التفسير القيّم

ابن القيّم الجوزيّة

التفسير القيّم

المؤلف:

ابن القيّم الجوزيّة


المحقق: الشيخ إبراهيم محمّد رمضان
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار ومكتبة الهلال للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٩٦

والظاهر : أن المراد أنشأهن الله في الجنة إنشاء. ويدل عليه وجوه :

أحدها : أنه قد قال في حق السابقين (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ بِأَكْوابٍ) ـ إلى قوله ـ (كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ) فذكر سدرهم ، وآنيتهم ، وشرابهم ، وفاكهتهم وطعامهم ، وأزواجهم من الحور العين. ثم ذكر أصحاب الميمنة ، وطعامهم ، وشرابهم ، وفرشهم ، ونساءهم. والظاهر أنهن مثل نساء من قبلهم ، خلقن في الجنة.

الثاني : أنه سبحانه قال : (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً) وهذا ظاهر : أنه إنشاء أول لا ثان. لأنه سبحانه حيث يريد الإنشاء الثاني يقيده بذلك ، كقوله : ٥٣ : ٤٧ (وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى) وقوله : ٥٦ : ٦٢ (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى).

الثالث : أن الخطاب بقوله : (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً) إلى آخره : للذكور والإناث. والنشأة الثانية أيضا عامة للنوعين. قوله : (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً) ظاهره اختصاصهن بهذا الإنشاء.

وتأمل تأكيده بالمصدر. والحديث لا يدل على اختصاص العجائز المذكورات بهذا الوصف ، بل يدل على مشاركتهن للحور العين في هذه الصفات المذكورة. فلا يتوهم انفراد الحور العين عنهن بما ذكر من الصفات ، بل هن أحق به منهن فالإنشاء واقع على الصنفين. والله اعلم.

وقوله : «عربا» جمع عروب. وهن المتحببات إلى أزواجهن. قال ابن الاعرابي : العروب من النساء : المطيعة لزوجها ، المتحببة إليه.

وقال أبو عبيدة : العروب الحسنة التبعّل.

قلت : يريد حسن موافقتها وملاطفتها لزوجها عند الجماع.

وقال المبرد : هي العاشقة لزوجها. وأنشد للبيد :

وفي الحدوج عروب غير فاحشة

ربّا الروادف يعشى دونها البصر

٥٢١

وذكر المفسرون في تفسير العرب : أنهن العواشق ، المتحببات ، الغنجات ، الشّكلات ، المتعشقات ، الغلمات ، المغنوجات. كل ذلك من ألفاظهم. وقال البخاري في صحيحه «عربا» مثقلة ، واحدها : عروب ، مثل صبور وصبر. تسميها أهل مكة العربة وأهل المدينة : الغنجة. وأهل العراق : الشّكلة. والعرب المتحببات الى أزواجهن» هكذا ذكره في كتاب بدء الخلق.

وقال في كتاب التفسير في سورة الواقعة! عربا مثقلة ـ أي مضمومة الراء ـ واحدها عروب. مثل صبور وصبر. تسميها أهل مكة : العربة ، وأهل المدينة الغنجة ، وأهل العراق : الشكلة.

قلت : فجمع سبحانه بين حسن صورتها وحسن عشرتها. وهذا غاية ما يطلب من النساء ، وبه تكمل لذة الرجل بهن.

وفي قوله : (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ) إعلام بكمال اللذة بهن. فإن لذة الرجل بالمرأة التي لم يطأها سواه لها فضل على لذته بغيرها. وكذلك هي أيضا.

قول الله تعالى ذكره :

(فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٧٤))

اللفظ المؤلف من الزاى والياء والدال ـ مثلا ـ له حقيقة متميزة متحصلة ، فأستحق أن يوضع له لفظ يدل عليه ، لأنه شيء موجود في اللسان ، مسموع بالأذان. فاللفظ المؤلف من همزة الوصل والسين والميم : عبارة عن اللفظ المؤلف من الزاى والياء والدال ، مثلا.

واللفظ المؤلف من الزاى والياء والدال : عبارة عن الشخص الموجود في الأعيان والأذهان.

٥٢٢

وهذا المسمى والمعنى. واللفظ الدال عليه ، الذي هو الزاى والياء والدال : هو الاسم.

وهذا اللفظ أيضا قد صار مسمى ، من حيث كان لفظ الهمزة والسين والميم : عبارة عنه.

فقد بان لك أن «الاسم» في أصل الوضع ليس هو المسمى. ولهذا تقول : سميت هذا الشخص بهذا الاسم ، كما تقول : حلّيته بهذه الحلية. والحلية غير المحلى ، فكذلك الاسم غير المسمى. وقد صرح بذلك سيبويه. وأخطأ نسب إليه غير هذا ، وادعى أن مذهبه : اتحادهما.

والذي غرّ من ادعي ذحك : قوله : الأفعال أمثلة ، أخذت من لفظ أحداث الأسماء. وهذا لا يعارض نصه قبل هذا. فإنه نص على أن الاسم غير المسمى. فقال «الكلم اسم ، وفعل ، وحرف» فقد صرح بأن الاسم كلمة. فكيف تكون الكلمة هي المسمى. والمسمى شخص؟ ثم قال بعد هذا : تقول سميت زيدا بهذا الاسم ، كما تقول : علمته بهذه العلامة.

وفي كتابه قريب من ألف موضع : أن الاسم هو اللفظ الدال على المسمى. ومتى ذكر الخفض أو النصب ، أو التنوين ، أو اللام ، أو جميع ما يلحق الاسم من زيادة ونقصان ، وتصغير وتكبير ، وإعراب وبناء ـ فذلك كله من عوارض الاسم : تعلق لشيء من ذلك بالمسمى أصلا. وما قال نحوي قط ولا عربي : إن الاسم هو المسمى. ويقولون : أجل مسمى. ولا يقولون أجل اسم. ويقولون : مسمى هذا الاسم كذا. ولا يقول أحد : اسم هذا الاسم ، ويقولون : هذا مسمى بزيد. ولا يقولون : هذا الرجل اسم زيد. ويقولون : باسم الله ، ولا يقولون : بمسمى الله. وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «لي خمسة أسماء» ولا يصح أن يقال : لي خمس مسميات. وقال : «فتسموا باسمي» ولا يصح أن يقال : تسموا بمسمياتي. وقال «لله تسعة وتسعون اسما» ولا يصح أن يقال : لله تسعة وتسعون مسمى.

٥٢٣

وإذا ظهر الفرق بين الاسم والمسمى. فبقي هاهنا التسمية. وهي التي اعتبرها من قال : باتحاد الاسم والمسمى. والتسمية : عبارة عن فعل المسمّي ووضعه الاسم للمسمّي ، كما أن التحلية : عبارة عن فعل المحلّى ، ووضعه الحلية على المحلّى.

فهنا ثلاث ، حقائق : اسم ومسمى ، وتسمية ، كحلية ، ومحلّى ، وتحلية. وعلامة ومعلم ، وتعليم. ولا سبيل إلى جعل لفظين منها مترادفين على معنى واحد ، لتباين حقائقها. وإذا جعلت الاسم هو المسمى : بطل واحد من هذه الحقائق الثلاث ولا بد.

فإن قيل : فحلوا لنا شبهة من قال : باتحادهما ليتم الدليل. فإنكم أقمتم الدليل فعليكم الجواب عن المعارض.

فمنها : أن الله وحده هو الخالق ، وما سواه مخلوق. فلو كانت أسماؤه غيره لكانت مخلوقة. وللزم أن لا يكون له اسم في الأزل ، ولا صفة. لأن أسماءه صفات. وهذا هو السؤال الأعظم ، الذي قاد متكلمي الإثبات الى أن يقولوا : الإسم هو المسمى. فما عندكم في دفعه؟

والجواب : أن منشأ الغلط في هذا الباب من إطلاق اللفظة مجملة لمعنيين. صحيح وباطل. فلا ينفصل النزاع إلا بتفصيل تلك المعاني ، وتنزيل ألفاظها عليها. ولا ريب أن الله تبارك وتعالى لم يزل ولا يزال موصوفا بصفات الكمال المشتقة أسماؤه منها. فلم يزل بأسمائه وصفاته : رب واحد ، وإله واحد ، له الأسماء الحسنى والصفات العلا. وأسماؤه وصفاته داخلة في مسمى اسمه ، وإن كان لا يطلق على الصفة أنها إله يخلق ويرزق. فليست صفاته وأسماؤه غيره. وليست هي نفس الإله ، وبلاء القوم من لفظة «الغير» فإنها يراد بها معنيين.

أحدهما : المغاير لتلك الذات المسماة بالله. وكل ما غاير الله مغايرة محضة بهذا الاعتبار. فلا يكون إلا مخلوقا.

٥٢٤

ويراد بها : مغايرة الذات إذا خرجت عنها. فإذا قيل : علم الله ، وكلام الله غيره : وعنى أنه غير الذات المجردة عن العلم ، والكلام : كان المعنى صحيحا. ولكن الإطلاق باطل. وإذا العلم والكلام مغاير لحقيقته المختصة التي امتاز بها عن غيره : كان باطلا لفظا ومعنى.

وبهذا أجاب أهل السنة المعتزلة القائلين بخلق القرآن ، وقالوا : كلامه تعالى داخل في مسمى اسمه. ف «الله» اسم للذات الموصوفة بصفات الكمال. ومن تلك الصفات : صفة الكلام ، كما أن علمه وقدرته وحياته ، وسمعه وبصره : غير مخلوقة. وإذا كان القرآن كلامه ، وهو صفة من صفاته. فهو متضمن لأسمائه الحسنى. فإذا كان القرآن غير مخلوق ، ولا يقال : إنه غير الله ، فكيف يقال : إن بعض ما تضمنه ـ وهو أسماؤه ـ مخلوقة ، وهي غيره؟

فقد حصحص الحق بحمد الله وانحسم الإشكال ، وبان أسماءه الحسنى التي في القرآن من كلامه. وكلامه غير مخلوق. ولا يقال : هو غيره ، ولا هو هو.

وهذا المذهب مخالف لمذهب المعتزلة الذين يقولون : أسماؤه تعالى غيره. وهي مخلوقة ، ولمذهب من رد عليهم ممن يقول : اسمه نفس ذاته ، لا غيره.

وبالتفصيل تزول الشبه ويتبين الصواب والحمد لله.

حجة ثانية لهم : قالوا : قال تبارك وتعالى : ٥٥ : ٧٨ (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ) و ٧٣ : ٨ (اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ) و ٨٧ : ١ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى).

وهذه الحجة عليهم في لا لهم الحقيقة. لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم امتثل هذا الأمر ، وقال : «سبحان ربي الأعلى ، سبحان ربي العظيم» ولو كان الأمر كما زعموا لقال : سبحان اسم ربي العظيم.

٥٢٥

ثم إن الأمة كلهم لا يجوز أحد منهم أن يقول : عبدت اسم ربي ، ولا سجدت لاسم ربي ، ولا ركعت لاسم ربي ، ولا اسم ربي ارحمني. وهذا يدل على أن الأشياء متعلقة بالمسمى ، لا بالاسم.

وأما الجواب عن تعلق الذكر والتسبيح المأمور به ب «اسم» فقد قيل فيه : إن التعظيم والتنزيه إذا وجب للمعظم قد تعظم ما هو من سببه ، ومتعلق به ، كما يقال : سلام على الحضرة العالية ، والباب السامي ، والمجلس الكريم. ونحوه. وهذا جواب غير مرض لوجهين.

أحدهما : أن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يفهم هذا المعنى ، وإنما قال «سبحان ربي» فلم يعرج على ما ذكرتموه.

الثاني : أنه يلزمه أن يطلق على الاسم التكبير والتحميد والتهليل ، وسائر ما يطلق على المسمى ، فيقال : الحمد لاسم الله. ولا إله إلا اسم الله ، ونحوه. وهذا مما لم يقله أحد.

بل الجواب الصحيح : أن الذكر الحقيقي حله القلب ، لأنه ضد النسيان. والتسبيح نوع من الذكر. فلو أطلق الذكر والتسبيح لما فهم منه إلا ذلك ، دون اللفظ باللسان. والله تعالى أراد من عباده الأمرين جميعا ، ولم يقبل الإيمان وعقد الإسلام إلا باقترانهما واجتماعهما.

فصار معنى الآيتين : سبح ربك بقلبك ولسانك. واذكر ربك بقلبك ولسانك. فأقحم الاسم تنبيها على هذا المعنى. حتى لا يخلو الذكر والتسبيح من اللفظ باللسان : لأن ذكر القلب متعلقه المسمى المدلول عليه بالاسم ، دون ما سواه. والذكر باللسان : متعلقه اللفظ مع مدلوله. لأن اللفظ لا يراد لنفسه. فلا يتوهم أحد أن اللفظ هو المسبح ، دون ما يدل عليه من المعنى.

وعبر لي شيخنا أبو العباس ابن تيمية قدس الله روحه عن هذا المعنى

٥٢٦

بعبارة لطيفة وجيزة ، فقال : المعنى سبح ناطقا باسم ربك ، متكلما به. وكذا سبح اسم ربك : المعنى : سبح ربك ذاكرا اسمه.

وهذه الفائدة تساوي رحلة ، ولكن لمن يعرف قدرها. فالحمد لله المنان بفضله ونسأله تمام نعمته.

حجة ثالثة لهم : قالوا : قال تعالى : ١٢ : ٤٠ (ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها) وإنما عبدوا مسمياتها.

والجواب : أنه كما قلتم : إنهم إنما عبدوا المسميات ، ولكن من أجل أنهم نحلوها أسماء باطلة ، كاللاتي والعزى ، وهي مجرد أسماء كاذبة باطلة ، لا مسمى لها في الحقيقة. فإنهم سموها آلهة. وعبدوها لاعتقادهم حقيقة الإلهية لها. وليس لها من الإلهية إلا مجرد الأسماء ، لا حقيقة المسمى. فما عبدوا إلا أسماء لا حقائق لمسمياتها. وهذا كمن سمى قشور البصل لحما ، وأكلها ، فيقال له : ما أكلت من اللحم إلا اسمه لا مسماه. وكمن سمى التراب خبزا ، وأكله. يقال : ما أكلت إلّا اسم الخبز ، بل هذا النفي أبلغ في نفي الإلهية آلهتهم. فإنه لا حقيقة لإلهيتها بوجه. وما الحكمة ثمّ إلّا مجرد الاسم.

فتأمل هذه الفائدة الشريفة في كلامه تعالى.

فإن قيل : فما الفائدة في دخول الباء في قوله : (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) ولم تدخل في قوله : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى)؟.

قيل : التسبيح يراد به التنزيه والذكر المجرد ، دون معنى آخر. ويراد به مع ذلك الصلاة. وهو ذكر وتنزيه مع عمل. ولهذا تسمى الصلاة تسبيحا. فإذا أريد التسبيح المجرد ، فلا معنى للباء. لأنه لا يتعدى بحرف جر ، لا تقول : سبحت بالله. وإذا أردت المقرون بالفعل ، وهو الصلاة ، أدخلت الباء ، تنبها على ذلك المراد ، كأنك قلت : سبح مفتتحا باسم ربك ، أو ناطقا باسم ربك. كما تقول : صلّ مفتتحا ، أو ناطقا باسمه ، ولهذا السر ـ

٥٢٧

والله أعلم ـ دخلت اللام في قوله تعالى : (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) والمراد التسبيح الذي هو السجود والخضوع والطاعة ، ولم يقل في موضع : سبح الله ما في السموات والأرض ، كما قال تعالى ١٣ : ١٥ (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).

وتأمل قوله تعالى : ٧ : ٢٠٥ (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ) فكيف قال : «ويسبحونه» لما ذكر السجود باسمه الخاص ، فصار التسبيح : ذكرهم له ، وتنزيههم إياه.

قول الله تعالى ذكره :

(لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (٧٩))

والصحيح في الآية : أن المراد به : الصحف التي بأيدي الملائكة لوجوه عديدة.

منها : أنه وصفه بأنه مكنون ، والمكنون المستور عن العيون ، وهذا إنما هو في الصحف التي بأيدي الملائكة.

ومنها : أنه قال : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) وهم الملائكة ولو أراد المؤمنين المتوضئين لقال : لا يمسه إلا المتطهرون ، كما قال تعالى : ٢ : ٢٥١ (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) فالملائكة مطهرون ، والمؤمنون والمتوضئون متطهرون.

ومنها : أن هذا إخبار ، ولو كان نهيا لقال : لا يمسسه ، بالجزم. والأصل في الخبر ، أن يكون خبرا صورة ومعنى.

ومنها : أن هذا رد على من قال. إن الشيطان جاء بهذا القرآن ، فأخبر تعالى أنه في كتاب مكنون لا تناله الشياطين ، ولا وصول لها إليه ، كما قال تعالى في آية الشعراء : ٢٦ : ٢١٠ ـ ٢١٢ (وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ ، وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ) وأنما تناله الأرواح

٥٢٨

المطهرة ، وهم الملائكة.

ومنها : أن هذا نظير الآية التي في سورة عبس به : ٨٠ : ١٢ ـ ١٦ (فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ. فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ. مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ ، بِأَيْدِي سَفَرَةٍ. كِرامٍ بَرَرَةٍ) قال مالك في موطئه : أحسن ما سمعت في تفسير قوله : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) أنها مثل هذه الآية في سورة عبس.

ومنها : أن الآية مكية ، في سورة مكية ، تتضمن تقرير التوحيد ، والنبوة والمعاد ، وإثبات الصانع ، والرد على الكفار ، وهذا المعنى أليق بالمقصود من فرع عملي ، وهو حكم مس المحدث المصحف.

ومنها : أنه لو أريد به الكتاب الذي بأيدي الناس لم يكن في الإقسام على ذلك بهذا القسم العظيم كثير فائدة ، ومن المعلوم أن كل كلام فهو قابل لأن يكون في كتاب ، حقا أو باطلا ، بخلاف ما إذا وقع القسم على أنه في كتاب مصون مستور عن العيون عند الله ، لا يصل إليه شيطان ، ولا ينال منه ، ولا يمسه إلا الأرواح الطاهرة الزكية.

فهذا المعنى أليق وأجل بالآية بلا شك.

فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول : لكن تدل هذه الآية وإشارتها على أنه لا يمس المصحف إلا طاهر. لأنه إذا كانت تلك الصحف لا يمسها إلا المطهرون ، لكرامتها على الله. فهذه الصحف أولى أن لا يمسها إلا طاهر.

٥٢٩
٥٣٠

سورة الحديد

بسم الله الرحمن الرحيم

قول الله تعالى ذكره :

(ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا وَقَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها (٢٧))

«رهبانية» منصوب بابتدعوها على الإشتغال ، إما بنفس الفعل المذكور ، على قول الكوفيين. وإما بمقدر محذوف ، مفسر بهذا المذكور ، على قول البصريين. أي وابتدعوا رهبانية. وليس منصوبا بوقوع الجعل عليه. فالوقف التام عند قوله «ورحمة» ثم يبتدئ (وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها) أي لم نشرعها لهم ، ولم نكتبها عليهم ، بل هم ابتدعوها من عند أنفسهم.

وفي نصب قوله : (إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ) ثلاثة أوجه.

أحدها : أنه مفعول له ، أي لم نكتبها عليها إلا ابتغاء رضوان الله. وهذا فاسد. فإنه لم يكتبها عليهم سبحانه. كيف وقد أخبر أنهم هم الذين ابتدعوها فهي مبتدعة غير مكتوبة.

٥٣١

وأيضا فإن المفعول لأجله يجب أن يكون علة الفاعل المذكور معه فيتحد السبب والغاية. نحو : قمت إكراما. فالقائم هو المكرم ، وفعل الفاعل المعلل هاهنا : هو الكتابة ، وابتغاء رضوان الله : فعلهم لا فعل الله. فلا يصلح أن يكون علة لفعل لاختلاف الفاعل.

وقيل : هو بدل من مفعول «كتبناها» أي ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله. وهو فاسد أيضا ، إذ ليس رضوان الله عين الرهبانية. فيكون بدل الشيء من الشيء ، ولا بعضها. فيكون بدل بعض من كل ، ولا أحدهما مشتمل على الآخر ، فيكون بدل اشتمال. وليس ببدل غلط.

فالصواب : أنه منصوب نصب الاستثناء المنقطع ، أي : لم يفعلوها ولم يبتدعوها إلا لطلب رضوان الله.

ودل على هذا قوله «ابتدعوها» ثم ذكر الحامل لهم والباعث على ابتداع هذه الرهبانية ، وأنه طلب رضوان الله ، ثم ذمهم بترك رعايتها. إذ من التزم لله شيئا لم يلزمه الله إياه من أنواع القرب ، لزمه رعايته وإقامته ، حتى ألزم كثير من الفقهاء من شرع في طاعة مستحبة بإتمامها ، وجعلوا التزامها بالشروع ، كالتزامها بالنذر ، كما قال أبو حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه. وهو إجماع ، أو كالإجماع في أحد النسكين.

قالوا : والالتزام بالشروع أقوى من الالتزام بالقول. فكما يجب عليه رعاية ما التزمه بالنذر وفاء ، يجب عليه رعاية ما التزمه بالفعل إتماما. وليس هذا موضع استقصاء هذه المسألة.

والقصد : أن الله سبحانه وتعالى ذم من لم يرع قربة ابتدعها لله تعالى حق رعايتها. فكيف بمن لم يرع قربة شرعها الله لعباده ، وأذن بها ، وحث عليها؟.

قول الله تعالى ذكره :

٥٣٢

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٨))

في قوله «تمشون به» إعلام بأن تصرفهم ، وتقبلهم الذي ينفعهم : إنما هو بالنور ، وأن مشيهم بغير النور غير مجد عليهم. ولا نافع لهم ، بل ضرره أكثر من نفعه.

وفيه : أن أهل النور هم أهل المشي في الناس ، ومن سواهم أهل الزّمانة والانقطاع. فلا مشي لقلوبهم ، ولا لأحوالهم ، ولا لأقوالهم ، ولا لأقدامهم إلى الطاعات. وكذلك لا تمشي على الصراط إذا مشت بأهل الأنوار أقدامهم.

وفي قوله : «تمشون به» نكتة بديعة. وهي : أنهم يمشون على الصراط بأنوارهم ، كما يمشون بها بين الناس في الدنيا. ومن لا نور له فإنه لا يستطيع أن ينقل قدما عن قدم على الصراط ، فلا يستطيع المشي أحوج ما يكون إليه.

٥٣٣
٥٣٤

سورة المجادلة

بسم الله الرحمن الرحيم

قول الله تعالى ذكره :

(الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٢))

إن قيل : فما تقولون في قول المظاهر : أنت عليّ كظهر أمي : هل هو إنشاء أو إخبار؟ فإن قلتم : إنشاء كان باطلا من وجوه.

أحدها : أن الإنشاء لا يقبل التصديق والتكذيب. والله سبحانه قد كذبهم هنا في ثلاثة مواضع.

أحدها : في قوله (ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ) فنفي ما أثبتوه. وهذا حقيقة التكذيب. ومن طلق امرأته ، لا يحسن أن يقال : ما هي مطلقته.

والثاني : في قوله (إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ) والإنشاء لا يكون

٥٣٥

منكرا من القول ، وإنما يكون المنكر هو الخبر.

والثاني : أنه سماه «زورا» والزور : هو الكذب.

وإذا كذبهم الله دل على أن الظهار إخبار لا إنشاء.

الثالث : أن الظهار محرم ، وليس جهة تحريمه إلّا كونه كذبا.

والدليل على تحريمه : خمسة أشياء.

أحدها : وصفه بالمنكر. والثاني ؛ وصفه بالزور. والثالث : أنه شرع فيه الكفارة. ولو كان مباحا لم يكن فيه كفارة. والرابع : أن الله قال : (ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ) والوعظ إنما يكون في غير المباحات. والخامس : قوله : (وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) والعفو والمغفرة : إنما يكونان عن الذنب.

وإن قلتم : هو إخبار ، فهو باطل من وجوه.

أحدها : أن الظهار كان طلاقا في الجاهلية فجعله الله في الإسلام تحريما تزيله الكفارة. وهذا متفق عليه بين أهل العلم. ولو كان خبرا لم يوجب التحريم. فإنه إن كان صدقا فظاهر. وإن كان كذبا : فأبعد له من أن يترتب عليه التحريم.

والثاني : أنه لفظ الظهار يوجب حكمه الشرعي بنفسه ، وهو التحريم. وهذا حقيقة الإنشاء ، بخلاف الخبر. فإنه لا يوجب حكمه بنفسه. فسلب كونه إنشاء مع ثبوت حقيقة الإنشاء فيه : جمع بين النقيضين.

والثالث : أن إفادة قوله : أنت علي كظهر أمي : للتحريم ، كإفادة قوله : أنت حرة ، وأنت طالق. وبعتك ورهنتك ، وتزوجتك ، ونحوها : لأحكامها. فكيف يقولون : هذه إنشاءات دون الظهار؟ وما الفرق؟

قيل : أما الفقهاء فيقولون : الظهار إنشاء. ونازعهم بعض المتأخرين في ذلك. وقال : الصواب أنه إخبار.

٥٣٦

وأجاب عما احتجوا به من كونه إنشاء.

قال : أما قولهم : كان طلاقا في الجاهلية : فهذا لا يقتضي أنهم كانوا يثبتون به الطلاق ، بل يقتضي أنهم كانوا يزيلون به العصمة عند النطق به. فجاز أن يكون زوالها لكونه إنشاء ، كما زعمتم ، أو لكونه كذبا ، وجرت عادتهم أن من أخبر بهذا الكذب زالت عصمة نكاحه. وهذا كما التزموا تحريم الناقة إذا جاءت بعشرة من الولد. ونحو ذلك.

قال : وأما قولكم : إنه يوجب التحريم المؤقت. وهذا حقيقة الإنشاء ، لا الإخبار ـ فلا نسلم أن ثم تحريما البتة ـ والذي دل عليه القرآن : وجوب تقديم الكفارة على الوطء ، كتقديم الطهارة على الصلاة. فإذا قال الشارع : لا تصل حتى تتطهر : ولا يدل ذلك على تحريم الصلاة عليه ، بل ذلك نوع ترتيب.

سلمنا أن الظهار ترتب عليه تحريم ، لكن التحريم عقب الشيء قد يكون لاقتضاء اللفظ له ، ودلالته عليه. وهذا هو الإنشاء. وقد يكون عقوبة محضة ، كترتيب حرمان الإرث على القتل.

وليس القتل إنشاء للتحريم ، وكترتيب التعزير على الكذب ، وإسقاط العدالة به. فهذا ترتيب بالوضع الشرعي ، لا بدلالة اللفظ.

وحقيقة الإنشاء : أن يكون ذلك اللفظ وضع لذلك الحكم. ويدل عليه ، كصيغ العقود. فسببية القول أعم من كونه سببا بالإنشاء أو بغيره. فكل إنشاء سبب ، وليس كل سبب إنشاء. فالسببية أعم. فلا يستدل بمطلقها على الإنشاء. فإن الأعم لا يستلزم الأخص. فظهر الفرق بين ترتب التحريم على الطلاق ، وترتبه على الظهار.

قال : وأما قولكم : إنه كالتكلم بالطلاق والعتاق والبيع ونحوها : فقياس في الأسباب. فلا نقبله. ولو سلمناه نص القرآن يدفعه.

٥٣٧

وهذه الاعتراضات عليهم باطلة.

وأما قوله : إن كونه طلاقا في الجاهلية فلا يقتضي أنهم كانوا يثبتون به الطلاق إلخ فكلام باطل قطعا. فإنهم لم يكونوا يقصدون الإخبار بالكذب ليترتب عليه التحريم ، بل كانوا إذا أرادوا الطلاق أتوا بلفظ الظهار إرادة للطلاق. ولم يكونوا عند أنفسهم كاذبين ولا مخبرين. وإنما كانوا منشئين للطلاق به. ولهذا كان هذا ثابتا في أول الإسلام. حتى نسخه الله بالكفارة في قصة خولة بنت ثعلبة وكانت تحت عبادة بن الصامت. فقال لها «أنت علي كظهر أمي. فأتت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فسألته عن ذلك. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حرمت عليه. فقالت : يا رسول الله ، والذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر الطلاق ، وإنه أبو ولدي. وأحب الناس إلي. فقال : حرمت عليه. فقالت : أشكو إلى الله فاقتي وحدتي. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما أراك إلا قد حرمت عليه. ولم أومر في شأنك بشيء. فجعلت تراجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وإذا قال لها : حرمت عليه. هتفت وقالت : أشكو إلى الله فاقتي وشدة حالي ، وأن لي صبية صغارا ، إن ضممتهم إليه ضاعوا ، وإن ضممتهم إليّ جاعوا. وجعلت ترفع رأسها الى السماء ، وتقول : اللهم إني أشكوا إليك. وكان هذا أول ظهار في الإسلام. فنزل الوحي على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلما قضي الوحي. قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ادعي زوجك ، فتلا عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قوله تعالى : ٥٨ : ١ ـ ٤ (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها. وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما) الآيات.

فهذا يدل على أن الظهار كان إنشاء للتحريم الحاصل بالطلاق في أول الإسلام ، ثم نسخ ذلك بالطلاق. وبهذا يبطل ما نظر به من تحريم الناقة عند ولادها عشرة أبطن ونحوه. فإنه ليس هناك لفظ إنشاء يقتضي التحريم ، بل هو شرع منهم لهذا التحريم عند هذا السبب.

٥٣٨

وأما قوله : إنا لا نسلم أنه يوجب تحريما : فكلام باطل. فإنه لا نزاع بين الفقهاء أن الظهار يقتضي تحريما تزيله الكفارة. فلو وطئها قبل التكفير أثم بالإجماع المعروف من الدين. والتحريم المؤقت هنا كالتحريم بالإحرام ، وبالصيام وبالحيض.

وأما تنظيره بالصلاة مع الطهر ففاسد. فإن الله أوجب على المصلي أن يصلي صلاة بطهر. فإذا لم يأت بالطهر ترك ما أوجب الله عليه ، فأستحق الإثم. وأما المظاهر فإنه حرم على نفسه امرأته وشبّهها بمن تحرم عليه. فمنعه الله من قربانها حتى يكفر. فهنا تحريم مستند إلى كفارة. وفي الصلاة لا تجزئ منه بغير طهر. لأنها صلاة غير مشروعة أصلا.

وقوله : التحريم عقب الشيء قد يكون لاقتضاء اللفظ له ، وقد يكون عقوبة إلخ.

جوابه : أنهما غير متنافيين في الظهار ، فإنه حرام ، وتحرم المرأة به تحريما مؤقتا حتى يكفر. وهذا لا يمنع كون اللفظ إنشاء ، كجمع الثلاث عند من يوقعها ، والطلاق في الحيض ، فإنه يحرم ويعقبه التحريم. وقد قلتم : إن طلاق السكران يقع عقوبة له ، مع أنه لم يقصد إنشاء سبب تطلق به امرأته اتفاقا. فكون التحريم عقوبة لا ينفي أن يستند إلى أسبابها التي تكون إنشاءات لها.

وقوله : السببية أعم من الإنشاء.

جوابه : أن السبب نوعان. فعل وقول ، فمتى كان قولا لم يكن إلا إنشاء. فإن أردتم بالعموم : أن سببية القول أعم من كونها إنشاء وإخبارا فممنوع. وإن أردتم أن مطلق السببية أعم من كونها سببية بالفعل وبالقول. فمسلم. ولا يفيدكم شيئا.

وفصل الخطاب : أن قوله : أنت علي كظهر أمي : يتضمن إنشاء

٥٣٩

وإخبارا. فهو إنشاء من حيث قصد التحريم بهذا اللفظ ، وإخبار من حيث تشبيهها بظهر أمه ولهذا جعله الله منكرا من القول زورا. فهو منكر باعتبار الإنشاء ، وزور باعتبار الإخبار.

وأما قوله : إن المنكر هو الخبر الكاذب من النّكر. والنكر أعم منه. فالإنكار في الإنشاء والإخبار. فإنه ضد المعروف. فما لم يؤذن فيه من الإنشاء فهو منكر. وما لم يكن صدقا من الأخبار فهو زور.

٥٤٠