رسائل أصوليّة

الشيخ جعفر السبحاني

رسائل أصوليّة

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٠

ب. الأُصول الأصليّة للعلّامة السيد عبد الله شبر الحسيني الغروي (المتوفّى ١٢٤٢ ه‍ ـ).

ج. أُصول آل الرسول ، للسيد هاشم بن زين العابدين الخوانساري الاصفهاني (المتوفّى ١٣١٨ ه‍ ـ).

بمحاذاة تلك الحركة بدأ نشاط تدوين علم أُصول الفقه عند الإمامية على ضوء القواعد الكلّية الواردة في أحاديث أئمتهم ، مضافاً إلى ما جادت به أفكارهم.

فألّف يونس بن عبد الرحمن (المتوفّى ٢٠٨ ه‍ ـ) كتابه «اختلاف الحديث ومسائله» وهو نفس باب التعادل والترجيح في الكتب الأُصولية.

كما ألّف أبو سهل النوبختي إسماعيل بن علي (٢٣٧ ـ ٣١١ ه‍ ـ) كتاب : الخصوص والعموم ، والأسماء والأحكام ، وإبطال القياس.

إلى أن وصلت النوبة إلى الحسن بن موسى النوبختي فألّف كتاب «خبر الواحد والعمل به». وهذه هي المرحلة الأُولى لنشوء علم أُصول الفقه عند الشيعة القدماء.

وبذلك يعلم أنّ أئمّة الشيعة عليهم‌السلام سبقوا غيرهم في إملاء القواعد الأُصولية ، كما أنّ تلامذتهم شاركوا الآخرين في حلبة التأليف والتصنيف.

وأمّا الآخرون فقد اشتهر أنّ أوّل من ألّف في أُصول الفقه هو الإمام الشافعي.

قال الإمام الرازي : اتّفق الناس على أنّ أوّل من صنّف في هذا العلم ـ أي أُصول الفقه ـ الشافعي ، وهو الّذي رتّب أبوابه ، وميّز بعض أقسامه في بعض ، وشرح مراتبها في القوة والضعف. (١)

__________________

(١). مناقب الإمام الشافعي للرازي : ٥٦ ـ ٥٧.

٢٠١

وما ذكره الرازي موضع تأمّل وإن اشتهر بين المتأخّرين أنّ الإمام الشافعي أوّل من ألّف في علم الأُصول والّذي طبع باسم «الرسالة» وذلك :

١. انّ أبا يوسف يعقوب بن إبراهيم (المتوفّى عام ١٨٢ ه‍ ـ) أوّل من ألّف في أُصول الفقه على وفق مذهب أُستاذه أبي حنيفة. (١)

٢. انّ محمد بن حسن الشيبانى (المتوفّى عام ١٨٩ ه‍ ـ) هو أحد من ألّف في أُصول الفقه كما صرّح به ابن النديم (٢) ، فلم يعلم تقدّم الشافعي على العالمين لو لم نقل بتقدمهما عليه.

وعلى كلّ تقدير فنحن نقدر ونثمن جهود الفقهاء الّتي بذلوها في تنمية أُصول الفقه وإظهاره للوجود ثمّ تطويره وتكامله ، وهو من مواهب الله سبحانه.

تعريف أُصول الفقه

إنّ البحث السابق رفع الستار عن واقع أُصول الفقه وبالتالي عن تعريفه.

وهو عبارة عن : العلم بالقواعد الّتي يتوصّل بها الفقيه إلى استنباط الأحكام الشرعية من أدلّتها ، أو ينتهي إليها المجتهد بعد اليأس من العثور على الأدلّة الشرعية ، وهذا كالأُصول العملية من البراءة والاشتغال والتخيير والاستصحاب ، فالمستنبط يلتجئ إلى تلك الأُصول في مقام بيان الوظيفة عند اليأس من العثور على الدليل التفصيلي.

فالمجتهد تارة يستنبط الحكم الشرعي الواقعي ، كما إذا كان في المسألة دليل من الكتاب والسنّة ؛ وأُخرى يرشد المكلّف إلى وظيفته الفعلية من العمل بالبراءة

__________________

(١). وفيات الأعيان لابن خلكان : ٦ / ٣٨٣.

(٢). فهرست ابن النديم : ٢٥٨.

٢٠٢

والاحتياط وغيرها. والفرق بين الأمرين واضح لمن مارس أُصول الفقه لدى الإمامية.

موضوع علم الأُصول

المشهور أنّ موضوع أُصول الفقه هو الأدلّة الأربعة ، أو الحجّة في الفقه ؛ والثاني هو الأظهر ، لاختلاف الفقهاء في تحديد الأدلّة بالأربعة ، وهناك من يحتج بالعقل ومنهم من لا يحتج به.

وبما أنّ موضوع كلّ علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية ، فللأُصولي أن يبحث في أُصول الفقه عن عوارض «الحجّة في الفقه» ، فعندئذ يقع الكلام في العوارض الّتي تعرض على «الحجّة في الفقه» والأُصولي يبحث عنها؟ وهذا ما يحتاج إلى بيان زائد ، وهو : إنّ العارض على قسمين :

أ. عارض خارجي يخبر عروض شيء على المعروض خارجاً ، كالبحث عن عوارض الأجسام الخارجية كما في الفيزياء ، أو الداخلية كما في الكيمياء ، إلى غير ذلك من الأعراض.

ب. عارض تحليلي وعقلي ، وهذا نظير ما يبحث عنه الحكيم في الفلسفة عن تعيّنات الموجود بما هو موجود حيث إنّ الموضوع لهذا العلم هو الوجود المطلق العاري عن كلّ قيد ، فالحكيم يبحث عن تعيّناته وتشخّصاته ، فصار يقسّمه إلى واجب وممكن ، وعلّة ومعلول ، ومادّي ومجرّد ، وواحد وكثير.

وعلى ضوء هذا ، فالموضوع في علم أُصول الفقه هو الحجّة في الفقه ، فإنّ الفقيه يعلم وجداناً بأنّ بينه وبين ربّه حججاً تتضمن بيان الشريعة والأحكام

٢٠٣

العملية. فيبحث عن تعيّنات هذه الحجج المعلومة بالإجمال ، وانّها هل تتشخّص بخبر الواحد أو لا؟ وبالقياس وعدمه ، إلى غير ذلك. فقولنا : خبر الواحد حجّة أو القياس حجّة ، يرجع واقعهما إلى تعيّن الحجّة الكليّة غير المتشخّصة في خبر الواحد والقياس وغيرهما ، حتّى أنّ البحث عن كون الأمر ظاهراً في الوجوب والنهي في الحرمة يرجع لب البحث فيه إلى وجود الحجّة على لزوم إتيان الأمر الفلاني أو وجود الحجّة على تركه. (١)

اتّجاهان في تدوين أُصول الفقه

قام بتدوين أُصول الفقه في أوّل الأمر طائفتان هما المتكلّمون والفقهاء.

الطائفة الأُولى : كانت تمثّل المذهب الشافعي في الفقه.

والطائفة الثانية : كانت تمثّل مذهب الإمام أبي حنيفة.

ولأجل التعرّف على كلا الاتّجاهين عن كثب ، نذكر شيئاً منهما ، ثمّ نشير إلى أسماء الكتب الّتي أُلّفت في هذين المضمارين.

طريقة المتكلّمين

تمتّعت طريقة المتكلّمين بالأُمور التالية :

أ. النظر إلى أُصول الفقه نظرة استقلالية حتّى تكون ذريعة لاستنباط الفروع الفقهية ، فأخذوا بالفروع لما وافق الأُصول وتركوا ما لم يوافق ، وبذلك صار أُصول الفقه علماً مستقلاً غير خاضع للفروع التي ربّما يستنبطها الفقيه من دون رعاية الأُصول.

__________________

(١). رسائل ومقالات : ٤ / ٣٤٩ ـ ٣٥٠ للمؤلّف.

٢٠٤

ب. تميّزت كتب هذه الطريقة بطابع عقلي واستدلالي استخدمت فيه أُصول مسلّمة في علم الكلام ، فترى فيها البحث عن الحسن والقبح العقليين وجواز تكليف ما لا يطاق وعدمه إلى غير ذلك.

ج. ظهر التأليف على هذه الطريقة في أوائل القرن الرابع.

يقول الشيخ أبو زهرة في وصف هذه المدرسة : «الاتّجاه الّذي سمّى أُصول الشافعيين أو أُصول المتكلّمين كان اتّجاهاً نظرياً خالصاً وكانت عناية الباقين فيه متّجهة إلى تحقيق القواعد وتنقيحها من غير اعتبار مذهبيّ ، بل يريدون انتاج أقوى القواعد سواء أكان يؤدّي إلى خدمة مذهبهم أم لا يؤدّي ـ إلى أن قال ـ وقد كثرت في هذا المنهاج ، الفروض النظرية والمناحي الفلسفية والمنطقية ، فتجدهم قد تكلّموا في أصل اللغات ، وأثاروا بحوثاً نظرية ، ككلامهم في التحسين العقلي والتقبيح العقلي ، مع اتّفاقهم جميعاً على أنّ الأحكام في غير العبادات معلّلة معقولة المعنى ، ويختلفون كذلك في أنّ شكر المنعم واجب بالسمع وبالعقل ، مع اتّفاقهم على أنّه واجب ، وهكذا يختلفون في مسائل نظرية لا يترتب عليها عمل ، ولا تسن طريقاً للاستنباط ، ومن ذلك اختلافهم في جواز تكليف المعدوم. (١)

بل إنّهم لم يمتنعوا عن أن يخوضوا في مسائل من صميم علم الكلام ، ولا صلة لها في الفقه إلّا من ناحية أنّ الكلام فيها كلام في أصل الدين ، ومن ذلك كلامهم في عصمة الأنبياء قبل النبوّة ، فقد عقدوا فصلاً تكلّموا فيه في عصمة الأنبياء قبل النبوة». (٢)

ثمّ أضاف وقال : وإنّ ذلك الاتّجاه أفاد علم الأُصول في الجملة ، فقد كان

__________________

(١). الإحكام في أُصول الأحكام للآمدي : ١ / ٢١٩.

(٢). أُصول الفقه لأبي زهرة : ١٦.

٢٠٥

البحث فيه لا يعتمد على تعصّب مذهبي ، ولم تخضع فيه القواعد الأُصولية للفروع المذهبية ، بل كانت القواعد تدرس على أنّها حاكمة على الفروع ، وعلى أنّها دعامة الفقه ، وطريقة الاستنباط ، وأنّ ذلك النظر المجرد قد أفاد قواعد أُصول الفقه ، فدُرِسَتْ دراسة عميقة بعيدة عن التعصّب في الجملة ، فصحبه تنقيح وتحرير لهذه القواعد ، ولا شكّ أنّ هذه وحدها فائدة علمية جليلة ، لها أثرها في تغذية طلاب العلوم الإسلامية بأغزر علم وأدقه. (١)

وسوف توافيك قائمة بأسماء بعض الكتب التي أُلّفت على هذا المنهاج مع الإشارة إلى المسائل الّتي لا تقع ذريعة لاستنباط الحكم الشرعي.

طريقة الفقهاء

وهناك طريقة أُخرى تمتاز بما يلي :

أ. إنّها تنظر إلى أُصول الفقه نظرة آلية ، بمعنى أنّ الملاك في صحّة الأُصول وعدمه هو مطابقتها للفروع التي عليها إمام المذهب ، فكانوا يقرّرون القواعد الأُصولية طبقاً لما قرّره أئمّة المذهب في فروعهم الاجتهادية الفقهية ، وتكون القاعدة الأُصولية منسجمة مع الفروع الفقهية ، فلو خالفتها لما قام لها وزن وإن أيّده البرهان وعضده الدليل ؛ فتجد كثرة التخريج تشكّل الطابع العام في كتبهم التي أُلفت على هذه الطريقة.

ب. خلو هذه الطريقة من الأساليب العقلية والقواعد الكلامية.

ج. ظهور هذه الطريقة في أوائل القرن الثالث ، وأوّل من ألّف على هذا الأُسلوب هو عيسى بن أبان بن صدقة الحنفي (المتوفّى ٢٢٠ ه‍ ـ).

__________________

(١). أُصول الفقه لأبي زهرة : ١٧.

٢٠٦

قال أبو زهرة في تبيين ذلك الاتّجاه : الاتّجاه الثاني هو الاتّجاه المتأثر بالفروع ، وقد اتّجه فيه الباحثون إلى قواعد الأُصول ليقيسوا بها فروع مذهبهم ويثبتوا سلامتها بهذه المقاييس. وبذلك يصحّحون بها استنباطها ويتزودون بها في مقام الجدل والمناظرة ، فكانت دراسة الأُصول على ذلك النحو صورة لينابيع الفروع المذهبية وحججها ، ولقد قال بعض العلماء : إنّ الحنفية أوّل من سلكوا هذه الطريقة ولم تكن لهم أُصول فقهية نشأت في عهد الاستنباط. (١)

نظرة إلى طريقة الفقهاء

إذا كانت الغاية من تدوين علم الأُصول هي التعرّف على قواعد تسهّل الاستنباط ، وتأخذ بيد المجتهد إلى استنباط الحكم الشرعي ؛ فيجب أن تكون القواعد الأُصولية حاكمة على الفروع ودعامة للفقه ، وطريقة للاستنباط ، وهذا لا ينطبق إلّا على طريقة المتكلّمين.

وأمّا إذا كانت الغاية هي تصحيح الفروع التي أفتى بها الإمام ومخرِّجو مذهبه ، فتكون حينئذ قليلة الجدوى ، لأنّه يصبح دفاعاً عن مذهب معيّن ، فلو وافقها أخذ به وإن خالفها رفضها.

والحاصل أنّ علم الأُصول هو العلم الذي يُعدّ منهاجاً للاستنباط وطريقاً إليه ، وأمّا إذا كانت الغاية منه تأييد المذهب والدفاع عنه ، فيصبح علم الأُصول أداة طيّعة لفتوى الإمام ولا يكون منهاجاً للاجتهاد.

ولأجل هاتين الرؤيتين المختلفتين نرى اختلافاً واضحاً بين الأُصوليّين لأتباع أئمّة المذاهب.

__________________

(١). نفس المصدر : ١٨.

٢٠٧

نعم الذي يؤاخذ على طريقة المتكلّمين هو أنّ الكتب الأُصولية عندهم ، قد أصبحت مقتصرة على ذكر القواعد والأُصول دون تطبيقها على مصاديقها ، وبذلك أصبحت لا تنفع للفقيه ، من حيث التطبيق والتدريب. نعم قام بعضهم بالجمع بين الأمرين في بعض كتبهم.

وهذا الإشكال ـ ذكر القواعد بلا تطبيقات وتمرينات ـ داء منتشر ولا يختص بكتب علم الأُصول فقط ، بل يعمّ كتب النحو والصرف والمعاني والبيان والبديع فيجد المتعلّم فيها قواعد جافّة دون أن يطبّقها على موارد في الكتاب والسنّة ، أو كلمات البلغاء وأشعار الفصحاء.

ولأجل أن يقف القارئ على نماذج ممّا أُلّف في هذين المضمارين ، نشير إلى بعض من ذينك النمطين.

المؤلّفون على طريقة المتكلّمين

قام غير واحد من الأُصوليّين بتأليف كتب أُصولية على هذه الطريقة ، ونشير إلى أسمائهم مع كتبهم على وجه الإيجاز :

١. أبو بكر الصيرفي (المتوفّى ٣٣٠ ه‍ ـ) : مؤلّف : «البيان في دلائل الاعلام على أُصول الأحكام».

٢. محمد بن سعيد القاضي (المتوفّى ٣٤٦ ه‍ ـ) : مؤلف : «الهداية» وكان علماء خوارزم يتداولونه.

٣. القاضي أبو بكر الباقلاني (المتوفّى ٤٠٣ ه‍ ـ) : مؤلف : «التقريب والإرشاد في ترتيب طرق الاجتهاد».

٤. قاضي القضاة عبد الجبار (٥٣٤ ـ ٤١٥ ه‍ ـ) : مؤلّف : «النهاية» و «العمد.

٢٠٨

٥. أبو الحسين البصري محمد بن علي بن الطيّب (المتوفّى ٤٣٦ ه‍ ـ) : مؤلّف : «المعتمد».

٦. أبو الوليد الباجي (المتوفّى ٤٧٤ ه‍ ـ) : مؤلّف كتاب : «إحكام الفصول في أحكام الأُصول».

٧. أبو إسحاق الشيرازي (المتوفّى ٤٧٦ ه‍ ـ) : مؤلّف : «اللمع» وكتاب «التبصرة».

٨. أبو نصر أحمد بن جعفر بن الصباغ (المتوفّى ٤٧٧ ه‍ ـ) : مؤلّف : «العدّ» و «تذكرة العامل» و «الطريق السالم».

٩. إمام الحرمين عبد الملك بن عبد الله الجويني (المتوفّى ٤٧٨ ه‍ ـ) : مؤلّف : «الورقات» ، وكتاب «البرهان».

١٠. أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الشافعي (المتوفّى ٥٠٥ ه‍ ـ) : مؤلّف : «المستصفى» ، و «المنخول من تعليقات الأُصول».

١١. أحمد بن علي بن برهان البغدادي (المتوفّى ٥١٨ ه‍ ـ) : مؤلّف : كتاب «الوصول إلى علم الأُصول».

١٢. فخر الدين محمد بن عمر الرازي (المتوفّى ٦٠٦ ه‍ ـ) : مؤلّف : «المحصول في علم أُصول الفقه».

١٣. سيف الدين الآمدي (المتوفّى ٦٣١ ه‍ ـ) : مؤلف : «الإحكام في أُصول الأحكام».

١٤. ابن الحاجب المالكي (المتوفّى ٦٤٦ ه‍ ـ) : مؤلّف : «منتهى السؤل

٢٠٩

والأمل في علمي الأُصول والجدل» ، وكتاب «مختصر المنتهى».

إلى غير ذلك من المؤلّفات على هذا الطراز.

إنّ التأليف على هذا الغرار وإن دام قروناً ولكن أكثر ما كتب تلخيص لكتب ثلاثة :

١. «المعتمد» لأبي الحسين البصري.

٢. «البرهان» لإمام الحرمين الجويني.

٣. «المستصفى» للغزالي.

وهناك ملاحظة أُخرى ، وهي أنّ مؤلّفي أكثر هذه الكتب قد أدخلوا في علم الأُصول ما لا يمتّ له بصلة إلّا على وجه بعيد ، فهذا هو الآمدي قد أدخل في كتاب «الإحكام في أُصول الأحكام» ـ الّذي طبع في أربعة أجزاء ـ كثيراً من المباحث الكلامية نظير :

١. التعرف على مبدأ اللغات وطرق معرفتها.

٢. التكليف بما لا يطاق.

٣. تكليف المعدوم.

٤. في عصمة الأنبياء عليهم‌السلام.

٥. في حقيقة الخبر وأقسامه.

٦. في أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان متعبداً بالاجتهاد فيما لا نصّ فيه.

٧. جواز الاجتهاد للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

إلى غير ذلك من المباحث ، التي ليس لها علاقة بأُصول الفقه ، ولا تُمثّل تكاملاً لهذا العلم ، بل هي بحوث زائدة إذا لم تكن مضرّة به.

٢١٠

وقد وقف أبو الحسين البصري (المتوفّى ٤٣٦ ه‍ ـ) على ما ذكرنا وقال في مقدّمة كتابه «المعتَمد» : ثمّ الذي دعاني إلى تأليف هذا الكتاب في أُصول الفقه ، بعد شرحي «كتاب العمد» واستقصاء القول فيه ، أنّي سلكتُ في «الشرح» مسلك الكتاب في ترتيب أبوابه ، وتكرار كثير من مسائله ، وشرح أبواب لا تليق بأُصول الفقه من دقيق الكلام ، نحو القول في أقسام العلوم وحدّ الضروري منها والمكتسب ، وتوليد النظر العلمَ ونفي توليده النظرَ ، إلى غير ذلك. فطال الكتاب بذلك وبذكر ألفاظ «العمد» على وجهها ، وتأويل كثير منها.

فأحببتُ أن أؤلّف كتاباً مرتّبة أبوابه غير مكرّرة ، وأعدل فيه عن ذكر ما لا يليق بأُصول الفقه من دقيق الكلام. إذا كان ذلك من علم آخر ، لا يجوز خلطه بهذا العلم ، وإن يعلق به من وجه بعيد. فإنّه إذا لم يجز أن يُذكَر في كتب الفقه التوحيد والعدل ـ وأُصول الفقه ، مع كون الفقه مبنياً على ذلك مع شدة اتّصاله به ـ ، فبأن لا يجوز ذكر هذه الأبواب في أُصول الفقه ، على بُعد تعلّقها بها ، ومع أنّه لا يقف عليها فهم الغرض بالكتاب ، أولى. وأيضاً فإنّ القارئ لهذه الأبواب في أُصول الفقه إن كان عارفاً بالكلام ، فقد عرفها على أتمّ استقصاء ، وليس يستفيد من هذه الأبواب شيئاً. وإن كان غير عارف بالكلام ، صعب عليه فهمها ، وإن شرحتُ له. فيعظم ضجره ومَلله. إذ كان قد صرف عنايتَه وشغل زمانه بما يصعب عليه فهمه. وليس بمدرك منه غرضه. فكان الأولى حذف هذه الأبواب من أُصول الفقه. (١)

الكتب المؤلّفة على طريقة الفقهاء

قد تقدّم أنّ طائفة من الأُصوليّين نهجوا منهجاً غير منهج السابقين فألّفوا

__________________

(١). المعتمد في أُصول الفقه : ١ / ٣.

٢١١

كتباً أُصولية طبقاً لما قرّره أئمّة المذهب في فروعهم الفقهية ، وهذا النوع خال من الأساليب العقلية والقواعد الكلامية. وقد قام غير واحد من المهتمّين بأُصول الفقه بتأليف كتب على هذا الغرار ، نظير :

١. أبو الحسن الكرخي (المتوفّى ٣٤٠ ه‍ ـ) : وله رسالة في الأُصول.

٢. أبو منصور الماتريدي (المتوفّى ٣٣٣ ه‍ ـ) : مؤلّف : «مآخذ الشرائع في الأُصول».

٣. أبو زيد عبيد الله بن عمر القاضي (المتوفّى ٣٤٠ ه‍ ـ) : مؤلّف : «تقويم الأدلّة».

٤. أبو بكر الجصاص (المتوفّى ٣٧٠ ه‍ ـ) : مؤلّف : «أُصول الجصاص».

٥. فخر الإسلام البزدوي (المتوفّى ٤٨٢ ه‍ ـ) : مؤلّف كتاب : «كنز الوصول إلى معرفة الأُصول».

٦. شمس الأئمّة السرخسي (المتوفّى ٤٨٢ ه‍ ـ) : مؤلّف : «تمهيد الفصول في الأُصول».

٧. الحافظ النسفي (المتوفّى ٧٠١ ه‍ ـ) : مؤلّف : «منار الأنوار في أُصول الفقه».

وقد عمدوا إلى الفروع يؤلّفونها إلى مجاميع يُوجد بينها التشابه ثمّ يستنبطون منها الضوابط والقواعد.

وعلى ضوء ذلك فأُصول الفقه عندهم ـ كما تقدّم ـ أشبه بالقواعد الفقهية ، حيث إنّ الفقيه يضم مسألة إلى مسألة ثمّ يوحّد بينهما وبين الآخرين وينتزع من الجميع قاعدة فقهية تعمّ الجميع.

٢١٢

مثلاً إنّ الفقيه إذا وقف على أنّ صحيح الإجارة وفاسدها يوجب الضمان وأنّ البيع أيضاً يوجب فاسده وصحيحه الضمان ، إلى غير ذلك من المسائل الّتي فيها مبادلة بين المالين أو بين المال والمنفعة ، فينتزع من الجميع قاعدة كلّية ويقول : كلّما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده.

فالقواعد الأُصولية في طريقة الفقهاء أشبه بالقواعد الفقهية ، فكلّ قاعدة لا تنسجم مع ما وقف عليه الفقيه في ثنايا استنباطه تكون مردودة وإن كان البرهان يوافقه.

طريقة الإمامية في تدوين الأُصول

وأمّا طريقة الإمامية فالموجود ما بين أيدينا من القرن الرابع أشبه بطريقة المتكلّمين ، حيث طرحوا أُصولاً وقواعد لها دور في استنباط الحكم الشرعي ، وربّما ألجأتهم الظروف إلى إدخال المسائل الكلامية في كتبهم ، وفي الوقت نفسه ، استمدّوا في تأسيس القواعد الأُصولية من الروايات الواردة من أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام. وإليك نزراً ممّن ألّف على هذا النمط.

١. محمد بن محمد بن النعمان (المتوفّى ٤١٣ ه‍ ـ) : مؤلّف كتاب : «التذكرة في أُصول الفقه».

٢. الشريف المرتضى (المتوفّى ٤٣٦ ه‍ ـ) : مؤلّف : «الذريعة».

٣. سلّار الديلمي (المتوفّى ٤٤٨) : مؤلّف : «التقريب في أُصول الفقه».

٤. محمد بن الحسن الطوسي (المتوفّى ٤٦٠ ه‍ ـ) : مؤلّف : «العدّة في أُصول الفقه».

٥. ابن زهرة الحلبي (المتوفّى ٥٥٨ ه‍ ـ) : مؤلّف : «الغنية».

٢١٣

٦. سديد الدين الحمصي (المتوفّى حوالي ٦٠٠ ه‍ ـ) : مؤلّف : «المصادر في أُصول الفقه».

٧. نجم الدين الحلي (المتوفّى ٦٧٦ ه‍ ـ) : مؤلّف : «المعارج في أُصول الفقه».

٨. العلّامة الحلّي نابغة العراق الحسن بن مطهر (المتوفّى ٧٢٦ ه‍ ـ) : مؤلّف : عدة كتب في الأُصول أعظمها : «نهاية الوصول إلى علم الأُصول».

٩. عميد الدين الأعرجي (المتوفّى ٧٥٤ ه‍ ـ) : مؤلّف : «منية اللبيب في شرح التهذيب».

١٠. ضياء الدين الأعرجي (كان حياً ٧٤٠ ه‍ ـ) : مؤلّف : «النقول في تهذيب الأُصول».

١١. فخر المحقّقين محمد بن الحسن الحلّي (المتوفّى ٧٧١ ه‍ ـ) : مؤلّف : «غاية الأُصول في شرح تهذيب الأُصول».

١٢. الشهيد الأوّل محمد بن مكي العاملي (المتوفّى ٧٨٦ ه‍ ـ) : مؤلّف : «القواعد والفوائد» ويشتمل على قواعد أُصولية وفقهية.

١٣. المقداد بن عبد الله السيوري (المتوفّى ٨٢٦ ه‍ ـ) : مؤلّف : «نضد القواعد».

١٤. زين الدين بن نور الدين الشهيد الثاني (المتوفّى ٩٦٥ ه‍ ـ) : مؤلّف : «تمهيد القواعد».

إلى هنا تمّت المرحلة الأُولى الّتي طواها علم الأُصول.

وبعد أن ظهرت الحركة الإخبارية في أواخر القرن العاشر وبداية القرن الحادي عشر ، عمّ الركود على الفكر الأُصولي عبر قرنين. إلى أن برز المحقّق

٢١٤

البهبهاني إلى الساحة ، فقام بالرد على فكرة الأخبارية وإبطال أسسهم واستطاع أن يشيد للأُصول أركاناً جديدة ودعامات رصينة ، فنهض بالأُصول من خموله الّذي دام قرنين.

وبذلك انتهى عصر الركود وبدأ عصر الابداع والابتكار من زمانه إلى نهاية القرن الرابع عشر ، ففي هذه الفترة بلغ علم الأُصول ذروة التكامل فأسست قواعد ومسائل لم يكن لها أي أثر في زبر السابقين ، سنّة وشيعة ، حتّى صار علم الأُصول الحديث عند الإمامية بالنسبة إلى القديم منه ، كأنّهما علمان مختلفان ، أو أنّ أحدهما بداية الأُصول والآخر نهايتها.

وها نحن نذكر شيئاً من ابتكارات علمائنا في القرنين الأخيرين بما ادهش العقول وأبهر النفوس.

٢١٥

تطور علم الأُصول عند الإمامية

نحن نقدّر ما كابده علماء الفريقين في سبيل هذا العلم إبداعاً وابتكاراً ، أو بياناً وإيضاحاً حتى أوصلوه إلى القمة ، ومع ذلك كلّه لا نرى مانعاً من بيان ما يختصّ بالإمامية من تنشيط وتصعيد الحركة الأُصولية عبر القرنين وقد تمّ تحقيق هذا التنشيط بإحداث قواعد وضوابط تُمِدُّ المستنبط في مختلف الأبواب ، وها نحن نشير إلى بعضها :

١. تقسيم الواجب إلى مشروط ومعلّق

إنّ تقسيم الواجب إلى مطلق كمعرفة الله ، ومشروط كالصلاة بدخول الوقت ، تقسيم معروف.

وأمّا تقسيم الواجب إلى مشروط ومعلّق فهو من خصائص أُصول الفقه للإمامية.

والفرق بينهما أنّ القيد في الأوّل يرجع إلى الهيئة ، وفي الثاني يرجع إلى المادة.

وبعبارة أُخرى : كلا الواجبين مقيّدان ، إلّا أنّ القيد في الواجب المشروط قيد

٢١٦

للوجوب كالوقت بالنسبة إلى الصلاة ، فما لم يدخل الوقت لا وجوب أصلاً. ولكنّه في الواجب المعلّق قيد للواجب ، فالوجوب حالي لكن الواجب مقيد بوقت متأخر.

وهذا نظير مَن استطاع الحج ، فوجوب الحج مشروط بالاستطاعة ، فلا وجوب قبلها وبحصولها يكون الوجوب فعلياً ولكن الواجب استقبالي مقيّد بظرفه ، أعني : أشهر الحجّ.

ويترتّب على التقسيم ثمرات مذكورة في محلّها ، ونقتصر على ذكر ثمرة واحدة.

إنّ تحصيل مقدّمة الواجب المشروط غير لازم ، لأنّ وجوب المقدّمة ـ عند القوم ـ ينشأ من وجوب ذيها ، فإذا كان ذو المقدّمة غير واجب فلا تجب مقدّمته شرعاً فلا يجب تحصيلها.

هذا بخلاف مقدّمة الواجب المعلّق ، فبما أنّ الوجوب فعلي ـ بحصول الاستطاعة ـ يجب تحصيل مقدّمات الحج وإن كان الواجب استقبالياً.

٢. دلالة الأمر والنهي على الوجوب والحرمة

لقد بذل الأُصوليون جهودهم في إثبات دلالة الأمر والنهي على الوجوب والحرمة ، دلالة تضمنيّة أو التزامية ، وطال النقاش بين الموافق والمخالف ، ولكن المتأخّرين من الإمامية دخلوا من باب آخر ، وهو أنّ السيرة المستمرة بين العقلاء هي : أنّ أمر المولى ونهيه لا يترك بدون جواب ـ رغم عدم دلالتهما على الوجوب والحرمة لفظاً ـ وكيفية الجواب عبارة عن لزوم الإتيان في الأوّل والترك في الثاني. وهو عبارة عن الوجوب والحرمة.

٢١٧

كما أنّ العقل يدعم موقف العقلاء فيؤكد على متابعة الأمر والنهي حذراً من احتمال المخالفة.

وبالرغم من أنّ أمر المولى على قسمين : واجب ومندوب كما أنّ نهيه كذلك : حرام ومكروه ، ومع ذلك يلزم العقل العبد المكلّف على الامتثال حذراً من المخالفة الاحتمالية.

٣. الترتّب أو الأمر بالضدّين مترتباً

انّ ثمرة القول بانّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه ، هو بطلان الضد المنهيّ عنه إذا كان عبادة وهذا كما إذا وقعت المزاحمة بين واجب مضيق ، وآخر موسّع كإزالة النجاسة عن المسجد ، والفريضة الموسع وقتُها ، فالأمر بالأولى يقتضي النهي عن الثانية ، وتكون الثمرة بطلانها لانّ الصحّة والزجر عن الفعل لا يجتمعان.

وربما قيل ببطلان الثمرة وانّ الصلاة باطلة ولا يحتاج في بطلان الفريضة إلى تعلّق النهي بها ، إذ يكفي في البطلان عدم تعلّق الأمر بها ـ عند تعلق الأمر بالإزالة ـ لانّ الأمر بها وإن لم يلازم النهي عن الصلاة ، لكنّه يلازم عدم الأمر بها وإلّا يلزم طلب الضدين. وبما انّ طلبهما باطل ، فلا محيص عن عدم تعلّق الأمر بالصلاة وهو يكفي في البطلان.

ثمّ إنّ جماعة سلّموا بطلان الثمرة لكنّهم حاولوا تصحيح الصلاة بالأمر بها عن طريق الترتب بأن يكون الأمر بالضد ، مشروطاً بعصيان الأمر الأوّل ، ويقال : أزل النجاسة عن المسجد ، وإن عصيت فصلّ.

٢١٨

وهذه هي المسألة المعروفة بالترتب ولها دور في استنباط قسم من الأحكام واطلب تفاصيلها عن المحصول. (١)

٤. العام بعد التخصيص ليس بمجاز

الرأي المعروف عند الأُصوليين انّ العام المخصَّص مجاز ، لانّ المخصِّص قرينة على استعماله في غير المعنى الموضوع له ، ولكن المحققين من أصحابنا أثبتوا انّه بعد التخصيص أيضاً حقيقة مطلقاً سواء أكان المخصص متصلاً أم منفصلاً بتصوير أنّ للمتكلّم ارادتين : إرادة استعمالية ، وإرادة جديّة والعام مطلقاً مستعمل بالإرادة الاستعمالية في المعنى الموضوع له ، والتخصيص إنّما يتوجه إلى الإرادة الجدية فالمتكلّم يستعمل العامّ في المعنى الموضوع له ، ثمّ يشير بدليل آخر إلى انّ قسماً منه ليس بمراد جداً ، ولا يستلزم ذلك استعمال العام من بدء الأمر في الخصوص.

ويترتّب على ذلك ثمرة أُصولية وهي صحّة التمسك بالعام عند الشك في وجود تخصيص ثان ، لانّ العام حسب الفرض استعمل في العموم بالإرادة الاستعمالية وانعقد ظهوره فيه وهو حجّة فيه ولا يصحّ رفع اليد عنه إلّا بمقدار ما قام الدليل على خلافه والمفروض عدم قيامه إلّا في مورد واحد.

٥. دلالة المطلق على الشيوع عقلية

عرف الأُصوليّون القدماء المطلق بانّه ما دلّ على معنى شائع في جنسه ، وظاهر ذلك انّ دلالة المطلق على الفرد الشائع دلالة لفظيّة ، وليست كذلك لانّ البيع ـ مثلاً ـ في قوله سبحانه : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) موضوع للطبيعة المعرّاة عن كلّ

__________________

(١). المحصول : ٢ / ٧٥ ـ ٨٠.

٢١٩

قيد ، وليس فيه ما يدلّ على الشيوع ولا على فرد منها بل مدلولها ، نفس الطبيعة. هذا من جانب ، ومن جانب آخر : انّ المتكلّم في مقام بيان تمام مطلوبه ومراده فلو كان متعلق التحليل بيع خاص لبيّنه.

فانضمام هذين الأمرين ، يثبت انّ الامتثال يحصل بإتيان أي فرد من أفراد الطبيعة ، لانّها توجد بفرد ما ، فالشيوع بمعنى كفاية إتيان كلّ فرد في مقام الامتثال حكم عقلي لا لفظي.

٦. التمسك بالعام في الشبهة المصداقية غير صحيح

كان الرائج بين قدماء الأُصوليين ، جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصص ، مثلاً إذا قال : أكرم العلماء ، ثمّ قال : لا تكرم العالم الفاسق ، وثبت انّ زيداً عالم ولم يثبت أنّه غير فاسق ، فالرائج عنه هو التمسك بالعام والقول بوجوب اكرامه.

والشاهد على ذلك افتاؤهم فما لو تلف مال الغير عند شخص وشك في انّ يده كانت يداً أمانية أو غيرها فيحكم عليه بالضمان تمسكاً بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي.

مع انّه من قبيل التمسك بالعام في الشبهة المصداقية لخروج اليد الأمانية عنه ، حيث إنّ الأمين لا يضمن ما لم يكن هناك تفريط ، فالأمر دائر في بقاء زيد تحت العام إذا كانت يد غير أمانية وخروجها عنه ودخولها تحت المخصص إذا كانت أمانية. ومع دوران الأمر بين الأمرين كيف يصحّ التمسك بالعام وعلى ضوء ذلك ذهب أصحابنا إلى عدم صحّة التمسك بالعام إلّا إذا ثبت بنحو من الأنحاء عدم عنوان المخصص والتفصيل في محله. وللمسألة دور كبير في الفقه يقف عليه من كان ممارساً للفقه.

٢٢٠