نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ٥

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ٥

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٩٠

« وفي فصوص الحكم وشرحه : وما كان من نبي يأخذ شيئا من الكمالات إلاّ من مشكاة خاتم النبيين ، وإن تأخّر عنهم وجود طينته ، إذ لا تعلق بمشكاته لوجوده الطيني ، فإنه بحقيقته موجود قبلهم ، لأنه أبو الأرواح ، كما أن آدم أبو الأشباح » (١).

قلت : ومن اتحاد نورهما عليهما‌السلام يعلم أن الأنبياء عليهم‌السلام أخذوا الكمالات من مشكاته أيضا ، وحينئذ كيف يفضل الآخذ على المأخوذ منه ، وكيف يقدم من ليس له شيء منها على الحاوي لجميعها والمعطي لها؟!.

وقال القيصري شارحا لكلام ابن عربي الذي نقله الديار بكري عن الفصوص : « إنما أعاد ذكره ليبين أنه وإن تأخر وجود طينته فإنه موجود بحقيقته في عالم الأرواح ، وهو نبي قبل أن يوجد ويبعث للرسالة إلى الأمة ، لأنه قطب الأقطاب كلها أزلا وأبدا ، وغيره من الأنبياء ليس لهم النبوة إلاّ حين البعثة ، لأنه عليه‌السلام هو المقصود من الكون وهو الموجود أولا في العلم ، وبتفصيل ما يشتمل عليه مرتبته حصل أعيان العالم فيه.

وأيضا : أعيان الأنبياء بحسب استعداداتهم وإن كانوا طالبين ظهور النبوة فيهم لكنهم لم يظهروا مع أنوار الحقيقة المحمدية ، كاختفاء الكواكب وأنوارها عند طلوع الشمس ونورها ، فلمّا تحققوا في مقام الطبيعة الجسمية وظلمة الليالي العنصرية ظهروا بأنوارهم المختفية كظهور القمر والكواكب في الليلة المظلمة ».

وقال ابن عربي في ( الفصوص ) :

« فصّ ، حكمة فردية في كلمة محمدية ، إنما كانت حكمة فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع الانساني ، ولهذا بدئ به الأمر وختم ، فكان نبيا وآدم بين الماء والطين ، ثم كان بنشأته العنصرية خاتم النبيين وأول الأفراد الثلاثة ، وما زاد على هذه الأولية من الأفراد فإنه عنها ، وكان عليه‌السلام أدلّ على ربه ، فانه أوتي جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم ».

__________________

(١) تاريخ الخميس ١ / ١٩.

٢٢١

قال القيصري بشرح قوله « إنما كانت حكمة فردية إلخ » إنما كانت حكمة فردية لأنه أكمل موجود في هذا النوع وكل منهم مظهر لاسم كلي ، وجميع الكلمات داخل تحت الاسم الإلهي الذي هو مظهره ، فهو أكمل أفراد النوع ، ولكونه أكمل الافراد بدئ به أمر الوجود بإيجاد روحه أولا ، وختم به أمر الرسالة آخرا ، بل هو الذي ظهر بالصورة الآدمية في المبتدئية وهو الذي يظهر بالصورة الخاتميّة للنوع ، ويفهم هذا السر من يفهم سر الختميّة ، فلنكتف بالتعريض عن التصريح ، والله هو الولي الحميد ».

وقال بشرح قوله : « وما زاد على هذه الأولية إلخ ».

« أي : على هذه الفردية الأولوية هي الثلاث ، وهذه الثلاثة المشار إليها في الوجود هي الذات الأحدية والمرتبة الإلهية والحقيقة الروحانية المحمدية المسماة بالعقل الأول ، وما زاد عليها فهو صادر منها ، كما تقرر أيضا عند أصحاب النظر أن أول ما وجد هو العقل الأول ».

وقال بشرح « وكان عليه‌السلام أدلّ دليل على ربه إلخ ».

« أي : وإذا كان الروح المحمدي أكمل هذا النوع كان أدل دليل على ربه ، لأن الربّ لا يظهر إلا بمربوبه ومظهره ، وكمالات الذات بأجمعها إنما يظهر بوجوده ، لأنه أوتي جوامع الكلم التي هي أمهات الحقائق الإلهية والكونية الجامعة بجزئياتها ، وهي المراد بمسميات أسماء آدم ، فهو أدل دليل على الاسم الأعظم الإلهي » (١).

١٠ ـ التقدّم في الخلق من أدلة الأفضلية

: قال الديار بكري :

« في شرح المواقف قال بعضهم : إن المعلول الأول من حيث أنه مجرّد تعقل

__________________

(١) شرح فصوص الحكم للقيصري ٢٩٣.

٢٢٢

ذاته ومبدؤه يسمى عقلا ، ومن حيث أنه واسطة في صدور سائر الموجودات ونقوش العلوم يسمى قلما ، ومن حيث توسطه في إفاضة أنوار النبوة ومن حيث أن الكمالات المحمدية من أثر نور سيد الأنبياء صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حيث أنه سبب لحياته يسمى روحا ... » (١).

وقال أيضا :

« وفي شواهد النبوة : إن نبينا صلّى الله عليه وسلّم وإن كان آخر الأنبياء في عالم الشهادة لكنه أوّلهم في عالم الغيب ، قال عليه الصلاة والسلام : كنت نبيا وآدم بين الماء والطين.

بيانه : إن الله تعالى في أزل الآزال كان الله ولا شيء معه ، فجميع الشئون من غير امتياز من بعض ، وصورة معلومية ذلك الشأن تسمى تعينا أولا وحقيقة محمّدية ، وحقائق سائر الموجودات كلها أجزاء وتفاصيل ، فتلك الحقيقة والتجليات التي وقعت بصورها في الغيب إنما نشأت وانبعثت من التجلي بصور تلك الحقيقة ، والصورة الوجودية لتلك الحقيقة أولا في مرتبة الأرواح كانت جوهرا مجردا عبّر عنه الشارع صلّى الله عليه وسلّم تارة بالعقل ، وتارة بالقلم ، وتارة بالنور ، وتارة بالروح ، حيث قال صلّى الله عليه وسلّم : أول ما خلق الله العقل ، وأول ما خلق الله القلم ، وأول ما خلق الله روحي أو نوري ، ولا شك أن اختلاف العبارات رتبي ، إذ مرتبة الأولية حقيقة لا تصلح لغير شيء واحد ، والصورة الوجودية لتلك الحقيقة مرتبة بعد مرتبة ، حتى انتقلت إلى الصورة الجسمانية العنصرية الإنسانية التي أول أفرادها آدم ، فهو وسائر الأنبياء ما لم يظهروا بصورة جسمانية عنصرية في الشهادة لم يوصفوا بالنبوة ، بخلاف نبينا صلّى الله عليه وسلّم فإنه لما وجد بوجود روحاني بشره وأعلمه بالنبوة بالفعل ، وفي كلّ الشرائع أعطي الحكم له ، لكن بأيدي الأنبياء والرسل الذين كانوا نوابه ، كما أن عليا ومعاذ بن

__________________

(١) الخميس ١ / ١٩.

٢٢٣

جبل في عالم الشهادة ذهبا بنيابته إلى اليمن وبلّغا الأحكام ، فإن ثبوت النبوة ليس إلاّ باعتبار شرع مقرر من عند الله ، فجميع الشرائع شريعته إلى الخلق بأيدي نوابه ، ولما ظهر بالوجود الجسماني العنصري نسخ تلك الشرائع التي كان اقتضاها بحسب الباطن ، فإن اختلاف الأمم في الاستعدادات والقابليات مقتض لاختلاف الشرائع » (١).

وبمثله قال الملاّ معين في ( معارج النبوة ) (٢).

وصريح كلام الجامي في ( شواهد النبوة ) أن تقدمه صلّى الله عليه وسلّم في الخلق دليل على أفضليّته.

أقول : وكذلك علي عليه‌السلام لاتحاد نورهما ، فلا يجوز تقدم أحد عليه.

وقال الشيخ عبد الحق الدهلوي ما ترجمته ملخصا :

« اعلم أن أول المخلوقات والواسطة في خلق الكائنات ومن لأجله خلق آدم عليه‌السلام والعالم هو : محمّد صلّى الله عليه وسلّم ، فقد جاء في الصحيح : أول ما خلق الله نوري » (٣).

وفي ( حبيب السير ) :

« وأول ما خلق هو نور محمّد صلّى الله عليه وسلّم ، فقد روي عن أسد الله الغالب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه : أنه سأل خاتم الأنبياء صلّى الله عليه وسلّم عن أول شيء خلقه الله ، فقال : نور نبيك. وروى هذا عن جابر ابن عبد الله الأنصاري أيضا. ومن ذلك يظهر أن أفضل المخلوقات وأقدمها رسول الله ، لأن كل ما سوى الله مخلوق لأجله » (٤).

__________________

(١) تاريخ الخميس ١ / ١٩ ، عن شواهد النبوة لعبد الرحمن الجامي ، وما في تاريخ الخميس غير مطابق تماما لما في الشواهد.

(٢) معارج النبوة ١ / ٢.

(٣) مدارج النبوة ٢.

(٤) حبيب السير ١ / ١٠ ـ ١١.

٢٢٤

١١ ـ الأحاديث الواضحة الدلالة على أفضليّته بسبب تقدّمه في الخلق

: لقد وردت أحاديث كثيرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تنص على أفضليته من آدم وجميع الخلائق ، بسبب تقدمه في الخلق عليهم.

وبما أن عليا عليه‌السلام كان معه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكانا عليهما‌السلام من نور واحد ، فإنه كالنبي أفضل من غيره ، وجميع الخلائق مخلوقون لأجله أيضا ... وهكذا تثبت له جميع الفضائل الثابتة له صلّى الله عليه وسلّم ، وحينئذ فمن الغلط الفضيع والقبيح الشنيع تقدّم غيره عليه في الخلافة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ولنذكر بعض تلك الأحاديث :

الحديث الأول

ما رواه جماعة منهم ( الديار بكري ) و ( الكازروني ) و ( الملا معين ) و ( الجمال المحدّث ) عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. قال الديار بكري :

« وفي كيفية خلق نوره صلّى الله عليه وسلّم وردت روايات متعددة ، وحاصل الكلّ راجع إلى أن الله خلق نور محمّد صلّى الله عليه وسلّم قبل خلق السماوات والأرض والعرش والكرسي واللوح والقلم والجنة والنار والملائكة والانس والجن وسائر المخلوقات بكذا وكذا ألف سنة ، وكان يرى ذلك النور في فضاء عالم القدس.

فتارة يأمره بالسجود ، وتارة يأمره بالتسبيح والتقديس ، وخلق له حجبا

٢٢٥

وأقامه في كل حجاب مدة مديدة ، يسبح الله تعالى فيه بتسبيح خاص.

فبعد ما خرج من الحجب تنفس بأنفاس ، فخلق من أنفاسه أرواح الأنبياء والأولياء والصدّيقين والشهداء وسائر المؤمنين والملائكة. كما روى عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال :

سألت رسول الله عن أول شيء خلقه الله؟ قال : هو نور نبيك يا جابر ، خلقه ثم خلق منه كلّ خير وخلق بعده كلّ شيء ، وحين خلقه أقامه قدامه في مقام القرب اثني عشر ألف سنة ، ثم جعله أربعة أقسام : خلق العرش من قسم ، والكرسي من قسم ، وحملة العرش وخزنة الكرسي من قسم ، وأقام القسم الرابع في مقام الحب اثني عشر ألف سنة ، ثم جعله أربعة أقسام ، فخلق الخلق من قسم واللوح من قسم والجنة من قسم ، وأقام القسم الرابع في مقام الخوف اثني عشر ألف سنة ثم جعله أربعة أجزاء ، فخلق الملائكة من جزء وخلق الشمس من جزء ، وخلق القمر والكواكب من جزء ، وأقام الجزء الرابع في مقام الرجاء اثني عشر ألف سنة ، ثم جعله أربعة أجزاء ، فخلق العقل من جزء والحلم والعلم من جزء والعصمة والتوفيق من جزء ، وأقام الجزء الرابع في مقام الحباء اثني عشر ألف سنة ، ثم نظر الله سبحانه إليه فترشح النور عرقا فانقطرت منه مائة ألف وعشرون ألفا وأربعة آلاف قطرة من النور ، فخلق الله سبحانه من كل قطرة روح نبي أو رسول ، ثم تنفست أرواح الأنبياء فخلق الله من أنفاسهم نور الأولياء والسعداء والشهداء والمطيعين من المؤمنين إلى يوم القيامة.

فالعرش والكرسي من نوري ، والكروبيّون من نوري ، والروحانيّون من الملائكة من نوري ، وملائكة السماوات السبع من نوري ، والجنة وما فيها من النعيم من نوري ، والشمس والقمر والكواكب من نوري ، والعقل والعلم والتوفيق من نوري ، وأرواح الأنبياء والرسل من نوري ، والشهداء والصالحون من نتائج نوري.

ثم خلق سبحانه اثني عشر حجابا ، فأقام النور وهو الجزء الرابع في كل

٢٢٦

حجاب ألف سنة ، وهي مقامات العبودية وهي حجاب الكرامة والسعادة والهيبة والحرمة والرأفة والعلم والحلم والوقار والسكينة والصبر والصدق واليقين ، فعبد الله ذلك النور في كل حجاب ألف سنة.

فلمّا خرج النور من الحجب ركّبه الله في الأرض ، وكان يضيء منه ما بين المشرق والمغرب كالسراج في الليل المظلم ثم خلق الله آدم في الأرض ، وركّب فيه النور في جبينه ثم انتقل منه إلى شيث ، ومنه إلى بانش.

وهكذا كان ينتقل من طاهر إلى طيب إلى أن أوصله الله تعالى إلى صلب عبد الله بن عبد المطلب ، ومنه إلى رحم آمنة ، ثم أخرجني إلى الدنيا ، فجعلني سيد المرسلين وخاتم النبيّين ورحمة للعالمين وقائد الغر المحجلين.

هكذا بدأ خلق نبيك يا جابر. ذكره البيهقي » (١).

وفي ( المواهب اللدنية ) عن عبد الرزاق بسنده عن جابر مثله (٢).

الحديث الثاني

روى ( القسطلاني ) و ( محمّد بن يوسف الشامي ) عن ( ابن القطان ) وكذا الحلبي في ( إنسان العيون ) عن سيدنا علي بن الحسين عن أبيه عن جدّه عليهم‌السلام :

« إن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : كنت نورا بين يدي ربي قبل خلق آدم عليه‌السلام بأربعة عشر ألف عام » (٣).

قلت : وفي هذا من الدلالة على الأفضلية ما لا يخفى.

__________________

(١) تاريخ الخميس ١ / ١٩ ـ ٢٠.

(٢) المواهب اللدنية ١ / ٩.

(٣) انسان العيون ١ / ٤٩.

٢٢٧

الحديث الثالث

روى ( الدياربكري ) عن كعب الأخبار ، و ( القسطلاني ) عن عبد الله بن أبي حمزة و ( ابن سبع ) عنه واللفظ للأول ، قال :

« لما أراد الله تعالى أن يخلق محمّدا صلّى الله عليه وسلّم أمر جبرئيل فأتاه بالقبضة البيضاء التي هي موضع قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم ، فجعلت بماء التسنيم ثم غمست في أنهار الجنة وطيف بها في السموات والأرض ، فعرفت الملائكة محمّدا صلّى الله عليه وسلّم قبل أن تعرف آدم عليه‌السلام ثم عجنها بطينة آدم » (١).

الحديث الرابع

قال القسطلاني في ( المواهب اللدنية ) : « وفي الخبر : لما خلق الله آدم جعل ذلك النور النبوي المحمّدي في ظهره ، فكان يلمع في جبينه فيغلب على سائر نوره ، ثم رفعه الله تعالى على سرير مملكته ، وحمله على أكتاف الملائكة ، وأمرهم فطافوا به في السماوات ، ليرى عجائب ملكوته ».

وفي ( المنتقى ) : « في بعض الكتب في معنى قوله حين سئل : متى كنت نبيا؟ : كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد ، إن الله عز وجل وضع نور محمّد صلّى الله عليه وسلّم في جبهته ، وكان يزهر في جبهته مثل الشمع ، وكان الناس يتعجّبون منها ، حتى تمنى آدم رؤيتها من كثرة تعجب الناس منها ، وأمر الله تعالى أن يأتي إلى رأس إصبعه السبابة ، فقال : يا رب ما هذا؟ فقال : نور ولد من أولادك

__________________

(١) تاريخ الخميس ١ / ٢١.

٢٢٨

اسمه محمّد ، فأشار بإصبعه فقال : أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأن محمّدا رسول الله ، فصار هذا موضع الإشارة بالشهادة.

ثم ردّها إلى موضعها ، ثم جلس آدم مع حواء فذهب النور من جبهته مع النطفة إلى رحم حواء ، وكانت تزهر بين ثدييها مثل شمع ، فحملت بشيث ووضعها في جبهة شيث ، وأوحى الله إلى آدم أن لا تضيع هذه الوديعة إلاّ بالحلال ، ومر أولادك حتى لا يضيعوها إلاّ بالحلال ، فلما ولد شيث كان آدم يحبه من جميع أولاده لهذا النور.

وهذا معنى قوله تعالى ( وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ) أي في أصلاب الآباء وأرحام الأمهات ، ظهرا فظهرا وبطنا فبطنا ونكاحا من غير سفاح ».

الحديث الخامس

قال الكازروني : « وقيل : إن الحكمة في إباحة التيمم أن السماء كانت تفتخر على الأرض قبل مولد النبي صلّى الله عليه وسلّم ، وكانت تقول : إن العرش فيّ والحكمة [ الحملة ـ ظ ] فيّ والملائكة السبح فيّ ، والركع والسجّد فيّ ، والشمس والقمر فيّ ، والنجوم فيّ ، وأنت خلو عن هذا كله. فكانت السماء لها الفخر على الأرض.

إلى أن ولد الميمون محمّد صلّى الله عليه وسلّم وافتخرت الأرض على السماء حينئذ فقالت : إن كانت الشمس والقمر فيك والنجوم والملائكة فيك ، فقد ولد على ظهري النبي المبارك صلّى الله عليه وسلّم ، الذي نور الشمس من نوره ، ونور السماوات والأرض من نوره ، على ظهري ولادته وعلى ظهري تربيته وعلى ظهري مبعثه ودعوته وعلى ظهري تستعمل شريعته ، وعلى ظهري موته وحفرته وقبره ، فسمع الله افتخارها على السماء بنبيه محمّد صلّى الله عليه وسلّم فقال :

لا جرم حيث افتخرت بنبي محمّد جعلت تراب شرقك وغربك طهورا له

٢٢٩

ولأمته ، وجعلت شرق الأرض وغربها مساجد لهم ومصلى لافتخارك بمحمّد ، ولذلك قال صلّى الله عليه وسلّم : جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا.

ويقال : كان نوره في تلك الجوهرة التي خلق الله تعالى منها الأرض تزهر كما تزهر الشمس إلى الأرض.

وهذا ما قاله صلّى الله عليه وسلّم : افتخر السماء والأرض فقالت السماء : أنا أفضل لأنه فيّ الصافّون وفيّ المسبّحون وفيّ العرش والكرسي. وقالت الأرض :

بل أنا أفضل ، لأنّه فيّ الأنبياء والصالحون ، ونورك ونجومك من نور محمّد صلّى الله عليه وسلّم وهو فيّ. فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : فخصمتها بهذا أو مثل هذا » (١).

١٢ ـ دلالة الأحاديث على الأفضلية بسبب كون اسمه على العرش

وفي بعض الأحاديث دلالة واضحة على أفضلية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لكون اسمه مكتوبا على العرش :

قال أبو إسحاق الثعلبي : « أخبرنا أبو عمر محمّد الفريابي بإسناده عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لما أعطي موسى الألواح نظر فيها. فقال : يا رب لقد أكرمتني بكرامة لم تكرم بها أحدا من العالمين قبلي. قالَ : يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي ، فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ، أي بقوة وجد ومحافظة تموت على حب محمّد صلّى الله عليه وسلّم.

قال موسى : يا رب ومن محمّد؟

قال : أحمد الذي أثبت اسمه

على عرشي قبل أن أخلق السماوات

و الأرض بألفي عام ، وأنه نبيي وصفيي وخيرتي من خلقي ، وهو أحبّ إليّ من

__________________

(١) المنتقى في سيرة المصطفى ـ مخطوط.

٢٣٠

جميع خلقي وجميع ملائكتي.

فقال موسى : يا رب إن كان محمّد أحبّ إليك من جميع خلقك ، فهل خلقت أمة أكرم عليك من أمتي؟

قال الله تعالى : إن فضل أمة محمّد على سائر الأمم كفضلي على جميع الخلق » (١).

قلت : فإن وصفه عز وجل وتشريفه بأنه الذي أثبت اسمه على عرشه يدل على أن ذلك فضل عظيم يوجب ظهور أفضليته من جميع الخلائق ، فتقدم خلقه أيضا يدل على المعنى المذكور ، فعلي كذلك ، لأن خلقه من خلق النبي ، وهو مخلوق مما خلق منه.

١٣ ـ استدلال آدم (ع) لأفضليّة نبينا (ص) بكون اسمه مع اسم الله

وفي بعض الأحاديث الصحيحة سندا : أن آدم عليه‌السلام استدل على أفضليّة نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكونه أعظم قدرا عند الله ، بمقارنة اسمه لاسمه عز وجل في العرش ، وذلك عند التوسل به إلى الله ليغفر له خطيئته ...

وقد روى هذا الحديث جماعة من أعاظم حفاظ أهل السنة كالطبراني ، والقاضي عياض في ( الشفاء ) ، والسيوطي في ( الخصائص ) عن الحاكم والبيهقي وأبي نعيم وابن عساكر والطبراني ، والسمهودي في ( خلاصة الوفا ) عن الحاكم ، والقسطلاني في ( المواهب اللدنية ) ، والديار بكري في ( الخميس ) عن عياض ، والمناوي في ( الاتحافات السنية ) عن جماعة ، والحلبي في ( إنسان العيون ) وغيرهم.

قال الطبراني : « حدّثنا محمّد بن داود بن أسلم الصدفي المصري ، حدثنا

__________________

(١) العرائس : ٢٨٠.

٢٣١

أحمد بن سعيد المدني الفهري ، حدّثنا عبد الله بن إسماعيل المدني ، عن عبد الرحمن ابن زيد بن أسلم ، عن أبيه عن جده عن ابن الخطاب قال :

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لما أذنب آدم عليه‌السلام الذنب الذي أذنبه رفع رأسه إلى العرش وقال : أسألك بحق محمّد إلاّ غفرت لي ، فأوحى الله إليه : وما محمّد؟ ومن محمّد؟ فقال : تبارك اسمك ، لما خلقتني رفعت رأسي إلى عرشك فإذا فيه مكتوب لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله ، فعلمت أنه ليس أحد أعظم عندك قدرا ممن جعلت اسمه مع اسمك ، فأوحى الله عز وجل إليه : يا آدم إنه آخر النبيين من ذرّيّتك ، وإن أمته آخر الأمم من ذريتك » (١).

وقال الشيخ عبد الوهاب السبكي في ( شفاء الأسقام ) في معنى التوسل بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل خلقه وبعده وبعد موته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما نصه :

« أقول : إن التوسّل بالنبي صلّى الله عليه وسلّم جائز في كلّ حال قبل خلقه ، وبعد خلقه في مدة حياته في الدنيا وبعد موته ، في مدة البرزخ وبعد البعث في عرصات القيامة والجنة ، وهو على ثلاثة أنواع :

النوع الأول : أن يتوسل به بمعنى أن طالب الحاجة يسأل الله تعالى به أو بجاهه أو ببركته ، فيجوز ذلك في الأحوال الثلاثة ، وقد ورد في كلّ منها خبر صحيح ، أمّا الحالة الأولى قبل خلقه ، فيدل لذلك آثار عن الأنبياء الماضين صلوات الله عليهم وسلامه ، اقتصرنا منها على ما تبيّن لنا صحّته وهو :

ما رواه الحاكم أبو عبد الله ابن البيع في المستدرك على الصحيحين أو أحدهما قال : حدّثنا أبو سعيد عمرو بن محمّد بن منصور العدل ، حدّثنا أبو الحسن محمّد ابن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، حدّثنا أبو الحارث عبد الله بن مسلم الفهري ، حدّثنا إسماعيل بن مسلمة ، أخبرنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جدّه

__________________

(١) المعجم الصغير ٢ / ٨٢.

٢٣٢

عن عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لما اقترف آدم الخطيئة قال : يا رب أسألك بحق محمّد لما غفرت لي. فقال الله تعالى : يا آدم وكيف عرفت محمّدا ولم أخلقه؟ قال : يا رب لأنك لمّا خلقتني بيدك ونفخت فيّ من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله ، فعرفت أنك لم تضف إلى اسمك إلاّ أحب الخلق إليك. فقال الله : صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق ، إذ سألتني بحقه فقد غفرت لك ولو لا محمّد ما خلقتك.

قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ، وهو أول حديث ذكرته لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذا الكتاب.

ورواه البيهقي أيضا في دلائل النبوة وقال : تفرّد به عبد الرحمن.

وذكره الطبراني وزاد فيه وهو آخر الأنبياء من ذريتك.

وذكر الحاكم مع هذا الحديث أيضا عن علي بن جمشاد العدل ، حدثنا هارون بن العباس الهاشمي ، حدّثنا جندل بن والق ، حدّثنا عمرو بن أوس الأنصاري ، حدّثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس قال : أوحى الله إلى عيسى عليه‌السلام يا عيسى آمن بمحمّد ومر من أدركه من أمتك أن يومنوا به ، فلو لا محمّد ما خلقت آدم ، ولو لا محمّد ما خلقت الجنة والنار ، ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فكتبت لا إله إلاّ الله فسكن. قال الحاكم : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه. قاله الحاكم.

والحديث المذكور لم يقف ابن تيمية عليه بهذا الإسناد ، ولا بلغه أن الحاكم صححه فإنه قال ـ أعني ابن تيمية ـ : أما ما ذكروه في قصة آدم من توسله به فليس له أصل ولا نقله أحد عن النبي صلّى الله عليه وسلّم بإسناد يصلح الاعتماد عليه ولا الإعتبار ولا الاستشهاد. ثم ادعى ابن تيمية أنه كذب ، وأطال الكلام في ذلك جدّا بما لا حاصل تحته بالوهم والتخرص.

ولو بلغه أن الحاكم صححه لما قال ذلك ، أو لتعرض للجواب عنه ، وكأني

٢٣٣

به إن بلغه بعد ذلك يطعن في عبد الرحمن بن زيد بن أسلم راوي الحديث ، ونحن قد اعتمدنا في تصحيحه على الحاكم ، وأيضا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم لا يبلغ في الضعف إلى الحد الذي ادّعاه ، وكيف يحل لمسلم أن يتجاسر على منع هذا الأمر العظيم الذي لا يرده عقل ولا شرع. وقد ورد فيه هذا الحديث وسنزيد هذا المعنى صحة وتبيينا بعد استيفاء الأقسام. وأما ما ورد من توسل نوح وإبراهيم وغيرهما من الأنبياء فذكره المفسّرون واكتفينا عنه بهذا الحديث لجودته وتصحيحه ».

ليس أحد أعظم قدرا عند الله بعد النبي من علي لأن اسمه مع اسمهما

أقول : ولقد جاءت أحاديث كثيرة تنص على أن اسم علي عليه‌السلام مكتوب على العرش مع اسم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. وبذلك تظهر أفضليته من بعده ، وأنه أعظم قدرا عند الله بعد الرسول من جميع الخلق ، سواء الأنبياء وغيرهم.

ونحن نكتفي هنا بذكر بعض تلك الروايات ، فنقول :

١ ـ اسم علي مكتوب على العرش

ففي عدّة أحاديث في كتب أهل السنة مكتوب اسم أمير المؤمنين عليه الصلاة والسّلام على العرش بعد كلمة التوحيد واسم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فيعلم أنه ليس أحد أعظم عند الله قدرا ممن جعل اسمه مع اسمه واسم نبيه ، وقد جاء ذلك في رواية :

١ ـ القاضي عياض عن أبي الحمراء عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : « قال رسول الله : لما أسري بي إلى السماء ، إذا على العرش مكتوب : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله أيّدته بعلي » (١).

__________________

(١) الشفاء ـ ١٣٨.

٢٣٤

٢ ـ ابن المغازلي بسنده عن أبي الحمراء قال : « سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : لما أسري بي إلى السماء رأيت على ساق العرش الأيمن : أنا وحدي لا إله غيري ، غرست جنة عدن بيدي ، محمّد صفوتي ، أيّدته بعلي » (١).

٣ ـ الخوارزمي عنه : قال « قال : رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : رأيت ليلة أسري بي مثبتا على ساق العرش : أنا غرست جنة عدن بيدي محمّد صفوتي من خلقي أيّدته بعلي » (٢).

٤ ـ المحب الطبري حيث قال : « ذكر اختصاصه بتأييد الله نبيه صلّى الله عليه وسلّم به وكتبه ذلك على ساق العرش وعلى بعض الحيوان.

عن أبي الحمراء قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ليلة أسري بي إلى السماء نظرت إلى ساق العرش الأيمن ، فرأيت كتابا عن يمينه : محمّد رسول الله أيدته بعلي ونصرته به. خرجه الملاّ في سيرته.

عن ابن عباس قال : كنا عند النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا بطائر في فيه لوزة خضراء ، فألقاها في حجر النبي فقبّلها ثم كسّرها ، فإذا في جوفها ورقة خضراء مكتوبة : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله نصرته بعلي. خرّجه أبو الخير القزويني الحاكمي » (٣).

٥ ـ الزرندي قال : « ويروى أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : لما أسري بي رأيت في ساق العرش مكتوبا : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله صفوتي عن خلقي أيدته بعلي ونصرته به.

وفي رواية : رأيت على ساق العرش الأيمن مكتوبا : إني الله وحدي لا إله غيري ، غرست جنة عدن بيدي محمّد صفوتي أيّدته بعلي » (٤).

__________________

(١) المناقب لابن المغازلي ٣٩.

(٢) المناقب ٢٢٩.

(٣) الرياض النضرة ٢ / ٢٢٧.

(٤) نظم درر السمطين ١٢٠.

٢٣٥

٦ ـ شهاب الدين أحمد عن الطبري والزرندي كما تقدم ، وعن أبي الحمراء ثم قال : « رواه الحافظ أبو بكر الخطيب » (١).

٧ ـ السيوطي : « أخرج ابن عدي وابن عساكر عن أنس قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لما عرج بي رأيت على ساق العرش مكتوبا لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله أيدته بعلي » (٢).

٨ ـ ولي الله الدهلوي عن أنس كذلك (٣).

وفي رواية غيرهم ...

٢ ـ اسم علي مقرون باسم النبي في مواطن

ولقد قرن اسم علي عليه‌السلام باسم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد كلمة التوحيد في أربعة مواطن ، جاء ذلك في حديث رواه السيد الهمداني :

« عن علي رضي‌الله‌عنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : إني رأيت اسمك مقرونا باسمي في أربعة مواطن فأنست بالنظر إليه : لما بلغت بيت المقدس في معراجي إلى السماء وجدت على صخرة بها : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله أيدته بوزيره ونصرته بوزيره. فقلت لجبرئيل : ومن وزيري؟ قال : علي بن أبي طالب ، فلما انتهيت إلى سدرة المنتهى وجدت عليها : إني أنا الله لا إله إلاّ أنا وحدي ومحمّد صفوتي من خلقي أيدته بوزيره ونصرته بوزيره. فقلت لجبرئيل : من وزيري؟ قال : علي بن أبي طالب ، فلما جاوزت من سدرة المنتهى وانتهيت إلى عرش رب العالمين وجدت مكتوبا على قوائمه : إني أنا الله لا إله إلاّ أنا محمّد حبيبي من خلقي أيدته بوزيره ونصرته بوزيره. فلما هبطت إلى الجنة وجدت مكتوبا على

__________________

(١) توضيح الدلائل ـ مخطوط.

(٢) الخصائص الكبرى ١ / ٧ ، وانظر الدر المنثور له ٤ / ١٥٣.

(٣) إزالة الخفا ٢ / ١٤٨.

٢٣٦

باب الجنة : لا إله إلاّ أنا محمّد حبيبي من خلقي أيّدته بوزيره ونصرته بوزيره » (١).

٣ ـ اسم علي مكتوب على باب الجنة

وروي أن اسمه مكتوب مع اسم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعنوان « أخو رسول الله » على باب الجنة.

وقد جاء ذلك في رواية جماعة منهم :

١ ـ الخوارزمي بسنده عن جابر بن عبد الله حيث قال : « أخبرني شهردار هذا إجازة قال : أخبرنا محمود بن إسماعيل الأشقر قال : أخبرنا أحمد بن الحسين ابن فادشاه قال : أخبرنا الطبراني عن محمّد بن عثمان بن أبي شيبة ، عن زكريا بن يحيى بن سالم ، عن أشعث بن عمر ، عن الحسن بن صالح ـ وكان يفضّل على الحسن ـ عن مسدد عن عطية عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : مكتوب على باب الجنة محمّد رسول الله علي بن أبي طالب أخو رسول الله قبل أن يخلق الله السماوات والأرض بألفي عام » (٢).

٢ ـ شهاب الدين أحمد في « الباب الرابع عشر في أن اسمه قرين اسم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في العرش والجنان ، فيا له من روح الروح وبرد الجنان » عن الصالحاني بإسناده عن ابن مردويه عن جابر مرفوعا ، وعن الخطيب عن جابر ... وفيه : بألف ألف سنة (٣).

٣ ـ الصفوري قال : « وعنه صلّى الله عليه وسلّم : مكتوب على باب الجنة : محمّد رسول الله علي أخو رسول الله ، قبل أن يخلق السموات بألفي عام » (٤).

__________________

(١) مودة القربى. انظر ينابيع المودة : ٢٥٦.

(٢) مناقب أمير المؤمنين ٨٧.

(٣) توضيح الدلائل ـ مخطوط.

(٤) نزهة المجالس ٢ / ٢٠٧.

٢٣٧

٤ ـ محمّد صدر عالم عن الطبراني في الأوسط وابن عساكر والخطيب في المتفق والمفترق عن جابر عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ... (١).

٥ ـ البدخشاني عن الطبراني والخطيب كما تقدم. ثم قال : « وفي رواية أخرى عند أحمد عنه مرفوعا : رأيت مكتوبا على باب الجنة لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله علي أخوه » (٢).

٤ ـ « علي ولي الله » مكتوب على أبواب الجنة

وفي رواية عن ابن مسعود عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مكتوب على كلّ باب من أبواب الجنة « لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله علي ولي الله » وبعدها كلمات فيها حكم عالية ومواعظ غالية ، وقد جاء ذلك في رواية :

١ ـ الحمويني بسنده عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث طويل يشتمل على فوائد جمة ...

٢ ـ الزرندي عن الحمويني في ( نظم درر السمطين ).

٣ ـ السيد شهاب الدين أحمد عن الزرندي عن الحمويني.

وهذا نصه بطوله عن الحمويني :

« عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لما أسري بي إلى السماء أمر بعرض الجنة والنار عليّ ، فرأيتهما جميعا رأيت الجنة وألوان نعيمها ، ورأيت النار وأنواع عذابها ، فلمّا رجعت قال لي جبرئيل عليه‌السلام : قرأت يا رسول الله ما كان مكتوبا على باب الجنة وما كان مكتوبا على أبواب النار؟ فقلت : لا يا جبرئيل. فقال : إن للجنة ثمانية أبواب على كلّ باب

__________________

(١) معارج العلى ـ مخطوط.

(٢) مفتاح النجا ـ مخطوط.

٢٣٨

منها أربع كلمات كلّ كلمة خير من الدنيا وما فيها لمن تعلّمها واستعملها ، وإن للنار سبعة أبواب على كلّ باب منها ثلاث كلمات كلّ كلمة خير من الدنيا وما فيها لمن تعلّمها وعرفها فقلت : يا جبرئيل إرجع معي لأقرأها ، فرجع مع جبرئيل عليه‌السلام فبدأ بأبواب الجنة.

فإذا على الباب الأول مكتوب : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله علي ولي الله ، لكلّ شيء حيلة وحيلة طلب العيش في الدنيا أربع خصال : القناعة ونبذ الحقد وترك الحسد ومجالسة أهل الخير.

وعلى الباب الثاني مكتوب لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله علي ولي الله ، لكلّ شيء حيل وحيلة السرور في الآخرة أربع خصال : مسح رأس اليتامى والتعطف على الأرامل والسعي في حوائج المسلمين وتفقد الفقراء والمساكين.

وعلى الباب الثالث مكتوب لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله علي ولي الله ، لكلّ شيء حيلة وحيلة الصحة في الدنيا أربع خصال : قلّة الطعام وقلّة الكلام ، وقلّة المنام ، وقلّة المشي.

وعلى الباب الرابع مكتوب لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله علي ولي الله ، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليبرّ والديه ، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت.

وعلى الباب الخامس مكتوب لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله علي ولي الله ، من أراد أن لا يذل فلا يذل ، ومن أراد أن لا يشتم فلا يشتم ، ومن أراد أن لا يظلم فلا يظلم ، ومن أراد أن يستمسك بالعروة الوثقى فليستمسك بقول لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله.

وعلى الباب السادس منها مكتوب لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله علي ولي الله ، من أحبّ أن يكون قبره واسعا فسيحا فلينقّ المساجد ، من أحبّ أن لا يأكله الديدان تحت الأرض فليكنس المساجد ، من أحبّ أن لا يظلم لحده فلينوّر

٢٣٩

المساجد ، من أحبّ أن يبقى طريّا تحت الأرض فليشتر بسط المساجد.

وعلى الباب السابع منها مكتوب لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله علي ولي الله ، بياض القلب في أربع خصال : في عيادة المريض واتّباع الجنائز وشراء أكفان الموتى ورفع القرض.

وعلى الباب الثامن منها مكتوب لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله علي ولي الله ، من أراد الدخول من هذه الأبواب الثمانية فليستمسك بأربع خصال : بالصدقة والسخاء وحسن الخلق وكف الأذى عن عباد الله عز وجل.

ثم جئنا إلى النار فإذا على الباب الأول منها ثلاث كلمات : لعن الله الكاذبين ، لعن الله الباخلين ، لعن الله الظالمين.

وعلى الباب الثاني منها مكتوب : من رجى الله سعد ، ومن خاف الله أمن ، والهالك المغرور من رجى سوى الله وخاف غيره.

وعلى الباب الثالث منها مكتوب : من أراد أن لا يكون عريانا في القيامة فليكس الجلود العارية ، ومن أراد أن لا يكون جائعا في القيامة فليطعم الجائع في الدنيا ، ومن أراد أن لا يكون عطشانا في يوم القيامة فليسق العطشان في الدنيا.

وعلى الباب الرابع منها مكتوب : أذلّ الله من أهان الإسلام ، أذلّ الله من أهان أهل البيت بيت نبي الله صلّى الله عليه وسلّم ، أذلّ الله من أعان الظالمين على ظلم المخلوقين.

وعلى الباب الخامس لا تتبّع الهوى فإن الهوى يجانب الايمان ، ولا تكثر منطقك فيما لا يعنيك فتسقط من عين ربك ، ولا تكن عونا للظالمين فإن الجنة لم تخلق للظالمين.

وعلى الباب السادس منها مكتوب : أنا حرام على المجتهدين ، أنا حرام على المصدقين ، أنا حرام على الصائمين.

وعلى الباب السابع منها مكتوب : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وبّخوا أنفسكم قبل أن توبخوا وادعوا الله عز وجل قبل أن تردوا عليه فلا تقدروا على

٢٤٠