موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب - ج ٥

أيوب صبري باشا

موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب - ج ٥

المؤلف:

أيوب صبري باشا


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الآفاق العربيّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٣٥

تلك الطائفة قائلين بأنها كانت ذاهبة إلى القبيلة الفلانية للإغارة عليها والاستيلاء على أموالها ، وإنهم يثبتون صدق مدعاهم بموافقة ما أخبروه للأحداث.

حتى إن قبيلة ما حينما تتجه إلى مقر قبيلة للإغارة عليها ليلا فإذا رأت آثار أقدام كثيرة ، فهم بدلالة فن تتبع آثار الأقدام أن هذه الجماعة لا يمكنها أن تقاوم أعدادها لذلك تبدل طريقها وتغير جهة سيرها.

وإذا رأى العربان العائدون دون أن يوفقوا فى القبض على الجماعة التى كانوا يقصدونها آثار أقدام عربان أخرى فيتتبعونهم حتى يدركونها وينهبون أموالها ، ويسلبونها ويطلق العربان على هذه المقاتلات بينهم للسلب والنهب اسم غزوة».

وبين العرب طائفة تعرف ب «القصاصون» ولما كان شغلهم الشاغل الاهتمام بتتبع الآثار ، لذا فهم يتفوقون على سائر العربان فى هذا الخصوص.

وإذا ما قتل أحد البدو الآخر أو سرق ماله ، أو ارتكب منكرا آخر فهرب من خوفه ، فإذا لم يعرف أفراد القبيلة الهارب فإنهم يأتون برجل من طائفة القصاصين ليتتبع آثار الرجل ، وهكذا يبدأ الرجل فى تتبع آثار الرجل بشم رائحة الحجارة ويتعقبه ، وحس القصاص فى هذا الخصوص مصيب لأقصى درجة حتى إنه يستطيع أن يعرف إذا كان صاحب الأثر رجلا أو امرأة ، وإذا كانت امرأة هل هى بكر أو ثيب وإذا كانت ثيب ، هل هى حامل؟ أم لا؟ كما يعرف من آثار الإبل هل هى محملة أو غير محملة وذلك من تأثير قوائمها على الأرض.

ولما كانت آثار أكثر الناس قد ثبتت فى أذهان القصاصين فإذا ما رأوا آثارهم يخبرون قائلين : «هذا أثر قدم فلان بن فلان. ويؤكدون صحة أقوالهم بمطابقتها بالواقع.

وقد حدث مرارا وبعد التجارب أن قصاصا قد تعقب آثار أقدام حيث اختفى صاحبها فى مكان ما أو فى منزله وقبض عليه. وعندما يدل أحد القصاصين على أثر قدم فالقصاص يخبر بهوية هذا الرجل وأين ذهب وما القصد من ذهابه وما

٢٨١

أمله ، كل ذلك بالنظر لآثار أقدامه. وبناء على هذا لا يتتبع آثار ذلك الرجل ويصدق ما قاله القصاص. ويعاقب صاحب الآثار الذى ارتكب الجرائم وفق قانون الجزاء والمؤاخذة بعد إجراء التحقيقات.

وإذا وجد قصاص مشهور فى قرية ما أو فى قبيلة ما فلا يتجرأ أحد من تلك القرية أو القبيلة على السرقة.

لما كان أحد القصاصين قد برع فى فن تتبع آثار الأقدام واكتسب مهارة عظيمة فكان اللصوص لا يتجرءون على السرقة ليس فى قرية ذلك القصاص فقط بل حتى فى القرى المجاورة لقريته. وأراد أحد البدو أن يجرب مدى علم هذا الرجل فحاصره فى ليلة حالكة الظلام وضربه بعصا حتى أغمى عليه ووقع على الأرض ، ولما أفاق المضروب بعد ساعة نظر إلى آثار أقدام الضارب ولكنه لم يستطع أن يتبينها لشدة ظلام الليل ، وظل فى مكانه حتى الصباح وفى الصباح عاين الآثار بدقة فى ضوء النهار وعلم أن صاحب الآثار قد عاد إلى منزله ، ولما كان صاحب دكان شغل بعمله. ولكنه كان يزن كل من يمر من أمام دكانه بميزان الملاحظة والمقايسة.

وبعد هذه الحادثة بثلاث سنوات بينما كان جالسا فى دكانه وثب فجأة وضرب رأس أحد أبناء السبيل بعصا وأوقعه على الأرض. وقال للذين سألوا عن سبب ذلك : «كان هذا الرجل ضربنى قبل ثلاث سنوات فى المكان الفلانى على رأسى بعصا وأوقعنى على الأرض ليلا وفر. وإننى كنت نقشت أثر الرجل فى ذاكرتى.

وكان أثر قدم هذا الرجل مطابقا تماما للأثر الذى فى ذهنى لأجل ذلك ضربت الرجل بعصا مقتصا منه».

ولما سئل المضروب قال : «نعم كنت قد تجرأت قبل هذا بثلاث سنوات على ارتكاب هذا الفعل لأجربه فى مدى مهارته فى فن تتبع الآثار». انتهى.

وفى الواقع أن فن تتبع الآثار قديم بين القبائل العربية ، وقد ذكر فى كتب

٢٨٢

السير أن النبى صلى الله عليه وسلم حينما هاجر واختفى فى غار ثور قد أخبر به القرشيون من قبل القصاص الذى عينوه كما أن القصاص أخبرهم أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يتقدم خطوة إلى الأمام بعد هذا الغار. ولكن القرشيين وجدوا أمام ذلك الغار بيوت عنكبوت عديدة فوقه كما وجدوا أمامه عش حمامة وقالوا : «إن هذا المكان لم يدخله إنسان حتى قبل ولادة محمد عليه السلام» وبهذا الادعاء كذبوا القصاص ، وكلما أصر الرجل على رأيه كان الله ـ سبحانه وتعالى ـ يصرف أذهان هؤلاء عن تصديقه.

تتبع أخبار الأحداث واضطرارهم لذلك :

كان عربان القبائل يخافون من السيل والأمطار ومن الظلم والتعدى ، كما يحترزون من التقلبات الجوية والرياح والعواصف وكانوا مهتمين أشد الاهتمام بأخبار الوقائع والحوادث ، ويحصرون أفكارهم فيها حتى لا يصابوا بكارثة دهياء.

وأصبحت لديهم عادة الاطلاع على جميع أحداث الأماكن المختلفة ، لذلك يسألون من يصادفونهم من أبناء السبيل عن المكان الذى يأتون منه وعن الجهات التى يتجهون إليها ، وعمن رأوهم فى الطريق من قطاع الطرق ، وعن العربان المغيرين ، وعن مرض الحصبة والأمراض الأخرى ، وعن الأماكن التى أمطرت السماء فيها ، وعن السهول والوديان والمراعى.

وإذا كان آتيا من بلاد ما يسألونه عن أثمان الأغذية والأوزان ولا يغادرونهم إلا بعد أن يستوفوا إجابة أسئلتهم.

ولكن مثل هؤلاء المسافرين يحترزون من إعطائهم الإجابات الصحيحة لأسئلتهم ، ولا سيما عن الأماكن التى يتجهون إليها خوفا أن يقطعوا طريقهم ويغيروا عليهم.

وإذا مر أحد المسافرين فى مجمع خيم البدو وأراد أن يستريح قليلا فيأتى

٢٨٣

واحد من جماعة البدو يبدأ أسئلته قائلا «إيش علومك» ويتطلع إلى مدى علمه بالأخبار فيجيبه المسافر قائلا «خص وأنا أقص» أى عين وحدد سؤالك بالضبط وأنا أجيب عليك.

وعندما يقول المسافر «خص وأنا أقص» يبدأ السائل فى الاستفسار عن الأشياء التى سبق ذكرها ، ويعود بعد ما يتلقى الإجابة عنها. والمسافر مضطر للإجابة على أسئلة كل واحد منهم ، فلا يستطيع أن يقول قد أجبت على أسئلة واحد منكم فاستفسروا منه».

وبما أن كل واحد من هؤلاء المستفسرين يبلغ قبيلته بما سمع وهؤلاء يبلغون الآخرين فحادثة ما إذا حدثت فى ركن من أركان الجزيرة العربية تنتشر على الألسنة وتذيع فى جميع أنحاء الجزيرة العربية.

سياسة الأمراء :

وسياسة أمراء العربان مرتبطة بقوانين معينة ، إذ يستمع كل أمير إلى قضايا المدعين الذين يأتون لفض المشكلة. وكل من يخسر القضية يأخذ منه الأمير رأسا ما يجب عليه دفعه ، ويسلمه لصاحب الحق سريعا ويأخذ ضعف ما يثبت عليه تنكيلا به وبعد ما يدفع نصفه للمدعى يضع النصف الثانى فى صندوق بيت المال الذى تحت إدارته.

إذا ما تعدى أحد العربان على الآخر يتحرى سبب المشكلة من قبل الأمير أولا فإذا كان هذا التعدى قد حدث قصاصا مقابل جناية وقعت لأحد خمسة الجانى منذ زمن بعيد فيعفو عنه.

أما إذا تبين ظلمه فإنه يسجن فى مكان مكشوف أمام دائرة الأمير ، ويعاقب بحرارة النهار وبرودة الليل إلى أن يصلح ما بينه وما بين خصومه.

ويعين الأمير جواسيس بين القرى والمنازل التى يحكمها ليطلعوا على الأحداث ، وبالتالى يطلع الأمير على ما يحدث فى الأماكن التى يحكمها. وإذا

٢٨٤

ما عرف بوجود جياد أصيلة أو إبل كريمة عند أحد الناس فيأخذ إناث هذه الحيوانات من أصحابها لزيادة نسلها فإذا ما قدم له طلبه كهدية فيعطيه فى مقابل خلقه بعض النقود أو يخلع عليه خلعة ، وهكذا يراعى جانب المهدى.

أما إذا تردد صاحب المال فى تقديمه فقد كان الأمير يجمع رجاله ويهاجم هذه القبيلة بغتة ، وينهب كل ما لدى هذا الشخص من خيول وجمال وأغنام ، بل كثيرا ما كان يصل الاعتداء على الأرواح أحيانا ، وبعد السلب والغارة ، كان الأمير ينتظر بعض الوقت للراحة فى مكان قريب من هذه القبيلة ، فإذا وفد إليه بعض رجالها للاسترحام وعرض الولاء والطاعة والندم كان يرد إليها أموالها ومواشيها.

ولما كان الأعراب لا يسلمون من الغارة والهجوم ، لذلك لم يكن أى منهم يهتم بالثروة الثابتة ، بل كان كل ثرواتهم من الأشياء المنقولة ، وكانوا لا يهتمون بالعمل بالزراعة والتجارة لأنها تتطلب الإقامة الدائمة ، وهم يفضلون حياة التنقل والترحال ، ولذلك استنوا لأنفسهم سنة فيما بينهم تقضى بأنه إذا تعرض البعض منهم إلى النهب والسلب وسلبت كل أمواله ومواشبه ، كان كل منهم يقدم إلى المغبون عونا يتمثل فى بعض الأغنام أو الإبل حتى يتلافى ما ضاع منه. وكان الجميع ملزمين بهذا القانون.

ليس للحجاز مثل البلاد الأخرى أنهار ومياه جارية وآبار ولحكمة الله ينزل المطر هناك فى السنة عدة مرات. أو فى عدة سنين مرة واحدة ، لذا لم يمل سكانها للمدنية والاستقرار وتنقلوا حيثما سمعوا أن هناك أمطارا وحيثما تشبع حيواناتهم انتقلوا هناك مفضلين البداوة على المدنية. ورأوا فى التسكع هنا وهناك فخرا ولم يجدوا فيه عارا ، والغرابة تكمن فى هذه النقطة.

إذا أراد أمراء العربان فى غير الحجاز واليمن أن يحضر أحد الأشخاص للمنازعة والمناقشة أو أى مطلب كان فإنهم كانوا. يكتبون على ورقة صغيرة أمر استدعائهم له ويرسلونها إلى ذلك الشخص وعندما يصله هذا الاستدعاء فإنه كان لا يتأخرو يستعجل للحضور ، وهذا من ضمن أحكام قوانينهم الموضوعة ، وعند ما

٢٨٥

يحضر المدعوون يضرب الأمراء على العصيان التى فى أيديهم بخناجرهم ثلاث مرات ، ويعود المدعوون ويظهرون أثر ضربات الخناجر لخصومهم فيذهب هؤلاء بدورهم إلى حضور الأمراء والويل كل الويل لهم لو تأخروا.

والآثار والخطوط التى تحدث فوق العصيان يطلق عليها بين البدو «وقر».

إذا أراد أحد أمراء العربان أن يحارب أميرا أو قبيلة فبما أنه ليس عنده جنود منظمة يبعث إلى شيوخ القبائل الذين يتبعونه مبينا عدد الأفراد الذين يريد إحضارهم والمكان والوقت الذى سيتلاقون فيه. ويحضر هؤلاء إلى المكان المعين وقد أعدوا لوازمهم الحربية ومؤنهم الغذائية.

ولما كانت قيادة هؤلاء الأشخاص الذين حشدوا فى يد الأمير الذى استدعاهم فيتولى الأمير قيادتهم ويتوجه بهم إلى مقر إقامة القبيلة التى يريد أن يغير عليها. وقبل أن يتحرك يرسل عددا من الجواسيس ليطلع على أحوال القبيلة التى يريد أن يحمل عليها.

ولما كان استخدام الجواسيس من عادات أمراء العرب فإنهم كانوا يستخدمون فى هذا الأمر أناسا موثوقين فى كتمان الأسرار فالجواسيس الذين يذهبون لاستطلاع أحوال القبائل وكشفها لا يمدون أحدا بالأخبار إلا الأمراء.

وبعد ما يتعرف الأمير الذى يريد أن يخوض الحرب على أحوال القبيلة الداخلية معرفة جيدة بواسطة الجواسيس يلقى للأفراد الذين تلقى قيادتهم أشعارا مؤثرة وخطبا حماسية فيملأهم حماسا وشجاعة ويقطع المسافة التى تقطع فى يومين فى ليلة واحدة ويفاجئ القبيلة التى يريد أن يغير على مخيمها فجرا بالهجوم.

وفى مثل هذه الحملات يرسل الأمراء الذين تولوا القيادة ، البدو فى مقدمة الجيش كالقناصة ويسوقونهم بينما هم يظلون فى المؤخرة كقوة احتياطية فى جهة ما منتظرين النتيجة. فإذا ما أحسوا آثار ضعف أو انهزام فى القناصين يهاجمون عامة وهذا من عادات العربان الجارية وقوانينهم المرعية.

٢٨٦

وإذا ما قدر لهذه الحملة أن تنكل بالعدو وتغنم منه أغناما كثيرة ، فقد كان الفرسان يحتفظون ببعض الغنائم لأنفسهم ويقدمون الباقى لقائدهم.

وإذا أعلنت إحدى القبائل الخاضعة لأحد الأمراء العصيان عليه وخالفت أوامره ، كانت القبائل الأخرى تنصرف عنها ، ولا تتعاون معها فى أى أمر من الأمور مالم تعد إلى طاعة أميرها. بل إن الأمر كان يبلغ أكثر من ذلك ، فقد كانت تمتنع عن المشاركة فى القتال معها ، إذا ما تعرضت لعدوان من قبائل أخرى .. وكان سبب ذلك بالطبع هو قوة الأمراء وظلمهم وتعسفهم.

٢٨٧

قضاة وفقهاء الحكومة

إن أمراء العربان يستخدمون نوعان من القضاة أولهما القاضى والآخر الفقيه.

وإذا ما رأوا بين الجماعة من طال شاربه يستوقفونه على باب المسجد ، ويأمرون بأن يعاقب الذين لا يداومون على أداء الصلاة مع الجماعة والذين يستخدمون الدخان والتنباكو ، والنشوق وفق القوانين المرعية. ووظائف هؤلاء فقهاء البدو لا يتعدى مثل هذه الأمور.

أما القضاة فكانت مهامهم تتلخص فى الفصل فى الدعاوى المخالفة للأحكام الشرعية ، وكذلك الدعاوى القديمة. وكانوا لا ينظرون أية دعوى مالم يقم أصحابها بتسديد الرسم الذى يقرر حسب أهمية الدعوى ، والذى كان يطلق عليه اصطلاحا «خبذ».

ويطلق على أحد أنواع الأسلحة فى مصطلح البدو «خبذ» أيضا. وبعد ما يؤدى الرسم المذكور يعرض المدعى قضيته وبينته أمام مجلس يتكون من عدة أشخاص مسنين كما أن المدعى عليه ، يعرض إجابته أمام تلك الجماعة.

وبعد ما يستمع القاضى لادعاءات الطرفين يسجلها مضبوطة فيترك حل القضية والفصل فيها لآراء الحضور.

ولكن قبل أن يحكم أعضاء المجلس بالإجماع فى القضية يأخذ أحد أعضاء المجلس المدعى والمدعى عليه خارج المجلس ويحاول أن يحل القضية بالصلح

٢٨٨

ناصحا لهما وذلك بأمر القاضى وتصويبه ، وإذا لم يستطع أن يصلح بينهما يبعث شخص آخر من قبل المجلس وتستمر النصائح إلى غروب الشمس وفى هذه الفترة يذهب كل واحد من أعضاء المجلس لإصلاح ذات بين المتخاصمين واحدا تلو الآخر ويسعون لتسوية الأمر.

وإذا لم تنجح مساعيهم. يسأل القاضى الحضور قائلين : «هل حدثت مثل هذه القضية من قبل؟» ويجيب كل واحد من الموجودين بإجابة ما ، ثم يقبل القاضى أقرب الإجابات لتلك القضية وأنسبها ، وبعد أن ينفذ الحكم يعطى القاضى مهلة لتسوية الدين ويطلق سراح كفيل المحكوم.

وإذا اقتضى أن يحلف أحد المتخاصمين يمينا. فإن اليمين بين العربان نوعان : أحدهما يمين خاص بمواد عادية والآخر خاص بالمواد المهمة.

والمواد العادية عبارة عن «الأموال المسروقة وارتكاب المنكرات» أما المواد المهمة عبارة عن جنايات خطيرة مثل القتل والزنا.

اليمين الأول عبارة عن تلاوة العبارة الآتية».

«والله العظيم والله الكريم ، والله الذى لا إله إلا هو خالق البرية ، العالم بكل خفية ، رافع السموات العلية ، قاطع المال والذرية ومفرق الخمس قضابة الجنبية».

واليمين الثانى هو تكرار لفظة والله والله أربعين مرة ، وصورة اليمين الثانية هى صورة اليمين الأول يطلق العربان على مثل هذا الحلف «أيمان شديدة».

وقد انقسم تحليف اليمين عند العربان إلى ثلاث أقسام.

«يمين مخففة مفردة ، يمين مخففة غير مفردة ، ويمين مغلظة».

القسم الأول :

اليمين المخفف المفرد وهو عبارة عن قول «والله العظيم وبالله الكريم».

٢ ـ القسم الثانى :

هو اليمين الذى سبق تعريفه وهو «والله الذى لا إله إلا هو خالق البرية ،

٢٨٩

العالم بكل خفية ، رافع السموات العلية ، قاطع المال والذرية ، ومفرق الخمس قضا به الجنبية» ويقال لهذا اليمين المخفف غير مفرد.

٣ ـ القسم الثالث :

هو الحلف بقول «والله والله» أربعين مرة ويقال له : «الأيمان المغلظة».

ويكلف العربان بحلف الأيمان المخففة فى حالة المال المسروق. والحقوق المالية المتكررة. ويحلف الأيمان المغلظة فى حالة الجنايات مثل القتل والزنا والجنايات العظيمة.

٢٩٠

الطب العربى

بما أن أفراد القبائل البدوية لا يقتنعون بعلاج أطباء العرب وجراحيهم المتمدنين ، لذا قرروا أن يعالجوا مرضاهم بالأدوية المجربة بينهم.

الصفراء :

ويحمل العربان كل من يصفر لونه قليلا على أنه حدث له من التهاب الكبد ، وعلى هذا يطلون عقب المريض بزيت زيتون ثم يكوونه بإبرة كبيرة أو سكينة (١) صغيرة ملتهبة من الحرارة على شكل صليب وبطريقة مؤثرة ثم يسقون المريض قدرا من الماء المختلط بالفلفل الأسود. فيزول مرض المعلول بحكمة الله تعالى بتأثير تلك العملية.

وإن كان الأطباء يعالجون هذه العلة بأدوية مركبة من بعض مياه معدنية وأحيانا بسولفات ، ولكن بما أن هذا المرض له أنواع مختلفة فلا يعالج إلا إذا عرف نوعه وشخص.

الإمساك :

فالذى يجد صعوبة فى التبرز يسقونه لبن النياق فيحدث هذا اللبن فى داخل جسمهم ليونة فيزول عنهم ما يعانون منه.

ويستعمل الأطباء الآن لإزالة الإمساك الزيت الهندى والملح الإنجليزى وأدوية مماثلة لهما.

الصداع :

ويداوون الصداع بكى أحد الأوردة التى فى الرأس برأس مسمار ملتهب كما أنهم يكوون أحد الأوردة التى فى الرأس لوجع العين.

__________________

(١) هذه الإبرة الكبيرة الملتهبة أو السكين تسميان (واقب).

٢٩١

ولما كانت العملية التى تجرى لوجع العين مجربة كذلك من أهالى المدينة المنورة ، لذا قد حدث مرارا أنهم قد عالجوا المرضى الذين تعرضوا لوجع العين بأخذهم إلى أحد العربان الذى اشتهر فى الكى وجعلوه يكويهم. وهذا جار حتى الآن.

والأطباء يعدون أدوية الصداع حسب نوعه ، لذا يجب أن يستعمل فى مداواة مرض العين الدواء الذى يناسب نوع هذه العلة.

وقد تقدم فى زماننا معالجة أمراض العين تقدما عظيما حتى ظهر أطباء حذّاق ومشتهرون وتعالج علة العين بواسطة هؤلاء المتخصصين.

إذا ما شق بطن أحد الناس بالرمح ، أو الخنجر ، أو أية آلة حادة وخرجت أمعاؤه خارج البطن ، عندئذ يقطعون من داخل المجروح شحما من داخل بطن الرجل كمية صغيرة ، ثم يسخنونها على النار حتى توشك على الذوبان ثم يرتبون الأمعاء ويضعونها فى أماكنها ويطعم المجروح بهذا الشحم الساخن ثم يخيطون الأماكن التى قطعت من بطنه.

وبعد أن يخاط جرح المجروح يكوى ، وهذا من مقتضيات الطب البدوى. وبعد أن يخاط جرح المجروح يوضع عليه قطعة من القماش وعليها عسل مخلوط بكمون ويربط الجرح عدة أيام ويغير هذا القماش عدة مرات حتى يلتئم الجرح ويطعم المجروح بحساء العظم أو اللحم فقط.

وهذه العملية الخاصة بفن الجراحة قد تقدمت تقدما عظيما والأمعاء التى خرجت خارج البطن يدخلونها وفق فن الجراحة فى داخله ، ثم يخاط بواسطة الإبر والأدوات الخاصة بهذه العملية ، ويوضع عليه ما يلزم من الأدوية ويغطى بقطعة قماش ويلف ثم يعالج حسب ما تقتضى حالة الجرح علاجه.

ومن عادات البدو قبل إجراء العملية إطلاق رائحة المسك والبخور. وبناء على اعتقاد أفراد البدو إذا ما أطلق فى أثناء إجراء العملية عطور ذات رائحة طيبة وشمها المجروح فإنه لا يتأثر من تعفن جرحه.

٢٩٢

وإن كان إشمام البدو للمريض روائح طيبة ، حتى لا يصاب بإغماء ولكن الأطباء اليوم يسقون المريض بعض الأدوية مثل «فوردى يال» حتى لا يصاب بإغماء.

ويستخرج حكماء البدو وأطباؤهم الرصاصة من داخل الجسم بسكينة ملتهبة فى النار بمهارة فائقة من الجسم بعد أن يشقوا مدخلها.

وإذا كانت الرصاصة قد وصلت إلى العظام وهشمت العظم ولم ينتبه المداوى لتلك الحالة والتأم الجرح ثم انتكس الجرح عندئذ يفتح المداوى الجرح كالمرة السابقة بسكينة ملتهبة فى النار ويخرج قطع العظم المهشمة ثم يخيط المكان الذى فتحه ويعالجون الجرح بتركيبة من العسل والكمون إلى أن يتم الشفاء ويلتئم الجرح.

يستعمل الجراحون فى عمليات استخراج الرصاص أنواعا من الآلات التى صنعت خصيصا لذلك الغرض.

وإذا ما تورم عضو من أعضاء أحد الناس وأصيب بالغرغرينة فى الداخل ولم يظهر له فتحة أو رأس عندئذ يشيرون إلى محل التورم بتراب الفحم ثم يدخلون الإبرة الكبيرة التى التهبت فى النار من شدة الحرارة فى سرعة ساحرة فى المكان الذى أشير ويخرجونها وبعد أن تخرج من الداخل التقيحات يصنعون فتيلا من قماش ويغمسونه ب (خيليت). ويدخلونه فى داخل الجرح. ويستعملون هذا الفتيل ما يقرب من ثلاثة أيام وفى اليوم الرابع يضغطون على الجرح إلى أن يخرج الدم الأسود والماء الأصفر. وبعد ذلك يتركون الفتيل ويضعون على الجرح بصلا مقطعا ويستعملون هذا الضماد.

والأطباء فى زماننا يستعملون بعض الأدوية ليقضوا على هذا النوع من الأورام وإذا لم تأت الأدوية بنتيجة حاسمة فإنهم يتدخلون جراحيا ليزيلوا التقيحات الداخلية.

والعرب يكوون رأس من وقع من مكان عال ومن فوق الحصان أو الجمل فتأثرت ضلوعه أو انكسرت.

٢٩٣

ولما كان تكسر العظم شديد الألم فالأطباء يعالجون ذلك حسب شكل وأهمية العظم المكسور.

ويطعم العربان من تعرض للفتق بذرة القطن المطحونة المخلوطة ببياض البيض.

أما بين الأطباء لا علاج للفتق إلا «رباط الفتق».

أما من تعرض لمرض (داهنه) يدلكون جسمه بالزيت المخلوط برماد الخشب المحروق ثم يمسحون الزيت ويدخلون فى المنافذ التى ظهرت فى الجسم ابرة ثلاث مرات ويخرجونها.

وإن كان المريض لا يحس بألم الإبرة التى تدخل ولما كان المكان سينزف عند إخراج الإبرة فالإبرة التى أدخلت مرة ثانية تؤلم أشد الألم وإدخال الإبرة للمرة الثالثة يسبب ألما لا يحتمل.

واشتداد الألم بناء على اعتقاد البدو دليل على برء الجرح وعندما يشتد ألم الإبر يتركون إدخالها وإخراجها.

الداهنة :

داء خاص بالقبائل البدوية ومن يصاب بهذا المرض يحدث فى أصل كل شعرة من جسمه ابتداء من صرته حتى قدميه ثقب صغير ونتيجة لهذه الثقوب يصيب المعلول ضعف ويشعر بألم شديد حتى يظن أن عظامه تتألم.

ومن يصاب بداء الرياح والغازات والقولون يجعلونه يأكل الخبز الساخن غامسا فى مسحوق النعناع إلى أن يشفى ومن جهة أخرى يطلونه بزيت الزيتون وزيت النعامة.

كما أنهم يكوون من تلدغهم الحية أو الثعبان بعصا مدببة محروقة وبما أن هذه العصا تمسك السم ولا تسمح بانتشاره وتجمعه فى فتحة الجرح فيداوونه بالعسل والكمون.

٢٩٤

وإن كان هذا النوع من التداوى يوافق الطب الحديث إلا أنهم الآن يداوونه بطريقة أخرى.

والمريض الذى أصابته رياح السموم يسقونه قدرا من المسلى الطبيعى وينيمونه ويغطونه بأغطية كثيرة قدر تحمله ويجعلونه يعرق ويستفرغ ويمنعونه من شرب الماء قدر ساعتين.

والأطباء يعالجون مثل هذه الأمراض نتيجة لوخامة الهواء والجو بطريقة أخرى أيضا.

أما الذى تعرض للرياح والبرد حتى لا يستطيع أن يتحرك يداوونه بحفر حفرة عميقة قدر طوله ويوقدون فى داخلها النار ويسخنون التراب ثم يبردونها قدر التحمل فينيمون المعلول داخل هذه الحفرة ، ويغطون كل جسمه بالتراب ماعدا رأسه كما أنهم يغطون رأسه بقماش حتى لا يتعرض للتيارات الهوائية ويجعلونه يعرق ويتركونه حتى آخر قدره من التحمل ثم يخرجونه ، ثم يزيتون جسمه بالزيت ويلفونه بأقمشة غليظة ويتركونه هكذا مدة ثلاث ساعات ثم يسقونه حساء اللحم.

ولما كان هذا المرض من نوع «رثية المفاصل» المشهورة فالأطباء يداوونه بالمياه الساخنة والمعدنية وهذا النوع من العلاج مرغوب لدى الأطباء الأوربيين.

كما أن المستشفى به يداوونه بهذه الصورة ، إلا أن المستشفى به يخلعون عليه فرو الحيوان المذبوح ثم يرقدونه فى داخل الحفرة ويجعلونه يعرق.

وعندما يخرج من الحفرة تكون بطنه قد رجعت لحالتها القديمة أى أن التراب يكون قد امتص جميع ما فى بطنه من الماء الفاسد.

والمصاب بمرض الاستسقاء الذى يصل إلى هذه الدرجة يدهنون جسمه ويقومون بتكملة التداوى.

والأطباء يستخرجون هذا الماء بواسطة آلة خاصة ، وكلما ساءت الحالة وتدهورت يخرجون الماء بالآلة المذكورة.

٢٩٥

والمرضى الذين يتعرضون للقىء والإسهال يكوون أخمص أقدامهم بحديد ملتهب فى النار على شكل صليب.

وما زال هذا النوع من التداوى والعمليات الجراحية تجرى بين العربان حتى اليوم. وأفراد القبائل العربانية لا يعرفون شيئا أكثر من ذلك. كما أنهم لا يقبلون تداوى إلا من يعرفونه.

٢٩٦

الكرم العربى :

يشتهر قبائل العربان العربية عامة بالكرم والجود والسخاء حتى الفقراء منهم يجب أن يقدموا لضيوفهم ما يستطيعون تقديمه وإطعامهم على قدر إمكاناتهم.

وهم منذ القديم يشتهرون بالجود والمروءة والشهامة لأجل ذلك فالكرماء منهم ممدوحون والبخلاء مذمومون غير مقبولين بينهم.

ومهما كان البدوى فقيرا أو محتاجا لنصف رغيف خبز فهو مجبر على استقبال الضيف حسب قوانينهم. لذا تجد فى خيمة كل واحد منهم مكانا لإقامة الضيف وصنع القهوة.

ولما كان بعض العربان يفرحون غاية الفرح بظهور الضيف فإنهم ينتظرون كل صباح ورود الضيف ويناجون الله ـ سبحانه وتعالى ـ أن يبعث لهم ضيفا.

وإذا ما جاء فى قرية بدوية ضيف ، سواء أكان معروفا أو نكرة ، يحرص أهل تلك القرية على استقباله بل يتنافسون فى سبيل ذلك ، والذين ظلوا فى الخلف يرمون عصياتهم من فوق من سبقوه ويدعون بهذا بأنهم سبقوهم فيأخذون الضيوف إلى منازلهم.

وإذا صادف أن لقى أحدهم ضيفا وفى بيته ضيف ورأى هذا الضيف شخص آخر من القرية وشكى من عدم وجود ضيف فى منزله منذ عدة أيام ودعا الضيف الثانى إلى بيته فيوافق صاحب البيت الأول وضيفه على ذلك حتى لا يكسروا خاطر ذلك الرجل.

٢٩٧

وأول تحية عربان العرب لضيفهم أن يقدموا لهم ثلاثة فناجين قهوة متتالية ، ولكن بن هذه القهوة لا بد أن ينضج بعد ورود الضيف ويطحن فى المطحنة ويسوى فى إبريق من الفخار يطلق عليه «جبه نه» وألا تكون القهوة زائدة عن حاجة الضيف وأن يكون فى فم جبه نه ليف.

إضافة :

ومن عادات قرى الأناضول تسوية القهوة فى الفرن بهذه الصورة. فإذا سمع أحد القرويين فى الأناضول أن ضيفا وصل إلى غرفة الضيافة يأخذ شيئا من البن النيئ ويسرع بإعطاء البن لصاحب المقهى الذى يحمص البن ثم يسويه ويقدمه للضيف وبعد ذلك يخاطب صاحب القهوة الضيف ويطيب خاطره قائلا : «مرحبا».

إلا أن بعض القادرين يقدمون للضيف قبل القهوة تمرا أو زبدة وبعد الماء اللبن الرائب وبعد ذلك يقدم قهوته ثم يسأل عن أحواله وصحته ، وهكذا يقوم بمراسم الضيافة ثم يحضر ما جهزه من الطعام ، ويبتدر راجيا أن يأكل الطعام قائلا : (حياك الله على موجودنا) وكأنه يعتذر عن قلة طعامه.

وليس من عادات العرب أن يتناول المضيف الطعام مع الضيف ، لذا فهو ينسحب إلى ركن وإذا كان فى الحجرة بعض الأشخاص يتناولون الطعام مع الضيف.

وإذا كان الطعام الذى قدم خروفا أو حملا ، قسمه الضيف ثلاثة أرباع أمامه ؛ وربعا يرسله إلى أهل البيت عن طريق أحد الموجودين ، ويأكل من كل أعضاء الخروف ما عدا رأسه وذلك لأهل صاحب البيت ويبدأ فى تناول الطعام مسميا باسم الله.

وبعد الانتهاء من تناول الطعام يخاطب أحد الحاضرين صاحب الطعام قائلا : «يا مضيفنا أنعم الله عليك» وعندئذ. يتقرب صاحب البيت من الضيف ويقول

٢٩٨

له : «هنيئا وعافية ، ولا علينا فيما قصرنا به قدركم عند الله أعظم». وهكذا يعامل الجميع.

ويأكل صاحب البيت ما بقى من الطعام مع جيرانه ، والذين لا يقدرون على ذبح كبش يذبحون شاة أو نعجة أو يحلبون لبنها ويطعمون ضيفهم.

ولا يستقبل بعض العربان ضيوفهم هكذا من بعيد ، وحيثما نزل الضيف يتلقاه صاحب البيت بالترحاب وإذا لم يكن موجودا فحرم صاحب البيت تقوم بالواجب نحو الضيف.

والذين لا يملكون غير ناقة يحلبونها يقدمون لضيفهم لبن ناقتهم معتذرين ، كما أن بعضهم يشترون من السوق أو من جارهم معزة أو نعجة ويطعمون ضيوفهم وإذا لم يجدوا وقتا لذلك ففى هذه الحالة يمسكون بنعجة أو معزة جارهم ويذبحونها وبعد ذلك يقدم له ثمنها والجيران لا يقولون له شيئا بل يستحسنون هذا الفعل.

والضيف الذين يردون عندما يشح لبن النياق ، أو يندر فيه الحيوانات يكرمون ضيوفهم بالجبن الذى خزنوه فى الصيف.

إذا ما حضر ضيف بينما يتناول طعام فى خيمة ما فعلى الضيف أن يجلس على المائدة بدون تكليف. إذا لم يجلس الضيف على المائدة ينظرون إليه نظرتهم إلى الخائن ، وإذا كانت المائدة قد رفعت بعد أكل الطعام فالخادمة تدعو الضيف.

وعندما يدخل الضيف فى الحجرة أو الخيمة يقوم الحاضرون على خدمته فيسقى الضيف ثلاثة فناجين قهوة ثم يجلسون ويستفسرون عن حاله وخاطره وعن العشيرة التى ينتمى إليها وعن سبب مجيئه.

وإذا نهب ضيف فى الطريق بعد ما خرج من البيت الذى كان ضيفه ثم عاد لنفس المكان الذى كان فيه ضيفا فيحظى مثل هذا الضيف على قدر مكانته بصحابة صاحب الدار.

٢٩٩

وإذا فرضنا أن الضيف قد شرب قهوة صاحب البيت فقط يسير معه مسافة أربع ساعات وإذا كان شرب لبن يسير معه اثنتى عشرة ساعة ويقوم بحمايته ويسترد ما سرق من الضيف ويسلمه للضيف وإذا كان الضيف قد تناول طعامه أيضا فعليه أن يسير معه مسافة ٢٤ ساعة وأن يسترد من اللصوص ما سرق من ضيفه ويرده له وهذه الأمور من أحكام القوانين البدوية وعلى صاحب البيت أن يقوم بها على أكمل وجه.

وقد يضحى صاحب البيت فى سبيل حماية ضيفه ووقايته بنفسه أو أولاده وعياله وعشيرته ، وعلى الضيف أن يعد نفسه واحدا من أفراد صاحب البيت وأن يدافع عنهم إذا ما تعرضوا لهجمات الأعداد وأن يحل ما قد يظهر من المشكلات.

معجزة :

إذا كان بين البدو من لا يقبل الضيف ولا يحبه فعليه أن يستقبل ضيفه ويحتفظ بكرهه له فى قلبه.

يروى أنّ النبى صلى الله عليه وسلم كان قد شرف منزل بدوى من هذا القبيل ولما كان صاحب الخيمة غائبا فقد قامت زوجته بمقتضيات الضيافة وأحضرت حساء العدس الذى أعدته لزوجها ورجت النبى صلى الله عليه وسلم أن يتناوله. وفى هذه الفترة وصل زوجها ولما وجد حساء العدس الخاص به أمام النبى صلى الله عليه وسلم غضب غضبا شديدا ولكنه حسب القانون اضطر أن يكتم غيظه فى نفسه. وفى نفس الوقت أصاب فرسه التى فى الخارج مرض فتحير البدوى ولم يدر ما يفعله فاستنجد بالنبى صلى الله عليه وسلم ، وأراد النبى صلى الله عليه وسلم أن يظهر رضاه عن زوجة البدوى فقال : «امرأة بشوشة ورجل عبس ، الضيف محمد ، والطبيخ عدس أخرج أيها المفزعن هذه الفرس» ونفخ فى الفرس فطابت الفرس وفهم البدوى هوية ضيفه واعتذر مستغفرا وطلب العفو.

٣٠٠