القواعد الأصولية والفقهية في المستمسك

الشيخ محمد آصف المحسني

القواعد الأصولية والفقهية في المستمسك

المؤلف:

الشيخ محمد آصف المحسني


المحقق: مهدي النيازي الشاهرودي
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: پيام مهر
المطبعة: مطبعة القدس
الطبعة: ١
ISBN: 964-94560-6-6
الصفحات: ٤٤٠

مواضع من كتاب الطهارة. (المستمسك ج ٥ / ١٢٤ و ١٢٥).

__________________

ـ للطلب مع العلم بعدم وجدانه. نعم في رواية اخرى لزرارة : فليمسك ما دام في الوقت. لكن سندها غير معتبر. نعم جملة فليمسك انسب بمتن الرواية ، على ان الطلب في جميع الوقت غير واجب وقيل ان وجوبه خلاف الاجماع. لكن الانسبية ليست بدليل وعدم وجوب الطلب في تمام الوقت لا يدفع كونه قرينة على اختصاصه بفرض احتمال الوجدان. لعله من هنا ذهب السيّد الاستاذ الخوئي قدس‌سره إلى عكس ما افاده صاحب العروة من التفصيل إذ مع النصوص الناهية لا مجال للرجوع إلى استصحاب عدم وجدان الماء في المستقبل بل هو مختار سيدنا الاستاذ الحكيم أيضا في حاشية المستمسك (ج ٤ / ٤٤٦).

والعمدة في القول بالاستحباب خبر ابن أبي يعفور على اشكالين في السند بناء على انصراف متنه إلى سعة الوقت (الوسائل ٣ / ٣٦٩) وعلى كل لا بأس بالتيمم والصلاة في أول الوقت رجاء إذا احتمل استمرار العذر.

وأما الجهة الثانية : فالأرجح جواز البدار خلافا لجمع ، لأن النصوص الدالة على الضيق لا تشمل هذا الفرض. والله اعلم.

وأما الجهة الثالثة : فقد علم وجه التفصيل فيها مما سبق.

٢١

٣ ـ الفارق بين الفرد المردّد والواجب التخييري

يفترق الواجب التخييري عن المردّد أن المردّد لا يكون موضوعا لحكم شرعي ، لعدم المطابق الخارجي له ، والواجب التخييري يكون موضوعا للوجوب التخييري ، وله مطابق خارجي ، فإن الوجوب التخييري ليس قائما بالمردّد بين الخصال ، وإنما قائم بكل واحدة من الخصال ، لكن قيامه على نحو خاص بحيث يسقط عن الجميع بفعل واحدة من الخصال. وكذلك الوجوب الكفائي ، فإنه موجه إلى كل واحد من المكلفين على نحو خاص ، بحيث يسقط بامتثال واحد منهم ، وليس متعلقا بالمردّد بين أفراد المكلفين. فالواجب التخييري كل واحد من الخصال الثلاث في الكفارة ، لا أمر مردّد بينها ، وهذه الخصال الثلاث مع أن كل واحدة منها واجبة لا يجب فعلها أجمع ، لان الوجوب تعلق بها على نحو لا يقتضي فعلها أجمع ، بل يسقط عن الجميع بفعل واحدة منها. فإذا تعلقت الحوالة بالدينين على وجه التخيير اقتضت وفاء المحال عليه لأحدهما على التخيير لا جمعا ، فإذا وفى أحد الدينين بطلت الحوالة بالنسبة إلى الآخر ولم تقتض وفاءه. (المستمسك ج ١٣ / ٣٨٧).

٢٢

٤ ـ حكم المقدمات قبل الوقت

(يجوز قصد الوجوب في الغسل وان اتى به في أوّل الليل ...)

قد اشتهر الإشكال في وجوب المقدمات قبل الوقت ، من أجل أن وجوب المقدمة تابع لوجوب ذيها ، فإذا كان الوقت شرطا لوجوب الصوم كان شرطا لوجوب المقدمة ، فلا وجوب قبله ، فكيف يمكن أن ينوي الوجوب بفعل المقدمة قبل الوقت؟! ولأجل ذلك يمتنع الاتيان بالغسل قبل الوقت بنية الوجوب.

فلا بدّ في إمكان نية الوجوب به من الالتزام بكون وجوب الصوم من الوجوب المعلق ، بأن يكون الوقت شرطا للواجب ـ وهو الصوم ـ لا للوجوب ، فيكون الوجوب حاليا والواجب استقباليا.

ودعوى : أنّه إذا كان الوقت شرطا للواجب كان الواجب غير مقدور في الزمان الحالي ، لأن العجز عن الشرط فيه يستوجب العجز عن المشروط فإذا انتفت القدرة في الحال انتفى الوجوب فيه. مندفعة : بأن الزمان الاستقبالي أخذ شرطا للواجب بنحو لا يجب تحصيله ، بأن أخذ وجوده الاستقبالي الحاصل من قبل إرادة الله تعالى شرطا ، فإذا فرض حصوله بعد ذلك من قبله تعالى كان الفعل

٢٣

فيه مقدورا ، وجاز تعلق التكليف به (١).

نعم مثل هذا التكليف لا يبعث على إيجاده فعلا حالا ، وإنما يقتضي البعث إليه في وقته المعين له ، وهذا المقدار لا يوجب المنع من تعلق التكليف به فعلا عرفا أو عقلا. نظير الأمر بالمركب فإنه ينحل إلى أوامر متعددة بتعدد الأجزاء ، والأمر الضمني المتعلق بالجزء الأخير لا يقتضي البعث إليه فعلا ، ولكن لا يصح لذلك أن يقال : إن الأمر بالمركب منتف ، وإنما الأمر الفعلي هو المتعلق بالجزء الأول منه لا غير. ويكفي في صحة دعوى كونه حاليا أنه يبعث إلى فعل المقدمات قبل الوقت ، كالغسل في المقام.

أو الالتزام بالتفكيك بين الوجوب النفسي والغيري في الإطلاق والاشتراط فيكون وجوب الغسل مطلقا غير مشروط بالوقت ، ووجوب الصوم مشروطا به. لكن في معقولية ذلك إشكال ، لأن الوجوب الغيري معلول للوجوب النفسي ، فإذا كان الوجوب النفسي معلولا للشرط امتنع أن لا يكون الوجوب الغيري معلولا له ، لأن علة العلة علة.

أو الالتزام بأن الزمان اللاحق شرط للوجوب النفسي على نحو الشرط المتقدم ، ولكنه شرط للوجوب الغيري على نحو الشرط المتأخر. والاشكال السابق لا مجال له هنا ، لا مكان كون المصلحة الموجودة في المقدمة منوطة بالوقت على غير نحو إناطة مصلحة الواجب به.

__________________

(١) ويمكن ان يقال أيضا بان انتفاء القدرة في الحال لا يستلزم انتفاء الوجوب فيه كما لا يخفى.

٢٤

أو الالتزام بكون الشرط وجود الوقت الاستقبالي اللحاظي لا الخارجي فيكون الوجوب ثابتا قبله منوطا به ، لا مطلقا.

لكن هذا الالتزام وإن كان في محله ، إلّا أنه لا يدفع الاشكال ، لأن وجوب المقدمة قبل الوقت وإن كان حاصلا على نحو الاناطة بالوجود الاستقبالي ، إلّا أن الاناطة المذكورة مانعة من باعثيته إلى فعل المقدمة قبل حصول المنوط به. إلّا أن تكون الاناطة على نحو الشرط المتأخر ، فيتوجه عليه ما يتوجه على الوجه السابق من الاشكال. أو الالتزام بوجوب الغسل وجوبا تهيئيا ، لا غيريا ، ويكون هو الباعث على فعله قبل الوقت. لكن مغايرة الوجوب التهيئي للوجوب الغيري غير ظاهرة. وقد تعرضنا لهذه الوجوه في تعليقة الكفاية في مبحث وجوب التعليم.

ولو لم يتم شيء من ذلك وجب عقلا فعل الغسل قبل الوقت بنية الاستحباب. وهذا الوجوب العقلي يبعث على فعل المقدمة قبل الوقت كفعلها بعده. بل قد يجب فعلها تعيينا قبله إذا لزم من تركها فوات الواجب ، لا أنه يأتي بها بنية الوجوب الشرعي النفسي أو الغيري ، كما هو كذلك لو تم أحد الوجوه السابقة.

فلاحظه (١) (المستمسك ج ٨ / ٣٠٣ إلى ٣٠٥).

__________________

(١) الوجوه المذكورة بين كونها باطلة أو مما لا دليل عليه فاللازم هو الذهاب إلى الوجه الأخير ، فإن العقل احد أدلة الأربعة ومنه استفدنا وجوب حفظ النفس المحترمة أيضا. وقد تقدمت ذكر الوجوه المذكورة في بعض الفصول المتقدمة أيضا وتعرض للمقام صاحب الكفاية قدس‌سره في بحث الواجب المعلق.

٢٥

٥ ـ طريقية العلم الاجمالي

وخروج بعض الاطراف عن محل الابتلاء

(العلم الاجمالي كالعلم التفصيلي) يعني في كونه طريقا عند العقلاء لاثبات متعلقه بنحو تكون مخالفته معصية موجبة لاستحقاق العقاب عندهم ، والترخيص فيها ترخيصا في المخالفة للواقع المنجز فيمتنع للزوم التناقض ونقض الغرض ، بل الظاهر كونه علة تامة في وجوب الموافقة القطعية ، والتفكيك بينه وبين حرمة المخالفة القطعية في غير محله ، لأن الترخيص في أحد الأطراف ترخيص في محتمل الواقع المنجز وهو ممتنع ، كالترخيص في معلوم الواقع كذلك. غاية الأمر أن الثاني مناف لذات الخطاب ، والأوّل مناف لاطلاق الخطاب المعلوم كذات الخطاب ، كما هو موضح في محله من كتابنا حقائق الأصول فراجع (١).

__________________

(١) وإليك إيضاحه بحروفه في حقائق الأصول ج ٢ / ٤٩ و ٥٠ : ومن هنا يظهر أن ما ذكره في المتن من كونه مقتضيا للتنجز هو المختار له في محل الكلام في

٢٦

__________________

ـ المقام لكنه ليس مطابقا لما هو الحق الحقيق بالقبول ، وما ذكره في وجهه من أن مرتبة الحكم الظاهري معه محفوظة ، لا يصلح سندا له. ولا ينبغي أن يعوّل عليه ، فإن كل واحد من اطراف المعلوم بالاجمال وان كان مشكوك الحكم وبذلك يصير موضوعا للحكم الظاهري ، لكن لا بدّ من توجيه النظر إلى العلم الاجمالي وأنه علّة تامة لتنجيز متعلقه على اجماله أولا؟ فعلى الأوّل يمتنع الترخيص في اطرافه لأنه نظير الترخيص في مخالفة العلم التفصيلي ، وعلى الثاني لا مانع منه (فنقول) : لا ينبغي التأمّل في ان العلم الاجمالي ليس إلا من سنخ العلم التفصيلي موجبا لاراءة متعلقة وانكشافه انكشافا تاما لا قصور في ناحية انكشافه اصلا فإن من علم انه يجب عليه اكرام زيد بن بكر الذي لا يعرفه بعينه لا قصور في علمه بالإضافة إلى متعلقه اعني اكرام زيد بن بكر ومجرد تردده بين شخصين لا يوجب نقصا في علمه بالاضافة إلى متعلقه غاية الأمر أن علمه لم يحط بتمام الخصوصيات المانعة من التردد بين شخصين ، ومن المعلوم بشهادة الوجدان عدم دخل ذلك في المنع من منجزية العلم إذ لا ريب في أنه بمجرد حصول ذلك العلم الاجمالي يتحرك العبد نحو موافقته بطبعه وعقله ويعدّ قول المولى : لا تكرم كل واحد من الشخصين : مناقضا لما علم بحيث يحكم اجمالا فإن احد الكلامين ليس مطابقا للواقع نظير ما تقدم في العلم التفصيلي حرفا بحرف ، فلا فرق بين العلمين من هذه الجهة أصلا ، ومن هذا يظهر انه لا مجال للترخيص الظاهري في كل واحد من اطراف الشبهة لأنه راجع إلى الترخيص في المعصية الممتنع عقلا ، ومجرد كون كل واحد مشكوك الحكم لا يصححه بعد انطباق عنوان الترخيص في المعصية عليه الذي لا ريب في قبحه ، والتامّل في طريقة

٢٧

(... إلّا إذا لم يكن احدهما محلا لابتلائه فلا يجب الاجتناب عما هو محل الابتلاء أيضا ...)

قد ذكر في ملحه أن من شرائط تنجيز العلم الاجمالي للتكليف أن يكون كل من الأطراف في محل الابتلاء ، فإذا كان أحدهما خارجا عن محل الابتلاء ، لا يكون المعلوم بالاجمال متنجزا ، ولا يجب الاحتياط في الطرف الذي هو محل الابتلاء.

والوجه فيه : أن الموضوع الخارج عن محل الابتلاء مما لا يصح اعتبار التكليف والتحميل من الخطاب بالاجتناب عنه ، ولأجل ذلك لا يحسن أن يخاطب به ، لأن الغرض من الخطاب إحداث الداعي العقلي في نفس العبد ، على نحو يرى نفسه لأجل الخطاب بالاجتناب مكلفا ومثقلا به ، ومشغول الذمة والعهدة ، وهذه الاعتبارات غير حاصلة بالنسبة إلى ما هو خارج عن الابتلاء. فهذا الشرط في الحقيقة راجع إلى كونه شرطا في اشتغال الذمة لا شرطا للتكليف (١).

__________________

ـ العقلاء ، يوجب ، وضوح ما ذكرنا بما لا مزيد عليه فالمعول عليه حينئذ انه علة تامة للتنجز بحيث لا يتوقف على وجود شرط أو فقد مانع اصلا ، وعدم وجوب الاحتياط في الشبهة غير المحصورة كان من جهة عدم فعلية التكليف لعدم الابتلاء أو نحوهما ...

أقول : ما افاده قدس‌سره متين. فراجع حقائق الاصول.

(١) أعلم أن سيدنا الاستاذ الخوئي رضى الله عنه انكر في الدرس ـ في شرح هذا المقام

٢٨

وتوضيح ذلك : أن انتفاء التكليف (تارة) : لعدم المقتضي ، كما في المباحات الخالية عن المفسدة. (واخرى) : لوجود المانع ، كما إذا كان الشيء فيه

__________________

ـ انحلال العلم الاجمالي بخروج أحد الطرفين عن محل الابتلاء ، وذكر في وجهه أن العلم الاجمالي ليس بنفسه علة في تنجيز متعلقه ، وانما تنجيزه مستند إلى تساقط الاصول في اطرافه بالمعارضة وإذا كانت الاطراف مقدورة له عقلا ولو بواسطة أو وسائط فمجرد خروج بعضها عن محل الابتلاء بالفعل مع التمكن منه عقلا غير مستلزم لانحلاله بوجه. وذلك لان جريان الاصل في كلا الطرفين مستلزم للترخيص في المخالفة القطعية وفي احدهما ترجيح من غير مرجح. ولاحظ (التنقيح ج ٢ / ١٧٥ و ١٧٦).

أقول : والاظهر أنّ وجوب الاجتناب عن الطرفين مستند إلى نفس العلم الاجمالي وان مجرد القدرة على امر لا يكفي لتنجز الخطاب بعد فرض قبحه عرفا بخروجه عن محل الابتلاء كما افاده سيدنا الاستاذ الماتن رضى الله عنه.

لا يقال : قد تقدم من السيّد الاستاذ الماتن في حكم ملاقي الشبهة المحصورة ان فقد الملاقي ـ بالفتح ـ لا يوجب عدم جريان الاصل فيه لاثبات طهارة الملاقي ـ بالكسر ـ بل يجري ويتعارض مع الأصل الجاري في الطرف الآخر. وان شئت فقل : الفقدان غير مانع من جريان الأصل في المفقود إذا كان الأثر المقصود منه ثابتا لموضوع موجود. أليس هذا منافيا لما ذكره هنا؟

فانه يقال : الحكم بطهارة الماء المهروق مثلا لا قبح فيه إذا كان لها اثر فعلي. وأما الامر بالاجتناب فعلا عن ماء مهروق أو شيء آخر خارج عن محل الابتلاء فهو قبيح عرفا. فالقبيح ليس مجرد اعتبار لمعدوم بل الاعتبار الباعث والزاجر إلى ما فقد وعدم.

٢٩

مفسدة ، ولكن فيه مصلحة مزاحمة لها وتشترك الجهتان في أن انتفاء التكليف لقصور فيه وفي ملاكه ، ولا فرق في المصلحة المزاحمة بين أن تكون نفسية ، بأن كان ينطبق على الحرام عنوان واجب وأن تكون غيرية ، بأن كان الحرام مقدمة لواجب ، كما في موارد الاضطرار إلى الحرام. أما إذا كانت المصلحة ليست موجودة في نفس الحرام ، بل كانت في ضده ، كان المورد من موارد التزاحم ، ودخل في حكم مسألة الضد التي لا قصور في حصول الملاك في كل من الطرفين فيها.

(وثالثة): لقصور في المكلّف كما في موارد انتفاء القدرة (١) ، فإن الموضوع وان كان مشتملا على مفسدة بلا مزاحم ، إلّا أن العجز عنه مانع عن حدوث التكليف به وان كان التكليف واجدا لملاكه.

(ورابعة): يكون لقصور في المكلف به لخروجه عن محل الابتلاء. وتشترك هاتان الجهتان الاخيرتان في أن دخلهما في الحقيقة في باعثية التكليف لا في ذاته ، وبخلافهما الجهتان الأولتان ، فإن دخلهما في ذاته. فالدخول في محل الابتلاء والقدرة ليس لهما دخل في ذات التكليف ، وانما دخلهما في الاشتغال

__________________

(١) قد تكون القدرة دخيلة في ملاك التكليف ، فليس العجز دائما قصورا في المكلف فقط ، بل قد يكون قصورا في المكلّف به ، وعلى كل اعتبار كون الطرفين في الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالي محلا للابتلاء إنّما يتم إذا فرضنا الخطاب بالمكلف به الخارج عن محل الابتلاء قبيحا عند العرف ، فإنه هو الملاك دون القدرة وعدمها.

٣٠

والثبوت في العهدة فينتفي ذلك عند انتفاء أحدهما ، وإن كان التكليف بحاله. نظير وجود الحجة على التكليف ، فكما أنه لا يتوقف عليه التكليف نفسه ، وانما يتوقف عليه اشتغال الذمة به ، كذلك الدخول في محل الابتلاء والقدرة ، فالخطاب بالاجتناب عن النجس نسبته إلى الداخل في الابتلاء وغيره والمقدور وغيره ، نسبة واحدة ، وكما أنه حاك عن الكراهة في الأول منهما حاك عنها في الثاني أيضا ، فهما لا يختلفان من حيث تعلق التكليف ، وانما يختلفان من حيث أن العلم بالتكليف موجب في الأوّل منهما للاشتغال ، بحيث يرى المكلف نفسه في كلفة وعهدة مشغولة ، وليس كذلك في الثاني بل يكون حاله بعد العلم حاله قبل العلم.

فإن قلت : الخارج عن الابتلاء خارج عن القدرة ، فشرطية عدم الخروج عن الابتلاء في تنجيز العلم الاجمالي راجع إلى شرطية القدرة على كل من الطرفين ، فما الوجه في جعله مقابلا له؟ (قلت) : ما ذكر ممنوع فان البعد الموجب لخروج الشيء عن محل الابتلاء للمكلف لا يوجب سلب قدرته عليه ، لأن المقدور بالواسطة مقدور. ولذا صح التكليف بالحج لأهل الصين ، ولا يصح نهيهم عن استعمال الاناء الذي في مكة ، إذا لم يكونوا في مقام السفر إلى الحج. أما إذا كانوا في مقام السفر إلى الحج كان الاناء الذي في مكة محل ابتلائهم ، فيصح نهيهم عنه.

هذا وإذا عرفت أن خروج بعض أطراف المعلوم بالاجمال عن محل الابتلاء مانع من تنجيز العلم لذلك المعلوم بالاجمال ، يكون الطرف الآخر المعلوم بالاجمال من قبيل الشبهة البدوية ، فيتعين الرجوع فيه إلى الأصل الموضوعي أو

٣١

الحكمي.

ثم إنه إذا شك في حصول شرط القدرة أو كون محل الابتلاء ، فاطلاق الخطاب لا يصلح لنفي الشك المذكور ، لأن منع العجز والخروج عن محل الابتلاء عن التكليف ليس شرعيا (١) بل هو عقلي ، فلخطاب الشرعي لا ينفيه ولا يتعرض له بوجه ، فمع الشك في المانعين المذكورين ونحوهما ، لا مجال للرجوع إلى إطلاق الخطاب. نعم الأصل العقلائي يقتضي الاحتياط حينئذ (٢).

__________________

(١) يمكن بأن يقال بان القدرة شرط شرعي في عامة التكاليف الشرعية ، استنادا إلى قوله تعالى : (لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) (الأنعام : ٥٢ ـ الأعراف : ٤٢ ـ المؤمنون : ٦٢) وقوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) (البقرة : ٢٨٦) وما شابهها من الآيات الكريمة وان ترك الاصوليون الاستدلال بها إلّا أن يدعى أنها ترشد إلى حكم العقل. لكنه غير واضح.

(٢) إذا كلّف احد بشيء وشك في قدرته عليه لا يجوز له ترك الامتثال لاجل الشك في القدرة ، بل لا بدّ له من احراز عجزه ببناء العقلاء كما افاده سيدنا الحكيم قدس‌سره ومن تأمل في سيرة العقلاء وبناء العرف العام بين الآمرين والمأمورين يصدّق ما قلناه. وقال قدس‌سره في محل آخر (المستمسك ج ٤ / ٣٦١).

: وإما لقاعدة الشك في القدرة المقتضية للاحتياط ، لأن الشك في ضيق الوقت يرجع إلى الشك في القدرة على الصلاة بالطهارة المائية وعدمها ، وقد تقدمت الاشارة إلى أن الشك في القدرة على الواجب يقتضي الاحتياط في فعله إمّا لبناء العقلاء عليه ، أو لعموم ما دلّ على وجوبه المقتصر في الخروج عنه على القدر المتيقن ، وهو فرض العلم بالعجز دون العجز الواقعي على ما هو القاعدة في الشبهة المصداقية إذا كان المخصص لبيا. انتهى كلامه.

٣٢

فإن قلت : إذا خرج بعض أطراف الشبهة عن محل الابتلاء فقد شك في خروج المعلوم بالاجمال عن محل الابتلاء ، ويجب الاحتياط حينئذ في الفرد الذي هو محل الابتلاء (قلت) : الشك في مثل الفرض ليس موضوعا لأصالة الاحتياط العقلائية المتقدمة ، لاختصاصها بصورة الشك البدوي في الخروج عن محل الابتلاء ، فلا تشمل مثل الفرض فلاحظ (١). نعم بناء على أن المرجع الاطلاق يشكل الفرق بين الفرضين. ومثله الكلام مع خروج بعض الاطراف عن القدرة. اللهم إلّا أن يقال : الاطلاق حجة عند الشك في أصل التخصيص بنحو الشبهة البدوية ، لا في مثل الفرض مما علم فيه بوجود الخاص وشك في انطباقه على الموارد. (المستمسك ج ١ / ٤٥٠ ـ ٤٥٤).

__________________

(١) وجه الملاحظة عدم وضوح الاختصاص المذكور والاحتياط طريقه واضح.

٣٣

٦ ـ ملاقي الشبهة المحصورة

(ملاقي الشبهة المحصورة لا يحكم عليه بالنجاسة لكن الاحوط الاجتناب).

هذا (يعني عدم الحكم بالنجاسة) مما لا ينبغي الاشكال فيه ، إذ لا وجه له مع احتمال طهارة ما لاقاه ، ومجرد وجوب الاجتناب عنه من باب المقدمة العلمية لا يوجب نجاسته ولا نجاسة ملاقيه. نعم قيل بوجوب الاجتناب عنه كالاصل الذي لاقاه. والعمدة فيه انه طرف للمعلوم بالاجمال ، فانه يعلم اما بنجاسته أو نجاسة الطرف الآخر ، فيكون الحال كما لو قسّم احد الإناءين إلى قسمين (١) فانه

__________________

(١) ومثل التقسيم إلى إناءين في وجوب الاجتناب عنهما ، ما إذا وقعت قطرة من أحدهما في ظرف ماء آخر حيث يجب الاجتناب عن الأطراف الثلاثة ، ضرورة عدم محكومية ماء واحد بحكمين. وكذا ما إذا وقعت قطرة أو قطرات من بعض الاطراف المحكوم عليها بوجوب الاجتناب ، على اليد أو اللباس أو شيء آخر

٣٤

كما يعلم اجمالا بنجاسة القسمين أو الطرف الآخر ، يعلم اجمالا بنجاسة المتلاقيين أو الطرف الآخر ، فيجب الاجتناب عن الملاقي ـ بالكسر ـ كالملاقي ـ بالفتح. وقد يدفع ـ كما في كلام شيخنا الأعظم قدس‌سره ـ بأنّ نجاسة الملاقي لمّا كانت متفرعة على نجاسة الملاقي ـ بالفتح ـ الذي هو طرف العلم الاجمالي فالاصل الجاري فيه مسببي ، والأصل الجاري في الملاقي ـ بالفتح ـ سببي والأصل السببي مقدم رتبة على الأصل المسببي ، ففي رتبة الأصل المسببي لا معارض له ، لأن ما يتوهم معارضته له هو الأصل الجاري في طرف الملاقي ـ بالفتح ـ وهو الاناء الثالث ، والمفروض سقوطه بالمعارضة في الرتبة السابقة مع الأصل الجاري في الملاقي ـ بالفتح ـ وإذ لا معارض له لا مانع من جريانه ، ومقتضاه الطهارة وجواز الارتكاب.

لكن فيه : أن هذا مبني على أن المانع من جريان الأصل المرخص في طرف العلم الاجمالي هو المعارضة ، وقد عرفت أنه خلاف التحقيق ، بل المانع

__________________

ـ ما دام لم تيبس القطرة وكانت باقية فإن هذه القطرة كانت محكومة بوجوب الاجتناب ولم يطرأ عليه ما يزيله ، فإذا يبست فلا يجب الاجتناب عن محلهما. فإن مقتضى القاعدة في هذين الموردين الاجتناب وإن لا اتذكر عاجلا من تعرّض لهما. وكذا لو فرضنا شيئين لاقى احدهما طرفا ولاقى ثانيهما طرفا آخر من المشتبهين بالعلم الاجمالي ، فإنه يجب الاجتناب عن كليهما كالاصلين لتولد علم إجمالي آخر بنجاسة أحد الملاقيين زائدا على العلم الاجمالي الأوّل. والله أعلم.

٣٥

نفس العلم من جهة اقتضائه تنجيز متعلقه المردد بن الاطراف ، فالترخيص في ارتكاب طرف منها مخالفة لمقتضى العلم ، وذلك يؤدي إلى احتمال التناقض (١).

وقد يدفع أيضا ـ كما في كلام غير واحد من الأعيان ـ : بأن العلم الاجمالي القائم بين الملاقي ـ بالكسر ـ وطرف الملاقي ـ بالفتح ـ ناشئ من العلم الاجمالي القائم بين الاصلين ، ففي الرتبة السابقة يكون ذلك العلم منجزا للطرفين ، فيكون العلم الثاني قائما بين طرفين أحدهما منجز بالعلم الأوّل ، فينحل بذلك العلم الثاني ، ويمتنع أن ينجز متعلقه لاحتمال انطباقه على ما هو متنجز بالعلم الأوّل ، وإذا سقط العلم الثاني عن المنجزية كان الفرد الملاقي ـ بالكسر ـ بلا منجز ، فلا مانع من الرجوع إلى الأصل فيه.

لكن فيه : أن العلم بنجاسة الملاقي ـ بالكسر ـ وطرف الملاقي ـ بالفتح ـ ليس منجزا ، لعدم تعلقه بالحكم ، بل بالموضوع ، وكذلك العلم بنجاسة أحد الأصلين فإنه أيضا غير منجز لتعلقه بالموضوع ، وإنما المنجز العلم بوجوب الاجتناب عن أحد الأصلين المتولد من العلم بالنجاسة في أحدهما ، والعلم بوجوب الاجتناب عن أحد الأمرين من الملاقي ـ بالكسر ـ وطرف الملاقي ـ بالفتح ـ المتولد من العلم بنجاسة أحدهما ، والعلم بالوجوب في المورد الثاني ليس متولدا من العلم به في المورد الأوّل ، فلا ترتب بينهما ، وإنما الترتب بين علتيهما وهما العلمان بالموضوع لكنهما لا أثر لهما ، ترتبا أو لم يترتبا.

__________________

(١) كما نقله في حقائق الأصول ج ٢ / ٢٨٣.

٣٦

وقد يدفع أيضا ـ كما في كلام الاستاذ قدس‌سره في كفايته (١) ـ : بأن العلم الذي أحد طرفيه الملاقي ـ بالكسر ـ متأخّر عن العلم الذي أحد طرفيه الملاقي ـ بالفتح ـ فيكون حادثا بعد تنجز طرفي العلم السابق ، فيكون أحد طرفيه متنجزا قبل حدوثه ، فينحل بذلك ويسقط عن التأثير (٢).

وقد يشكل : بأنه إنما يتم لو بني على أن العلم بحدوثه يوجب تنجز المعلوم إلى الأبد ، لكنه خلاف التحقيق ، وإلّا لزم بقاء التنجز ولو ارتفع العلم ، كما لو طرأ الشك الساري ، أو علم بالخطإ ، ولكنه خلاف المقطوع به ، فلا بدّ أن يكون التنجز منوطا بالعلم حدوثا وبقاء ، فبحدوث العلم يتنجز المعلوم ، وببقائه يبقى التنجز ـ كما أشرنا إلى ذلك كله آنفا ـ وحينئذ فلا أثر لسبق أحد العلمين ، فإن السابق إنما

__________________

(١) في الجزء الثاني في مبحث العلم الاجمالي ، وله (أي صاحب الكافية رضى عنه الله) تفصيل ثلاثي في المقام كما يأتي اختياره من السيّد الاستاذ الماتن قدس‌سره وهو الاظهر.

(٢) لاحظ ما ذكره سيدنا الاستاذ الخوئي قدس‌سره في هذا المقام في مصباح الاصول ٢ / ٤١٠. وفيه (٢ / ٤١٤) ثلاثة امثلة :

١ ـ علمنا إجمالا بوقوع النجاسة في أحدهما وكان أحدهما محكوما بالنجاسة لأجل الاستصحاب فلا يتنجز لعدم المعارض لاصالة الطهارة في الآخر.

٢ ـ إذا كان مجرد الشك منجزا للتكليف في بعض الأطراف كما لو علم اجمالا بعدم اتيان العصر أو المغرب (في الليل) فيرجع بالنسبة إلى صلاة العصر إلى قاعدة الحيلولة أو اصالة عدم وجوب القضاء لانه بفرض جديد.

٣ ـ علمنا بنجاسة أحد الماءين ثم علمنا بوقوع نجاسة فيهما أو إناء ثالث.

٣٧

ينجز في الزمان السابق ، فإذا حدث العلم الثاني يكون استناد التنجز في الاصلين ـ اللذين يكون أحدهما طرف للعلم الثاني ـ إلى خصوص الأوّل ترجيحا بلا مرجح ، فلا بدّ أن ينجزا معا ، وتكون الحال كما لو علم بنجاسة إناءين أو نجاسة إناء ثالث ، فكما يجب الاجتناب عن الجميع هنا ، كذلك يجب الاجتناب عن المتلاقيين والطرف الثالث جميعا فيما نحن فيه.

هذا ويمكن دفع هذا الاشكال : بأن إناطة التنجز بالعلم حدوثا وبقاء غاية ما تقتضيه أن التنجز في حال حدوث العلم الثاني مستند إلى وجود العلم فى ذلك الآن ، لكن هذا المقدار لا يوجب الحاق الفرض بما لو علم بنجاسة اناءين أو إناء ثالث ، إذ في هذا الفرض لما كان أحد العلمين سابقا والآخر لاحقا ، كان السابق موجبا لانحلال اللاحق به ، وسقوطه عن التأثير ، بخلاف فرض اقتران العلمين ، فإنه يمتنع أن ينحل أحدهما بالآخر ، لانه ترجيح بلا مرجح ، فإن انحلال أحد العلمين بالعلم الآخر بحيث يسقط العلم المنحل عن التأثير ليس حقيقيا ، بل هو حكمي ـ كما أشرنا إليه في بعض المباحث السابقة ـ وليس عقليا ، بل هو عقلائي لأن البرهان المذكور في الاستدلال على كونه عقليا مدخول فيه ، إذ لا مانع من كون كل من العلمين منجزا لمتعلقه واحتمال انطباقهما على فرد واحد لا يقدح في ذلك ، بل يكون من باب اجتماع علتين على معلول واحد ، فيستند الاثر إليهما معا. كما لو اقترن العلمان.

ودعوى : أن التنجز في صورة الاقتران مستند إلى علم ثالث وهو القائم بين طرفين وطرف ثالث. (فيها) : أن هذا العلم عين العلمين لانحلاله إليهما ،

٣٨

فيكون حاله بالنسبة إليهما حال الكل بالنسبة إلى أجزائه ، كما يظهر بالتأمّل. فالانحلال في جميع موارده ليس عقليا ، بل هو عقلائي بمعنى أن العقلاء لا يرون اللاحق حجة على مؤداه ، بل يرون السابق هو الحجة لا غير. ولا مانع من الالتزام به في المقام ، فإنه الذي بنى عليه العقلاء. فإذا كان العلم السابق هو المنجر للاصلين الذين أحدهما طرف الملاقي ـ بالفتح ـ يكون العلم اللاحق حادثا ، وأحد طرفيه منجزا سابقا ، فينحل ، ولا يجب الاحتياط في الطرف الآخر ، وهو الملاقي ـ بالكسر ـ بل يرجع فيه إلى أصل الطهارة. ولو بني على الاشكال في الانحلال فيما نحن فيه اشكل الامر في موارد الانحلال الذي لا يكون بين العلم السابق واللاحق ترتب عقلي.

وبالجملة : بعد ما كان الاناء الثالث الذي هو طرف الملاقي ـ بالفتح ـ متنجزا بالعلم الإجمالي بالتكليف بينهما ، وكان باقيا على تنجزه إلى زمان حصول العلم الثاني القائم بينه وبين الملاقي ـ بالكسر ـ لا يكون العلم الثاني منجزا له عند العقلاء ، لا ضمنا ولا استقلالا ، بل يستند بقاء تنجزه إلى العلم الأوّل المنجز له سابقا ، فيكون الملاقي ـ بالكسر ـ بلا منجز.

وعلى هذا يتعين الفرق بين صورة حدوث العلم الذي أحد طرفيه الملاقي ـ بالكسر ـ بعد العلم الذي أحد طرفيه الملاقي ـ بالفتح ـ وبين صورة تقدمه عليه وبين صورة اقترانهما. ففي الاولي : لا يجب الاجتناب عن الملاقي ـ بالكسر ـ لما ذكر. وفي الثانية : لا يجب الاجتناب عن الملاقي ـ بالفتح ـ لأن طرفه قد تنجز بالعلم السابق ، فالعلم القائم به لا ينجز. وفي الثالثة : يجب الاجتناب عنهما ، لأن

٣٩

استناد تنجز الطرف الثالث إلى أحد العلمين دون الآخر بلا مرجح فيستند إليهما معا. ويكون الحال كما لو قسم أحد الإناءين قسمين. كما في ص ٣٠٦ ج ٢ حقائق الاصول تبعا لصاحب الكفاية.

ودعوى : الفرق بينهما بعدم الترتب بين العلمين في مثال القسمة. بخلاف ما نحن فيه. فإن العلمين فيه مترتبان ، لأن نجاسة الملاقي ـ بالكسر ـ ناشئة من نجاسة الملاقي ـ بالفتح ـ (قد عرفت) اندفاعها ، فإنه لا ترتب بين العلمين المتعلقين بوجوب الاجتناب عن المعلوم ، إذ ليس وجوب الاجتناب عن الملاقي ـ بالكسر ـ مترتبا على وجوب الاجتناب عن الملاقي ـ بالفتح ـ ولما لم يكن بينهما ترتب لم يكن أحدهما موجبا لانحلال الآخر مع الاقتران ، وإلا كان بلا مرجح. نعم العلم بنجاسة أحد الاصلين متقدم رتبة على العلم بنجاسة الملاقي ـ بالكسر ـ أو طرف الملاقي ـ بالفتح ـ إلّا أن كلا منهما لما كان عملا بالموضوع لم يكن منجزا على كل حال.

فان قلت : إذا كان العلم الاجمالي الذي طرفه الملاقي ـ بالكسر ـ متقدما زمانا على العلم الذي طرفه الملاقي ـ بالفتح ـ فهذا العلم المتأخر وان كان بوجوده متأخرا. إلّا أن الميزان في منجزية العلم كونه طريقا وكاشفا ومقتضى ذلك ملاحظة زمان المعلوم ، فإذا كان سابقا لزم ترتيب الأثر من ذلك الزمان. دون زمان حدوثه. فلو علم بنجاسة أحد الإناءين يوم السبت ، ثم يوم الأحد علم اجمالا بوقوع نجاسة يوم الجمعة في واحد معين من ذينك الاثنين ، أو في إناء ثالث يكون التنجز في يوم السبت مستندا إلى العلم الحاصل فيه ، فإذا جاء يوم الأحد يستند التنجز

٤٠