نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ٦

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ٦

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٢٦

تواتر حديث الغدير

١٠١
١٠٢

هذا ، ولبلوغ طرق حديث الغدير حدّ التواتر القطعي ، الذي قلّ أن يتحقّق مثله لحديث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ لم يجد أكابر محققي أهل السنّة بدّا من الاعتراف بتواتره ، مصرّحين باعتقادهم الجازم بذلك وقطعهم بصدوره عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإليك ذلك بالتفصيل :

ذكر من نص على ذلك

١. الحافظ الذهبي

وتوجد ترجمته في كثير من المعاجم مثل : ( طبقات الأسنوي ١ / ٥٥٨ ) و ( فوات الوفيات ٢ / ٣٧٠ ) ، وقد عبّر عنه ابن الوزير الصنعاني في ( الروض الباسم ) بـ « شيخ الإسلام » ورثاه تلميذه الشيخ تاج الدين عبد الوهاب بقصيدة بليغة مفصلة ، وقال السبط ابن العجمي في مقدمة ( الكشف الحثيث ) الذي انتخبه من ( الميزان ) في وصفه : « حافظ جهبذ ومؤرخ الإسلام وشيخ جماعة من الشيوخ » كما عبّر عنه ( الدهلوي ) بـ « إمام أهل الحديث » (١) * فقد قال الحافظ ابن كثير ما نصّه :

__________________

(١) وتوجد ترجمته في : الوافي بالوفيات ٢ / ١٦٣ ، وطبقات القراء ٢ / ٧١ ، وطبقات الشافعية للسبكي ٥ / ٢١٦ ، والنجوم الزاهرة ١٠ / ١٨٢ ، وغيرها.

١٠٣

« فأما الحديث الذي رواه ضمرة ، عن أبي شوذب ، عن مطر الورّاق ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي هريرة ، قال : لمّا أخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيد علي قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فأنزل الله عزّ وجلّ ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) (١). قال أبو هريرة : وهو يوم غدير خم ، من صام يوم ثماني عشر من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا.

فإنه حديث منكر جدا بل كذب ، لمخالفته ما ثبت في الصحيحين عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب : أن هذه الآية نزلت في يوم الجمعة يوم عرفة ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ واقف بها كما قدمنا. وكذا قوله : إن صيام يوم الثامن عشر من ذي الحجة وهو يوم غدير خم يعدل صيام ستين شهرا ، لا يصح ، لأنه قد ثبت ما معناه في الصحيح : أن شهر رمضان بعشر أشهر ، فكيف يكون صيام يوم واحد يعادل ستين شهرا؟ هذا باطل.

وقد قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي ـ بعد إيراد هذا الحديث ـ : هذا حديث منكر جدّا ، ورواه خيشون الخلاّل وأحمد بن عبد الله بن أحمد الدّيري ـ وهما صدوقان ـ عن علي بن سعيد الرّملي ، عن ضمرة ، قال : ويروى هذا الحديث من حديث عمر بن الخطاب ومالك بن الحويرث وأنس بن مالك وأبي سعيد وغيرهم بأسانيد واهية.

قال : وصدر الحديث متواتر أتيقّن أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ قاله وأما : اللهمّ وال من والاه ، فزيادة قوية الإسناد. وأما هذا الصوم فليس بصحيح ، وو الله نزلت الآية يوم عرفة قبل غدير خم بأيام ، والله أعلم » (٢).

٢. الحافظ ابن الجزري

« أخبرنا أبو حفص عمر بن الحسن المراغي فيما شافهني به ، عن أبي الفتح

__________________

(١) سورة المائدة : ٣.

(٢) التاريخ لابن كثير ٥ / ٢١٣ ـ ٢١٤.

١٠٤

يوسف بن يعقوب الشيباني ، أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي ، أخبرنا أبو منصور القزاز ، أخبرنا الامام أبو بكر ابن ثابت الحافظ ، أخبرنا محمد بن عمر بن بكير أبو عمر الأخباري ، حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد الضبعي ، حدثنا الأشج ، حدثنا العلاء بن سالم ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : سمعت عليا ـ رضي‌الله‌عنه ـ بالرحبة ينشد الناس : من سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم ـ يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه؟ فقام اثنا عشر بدريا فشهدوا أنّهم سمعوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ يقول ذلك.

هذا حديث حسن من هذا الوجه ، صحيح عن وجوه كثيرة ، متواتر عن أمير المؤمنين علي ـ رضي‌الله‌عنه ـ وهو متواتر أيضا عن النبي صلّى الله عليه وسلّم.

رواه الجم الغفير عن الجم الغفير ، ولا عبرة بمن حاول تضعيفه ممّن لا اطلاع له في هذا العلم.

فقد ورد مرفوعا عن : أبي بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وطلحة بن عبيد الله ، والزبير بن العوام ، وسعد بن أبي وقّاص ، وعبد الرحمن بن عوف والعباس بن عبد المطلب ، وزيد بن أرقم ، والبراء بن عازب ، وبريدة بن الحصيب ، وأبي هريرة ، وأبي سعيد الخدري ، وجابر بن عبد الله ، وعبد الله بن عباس ، وحبشي بن جنادة ، وعبد الله بن مسعود ، وعمران بن حصين ، وعبد الله ابن عمر ، وعمار بن ياسر ، وأبي ذر الغفاري ، وسلمان الفارسي ، وسعد بن زرارة ، وخزيمة بن ثابت ، وأبي أيّوب الأنصاري ، وسهل بن حنيف ، وحذيفة بن اليمان ، وسمرة بن جندب ، وزيد بن ثابت ، وأنس بن مالك وغيرهم من الصحابة ، رضوان الله عليهم.

وصحّ عن جماعة ممن يحصل القطع بخبرهم. وثبت أيضا أن هذا القول كان منه صلّى الله عليه وسلّم ـ يوم غدير خم » (١).

__________________

(١) أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب : ٣ ـ ٤.

١٠٥

ترجمة ابن الجزري

وقد ترجم الحافظ السيوطي لابن الجزري بقوله : « ابن الجزري الحافظ المقري شيخ الاقراء في زمانه شمس الدين أبو الخير محمد بن محمد الدمشقي الشافعي ، ولد سنة أحدى وخمسين وسبعمائة وسمع من أصحاب الفخر ابن البخاري وبرع في القراءات ، ودخل الروم فاتصل بملكها [ أبي ] يزيد بن عثمان ، فأكرمه وانتفع به أهل الروم ، فلمّا دخل تيمور لنك إلى الروم وقتل ملكها ، اتصل ابن الجزري بتيمور ودخل [ معه ] بلاد العجم ، وولّي قضاء شيراز وانتفع به أهلها في القراءات والحديث ، وكان إماما في القراءات لا نظير له في عصره في الدنيا ، حافظا للحديث ، وغيره أتقن منه ، ولم يكن له في الفقه معرفة.

ألف : النشر في القراءات العشر ، لم يصنف مثله ، وله أشياء أخر وتخاريج في الحديث وعمل [ وقد ] وصفه ابن حجر بالحفظ في مواضع عديدة من الدرر الكامنة ، مات سنة ٨٣٣ » (١).

وفي ( مفتاح كنز دراية المجموع ) بعد رواية كتاب عقود اللآلي في الأحاديث المسلسلة والعوالي عن مؤلفه ابن الجزري ما نصه :

« إعلام ـ قال العلامة أبو القاسم عمر بن فهد في معجم شيوخ والده الحافظ تقي الدين ابن فهد : هو الامام العلامة أستاذ القراء أبو الخير قاضي القضاة شمس الدين ... كان والده تاجرا وبقي مدة من العمر لم يرزق ولدا ، فلما حج شرب ماء زمزم وسأل الله أن يرزقه ولدا عالما ، فولد له شيخنا هذا بعد صلاة التراويح ، من ليلة السبت الخامس والعشرين من رمضان سنة إحدى وخمسين وسبعمائة بدمشق ، ونشأ بها وتفقه بها على العماد ابن كثير ، ولع بطلب الحديث والقراءات فسمع من ابن الرميلة الصلاح ابن أبي عمرو وابن كثير في

__________________

(١) طبقات الحفاظ ٥٤٣ ـ ٥٤٤.

١٠٦

آخرين ... وله المؤلفات العديدة الجامعة المفيدة ، من عيونها : النشر في القراءات العشر ... وأسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب ... ».

وممن ترجم له هو ( الدهلوي ) نفسه ، فقد ترجم له وأثنى عليه في ( بستان المحدثين ) الذي انتحله من ( مفتاح كنز الدراية ) ، فعبارته عين العبارات المتقدمة ، فلا حاجة الى تكرارها (١).

اعتماد العلماء عليه

ومما يدل على جلالة الحافظ ابن الجزري ووثاقته : اعتماد كبار علمائهم على كتبه ، ونقلهم لأقواله وآرائه مذعنين بها ، فمن ذلك : نقل السيوطي في كتابه ( حسن المقصد بعمل المولد ) عن « التعريف بالمولد الشريف » لابن الجزري ، معبّرا عنه بـ « إمام القراء الحافظ ». وأيضا : نقله في ( ميزان المعدلة في شأن البسملة ) عن كتاب ( النشر ) لابن الجزري معبّرا عنه بـ « أستاذ القراء الامام ».

كما قال السيوطي في كتاب ( الإتقان في علوم القرآن ) في تقسيم القراءات : « وأحسن من تكلم في هذا النوع : إمام القرّاء في زمانه ، شيخ شيوخنا ، أبو الخير ابن الجزري ... » ثم قال : بعد كلام له ـ : « قلت : أتقن الامام ابن الجزري هذا الفصل جدا » (٢).

بل إنّ جماعة من كبار علمائهم ، كابن حجر المكي والبرزنجي والسهارنفوري وغيرهم ... اعتمدوا على روايته لحديث الغدير وهم بصدد ردّه معبرين عنه بـ « الحافظ ».

كما تمسك ( الدهلوي ) في رد حديث « أنا مدينة العلم » بحكم ابن الجزري

__________________

(١) وتوجد ترجمة ابن الجزري في الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل ٢ / ١٠٩ والبدر الطالع ٢ / ٢٥٧ والضوء اللامع ٩ / ٢٥٥ وطبقات الداودي ٢ / ٥٩ وشذرات الذهب ٧ / ٤٠٢ وطبقات القراء ٢ / ٢٤٧.

(٢) الإتقان في علوم القرآن ١ / ٧٧.

١٠٧

بوضعه ـ حسب زعم الدهلوي ـ.

روايتهم لكتبه

ولقد اعتنى علماؤهم بمؤلفات الحافظ ابن الجزري فرووها بأسانيدهم ، ويتجلى ذلك بمراجعة رسالة ( أصول الحديث ) و ( كفاية المتطلع ) و ( حصر الشارد ) وغيرها ... وقد عبروا عنه في أسانيدهم وطرقهم بـ « الحافظ ».

وقال الكاتب الجلبي ـ حيث ذكر الحصن الحصين لابن الجزري ـ : « وهو من الكتب الجامعة للأدعية والأوراد والأذكار الواردة في الأحاديث والآثار ، ذكر فيه أنه أخرجه من الأحاديث الصحيحة ، وأبرزه عدة عند كل شدّة. ولما أكمل ترتيبه طلبه عدوّه وهو تيمور ، فهرب منه مختفيا تحصن بهذا الحصن ، فرأى سيد المرسلين صلّى الله عليه وسلّم ـ جالسا على يمينه وكأنّه ـ عليه الصلاة والسلام ـ يقول له : ما تريد؟ فقال : يا رسول الله! أدع لي وللمسلمين ، فرفع يديه ثم مسح بهما وجهه الكريم ، وكان ذلك ليلة الخميس فهرب العدو ليلة الأحد ، وفرّج الله سبحانه وتعالى عنه وعن المسلمين ، ببركة ما في هذا الكتاب » (١).

٣. الحافظ السيوطي

* الذي بالغ الشعراني في ( لواقح الأنوار ) في تعظيمه ، ووصفه المناوي بـ « الحافظ الكبير والامام الشهير » والعزيزي بـ « الإمام العلامة مجتهد عصره وشيخ الحديث » والشامي صاحب السيرة بـ « شيخنا حافظ الإسلام بقية المجتهدين الأعلام » ، وهو ممن يفتخر شاه ولي الله باتصال أسانيده إليه ، وبذلك يتباهى ( الدهلوي ) أيضا ويثني عليه في رسالة ( أصول الحديث ) * فإنّه قال ما هذا لفظه :

« حديث « من كنت مولاه فعلي مولاه » أخرجه الترمذي عن زيد بن أرقم ،

__________________

(١) كشف الظنون ١ / ٦٦٩.

١٠٨

وأحمد عن علي وأبي أيوب الأنصاري ، والبزّار عن أبي هريرة وطلحة وعمارة وابن عباس وبريدة ، والطبراني عن ابن عمر ومالك بن الحويرث وحبشي بن جنادة وحوشب وسعد بن أبي وقّاص وأبي سعيد الخدري وأنس ، وأبو نعيم عن خديج الأنصاري.

وأخرجه ابن عساكر عن عمر بن عبد العزيز ، قال : حدثني عدة أنهم سمعوا رسول الله يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه.

واخرج ابن عقدة في « كتاب الموالاة » عن ابن حبيش ، قال : قال علي : من هاهنا من أصحاب محمد؟ فقام اثنا عشر رجلا منهم قيس بن ثابت وحبيب بن بديل بن ورقاء ، فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ يقول : من كنت مولاه فعليّ مولاه.

وأخرجه أيضا عن يعلى بن مرة قال : لما قدم علي الكوفة ، نشد الناس : من سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه؟ فانتدب بضعة عشر رجلا ، منهم يزيد أو زيد بن شرحبيل الأنصاري » (١).

أقول : واقتصار الحافظ السيوطي في كتابه هذا ، على الأحاديث المتواترة والتزامه بعدم إيراد غيرها فيه ، ظاهر من اسمه ، ولا بأس بنقل خطبة الكتاب لمزيد الوضوح : « وبعد ، فإنّي جمعت كتابا سميته ( الفوائد المتكاثرة في الأخبار المتواترة ) ، أوردنا فيه ما رواه من الصحابة عشرة فصاعدا مستوعبا طرق كل حديث وألفاظه ، فجاء كتابا حافلا لم أسبق إلى مثله ، إلاّ أنه لكثرة ما فيه من الأسانيد إنما يرغب فيه من له عناية بعلم الحديث ، واهتمام عال ، وقليل ما هم. فرأيت تجريد مقاصده في هذه الكراسة ليعم نفعه ، بأن أذكر الحديث وعدة من الصحابة مقرونا بالعزو إلى من خرّجه من الأئمة المشهورين ، وفي ذلك مقنع للمستفيدين ، وسميته : الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة ».

__________________

(١) الأزهار المتناثرة : ١.

١٠٩

أقول : فالحافظ السيوطي قد حكم بتواتر هذا الحديث وأدرجه في اثنين من مؤلفاته أعدهما لهذا الموضوع ، وهما : ( الفوائد المتكاثرة في الأخبار المتواترة ) و ( الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة ) ، وسيأتي حكمه بذلك في كتاب ثالث له وهو : ( قطف الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة ).

ذكر كتب السيوطي في الأحاديث المتواترة

هذا ، ولا ريب في ثبوت هذه الكتب للحافظ السيوطي ، وهي من مؤلفاته المشهورة ، وقد أورد الكتابين المذكورين في كشف الظنون ، حيث قال : « الفوائد المتكاثرة في الأخبار المتواترة للسيوطي ، وهو كتاب أورد فيه ما رواه من الصحابة عشرة فصاعدا مستوعبا فيه ، فجاء كتابا حافلا ، ثمّ جرّد مقاصده وسماه : الأزهار المتناثرة » (١).

وقال : « الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة ، رسالة للسيوطي المذكور ، جرّدها من كتابه المسمّى بالفوائد المتكاثرة » (٢).

كما ذكره السيوطي الكتاب الثاني في قائمة مؤلفاته ، وقد علمت تصريحه في خطبته بأنه مختصر من الفوائد المتكاثرة.

وأما كتابه الثالث ، فقد ذكره العلامة المتقي ، وسيأتي نص كلامه قريبا.

نقل حكمه بتواتر الحديث

وقد نقل حكم الحافظ السيوطي بتواتر حديث الغدير بعض العلماء مرتضين له ، منهم :

العلامة المناوي * وستأتي ترجمته * حيث قال بشرح الحديث : « قال :

__________________

(١) كشف الظنون ٢ / ١٣٠١.

(٢) المصدر نفسه ١ / ٧٣.

١١٠

حديث متواتر » (١).

والعلامة العزيزي ، حيث قال بشرحه كذلك : « قال المؤلف : حديث متواتر » (٢).

٤. الشيخ علي المتقي

* توجد ترجمته في ( أخبار الأخيار ) لعبد الحق الدهلوي ، وقد جاء فيه : « قال الشيخ أبو الحسن البكري : للسيوطي منّة على العالمين وللمتقي منّة عليه ».

وفي ( سبحة المرجان في تراجم علماء هندوستان ) بترجمته : « وكان الشيخ ابن حجر المكي أستاذ المتقي ، وقد صار أخيرا تلميذه ». وتوجد ترجمته أيضا في : ( النور السافر في أخبار القرن العاشر / ٣١٥ ) و ( لواقح الأنوار في طبقات الأخيار ، للشعراني ) و ( شذرات الذهب ٨ / ٣٧٩ ) وغيرها * إذ أورد حديث الغدير مع حديث المنزلة في كتاب ( مختصر قطف الأزهار ) ، وقد قال في خطبة هذا الكتاب :

« هذه أحاديث متواترة نحو اثنين وثمانين حديثا التي جمعها العلامة السيوطي ـ رحمة الله تعالى عليه ـ وسمّاها ( قطف الأزهار المتناثرة ) وذكر فيها رواتها من الصحابة عشرة فصاعدا ، لكني حذفت الرواة وذكرت متن الأحاديث ليسهل حفظها ... ».

٥. الميرزا مخدوم

* صاحب كتاب النواقض على الروافض ، وهو حفيد الشريف الجرجاني وقد ذكره البرزنجي في نواقض الروافض واصفا إيّاه بـ « السيد العلامة القاضي بالحرمين المحترمين معين الدين أشرف ، الشهير بميرزا مخدوم الحسيني الحسني حفيد السيد السند المحقق العلامة نور الدين علي الجرجاني شارح المواقف وغيرها

__________________

(١) التيسير في شرح الجامع الصغير ٢ / ٤٤٢.

(٢) السراج المنير في شرح الجامع الصغير ٣ / ٣٦٠.

١١١

ـ صاحب المؤلفات العديدة والتحقيقات المفيدة ... » وذكر كتابه ( النواقض ) في ( كشف الظنون ) واعتمد عليه : رشيد الدين الدهلوي ، وحيدر علي الفيض آبادي ، والسهارنبوري ، في ردودهم على الامامية * فانه قال في كتابه المذكور الذي تفوح منه رائحة التعصب الشديد. ما نصه :

« ومن هفواتهم القول بوجوب عصمة الأنبياء والأئمة ، بمعنى أنه يجب على الله تعالى حفظهم من جميع الصغائر والكبائر وخلاف المروءة عمدا وسهوا وخطا ، من المهد إلى اللحد ، مع أنّ القرآن وكتب الأحاديث والتواريخ مشحونة بخلاف ذلك ..

أفلا تنظرون إلى هذه الجماعة التي تأوّل أمثال هذه النصوص الجلية بما لا يقبله عقل عاقل ، بل لا يحسّنه طبع جاهل؟! ومع ذلك يشنّعون علينا تجويزنا عدم دلالة حديث الغدير على نفي خلافة أبي بكر وثبوت خلافة علي بلا فصل ، بل يقولون : إنه نص جلي منكره كافر ، فإن تسألني عن حديث الغدير المتواتر أذكر لك الملخص الذي ذكره مفيدهم ... » (١).

ألا تراه بينما يطعن في الاعتقاد بعصمة الأنبياء والأئمة عليهم‌السلام يعترف بتواتر حديث الغدير ... ولقد أجاد صاحب ( مصائب النواصب في الرد على النواقض على الروافض ) حيث قال في جوابه : « وأما رابعا : فلأن قوله : فإن تسألني عن حديث الغدير أذكر لك ... متضمن الاعتراف بنقيض ما هو بصدده من تضييع الحق وترويج المحال ، حيث أجرى الله تعالى على لسان قلمه ما هو الحق ، فوصف حديث الغدير بالتواتر من غير أن يكون سياق كلامه مقتضيا لذكر هذا الوصف بوجه من الوجوه » (٢).

__________________

(١) النواقض على الروافض ـ مخطوط.

(٢) مصائب النواصب للسيد التستري.

١١٢

٦. جمال الدين المحدث

* وهو من مشايخ إجازة ( الدهلوي ) ووالده. وفي ( المرقاة في شرح المشكاة ) : إن « المحدث » من المشايخ الكبار. ولقد اعتمد المؤرخون والمحدثون على سيرته ( روضة الأحباب ) معتبرين إيّاه من التواريخ المعتبرة * فإنّه قال : « الحديث الثالث عشر من جعفر بن محمد ، عن آبائه الكرام عليهم‌السلام أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ لما كان بغدير خم ، نادى الناس فاجتمعوا ، فأخذ بيد علي وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأدر الحق معه حيث دار. وفي رواية : اللهمّ أعنه وأعن به وارحمه وارحم به وانصره وانصر به.

فشاع ذلك وطار في البلاد ، فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهري ، فأتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ على ناقة له ، فنزل بالأبطح عن ناقته وأناخها ، فقال : يا محمد! أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأنك رسول الله فقبلناه منك ، وأمرتنا أن نصلّي خمسا فقبلناه منك ، وأمرتنا بالزكاة فقبلناه منك وأمرتنا أن نصوم فقبلناه منك ، ثم أمرتنا بالحج فقبلناه منك ، ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك تفضله علينا وقلت : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فهذا شيء منك أم من الله عز وجلّ؟ فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والذي لا إله إلاّ الله إنّ هذا من الله.

فولّى الحارث بن النعمان وهو يريد راحلته وهو يقول : اللهم إن كان ما يقوله محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ، فما وصل الى راحلته حتى رماه الله عز وجلّ بحجر ، فسقط على هامته وخرج من دبره فقتله ، وأنزل الله عز وجلّ : ( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ).

أقول : أصل هذا الحديث سوى قصة الحارث ، تواتر عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وهو متواتر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ أيضا رواه جمع كثير وجم

١١٣

غفير من الصحابة » (١).

٧. الملاّ علي القاري

* توجد ترجمته في ( خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ٣ / ١٨٥ ) وغيره ، وقد اثنوا عليه واعتمدوا على تصانيفه لا سيّما ( المرقاة في شرح المشكاة ) * قال بشرح قول صاحب المشكاة : « وعن زيد بن أرقم : أن النبي صلّى الله عليه وسلّم ـ قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، رواه أحمد والترمذي ». قال : « وفي الجامع : رواه أحمد وابن ماجة عن البراء ، وأحمد بن بريدة ، والترمذي والنسائي والضياء عن زيد بن أرقم ، ففي إسناد المصنف الحديث عن زيد بن أرقم إلى أحمد والترمذي مسامحة لا تخفى.

وفي رواية لأحمد والنسائي والحاكم عن بريدة ، بلفظ : من كنت وليّه فعلي وليّه.

وروى المحاملي في أماليه عن ابن عباس ولفظه : علي بن أبي طالب مولى من كنت مولاه.

والحاصل : إنّ هذا حديث صحيح لا مرية فيه ، بل بعض الحفّاظ عدّه متواترا ، إذ في رواية لأحمد : أنه سمعه من النبي صلّى الله عليه وسلّم ـ ثلاثون صحابيا ، وشهدوا به لعلي لما نوزع أيام خلافته. وسيأتي زيادة تحقيق في الفصل الثالث عند حديث البراء » (٢).

٨. ضياء الدين المقبلي

* المترجم له في ( البدر الطالع ١ / ٢٨٨ ) و ( التاج المكلّل : ٣٧٦ ) وغيرهما ، ووصفه الشيخ محمد بن إسماعيل الأمير في ذيل الأبحاث المسددة بقوله : فإنّ

__________________

(١) الأربعين ـ مخطوط.

(٢) المرقاة في شرح المشكاة ٥ / ٥٦٨.

١١٤

الأبحاث المسددة في الفنون المتعددة ، تأليف العلامة التقي صالح بن مهدي ـ رحم الله مثواه وبلّ بوابل رحمته ثراه ـ قد رزقت القبول ، وهي به حقيقة ، وكاد أن لا يخلو عنها بيت عالم ، لما اشتملت عليه من فوائد أنيقة ، إلاّ أنّها تدقّ عبارته عن الإيضاح وتكثر إشارته إلى مسائل طال فيها اللجاج والكفاح ، فرأيت إيضاح معانيها وشرح المشار إليه في غصون مبانيها ، بذيل سميته ( ذيل الأبحاث المسدّدة وحل مسائلها المعقّدة ) ... كما عدّه السندي في ( حصر الشارد ) والشوكاني في ( اتحاف الأكابر ) من الكتب المعتبرة ، وذكرا طريقهما إلى مؤلفه في رواية الكتاب * فإنّه قال في ذكر الأحاديث النبوية الواردة في فضل أهل البيت عليهم الصلاة والسلام : « ومن شواهد ذلك ما ورد في حق علي ـ كرم الله وجهه في الجنة ـ وهو على حدته متواتر معنى ، ومن أوضحه معنى وأشهره رواية حديث : من كنت مولاه فعلي مولاه ، وفي بعض رواياته زيادة : اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه. وفي بعض زيادة : وانصر من نصره واخذل من خذله.

وطرقه كثيرة جدا ، ولذا ذهب بعضهم إلى أنه متواتر لفظا فضلا عن المعنى ، وعزاه السيوطي في الجامع الكبير الى أحمد بن حنبل والحاكم وابن أبي شيبة والطبراني وابن ماجة والترمذي والنسائي وابن أبي عاصم والشيرازي وأبي نعيم وابن عقدة وابن حبان ، بعضهم من رواية صحابي ، وبعضهم من رواية اثنين ، وبعضهم من رواية أكثر من ذلك.

وذلك من حديث : ابن عباس ، وبريدة بن الحصيب ، والبراء بن عازب ، وجرير البجلي ، وجندب الأنصاري ، وحبشي بن الجنادة ، وأبي الطفيل ، وزيد بن أرقم ، وزيد بن ثابت ، وحذيفة بن أسيد الغفاري ، وأبي أيوب الأنصاري ، وزيد ابن شراحيل الأنصاري ، وعلي بن أبي طالب ، وابن عمر ، وأبي هريرة ، وطلحة ، وأنس بن مالك ، وعمرو بن مرة. وفي بعض روايات أحمد : عن علي وثلاثة عشر رجلا ، وفي رواية له وللضياء المقدسي ، عن أبي أيوب وجمع من الصحابة. وفي رواية لابن أبي شيبة وفيها : اللهمّ وال من والاه ... إلخ ، عن أبي هريرة واثني

١١٥

عشر من الصحابة. وفي رواية أحمد والطبراني والمقدسي : عن علي وزيد ابن أرقم وثلاثين رجلا من الصحابة.

نعم ، فإن كان مثل هذا معلوما وإلاّ فما في الدنيا معلوم » (١).

٩. محمد بن إسماعيل الأمير

* وهو من شيوخ القاضي الشوكاني كما في ( اتحاف الأكابر ) وقد ترجم له وأثنى عليه في ( البدر الطالع ٢ / ١٣٣ ) * قال : « وحديث الغدير متواتر عند أكثر أئمة الحديث ، قال الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ في ترجمة من كنت مولاه : ألّف محمد بن جرير فيه كتابا ـ قال الذهبي : ـ وقفت عليه فاندهشت لكثرة طرقه. انتهى.

وقال الذهبي في ترجمة الحاكم أبي عبد الله بن البيّع : فأما حديث من كنت مولاه فعلي مولاه فله طرق جيّدة أفردتها بمصنّف.

قلت : عدّه الشيخ المجتهد نزيل حرم الله ضياء الدين صالح بن مهدي المقبلي في الأحاديث المتواترة التي جمعها في أبحاث عن لفظ : من كنت مولاه فعلي مولاه ، وهو من أئمة العلم والتقوى والإنصاف.

ومع إنصاف الأئمة بتواتره فلا نميل بإيراد طرقه بل نتبرك ببعض منها ... » (٢).

١٠. محمد صدر العالم

* وهو من أكابر علماء الهند ترجم له وأثنى عليه اللكنهوي في ( نزهة الخواطر ٦ / ١١٣ ) * قال : « ثم اعلم أن حديث الموالاة متواتر عند السيوطي ـ رحمه‌الله ـ كما ذكره في قطف الأزهار ، فأردت أن أسوق طرقه ليتضح التواتر ، فأقول :

__________________

(١) الأبحاث المسددة في الفنون المتعددة : ١٢٢ في ذكر الأحاديث النبوية.

(٢) الروضة الندية ـ شرح التحفة العلوية : ٦٧.

١١٦

أخرج أحمد والحاكم عن ابن عباس ، وابن أبي شيبة وأحمد عنه عن بريدة ، وأحمد وابن ماجة عن البراء ، والطبراني عن جرير ، وأبو نعيم عن جندب الأنصاري ، وابن قانع عن حبشي بن جنادة ، والترمذي ـ وقال : حسن غريب ـ والنسائي والطبراني والضياء المقدسي عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم ، وحذيفة بن أسيد الغفاري ، وابن أبي شيبة والطبراني ، عن أبي أيوب ، وابن أبي شيبة وابن أبي عاصم ، والضياء ، عن سعد بن أبي وقاص ، والشيرازي في الألقاب عن عمر ، والطبراني عن مالك بن الحويرث ، وأبو نعيم في فضائل الصحابة. عن يحيى بن جعدة ، عن زيد بن أرقم ، وابن عقدة في كتاب الموالاة عن حبيب بن بديل بن ورقاء ، وقيس بن ثابت وزيد بن شراحيل الأنصاري ، وأحمد عن علي وثلاثة عشر رجلا ، وابن أبي شيبة عن جابر ، قالوا :

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من كنت مولاه فعلي مولاه. إلى آخر ما أفادوا وأجادوا » (١).

١١. باني بتي

* وهو القاضي ثناء الله باني بتي ، من كبار علماء الهند ترجم له البغدادي في ( إيضاح المكنون ١ / ٣١٠ ) وغيره وتوفي سنة ١٢١٦. * قال ما هذا تعريبه : « الأول ـ ما رواه بريدة بن حصيب وجماعة غيره من الصحابة : أن النبي صلّى الله عليه وسلّم ـ قال في غدير خم ـ وهو موضع بين مكة والمدينة ـ : يا أيها الناس إنّ الله مولاي وأنا مولى المؤمنين ، وأنا أولى بهم من أنفسهم ، فمن كنت مولاه فهذا مولاه ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه ـ يعني عليّا ـ.

وهذا حديث صحيح بل متواتر ، رواه ثلاثون صحابيا. منهم : علي بن أبي طالب وأبو أيوب وزيد بن أرقم والبراء بن عازب وعمرو بن مرة وابو هريرة وابن

__________________

(١) معارج العلى في مناقب المرتضى ـ مخطوط.

١١٧

عباس وعمارة بن بريدة وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وأنس وجرير بن عبد الله البجلي ومالك بن الحويرث وأبو سعيد الخدري وطلحة وأبو الطفيل وحذيفة بن أسيد وغيرهم.

وذكره جمهور المحدثين في الصحاح والسنن والمسانيد.

وجاء في بعض الروايات : من كنت أولى الناس به من نفسه فعلي وليّه ، أللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه.

وتمسّك به الروافض على أنه نص جلي على استخلاف علي ويزعمون أن « مولى » بمعنى « الأولى بالتصرف » فهو الإمام ، ويزيدون على ألفاظ هذا الحديث المتواتر : « وهو الخليفة من بعدي وهو وليكم بعدي » وهي زيادة موضوعة ... » (١).

١٢. محمد مبين اللكهنوي

* وهو من أكابر علماء أهل السنة في بلاد الهند ترجم له في ( نزهة الخواطر ٧ / ٤٠٣ ) وأرّخ وفاته بسنة ١٢٢٥ * قال بعد ذكر بعض طرقه في فضائل الإمام عليه‌السلام : « وأكثر الأحاديث المذكورة في هذا الباب من المتواترات ، كحديث « أنت مني بمنزلة هارون من موسى ». وحديث « أنا من علي وعلي مني ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه » وحديث « لاعطينّ الراية رجلا يحب الله ورسوله » وغيرها » (٢).

__________________

(١) السيف المسلول : ١٠٨.

(٢) وسيلة النجاة في فضائل السادات : ١٠٤.

١١٨

خلاصة البحث

وخلاصة هذا البحث الطويل هو : أن حديث الغدير حديث متواتر ثابت لدى كبار علماء أهل السنة من حفاظهم ومفسريهم وعلمائهم في الكلام والأصول ... متواتر عند أعاظم أساطينهم وأعيان علمائهم الفطاحل ، من المتقدمين والمتأخرين.

وقد ظهر ذلك جليا بتصريح جماعة منهم ...

ولنذكر هنا كلاما للشّريف المرتضى ـ رحمه‌الله ـ نختم به هذا الفصل من البحث ، قال :

« أما الدلالة على صحة الخبر فيما يطالب بها إلاّ متعنّت ، لظهوره وانتشاره وحصول العلم لكلّ من سمع الاخبار به ، وما المطالب بتصحيح خبر الغدير والدلالة عليه ، إلاّ كالمطالب بتصحيح غزوات النبي الظاهرة المنشورة وأحواله المعروفة وحجّة الوداع نفسها ، لأن ظهور الجميع وعموم العلم به بمنزلة واحدة.

وبعد ، فان الشيعة قاطبة تنقله وتتواتر به ، وأكثر رواة أصحاب الحديث ترويه بالأسانيد المتصلة وأصحاب السير ينقلونه عن أسلافهم خلفا عن سلف ، نقلا بغير إسناد مخصوص ، كما نقلوا الوقائع والحوادث الظاهرة.

وقد أورده مصنفو الحديث في جملة الصحيح ، وقد استبد هذا الخبر بما لا

١١٩

يشركه فيه سائر الاخبار ، لأن الأخبار على ضربين : أحدهما : لا يعتبر في نقله الأسانيد المتصلة كالخبر عن وقعة بدر وخيبر والجمل وصفين وما جرى مجرى ذلك من الأمور الظاهرة ، التي يعلمها الناس قرنا بعد قرن بغير إسناد وطريق مخصوص ، والضرب الآخر : يعتبر فيه اتصال الأسانيد ، كأخبار الشريعة.

وقد اجتمع في خبر الغدير الطريقان مع تفريقهما في غيره من الأخبار ، على أن ما اعتبر في نقله في أخبار الشريعة اتصال الأسانيد لو فتشت عن جميعه لم تجد رواته إلاّ آحادا ، وخبر الغدير قد رواه بالأسانيد الكثيرة المتصلة الجمع الكثير ... فمزيّته ظاهرة » (١).

__________________

(١) الشافي في الامامة : ١٣٢ ط القديم.

١٢٠