رسائل أصوليّة

الشيخ جعفر السبحاني

رسائل أصوليّة

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٠

الشك شاك ثبوتاً ، بل هو من أوضح مصاديق الشاك ، ولكنّه لا يحكم عليه بآثار الشك كما هو محقق في محله.

ويدلّ على ذلك أنّه سبحانه لا يغفر الشرك ، قال الله سبحانه : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً). (١)

هذا من جانب ومن جانب آخر إنّ الله سبحانه يعد المستضعفين بالعفو والمغفرة مع أنّ بعضهم مشركون ويقول : (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً* فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُوراً)(٢) ، فقد استثنى سبحانه المستضعفين الذين ليس لهم قدرة الخروج ولا عرفان الطريق فما آيسهم سبحانه من عفوه ، ويظهر من غير واحد من الروايات انّهم غير محكومين لا بالكفر ولا بالإيمان.

روى العياشي عن زرارة قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أتزوّج المرجئة أو الحرورية أو القدرية؟ قال : «لا ، عليك بالبله من النساء» قال زرارة : فقلت : ما هو إلّا مؤمنة أو كافرة ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «فأين أهل استثناء الله. قول الله أصدق من قولك : (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ ...)». (٣)

روى حمران بن أعين في تفسير قوله سبحانه : (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)(٤) ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال :

__________________

(١). النساء : ٤٨.

(٢). النساء : ٩٨ ـ ٩٩.

(٣). تفسير العياشي : ١ / ٤٣٣ برقم ١٠٩١ ؛ عنه البحار : ٦٩ / ١٦٤ ، باب المستضعفين ، الحديث ٢٤ ؛ وفي الباب روايات بهذا المضمون.

(٤). التوبة : ١٠٦.

١٨١

«إنّهم ليسوا بالمؤمنين ولا بالكافرين ، وهم المرجون لأمر الله». (١) والمرجون ، جمع المُرجى من أرجى ، يرجي ، يقال : أرجى الأمر : أخّره ، واسم المفعول منه : مرجى ، والجمع : مرجون ، وهم المشركون ، لكن يؤخّر أُمورهم رجاء شمول رحمته سبحانه لهم.

إلى غير ذلك من الروايات التي جمعها العلّامة المجلسي في بحاره ، فلاحظ.

الجاهل القاصر والحكم الوضعي

هل الجاهل القاصر ، محكوم بالأحكام الوضعية الثابتة للكافر ، كنجاسته ، وحرمة ذبيحته وتزويجه أو لا؟ التصديق الفقهي يتوقف على معرفة لسان الأدلّة في هذه الروايات ، فهل الموضوع ، هو الكافر ، أو غير المسلم أو غير المؤمن بالله ورسوله؟ فعلى الأوّل لا يحكم بشيء من هذه الأحكام ، بخلاف الثاني ، والحكم القطعي يتوقف على دراسة المسألة في الفقه.

***

إكمال وتفصيل

كان بحثنا فيما سلف على ضوء كتاب «الفرائد» للشيخ الأنصاري و «الكفاية» للمحقّق الخراساني ، وعنوان البحث يعرب عن القائل بحجّية الظن المطلق أو الظن الخاص في مجال العقائد ، مع أنّ الملموس في الخارج هو القول بحجّية خبر الواحد في العقائد.

__________________

(١). البحار : ٦٩ / ١٦٥ ، باب المستضعفين ، الحديث ٢٩.

١٨٢

فإنّ المحدّثين والسلفيّين ما زالوا يعملون في تنظيم العقائد بخبر الواحد ، وبذلك حشّوا صحاحهم وسننهم بأخبار الآحاد.

وعلى ذلك علينا أن نركّز على نصوص هذا القسم ، وإلّا فالعامل بمطلق الظن في مجال العقائد غير متحقّق في الخارج.

وهذا ما دعانا إلى بسط الكلام في ذلك المجال فنقول :

المطلوب من العقيدة هو الإذعان القلبي ، كما أنّ المطلوب من الشريعة هو العمل ، فكأنَّ الشريعة ثمرةُ العقيدة ، وكل إنسان ينطلق في سلوكه من عقيدته وإيمانه.

والّذي يجب إلفات النظر إليه هو أنّ السلوك العملي وتطبيق الحياة على الحكم الشرعي ليس رهن الإذعان بصحة الحكم الشرعي ، بل ربّما يعمل به الإنسان أو يتركه مع الشك والترديد في صحة حكم ما ، بشهادة أنّ جميع الأحكام الفرعية ليست من القطعيات ، بل هي بين مقطوع ومظنون بها ، كما أنّ له تلك الحالة مع الظن بصحة الحكم دون اليقين بها ، فالعمل والتطبيق في متناول الإنسان في أيّ وقت شاء ، سواء أشك في صحة الحكم أو ظنّ بها أو قطع.

وأمّا العقيدة بمعنى عقد القلب على شيء وأنّه الحق تماماً دون غيره فتختلف عن الأحكام الفرعية ، فهي رهن أُسس ومبادئ تقود الإنسان إلى الإذعان على نحو لولاها لما حصلت له تلك الحالة وإن شاء وأصرّ على حصول اليقين.

فالعمل بالأحكام من مقولة الفعل وهو واقع تحت إرادة الإنسان ، فربّما يعمل بما لا يجزم بصحته كما يعمل مع الجزم بها ، ومثال ذلك أنّ أئمة المذاهب الفقهية مختلفون في الآراء والمصيب منهم واحد ، ومع ذلك فأتباع كل إمام يعملون بفقهه مع علمهم بخطئه إجمالاً في بعض الآراء لعدم عصمته.

١٨٣

ولكن الإذعان من مقولة انفعال النفس بالمبادئ الّتي تؤثر في طروء هذه الحالة على صحيفتها ، ولو لا تلك المبادئ لما ترى له أثراً في الذهن.

يقول سبحانه : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِ). (١) ما ذا يريد الله سبحانه من هذه الجملة؟ هل يريد أنّ الدين لا يمكن أن يتعلّق به إكراه؟! لأنّه من شئون القلب الخارجة عن القدرة ، تماماً كالتصورات الذهنية ، وانّما يتعلّق الإكراه بالأقوال والأفعال الّتي يمكن صدورها عن إرادة القائل والفاعل. (٢)

يقول العلّامة الطباطبائي : إنّ الدين وهو سلسلة من المعارف العلمية الّتي تتبعها أُخرى عملية ، يجمعها أنّها اعتقادات ، والاعتقاد والإيمان من الأُمور القلبية الّتي لا يحكم فيها الإكراه والإجبار ، فإنّ الإكراه إنّما يؤثر في الأعمال الظاهرية والأفعال والحركات البدنية المادية.

وأمّا الاعتقاد القلبي فله علل وأسباب أُخرى قلبية من سنخ الاعتقاد والإدراك ، ومن المحال أن ينتج الجهل علماً ، أو تولّد المقدّمات غير العلمية تصديقاً علمياً. (٣)

فما ادّعاه أعداء الإسلام من : «أن الإسلام قام بالسيف والقوة» ما هو إلا ادّعاء فارغ يجانب العقل ، لأنّ السيف لا يؤثر في العقيدة والإذعان وإن كان يؤثر في تطبيق العمل وفق الشريعة.

وعلى ضوء ذلك قال المحقّقون بحجية خبر الواحد العادل في الأحكام العمليّة دون الأُصول والعقائد ، لأنّه لا يفيد العلم واليقين الّذي هو أساس

__________________

(١). البقرة : ٢٥٦.

(٢). تفسير الكاشف : ١ / ٣٩٦.

(٣). الميزان : ٢ / ٣٤٢.

١٨٤

العقيدة إلا إذا احتفّ بقرائن خارجية تورث العلم والجزم ، وما هذا إلا لأنّ المطلوب في الأحكام هو العمل ، وهو أمر اختياري يقوم به الإنسان حتّى في حالتي الشك والتردد في صحة الحكم.

وأمّا الأُصول والمعارف فالمطلوب فيها عقد القلب والإذعان على نحو يطرد الطرف النقيض بإحكام ، والخبر الواحد بما هو هو ـ وإن كان الراوي ثقة خصوصاً إذا كان بعيداً عن مصدر الوحي ـ لا يورث إلا الظن ، وهو لا يغني في مجال العقيدة عن الحق شيئاً.

فعلى ما ذكرنا فالخبر الواحد إذا كان راويه ثقة وسنده صحيحاً ، فإنّه يوصف بالصحة ، ولكن لا ملازمة بين صحة السند ، وصحة المضمون ، لأنّ أقل ما يمكن أن يقال في آحاد الثقات انّهم ليسوا بمعصومين ، ويحتمل في حقّهم الخطأ والاشتباه في السمع والبصر والذاكرة ، فكيف يفيد قولهم العلم بالصحة؟ ومع ذلك فالخبر الواحد حجة في الفرعيات الّتي لا تعدّ ولا تحصى ، لأنّ فرض تحصيل العلم فيها يستلزم الحرج ، وربّما لا يناله الفقيه ، ولذلك اعتبره الفقهاء حجة من عهد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى يومنا هذا كما اعتبره العقلاء حجة في حياتهم الاجتماعية وسلوكهم الفردي.

وأمّا الأُصول والمعارف فهي رهن دليل قطعي حاسم يجلب اليقين ويخاصم الطرف المقابل.

نعم شذّ عن هذه القاعدة الّتي تؤيدها الفطرة والكتاب والسنّة جماعةٌ اغترّوا بروايات الآحاد فجعلوها أُسساً للعقائد والأُصول ، يقول ابن عبد البرّ : ليس في الاعتقاد كلّه في صفات الله وأسمائه إلا ما جاء من أخبار الآحاد في ذلك كلّه أو نحوه يسلم له ، ولا يناظر فيه.

١٨٥

وقال أيضاً : وكلّهم يدين بخبر الواحد العدل في الاعتقادات ، ويعادي ويوالي عليها ، ويجعلها شرعاً وديناً في معتقده ، وعلى ذلك جماعة أهل السنّة. (١)

وجاء في شرح الكوكب المنير : ويعمل بآحاد الأحاديث في أُصول الديانات ، وحكى ذلك ابن عبد البر إجماعاً. (٢)

يقول ابن القيم : إنّ هذه الأخبار لو لم تفد اليقين ، فإنّ الظن الغالب حاصل منها ، ولا يمتنع إثبات الأسماء والصفات بها ، كما لا يمتنع إثبات الأحكام الطلبية بها ... ولم تزل الصحابة والتابعون وتابعوهم وأهل الحديث والسنّة يحتجون بهذه الأخبار في مسائل الصفات والقدر والأسماء والأحكام ، ولم ينقل عن أحد منهم البتة أنّه جوّز الاحتجاج بها في مسائل الأحكام دون الإخبار عن الله وأسمائه وصفاته .... (٣)

وقد نقل هذه النصوص مؤلف كتاب «موقف المتكلمين من الكتاب والسنّة» عن المصادر الّتي أشرنا اليها في الهامش واستنتج من هذه الكلمات ما يلي :

يرى أهل السنّة والجماعة الأخذ بكل حديث صحّ عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في العقائد ، واعتقاد موجبه ، سواء أكان متواتراً أم آحاداً ، إذ إنّ كلّ ما صحّ عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجب القطع به واعتقاده والعمل به ، سواء أوصل إلى درجة التواتر أم لم يصل ، وسواء أكان ذلك في الاعتقادات أم فيما يسمّى بالعمليات ، أي : المسائل والأحكام الفقهية.

__________________

(١). التمهيد : ١ / ٨.

(٢). شرح الكوكب المنير : ٢ / ٣٥٢ وانظر : لوامع الأنوار الإلهية : ١ / ١٩.

(٣). مختصر الصواعق : ٢ / ٤١٢.

١٨٦

ـ إلى أن قال : ـ فمن أفاده الدليل العلم القاطع وجب عليه الأخذ به وتيقن دلالته ، ومن أفاده الظن الغالب لم يجز له أن يترك هذا الظن الغالب لعجزه عن تمام اليقين. (١)

إلى غير ذلك من الكلمات الّتي يشبه بعضها بعضاً ، ويدعو الكل إلى لزوم بناء العقيدة على العلم واليقين إنْ تيسّر ، وإلا فعلى الظن ، ولا يجوز ترك الظن الغالب ، لعجزه عن اليقين.

أقول : إنّ هؤلاء ـ نوّر الله بصيرتهم ـ لم يفرّقوا بين الأحكام العملية والأُصول العقائدية ، وقاسوا الثانية بالأُولى ، مع أنّه قياس مع الفارق ، فالمطلوب في الأحكام هو العمل وهو يجتمع مع العلم والظن ، ولكن المطلوب في الثانية هو عقد القلب والجزم ورفض الطرف المخالف ، وهو لا يتولّد من الظن ، فإنّ الظن لا يُذهب الشك ، بخلاف اليقين فأنّه يطردهما معاً.

وتكليف الظان بموضوع ، بالإذعان به وعقد القلب عليه تكليف بما لا يطاق ، كتكليف الظان بطلوع الفجر ، بالإذعان به.

ولو كان العمل بالظن في العقائد أمراً مطلوباً لما ندّد به القرآن الكريم في غير واحد من الآيات. قال سبحانه : (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ)(٢) ، وقال : (وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً)(٣) ، إلى غير ذلك من الآيات.

__________________

(١). موقف المتكلّمين : ١ / ١٩٨.

(٢). الأنعام : ١١٦.

(٣). يونس : ٣٦.

١٨٧

معطيات الخبر الواحد في العقائد

لو قمنا بتنظيم العقيدة الإسلامية على ضوء الخبر الواحد لجاءت العقيدة الإسلامية أشبه بعقائد المجسّمة والمشبّهة ، بل الزنادقة.

نفترض أن الخبر الواحد في العقيدة حجة إذا كان السند صحيحاً ، فهل يصحّ لنا عقد القلب على ما رواه مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال :

لا تُملأ النار حتّى يضع الرب رِجْلَه فيها

تحاجّت النار والجنّة فقالت النار : أُثرتُ بالمتكبّرين والمتجبّرين ، وقالت الجنة : فما لي لا يدخلني إلا ضعفاء النّاس وسقطهم وعجزهم ، فقال الله للجنّة : أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي ، وقال للنار : أنت عذابي أُعذب بك من أشاء من عبادي ، ولكلّ واحدة ملؤها ، فأمّا النّار فلا تمتلئ فيضع قدمه عليها فتقول : قط قط ، فهنالك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعض. (١)

ولنا على الحديث ملاحظات تجعله في مدحرة البطلان :

الأُولى : أي فضل للمتكبّرين والمتجبّرين حتى تفتخر بهم النار ، ثُمّ ومن أين علمتْ الجنةُ بأنّ الفائزين بها من عجزة الناس مع أنّه سبحانه أعدّها للنبيّين والمرسلين والصدّيقين والشهداء والصالحين؟!

الثانية : ثمّ هل للجنة والنار عقل ومعرفة بمن حلّ فيهما من متجبّر ومتكبّر أو ضعيف وساقط من الناس؟

__________________

(١). صحيح مسلم : ٨ / ١٥١ ، دار الفكر ، بيروت.

١٨٨

الثالثة : انّه سبحانه قد أخبر بأنّه يملأ جهنم بالجِنّة والناس لا برجله تعالى ، كما قال سبحانه : (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ)(١) ، وقال : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ). (٢)

وعلى ذلك فالموعود هو امتلاء جهنم بهما ، وما هو المتحقّق إنّما هو امتلاء النار بوضع الرب رجله فيها ، فما وُعد لم يتحقّق ، وما تَحقّق لم يُعد.

الرابعة : هل لله سبحانه رجل أكبر وأوسع حتى تمتلئ بها نار جهنم إلى حدّ يضيق الظرف عن المظروف فينادي بقوله : قط قط؟!

فالحديث أشبه بالأُسطورة ، وقد صاغها الراوي في ثوب الحديث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجنى به على الرسول وحديثه وسوّد صحائف كتب الحديث وصحيفة عمره ـ أعاذنا الله من الجهل المطبق ، والهوى المغري ـ.

ولا يتصوّر القارئ أنّ ما ذكرناه حديث شاذ بين أخبار الآحاد ، لا بل هناك أخبار كثيرة لو اعتمدنا عليها لجاءت العقيدة الإسلامية مهزلة للمستهزئين ، فإن كنت في شك فلاحظ الحديث التالي :

نزول الرب كلّ ليلة إلى السماء الدنيا

أخرج البخاري في صحيحه ، عن أبي عبد الله الأغر وأبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة :

إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : يتنزّل ربنا تبارك وتعالى كلّ ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ، يقول : مَن يدعوني فأستجيب له ، مَن يسألني

__________________

(١). ص : ٨٥.

(٢). هود : ١١٩.

١٨٩

فأعطيه ، ومَن يستغفرني فأغفر له. (١)

وفي الحديث تساؤلات :

أوّلاً : أنّ ربّنا هو الغفور الرحيم ، وهو القائل عزّ من قائل : (فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ). (٢)

والقائل تبارك وتعالى : (أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ). (٣)

والقائل سبحانه : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً). (٤) إلى غير ذلك من الآيات التي تكشف عن سعة رحمته لعموم مغفرته.

كما أنّه سبحانه وعد عباده بأنّه يستجيب دعاء من دعاه ويقول : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)(٥) ، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على قُرب المغفرة من المستغفرين ، والإجابة من الله سبحانه للسائلين آناء الليل والنهار فأي حاجة إلى نزول الرب الجليل من عرشه الكريم في الثلث الأخير من الليل إلى السماء الدنيا وندائه بقوله : «مَن يدعوني فاستجيب له».

ثانياً : تعالى ربّنا عن النزول والصعود والمجيء والذهاب والحركة والانتقال

__________________

(١). صحيح البخاري : ٨ / ٧١ ، باب الدعاء نصف الليل من كتاب الدعوات ؛ وأخرجه مسلم في صحيحه : ٢ / ١٧٥ ، باب الترغيب في الدعاء من كتاب الصلاة عن أبي عبد الله الأغر وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة.

(٢). المائدة : ٣٩.

(٣). المائدة : ٧٤.

(٤). الزمر : ٥٣.

(٥). غافر : ٦٠.

١٩٠

وسائر العوارض والحوادث ، وقد صار هذا الحديث سبباً لذهاب الحشوية إلى التجسيم والسلفية إلى التشبيه ، وإن كنت في شكّ فاستمع لكلام من أحيا تلك الطريقة بعد اندثارها وانطماسها ، يقول الرّحالة ابن بطوطة في رحلته :

وكان بدمشق من كبار فقهاء الحنابلة تقي الدين ابن تيمية كبير الشام يتكلّم في فنون ، إلا أنّ في عقله شيئاً ، وكان أهل دمشق يعظّمونه أشدّ التعظيم ، ويعظهم على المنبر ، وتكلّم مرّة بأمر أنكره الفقهاء. ورفعوه إلى الملك الناصر فأمر بإشخاصه إلى القاهرة ، وجمع القضاة والفقهاء بمجلس الملك الناصر ، وتكلم شرف الدين الزواوي المالكي ، وقال : «إنّ هذا الرجل قال كذا وكذا» وعدّد ما أُنكر على ابن تيمية ، وأحضر الشهود بذلك ووضعها بين يدي قاضي القضاة.

قال قاضي القضاة لابن تيمية : ما تقول؟ قال : لا إله إلا الله ، فأعاد عليه فأجاب عليه بمثل قوله : فأمر الملك الناصر بسجنه ، فسجن أعواماً ، وصنّف في السجن كتاباً في تفسير القرآن سمّاه ب ـ «البحر المحيط».

ثمّ إنّ أُمّه تعرضت للملك الناصر ، وشكت إليه فأمر بإطلاقه إلى أن وقع منه مثل ذلك ثانية ، وكنتُ إذ ذاك بدمشق ، فحضرتُه يوم الجمعة ، وهو يعظ الناس على منبر الجامع ويذكرهم ، فكان من جملة كلامه أن قال : إنّ الله ينزل إلى السماء الدنيا كنزولي هذا ، ونزل درجة من درج المنبر ، فعارضه فقيه مالكي يعرف بابن الزهراء ، وأنكر ما تكلّم به ، فقامت العامة إلى هذا الفقيه وضربوه بالأيدي والنعال ضرباً كثيراً. (١)

__________________

(١). ابن بطوطة : الرحلة : ١١٢ ، طبع دار الكتب العلمية.

١٩١

خاتمة المطاف

بعد أن كتبت هذه الرسالة وقفت على كلام رسالتين تحت عنوان «حجّية خبر الآحاد في العقائد والأحكام» (١) للدكتورين محمد بن جميل مبارك وعامر بن حسن صبري حيث ناقشا المسألة وخرجا بنتيجة واحدة ، وهي : «خبر الواحد يفيد العلم النظري». واستشهدا على ذلك بأقوال العلماء.

وألفت نظر الدكتورين إلى أُمور :

١. هل يصحّ الاستدلال في المقام بأقوال السابقين مع انّ الموضوع ليس غائباً عنهما إذ في وسعهما نأن يختبرا الأمر بنفسهما ، وأنّه هل يفيد خبر الواحد العلم أو لا من دون حاجة إلى الاستدلال يقول ذاك المحدّث أو ذاك الفقيه.

وهذا أشبه بالاستدلال على طيب رائحة القرنفل بقول العطار وبائع الورد ، مع انّ كلّ إنسان ذي شامة صحيحة ، يمكن أن يختبر الموضوع.

٢. كيف يمكن أن يفيد خبر الواحد العلم النظري مع أنّ الرواة ليسوا بمعصومين من الخطأ والنسيان بل وكلما طال السند وتعددت الوسائط يزداد احتمال الخطأ والاشتباه ، ومعه كيف يحصل العلم.

٣. ما ذا يريد من العلم النظري : فهو يريد العلم المنطقي وهو الاعتقاد الحازم المطابق للواقع ، فأين هو من خبر الواحد.

وان علم الاطمئنان فليس هذا علماً مطلوباً في العقائد فانّ المطلوب فيها ، هو الاعتقاد الحازم الذي لا يحتمل فيه الخلاف.

رحم الله امرأً قدره ولم يتجاوز طوره.

__________________

(١). طبعت هاتان الرسالتان مع رسائل أُخرى في ندوة «عناية المملكة العربية السعودية بالسنة والسيرة النبوية» الّتي أُقيمت في المدينة المنوّرة عام ١٤٢٥ ه‍ ـ.

١٩٢

الرسالة السابعة

أُصول الفقه

بين

الماضي والحاضر

١٩٣
١٩٤

أُصول الفقه

بين الماضي والحاضر

الإسلام عقيدة وشريعة ، فالعقيدة هي الإيمان بالله سبحانه وصفاته والتعرّف على أفعاله.

والشريعة هي الأحكام والقوانين الكفيلة ببيان وظيفة الفرد والمجتمع في حقول مختلفة ، تجمعها العناوين التالية : العبادات ، والمعاملات ، والإيقاعات والسياسات.

فالمتكلّم الإسلامي مَنْ تكفّل ببيان العقيدة ، وبرهن على الإيمان بالله سبحانه وصفاته الجمالية والجلالية ، وأفعاله من لزوم بعث الأنبياء ونصب الأوصياء لهداية الناس وحشرهم يوم المعاد.

كما أنّ الفقيه من قام ببيان الأحكام الشرعيّة الكفيلة بإدارة الفرد والمجتمع ، والتنويه بوظيفتهما أمام الله سبحانه ووظيفة كلّ منهما بالنسبة إلى الآخر.

بيد أنّ لفيفاً من العلماء أخذوا على عاتقهم بكلتا الوظيفتين ، فهم في مجال العقيدة أبطال الفكر وسنامه ، وفي مجال التشريع أساطين الفقه وأعلامه ، ولهم الرئاسة التامّة في فهم الدين على مختلف الأصعدة.

١٩٥

فإذا كانت الشريعة جزءاً من الدين ففهمها واستخراجها من الكتاب والسنّة رهن أُمور ، أهمها : العلم بأُصول الفقه ، وهو العلم الذي يُرشد إلى كيفية الاجتهاد والاستنباط ويذلّل للفقيه استخراج الحكم الشرعي من مصادره الشرعية.

إنّ كلّ علم يوم حدوثه ونشوئه لم يكن إلّا مسائل عديدة لا تتجاوز عدد الأصابع شغلت بال الباحث أو الباحثين ، ولكنّها أخذت تتكامل وتتشعّب عبر الزمان حتّى صارت علماً متكامل الأركان ، له خصوصيات كلّ علم ، أعني : تعريفه وموضوعه ومسائله وغايته.

وهذه خصيصة كلّ علم من العلوم الّتي تسير مع تكامل الإنسان.

وأمامك علم المنطق ؛ فقد نقل الشيخ الرئيس في آخر منطق الشفاء عن أرسطاطاليس أنّه قال : إنّا ما ورثنا عمّن تقدّمنا في الأقيسة إلّا ضوابط غير مفصّلة. وأمّا تفصيلها وإفراد كلّ قياس بشروطه وضروبه وتمييز المنتج عن العقيم إلى غير ذلك من الأحكام ، فهو أمر قد كددنا فيه أنفسنا وأسهرنا أعيننا حتّى استقام على هذا الأمر ، فإن وقع لأحد ممّن يأتي بعدنا فيه زيادة أو إصلاح فليصلحه ، أو خلل فليسدّه. (١)

هذا هو نفس العلم ، وفي جانب كلّ علم ، بحث آخر ربّما يسمّى بتاريخ العلم ، وهو غير العلم نفسه ، حيث يستعرض الباحث في تاريخ العلم ، الأسباب الّتي أدت إلى نشوئه ، أو صارت سبباً لتكامله خلال العصور ، والإلماع إلى العلماء الذين كان لهم دور في تطور العلم ، إلى غير ذلك من المباحث التي تناسب تاريخ العلم.

__________________

(١). شرح المنظومة ، قسم المنطق ، للحكيم السبزواري : ٥ ـ ٦ نقلاً عن منطق الشفاء للشيخ الرئيس ابن سيناء.

١٩٦

وايضاحاً للحال : نفترض أنّ سفينة تجري على ضفاف البحر أو تشقّ الأمواج العاتية في وسطه متقدّمة إلى الأمام ، فهناك راكب فيها كما أنّ هناك ناظر إليها من بعيد ، ولكلّ بالنسبة إلى السفينة رؤية خاصة ، فالراكب إذا أراد وصفها فسوف يصف معدّاتها الداخلية وما فيها من غرف الملّاحين ومخازن الأطعمة والأشربة ومقاعد الركاب وغرفهم إلى غير ذلك ممّا يقع نظره عليه.

وأمّا الآخر فهو ينظر إليها بما أنّها مصنوع قام بصنعها كبار المهندسين ومهرة العمّال وِفقَ تخطيط دقيق باستخدام أدوات مختلفة ومواد منوّعة حتّى صارت جاهزة تُقلّ الركّاب وتنقل البضائع من ميناء إلى ميناء.

فالنظرة الأُولى نظرة فاحصة متعلّقة بما في داخل السفينة ، والنظرة الثانية نظرة فاحصة تتعلق بخارجها.

وعلى ضوء هذا المثال يمكن التفريق بين نفس العلم وتاريخه ، فالنظر إلى داخل العلم بما له من موضوع ومسائل وغاية هي دراسة لنفس العلم.

كما أنّ النظر إليه من حيث نشوئه وتكامله بيد أساتذته عبر الزمان هي دراسة لتاريخ العلم وسيره من بداية نشوئه إلى الحدّ الّذي بلغه.

وعلى هذا ف ـ «أُصول الفقه» علم له تعريفه وموضوعه ومسائله وغاياته ، وقد أفاض فيه علماء الأُصول في بحوثهم ودراساتهم وكتبهم ، ونحن هنا لا نخوض فيه ، بل ننتقل إلى الجانب الثاني ـ أعني : دراسة تاريخ هذا العلم ـ والأسباب التي أدّت إلى نشوء هذا العلم وتدوينه بصورة رسائل وكتب.

حاجة الفقيه إلى أُصول الفقه

إنّ الإسلام عقيدة وشريعة. فالعقيدة هي الإيمان بالله سبحانه وصفاته

١٩٧

والتعرّف على أفعاله.

والشريعة هي الأحكام والقوانين الكفيلة ببيان وظيفة الفرد والمجتمع في حقول مختلفة تجمعها العناوين التالية :

«العبادات ، المعاملات ، الإيقاعات ، والسياسات». فإذا كانت الشريعة جزءاً من الدين ، فلم يترك الدين شيئاً يحتاج إليه المجتمع في عاجله وآجله ، وأغنى الإنسان المسلم عن كلّ تشريع وضعي سوى ما شرّعه الدين.

يرشدنا إلى إغناء التشريع الإسلامي الأُمّة الإسلامية عن كلّ قانون سواه ، لفيف من الآيات والروايات ونكتفي بما يلي :

١. قال سبحانه : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً). (١)

٢. قال أبو جعفر الباقر عليه‌السلام : «إنّ الله تبارك وتعالى لم يدع شيئاً تحتاج إليه الأُمّة إلّا أنزله في كتابه وبيّنه لرسوله ، وجعل لكلّ شيء حدّاً ، وجعل عليه دليلاً يدلّ عليه». (٢)

٣. قال الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام : «ما من شيء إلّا وفيه كتاب أو سنّة». (٣)

٤. وقال أبو الحسن الإمام موسى بن جعفر عليه‌السلام في جواب من سأله : أكلّ شيء في كتاب الله وسنّة نبيه.

قال : «بلى كلّ شيء في كتاب الله وسنّة نبيّه». (٤)

هذا من جانب ومن جانب آخر ، أنّه كلّما توسّع نطاق الحضارة وبلغ

__________________

(١). المائدة : ٣.

(٢). الكافي : ١ / ٥٩ ، باب الردّ إلى الكتاب والسنّة.

(٣). الكافي : ١ / ٥٩ ، باب الردّ إلى الكتاب والسنّة.

(٤). الكافي : ١ / ٥٩ ، باب الردّ إلى الكتاب والسنّة.

١٩٨

الإنسان منها ما بلغ ، احتاج في تنظيم حياته إلى تشريعات خاصة أزيد ممّا كان يحتاج إليها في الظروف الغابرة ؛ وبما أنّ الحضارة الإنسانية ما زالت تتوسّع وتتكامل ، فذلك يستتبع حاجة الإنسان إلى تشريعات جديدة تستنبط من الكتاب والسنّة مع سائر الأدلّة.

وهذان الأمران هما :

١. استغناء المسلم عن كلّ تشريع سوى تشريع السماء.

٢. تزايد الحاجة إلى التشريعات الجديد.

فهذان الأمران يفرضان على الفقيه الدقّة والإمعان في الكتاب والسنّة واستنطاقهما مع سائر الأدلّة في الحوادث المستجدّة ، وهذا هو نفس الاجتهاد الّذي فتح الله بابه على الأُمّة الإسلامية منذ رحيل الرسول إلى يومنا هذا.

ومن المعلوم أنّ استنطاق الأدلّة الأربعة يجب أن يكون تابعاً لنظام منطقي يصون المجتهد عن الخطأ في الاستنباط. وهذا هو علم أُصول الفقه فإنّ دوره هو تعليم المجتهد كيفية استنطاق الدليل الشرعي لاستنباط الحكم الإلهي في حقول مختلفة.

إنّ إغناء الكتاب والسنّة والإجماع والعقل ، عن كلّ تشريع سواه ، رهن اشتمالها على مادة حيوية وأُصول وقواعد عامّة تفي باستنباط آلاف من الفروع الّتي يحتاج إليها المجتمع البشري عبر القرون والأجيال.

وهذه الثروة العلمية من مواهبه سبحانه للأُمّة بين سائر الأُمم.

ومن المعلوم أنّ تبسيط المادة الحيوية وتهيئتها للإجابة على مورد الحاجة دون نظام خاص يسهّل إنتاج الأحكام الفرعية من هذه المواد والأُصول ، يوجد الفوضى في حقل الاستنباط.

١٩٩

فوزان علم الأُصول بالنسبة إلى الفقه ، وزان علم المنطق إلى الفلسفة ، فكما أنّ المنطق يعلّم الباحث كيفية الاستدلال والبرهنة على المسائل العقلية أو الكونية أو المعارف الإلهية ، فهكذا علم الأُصول يرشد المجتهد إلى كيفية ردّ الفروع إلى الأُصول.

المسلمون الأوائل والمسائل المستجدّة

واجه المسلمون في فتوحاتهم واحتكاكهم مع الأُمم الأُخرى مسائل وموضوعات مستجدّة لم يجدوا حلّها في الكتاب والسنّة بصراحة ـ مع العلم بكمال الدين في حقلي العقيدة والشريعة ـ فأخذ كلّ صحابي أو تابعي بالإجابة وفق معايير خاصّة ، دون أن يكون هناك منهج خاص يصبّ تمام الجهود على مورد واحد ، فمسّت الحاجة إلى تدوين أُصول وقواعد تضفي على الاجتهاد منهجية ونظاماً خاصاً يخرجه عن الفوضى في الإفتاء ، فعند ذلك جاء دور أُصول الفقه المتكفّل ببيان المنهج الصحيح للاستنباط.

جذور علم الأُصول في أحاديث أهل البيت عليهم‌السلام

إنّ أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام لا سيّما الإمامين الباقر والصادق عليهما‌السلام أملوا على أصحابهم قواعد كليّة في الاستنباط يُقتنص منها قواعد أُصولية أوّلاً وقواعد فقهية ثانياً على الفرق المقرّر بينهما. وقد قام غير واحد من علماء الإمامية بتأليف كتاب في جمع القواعد الأُصولية والفقهيّة الواردة في أحاديث أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام ، ونخصّ بالذكر الكتب الثلاث التالية :

أ. الفصول المهمة في أُصول الأئمّة : للمحدّث الحرّ العاملي (المتوفّى ١١٠٤ ه‍ ـ).

٢٠٠