موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب - ج ٥

أيوب صبري باشا

موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب - ج ٥

المؤلف:

أيوب صبري باشا


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الآفاق العربيّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٣٥

الصورة الأولى فى بيان القبائل العربية الساكنة

فى الأقطار الحجازية

إخطار :

للقبائل العربية التى استوطنت فى جزيرة العرب شعب كثيرة. كما تسعى أفراد كل أمة من الأمم بكل قوتها للإبقاء على شرف أمتهم وعرضها ويحرصون بدافع وطنيتهم على المحافظة على قوة عصبيتها وكمالها ويبذلون فى سبيل ذلك كل غال ورخيص ، كذلك تعمل القبائل العربية بكل جهدها لتعلو بحقوقها الوطنية والقومية.

ولما كانت لكل واحدة من القبائل العربانية منازل محدودة ومواقع معينة ، لذلك سنذكر فى هذا الفصل وصوره وصور الفصول الأخرى أحوال القبائل العربية التى تستحق الذكر.

هذه القبائل التى تستوطن الأقاليم الستة لجزيرة العرب ، كما سنذكر منازلها المحدودة والقوانين والعادات المرعية فى الأحكام بينها بإيجاز إن شاء الله.

بنو هاشم :

يطلق اسم بنو هاشم على الأشراف والسادات الذين تسلسلوا من أصلاب الإمامين الحسن والحسين «رضى الله عنهما» إن نفوذ أفراد القبائل التى تنتسب إليها الأشراف الكرام والسادات ذوى الاحترام نافذ وجار على جماعات سائر القبائل ، وإن حصر إمارة مكة المكرمة الجليلة عليهم لدليل يؤيد صحة هذا الادعاء.

٢٠١

توضيح :

يقال لأولاد وأحفاد سبطى الرسول المكرمين «رضى الله عنهما» أشراف وسادة.

وإن كان بعض المؤرخين قد ذهبوا إلى إطلاق لقب «شريف» على أولاد الإمام الحسن رضى الله عنه ، وعلى أولاد الحسين رضى الله عنه «سادات» ، إلا أن فى هذا التعريف والادعاء خطأ تاريخى.

وإن كان يطلق على أولاد الإمام الحسن «أشراف» فهذا التعبير حدث فى العصور الأخيرة ، وبناء على ما فصل فى بحث طبقات الأشراف أنه حدث فى عهد «قتادة بن إدريس» أن بعض أولاد الحسين بن على قاموا بالإمارة سواء أكانت فى المدينة المنورة أو مكة المكرمة ، وأن الشرافة خاصة بأولاد الحسن بن على «رضى الله عنهما» الذين قاموا بتولى الإمارة ، فلا يصح حصر «الشرافة» فى الحسن بن على رضى الله عنهما.

كانت الشرافة لعامة أبناء هاشم بن عبد مناف ولكن السيادة مع الشرافة كانت منحصرة فى أولاد السبطين المكرمين ؛ حتى إن بعض كبار المحدثين وفحول المفسرين وأعلام مؤرخى الأسلاف كانوا يقولون عن ذكر نسب أحفاد السبطين «السيد الشريف الحسن والسيد الشريف الحسين» ، ولكن عندما يريدون أن يعرفوا أحد من بنى هاشم كانوا يقولون «الشريف العباسى» والشريف الزينبى والشريف «العقيلى» حتى يميزوهم عن السادات ، وليبينوا أن كل شريف ليس بسيد. ولما حصر الملك الأشرف من الملوك المصرية التعمم بالعمامة الخضراء على السادة فقط ، فكأنه خص بالشرافة أحفاد السبطين ، وذلك باتفاق رجال عصره.

وكان يطلق على أبناء السبطين سواء أكانوا فى الأقطار الحجازية أو الممالك الأخرى إلى زمن «الشريف أبو نمى» من أمراء الحجاز : «السيد الشريف» ولكن ومنذ زمن إمارة الشريف أبى نمى لوحظ أن أولاد الحسن رضى الله عنه فى الحجاز ينادون ويعرفون بأشراف ، وأولاد الحسين رضى الله عنه بسادات ، وبناء

٢٠٢

على هذا أصبح إطلاق الأشراف الحسنية على أولاد الحسن رضى الله عنه والسادات الحسينية لأولاد سيدنا الحسين ، عادة لدى سكان الحجاز.

ومع ذلك فأحفاد السبطين المقيمون فى الأقطار الأخرى كالعراق والشام ومصر ، مازالوا يدعون كما فى السابق السيد الشريف.

ومازال بعض من أشراف الحسنية يقيمون فى مكة المكرمة وبعضهم فى وادى فاطمة ووادى الليمون ، وبعضهم فى موقع يقال له الحسنية خلف جبل عرفات ، وبعضهم فى المدينة المنورة ، وبعضهم بين ينبع البحر وينبع النخل وفى السويق التى تعتبر أكبر مدينة فى ينبع النخيل.

ويقال لفريق منهم فى جهة ينبع البحر دوى هجاز ، ولفريق آخر عيايشة ، والذين يسكنون فى مدينة السويق هم الذين ينتسبون لفريق عيايشة ، ويروى أن أصل ملك المغرب الحالى من الأشراف الذين يسكنون فى السويق.

كما أن السادات الحسينية تشعبوا لعدة شعب ، فشعبة منهم تقيم فى مكة المكرمة ، وشعبة منهم فى المدينة المنورة ، والشعبة الثالثة فى ينبع البحر ، وبعض منهم هاجروا إلى البلاد الأخرى.

يسمى سادات الحسينية الذين يسكنون فى ينبع البحر زراعية ، والذين تشعبوا منهم وسكنوا فى سوارقية يسمون سادات بنى الحسين.

وشعبتان من سادات الحسينية فى اليمن وشعبة منهم فى حضرموت ، ويقال لأحد شعبهم فى اليمن سادات مراوعة والأخرى سادات المهادلة وعلى الشعبة التى فى جهات حضرموت سادات العلوية. كما أن فى إقليم الحسا فرقة من سادات الحسنية ، ويبلغ عدد أشراف وسادات الحسنية والحسينية عامة فى جزيرة العرب كلها خمسين ألف نسمة.

قبيلة عنزة :

وقبيلة عنزة التى تستوطن فى شمال جزيرة العرب وخاصة الأقطار الحجازية وتعيش حياة بدوية تنقسم إلى أربع قبائل كبيرة تعرف بالأسماء الآتية : ـ

٢٠٣

١ ـ أولاد على.

٢ ـ الحسنة.

٣ ـ جلاس.

٤ ـ بشر.

ويقيم أولاد على على طريق الحج الذى يمتد من قلعة الزرقاء إلى القرب من قلعة خيبر. وينقسم هؤلاء أيضا إلى قبائل المشادقة ، مشطا حمامدة جدالمة طلوح وتتشعب من قبيلة مشادقة قبائل طيار ، ومنزقان ، لحوين ، وتتشعب من قبيلة (مشطا) أيضا قبائل العواض ، والطيور ، والعطفان ، والمقيل.

وقبيلة حمامدة قبيلة واحدة ، ويسكن أفراد هذه القبيلة فى أطراف معان.

وتتشعب من قبيلة جدالمة قبيلتا القربنات والطوزشات.

وقبيلة طلوح قبيلة واحدة. وأغلب أفراد هذه القبيلة يسكنون على طريق الحج ، وبما أنهم يحرسون أموال وأرواح الحجاج فلهم أجورهم وعطاياهم وخلعهم من الصرة السلطانية.

وقد انقسمت قبيلة الحسنة إلى قبائل متعددة ، ولما كانت جميع هذه القبائل اختارت الإقامة فى الصحارى التى تقع بين الشام وحمص وحلب وبغداد فلا حاجة هنا للحديث عن أحوالهم وتفصيلها.

وتقسمت قبيلة جلاس إلى قبيلتى الروالة والمخلف ، وتشعبت من قبيلة المخلف قبائل عبد الله وفرسة وبدور وسوالمة.

ومن الزوالة تشعبت قبائل قنعيسان ، ودغمة ، والفرلفة ، ونصير.

وتنزل قبيلة جلاس عامة بين الصحراء التى فى جهة ناحورا ، وفى جهة جوف من جبل شمر ، وخاصة فى الأماكن الواقعة بين دجلة والفرات ، وتنزل أحيانا بجانب قلعة خيبر.

٢٠٤

ولما نأتى إلى قبيلة بشر نجد أنها قد تفرعت منها قبيلتا جد ، وسلقا ، ومن قبيلة جد تفرعت قبيلتان فدعات وسبعة ، وعربان قبيلة (سلقا) يقيمون فى منطقة الحسا.

ولقبيلة سلقا شعب وفيرة وأفرع متعددة ، ولكن أهمها قبائل «حائط وحويط» المقيمتان بالقرب من جبل شمر ، وقبيلة أولاد سليمان المقيمة بجوار خيبر.

وأفراد قبيلة عنزة كثيرة وشهرتها ذائعة. وأكثر أفراد هذه القبيلة يمضون الصيف بجوار ولاية سوريا ، كما يمضون موسم الشتاء متنقلين فى شمال جزيرة العرب وفى الصحارى الواقعة بين الشام وحمص وحلب وبغداد ، وفى الأراضى المتسعة الأخرى. ويبلغ عددهم من حيث المجموع ثلاثمائة وخمسين ألفا.

٢٠٥

الصورة الثانية فى بيان قبيلتى حويطات وجهينة

يقيم أفراد قبيلة حويطات فى سواحل البحر الأحمر الشرقية التى تمتد من قلعة عقبة وقلعة إزلم إلى السويس. فى حالة تنقل ولما كانوا يحصلون حاجاتهم من الملبوسات الضرورية من مصر فعلاقتهم مع مصر ، والأماكن التى تسكنها قليلة الإنبات وأراضيها مجدبة ، وعندما تقل الأمطار وتجوع حيواناتهم فى المراعى يذهبون إلى جهات عنزة.

وإن كانت قد تفرعت من القبيلة المذكورة اثنتا عشرة قبيلة ولكن أكثرها أفراد الجازاى ، والرياضات.

وقبيلة بنى عطية المقيمة فى طريق موكب حج مصر الواقع فى طريق الحسما فرع من فروع قبيلة حويطات.

وقبيلة عمران قبيلة مهمة تفرعت من قبيلة (حويطات) وتسكن حيث تسكن حويطات. وبما أن قبيلتى دبور ، وبدول متفقتان مع قبيلتى حويطات وعمران بجوار قلعة عقبة فهما مستقرتان وساكنتان فى مواقعهما.

وإن كانت قبيلة سبايحة أيضا ساكنة فى هذه الأماكن إلا أن قبيلتى تباها وترابين مستوطنتان فى أماكن قريبة من غزة ، كما أن قبيلة (ويلى) ساكنة ابتداء من المكان المعروف ب (فقير) والأراضى التى تمتد إلى ميناء الوجة (١) وفى وادى حمص وأفراد قبيلة سبايحة يتنقلون من هذا الميناء وحوالى هذا الوادى وفى الأماكن القريبة من قلعة الإزلم.

__________________

(١) كان الحجر الصحى يقام فى هذا الميناء للحجاج المصريين.

٢٠٦

ويبلغ عدد أفراد القبائل التى تسكن فى هذه المواقع أى فى الجهة الشمالية القريبة من الأقطار الحجازية وفى الأراضى التى تمتد من قلعة الأزلم ، والعقبة وميناء الوجه إلى السويس مائة ألف نسمة.

وهناك قبيلة أخرى مقيمة فى جبل حساين الواقع على شاطئ البحر الأحمر ، وعلى ثلاث مراحل من الطرف الشمالى لينبع البحر ، ويشتغل أكثر أفراد هذه القبيلة بالملاحة وأمور خاصة بالسفن ، ويروى أن تلك القبيلة متشعبة من قبيلة بنى عيسى المشهورة التى تسكن بلاد اليمن الواسعة.

قبيلة جهينة :

تسكن هذه القبيلة والجماعات المنسوبة لها فى شاطى البحر من جبل حساين إلى ينبع البحر ، وفى المواقع التى من جبل حساين إلى ينبع هدية وبجوار قلعة شجرة ، وبئر فقير وفى الوادى المسمى عباس وفى ينبع البحر وجبل رضوى الواقع على شرقه بخمس ساعات ، ولما كانت كلها قبائل رحل فهى تسكن حيثما شاءت ووقتما تشاء.

وتنقسم تلك القبيلة إلى قسمين واللذين يعرفان ب أولاد مالك ، وأولاد موسى أشراف.

وقد تشعب من قبيلة البراهمة قبائل صبحة ، عيايشة ، وعروة ، وكومة ، وسنبنات ، وحصينات ، وأساورة ، ومسادى ، ورفاعة ، وبنى كلب ، وحيادلة ، حمدة ، ومواليد وقد تفرعت من كل واحدة من هذه البطون عدة خمسات وبطون أخر سواء أكانت تلك القبائل المذكورة أما تفرعت منها من البطون فى القسم الذى يسمى أولاد مالك.

إيضاح :

يقال خمسة لوالد الشخص وعمه وخاله ومن ولد من هذين من الذكور وكلهم خمسة أشخاص. إذا ما قتل أحد من العربان شخصا آخر يقتل أحد من

٢٠٧

خمسة المقتول القاتل ، وبهذا يأخذ ثأره. وتعبير خمسة عبارة عما تم شرحه ، وقد تفرعت الخمسة فى القبيلة واختلطت من جميع الجهات بالأولاد والأنسال ، وأصبحت قبيلة مستقلة للفظ خمسة كناية عن ذلك.

والقسم الثانى الذى يتكون من قبيلة جهينة أولاد موسى :

وقد تفرعت أيضا إلى قبائل عديدة ، كالقبائل المشهورة التى تشعبت من قبيلة براهمة وهى موالى ، ومراوين ، علاوين ، وزيبان ، وعوامرة ، ونزة ، وسمايحة ، وما تفرع من كل واحدة منها من الخمسات تشكل القسم الثانى من قبيلة جهينة. وتبلغ قبيلة جهينة بكافة أفرعها من حيث المجموع خمسين ألف نسمة تقريبا. ويشتغل بعض منهم بالملاحة وتسيير السفن وصيد السمك ، وبعض منهم يعمل بالفلاحة والزراعة ويتعيش من ورائها وتسكن القرى والمدن ، ولكن القسم الأعظم منهم يمضون حياتهم فى الترحل وتحت الخيم.

قبيلة هيتم فرع من قبيلة بنى عبس :

الحميّة والسياسة العربانية :

الحمية والشجاعة الفطرية لا حد لها بين العربان. وحدث أن قامت حرب بين هذه القبيلة وقبيلة أخرى (١) مجاورة لهم منذ خمسمائة عام ، وكانت حرب شديدة قاسية نتجت عنها خسائر كثيرة فى الأرواح والأموال ، لذا اجتمع ثلاثة وثلاثون من شيوخ القبائل الأخرى حتى ينهوا هذه الحرب ، ويضعوا حدا لأوزارها بالصلح بين القبيلتين وفعلا حسبوا ديات القتلى وفق القوانين القبلية ، وأرضوا الطرفين وعقدوا الصلح بينهما. ولكن بعد فترة قام شجعان قبيلة هيتم بالإغارة على أعدائهم وقتلوا من وقع فى أيديهم من رجال ونساء وأطفال ولم يبقوا على أحد ، وكانت هذه الجريمة فى غاية السوء منافية للصفات الإنسانية ، ومناقضة للقوانين الجارية بين البدو ، وبناء على ذلك أقسم الشيوخ الذين سبق ذكرهم على قتل أفراد القبيلة المعتدية كلهم بحيث لا يبقون لهم اسما ولا ذكرا ، وتعاهدوا على ذلك.

__________________

(١) يقصد قبيلتى عبس وذبيان.

٢٠٨

ولكن فيما بعد ، لسبب ما تراجعوا عن عقابهم بهذه الصورة ، وقرروا تأديبهم ومجازاتهم بصورة أخرى ، وذلك بأن يكونوا مهانين ومحقرين من قبل القبائل الأخرى ، وألا تضمهم أرض واحدة معها ، وألا يختلطوا بالقبائل الأخرى بالزواج وغيره ، وحتى إذا سكنوا فى أرض قبيلة من القبائل عليهم أن يدفعوا لهم مقدارا من المال باسم الزكاة ، وأن يبدل اسم قبيلة عبس باسم هيتم الذى يعنى الذليل الحقير. ومن ذلك الوقت تراهم أذلاء ومهانين عند القبائل الأخرى وهم فعلا فقراء.

وخلاصة القول أن القبائل الأخرى تنظر إليهم كنظرهم إلى الغجر.

والقبائل التى توجد فى الأقطار الحجازية من بطون بنى هيتم هى (مهيمزان ، ذوو رشيد ، ذوو براك ، ونوامسة ، شرارات ، وهتمان.

وتسكن قبيلة مهيمزان بين الحناكية القريبة من المدينة المنورة وكريزية ، وقبيلة ذوى رشيد فى قرى حائط وحويط ، وأبو حبان ، وصحراء وادى رما وقبيلة ذوى براك فى الصحارى الممتدة من جبل سراة إلى جبل شمر ، وقبيلتا النوامسة وشرارات تسكن حول قبائل عنزة وبعضها فى أراضى جهينة ، والقبيلة الضخمة التى تسمى هتمان تسكن حوالى مكة المكرمة وفى داخل البلاد اليمنية.

٢٠٩

الصورة الثالثة فى ذكر عربان قبائل نخاولة وبنى حرب

قبيلة نخاولة وبنى حرب : قبيلة نخاولة قبيلة محتقرة فى غاية الاحتقار بين أهالى الحرمين.

فمن المعلوم أن العساكر الذين أرسلوا من قبل يزيد بن معاوية بنية ضبط المدينة المنورة والاستيلاء عليها نهبوا أموال أهالى المدينة المنورة الكرام وأمتعتهم وهتكوا أعراض نسائها وشرفهن ، ثم انصرفوا ناحية الشام! عندئذ عزلت النساء اللاتى حبلن من هؤلاء الملاعين والأولاد الذين ولدوا نتيجة السفاح وأسند إليهم لما كبروا وظائف العناية بالحدائق التى حول المدينة المنورة.

وتكونت قبيلة نخاولة من سلالة أولاد الزنا الذين اشتغلوا بمراعاة الحدائق التى حول المدينة وأطلق على أفراد تلك القبيلة فيما بعد نخاولة.

ومنذ ذلك الوقت لا يتزاوج أهالى المدينة بأفراد هذه القبيلة ولا يختلطوا بهم. ولما كان هؤلاء رافضة المذهب فإنه لا توجد بين أسماء رجالهم ونسائهم أسماء أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعائشة. وحمقى الشام الذين ينتسبون لهذه القبيلة ، يختلطون ويتزاورون دائما مع من هم على مذاهبهم. ويتزاوجون فيما بينهم بزواج المتعة.

وقد وصل عدد النخاولة الذين يسكنون فى الحدائق المذكورة وفى الغرف الأرضية التى تسمى حوض إلى الآن اثنى عشر ألفا.

وكل الشيعة والروافض الذين يزورون المدينة المنورة فى زماننا ينزلون فى

٢١٠

منازل النخاولة عامة. ويقيم أبناء النخاولة فى الحدائق التى خارج المدينة وفى الأماكن التى تسمى حوش النخاولة ، وبناء عليه لا يوجد فى داخل المدينة المنورة فرد من جنس النخاولة.

قبيلة حرب :

انقسمت قبيلة حرب إلى قبيلتين كبيرتين وهما بنو سالم وبنو مسروح. كما أن بنى سالم قد انقسموا إلى شعبتين وهما ميمون ، ومراوحة.

وتتفرع شعبة بنى سالم الأولى بنى ميمون إلى اثنتى عشرة بطنا واشتهر التسع من هذه البطون بين العرب بأسماء محمادى ، ولوعى ، رحيلى ، حيدرى ، عمرى ، سريجى ، يحيوى ، مورعى ، قايدى ، كما تشعبت من كل واحدة منها الخمسات ، والقبائل الثلاثة الباقية هى أحمدى ، محمدى ، صبحى ، وكل واحدة منها انقسمت إلى أربعة أقسام هى حميدى ، ضميرى ، فضيلى ، ذكيرى وتنتمى إلى قبيلة أحمدى ، وتنتمى تمم ، سعادين ، لويلح ، وسواعدة إلى قبيلة محمدى. وتنتمى عليانى ، لبيدى ، فخمى ، ومرزوقى إلى قبيلة صبحى كما تفرع من هذه الأقسام خمسات متعددة.

كما أن مراوحة بنى سالم عرفت بأسماء نوامية ، وقراف ، وظواهرة ، وجبول ، وحنيطات ، وذرعات ، وحجلة ، ومزينة ، وردادة ، وحناينه وهى قبائل صغيرة تكون جماعات ما تعرف بقبيلة حوازم.

وكافة هذه القبائل الصغيرة تتعايش بنقل الحجاج بجمالهم ونقل ذخائر وأمتعة أهل المدينة ، وهم عامة أهل طاعة وانقياد.

ويسكن عربان القبائل التى سبق ذكرها محمدى فى طريق ملف ورولوعى فى قرب خيف الكسا ورحيلى حول بئر الروحاء.

وحيدرى فى ينبع النخل ، وعمرى فى مضيق جديدة وأم ديان وسريجى ويحيوى ومورعى وقايدى فى ينبع النخل أيضا ، وأحمدى فى جبل فقرة المشهور لمضيق جديدة ، وحواليه وفى الجبال الأخرى القريبة منها رحقان وجعفر تسكنان

٢١١

القرى ، ومحمدى بين المدينة المنورة وشجوة ، وصبحى فى بدر والحسينية وما حولهما من جبال.

وفرقة مراوحة القسم الثانى من بنى سالم وهى نوامية ، وقراف ، وحنيطات ، وجبول ، وحجلة ، ومزينة ، ورداده ، وحناينة. وهذه تنقسم إلى عشر خمسات ، وكل خمسة تنقسم إلى خمسات متعددة ، ويطلق على جملتها حوازم ، وأفراد هذه الخمسات يسكنون عامة فى المواقع التى سيأتى ذكرها.

وتسكن قبيلة نوامية فى الجهة الجنوبية من الطريق السلطانى وخيف الكسا ، وعربان قراف فى قرية حمرة والجبال التى حولها ، وفريق من عربان الظواهرة فى حمرة ، والفريق الآخر فى نجد ، وقبائل حنيطات وجيول ، وذرعات فى قرية صفراء وما حولها من الجبال ، وعربان حجلة عند أسوار بئر الشريوفى ، وعربان مزينة بين الجبال الواقعة بين نجد والمدينة المنورة فى الجهة الشرقية منها ، وعربان رداده بين المدينة المنورة وبئر الشريوفى ، وبعض من عربان حناينة حول المدينة المنورة وبعضهم فى إقليم نجد.

ولما كان عربان بنى سالم أكثرهم بين المدينة المنورة ، وينبع البحر ، أقام القسم الثانى من مسروح فى الأماكن التالية : فعربان جرم يسكنون فى قرية مضيق الواقعة على طريق فرعى وطريق غابر ، وفرقة من عطور ومناش فى قرية مضيق الواقعة فى طريق الفرع ، والفرقة الأخرى تسكن فى بادية نجد ، وعربان بشر يسكنون حول مكة المكرمة ، وبجانب حارة عربان معبد بن عبد الله ، وعربان بلدية وحمران حول مكة المكرمة ، وبعضهم فى قرية تسمى بلدية والجبال التى حولها ، وعربان بدارين وبنى جابر وشعب فى الأماكن التى على الجهة الشرقية من الحناكية وإقليم نجد.

لذا يطلق على الأراضى التى بين البلدتين المباركتين أراضى المسروحية.

وقبيلة بنى حرب قبيلة كبيرة بين القبائل العربية ، وخاصة فى الأقطار الحجازية. وإذا ما أحصوا بكل فروعهم يبلغ عدد أفرادهم على أقل تقدير سبعين أو ثمانين ألفا.

٢١٢

الصورة الرابعة فى تعريف قبائل مطير وبنى سليم وبنى عتيبة

وقريش وهذيل وثقيف وبنى عدوان

قبيلة مطير :

تشعبت من قبيلة مطير قبائل دويس ، وميمونة ، وبنى عبد الله ، وتفرعت من هذه الشعب خمسات متعددة تسير وتسكن أفراد تلك القبائل وشعبها ابتداء من مضيق حنق على مرحلة واحدة من المدينة المنورة وعلى جانبها الشرقى والأماكن الكائنة بين قرية حازة وقريتى سوارقية وصفينة.

ولما كان أكثر هؤلاء من أهل البداوة فهم يسكنون الخيم ويتجهون حيث يجدون العشب وحيثما ينزل المطر ، ناقلين أثقالهم ومواشيهم ، وهذه عادة قديمة عندهم. يبلغ عددهم نحو أربعين ألفا.

بنو سليم :

يسكن أفراد قبيلة بنى سليم بين قرية حازة الواقعة على الطريق الشرقى للمدينة المنورة الذى يمتد إلى مكة المكرمة والأماكن الواقعة بين مكة المكرمة ، ويقدر عددهم بنحو ألفى نسمة.

وعربان أحمدى الذين يسكنون جبل فقرة على بعد ست ساعات من قرية جديدة التى تقع على يمين الطريق السلطانى ، ومضيق جديدة عند الاتجاه إلى مكة المكرمة من المدينة المنورة فرع كبير انفصل عن قبيلة بنى سليم ، ويطلق على عربان أحمد أحامدة أيضا.

قبيلة عتيبة :

وقبيلة عتيبة قسمان يسمى أحدهما برقا والآخر بريا وتتشعب من هذين القسمين قبائل متعددة وخمسات.

٢١٣

وأهم القبائل والخمسات المتفرعة من برقا وبريا قبائل روسان ، وروفة ، ومفطة ، وشياين ، ودعاجين ، وعصمة ، وجذعان ، وحناتيس ، وهى ثمانى قبائل ويبلغ عدد أفرادها عشرين ألفا.

وهناك بعض أفراد القبائل الساكنة فى جوار الطائف والأماكن الواقعة على الطرف الشرقى من الطائف هؤلاء أيضا من العربان الذين ينتمون إلى بنى سليم وبنى مطير.

قبيلة قريش :

ولا تحتاج قبيلة قريش للشرح والتوضيح والبيان وكانت تشتهر قبل البعثة النبوية بين القبائل العربية بكثرة عددها وقوتها وصولتها ، كما هو مسطور فى كتب التواريخ القديمة.

وقد هاجر الجزء الأعظم من أفراد هذه القبيلة مع فخر الكائنات عليه أفضل الصلوات ، ومن بعده إلى المدينة المنورة كما أن بعضا منهم صحبوا الغزوات التى ساقها الخلفاء الراشدون إلى الأقطار الشامية والمصرية والعراقية ، وبعد الفتح اختاروا الإقامة فى هذه الأماكن ، وسكن بعض منهم فى مكة المكرمة وسائر المواقع ، وذابوا فى سكان البلاد التى سكنوا فيها ، والذين بقوا منهم الآن لا يتجاوز عددهم ألفى نسمة.

وأفراد تلك القبيلة يسكنون فى بعض المواقع الخاصة حوالى مكة المباركة ووادى الخيف وحواليه ، وفى وادى عرفات ، وأخشبان وحول هذين الواديين وبين مكة المكرمة وجبالها المتسلسلة.

أشرف القبائل :

وتفضل قبيلة قريش من حيث القوة والمجتمع القبائل الأخرى ، كما أن أصالتها من حيث الحسب والنسب معترف به عند الجميع ومسلم بها وأشرف بطونها : بنو هاشم.

٢١٤

والقرشيون من أولاد فهر ، وتفرقوا فى زمن كنانة ، وقد جلبهم وجمعهم قصى بن كلاب فى ظواهر وبطاح مكة ، لذا سموا بقريش وانقسموا إلى قسمين ويطلق على قبائل بنى عبد مناف ، وبنى زهرة ، وبنى عبد العزى بن قصى ، وبنى عبد الدار بن قصى وبنى تيم بن مرة ، وبنى سهم وبنى جمح ابنى عمرو بن هصيص بن كعب وبنى عدى بن كعب ، وبنى هلال بن مالك بن حبنة بن الحارث بن فهر بن عامر بن لؤى قريش البطاح.

كما يطلق على أولاد بنى معمر بن غالب بن فهر وبنى بعيص بن عامر بن لؤى وبنى محارب بن فهر وبنى الحارث بن فهر يطلق عليها قريش الظواهر.

كما أن جماعة أسامه ، حارث ، سعد ، وعوف ، من أولاد لؤى بن غالب أيضا ، إلا أنهم لم يستطيعوا أن يندرجوا فى عداد لا قريش البطاح ولا قريش الظواهر لهجرتهم إلى بلاد أخرى.

قبيلة هذيل :

تسكن قبيلة هذيل فى الجبال التى بين مكة المكرمة وبلدة الطائف الجبال التى تتسم بعلوها ووعورة طرقها ولا سيما حول جبل قرا.

والقبائل الثلاثة التى تدعى بعلويين ، وتدوين ، وبنى خالد أهم قبائل انفصلت عن قبيلة هذيل ، ويبلغ مجموع عدد أفرادها إلى عشرة آلاف نسمة تخمينا.

قبيلة ثقيف :

تسكن قبيلة ثقيف فى الطائف والقرى التى حواليها ، وخاصة بين صحارى الطائف وجبالها وفى قرية بجيلة التى فى جنوب الطائف.

ونصف أهل الطائف ينتمون لهذه القبيلة ، وينتمى إلى ثقيف الحجاج بن يوسف الثقفى الذى اشتهر بظلمه وجبروته ، ومختار الكذاب الذى ادعى النبوة فى الجاهلية ، كما أن عربان بنى سفيان يتفرعون من قبيلة ثقيف.

وعربان قبائل بنى سعد ، وناصرة ، وربيعة ، وعيلة ، وإن كانوا ينتمون من

٢١٥

حيث النسب إلى قبائل أخرى ولكنهم يسكنون فى أماكن خاصة بثقيف ويعيشون متآلفين مع أفراد قبيلة ثقيف. ويصل عدد أفرادهم إلى ما يقرب من خمسة وعشرين أو ثلاثين ألف نسمة.

ويقيم عربان قبيلة بقوم فى قرى رنية ، وبركة العشيرة ويختلطون بأفراد قبيلة ثقيف ، ويعيشون متآلفين معهم إلا أنهم لا يعدون من قبيلة بنى ثقيف.

قبيلة عدوان :

كانت قبيلة عدوان وأفرادها يتميزون من حيث الكرم والشجاعة على عربان القبائل الأخرى ، واشتهروا بذلك وبهذا اكتسبوا شرف صداقة أشراف مكة المكرمة الكرام وسعدوا بها.

وعندما كانت قبيلة (عدوان) تحمل الشهرة والشرف الذين سبق الحديث عنهما كانت تسكن فى الأراضى الواسعة والجبال والأودية التى بين جدة والطائف ، ولما قل عددهم ونقص شرفهم اختاروا السكنى فى الجهة الجنوبية من الطائف. ومجموع عدد أفرادهم يكاد يبلغ ألفى نسمة.

وكانت مرضعة النبى صلى الله عليه وسلم حليمة ـ رضى الله عنها ـ تنتمى إلى هذه القبيلة ، وبما أن قبيلة سعد كانت تحوى تاج المخدّرات وعمدة الصالحات فقد كان أشراف مكة الكرام يودعون أولادهم إلى وقت قريب فى أحضان مرضعات هذه القبيلة ، لإرضاعهم وتربيتهم.

قبيلتا ابن الحارث وبنى سعيد :

يسكن أفراد قبيلة ابن الحارث الذين يبلغ عددهم ألفى نسمة فى الجهة الشرقية من الطائف ، كما أن بنى سعيد الذين يبلغ عدد نفوسهم ثلاثة آلاف فى الجهة الجنوبية من الطائف وأفراد هاتين القبيلتين أيضا يختلطون مع بنى ثقيف متآلفين متآنسين.

٢١٦

الصورة الخامسة فى ذكر القبائل العربية التى تسكن بين مكة المعظمة وجدة وقنفذة

وفى ساحل البحر الأحمر الذى يعد جزءا من تهامة الحجاز

بنو لحيان :

يقيم عربان قبيلة بنى لحيان فى الأماكن الواقعة بين مكة المكرمة وجدة وتقتصر معيشة بعض هؤلاء على ما يحصلون من المبالغ من المسافرين والحجاج الذين يسلكون هذا الطريق ويتعيش الآخرون كبقية البدو من تربية الحيوانات ويبلغ عددهم ألف وخمسمائة شخص.

بنو جحادلة :

يسكن عربان قبيلة جحادلة فى الجهة الجنوبية من مساكن قبيلة لحيان ، وخاصة فى وادى لملم ، ويتكسب هؤلاء بنقل المسافرين الذين يذهبون من مكة المكرمة إلى اليمن على ظهور جمالهم ونقل بضائعهم.

وهناك قبيلة بنى فهم غير القبائل المذكورة ، وتقيم فى وادى خضر وقبيلة يزيد والتى تقيم فى وادى يزيد ، وقبيلتا بجالة وبنو منعان وتسكنان فى وادى حسن ، والأسود ، والأعور ، وبنو سليم فى وادى دوقة وأشراف قبائل ذوى زيد وبنى هلال وبنى عفيف فى عصم. وقبيلتا بنى ناشر وبنى عاصم فى وادى أجية وقبائل بنى عمر وبنى على وبنى زيدان فى وادى قنفذة.

ويبلغ عدد أفراد عامة هذه القبائل عشرة آلاف نسمة تقريبا ، ولما كانت أماكن إقامتهم غير منبتة ، يزرع بعض سكانها فى السنين الممطرة الذرة ويجنون محاصيلها كما أن بعضهم يعيشون على صيد الأسماك على ساحل البحر الأحمر.

٢١٧

الصورة السادسة فى تعريف اليمن وملحقاته والقبائل المستقرة

فى هذه الأماكن

اليمن :

خطة اليمن منطقة كبيرة من جزيرة العرب ، تقع فى الطول الشرقى من درجة ثلاث وأربعين إلى درجة خمسة وأربعين. وفى العرض الشمالى فى درجة اثنتى عشرة ، وتقع على الطرف الجنوبى الغربى من الجزيرة المذكورة.

ويحيط بها من الجانب الغربى البحر الأحمر وفى الطرف الجنوبى خليج عدن ، ويحدها من الشرق حضرموت ومن الشمال الحجاز. ومساحتها الطولية من الجهة الشمالية إلى الجهة الجنوبية سبعمائة وخمسة وخمسون كيلو متر ، ومساحتها العرضية من الجهة الغربية إلى الجهة الشرقية ثلاثمائة وخمسون كيلو متر. ويبلغ عدد سكانها مليونين وخمسمائة ألف نسمة تخمينا.

وتنقسم جغرافيا بالإجمال إلى قسمين :

القسم الأول : من الخطة اليمانية الواسعة : الأراضى الواسعة المستوية على ساحل البحر ، وتسمى تهامة وتمتد من شاطئ البحر إلى الداخل ما يقرب من اثنتى عشرة ساعة وهى أراض سهلة مستوية.

والقسم الثانى : الأراضى المقابلة لتهامة وهى أراضى مرتفعة ، ويطلق عليها نفس اليمن وهى فوق جبال متسلسلة تسمى جبال سروات وتمتد من الطائف إلى صنعاء.

ويسكن أغلب أهالى الممالك اليمانية فى القرى والمدن وقد تعودوا على أن يكتسبوا قوتهم بالزراعة والتجارة ، لذا تجد أن العربان الرحل يقلون بالنسبة للأماكن الأخرى لجزيرة العرب.

٢١٨

التحقت البلاد اليمانية بالممالك العثمانية فى عهد السلطان سليمان القانونى طاب ثراه ، وقسمت إلى محافظتين تهامة واليمن. ومقر إدارة تهامة كان مدينة زبيد ومقر إدارة اليمن صنعاء.

ولما كانت مدينة زبيد على بعد ثلاث مراحل من البحر فقد تفرق سكانها وأشرفت على الخراب ، وأخذت مدينة جديدة تزدهر لأنها على شاطئ البحر فاتخذت مركز إدارة لولاية تهامة.

والمدن التى من جدة إلى عدن وعلى شاطئ البحر من مدن تهامة هى :

ليت :

بلدة ليت على الطرف الشرقى الجنوبى لجدة وعلى بعد تسعين ميلا منها ، وهى مدينة صغيرة قديمة ، وإن كانت لها حدائق نخيل ومياه عذبة فى آبارها ، إلا أن جوها وخيم بسبب كثرة رياحها التى تثير الغبار حتى يكاد الإنسان لا يفتح عينيه.

وفى نفس المدينة دائرة حكومية وجامع شريف وخمسمائة وخمسون منزلا وخمسون دكانا ، وفى مرساها الذى يبعد عن المدينة نصف ساعة والتى تبعد عن مكة المكرمة أربع مراحل بسير الجمل حجر صحى ودائرة جمركية.

وسكانها الأصليون ألف نسمة تقريبا ، ولكن بما أنها أقرب مرساة لعربان القبائل التى حولها فكل فرد منهم يأتى بما يريد أن يبيعه من غنم أو سمن والأشياء الأخرى لهذه المدينة ، ويشترى ما يحتاج إليه من حاجياته الضرورية ، ففى هذه المرساة تتم عمليات استيراد وتصدير لا بأس بها.

وميناء (ليت) مشهور بين موانى البحر الأحمر. فمرساته فى هذه المدينة التى تبعد عنه نصف ساعة فى الجهة الشمالية ، كما أن له دائرة جمركية ودائرة الحجر الصحى أيضا.

لم تكن هاتان الدائرتان ـ إلى وقت قريب ـ مبان من الحجر واللبن بل كانتا كوخين من الأعشاب. وبناء على الإرادة السنية التى صدرت فى خلال عام ألف

٢١٩

وثلاثمائة وخمسة الهجرية بنيت إدارة حكومية كاملة ، وجامع ومخبز ومدرسة للصبيان فى شبه الجزيرة الملاصقة والمتاخمة لهذه المدينة ، كما حفر خندق عميق يكون طرفاه الجزيرة المذكورة ومتصلان بالبحر من ناحيتين بنى فوقه برج من الحجارة ذو أربعة أبواب للدفاع لحماية الميناء.

وكان الميناء المذكور قد حفظ وحدد بصخور مرجانية مستديرة الشكل كالقوس ، وكان فى وسط هذا الخط مدخل للسفن يستوعب عشر قطع من السفن ، وتستطيع الصخور المرجانية أن تحمى السفن من جميع أنواع العواصف التى قد تهب ، وكان عمقه مناسبا وكان هذا الميناء قريبا فى مكان تلتقى فيه منطقتا عسير والحجاز ويسمح بتوسيع دائرة تجارة سكنة هاتين المنطقتين.

لذلك وزع قدر كبير من الأراضى التى فى جهة اليابسة من الميناء على الأهالى المستوطنين هناك ، وكذلك على الذين يرغبون فى الحصول على الأرض من الخارج ولا سيما للموظفين المحليين ، وبناء على ذلك بنيت عشرة منازل وعدة دكاكين ، كما أن السلطان أيضا بنى من جانبه المنزل والدكاكين فأطلق على هذا البلد الجديد اسم معمورة الحميد.

وبما أن موظفى الحكومة نقلوا إلى معمورة الحميد ، وأرسل إليها من جدة مدفعان ومجموعة من الجنود النظاميين وطاقم مدفعى وأسكنوا فى البرج المذكور ولا شك فى أن هاتين المدينتين ستنهضان وتشتهران.

قنفذة :

تقع بلدة قنفذة فى الجنوب الشرقى من مدينة (ليت) المذكورة آنفا وعلى ساحل البحر. كان سكانها الأصليون يتكونون من ألف وخمسمائة نسمة ، إلى أن أرسل فى سنة ١٢٨٠ الجيش السلطانى لدفع غائلة خروج أمير عسير محمد بن عائض من باب السعادة ، وأخرجوا رأسا إلى قنفذة واتخذت مركز حركة للجيش لقربها من جبال عسير فجاء إليها من الأطراف والأكناف كثير من الأشخاص ، واستوطنوا فيها وبناء على ذلك استمر سكانها فى الزيادة يوما بعد يوم.

٢٢٠