نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ٥

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ٥

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٩٠

قوله :

« ما رووا من أنه صلّى الله عليه وسلّم قال : كنت أنا وعلي بن أبي طالب نورا بين يدي الله ... ».

أقول :

قوله : « ما رووا » يشعر زعمه اختصاص رواية هذا الحديث بالشيعة ... وهذا ديدنه ودأبه عند رد كل فضيلة من فضائل علي أمير المؤمنين عليه‌السلام.

وأنت ان ألقيت نظرة على القسم المتقدم من الكتاب عرفت كذبه ومدى تعصبه وإنكاره للحقائق الراهنة.

ثم لم لم ينقل لفظا من ألفاظه من طريق الامامية حتى يتضح مورد الطعن في سنده ان كان؟! ولم لم يشر الى تعدد طرقه لديهم؟!

ان هذا الحديث الشريف من الأحاديث المتفق عليها بين الطرفين ، وبما أنا نقلنا روايته عند أهل السنة بطرقهم ننقل هنا بعض أسانيده وألفاظه عن كبار علماء الامامية ومحدثيهم :

١٤١

حديث النور

عند الامامية

لقد روى هذا الحديث جماعة كبيرة من كبار علماء هذه الطائفة نذكر فيما يلي بعضهم :

١ ـ أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني (١) ، فقد قال ما نصّه :

« أحمد بن إدريس ، عن الحسين بن عبد الله الصغير ، عن محمّد بن إبراهيم الجعفري ، عن أحمد بن علي بن محمّد بن عبد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٢) قال : إن الله كان إذ لا كائن ، فخلق الكان والمكان ، وخلق نور الأنوار الذي نورت منه الأنوار ، وأجرى فيه من نوره الذي نوّرت منه الأنوار ، وهو النور الذي خلق منه محمّدا وعليا ، فلم يزالا نورين أوّلين إذ لا شيء كون قبلهما ، فلم يزالا يجريان طاهرين مطهّرين في الأصلاب الطاهرة ، حتى افترقا في أطهر طاهرين عبد الله وأبي طالب » (٣).

وروى بسنده عن جابر بن يزيد قال :

« قال لي أبو جعفر (٤) : يا جابر : إن الله أول ما خلق خلق محمّدا وعترته الهداة المهديين ، كانوا أشباح نور بين يدي الله.

قلت : وما الأشباح؟

قال : ظل النور ، أبدان نورانية بلا أرواح ، وكان مؤيّدا بروح واحد ، وهي

__________________

(١) الملقب « ثقة الإسلام » شيخ الامامية في وقته. توفي ببغداد سنة ٣٢٩.

(٢) « أبو عبد الله » كنية سيدنا الامام جعفر بن محمّد الصادق عليه‌السلام.

(٣) الكافي ١ / ٤٤١.

(٤) كنية سيدنا الامام محمّد بن علي الباقر عليه‌السلام.

١٤٢

روح القدس ، فيه كان يعبد الله وعترته ، ولذلك خلقهم حلماء ، علماء ، بررة أصفياء يعبدون الله بالصلاة والصوم والسجود والتسبيح والتهليل ، ويصلّون الصلاة ويحجون ويصومون » (١).

وبسنده عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال :

« قال الله تبارك وتعالى : يا محمّد ، إني خلقتك وعليا نورا ـ يعني روحا بلا بدن ـ قبل أن أخلق سماواتي وأرضي وعرشي وبحري ، فلم تزل تهللني وتمجّدني ، ثم جمعت روحيكما فجعلتهما واحدة ، فكانت تمجدني وتقدسني وتهللني ، ثم قسمتها اثنتين وقسمت الثنتين ثنتين فصارت أربعة ، محمّد واحد ، وعلي واحد ، والحسن والحسين ثنتان ، ثم خلق الله فاطمة من نور ابتدأها روحا بلا بدن ، ثم مسحنا بيمينه فأضاء نوره فينا » (٢). وبسنده عن المفضل بن عمر قال : « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : كيف كنتم حيث كنتم في الأظلة؟ فقال : يا مفضل ، كنا عند ربنا ليس عنده أحد غيرنا ، في ظلة خضراء ، نسبحه ونقدسه ونهلله ونمجده ، وما من ملك ولا ذي روح غيرنا حتّى بدا له في خلق الأشياء ، فخلق ما شاء وكيف شاء من الملائكة وغيرهم ، ثم أنهى علم ذلك إلينا » (٣).

وبسنده عن محمّد بن سنان قال :

« كنت عند أبي جعفر الثاني (٤) فأجريت إختلاف الشيعة فقال : يا محمّد إن الله تبارك وتعالى لم يزل متفردا بوحدانيته ، ثم خلق محمّدا وعليا وفاطمة فمكثوا ألف دهر ، ثم خلق جميع الأشياء فأشهدهم خلقها وأجرى طاعتهم عليها وفرض أمورها إليهم ، فهم يحلون ما يشاؤن ويحرّمون ما يشاؤن ، ولن يشاءوا إلاّ أن يشاء

__________________

(١) الكافي ١ / ٤٤٢.

(٢) المصدر ١ / ٤٤٠.

(٣) المصدر ١ / ٤٤١.

(٤) وهو سيدنا الامام محمّد بن علي التقي الجواد التاسع من الأئمة الاثني عشر عليهم‌السلام.

١٤٣

الله تبارك وتعالى.

يا محمّد ، هذه الديانة التي من تقدمها مرق ، ومن تخلّف عنها محق ، ومن لزمها لحق ، خذها إليك يا محمّد » (١).

٢ ـ أبو عبد الله محمّد بن العباس بن ماهيار (٢) في كتابه ( ما نزل من القرآن في أهل البيت ) بسنده عن أشياخ من آل علي بن أبي طالب قالوا :

« قال علي عليه‌السلام في بعض خطبه : إنا آل محمّد كنا أنوارا حول العرش ، فأمرنا الله تعالى بالتسبيح فسبّحنا وسبّحته الملائكة بتسبيحنا ، ثم أهبطنا إلى الأرض فأمرنا بالتسبيح فسبّحنا فسبّحته أهل الأرض بتسبيحنا ، فإنا لنحن الصّافون وإنا لنحن المسبّحون » (٣).

٣ ـ فرات بن إبراهيم (٤) بسنده عن ابن عباس يقول : « كنت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وساق الحديث إلى أن قال ـ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خلقني الله نورا تحت العرش قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف سنة ، فلمّا أن خلق الله آدم ألقى النور في صلب آدم ، فأقبل ينتقل ذلك النور من صلب إلى صلب حتى افترقنا في صلب عبد الله بن عبد المطلب وأبي طالب ، فخلقني ربي من ذلك النور ، لكنه لا نبي بعدي » (٥).

كما روى حديث الأشباح في حديث يصف فيه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عروجه إلى السماء لأبي ذر رضي‌الله‌عنه (٦).

٤ ـ أبو جعفر محمّد بن علي بن بابويه القمي (٧) ، فقد رواه في كتابه

__________________

(١) الكافي ١ / ٤٤٠ ـ ٤٤١.

(٢) المعروف بابن حجام من أجلاء علماء الامامية.

(٣) أنظر : غاية المرام ص ١٢.

(٤) فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي ، من مشايخ الشيخ علي بن بابويه القمي ومن قدماء الطائفة.

(٥) تفسير فرات ١ / ١٩٠ وانظر ١ / ١٠٧.

(٦) تفسير فرات ١ / ١٣٤.

(٧) الملقب بـ « رئيس المحدثين الصدوق » له نحو من ٣٠٠ مصنف ، توفي بالري سنة ٣٨١.

١٤٤

( الخصال ) بسنده عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :

« كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله جل جلالته قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلم خلق الله آدم سلك ذلك النور في صلبه ، فلم يزل الله عز وجل ينقله من صلب إلى صلب حتى أقره في صلب عبد المطلب ، ثم أخرجه من صلب عبد المطلب ، فقسّمه قسمين ، فصير قسمي في صلب عبد الله ، وقسم علي في صلب أبي طالب ، فعلي مني وأنا من علي ، لحمه من لحمي ، ودمه من دمي ، فمن أحبه فبحبي أحبه ، ومن أبغضه فببغضي أبغضه » (١).

وفيه بسنده عن سيدنا الامام الرضا عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خلقت أنا وعلي من نور واحد » (٢).

ورواه في كتابه ( علل الشرائع ) بسنده عن معاذ بن جبل :

« إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إن الله خلقني وعليا وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق الدنيا بسبعة آلاف عام.

قلت : فأين كنتم يا رسول الله؟

قال : قدام العرش نسبّح الله ونحمده ونقدّسه ونمجّده.

قلت : على أيّ مثال؟

قال : أشباح نور ... » (٣).

وفيه بسنده عن الامام الصادق عليه‌السلام في حديث طويل :

« إن محمدا وعليا عليهما‌السلام كانا نورا بين يدي الله عز وجل قبل خلق الخلق بألفي عام ، وإن الملائكة لما رأت ذلك النور رأت له أصلا وقد انشعب منه شعاع لامع ، فقالت : إلهنا وسيدنا ما هذا النور؟ فأوحى الله عز وجل إليهم : هذا

__________________

(١) الخصال ٦٤٠.

(٢) المصدر ٣١ وانظر عيون أخبار الرضا له ٢ / ٥٩.

(٣) علل الشرائع ١ / ٢٠٨ ـ ٢٠٩.

١٤٥

نور من نوري أصله نبوة وفرعه إمامة ، فأما النبوة فلمحمّد عبدي ورسولي ، وأما الامامة فلعلي حجتي ووليي ، ولولاهما ما خلقت خلقي ... » (١).

ورواه في كتابه ( كمال الدين وتمام النعمة ) بسنده عن مولانا الامام علي بن الحسين عليهما‌السلام :

« إن الله عز وجل خلق محمّدا وعليا والأئمة الأحد عشر من نور عظمته أرواحا في ضياء نوره ، يعبدونه قبل خلق الخلق يسبّحون الله عز وجل ويقدّسونه ، وهم الأئمة الهادية من آل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين » (٢).

وفيه بسنده عن الصادق عليه‌السلام قال :

« إنّ الله تعالى خلق أربعة عشر نورا قبل خلق الخلق بأربعة عشر ألف عام ، فهي أرواحنا.

فقيل له : يا ابن رسول الله ومن الأربعة عشر؟

فقال : محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين ، آخرهم القائم الذي يقوم بعد غيبته ، فيقتل الدجال ، ويطهّر الأرض من كلّ جور وظلم » (٣).

ورواه في كتابه ( النصوص على الأئمة الاثني عشر ) بسنده عن أنس بن مالك قال :

« كنت أنا وأبو ذر وسلمان وزيد بن ثابت وزيد بن أرقم عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ... ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

خلفني الله تبارك وتعالى وأهل بيتي من نور واحد قبل أن يخلق آدم بتسعة آلاف عام ، ثم نقلنا إلى صلب آدم ، ثم نقلنا من صلب آدم إلى أصلاب الطاهرين ومنها إلى أرحام الطاهرات ... » (٤).

__________________

(١) علل الشرائع ، وانظر معاني الأخبار له ص ٥٦.

(٢) كمال الدين ١ / ٣١٨.

(٣) كمال الدين ٢ / ٣٣٥ ـ ٣٣٦.

(٤) أنظر غاية المرام ص ١١ ـ ١٢.

١٤٦

٥ ـ السيد هاشم البحراني (١).

روى حديث النور عن ابن بابويه عن الصادق عليه‌السلام. وعنه عن الرضا عليه‌السلام ، إلى غير ذلك ... (٢).

٦ ـ الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان البغدادي (٣) ... رواه بسنده عن سلمان رضي‌الله‌عنه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث طويل : « خلقني الله من صفرة نوره ودعاني فأطعت ، وخلق من نوري عليا فدعاه فأطاعه ، وخلق من نوري ونور علي فاطمة فدعاها فأطاعته ، وخلق مني ومن نور علي وفاطمة الحسن والحسين فدعاهما فأطاعاه ، فسمّانا بالخمسة الأسماء من أسمائه : الله المحمود وأنا محمّد ، والله العلي وهذا علي ، والله الفاطر وهذه فاطمة ، والله ذو الإحسان وهذا الحسن ، والله المحسن وهذا الحسين.

ثم خلق منا من صلب الحسين تسعة أئمة فدعاهم فأطاعوه ، قبل أن يخلق الله سماء مبنية وأرضا مدحيّة أو هواء أو ماء أو ملكا أو بشرا ، وكنا بعلمه نورا نسبّحه ونسمع ونطيع ... ».

٧ ـ أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (٤) ... رواه بسنده عن أنس بن مالك عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وايضا بسنده عن سيدنا ومولانا الامام علي بن محمّد الهادي عن آبائه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ... (٥).

وروى بسنده عن الصادق عليه‌السلام عن أبيه عن أمير المؤمنين عليه

__________________

(١) صاحب البرهان في تفسير القرآن وغيره ، من ثقات محدثي الامامية ، توفي سنة ١١٠٧.

(٢) غاية المرام ـ الباب الثاني ص ٨ ـ ١٣.

(٣) شيخ مشايخ الامامية في الفقه والحديث والكلام ، توفي ببغداد سنة ٤١٣.

(٤) شيخ الطائفة صاحب التبيان في تفسير القرآن. وتهذيب الأحكام ، والخلاف في الفقه وغيرها من المصنفات ، توفي بالغري الشريف سنة ٤٦٠.

(٥) الامالي ١ / ١٨٦ ، ١ / ٣٠٠ ـ ٣٠١.

١٤٧

السّلام : « إنه كان ذات يوم جالسا بالرحبة والناس حوله مجتمعون ، فقام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين إنك بالمكان الذي أنزلك الله عز وجل به وأبوك يعذب بالنار؟ فقال له : مه فض الله فاك ، والذي بعث محمّدا بالحق لو شفع أبي في كلّ مذنب على وجه الأرض شفّعه الله فيهم ، أنى يعذب بالنار وابنه قسيم النار! ثم قال : والذي بعث محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّ نور أبي طالب يوم القيامة ليطفئ أنوار الخلق إلاّ خمسة أنوار : نور محمّد ، ونوري ، ونور فاطمة ، ونور الحسن والحسين ، ومن ولدته من الأئمة ، لأن نوره من نورنا الذي خلقه الله تعالى من قبل أن يخلق آدم بألفي عام » (١).

وفيه بسنده عن أنس بن مالك في حديث :

« فقلت : يا رسول الله صف لي كيف علي أخوك؟

قال : إن الله عز وجل خلق ماء تحت العرش قبل أن يخلق آدم بثلاثة آلاف عام ، وأسكنه في لؤلؤة خضراء في غامض علمه ، إلى أن خلق آدم ، فلما أن خلق آدم نقل ذلك الماء من اللؤلؤة فأجراه في صلب آدم إلى أن قبضه الله ثم نقله إلى صلب شيث. فلم يزل ذلك الماء ينتقل من ظهر إلى ظهر حتى صار في صلب عبد المطلب ، ثم شقّه الله عز وجل نصفين ، فصار نصفه في أبي عبد الله بن عبد المطلب ونصفه الآخر في أبي طالب ، فأنا من نصف الماء وعلي من النصف الآخر ، فعلي أخي في الدنيا والآخرة ، ثم قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً ) (٢).

وفيه بسنده عن موسى بن جعفر عليهما‌السلام قال : « إن الله تبارك وتعالى خلق نور محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من اختراعه من نور عظمته وجلاله ... فلما أراد أن يخلق محمّدا منه قسّم ذلك النور شطرين ، فخلق من الشطر الأول محمّدا ومن الشطر الآخر علي بن أبي طالب ،

__________________

(١) الأمالي ١ / ٣١١ ـ ٣١٢.

(٢) المصدر ١ / ٣٢٠.

١٤٨

ولم يخلق من ذلك النور غيرهما ... » (١).

وفيه بسنده عن سيدنا علي بن الحسين عن أبيه عن جده أمير المؤمنين عليه الصلاة والسّلام قال :

« قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : يا علي ، خلق الله الناس من أشجار شتى وخلقني وأنت من شجرة واحدة ، أنا أصلها وأنت فرعها » (٢).

وفيه بسنده عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : « ألا إني عبد الله وأخو رسوله وصديقه الأول ، قد صدّقت وآدم بين الروح والجسد ، ثم إني صدّيقه الأول في أمتكم حقا ، نحن الوارثون الأول ونحن الآخرون » (٣).

ورواه في كتابه ( مصباح الأنوار ) بإسناده : « عن أنس عن النبي يصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إن الله خلقني وخلق عليا وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق آدم ... » (٤).

٨ ـ قطب الدين أبو الحسين سعيد بن هبة الله بن الحسين الراوندي (٥) بسنده عن سعدان قال :

« قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله قبل أن يخلق آدم بأربع عشرة آلاف سنة ، فلما خلق آدم قسّم ذلك النور جزءين وركّبه في صلب آدم ، وأهبطه إلى الأرض ، ثم حمله في السفينة في صلب نوح ، ثم قذفه في الأرض في صلب إبراهيم ، فجزء أنا وجزء علي ، والنور يزول معنا حيث زلنا » (٦).

__________________

(١) بحار الأنوار عن الأمالي.

(٢) بحار الأنوار ٦ / ٥ الطبعة القديمة.

(٣) بحار الأنوار عن الأمالي.

(٤) بحار الأنوار ٦ / ٣ عن كنز جامع الفوائد عن مصباح الأنوار.

(٥) صاحب فقه القرآن ومنهاج البراعة في شرح نهج البلاغة وغيرهما ، من مشاهير فقهاء ومحدثي الإمامية ، توفي سنة ٥٧٣.

(٦) البحار ٩ / ٧ عن الخرائج والجرائح.

١٤٩

٩ ـ حسين بن حمدان الحضيني (١) قال.

« روي عن مجاهد عن ابن عمر وأبي سعيد الخدري قالا : كنّا جلوسا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إذ دخل سلمان الفارسي ، وأبو ذر الغفاري ، والمقداد بن الأسود ، وعمار بن ياسر ، وحذيفة بن اليمان ، وأبو الهيثم بن التيهان ، وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين ، وأبو الطفيل عامر بن واثلة ، فجثوا بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ والحزن ظاهر في وجوههم ـ فقالوا : فديناك بالآباء والأمهات يا رسول الله : إنا نسمع من قوم في أخيك وابن عمك ما يحزننا ، وإنا نستأذنك في الردّ عليهم.

فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما عساهم يقولون في أخي وابن عمي علي ابن أبي طالب؟

فقالوا : يقولون أي فضل لعلي في سبقه إلى الإسلام ، وإنما أدركه الإسلام طفلا ، ونحو هذا القول.

فقال عليه‌السلام : فهذا يحزنكم؟

قالوا : أي والله.

فقال ... قد علمتم جميعا إن الله عزّ وجلّ خلقني وعليا من نور واحد ... ثم افترق نورنا فصار نصفه في عبد الله ونصفه في أبي طالب عمي ... » (٢).

١٠ ـ جمال الدين الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر العلامة الحلي (٣) : رواه في حديث طويل ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن جدّه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن جبرئيل قوله :

« يا محمّد ، إن الله جعلك سيد الأنبياء وعليا سيد الأوصياء وخيرهم ، وجعل الأئمة من ذريتكما إلى أن يرث الأرض ومن عليها.

__________________

(١) المتوفى سنة ٣٥٨ ، من رواة الامامية.

(٢) البحار ٩ / ٥ عن كتاب الروضة.

(٣) هو رئيس علماء الطائفة في عصره ومروج المذهب في وقته ، صنف في كل علم ، وأحاط من الفنون بما لم يحط به أحد من الناس ، توفي سنة ٧٢٦ ودفن بجوار أمير المؤمنين عليه‌السلام.

١٥٠

فسجد علي صلوات الله عليه وجعل يقبّل الأرض شكرا لله تعالى.

وإن الله جلّ اسمه خلق محمّدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام أشباحا يسبّحونه ويمجّدونه ويهللون بين يدي عرشه قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فجعلهم نورا ينقلهم في ظهور الأخيار من الرجال وأرحام الخيرات المطهرات المهذبات من النساء من عصر إلى عصر ، فلما أراد الله عز وجل أن يبيّن لنا فضلهم ويعرّفنا منزلتهم ويوجب علينا حقهم أخذ ذلك النور فقسّمه قسمين ، جعل قسما في عبد الله بن عبد المطلب فكان منه سيد النبيين وخاتم المرسلين وجعل فيه النبوة ، وجعل القسم الثاني في عبد مناف ـ وهو أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ـ فكان منه علي أمير المؤمنين وسيد الوصيين ، وجعله رسول الله وليه ووصيه وخليفته وزوج ابنته وقاضي دينه وكاشف كربته ومنجز وعده وناصر دينه » (١).

١١ ـ حسن بن محمّد الديلمي (٢).

روى هذا الحديث عن سلمان رضي‌الله‌عنه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣).

وعن ابن مهران أنه :

« سئل عبد الله بن العباس عن تفسير قول الله تعالى : ( وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ ) قال : كنا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأقبل علي بن أبي طالب ، فلمّا رآه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تبسم في وجهه وقال : مرحبا بمن خلقه الله تعالى قبل كلّ شيء ، خلقني الله وخلق عليا قبل أن يخلق آدم بهذه المدّة ، خلق نورا فقسّمه نصفين فخلقني من نصفه وخلق عليا من النصف الآخر قبل الأشياء ، فنوّرها من نوري ونور علي ، ثم جعلنا من يمين العرش ، ثم خلق الملائكة فسبّحنا فسبّحت الملائكة ، وهلّلنا فهلّلت

__________________

(١) البحار ٩ / ٧ عن كشف اليقين في إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام.

(٢) من محدثي الإمامية.

(٣) إرشاد القلوب ٢ / ١٩٣.

١٥١

الملائكة ، وكبّرنا فكبّرت الملائكة ، وكان ذلك من تعليمي وتعليم علي » (١).

١٢ ـ محمّد بن علي بن أحمد الفاسي (٢).

روى هذا الحديث عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣).

١٣ ـ شرف الدين بن علي النجفي (٤).

رواه « عن محمّد بن زياد قال : سأل ابن مهران عبد الله بن العباس عن تفسير قوله تعالى : ( وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ ) فقال ابن عباس : إنّا كنّا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ... » (٥).

١٤ ـ الشيخ محمّد باقر المجلسي (٦).

رواه بألفاظ عديدة وطرق مختلفة في كتابه العظيم ( بحار الأنوار ) وغيره من مصنفاته الشهيرة.

من فوائد الاستشهاد بأخبار الإمامية :

ثم إن الاستشهاد بأحاديثنا ـ للحاجة إلى ذلك في أمثال المقام ـ يفيدنا من جهات أخرى منها :

(١) أنه قال ابن روزبهان في ردّ كلام العلامة قدس‌سره ما نصه :

« والعجب أن هذا الرجل لا ينقل حديثا إلاّ من جماعة أهل السنة ، لأن الشيعة ليس لهم كتاب ولا رواية ولا علماء مجتهدون مستخرجون للأخبار ، فهو في إثبات ما يدّعيه عيال على كتب أهل السنة ».

__________________

(١) إرشاد القلوب ٢ / ١٩٥.

(٢) من علماء الامامية في القرن الخامس فقيه ، مفسر ، محدّث.

(٣) روضة الواعظين ١ / ٧٧ وانظر ١ / ٧٧ والبحار ٩ / ٥.

(٤) من فضلاء محدثي الامامية.

(٥) تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة : ٤٤٨.

(٦) مجدّد القرن الثاني عشر ، صاحب بحار الأنوار ، ومرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول ، وغيرهما من الكتب المشهورة ، توفي بأصبهان سنة ١١١١.

١٥٢

وهذا منه عجيب جدّا ، لأنه خروج على قاعدة البحث وأصول المناظرة ، ومع هذا ، فلو اكتفى أهل الحق في البحث برواياتهم خاصة لقيل إنها ليست حجة علينا ...

(٢) أنه قد استند ابن روزبهان في كلام له إلى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعمر بن الخطاب ـ في حديث رووه ـ ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط الا سلك غير فجك » وقال :

« هذا حديث نقله جمهور أرباب الصحاح ، ولا شك في صحته لأحد ، وهذا حجّة على الروافض ، حيث يقولون : إن بيعة أبي بكر كان باختيار عمر بن الخطاب ، فإنه لو صحّ ما ذكروا أنه كان باختياره فهو حق لا شك بدليل هذا الحديث ، لأنه سلك فجا يسلك الشيطان فجا غيره ، وكلّ فج يكون مقابلا ومناقضا لفج الشيطان فهو فج الحق لا شك ، وهذا من الإلزاميات العجيبة التي ليس لهم جواب عن هذا البتّة ».

وإذا كان لابن روزبهان أن يجعل هذا الحديث من جملة الإلزاميات التي ليس للشيعة جواب!! بالرغم من :

(١) أنه حديث موضوع كما ثبت في كتاب ( شوارق النصوص ).

و (٢) أنه حديث متفرد به أهل السنة.

و (٣) أنه اشتمل على قول النساء له « أنت أفظ وأغلظ ».

و (٤) أنه اشتمل على قول عمر لهنّ « أي عدوّات أنفسهن ».

و (٥) أنه يفيد أن النساء كنّ يهبن عمر ولا يهبن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

و (٦) أنه يفيد رضى النبي بإعلائهنّ أصواتهنّ عنده واستنكار عمر ذلك.

فإن لنا إلزامهم بحديث ( النور ) الذي رويناه بطرق متكاثرة وألفاظ عديدة بالألوية ، فضلا عن أنه من الأحاديث المتفق عليها بين الفريقين.

والطّريف أن لأهل السنة في توجيه الحديث المذكور ـ لما فيه من الحط لمقام النبوة ـ تأويلات واهية وتوجيهات ركيكة ، وقد تصدى ( الدهلوي ) أيضا

١٥٣

لتصحيح معناه ببعض الأمثال ( الهندية ) الساقطة.

ولكن ثبت وتحقق وضع هذا الحديث في كتاب ( شوارق النصوص ) بالتفصيل.

فالعجب من هذا الرجل ، كيف يستند إلى مثل هذا الحديث ويحتج به ، جاعلا إيّاه من الإلزاميات العجيبة التي ليس للشيعة جواب عنها!!

(٣) أنه قال ( الدهلوي ) :

« وذكر ابن يونس ـ وهو من كبار مجتهدي الشيعة ـ في ( الصراط المستقيم ) أن ابن جرير قد ألّف كتابا في ( حديث الغدير ) وابن شاهين في ( المناقب ) وابن أبي شيبة في ( أخبار الامام وفضائله ) وأبو نعيم كتاب ( منقبة المطهرين ) وكتاب ( ما نزل من القرآن في فضل أمير المؤمنين ) وأبو المحاسن الروياني الشافعي كتاب ( الجعفريات ) والموفّق المكي كتاب ( الأربعين في فضائل أمير المؤمنين ) وابن مردويه كتاب ( رد الشمس في فضل علي ) والشيرازي ( نزول القرآن في شأن أمير المؤمنين ) والامام أحمد بن حنبل ( كتاب مناقب أهل البيت ) والنسائي كتاب ( مناقب أمير المؤمنين ) والنطنزي كتاب ( الخصائص العلوية ) وابن المغازلي الشافعي كتاب ( مناقب أمير المؤمنين ، ويسمى ب ـ المراتب ـ أيضا ) والبصري كتاب ( درجات أمير المؤمنين ) والخطيب كتاب ( الحدائق ).

وقال السيد المرتضى : سمعت عمر بن شاهين يقول : جمعت في فضائل علي ألف جزء. انتهى نقلا عن ترجمته (١) المسمى بأنوار العرفان للمعين القزويني الاثني عشري.

فالانصاف : أنه ليس للشيعة في الوجود تصانيف كهذه التصانيف المذكورة تتضمن فضائل أمير المؤمنين وأهل البيت ، بل المتتبع لكتبهم يعلم أن علماء الشيعة في هذا الباب عيال على أهل السنة ، فإنهم ينقلون عن تلكم الكتب. نعم لا يبعد أن يكون عندهم شيء في سائر الأئمة. يدل على ذلك كتاب ( كشف الغمة )

__________________

(١) طبع كتاب ( الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم ) في إيران في ثلاثة أجزاء.

١٥٤

و ( الفصول المهمة ) وغيرهما من كتب هذا الفن » (١).

ويفهم من هذا الكلام صحة استدلال الشيعة برواياتهم الخاصة في فضائل أمير المؤمنين وأهل البيت عليهم‌السلام ، وعلى هذا ... فإن احتجاج الشيعة بروايات حديث النور المنقولة آنفا من طرقهم صحيح غير قابل للرد.

وأما زعم كون كتاب ( الفصول المهمة ) من كتب الشيعة ـ كما هو ظاهر عبارته ـ فبطلانه ظاهر ، ويدل على ذلك تراجم أهل السنة لمؤلّفه ابن الصبّاغ المالكي ، وسيأتي ذلك بالتفصيل في قسم ( حديث التشبيه ).

وأما نقل صاحب ( كشف الغمة ) عن كتبهم فليس إلاّ إلزاما لهم ، وإلاّ فإنّ تآليف علماء الشيعة في مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام أكثر من أن تذكر ، ومن راجع كتاب ( غاية المرام ) وكتاب ( بحار الأنوار ) اطلع على أسماء بعض تلك الكتب.

(٤) أنه قال رشيد الدين خان تلميذ ( الدهلوي ) بعد كلام له في كتابه ( شوكت عمريه ) :

« إلاّ أني لا يخالجني أيّ شك بالنسبة إلى الأحاديث التي يرويها الشيعة بطرقهم في مناقب الأئمة الأطهار ( إلاّ إذا كان هناك قرينة ظاهرة على الوضع في حديث منها ) وإني لأضع هذه الأحاديث على الرأس والعين فضلا عن نقلها ».

فحديث النور ـ إذن ـ من الأحاديث التي يسلّم بها ويضعها على الرأس والعين ... فليكن أتباعه ومقلّدوه كذلك ...

(٥) أنه قد أكثر ( الكابلي في الصواقع ) وهكذا ( الدهلوي ) وغيرهما من الاحتجاج بالأحاديث المروية من طرقهم خاصة ، بل إنهم يستندون إلى ما اشتهر وضعه بحيث اعترف محققوهم بذلك.

وإذا كان هذا صحيحا فإن ( للشيعة ) أن يحتجوا برواياتهم أمام الخصم ، وعليه أن يذعن بها ويخضع لمداليلها.

فهذا حديث النور ببعض أسانيده وألفاظه عند أهل السنة ...

__________________

(١) التحفة الاثنا عشرية ـ الباب الحادي عشر هامش التعصب الثالث عشر.

١٥٥

وهذا حديث النور ببعض أسانيده وألفاظه عند الشيعة الامامية ...

فهو حديث متفق عليه ...

فهل يسمع إنكاره أو نسبة روايته إلى الإمامية فحسب؟

وكما لا يسمع ذلك ... لا يسمع القدح في سنده بما أسّس على الباطل من أوّل يوم كما سترى ...

* * *

١٥٦

دحض القدح في سند حديث النور

١٥٧
١٥٨

قوله :

« وهذا حديث موضوع بإجماع أهل السنة ».

أقول :

إن هذا إلاّ إفك مبين ، وإنكار للحقيقة الواضحة.

لقد اعتاد ( الدهلوي ) على الكذب والافتراء تقليدا لصاحب ( الصواقع ) ... وهذا يقبح من صغار أهل العلم فكيف بمثله وهو يدعي الامامة والزعامة الدينية!!

لقد ذكرنا ـ ولله الحمد ـ ما يبطل هذه الدعوى بالأدلة الواضحة والبراهين الجلية ، وتبيّن ممّا تقدم أن هذا الحديث من روايات كبار علماء أهل السنة ، فقد رووه كتبهم من غير تكلّم فيه أورد عليه ...

وهل يتلاءم اتفاق هؤلاء الأئمة والحفّاظ على نقل هذا الحديث مع دعوى كونه موضوعا بالإجماع منهم؟! أليس نقل الحديث الموضوع محرّما؟ ولقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من حدّث عني بحديث يرى أنه كذب فهو

١٥٩

أحد الكاذبين » (١).

فلو كانت دعواه هذه صحيحة لوجب الحكم بفسق هؤلاء الأئمة جميعا ، وانطباق الحديث الشريف عليهم ، ولا يظن به الالتزام بذلك!!

( أضف إلى هذا إن جماعة من علمائهم احتجّوا بهذا الحديث الشريف ( حديث النور ) وآخرين نسبوه إلى الرسول الكريم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جازمين بصدوره منه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

فهذه الدعوى باطلة قطعا.

الأصل في هذه الدعوى

ثم إن الأصل في هذه الدعوى الكاذبة هو ( ابن الجوزي ) [ هذا الرجل الشهير بالتسرع في التضعيف ، والإفراط في الحكم ، والمجازفة في الرأي ، حتى أن بعضهم تكلّموا فيه وشنّعوا على كتابه كما لا يخفى على من راجع ( تذكرة الموضوعات ) ] فإنه الذي حكم بوضعه على دأبه ، ثم اقتدى به ( ابن روزبهان ) واقتدى بهذا ( صاحب الصواقع ) وزاد عليه دعوى الإجماع ، وقد تبعه ( الدهلوي ) في ذلك حسب عادته (٢) وسيأتي شرح ذلك.

ما هو ملاك التضعيف؟

وما هو ملاك تضعيف أيّ حديث من الأحاديث؟ إنه لا يجوز الحكم بوضع حديث إلا إذا كان مخالفا للكتاب والسنة ... ونحن نسأل : ما هي مخالفة حديث النور للكتاب أو السنة؟

__________________

(١) أخرجه مسلم ١ / ٥.

(٢) ولقد ثبت لدى المحققين ان كتاب ( التحفة الاثنا عشرية ) منحول من كتاب ( الصواقع ) لنصر الله الكابلي ، غير أن هذا باللغة العربية و ( التحفة ) باللغة الفارسية.

١٦٠