قواعد الفقيه

الشيخ محمّد تقي الفقيه

قواعد الفقيه

المؤلف:

الشيخ محمّد تقي الفقيه


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: دار الأضواء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣١٢

الملكية عند العرف ، كانت أمارة. ولكن لا ينبغي الريب في اماريتها لما ذكرناه من أن طريقة الناس وديدنهم على الاعتراف بملكية ذوي الأيدي ، وعلى عدم الاعتناء باحتمال كونه مغصوبا أو كونه تحت ايديهم بوجه آخر غير الملكية بل يعتبرون آخذ المال من ذي اليد بدون رضاه غاصبا وظالما له ، وبعد ثبوت التقرير ، تكون معتبرة عنده بالنحو الذي اعتبرت فيه عندهم ، ويظهر ذلك أيضا من صدر رواية حفص ، لأنه (ع) احتج عليه بما هو مرتكز عنده ، وعند سائر الناس ، فقال له! فيحل الشراء منه. ويظهر ذلك أيضا من بقية الروايات.

إن قلت : إن قوله (ع) في ذيل رواية حفص وإلا لما قام للمسلمين سوق ، ظاهر في أن الشارع اعتبر اليد تعبدا ، لأجل قيام سوق المسلمين ، فإن ظاهر الحصر والتعليل ، أنه إنما اعتبرها لذلك ، لا لطريقيتها.

قلت : هذه الفقرة ظاهرة في أنها تعليل لامضاء عمل العقلاء ولتقريرهم على ما هم عليه ، لأنه لو لم يقرهم لاختل نظام الناس ، ومنهم المسلمون ، وإنما خص المسلمين بالذكر من باب الاهتمام بهم. فالتعليل مسوق لبيان الحكمة في متابعة العقلاء ، وليس علة للتعبد بهذا الحكم ، ولو كانت علة منصوصة لوجب تسريتها إلى غير اليد من الأمور التي يتوقف عليه قيام سوق المسلمين ، وإن لم تثبت مشروعية ذلك الأمر ، بل ولو كان محرما ، لأنها على تقدير إرادة ذلك منها تكون حاكمة على الادلة الأولية ، نظير قاعدة نفي الضرر والحرج والاضطرار ، وذلك أمر لا يمكن الالتزام به ، ولا سيما إذا اريد بالسوق مطلق النظام.

الموضع الخامس : لا ريب أن اليد امارة على الملك بنظر العقلاء ، سواء كانت يد مسلم أو غير مسلم ، ولا ريب أن المسلمين كانوا وما زالوا يتعاملون مع غير المسلمين كما يتعاملون مع المسلمين ، فقد كانوا ولا يزالون يخرجون في تجاراتهم وبضائعهم إلى بلاد الشرك فيبيعون ما عندهم ، ويستوردون ما يحتاجه المسلمون مما هو عند غيرهم. ولا ريب في اتصال هذه السيرة وتقريرها وبذلك يتضح أن قوله (ع) وإلا لما قام للمسلمين سوق ، لا ينافي في امارية يد غير المسلم.

٢٦١

ويدل على ذلك كله ، ترك الاستفصال في قول السائل إذا رأيت شيئا في يد رجل .. الحديث ، وعموم أو إطلاق قوله (ع) كل شيء لك حلال الخ ..

الموضع السادس : لا ريب في تقديم قاعدة اليد على الاستصحاب ، لاعتبارها في مورده. إذ ما من مورد من مواردها وإلا وهو مسبوق باستصحاب على خلافها ، فلو قدم عليها لم يبق لها مورد ، مضافا إلى أنها اخص منه مطلقا ، لانفراده عنها في باب الطهارات والنجاسات وغيرهما كالصوم والصلاة. فتكون مقدمة بمقتضى صناعة العموم والخصوص فتأمل.

ودعوى انفرادها عنه في المال الذي تكون حالته السابقة مجهولة ممنوعة لأنه فرض لا مصداق له ، لأن كل مال يفرض فهو مسبوق اما بالإباحة واما بملكية الغير ، ولا ثالث لهما.

ثم إن تقديمها عليه ، هل هو من باب الحكومة أو الورود؟ بحث لا ثمرة له.

ومع ذلك ، فالظاهر أنه من باب الورود ، لكون مورده الشك وبقيامها يرتفع الشك لكونها معتبرة من حيث طريقيتها الذاتية بنظر العقلاء ، فتكون قائمة مقام القطع الطريقي بخلافه ، فإنه وإن كان فيه طريقية ذاتية عقلائية ، إلا أن الشارع لم يلحظها في مقام جعل الاستصحاب ، بخلافها ، ولا ريب أنه يرتفع بمجرد قيامها ، وأنه لا يبقى له مورد ، وإن المورد الذي تقوم عليه يكون من باب نقض اليقين بيقين آخر غاية الأمر أنه تنزيلي ، ويكون المورد حينئذ من نقض الشك بيقين آخر.

ويؤيد ذلك ، بل يدل عليه ، جواز الشهادة في موردها بالملكية ، كما تضمنته صريحا رواية حفص ، ومن المعلوم أن الشهادة لا تصح إلا بعد اليقين بالمشهود به ، كما في قوله (ع) مشيرا إلى الشمس : على مثل هذا فأشهد.

ولعله من اجل ذلك ، يمكن الاستشكال في قبول الشهادة بالمكية اعتمادا على الاستصحاب مع اهمال الشاهد التعرض لاستناده إليه.

الموضع السابع : في بيان موارد اليد ، وهي نوعان ، وينبغي التنبه إلى أن هذا الموضع مهم جدا.

٢٦٢

النوع الأول : الموارد التي تكون تحت اليد ، ويكون حال اليد فيها مجهولا ويجمعها امران.

الأمر الأول : أن يكون ما تحتها من المباحات الأصلية ، كالمياه والنباتات ، والمعادن والأرض والحيوانات الوحشية كالطيور والظباء ، وما اشبه ذلك.

فلو رأينا شيئا في يد شخص حكمنا بملكيته له عملا بقاعدة اليد ، وإن كنا نحتمل بان شخصا حازها قبله ، واغتصبها منه ، أو احتملنا بانها لشخص آخر وقد امنها عنده.

ولو احتملنا دخوله تحت يده صدفة ، بدون قصد الحيازة والتملك ، أيضا ، نحكم له به كما لو رأينا في يده حصاة واحتملنا أنه يعبث بها ، وكانت من المال ، أو رأينا في حظيرته أو في قطيع غنمه ظبيا واحتملنا أنه دخل في الحظيرة والقطيع بدون علم منه ولا قصد.

ولا يجوز في هذا الحال استصحاب اباحته ثم حيازته.

الأمر الثاني : أن نعلم بأنها كانت لغيره ، ثم نراها بيده يتصرف فيها تصرف المالكين كما هو الحال بالنسبة لمعظم الاشياء ، فإنا نحكم بملكيتها له ، ولا نستصحب بقاءها على ملكية الأول ، كما هو الحال بالنسبة لسائر الامتعة التي تباع في الأسواق من اللحم والخبز والفواكه ، فإذا رأينا شيئا منها بيد شخص ، ورأيناه ينقله إلى بيته أو يتصرف به تصرف المالكين نحكم له بها ، ومنها كل ما تنتجه المعامل كالالبسة والاحذية والمعلبات والآليات والأدوية والسيارات وما هو اعظم منها ، فإنا إذا رأيناها في يد شخص ، ورأيناه يتصرف فيها تصرف المالكين نحكم بملكيته لها ، ولا نعتني باحتمال كونها مسروقة من مالكها الأول أو من غيره ، وإذا ادعاها غيره نحكم له بها ، ونطلب البينة من ذلك الغير.

وهذا كله ، مما لا ريب فيه وهو القدر المتيقن من امارية اليد ومع ذلك ، ربما يتردد الفقيه في بعض الفروض.

٢٦٣

منها : ما تقدم من رؤية الظبي في ضمن الحظيرة أو القطيع ، سواء كان مستقرا أو نافرا ، والسبب في التردد هو عدم الجزم بثبوت يد صاحبهما عليه ، واشكل من ذلك ما لو كان غير مستقر فيها ، وأراد صاحبها اقتناصه مدعيا أنه اهلي خاف عليه الهرب ، واقتنصه آخر مدعيا أنه وحشي واقتنصه.

ومنها : ما لو كان واقفا امام الحانوت أو فيه ، وبيده متاع من صنف الامتعة التي يبيعها صاحب الحانوت ، وادعاه صاحب الحانوت.

وجه الاشكال ، أن هذا النوع من اليد ليس كثير الوجود على وجه يصلح لدعوى استقرار سيرة العقلاء على ملكيته لمن هو في يده ، وأن مقتضى اطلاق الروايات المقررة لامارية اليد ، هو الحكم بملكيته لمن هو في يده ، وعليه يكون القول قوله في مقام التداعي.

ثم إنه لو ادعى أنه اشتراه منه ، أو وهبه له انقلب مدعيا ، وربما نتعرض لوجهه في هذه القاعدة.

النوع الثاني : الموارد التي يكون حال اليد فيها معلوما ، وضابطها ـ العلم بكون يده عليها ليست يدا مالكية فيما مضى ثم نحتمل صيرورتها يدا مالكية ، بسبب من الأسباب المملكة ، كما لو رأيناه يتصرف فيها تصرف المالكين ، أو ادعى ملكيتها ولم ينازعه فيه أحد ، أو نازعه فيها.

ويجمع هذه الموارد ، أربعة عناوين ، لأن الاعيان التي هي من هذا النوع قد تكون مغصوبة ، وقد تكون أمانة بالمعنى الأخص ، أو الأعم ، وقد تكون يد سوم وقد تكون وقفا ، وإنما افردنا الوقف مع امكان دخوله في الاولين ، لأن يده عليه أن كانت بنحو الولاية أو الوكالة أو الاجارة دخلت في الامانة ، وإن كانت غاصبة دخلت في الغصب ، لإمكان انفراده حكما ، وأما يد المستام ، فالظاهر أنها نوع مستقل برأسه ، فإن اذن صاحب الحانوت مثلا للمستامين بتقليب المتاع وفحصه مجرد اباحة ، والظاهر أن ذلك لا يجعله في عداد الامانات.

إذا عرفت هذا فاعلم أن البحث في هذا النوع هو أهم مبحث في هذه

٢٦٤

القاعدة ولذلك افردناه وجعلناه قاعدة مستقلة.

٦١ ـ قاعدة

في امارية اليد مع العلم بحالها السابق وعدمها

وتحقيق هذه القاعدة أن يقال :

المنسوب للمشهور تقديم استصحاب حال اليد عليها ، خلافا لما حكاه استاذنا الحكيم قدس‌سره في مجلس الدرس عن المقدس الميرزا محمد تقي الشيرازي اعلى الله درجته ، وحكاه بعض اهل العلم (١) عن بعض فضلاء علماء بلادنا ، وقربه الاستاذ في مجلس الدرس ، وربما مال إليه.

وموارد هذه القاعدة كثيرة.

منها : ما لو كان المال بيد شخص امانة بالمعنى الأخص ، أو الأعم ، كما لو كان وديعة عنده ، أو عارية ، أو رهنا ، أو اجارة ، أو بنحو الولاية ، أو الوصاية ، أو لقطة ، أو مجهول المالك ، ثم رأيناه يتصرف فيه تصرف المالكين في املاكهم ، أو رآه ورثته كذلك ، أو رأى نفسه هو كذلك ، وحصل الشك في ملكيته له ، فتردد الأمر بين بقائه على ما كان ، وبين ملكيته له ، فإنه في جميع هذه الأحوال لا يحكم بملكيته له عند المشهور ، بل يكون على ما كان عليه قبل الشك ، سواء كان الشاك هو أو وارثه ، أو غيرهما (٢).

__________________

(١) حكاه الفاضل السيد محمد باقر إبراهيم العاملي الكونيني رحمه‌الله عن العلامة المرحوم المقدس السيد حسن الأمين. والسيد محمد باقر هو ممن عاش معنا فترة في النجف وكان محصلا ، ولكنه رجع إلى بلاده قبل النضوج. والمرحوم السيد حسن الأمين العاملي الشقرائي من علماء بلادنا المعروفين بالفضل وكان معاصرا للشيخ الوالد قدس‌سره ، وقد عرفناه ايام الطفولة ، يوم كنا نتلقى دروسنا الاولية في شقراء ، ولقيناه بعد امد طويل عند ما زرنا لبنان سنة ١٣٦٩ ه‍ تقريبا ، وكان مريضا ، وقد زرته في منزله في الغبيري من ضواحي بيروت. ولاحظت يوم زرته اهتمامه بي امام آحاد من أهل الفضل الذين يحسنون الظن به ، فقد شيعني إلى مسافة طويلة ، استكثرتها وخرج الحضور معه وكان من جملتهم الشيخ احمد رضا والشيخ سليمان ظاهر ، فألححت عليه بالرجوع ، فغمز يدي ، وفهمت ما يريد ، جزاه الله عن العلم واهله خيرا.

(٢) ينبغي التنبيه إلى أن المشهور تعرضوا ـ فيما نتذكره ـ لصورة كون الشاك غيره وغير وارثه ، ولم يتعرضوا لبعض هذه الأمثلة ، ولكن الملاك في الجميع واحد.

٢٦٥

ومنها : ما لو كانت يده عليه ، وكان فيه الخمس أو الزكاة ، أو كان بعضه منذورا ، ثم رأيناه يتصرف فيه تصرف المالكين ملكا طلقا ، وحصل الشك في بقائه على ما كان ، واحتملنا نحن أو وارثوه ، أو هو ، أن يكون قد أدى ما فيه من حق.

ومنها : ما لو كان تحت يده وقف ، ثم رأيناه يتصرف فيه تصرف المالكين ، وحصل الشك في بقائه على الوقفية ، أو خروجه عنها بسبب من الأسباب المسوغة لذلك فإنه يجري فيه ، وفي سابقه الوجهان المتقدمان.

ثم أنه لو كان المال عند شخص ، وكان أمانة ، أو فيه الحق ، أو كان وقفا ، ثم رأيناه بيد شخص آخر ، ورأيناه يتصرف فيه تصرف المالكين ، فهل يحكم له بملكيته إذا ادعاها ، أو مطلقا ـ أو يكون حاله حال من كان تحت يده قبل ذلك.

احتمالان وستعرف إن شاء الله إمكان الحكم له به هنا ، بخلاف الصورة السابقة ولو رأينا الأمين والولي على الوقف وصاحب المال المحقوق بالرهن ونحوه يتصرف فيه تصرفه في المملوك الطلق ، وادعى ملكيته ، فهل تقبل دعواه ، أو يفصل بين ما إذا ادعاها ساكتا ، وبين ما إذا ادعى انتقاله إليه معللا ذلك بسبب من الأسباب الموجبة لذلك ، احتمالان.

ثم أنه على تقدير اختلاف هذه الموارد في الحكم ، فما هو سبب الاختلاف.

إذا عرفت هذا فاعلم أنه لا ريب في تقديم اليد على الاستصحاب ، كما أوضحناه في الموضع السادس في القاعدة السابقة ، لأنها معتبرة في مورده ، إذ ما من مورد من مواردها إلا وهو مسبوق باستصحاب على خلافها ، فلو قدم عليها لم يبق لها مورد.

واعلم أيضا : أن التحقيق في المقام أن يقال : القدر المتيقن من إمارية اليد هو أماريتها مع الجهل بحالها السابق ، أما مع سبق العلم بحالها السابق الموجب للعلم بحالها الفعلي شرعا بواسطة استصحابه ، كما هو المفروض ، فلا دليل على

٢٦٦

أماريتها. لأن الاعتماد على استصحاب حال اليد ليس من باب تقديم الاستصحاب على اليد ، بل من باب إخراج اليد الفعلية موضوعا بالاستصحاب عن اليد التي جعلها الشارع إمارة ، والوجه في عدم حجيتها حينئذ هو أن طريقة العقلاء على إثبات الملكية بمثل هذا النوع من الأيدي غير ثابتة ، ومن المعلوم أن التقرير فرع الثبوت ، والمفروض عدم إحرازه.

والتحقيق : أن استصحاب حالها السابقة ، وارد على القاعدة ، لأنه يثبت أن اليد الفعلية يد مستعيرة أو غاصبة أو أمينة ، وهذه الأيدي المستصحبة هي بنفسها حكم شرعي وضعي ، أو موضوعات لهذه الأحكام الشرعية الوضعية.

وربما يتوهم أن هذا من باب تقديم الأصل على الإمارة ، ولكنه توهم بدوي لأن هذا الاستصحاب ينفي اليد التي تصلح لأن تكون إمارة على الملكية ، لا إنه ينفي أماريتها بعد فرض ثبوتها.

وبالجملة : النزاع فيما نحن فيه صغروي ، فإننا نشك في تحقق اليد الدالة على الملكية بنظر العقلاء ، لا أننا نعترف بوجودها ، ثم نقدم الاستصحاب عليها.

بيان ذلك أن اليد نوعان ، يد مستقلة بذاتها ومتصرفة تصرفا مطلقا ، وهذه هي التي تكون إمارة على الملكية ، ويد متفرعة على غيرها ، ويكون لها تصرفات محدودة ، وهذه ليست إمارة على الملكية ، والاستصحاب المذكور يثبت أن اليد الفعلية الموجودة على الأمانات وغيرها مما قدمناه يد متفرعة على غيرها ، كما أن الاستيلاء الذي هو من معاني اليد أو لوازمها استقلالي وتبعي ، والاستصحاب يثبت كون الاستيلاء الفعلي تبعيا لا استقلاليا.

وعلى هذا ، فلو كانت يده على المال بنحو من الأنحاء المذكورة ، لم يجز لغيره ولا لورثته فضلا عنه! ترتيب آثار المالكية بمجرد رؤيته يتصرف فيه تصرف المالكين بمجرد احتمال ملكيته له ، لأن الاستصحاب يثبت أن يده الفعلية هي يده السابقة ، والسابقة ليست إمارة بالضرورة ، ولا فرق في ذلك بين كونها على الأمانات ، أو على الأوقاف ، أو على الأموال التي فيها الخمس والزكاة ، أو على نفس الخمس والزكاة.

٢٦٧

نعم ، إذا ادعى الملكية صدق ، لا من جهة العمل باليد ، بل من جهة حجية خبر ذي اليد المتفق عليها في الأموال والأعمال ، وغيرهما كالطهارة والنجاسة وأمور أخرى ، والخبر إمارة ، وهو مقدم على الاستصحاب.

إن قلت : أن هذا الاستصحاب مثبت ، لأن استصحاب كون يده أمانة مثلا ، ليس حكما شرعيا! ولا موضوعا له.

قلت : الأمانية والوقفية ، أحكام وضعية ، ولو تنزلنا فهي موضوعات للأحكام.

ويمكن تقريب ما ذهب إليه الشيرازي رحمه‌الله بما كان يقربه به الأستاذ قدس‌سره من أن أغلب الأيدي مسبوقة بيد السوم ، كما هو الحال بالنسبة لأكثر المنقولات كالأواني والأقمشة والآلات والحيوانات وما أشبه ذلك ، ولا ريب في ترتيب آثار الملكية على يد من هي بيده ، وإن علمنا بأن يده كانت عليها قبل ذلك بنحو السوم وهذا مما لا يشك فيه أحد ، ولو بنينا على استصحاب حالها السابق ، لأدى ذلك إلى الحكم بكونها لأربابها السابقين ، وهذا مما لا يلتزم به العقلاء ، ولا الفقهاء.

وفيه : أن سيرة العقلاء على ترتيب آثار ملكية ذي اليد الفعلية مع العلم بكونها قبل ذلك كانت يد سوم ، والشارع لم يردعهم بل أقرهم ، كما يشهد بذلك موافقة الفقهاء لهم ، وحينئذ تكون هذه السيرة المقررة هي الدليل على خروج استصحاب يد حال السوم عن استصحاب حال اليد في الموارد المتقدمة ، مضافا إلى أنا نقطع بأن أيدي المستأمنين تنقلب بنظر العقلاء أيديا مالكية بمجرد مفارقتهم لمكان السوم. فيد السوم معلومة العدم بنظرهم ، ومع العلم لا مجال للاستصحاب.

وبالجملة : دليل حجية إمارية اليد ، استقرار طريقة العقلاء وتقرير الشارع لهم وهذا المعنى حاصل بالنسبة لليد المسبوقة بالسوم بالضرورة ، وغير حاصل بالنسبة لليد إذا كانت عليه بنحو الأمانة أو الولاية أو غيرهما مما يشبهها ، لفقد استقرار السيرة وفقد التقرير لأنه فرع عنها ، والحمد لله رب العالمين (١).

__________________

(١) تعرضنا لهذه القاعدة في كتاب الخمس من مباني العروة الوثقى ص ٦٩ وبينهما اختلاف يسير.

٢٦٨

٦٢ ـ قاعدة

الشك في المحل

قاعدة الشك في المحل تقتضي الإتيان بالمشكوك فيه إذا كان من أجزاء الصلاة والوضوء وسائر الطهارات ، بل وغيرهما ويدل على ذلك أمور :

أولها الاستصحاب.

ثانيها الإجماع المحكي في الجواهر عن شرح الدروس ، وشرح المفاتيح ، وعنه أنه نقله عن جماعة وعن كاشف اللثام أنه إجماع على الظاهر ، وعن المدارك والذخيرة وغيرهما نفي الخلاف فيه ، قلت والظاهر أنه كذلك.

ثالثها : قاعدة الاشتغال العقلية ، فإن الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني.

رابعها : النص ، وهو مختص بالصلاة والوضوء وبهذه الملاحظة نسميها قاعدة الاشتغال الشرعية. ومنه الروايات الواردة في الركوع والسجود وغيرهما ، وخصوص صحيح زرارة (١). هذا في الصلاة ، وأما في الوضوء فالأمر أوضح من ذلك ، لأن النصوص فيه صريحة ، في أن كل شك في جزء من أجزائه قبل الفراغ منه هو من الشك في المحل. وأما قوله (ع) إنما الشك في الشيء إذا لم تجزه ، فإنه وإن كان عاما ، إلا أن النصوص المشتملة على وجوب الإتيان بالمشكوك فيه من أجزاء الوضوء إذا حصل الشك فيه ، وهو في لاحقه تكون حاكمة عليه لكونها موسعة للمحل ، وملغية للتجاوز بالنسبة لأفعال الوضوء ، ومقررة للاستصحاب ولقاعدة الاشتغال العقلية.

وقد نوقش في صحيحة زرارة بلزوم تعارض الصدر والذيل ، وبلزوم التناقض بين المفهوم والمنطوق ، وقد أجبنا عنه في قاعدة الفراغ في المقام الحادي عشر ، وكل ذلك لا أهمية له بعد وضوح المقصود (٢).

__________________

(١) الوسائل م ١ ب ٢٧ ص ٣٤٢ ح ١.

(٢) نقلت إلى المبيضة في شهر صفر ١١ / ١٣٩٠ ه‍ الموافق ١٧ / ٥ / ١٩٧٠ م.

٢٦٩

٦٣ ـ قاعدة

في بيان عدم حجية قول اللغوي

قيل : أن قول اللغوي حجة ، وقيل أنه ليس حجة ، وهو المعروف في عصرنا ، وما قاربه. وقيل بالتفصيل بين ما ينتهي إليه حكم شرعي ، فيكون حجة ، وبين ما لا ينتهي إليه فلا.

إذا عرفت هذا فاعلم : أن قول اللغوي لا يفيد إلا الظن ، وإن الظن ليس حجة إلا في الموارد التي دل الدليل على حجيته فيها ، وما نحن فيه ليس منها. واعلم أنه يمكن الاستدلال لحجيته بأمور.

أولها : الإجماع على اعتبار الظن في اللغات ، وهو المحكي عن غير واحد ، كما صرح به المحقق الآشتياني رحمه‌الله في تعليقته على الرسائل المسماة (بحر الفوائد) وصرح به غيره أيضا.

وفيه : إن الإجماع المنقول ليس حجة في باب الأحكام ، فضلا عن الموضوعات ، لأنه من الظن الذي لم يقم على حجيته دليل.

ثانيها : أنه حجة من باب حجية قول أهل الخبرة.

وفيه : أنه ليس منهم ، ولو سلم فلا دليل على حجية قول أهل الخبرة بوجه مطلق على نحو يشمله ، ولو سلمنا أنه منهم ، فقد نشترط في حجية أخبارهم التعدد والوثاقة ، فيكون الثابت أخص من المدعى.

ثالثها : أنه حجة من باب حجية خبر الواحد في الأحكام.

وفيه : أن حجية خبر الواحد في الأحكام لا تشمله ، لأنه ليس منها ، ولو سلم أنه منها ، فهي لا تشمله ، لأنها مختصة بالأخبار عن حس ، وأخبار أهل اللغة ليست كذلك ، ويدل على ذلك الجهل بالواضع ، فكيف يكون إخبارهم عنه إخبارا عن حس ، ولو سلم أنه معروف ، فهي أخبار مرسلة أو مقطوعة ، ومثلها ليس حجة هذا مضافا إلى أن اللغوي يذكر موارد الاستعمال ولا ريب أن

٢٧٠

الاستعمال أعم من الحقيقة والمجاز ، والمطلوب بيان المعنى الحقيقي للفظ.

ودعوى كون كل ما يذكره من المعاني هو معنى حقيقي له ، دعوى غير معقولة لاستلزامها كون ألفاظ اللغة العربية كلها مشتركة بين أكثر من معنى أو بين عشرات المعاني ، ولا ريب أن ذلك يتنافى مع حكمة الوضع ، ودعوى حدوث الاشتراك باعتبار جمع لغات القبائل ، دعوى معقولة ، ولكنها تستدعي تعدد الواضعين ، وذلك يستلزم أن لا يكون للعرب لغة واحدة أصيلة يشترك بها جميع العرب ، وهو بعيد في نفسه ، ومخالف لما عليه علماء اللغة العربية.

نعم ، يمكن أن يقال : بأن اللغة الأصيلة التي تشترك بها جميع القبائل واحدة غير أن بعض القبائل استعملت بعض تلك الألفاظ الموضوعة لمعانيها في معاني أخرى فاشتهرت عندهم فصارت مجازا مشهورا ، أو هجر المعنى الأول ، وأصبح موضوعا للمعنى الجديد بالوضع التعيني ، ثم توهم أرباب القواميس أنه أحد معاني اللفظ الأصلية ، فجعلوه في عرض معناه الحقيقي ، وبعد ذلك اشتبه الحال علينا وعليهم ، ولا مجال لتعيين المعنى الحقيقي الأول ، مع أنه هو المطلوب.

واختار أستاذنا الحكيم في مجلس الدرس بمناسبة ما ، حجية قول اللغوي فيما ينتهي إلى الحكم الشرعي ، إذا اجتمعت فيه الشروط المطلوبة في حجية خبر الواحد ، وهو غير واضح. نعم ، إذا اشتملت الرواية الواردة في بيان الأحكام على بيان موضوعات ذلك الحكم ، فلا ريب في كون ذلك من موارد خبر الواحد الثابت الحجية بالإجماع القولي والعملي ، لكون ذلك من شئونه ولوازمه كما لو قال الراوي مثلا سألته يوم الجمعة ، وبيده عصا من اللوز المر ، فقال : من حمل هذه العصاة كان له كذا.

قاعدة : المشهور إن خبر الواحد في الموضوعات ليس حجة ، ويظهر ذلك من تتبع كلمات الفقهاء في أبواب الفقه ، مثل مسألة الأخبار بالفسق والعدالة والاجتهاد والاعلمية ، ومثل الإخبار بطهارة الشيء بعد العلم بنجاسته والاخبار بنجاسته ، كل ذلك إذا كان المخبر بها ليس صاحب يد ، ومثل

٢٧١

الاخبار بالهلال ومثل الاخبار ببقاء الليل أو طلوع الفجر ومثل تقويم المغيب ، ومثل الإخبار بالموت في مقام اعتداد زوجته أو تقسيم تركته ومثل خلو المرأة من الزوج أو كونها متزوجة أو حائض أو طاهر إذا كان المخبر غيرها ، أو غير زوجها ، وكإخبار الواحد بحياة شخص حكم الحاكم بموته ، وما أشبه ذلك مما هو أكثر من أن يحصى في هذه العجالة.

إذا عرفت هذا فاعلم إنه يمكن الاستدلال لحجته في هذه الموارد وغيرها بالسيرة العقلانية ، فإن العقلاء يرتبون آثار أخبار الآحاد بمجرد استماعها ، سواء كان المخبر ثقة أو لا وسواء كان بالغا أو غير بالغ. إذا كان مميزا.

ولا ريب في ثبوت هذه السيرة في الجملة ، ولا سيما بالنسبة للأمور المعتادة للناس فيما بينهم ، فيما يتعلق بالسفر والحضر ، والبيع والشراء ، والموت والحياة وفتح السوق واغلاقه ، ووجود بعض السلع وفقدها في المحلات التي تباع فيها ، والتحدث في شئون بعضهم بعضا ، وعليها اعتمد من يتوهم حجيته مطلقا إلا ما خرج بالدليل.

وفيه : أولا : إن السيرة لبية ، وإن القدر المتيقن منها عندهم صورة الغفلة ، ولذا لو تنبه العقلاء منهم أو نبهوا إلى احتمال الكذب أو الاشتباه لم يرتبوا على ذلك أثرا من الآثار ، ولا سيما في الأمور المهمة.

وثانيا : بأن السيرة ظنية ، ولا ريب أن الظن ليس حجة بنفسه ، فهي إذن ليست حجة ما لم يثبت تقريرها من الشارع أو عدم الردع عنها. وهما مفقودان هنا ، بل الأمر بالعكس ، فإن الأدلة التي سنسردها كافية في إثبات الردع عنها ، وحينئذ يتعين الرجوع فيها إلى أصالة عدم الحجية إلا في الموارد التي تثبت حجيته فيها بالخصوص ، كإخبار ذي اليد وما لا يعلم الشيء إلا من قبله ، كإخبار المرأة عن نفسها بأنها محصن أو خلية أو طاهر أو حائض ونحو ذلك.

إذا عرفت هذا فاعلم أنه يمكن الاستدلال للمشهور بأمور

٢٧٢

أولها : الأصل.

ثانيها : النبوي المشهور المعمول به في الفقه ، أعني قوله (ص) إنما أقضي بينكم بالبينات والإيمان ، فإن مقتضى الحصر امتناع كون خبر الواحد أمرا ثالثا صالحا لإثبات المتنازع فيه ، ولهذا أمر لا يشك فيه أحد من الفقهاء.

ولو كان خبر الواحد وحده حجة في إثبات الحق شرعا لكان عدم الحكم بمقتضاه مخالفا لمقتضى الحجية.

وفيه : إن ذلك كله مسلم ، ولكنه إنما يثبت عدم حجية خبر الواحد في الموضوعات في باب الخصومة فقط ، فيقتصر عليه ، وبه تقيد السيرة على تقدير تقريرها أو عدم الردع عنها.

ثالثها : رواية عبد الله بن سليمان عن أبي عبد الله (ع) قال كل شيء لك حلال حتى يجيئك شاهدان يشهدان إن فيه ميتة (١).

فإن حصر الحلية بالبينة كالصريح في المطلوب.

إن قلت : إنه مختص بالأمور التي فيها احتمال الحلية والحرمة ولا سيما بعد التمثيل بالميتة.

قلت : لا ريب إن قوله (ع) كل شيء لك حلال عام ولا ريب إن المورد لا يخصص الوارد والإمام (ع) إنما ذكر الميتة لكونها مورد السؤال ، هذا مضافا إلى أن كل مورد من موارد الشبهات الموضوعية مشتمل على احتمال الحرمة والإباحة ، لأننا مع العلم بالإباحة ولو بالمعنى الأعم لا نحتاج إلى قاعدة الحل بالضرورة ، وفيه : أن الرواية ضعيفة ، إلا أنها معتضدة بسائر الروايات الدالة على قاعدة الحل.

__________________

(١) الوسائل م ١٧ ب ٦١ من أبواب الأطعمة المباحة ص ٩٠ ـ ح ٤.

٢٧٣

رابعها : وهو العمدة ، موثقة مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله (ع) ، قال سمعته يقول كل شيء هو لك حلال ، حتى تعلم أنه حرام بعينه ، فتدعه من قبل نفسك ، وذلك مثل الثوب يكون عليك قد اشتريته ، وهو سرقة ، والمملوك عندك ولعله حر قد باع نفسه ، أو خدع فبيع قهرا ، أو امرأة تحتك ، وهي اختك أو رضيعتك ، والأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك ، أو تقوم به البينة (١).

وهذه الرواية حجة في نفسها ، وقد عمل بها الفقهاء ، ولا ريب أن قوله (ع) فيها والأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك ، أو تقوم به البينة ، عام بل هو من أوضح أنواع العموم في الفقه.

ولا ريب إن إطلاق الإباحة في الأشياء كلها ، وحصر عدمها باستبانة ذلك أو قيام البينة عليه ، ظاهر في بقاء تلك الأشياء على الإباحة وإن أخبر شخص واحد بعدم إباحتها.

فلو أخبره الثقة فضلا عن غيره ، بكون الثوب الذي عليه سرقة ، وتكون المرأة التي تحته هي أخته أو رضيعته ، وبان العبد الذي عنده حر باع نفسه ، أو خدع فبيع ، لم يوجب إخباره هذا تحريم تلك الأمور والأشياء كلها مثل ذلك بمقتضى منطوق الرواية ومفهومها.

ولا ريب إن هذا المقدار كاف في إثبات الردع عن العمل بخبر الواحد في الموضوعات ، وعن ترتيب الآثار الشرعية عليه ، فكيف يتوهم عدم الردع عنه ، فضلا عن تقريره.

وتوهم كون خبر الثقة استبانة يدفعه إنه لو كان استبانة لكان تعليق الحرمة على البينة في غير محله لأنها خبر واحد ثقة وزيادة ، لأن العدالة المشترطة في شاهدي البينة لا تنفك عن الوثوق النوعي بل والشخصي ، ولكان تعليق الحرمة عليه أولى من تعليقها على البينة لأنه يكون دالا على ثبوت الحرمة بها بالأولوية ، وبالجملة توهم كونه استبانة دونها توهم غريب ، لا يوافق عليه أحد ممن يتذوق

__________________

(١) الوسائل م ١٢ ب ١٤ من أبواب ما يكتسب به ص ٥٨ ح ٤.

٢٧٤

العلم ويعمل بظواهر الكتاب والسنة.

خامسها : الاستقراء ـ فقد تثبت عدم حجيته في باب التداعي والخصومات ، وفي باب الهلال ، وفي كل مورد يثبت فيه الحد كالقتل والزنا ، والقذف والسرقة. وفي باب الوصايا والدين والنسب والرقية والطلاق والزواج ، سواء انتهت هذه الأمور إلى القاضي أو لم تنته وفي كل الأمور التي يكون المخبر به مزاحما لحقوق الناس كالإخبار بالبيع والشراء وإباحة الأرض أو الزرع أو السكن أو الدابة أو العبد فلا نعرف فقيها من الفقهاء أفتى باستباحة هذه الأمور بمجرد إخبار ثقة باباحتها ، بل إذا رتب سواد الناس أثرا على هذه الاخبار لأمته العقلاء على ذلك وهذا مما يشهد بأن السيرة بالمعنى المدعي غير ثابتة عند العقلاء ، نعم هي ثابتة في الموارد العادية اليومية المتداولة بينهم ومع ذلك فالمتنبه منهم لا يرتب عليها أثرا.

السبت ٩ ع / ٦ / ١٤٠٦

٢١ / ١٢ / ١٩٨٥

٢٧٥
٢٧٦

بسم الله الرّحمن الرّحيم

أخبار قاعدة التجاوز

والفراغ

وهي من القواعد المحررة التي اعتنى بها متأخرو المتأخرين ، ولها فروع كثيرة ، لذلك تستحق جعلها رسالة مستقلة.

والكلام فيها في مقامات :

المقام الأول : في ذكر الأخبار المتعرضة لها ، وهي كثيرة (١).

١ ـ منها : صحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) قال : «إذا كنت قاعدا على وضوئك ، فلم تدر اغسلت ذراعيك أم لا؟ فأعد عليهما وعلى جميع ما شككت فيه أنك لم تغسله أو تمسحه مما سمى الله ما دمت في حال الوضوء ، فإذا قمت من الوضوء وفرغت منه وقد صرت في حال أخرى في الصلاة أو في غيرها ، فشككت في بعض ما سمى الله مما أوجب الله عليك فيه وضوءه لا شيء عليك فيه ، فإن شككت في مسح رأسك فأصبت في لحيتك بللا فامسح بها عليه ، وعلى ظهر قدميك. فإن لم تصب بللا فلا تنقض الوضوء بالشك وأمض في صلاتك ، وإن تيقنت أنك لم تتم وضوءك فأعد على ما تركت يقينا حتى تأتي على الوضوء. الحديث ..»(٢).

__________________

(١) رتبنا الروايات حسب ورودها في الوسائل ، وإن كانت تختلف في مناسبة موقعها من الاستدلال! لتسهل مراجعتها.

(٢) وسائل ج ١ ص ٣٣٠ باب ٤٢ رقم ١.

٢٧٧

٢ ـ ومنها : موثق ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) قال : «إذا شككت في شيء من الوضوء وقد دخلت في غيره فليس شكك بشيء ، إنما الشك ذا كنت في شيء لم تجزه (١) ».

٣ ـ ومنها : صحيح ابن مسلم ، قال : قلت لأبي عبد الله (ع) : رجل شك في الوضوء بعد ما فرغ من الصلاة ، قال : يمضي على صلاته ولا يعيد»(٢).

٤ ـ ومنها : رواية محمد بن مسلم قال : سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : «كلما مضى من صلاتك وطهورك فذكرته تذكرا فأمضه ولا إعادة عليك فيه»(٣).

٥ ـ ومنها : مصحح بكير بن أعين به وبأحمد بن الحسن بن الوليد ، قال : «قلت له : الرجل يشك بعد ما يتوضأ ، قال : «هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك»(٤).

وفيه : أنه مضمر ، ولكن الإضمار من مثل بكير بن أعين لا يضر ، ورواية أهل الحديث له شهادة منهم بذلك.

٦ ـ ومنها : رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (ع) قال : سألته عن رجل يكون على وضوء ويشك على وضوء هو أم لا؟ قال : «إذا ذكر

__________________

(١) وسائل ج ١ ص ٣٣١ باب ٤٢ رقم ٢ وفي سنده أحمد بن الحسن بن الوليد وهو مصحح والبزنطي وهو من أصحاب الإجماع عن كرام بن عبد الكريم بن عمران الواقفي وقرائن القوة فيه قوية ونعته في الرسائل بالموثق.

(٢) وسائل ج ١ ص ٣٣١ باب ٤٢ رقم ٥.

(٣) وسائل ج ١ ص ٣٣١ باب ٤٢ رقم ٦ وسند هذه الرواية اشتمل على موسى ابن جعفر وهو مشترك ولعله حسن كما يظهر من رجال الميرزا محمد وعلي الحسن بن الحين اللؤلؤي ، وهو مصحح وعلي الحسن بن علي بن فضال ، وأمر بنى فضال معروف ، ورجوعه إلى الحق عند موته لا ينفع في تصحيح روايته قبل رجوعه ، فإنه حين روايته كان فطحيا ، وعلى ابن جعفر ... وعلى عبد الله بن بكير الذي يروى عنه الحسن بن علي بن فضال وقد وثق.

(٤) وسائل ج ١ ص ٣٣١ باب ٤٢ رقم ٧.

٢٧٨

وهو في صلاته انصرف فتوضأ وأعادها ، وإن ذكر وقد فرغ من صلاته ، أجزأه ذلك (١).

٧ ـ ومنها : صحيح إسماعيل بن جابر ، قال : قال أبو جعفر (ع) : «إن شك في الركوع بعد ما سجد فليمض ، وإن شك في السجود بعد ما قام فليمض ، كل شيء شك فيه مما قد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه (٢).

٨ ـ ومنها : صحيح زرارة ، قلت لأبي عبد الله (ع) : رجل شك في الأذان وقد دخل في الإقامة؟ قال : «يمضي. قلت : رجل شك في الأذان والإقامة وقد كبّر قال : يمضي. قلت : رجل شك في التكبير وقد قرأ ، قال : يمضي. قلت : شك في القراءة وقد ركع؟ قال : يمضي. قلت : شك في الركوع وقد سجد ، قال : يمضي على صلاته ثم قال : يا زرارة إذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره ، فشكك ليس بشيء (٣).

٩ ـ ومنها : موثقة محمد بن مسلم بابن بكير عن أبي جعفر (ع) قال : «كلما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو»(٤).

١٠ ـ ومنها رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال : سألته عن رجل ركع وسجد ولم يدر هل كبر أو قال شيئا في ركوعه وسجوده. هل يعتد بتلك الركعة والسجدة ، قال : إذا شك فليمض في صلاته (٥).

١١ ـ ومنها : مصححة ابن مسلم بأحمد بن الحسن بن الوليد عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يشك بعد ما ينصرف من صلاته قال ، فقال (ع) : لا يعيد ، ولا شيء عليه»(٦).

__________________

(١) وسائل ج ١ ص ٣٣٣ باب ٤٤ رقم ٢ وهذه الرواية كغيرها من روايات قرب الإسناد عن علي بن جعفر ، وقد اشتملت على حفيده عبد الله بن الحسن ، وهو مجهول الحال.

(٢) وسائل ج ٤ ص ٩٣٧ باب ١٣ رقم ٤ وفي هذا الباب نفسه روايتان لحماد رقم ١ و٢ ورواية لابن مسلم رقم ٧ تعرضتا للشك في الركوع بعد ما سجد.

(٣) وسائل ج ٥ ص ٣٣٦ باب ٢٣ رقم ١.

(٤) وسائل ج ٥ ص ٣٣٦ باب ٢٣ رقم ٣.

(٥) وسائل ج ٥ ص ٣٣٧ باب ٢٣ رقم ٩.

(٦) وسائل ج ٥ ص ٣٤٢ باب ٢٧ رقم ١.

٢٧٩

١٢ ـ ومنها : صحيح محمد ابن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال : كلما شككت فيه بعد ما تفرغ من صلاتك فامض ولا تعد (١).

١٣ ـ ومنها : صحيح ابن مسلم عن أبي عبد الله (ع) أنه قال : إذا شك الرجل بعد ما صلى ، فلم يدر : أثلاثا صلى أم أربعا ، وكان يقينه حين انصرف إن كان قد أتم لم يعد الصلاة ، وكان حين انصرف أقرب إلى الحق منه بعد ذلك (٢).

ومما يلحق بهذه القاعدة

١٤ ـ رواية الفضيل بن يسار قال : قلت لأبي عبد الله (ع) أستتم قائما فلا أدري ركعت أم لا ، قال : بلى ركعت فامضي في صلاتك فإنما ذلك من الشيطان (٣).

١٥ ـ ومنها : رواية عبد الرحمن ابن أبي عبد الله (ع) قال : قلت لأبي عبد الله (ع) رجل أهوى إلى السجود فلم يدر أركع أم لم يرجع قال : قد ركع (٤).

١٦ ـ ومنها : رواية معاوية بن وهب قال : قلت لأبي عبد الله (ع) اقرأ سورة فاسهو فأتنبه وأنا في أخرها فارجع إلى أول السورة أو أمضي ، قال : بل أمض (٥).

١٧ ـ صحيح عبد الرحمن عن أبي عبد الله (ع) قال : قلت لأبي عبد الله (ع) : رجل رفع رأسه عن السجود فشك قبل أن يستوي جالسا فلم يدر

__________________

(١) وسائل ج ٥ ص ٣٤٢ باب ٢٧ رقم ٢

(٢) وسائل ج ٥ ص ٣٤٣ باب ٢٧ رقم ٣ وفي سنده علي بن أحمد وأبوه أحمد بن عبد الله الواقعان في طريق الصدوق إلى محمد بن مسلم ولا نعرفهما ، نعم رواه في آخر السرائر عن محمد بن علي بن محبوب وانهاه إلى ابن مسلم بطريق صحيح فيكون صحيحا ولا عيب في هذا النحو إلا أنه بطريق الوجادة ، ولسنا على بصيرة من أمر الوجادة.

(٣) وسائل ج ٤ ص ٩٣٦ باب ١٣ رقم ٣.

(٤) وسائل ج ٤ ص ٩٣٧ باب ١٣ رقم ٦.

(٥) وسائل ج ٤ ص ٧٧٢ باب ٣٢ رقم ١.

٢٨٠