد بن جعفر المطيري قال : حدثنا علي بن

١٣٣

الحسين الهاشمي ، حدثنا أبي ، حدثنا فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ».

« أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد قال : حدثنا أبو الحسين محمد بن المظفر ابن موسى بن عيسى الحافظ البغدادي قال : حدثنا محمد بن علي بن إسماعيل قال : حدثنا الحسين بن علي قال : حدثنا أبي قال : حدثنا سلمة بن الفضل الأبرش قاضي الري ، عن الجراح الكندي عن أبي إسحاق الهمداني عن عبد خير وعمرو ذي مر وحبة العرني قالوا : سمعنا علي بن أبي طالب عليه‌السلام ينشد الناس في الرحبة : من سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه؟ فقام اثنا عشر رجلا من أهل بدر منهم زيد بن أرقم قالوا : نشهد أنّا سمعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول يوم غدير خم : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ».

« أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب قال : حدثنا أبو عبدالله الحسين ابن محمد العدل العلوي الواسطي قال : حدثنا أبو عيسى جبير بن محمد الواسطي قال : حدثنا حسين بن محمد قال : حدثنا أبو معاوية قال : حدثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة عن ابن بريدة عن أبيه قال : بعثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سريّة ، واستعمل علينا عليّا عليه‌السلام ، فلما رجعنا قال لنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كيف وجدتم صحبة صاحبكم؟ قال : فشكوته ـ أو شكاه غيري ـ وكنت رجلا مكبابا ، فرفعت رأسي فإذا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد احمرّ وجهه وهو يقول : من كنت وليّه فعلي وليّه ».

« أخبرنا أبو الفضل محمد بن حسين بن عبيدالله البرجي الاصفهاني فيما كتب إلي أن أحمد بن عبد الرحمن بن العباس الأسدي حدّثهم : حدثنا أبو حامد احمد بن جعفر الأشعري قال : حدثنا يعلى بن محمد ابن جمهور ، عن أحمد بن حمزة عن أبان بن تغلب عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جدّه

١٣٤

عن علي بن أبي طالب قال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ».

« أخبرنا أحمد بن محمد البزار ، قال حدّثنا أبو عبدالله الحسين بن محمد العدل قال : حدثنا علي بن عبدالله بن مبشر قال : حدثنا الرمادي قال حدثنا أبو أحمد الزبيري ، حدثنا حنش بن الحارث عن رباح بن الحارث قال : كنا مع علي عليه‌السلام في الرحبة ، إذ جاء ركب من الأنصار فقالوا : السلام عليك يا مولانا قال : كيف ذا وأنتم قوم من العرب؟ قالوا : سمعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم غدير خم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه. ثم انصرفوا. فقلت : من القوم؟ قالوا : قوم من الأنصار وفينا أبو أيوب الأنصاري ».

« أخبرنا أحمد بن محمد قال : حدثنا الحسين بن محمد العدل قال : حدثنا الجورابي قال : حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي قال : حدثنا إسماعيل بن أبي الحكم الثقفي قال : حدثني شاذان عن عمران بن مسلم عن سويد بن أبي صالح عن أبيه ، عن أبي هريرة عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لعلي : من كنت مولاه فعلي مولاه ».

« أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان قال : حدثنا أبو الحسين محمد ابن المظفّر بن موسى بن عيسى الحافظ ، قال : حدثنا محمد يعني ابن علي بن إسماعيل قال : حدثنا محمد بن نهار بن عمار ، قال : حدثنا أبو مسعود أحمد بن الفرات ، قال : حدثنا يحيى الحماني ، حدثنا أبو محمد قيس بن الربيع ، عن الأعمش عن ابراهيم عن علقمة عن عبدالله بن مسعود : أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ».

« أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر بن عبدالله بن شوذب قال : حدثني أبي قال : حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني ، قال : حدثني أحمد بن يحيى بن عبد الحميد ، حدثنا أبو إسرائيل الملاّئي عن الحكم ، عن أبي سليمان المؤذن ، عن زيد بن أرقم قال : نشد علي عليه‌السلام الناس في المسجد قال : أنشد الله رجلا

١٣٥

سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وكنت أنا ممن كتم فذهب بصري ».

« أخبرنا أحمد بن محمد بن طاوان قال : حدثنا الحسين بن محمد العلوي العدل الواسطي قال : حدثنا ابن مبشر ، قال : حدثنا عمار بن خالد قال : حدثنا إسحاق الأزرق ، عن عبد الملك عن عطية العوفي قال : رأيت ابن أبي أوفى وهو في دهليز له بعد ما ذهب بصره فسألته عن حديث فقال : إنّكم يا أهل الكوفة فيكم ما فيكم قال : قلت : أصلحك الله إني لست منهم ، ليس عليك مني عار ، قال : أيّ حديث؟ قال قلت : حديث علي يوم غدير خم ، فقال : خرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حجته يوم غدير خم ، وهو آخذ بعض علي ، فقال : يا أيها الناس ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا : بلى يا رسول الله. قال : فمن كنت مولاه فهذا مولاه ».

« أخبرنا أحمد بن محمد بن طاوان ، قال حدثنا أبو عبدالله الحسين بن العلوي العدل ، قال حدثنا أبو الحسن علي بن مبشر ، قال حدثنا الحسن بن عرفة ، قال حدثنا أبو معاوية الضرير ، عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن ابن بريدة ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من كنت وليه فعلي وليه ».

« أخبرنا أحمد بن محمد قال : حدثنا الحسين بن محمد العلوي العدل ، قال حدثنا أبو الحسين بن أخي كبير الزيّات قال : حدثنا إسحاق الحربي قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا ابن أبي غنية ، عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن بريدة ، قال : غزوت مع علي اليمن ، فرأيت منه جفوة ، فقدمت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فذكرت عليّا فتنقّصته ، فرأيت وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتغيّر ، قال : يا بريدة أو لست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت : بلى يا رسول الله. قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ».

« أخبرنا أحمد بن محمد بن طاوان قال : حدثنا الحسين بن محمد العلوي العدل قال : حدثنا علي بن عبدالله بن مبشر قال : حدثنا أحمد بن منصور الرمادي

١٣٦

قال : حدثنا عبدالله بن صالح عن ابن لهيعة عن أبي هبيرة وبكر بن سوادة ، عن قبيصة بن ذويب وأبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن جابر بن عبدالله ، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نزل بخم فتنحّى الناس عنه ، ونزل معه علي بن أبي طالب فشقّ على النبي تأخّر الناس ، فأمر عليّا فجمعهم ، فلما اجتمعوا قام فهم متوسّدا علي بن أبي طالب ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :

أيها الناس إنه قد كرهت تخلّفكم عني ، حتى خيّل إلي أنه ليس شجرة أبغض إليكم من شجرة تليني. ثم قال : لكن علي بن أبي طالب أنزله الله منّي بمنزلتي منه ، فرضي‌الله‌عنه كما أنا عنه راض ، فإنّه لا يختار علي قربي ، ومحبّتي شيئا ، ثم رفع يديه وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

قال : فابتدر الناس إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يبكون ويتضرعون ، ويقولون : يا رسول الله ما تنحّينا عنك إلاّ كراهية أن نثقل عليك ، فنعوذ بالله من شرور أنفسنا وسخط رسول الله ، فرضي رسول الله عنهم عند ذلك ».

« وحدثني أبو القاسم الفضل بن محمد بن عبدالله الأصفهاني ـ قدم علينا واسطا ـ إملاء من كتابه لعشر بقين من شهر رمضان سنة ٤٣٤ ، قال حدثنا محمد بن علي بن عمر بن المهدي قال : حدثنا سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم بن كيسان الثقفي الاصفهاني ، قال : حدثنا إسماعيل ابن عمر البجلي قال : حدثنا مسعر بن كدام عن طلحة بن مصرف ، عن عميرة ابن سعد قال : شهدت عليّا عليه‌السلام على المنبر ناشدا أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من سمع رسول الله يوم غدير خم يقول ما قال فليشهد ، فقام اثنا عشر رجلا منهم أبو سعيد الخدري وأبو هريرة وأنس بن مالك ، فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

قال أبو القاسم الفضل بن محمد : هذا حديث صحيح عن رسول الله صلّى

١٣٧

الله عليه وسلّم ، وقد روى حديث غدير خم عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نحو من مائة نفس منهم العشرة ، وهو حديث ثابت لا أعرف له علة. تفرّد علي عليه‌السلام بهذه الفضيلة ليس يشركه فيها أحد » (١).

ترجمته

١ ـ السمعاني : « كان فاضلا ، عارفا برجالات واسط وحديثهم ، وكان حريصا على سماع الحديث وطلبه ، رأيت له ذيل التاريخ الواسط وطالعته ، وانتخب منه ، سمع : أبا الحسن علي بن عبد الصمد الهاشمي ، وأبا بكر أحمد بن محمد الخطيب ، وأبا الحسن أحمد بن المظفر العطار وغيرهم. روى عنه : ابنه بواسط ، وأبو القاسم علي بن طراد الوزير ببغداد. وغرق ببغداد في دجلة ، في صفر سنة ٤٨٣ ، وحمل ميتا إلى واسط ، ودفن بها » (٢).

٢ ـ الزبيدي : « وأبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن الطيّب الجلاّبي ، عالم مؤرّخ ، سمع الكثير من أبي بكر الخطيب ، وله ذيل تاريخ واسط ... » (٣).

٣ ـ محمد بن عبدالله الحضرمي : « كان محدثا يسند إليه في زمانه ، روى عنه الكثير ، وهو عن جماعة ، وكان ثقة أمينا ، صدوقا معتمدا في منقولاته مسندا اليه في مروياته ، له كتب منها ذيل تاريخ واسط لأسلم المشهور ببحشل وكتاب في مناقب سيدنا علي كرم الله وجهه ، جمع فيه فأوعى ، نقل فيه عن ثقاة الرواة » (٤).

__________________

(١) مناقب علي بن أبي طالب ١٦ ـ ٢٧.

(٢) الأنساب ـ الجلاّبي.

(٣) تاج العروس ١ / ١٨٦.

(٤) الميزان القاسط في ترجمة مؤرخ واسط : ١٩ عن طبقات الحضرمي.

١٣٨

(٧٨)

رواية الحسكاني

ولقد علم فيما تقدم أن عبيدالله بن الحسكاني ، ممّن ألف في جمع طرق حديث الغدير مؤلفا خاصا ، وقد أسماه بـ « دعاء الهداة إلى أداء حق الموالاة » (١).

(٧٩)

رواية السمعاني

ورواه أبو المظفّر منصور بن محمد بن عبد الجبّار السّمعاني ، المتوفّى ٤٨٩. فقد روى السيد هاشم بن سليمان الحسيني البحراني رحمه‌الله عن كتاب ( فضائل الصحابة ) له ما نصّه : « عن البراء بن عازب قال : أقبلنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حجّة الوداع ، حتى إذا كنّا بغدير خم نودي فينا : الصّلاة جامعة ، وكسح لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم تحت شجرتين ، فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيد علي فقال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ ثم قال رسول الله : فإنّ هذا مولى من أنا مولاه ، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه. قال : فلقيه عمر بن الخطاب بعد ذلك فقال : هنيئا لك يا ابن أبي طالب أصبحت

__________________

(١) وتوجد ترجمة القاضي الحسكاني في تذكرة الحفاظ ٤ / ٣٩٠ ، وطبقات الحفاظ للسيوطي ، وتاريخ نيسابور لعبد الغافر النيسابوري ، وغيرها.

١٣٩

وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة » (١).

وعنه : « عن أبي هريرة عن عمر بن الخطّاب : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : من كنت مولاه فعلي مولاه » (٢).

وعنه : « عن البراء : إنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم نزل بغدير خم ، وأمر فكسح بين شجرتين ، وصيح بين الناس فاجتمعوا ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا : بلى. قال : ألست أولى بالمؤمنين من آبائهم؟ قالوا : بلى. فدعا عليّا فأخذ بعضده ثمّ قال : هذا وليّكم من بعدي. أللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فقام عمر إلى علي فقال ليهنئك يا ابن أبي طالب ، أصبحت ـ أوقال : أمسيت ـ مولى كلّ مؤمن » (٣).

وعنه : « عن سالم بن أبي الجعد قال : قيل لعمر : إنّك تصنع بعلي ما لا تصنع بأحد من صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : قال : لأنّه مولاي » (٤).

وقال السيد البحراني : « ومن كتاب الفضائل لأبي المظفّر السّمعاني أيضا بإسناده قال : قدم أبو هريرة ودخل المسجد ، فاجتمعنا حوله ، وقام رجل وقال : أنشدك ـ أي أسألك ـ إنّ حديثا سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ قال : نعم. قال : فإنّي رأيتك واليت أعدائه وعاديت أوليائه » (٥).

ترجمته

والسمعاني : من أكابر المحدثين ومشاهيرهم. ترجم له :

الأسنوي : في طبقاته ٢ / ٢٩.

والسبكي : في طبقاته ٥ / ٣٢٥.

والذهبي : في العبر ودول الإسلام حوادث ٤٨٩.

__________________

(١ ـ ٤) غاية المرام : ٨٤.

(٥) غاية المرام : ٨٥.

١٤٠