نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ٥

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ٥

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٩٠

ذلك.

رواه الزرندي وقال : نقل الشيخ العالم صدر الدين إبراهيم بن محمّد بن المؤيد رحمه الله تعالى في كتابه فضل أهل البيت ».

٥ ـ « على ولي الله » مكتوب على باب الجنة بالذهب

وفي حديث آخر عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « رأيت على باب الجنة مكتوبا بالذهب : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله علي ولي الله ».

وقد جاء هذا في رواية السيد الشهاب الدين احمد حيث قال في « اسماء امير المؤمنين » ما نصه :

« ومنها ولي الله. عن موسى بن اسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده على بن ابى طالب رضي‌الله‌عنه وعنهم أجمعين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آبائه وبارك وسلم : لما اسرى بى الى السماء رأيت على باب الجنة مكتوبا بالذهب لا اله الا الله محمد رسول الله علي ولي الله.

الحديث بتمامه سيأتي في بابه. رواه الحافظ أبو موسى بأسناده » (١).

٦ ـ « علي حبيب الله » مكتوب على باب الجنة

ورووا عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه رأى على باب الجنة مكتوبا. لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله علي حبيب الله. الحديث.

وقد جاء ذلك في رواية جماعة. منهم :

١ ـ الخوارزمي بسنده عن ابن عباس قال :

__________________

(١) توضيح الدلائل ـ مخطوط.

٢٤١

« قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لمّا عرج بي إلى السماء رأيت على باب الجنة مكتوبا : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله علي حبيب الله الحسن والحسين صفوة الله فاطمة أمة الله علي مبغضيهم لعنة الله » (١).

٢ ـ البدخشاني عن الخطيب والحافظ الرسعني عن ابن عباس عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢).

٣ ـ السيد شهاب الدين أحمد في ( أسماء أمير المؤمنين ) قال :

« منها حبيب الله. عن ابن عباس ... حبيب الله.

الحديث بتمامه سيأتي في بابه ، رواه الصالحاني في بابه بإسناده » (٣).

٧ ـ « على مقيم الحجة » مكتوب على العرش

وجاء « مكتوب على العرش : لا إله إلاّ الله محمّد نبي الرحمة علي مقيم الحجة ... »

وفي رواية :

١ ـ الخوارزمي بسنده عن عبد الله بن مسعود قال :

« قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لمّا أن خلق الله آدم ونفخ فيه من روحه عطس آدم فقال الحمد لله ، فأوحى الله تعالى : حمدني عبدي ، وعزّتي وجلالي لو لا عبدان أريد أن أخلقهما في الدار الدنيا ما خلقتك ، قال : إلهي ويكونان مني؟ قال نعم : يا آدم ارفع رأسك وانظر ، فرفع رأسه فإذا مكتوب على العرش : لا إله إلاّ الله محمّد نبي الرحمة علي مقيم الحجة ، من عرف حق علي زكي وطاب ، ومن أنكر حقه لعن وخاب ، أقسمت بعزتي أن أدخل الجنة من أطاعه وإن عصاني ،

__________________

(١) مناقب أمير المؤمنين : ٢١٤.

(٢) مفتاح النجا في مناقب آل العبا ـ مخطوط.

(٣) توضيح الدلائل ـ مخطوط.

٢٤٢

وأقسمت بعزتي أن أدخل النار من عصاه وإن أطاعني » (١).

٢ ـ شهاب الدين أحمد في أسمائه عليه‌السلام : « ومنها مقيم الحجة » عن الصالحاني عن الخوارزمي ... (٢).

٣ ـ القندوزي البلخي عن الخوارزمي كذلك (٣).

٨ ـ « علي ولي الله » مكتوب على جناح جبرائيل

وفي حديث أنه مكتوب على أحد جناحي جبرئيل : « لا إله إلاّ الله علي الوصي » وعلى الآخر : « لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله » فقد جاء اسم علي عليه‌السلام موصوفا بالوصاية بعد اسم الله تعالى ، وقد ورد هذا في رواية :

١ ـ الخوارزمي حيث قال : « أخبرني شهردار هذا إجازة قال : أخبرنا أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني هذا كتابه ، قال : حدّثنا أبو طاهر الحسين بن علي بن سلمة ، قال : حدّثنا أبو الفرج الصامت بن صهيب بن عباد قال : حدّثني أبي عن جعفر بن محمّد عن أبيه ، عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : أتاني جبرئيل وقد نشر جناحيه فإذا مكتوب على أحد جناحيه : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله ، ومكتوب على الآخر : لا إله إلاّ الله علي الوصي » (٤).

٢ ـ السيد شهاب أحمد في أسماء علي عليه‌السلام قائلا : « ومنها : وصي الله وخليفة الله. عن الامام جعفر الصادق عن أبيه الامام عن جده الامام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبارك وسلّم ... رواه الصالحاني بإسناده أيضا » (٥).

__________________

(١) المناقب للخوارزمي : ٢٢٧.

(٢) توضيح الدلائل ـ مخطوط.

(٣) ينابيع المودة : ١١.

(٤) المناقب : ٩٠.

(٥) توضيح الدلائل ـ مخطوط.

٢٤٣

٩ ـ « علي بن أبي طالب مقيم الحجة » مكتوب بين كفّي صرصائيل

وفي حديث آخر أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأى : « لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله علي مقيم الحجة » مكتوبا بين كفي صرصائيل.

وقد ورد هذا في رواية :

الخوارزمي بسنده عن الامام جعفر بن محمّد الصادق عليه‌السلام عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه ...

وهذا نص عبارته : « أنبأني أبو العلاء الحافظ الهمداني هذا والامام الأجل نجم الدين أبو منصور محمّد بن الحسين بن محمّد البغدادي ، قالا : أنبأنا الشريف الامام الأجل نور الهدى أبو طالب الحسين بن محمّد بن علي الزينبي ، عن الامام محمّد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان ، قال : حدّثنا المعافا بن زكريا عن الحسن بن علي العاصمي [ الهاشمي ] عن صهيب عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه [ عليهم‌السلام ] قال : بينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في بيت أم سلمة فهبط عليه ملك له عشرون رأسا ، في كل رأس ألف لسان ، يسبّح الله ويقدّمه بلغة لا تشبه الأخرى ، راحته أوسع من سبع سماوات وسبع أرضين ، فحسب النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه جبرئيل فقال : جبرئيل لم تأتني في هذه الصورة قط ، قال : ما أنا جبرئيل ، أنا صرصائيل بعثني الله إليك لتزوّج النور من النور ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : من؟ وإلى من؟ قال : ابنتك فاطمة من علي بن أبي طالب.

فزوّج النبي صلّى الله عليه وسلّم فاطمة من علي بشهادة جبرئيل وميكائيل وصرصائيل.

قال : فنظر النبي صلّى الله عليه وسلّم فإذا بين كفي صرصائيل مكتوب : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله علي بن أبي طالب مقيم الحجة. فقال النبي : يا

٢٤٤

صرصائيل منذ كم [ كتب ] هذا بين كفيك؟ قال : من قبل أن يخلق الله الدنيا باثني عشر ألف سنة » (١).

١٠ ـ « أيّد الله محمّدا بعلي » مكتوب على جبهة ملك :

وجاء في حديث أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأى ملكا مكتوب على جبهته « أيد الله محمّدا بعلي ».

وقد جاء هذا في رواية :

الخوارزمي بسنده عن محمّد بن الحنيفة قال :

« قال النبي صلّى الله عليه وسلّم : لمّا عرج بي الى السماء رأيت في السماء الرابعة [ أ ] والسادسة ملكا نصفه من النار ونصفه من ثلج في جبهته مكتوب : أيّد الله محمّدا بعلي ، فبقيت متعجبا ، فقال لي الملك : لم تتعجب؟ كتب الله في جبهتي ما ترى قبل الدنيا بألفي عام » (٢).

١١ ـ « علي ولي الله » مكتوب على لواء الحمد :

روى ذلك السيد علي الهمداني عن عبد الله بن سلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، في حديث سأله عن لواء الحمد (٣).

١٢ ـ « آل محمّد خير البرية » مكتوب على لواء النور :

روى ذلك أبو نعيم الحافظ عن جابر بن عبد الله قال :

« بينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوما في مسجد المدينة فذكر بعض

__________________

(١) المناقب ٢٤٥ وفيه بدل الكف : الكتف.

(٢) المصدر نفسه ٢١٨.

(٣) مودة القربى ـ ينابيع المودة : ٢٥٢.

٢٤٥

أصحابنا الجنة ، قال دجانة : يا رسول الله سمعتك تقول الجنة محرم على النبيين وسائر الأمم حتى أدخلها ، فقال له : أما علمت أن لله لواء من نور وعمودا من زبرجد خلقهما قبل أن يخلق السماوات بألفي سنة مكتوب على رداء ذلك اللواء : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله آل محمّد خير البرية ، صاحب اللواء أمام القوم فقال علي : الحمد لله الذي هدانا بك وأكرمنا وشرّفنا. فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم : أما علمت أن من أحبّنا وامتحن أسكنه الله معنا ، وتلا هذه الآية ( فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ) (١).

١٣ ـ « محمّد رسول الله نصرته بعلي » مكتوب على درة أو ورقة خضراء

وجاء في حديث : أن « لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله نصرته بعلي » مكتوب على درة او ورقة خضراء موجودة في لوزة خضراء أحضرت عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ... وقد روى هذا الحديث جماعة منهم :

١ ـ محب الدين الطبري وقد تقدّم حديثه.

٢ ـ ابن المغازلي رواه بسنده عن سعيد بن جبير قال : « جاع النبي صلّى الله عليه وسلّم جوعا شديدا ، فأتى الكعبة فأخذ بأستارها وقال : أللهم لا تجع محمّدا أكثر مما أجعته. قال : فهبط جبرئيل ومعه لوزة فقال : إن الله تبارك وتعالى يقرأ عليك السّلام ويقول لك : فكّ عنها فإذا فيها ورقة خضراء مكتوب فيها : صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم محمّد رسول الله أيّدته بعلي ونصرته به. فما أنصف الله من اتّهمه في قضائه واستبطأه في رزقه ».

٣ ـ القندوزي عن ابن المغازلي عن ابن عباس.

٤ ـ الصفوري عن ابن عباس قال : « كنا عند رسول الله صلّى الله عليه

__________________

(١) منقبة المطهرين ـ مخطوط.

٢٤٦

وسلّم وإذا بطائر في فمه لوزة خضراء ، فألقاها فأخذها النبي ، فوجد فيها درة خضراء مكتوب عليها بالصفرة : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله نصرته بعلي ».

١٤ ـ تقدّم النبوة دليل الأفضلية وهو فرع تقدّم النور الذي منه علي أيضا

إن تقدّم نبوة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دليل على أفضليته ، ومن المعلوم أن ذلك فرع تقدّم نوره ، فهذا يدل على ذلك بالأولوية.

وبما أن عليا عليه‌السلام قد خلق من نفس النور الذي خلق منه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإنه كذلك يكون أفضل من جميع المخلوقين عدا الرسول ، وعلى هذا ، فلا وجه لتقدّم أحد عليه نبيا كان أو صحابيا ...

من أحاديث تقدّم نبوّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

وأمّا شواهد تقدّم نبوته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ من الأحاديث وأقوال العلماء ـ فكثيرة جدا ، نذكر هنا بعضها :

(١) البخاري بسنده : « عن عرباض بن سارية صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : سمعت رسول الله يقول : إني عبد الله وخاتم النبيين وإنّ آدم لمنجدل في طينه وسأخبركم عن ذلك ، أنا دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى بن مريم ورؤيا أمي التي رأت وكذلك أمهات الأنبياء يرين ، وإن أم رسول الله رأت حين وضعته نورا أضاءت له قصور الشام » (١).

(٢) الترمذي بسنده عن أبي هريرة قال : « قالوا : يا رسول الله متى وجبت

__________________

(١) التاريخ الصغير : ١ / ١٣.

٢٤٧

لك النبوة؟ قال : وآدم بين الروح والجسد.

هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث أبي هريرة ، لا نعرفه إلاّ من هذا الوجه » (١).

(٣) أبو نعيم حيث قال : « ذكر ما روي في تقدّم نبوته قبل تمام خلقة آدم ».

فرواه بألفاظ وأسانيد مختلفة عن أبي هريرة وميسرة وابن سارية (٢).

(٤) الكازروني بسنده عن عبد الله بن شفيق (٣).

(٥) السيوطي حيث قال : « باب خصوصية النبي صلّى الله عليه وسلّم بكونه أول النبيين في الخلق ، وتقدم نبوته ، وأخذ الميثاق ».

فرواه عن ابن أبي حاتم وأبي نعيم عن أبي هريرة.

وعن أبي سهل القطان ، عن سهل بن صالح الهمداني ، عن أبي جعفر محمّد بن علي عليهما‌السلام.

وعن أحمد والبخاري والحاكم والطبراني وأبي نعيم عن ميسرة.

وعن أحمد والحاكم والبيهقي عن العرباض بن سارية.

وعن الحاكم والبيهقي وأبي نعيم عن أبي هريرة.

وعن البزار والطبراني وأبي نعيم من طريق الشعبي عن ابن عباس.

وعن أبي نعيم عن عمر.

وعن ابن سعد عن ابن أبي الجدعاء.

ثم إن السيوطي نقل عن تقي الدين السبكي كلاما في معنى هذه الأحاديث هذا نصه : « فائدة : قال الشيخ تقي الدين السبكي في كتابه التعظيم والمنة في ( لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ) :

في هذه الآية من التنويه بالنبي صلّى الله عليه وسلّم وتعظيم قدره العلي ما

__________________

(١) صحيح الترمذي ٥ / ٥٨٥.

(٢) دلائل النبوة : ١ / ٥٤.

(٣) المنتقى من سيرة المصطفى ـ مخطوط.

٢٤٨

لا يخفى ، وفيه مع ذلك أنه على تقدير مجيئه في زمانهم يكون مرسلا إليهم ، فتكون نبوته ورسالته عامة لجميع الخلق من زمن آدم إلى يوم القيامة ، وتكون الأنبياء وأممهم كلّهم من أمته ، ويكون قوله « بعثت إلى الناس كافة » لا يختص به الناس من زمانه إلى القيامة ، بل يتناول من قبلهم أيضا.

ويتبين بذلك المعنى قوله صلّى الله عليه وسلّم : « كنت نبيّا وآدم بين الروح والجسد » وأن من فسّره بعلم الله بأنه سيصير نبيّا لم يصل إلى هذا المعنى ، لأن علم الله محيط بجميع الأشياء ، ووصف النبي صلّى الله عليه وسلّم بالنبوة في ذلك الوقت ينبغي أن يفهم منه أنه أمر ثابت له في ذلك الوقت ، ولهذا رأى آدم اسمه مكتوبا على العرش محمّد رسول الله ، فلا بدّ أن يكون ذلك معنى ثابتا في ذلك الوقت ، ولو كان المراد بذلك مجرد العلم بما سيصير في المستقبل لم يكن له خصوصية بأنه نبي وآدم بين الروح والجسد ، لأن جميع الأنبياء يعلم الله نبوتهم في ذلك الوقت وقبله ، فلا بد من خصوصيّة للنبي صلّى الله عليه وسلّم لأجلها أخبر بهذا الخبر إعلاما لأمته ليعرفوا قدره عند الله تعالى ، فيحصل لهم الخير بذلك.

وقال : فإن قلت : أريد أن أفهم ذلك القدر الزائد ، فإن النبوة وصف لا بدّ أن يكون الموصوف به موجودا ، وإنما يكون بعد بلوغ أربعين سنة أيضا ، فكيف يوصف به قبل وجوده وقبل إرساله وإن صح ذلك فغيره كذلك.

قلت : قد جاء إن الله خلق الأرواح قبل الأجساد ، فقد تكون الاشارة بقوله : كنت نبيا إلى روحه الشريفة وإلى حقيقته ، والحقائق تقصر عقولنا عن معرفتها ، وإنما يعلمها خالقها ومن أمده بنور إلهي ، ثم إنّ تلك الحقائق يؤتى الله كلّ حقيقة منها ما يشاء في الوقت الذي شاء ، فحقيقة النبي صلّى الله عليه وسلّم قد تكون من قبل خلق آدم آتاها الله ذلك الوصف ، بأن يكون خلقها متهيئة لذلك ، وأفاضه عليها من ذلك الوقت ، فصار نبيا وكتب اسمه على العرش وأخبر عنه بالرسالة ليعلم ملائكته وغيرهم كرامته عنده ، فحقيقته موجودة من ذلك الوقت وإن تأخّر جسده الشريف المتصف بها ، واتصاف حقيقته بالأوصاف الشريفة

٢٤٩

المفاضة عليه من الحضرة الالهية ، وإنما يتأخر البعث والتبليغ وكل ما له من جهة الله ، ومن تأهل ذاته الشريفة وحقيقته معجل لا تأخير فيه.

وكذلك استنباؤه وإيتاؤه الكتاب والحكم والنبوة ، وإنما المتأخّر تكوّنه وتنقله إلى أن ظهر صلّى الله عليه وسلّم وغيره من أهل الكرامة ، وقد تكون إفاضة الله تلك الكرامة عليه بعد وجوده بمدة كما يشاء سبحانه ، ولا شك أن كلما يقع فالله عالم به من الأزل ونحن نعلم علمه بذلك بالأدلة العقلية والشرعية ، ويعلم الناس منها ما يصل إليهم عند ظهوره كعلمهم نبوة النبي صلّى الله عليه وسلّم حين نزل عليه القرآن في أول ما جاءه جبرئيل ، وهو فعل من أفعاله تعالى من جملة معلوماته ، ومن آثار قدرته وإرادته واختياره في محل خاص يتّصف بها ، فهاتان مرتبتان الأولى معلومة بالبرهان والثانية ظاهرة للعيان ، وبين المرتبتين وسائط من أفعاله تعالى تحدث على حسب اختياره ، منها ما يظهر لهم بعد ذلك ، ومنها ما يحصل به كمال لذلك المحل وإن لم يظهر لأحد من المخلوقين ، وذلك ينقسم إلى كمال يقارن ذلك الحمل من حين خلقه وإلى كمال يحصل له بعد ذلك ، ولا يصل علم ذلك إلينا إلاّ بالخبر الصادق والنبي صلّى الله عليه وسلّم خير الخلق ، فلا كمال لمخلوق أعظم من كماله ولا محل أشرف من محله.

فعرفنا بالخبر الصحيح حصول ذلك الكمال من قبل خلق آدم لنبينا صلّى الله عليه وسلّم من ربه سبحانه وأنه أعطاه النبوة من ذلك الوقت ، ثم أخذ له المواثيق على الأنبياء ليعلموا أنه المقدّم عليهم ، وأنه نبيهم ورسولهم ، وفي أخذ المواثيق ـ وهي في معنى الاستخلاف ، ولذلك دخلت لام القسم في ( لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ) لطيفة أخرى وهي كأنها إيمان للبيعة التي تؤخذ للخلفاء ، ولعل إيمان الخلفاء أخذت من هنا ، فانظر هذا التعظيم العظيم للنبي صلّى الله عليه وسلّم من ربه سبحانه وتعالى.

فإذا عرف ذلك فالنبي صلّى الله عليه وسلّم هو نبي الأنبياء ، ولهذا أظهر في الآخرة جميع الأنبياء تحت لوائه ، وفي الدنيا كذلك ليلة الإسراء صلّى بها ، ولو اتفق

٢٥٠

مجيؤه في زمن آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى وجب عليهم وعلى أممهم الإيمان به ونصرته ، وبذلك أخذ الله الميثاق عليهم ورسالته إليهم معنى حاصل له ، وإنما أمره يتوقف على اجتماعهم معه ، فتأخر ذلك لأمر راجع إلى وجودهم لا إلى عدم اتصافه بما تقتضيه ، وفرق بين توقف الفعل على قبول المحل وتوقفه على أهلية الفاعل ، فههنا لا توقف من جهة الفاعل ولا من جهة ذات النبي صلّى الله عليه وسلّم الشريفة ، وإنما من جهة وجود العصر المشتمل عليه ، فلو وجد في عصرهم لزمهم اتباعه بلا شك.

ولهذا يأتي عيسى في آخر الزمان على شريعته وهو نبي كريم على حاله ، لا كما يظن بعض الناس أنه يأتي واحدا من هذه الأمة ، نعم هو واحد من هذه الأمة لما قلناه من اتباعه للنبي صلّى الله عليه وسلّم ، وإنما يحكم بشريعة نبينا محمّد صلّى الله عليه وسلّم بالقرآن والسنة ، وكلّ ما فيها من أمر أو نهي فهو متعلق به كما يتعلق بسائر الأمة ، وهو نبي كريم على حاله لم ينقص منه شيء ، وكذلك لو بعث النبي صلّى الله عليه وسلّم في زمانه أو في زمن موسى وإبراهيم ونوح وآدم كانوا مستمرين على نبوتهم ورسالتهم إلى أممهم ، والنبي صلّى الله عليه وسلّم نبي عليهم ورسول إلى جميعهم.

فنبوته ورسالته أعم وأشمل وأعظم ومتفق مع شرائعهم في الأصول ، لأنها لا تختلف ، وتقدّم شريعته صلّى الله عليه وسلّم فيما عساه يقع الاختلاف فيه من الفروع إما على سبيل لتخصيص وإما على سبيل النسخ أولا نسخ ولا تخصيص ، بل تكون شريعة النبي صلّى الله عليه وسلّم في تلك الأوقات بالنسبة إلى أولئك الأمم ما جاءت به أنبياءهم ، وفي هذا الوقت بالنسبة إلى هذه الأمة هذه الشريعة ، والأحكام تختلف باختلاف الأشخاص والأوقات.

وبهذا بان لنا معنى حديثين كان خفيا عنا ، أحدهما : قوله صلّى الله عليه وسلّم : بعثت إلى الناس كافة ، كنّا نظن أنه من زمانه إلى يوم القيامة ، فبان أنه جميع الناس أوّلهم وآخرهم. والثاني : قوله صلّى الله عليه وسلّم : كنت نبيا وآدم

٢٥١

بين الروح والجسد ، كنا نظن أنه بالعلم ، فبان أنه زائد على ذلك على ما شرحناه ، وإنما يفترق الحال بين ما بعد وجود جسده صلّى الله عليه وسلّم وبلوغه الأربعين ، وما قبل ذلك بالنسبة إلى المبعوث إليهم وتأهلهم لسماع كلامه ، لا بالنسبة إليه ولا إليهم لو تأهلوا قبل ذلك ، وتعليق الأحكام على الشروط قد يكون بحسب المحل القابل وقد يكون بحسب الفاعل المتصرف ، فههنا التعليق إنما هو بحسب المحل القابل المبعوث إليهم وقبولهم سماع الخطاب من الجسد الشريف الذي يخاطبهم بلسانه ، وهذا كما يوكل الأب رجلا في تزويج ابنته إذا وجدت كفوا ، فالتوكيل صحيح وذلك الرجل أهل للوكالة ووكالته ثابتة ، وقد يحصل توقف التصرف على وجود كفو ولا يوجد إلاّ بعد مدة ، وذلك لا يقدح في صحة الوكالة وأهلية الوكيل انتهى كلام السبكي بلفظه » (١).

(٦) القسطلاني عن أحمد والبيهقي والحاكم ـ وقال : صحيح الإسناد ـ عن العرباض بن سارية.

وعن البخاري وأحمد وأبي نعيم ـ وصحّحه الحاكم ـ عن ميسرة.

وعن الترمذي عن أبي هريرة.

ثم أورد كلام السبكي (٢).

(٧) الدياربكري عن أحمد ومسلم والترمذي والحاكم والبيهقي وأبي نعيم والبخاري في تاريخه (٣).

٨ ـ الحلبي عن ( وفاء الوفا ) عن ميسرة (٤).

٩ ـ القندوزي عن الترمذي عن أبي هريرة ، وعن المشكاة عن العرباض ابن سارية ... (٥).

__________________

(١) الخصائص الكبرى ١ / ٣ ـ ٥.

(٢) المواهب اللدنية ١ / ٥ ـ ٨.

(٣) تاريخ الخميس ١ / ٢٠.

(٤) انسان العيون ١ / ٣٥٥.

(٥) ينابيع المودة : ١٠.

٢٥٢

١٠ ـ الجمال المحدّث (١).

١١ ـ ابن حجر مصحّحا إياه (٢).

١٢ ـ وقال الاسكندري ما نصّه :

« وأما تفضيله على آدم عليه‌السلام ، فمن قوله صلّى الله عليه وسلّم : كنت نبيا وآدم بين الماء والطين ، وآدم فمن دونه من الأنبياء يوم القيامة تحت لوائي.

ولقوله : إني أوّل شافع ، وإني أوّل مشفع ، وإني أوّل من تنشق الأرض عنه » (٣).

١٣ ـ وقال محمّد بن يوسف الشامي :

« ويستدل بخبر الشعبي وغيره ـ مما تقدم في الباب السابق ـ على أنه صلّى الله عليه وسلّم ولد نبيا ، فإن نبوته وجبت له حين أخذ منه الميثاق حيث استخرج من صلب آدم ، فكان نبيا من حينئذ ، لكن كانت مدة خروجه إلى الدنيا متأخرة عن ذلك ، وذلك لا يمنع كونه نبيا ، كمن يولى ولاية ويؤمر بالتصرف فيها في زمن مستقبل ، فحكم الولاية ثابت له من حين ولايته وإن كان تصرفه يتأخر إلى حين مجيء الوقت ، والأحاديث السابقة في باب تقدم نبوته صريحة في ذلك ».

ثم نقل حاصل كلام السبكي (٤).

١٤ ـ وقال العيدروس :

« اعلم أن الله سبحانه وتعالى لما أراد إيجاد خلقه أبرز في الحقيقة المحمدية من أنواره الصمدية في حضرته الأحمدية ، ثم سلخ منها العوالم كلها علوها وسفلها على ما اقتضاه كمال حكمته وسبق في إرادته وعلمه.

ثم أعلمه تعالى بكماله ونبوته وبشره بعموم دعوته ورسالته ، وبأنه نبي

__________________

(١) روضة الأحباب في سيرة النبي والاصحاب.

(٢) المنح المكية في شرح الهمزية.

(٣) لطائف المنن ٤٧ ـ ٤٨.

(٤) السيرة الشامية.

٢٥٣

الأنبياء وواسطة جميع الأصفياء ، وأبوه آدم بين الروح والجسد ... » (١).

١٥ ـ أخذ ميثاق نبوة محمّد دليل أفضليّة وهو دليل أفضلية علي

لقد تفرّع على تقدّم نبوة نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخذ ميثاق نبوته من الأنبياء ، وهذا يدل على أفضليته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. وقد علم من الوجه السابق أن تقدّم نبوته متفرع على تقدم خلقه ، فمتى دل فرع الفرع على الأفضلية دل الأصل عليها بالأولوية القطعية.

ونور علي عليه‌السلام متحد مع نوره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو أيضا مخلوق قبل آدم ، فللإمام عليه‌السلام فضيلة عظيمة كان أخذ الميثاق فرع فرعها ، فلا ريب إذا في أفضليته من جميع الأنبياء والمرسلين عليهم‌السلام ، فهو المتعين للخلافة عن الرسول لا غيره.

من أحاديث أخذ ميثاقه متفرعا على تقدّم خلقه (ص) :

وأما كون أخذ الميثاق متفرعا على تقدم خلقه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهو المستفاد من الأحاديث العديدة :

١ ـ قال أبو نعيم : « ثم قدّمه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الذكر على من تقدمه في البعث فقال : ( إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ) إلى قوله ( وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً ) وقال : ( وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ ).

وذلك ما حدّثناه : أبو محمّد عبد الله بن إبراهيم بن أيوب ، ثنا جعفر بن عاصم ، ثنا هاشم بن عمار ، ثنا بقية حدّثني سعيد بن بشير ، نا قتادة عن الحسن

__________________

(١) النور السافر في أعيان القرن العاشر ـ مقدمة الكتاب.

٢٥٤

عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في قوله : ( أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ ) قال : كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث » ثم ذكر بثلاثة طرق أخرى عن أبي هريرة مثله (١).

٢ ـ وقال السبكي فيما نقل عنه السيوطي : « فعرفنا بالخبر الصحيح ... » وقد تقدّم.

٣ ـ ونص على ذلك الشيخ عبد الحق الدهلوي قائلا :

« وجاء في الروايات ... » (٢).

من أحاديث أفضليته من الأنبياء بسبب أخذ الميثاق منهم

وأما دلالة أخذ الميثاق على أفضليته منهم عليهم‌السلام فمن الواضحات ، ومن الأحاديث والأقوال الصريحة في الدلالة على ذلك :

١ ـ قال أبو نعيم : « ومن فضائله صلّى الله عليه وسلّم : أخذ الله الميثاق على جميع أنبيائه إن جاءهم رسول آمنوا به ونصروه ، فلم يكن ليدرك أحد منهم الرسول إلاّ وجب عليه الايمان به والنصر لأخذه الميثاق منهم ، فجعلهم كلهم أتباعا له يلزمهم الانقياد والطاعة لو أدركوه.

وذلك مما حدّثناه محمّد بن أحمد بن الحسن ... عن جابر عن عمر بن الخطاب قال : أتيت النبي ومعي كتاب أصبته من بعض أهل الكتب ، فقال :

والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا اليوم ما وسعه إلاّ أن يتبعني » (٣).

٢ ـ وقال القاضي عياض : « السابع في ما أخبر الله به في كتابه العزيز من عظيم قدره وشريف منزلته على الأنبياء وخطورة رتبته ، قوله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ) إلى قوله : ( مِنَ الشَّاهِدِينَ ).

__________________

(١) دلائل النبوة : ١ / ٤٤.

(٢) مدارج النبوة ٢ / ٣.

(٣) دلائل النبوة : ١ / ٥٠.

٢٥٥

قال أبو الحسن القابسي : اختص الله نبينا محمّدا بفضل لم يؤته أحدا غيره أبانه به ، وهو ما ذكره في هذه الآية. قال المفسرون : أخذ الله الميثاق بالوحي ولم يبعث نبيا إلاّ ذكر له محمّدا ونعته وأخذ على ذلك الميثاق منه إن أدركه ليومننّ به.

وقيل : أن يبينه لقومه ويأخذ ميثاقهم أن يبينوه لمن بعدهم ...

قال علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه : لم يبعث الله نبيا من آدم فمن بعده إلا أخذ عليه العهد في محمّد عليه الصلاة والسّلام لئن بعث وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه ، ويأخذ العهد بذلك على قومه.

ونحوه عن السدي وقتادة في آي تضمنت فضله من غير وجه واحد. قال الله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ ) الآية ، وقال : ( إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ ) إلى قوله ( وَكِيلاً ).

وروى عن عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه في كلام بكى به النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد بلغ من فضيلتك عند الله أن بعثك آخر الأنبياء وذكرك في أوّلهم فقال : ( وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ ... ) الآية بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد بلغ من فضيلتك عنده أن أهل النار يودّون أن يكونوا أطاعوك وهم بين أطباقها يعذبون يقولون ( يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ) قال قتادة : إن النبي قال : كنت أول الأنبياء في الخلق وآخرهم في البعث ، فلذلك وقع ذكره مقدما هنا قبل نوح وغيره.

قال السمرقندي : في هذا تفضيل نبينا عليه‌السلام ، لتخصيصه بالذكر قبلهم وهو آخرهم.

قال بعضهم : ومن فضله أن الله تعالى خاطب الأنبياء بأسمائهم ، وخاطبه بالنبوة والرسالة في كتابه فقال يا أيها النبي ، ويا أيها الرسول.

وحكى السمرقندي عن الكلبي ـ في قوله تعالى : ( وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ ) إن الهاء عائدة على محمّد ، أي من شيعة محمّد لإبراهيم ، أي : علي دينه ومنهاجه ، واختاره الفراء وحكاه عنه مكي ، وقيل : المراد نوح عليه الصلاة

٢٥٦

والسّلام » (١).

٣ ـ وللقسطلاني في المقصد السادس من كتابه بحث طويل خصّه بالموضوع هذا أوله :

« النوع الثاني في أخذ الله تعالى له الميثاق على النبيين فضلا ومنّة ليومننّ به إن أدركوه ولينصرّنّه » نقل فيه الآيات والأحاديث (٢).

٤ ـ وقال القسطلاني ما ملخصه :

« روي عن علي بن أبي طالب أنه قال : لم يبعث الله تعالى : نبيّا من آدم فمن بعده إلاّ أخذ عليه العهد في محمّد ، لئن بعث وهو حي ليؤمننّ به ولينصرنّه ويأخذ العهد بذلك على قومه. وهو مروي عن ابن عباس أيضا. ذكرهما العماد ابن كثير في تفسيره.

قال الشيخ تقي الدين السبكي : فإذا عرف هذا فالنبي نبي الأنبياء ، وبهذا ظهر في الآخرة أن جميع الأنبياء تحت لوائه ، وفي الدنيا كذلك ليلة المعراج صلّى بهم ، ولو اتفق مجيؤه في زمن آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى صلوات الله وسلامه عليهم وجب عليهم وعلى أممهم الايمان به ونصرته ، وبذلك أخذ الميثاق عليهم » (٣).

٥ ـ وبمثل هذا قال ابن حجر والشيخ سليمان في شرحيهما على الهمزيّة بشرح قول البوصيري :

« ما مضت فترة من الرسل إلاّ

بشّرت قومها بك الأنبياء »

٦ ـ والشيخ القندوزي في ( ينابيع المودة ) حيث نقل حديث علي عليه‌السلام وغيره (٤).

__________________

(١) الشفا ٣٥ ـ ٣٨.

(٢) المواهب اللدنية ٢ / ٥١.

(٣) المصدر نفسه ١ / ٨.

(٤) ينابيع المودة : ١٧.

٢٥٧

أحاديث في ولاية علي وميثاق إمامته

لقد علم من كلمات أكابر أهل السنة ومشاهير أئمتهم وحفاظهم : أن أخذ ميثاق نبوّة سيد الأنبياء صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من جميع الأنبياء والمرسلين من أوضح البراهين وأتّمها على أفضليّته منهم وتقدّمه عليهم.

ولمّا كان هذا المعنى متفرعا على تقدّمه في الخلق عليهم ، وكان التقدم في الخلق ثابتا لعلي عليه‌السلام ، كان هو أيضا أفضل الخلائق بعد خاتم النبيين صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهو الامام والخليفة من بعده ولا يجوز تقدم أحد عليه.

بل لقد وردت أحاديث كثيرة في كتبهم صريحة في : أنه قد أخذ من الأنبياء وغيرهم ميثاق ولاية علي وإمامته ، كما أخذ منهم ميثاق نبوة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ... فيكون جميع ما ذكره كبار العلماء من الفضل له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ضوء أحاديث الميثاق وغيرها ثابتا لعلي عليه‌السلام ... وهذا ما يقطع ألسنة المكابرين ، ويضيق الخناق على المعاندين ، والحمد لله رب العالمين. ولنذكر بعض تلك الأحاديث في هذا المقام :

١ ـ حديث بعث الأنبياء على ولاية علي

فمن تلك الأحاديث الشريفة : حديث بعث الأنبياء على ولاية سيدنا علي عليه‌السلام ، وقد رواه جماعة من أعلام أهل السنة ، ومنهم :

١ ـ الحاكم النيسابوري.

٢ ـ أبو إسحاق الثعلبي.

٣ ـ أبو نعيم الاصفهاني.

٤ ـ الخطيب الخوارزمي.

٢٥٨

٥ ـ عبد الرزاق الرسعني.

٦ ـ السيد علي الهمداني.

٧ ـ السيد شهاب الدين أحمد.

٨ ـ شمس الدين الجيلاني.

٩ ـ عبد الوهاب بن محمّد رفيع الدين أحمد.

١٠ ـ ميرزا محمّد البدخشاني.

رواية الحاكم

رواه بسنده عن عبد الله بن مسعود حيث قال : « حدّثني محمّد بن المظفر الحافظ ، نا عبد الله بن محمّد بن غزوان ، نا علي بن جابر ، نا محمّد بن خالد بن عبد الله ، نا محمّد بن فضيل ، نا محمّد بن سوقة عن ابراهيم عن الأسود عن عبد الله قال :

قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتاني ملك فقال يا محمّد : واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا على ما بعثوا ، قال : قلت : على ما بعثوا؟ قال : على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب.

قال الحاكم : تفرّد به علي بن جابر عن محمّد بن خالد عن محمّد بن فضيل ، ولم نكتب إلاّ عن ابن مظفر ، وهو عندنا حافظ ثقة مأمون » (١).

رواية الثعلبي

ورواه الثّعلبي قائلا : « أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد بن الحسين

__________________

(١) معرفة علوم الحديث : ٩٦.

٢٥٩

الدينوري ، حدّثنا أبو الفتح محمّد بن الحسين الأزدي الموصلي ، حدّثنا عبد الله بن محمّد بن غزوان البغدادي ، حدّثنا علي بن جابر ، حدّثنا محمّد بن خالد ومحمّد بن إسماعيل قال : حدّثنا محمّد بن فضيل ، عن محمّد بن سوقة ، عن ابراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود ... » مثله (١).

رواية الخوارزمي

رواه عن شهردار الديلمي عن الحاكم عن عبد الله بن مسعود (٢).

رواية شهاب الدين أحمد

رواه « عن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص) : لمّا أسري بي ليلة المعراج فاجتمع عليّ الأنبياء في السماء فأوحى الله إليّ : سلهم يا محمّد بما ذا بعثتم؟ قالوا : بعثنا على شهادة أن لا إله إلاّ الله وعلى الإقرار بنبوتك والولاية لعلي بن أبي طالب.

أورده الشيخ المرتضى العارف الرباني السيد شرف الدين علي الهمداني في بعض تصانيفه وقال : رواه الحافظ أبو نعيم » (٣).

رواية عبد الوهاب بن محمّد

رواه عن أبي نعيم الاصبهاني عن أبي هريرة مثله (٤).

__________________

(١) الكشف والبيان ـ مخطوط ، بتفسير قوله تعالى في سورة زخرف ( وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا ).

(٢) المناقب ٢٢٠ ـ ٢٢١.

(٣) توضيح الدلائل ـ مخطوط. ومنه علم رواية أبي نعيم والهمداني.

(٤) تفسير أنورى ... ومنه علم رواية أبي نعيم.

٢٦٠