موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب - ج ٥

أيوب صبري باشا

موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب - ج ٥

المؤلف:

أيوب صبري باشا


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الآفاق العربيّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٣٥

الصورة الثالثة فى ذكر طريق المدينة المنورة الذى يسمى ب (غاير)

والطريق الثالث من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة الطريق الذى يسمى بغاير). ويمكن أن يوصل من هذا الطريق إلى المدينة المنورة فى خمسة أيام إلا أن المرور من جبل (غاير) المرتفع فى غاية الصعوبة بالنسبة للجمال المحملة عند الصعود والنزول ، فكلما كانت الطرق الأخرى مأمونة من تسلط الأشقياء لا يرغب الجمالون فى المرور من هذا الطريق.

مع أن هذا الطريق بالنسبة للطريق السلطانى وفرع أقصر منهما لذا يفضل راكبو الخيول والهجين والمترجلون السير فى هذا الطريق.

ومن الروايات الموثوقة أن سيد البشر صلى الله عليه وسلّم قد شرف المدينة فى سنة هجرته الميمونة من هذا الطريق.

وبعد أن يخرج من رابغ ويقطع مسافة اثنتى عشرة ساعة يبلغ إلى مرحلة (بئر مبيرك) وإن كانت فى هذه المرحلة بئر واسعة إلا أن مياهها مالحة قليلا.

الذين يقومون من مرحلة بئر (مبيرك) يصلون بعد اثنتى عشرة ساعة إلى مرحلة (رصفه) وإن كانت أراضى هذه المرحلة ذات مياه فالحفر التى يطلق عليها (أشمة) تغنى المسافرين عن الآبار.

ومن مرحلة رصفه السالفة الذكر إلى سفوح جبل (غاير) تبلغ المسافة ست ساعات ، ويظهر غالبا فى سفوح هذه الجبال ماء جار.

ويصعد من سفح جبل غاير إلى سطحه فى ثلاث ساعات وفى الجهة الشرقية

١٦١

على بعد نصف ساعة من سطح الجبل بئر معروفة باسم (رصد). والمسافة بين أول سطح جبل غاير إلى مرحلة (بئر ماشى) اثنتى عشرة ساعة. ويتصل هذا بالطريق الشرقى فى هذا المكان.

والمسافة من بئر ماشى إلى المدينة المنورة ثمانى ساعات وفى هذه المسافة عدة آبار ذات مياه شديدة العذوبة.

١٦٢

الصورة الرابعة فى تعريف الطريق الشرقى بين المدينة المنورة

ومكة المعظمة

الطريق الشرقى طريق متسع. وعند ما تشتد حرارة الشمس يتسلط أشقياء العربان على طريق (جديدة) ، ولقد سارت المحامل الشريفة والقوافل الأخرى من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة وبالعكس من هذا الطريق. ولما كان هذا الطريق يقع على الجانب الشرقى من الحجاز فقد عرف (بالطريق الشرقى).

والمسافرون الذين يخرجون من مكة المكرمة سالكين الطريق الشرقى يصلون إلى قرية (وادى الليمون) بعد مرور أربع عشرة ساعة. ولمرحلة وادى الليمون بئر على بعد أربع ساعات من مكة المكرمة يسمى (برود) ذات مياه عذبة ، وفى أغلب الأوقات تتجمع القوافل بجانب هذه البئر ثم تذهب إلى وادى الليمون.

ولمرحلة وادى الليمون مياه جارية متعددة وكثير من حدائق أشجار الليمون واللارنج. ويصل الخارجون من هذه المرحلة بعشر ساعات إلى مرحلة يطلق عليها (ضريبة) ، وتوجد بها مياه فى الحفر التى تسمى (أشمة). ويواصل السير من هذه المرحلة إلى (بركة زبيدة) وتبعد هذه المرحلة عن (ضريبة) عشر ساعات ، وإن لم تكن لهذه المرحلة بئر مشهورة ، إلا أن لها بركة تملأ بمياه السيول.

والمسافرون الذين يقومون من مرحلة (بركة زبيدة) يصلون بعد اثنتى عشرة ساعة إلى قريتى (حادة وفرع) ولهاتين القريتين آبار متعددة.

وبعد القرى المذكورة مرحلة (السوارقية) ، والمسافة بينها وبين قريتى حادة وفرع ثمان ساعات. ولما كانت (السوارقية) ذات آبار متعددة فسادات بنى حسين يسكنون بها. وبعد (السوارقية) يوصل إلى مرحلة (الحجرية) والمسافة بين

١٦٣

السوارقية والحجرية عشر ساعات وبهذه المرحلة آبار متعددة أيضا. والذين يقومون من مرحلة الحجرية يصلون بعد اثنتى عشرة ساعة إلى مرحلة (غراب). ومرحلة غراب ذات مياه وفيرة بحيث لو تحفر أى مكان فيها قدر ذراع أو اثنين تتفجر مياه عذبة.

وبعد هذه المرحلة يدخل فى مضيق يسمى (خنق) والمسافة بين مرحلة خنق ومرحلة غراب تدوم ثلاث عشرة ساعة. وفى مضيق خنق بركة (١) متسعة تكونت من مياه الأمطار المتجمعة ، ومن هذه البركة إلى المدينة المنورة اثنتا عشرة ساعة.

وإن كان الطريق الشرقى خال من سلاسل الجبال وأكثره أماكن منبسطة إلا أن المسافة التى بين مرحلة (خنق) وبين المدينة المنورة مسافة اثنتى عشرة ساعة محاطة بالجبال كالطرق الأخرى.

__________________

(١) ولا تنقص مياه هذه البركة فى أى وقت من الأوقات.

١٦٤

الصورة الخامسة فى تعريف طريق ينبع البحر

ميناء المدينة المنورة

عند ما يتحرك الإنسان من ينبع البحر ـ ميناء المدينة المنورة ـ إلى البلدة المسعودة (طيبة) أول ما يقابله (بئر سعيد).

وهذا المكان على بعد ست عشرة ساعة من ينبع البحر به بئر عذب الماء. وبعد مرحلة بئر سعيد إلى قرية (صفراء) على بعد عشر ساعات منها حيث يتصل الطريق السلطانى بطريق (ينبع البحر).

وقد ذكرت المراحل التى بين الطريق السلطانى والمدينة المنورة فى بحث الطريق السلطانى فلا حاجة لتكرارها مرة أخرى. والمسافة بين ينبع البحر والمدينة المقدسة بسير الجمل خمس مراحل.

ولما كان بين رابغ وينبع البحر ميناء آخر يعرف ب (رايس) فالمسافرون الذين يذهبون بحرا ينزلون أحيانا فى ميناء رايس ثم يتجهون إلى المدينة المنورة.

والذين يقومون من ميناء رايس يصلون بعد مرور ثمانى ساعات إلى قرية (بدر) المباركة وبعد خمس ساعات إلى قرية (صفراء) والصحابة الكرام الذين استشهدوا فى غزوة بدر الكبرى مدفونون فى ساحة قرية (بدر) ويتصل طريق ميناء رايس فى قرية صفراء بالطريق السلطانى فلا لزوم لتكرار المراحل التى بعدها.

وما بين المدينة المنورة وميناء رايس طريق منبسط مستوى يسمح بالسفر بالعربات ، إلا أن تسلط العربان حال دون استخدام العربات.

١٦٥

الصورة السادسة فى تعريف الطرق الأخرى

التى تؤدى إلى مكة المعظمة

إخطار :

لمكة المفخمة سبع طرق أخرى. وكانت قوافل الممالك الإسلامية تستخدم هذه الطرق.

١ ـ طريق الشام

أحد الطرق السبعة المذكورة. طريق (الشام) : وكان محمل الشام يسلك هذا الطريق بعد أن يودع أمير الحج قافلة الشام فى الخامس عشر من شوال حسب الأصول من قبل والى سوريا ، ومن قبل مشيرية الجيش الخامس السلطانى ، وما رتب من موكب عظيم تخرج القافلة بكل عظمتها من الشام إلى (قبة الحاج) ، ومن هنا إلى (الكسوة) ثم تأخذ الحجاج المجتمعين فى (مزيريب) ، وتنهض متوجهة إلى مرحلة (خان ذى النون). وكان فى الأوائل يطبخ للحجاج حساء الفتة على حساب وقف ابن الحصن فى خان ذى النون ، كما كان يؤخذ من الحجاج بعض النقود لتوزيعها على الحراس.

وكانت القافلة التى تقوم من خان (ذى النون) تمر بموقع يدعى (خان الزيت) ويدخلون فى مرحلة (خيمن) وتلك المرحلة المذكورة ما هى إلا قرية ابن تركمان قواص. وكانت هذه القرية ذات مستنقعات كثيرة وكانت فيها أنواع الطيور وعيدان البوص وديدان العلق ، وكانت الديدان التى يتعالج بها أهل الشام تحضر من هذه القرية.

١٦٦

والقافلة التى تتحرك من (خيمن) تصل إلى (تل فرعون) ومن هناك تصل إلى موقع (غباغب). وفى غباغب قلعة من آثار السلطان سليم وحمايتها تخص ابن قواص وأحفاده.

وحماية طريق الحج الذى يمتد من (ذى النون) إلى (خيمن) وحراسته خاص كذلك بابن قواص وأحفاده.

والذين يقومون من (غباغب) يصلون إلى ماء (ديلة) ومن هناك إلى (مزيريب) ومن العادات القديمة المكوث قليلا عند ماء (ديلة) لإراحة الجمال.

ومزيريب اسم بئر مشهورة فى داخل إقليم حوران ، وقد بنى المرحوم السلطان سليم بجانب مزيريب قلعة لحماية الحجاج وجعل لحراستها بعض الجنود.

وبما أن هذا المكان مأمون من هجمات العربان واعتداءاتهم فمن العادة أن يقيم الحجاج مع المحمل الشريف فى هذا المكان عدة أيام ، ويتاجرون مع التجار الذين يأتون من الأطراف.

والقافلة التى تقوم من قلعة (مزيريب) تصل إلى مرحلة (كتيبة) التى تقع إلى الجنوب قليلا ولهذه المرحلة آبار كثيرة ومياه جارية ، وبما أن هذه المرحلة فى سمت مخالف لا يبيت فيها الحجاج ، ويستمرون فى السير حتى (أذرعات).

وأذرعات قرية فى جهة حوران. وإن كان أمام هذه القرية بنصف منزل محل (مبيت) ولما كان بعيدا عن الماء وعن الطريق ومنعزلا فى مكان مستو وملتقى السيول فلا يبات هنا ويذهب إلى قرية أذرعات.

والقافلة التى تخرج من قرية أذرعات تستمر فى السير إلى (زرقاء) ومن هناك تصل إلى (أزرق). وزرقاء قرية بها مياه جارية وفى أزرق قلعة خربة. ولها كثير من النخيل والمكان الذى تبيت فيه القافلة مياه وفى الشرق الشمالى على مسافة يوم واحد من زرقاء.

١٦٧

والذين يتحركون من أزرق يواصلون سيرهم إلى منزل (عمرى) و (بلقا) ولمنزل عمرى طاحونة ذات حجرين على طريق (دومة) وفى الجهة الشرقية منها يديرها ماء جار يأتى من عمان ويجرى نحو جهة غور بلقا (١) فى أقصى جنوب الولاية السورية. وبين خط العرض الشمالى ٣٣ واثنتى عشرة دقيقة ودرجة واحدة لخط الطول الشرقى ، ولكن مرحلتها التى تنزل فيها القوافل عديمة المياه ومنعزلة.

والقوافل التى تتحرك من (بلقا) تصل إلى مرحلة (قطران) بعد المرور من سبع عقبات. وبعد الخروج من هناك يتوصل إلى منزل (الحسا).

وقد بنى السلطان سليمان فى مرحلة قطران قلعة وأرسل خمسة عشر ألف فيلورى ؛ لتطهير بركتها التى امتلأت بالتراب واستوت بالأرض.

وعند ما لا تجد القوافل ماء فى بركة (قطران) يبيتون فى جسر (لجون) الذى يقع على الطرف الغربى من المرحلة المذكورة وفى جهة الشمال الشرقى من مرحلة الحسا قريتا (كرك وشوبك) ولما تكون قوافل الحجاج فى الحسا ترسل مؤنتهم من هاتين القريتين.

وإن كانت (شوبك) بين الجبال فمياهها الجارية وسهولها كثيرة. وعلى الجبل الذى فى جهتها الغربية خان وبئر وجسر قريب من الخان.

كرك :

مدينة تابعة لمركز (بلقاء) الشام إلا أن مركز حكومتها فى قرية (الكرك) التى تبعد عن نابلس خمس أو ست مراحل. وأراضيها منبتة وخصبة إلا أن سكانها عربان وعشائر غير متمدنة ، ويبلغ عدد سكانها ثمانية آلاف نسمة ستة آلاف منهم مسلمون والباقى مسيحيون.

والذين ينهضون من الحسا يتجهون إلى (ظهر عنيزة) ومن هناك إلى قلعة (معان). وإن كان الطريق الذى بين الإحساء وعنيزة متعرجا فإنه ليس بمخيف

__________________

(١) بلاط ومثنى اسما بلقا الآخران.

١٦٨

لظهور حدائق عنيزة للعيان من (شوبك). ومرحلة معان تابعة لناحية الشراة وكان هذا المكان قديما مأوى ومساكن رجال بنى أمية. وللسلطان سليمان فى هذا المكان قلعة وبئر. وإن لم تكن مياه البئر مقبولة إلا أنها تزيل عطش المسافرين.

ويتجه من قلعة معان إلى (ظهر العقبة) ومن هناك إلى (ذات الحج). واسم ظهر العقبة الأخر (عبادان). وإن كانت مرحلة عديمة المياه إلا أن بلح (طبيليات) المشهور ينتج هنا. واسم ذات الحج الآخر «حجر» وللسلطان سليمان قلعة أخرى فى هذا المكان ، ومياه هذا المكان تتكون من الأشم وسكان القلعة المذكورة يجرون مياهها ، ويزرعون فى مجاريها بذور البساتين حيث تنمو أجود أنواع الفواكه ، وأنواع البلح البرى فى هذا المكان. والحجاج الذين يقومون من هذا المكان يتجهون إلى قلعة (قاع البسيط) ومن هناك إلى تبوك.

ومرحلة قاع البسيط فى مكان رملى واسمها الآخر (عرابد) والقمة التى يطلق عليها العرب فى وسط هذا المكان الرملى هى (شرورا) ومنزل تبوك يكثر فيه البلح وللسلطان سليمان قلعة حجرية أخرى فى هذا المنزل.

معجزة :

أخذ قائد المجاهدين النبى صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك الجليلة من ماء نهر تبوك ونثره إلى نهير راكد المياه ففاض ذلك النهر ، وأخذت تجرى مياهه كالشلالات وماتزال مياهه جارية إلى الآن. وبالقرب من تبوك (١) غدير كبير. والذين يتحركون من تبوك يذهبون إلى منزل (مقابر قلندرية) والذين ينهضون منه يذهبون إلى مرحلة (أخيضر) (٢).

__________________

(١) اسم تبوك الآخر (البلح العاصى).

(٢) منزل أخيضر فى منتصف طريق مكة المعظمة والشام.

١٦٩

والمقابر :

ومقابر القلندرية ربوة صغيرة عديمة المياه. وأخيضر منزل متسع فى وسط الجبال وقلعته تحت إدارة حكومة الشام. وهناك ثلاث برك متصلة بالقلعة وسكان القلعة يخرجون المياه من الآبار التى فى داخل القلعة ويملئون تلك البرك.

وبنى قلعة أخيضر (طريان بن قراجا) شيخ عربان قبيلة بنى حارثة بناء على الأمر الذى صدر لوالى الشام مصطفى باشا فى سنة ٩٣٧ فى أوائل جلوس السلطان سليمان. لأن عربان بنى لام وبنى عقبة كلما كانوا يرفعون راية العصيان كانوا يسدون البئر ويفرغون البرك.

وكانت القوافل تتجه من منزل أخيضر إلى (بركة المعظم). ومن هناك إلى مرحلة (مغارش الزير) وبعد ذلك يبلغ إلى (جبل الطاق).

بركة المعظم :

بركة المعظم حوض كبير حفر فى وسط الصحراء ليملأ بمياه السيول ، وتظل من غير مياه عند انقطاع الأمطار. ويروون أن هذا الحوض من آثار الملك المعظم عيسى من ملوك بنى أيوب.

مغارش الزير :

ويطلق عليها أيضا (فرح وأفرع) ، وهى تبعد عن جبل الطاق بنصف مرحلة فقط.

جبل الطاق :

وهو الموقع الذى عقرت فيه ناقة صالح (عليه السلام) وبعد أن تصل قوافل الحج إلى هناك تتجه شرقا نحو (مبرك الناقة) ، ثم من هناك إلى حجر.

الحجر :

اسم حجر الآخر (قرى صالح) وهذه القرى عبارة عن المنازل المنحوتة فوق الجبل وتلال الرمال. وإن كان فى هذا المنزل آبار كثيرة إلا أن شرب مياهه منهى عنه.

١٧٠

وقرى صالح موضع ذو جبال منخفضة (١) ورملية وجافة ، وعند ما مر النبى صلى الله عليه وسلم بهذا المكان وهو ذاهب إلى غزوة تبوك نهى عن شرب المياه من آباره وأمر بالمرور منه سريعا.

والحجر الأراضى التى يطلق عليها (ديار ثمود) وهناك منازل منحوتة فى هذا الجبل ، والبقعة الشريفة التى يقال لها مسجد صالح محفورة فى مكان مرتفع كالصفة. وحول هذا المسجد الشريف أشياء عجيبة غريبة ظلت من عهد ثمود.

ويطلق على الجبل الذى فيه مرحلة حجر (أنان) وكان حضرة صالح بن عبيد بن أسفان ما شيخ بن عبيد بن ثمود (١) بن عابر بن أرم بن سام وأبناء عمومتهم ثمود جديس وعاد يسكنون بجوار الحجر ، ويعبدون الأصنام فأرسل الله ـ سبحانه وتعالى ـ صالحا نبيا لهم يدعوهم إلى التوحيد. فطلب هؤلاء من صالح أن يخرج ناقة من صخرة.

وبناء على طلبهم خرج من الصخرة ناقة وولدت ، وأصر بعضهم على كفرهم ، وعينوا يوما للناقة تشرب فيه ، ولما كان رئيسهم (قدار) قد عقر ناقة صالح دخل ولد الناقة فى الصخرة واختفى ، فأخبرهم بعد ذلك صالح أنهم سيهلكون بعد ثلاثة أيام ، وانسحب صالح ـ عليه السلام ـ إلى بلده (الرملة) الفلسطينية حيث استوطن هناك.

وفعلا أخذت الحجارة تنزل من السماء والعذاب بعد مرور ثلاثة أيام كما أخبرهم صالح ، وهناك قوم ثمود كما ذكر فى الصورة الثانية من الوجهة الأولى.

وتذهب القافلة إلى نصف منزل من الناحية الجنوبية من مغارش الزير ، أى تذهب إلى المكان الذى ثقلت فيه ناقة صالح ثم ينزلون من هناك إلى الحجر الذى فى الجانب الشرقى من مغارش ويمرون من هذا المكان صائحين ضاجين حتى لا يسمع صوت الناقة التى فى داخل الصخرة ، لأن الجمال التى تسمع صوت الناقة تبرك رأسا ولا تقوم بعد ذلك أبدا.

__________________

(١) وقبائل الأفراد الذين ينتهى نسبهم إلى أبناء عم ثمود ينسبونهم إلى ثمود.

١٧١

العلا :

وتذهب القافلة التى تقوم من الحجر إلى موقع (العلا) فى الجهة الجنوبية لديار ثمود بنصف منزل.

والعلا تبعد عن المدينة المنورة ست مراحل ، وتتبع المدينة من الناحية الإدارية ، ولها مياه جارية وحدائق وقلعة. والأشياء فيها رخيصة. وكان السلطان سليمان قد جدد قلعتها. إلا أن بعض العربان نهبوا البلح فشكا سكان القلعة ذلك لوالى الشام ؛ وبناء على ذلك بنى حصنا ووضع نظاما يأخذ بمقتضاه من كل نخلة درهم غلة ، لينفق على العساكر. ويحكى أن الغلة رفعت فيما بعد إلى أربعين درهما على كل نخلة.

والذين يقومون من (العلا) يذهبون إلى (قطران أو طوامير) وهذا المكان عديم المياه وذو حجارة وصخور وصعب الاجتياز.

ومن هناك يبلغ إلى (شعب النعام) وإن كان هذا الموقع من غير مياه إلا أن مياه المطر المتراكمة حول الطرق تفى بحاجة الحجاج.

ويتجه من (شعب النعام) إلى مرحلة (هدية) ويحصل على المياه فى هذه المرحلة من الأشمات ولما كانت أعشابها (سنامكى) فهى تسبب الإسهال.

منزل الفحلتين :

وبعد مرحلة الهدية يوجد منزل (الفحلتين) ، ويشمل منزل الفحلتين على ربوتين صغيرتين ، وهو منزل خال من المياه وبجانبه جبل مرتفع فوقه حصن متين.

وبعد القيام من منزل (الفحلتين) يتجه إلى (وادى القرى) ، وبعده إلى (بيار حمزة) ومن هناك إلى المدينة المنورة (١) وفى النهاية إلى (بيار على).

ولا يوجد ماء فى وادى القرى إلا أنه مكان ذو أحراش وأشجار ، و (بيار

__________________

(١) يوصل من الشام إلى المدينة المنورة فى ٢٤٧ ساعة فى اليوم الثالث والعشرين من ذى القعدة من كل عام.

١٧٢

على) عبارة عن عدة آبار منسوبة إلى سيدنا على ـ رضى الله عنه ـ وعمق هذه الآبار ثلاثة أبواع.

ولما كانت هذه المرحلة ميقات الإحرام ، يحرم الحجاج فيها.

قبور الشهداء :

وتصل القافلة التى تتحرك من أبيار على إلى قبور الشهداء وبعدها إلى (جديدة) و (قبور الشهداء) مكان بين جبلين وتؤخذ مياهه من غدير يتكون من مياه الأمطار وعند انقطاع الأمطار يجف الغدير.

وجديدة قرية صغيرة فوق ربوة بين جبلين. ولها مياه كثيرة وحدائق وبساتين وبلح كثير وشمام وبطيخ. ويذهب الذين يقومون من جديدة إلى (بدر) ، ومن هناك إلى (قاع البرو) ومن هناك إلى (رابغ).

وبين قرية جديدة ومرحلة بدر عدة قرى معروفة باسم (وادى خضر) ولناحية بدر مياه جارية وحدائق وبساتين مثمرة.

قاع البرو :

وقاع البرو سهل رملى خال من المياه. وإن كانت رابغ فى سهل رملى إلا أنها قريبة من البحر ، لذا تخرج من تحت الرمال مياه عذبة حيثما حفرت. وله ابار ، وبلح وبساتين كثيرة. والسمك الذى يسمى (علف الغنم) يخرج من هناك. وتسكن رابغ طائفتان إحداهما (روى) والأخرى (روى جماع) ولهما صرة خاصة.

طارق :

ويتجه من رابغ إلى (طارق) ، ومن طارق إلى (عقبة السويق) ، والقرى التى تسمى بلاد الطارق فى الجهة اليسرى من مرحلة طارق وتلك البلاد المذكورة فوق جبل معمور بالمزارع وأشجار اللوز.

١٧٣

وعند ما ينزل الحجاج إلى مرحلة طارق فأهالى قرى بلاد الطارق يبيعون للحجاج اللبن الزبادى والزيت والحبوب المختلفة.

عقبة السويق :

وعقبة السويق فى طريق خليص. وما بين تلك العقبة المذكورة ومرحلة طارق فى غاية الوعورة وذات حجارة وصخور ، إلا أن جهة العقبة المكية مستوية ولها بساتين كثيرة ، وبئر وبركة جار ماؤها.

ولما كان عربان (زبيد) ساكنين فى هذه الأمكنة فإنهم يأخذون الصرر خاصة حتى لا يعتدوا على القوافل.

عسفان :

والقوافل التى تتحرك من عقبة السويق تصل إلى المرحلة التى يطلق عليها (عسفان). وعسفان من الآبار المأثورة النبوية. وفى هذا المكان آبار كثيرة وبعض منها يوجد فى (مدرج عثمان) الذى يصادف الجهة الشرقية (لبطن مر).

أبو عروة :

وبعد أن تقوم القافلة من مرحلة عسفان تصل إلى قرية (أبو عروة) ومن هنا يدخل إلى مكة المعظمة (١) ، أو تقوم القافلة من عسفان ، وتستمر نحو طريق البرقاء ومن هنا تدخل إلى مكة المكرمة عن طريق (وادى المر) (٢).

والطريق المذكور على الجهة الشرقية التى عرفت إلى الآن. والذين يرغبون فى أن يسلكوا هذا الطريق يخرجون من الشام إلى (أره بانى بصره) ومن هناك إلى قلعة (الأزرق) ومن هناك إلى منزل (قراقر) ثم إلى مرحلة (قلته) ومن هذه المرحلة إلى (صبيحة) وبعدها إلى (تيماء) ومن تيماء إلى منزل (وادى الصوان)

__________________

(١) يوصل إلى مكة المكرمة من المدينة المنورة فى مائة ساعة وست ساعات.

(٢) والطريق من المدينة إلى هذا المكان تكتنفه المخاطر.

١٧٤

ومن هناك بطريق العلا السالف الذكر يذهبون إلى مكة المكرمة. من الشام إلى قلعة أزرق ومن هناك إلى مرحلة قراقر خمسة منازل وفى هذه المنازل قليل من الماء والبلح.

ومن قراقر إلى قلعة منزلان ومن قلعة منزلان إلى صبيحة كذلك منزلان ومن صبيحة إلى تيماء ثلاثة ، ومن تيماء إلى العلا أربعة منازل ومن المحتمل أن يوجد مقدار من الماء فى كل منزل. وهذا الطريق عشر مراحل والمسافة بين مرحلتين سبعة وعشرين ميلا ، ومن مكة إلى المدينة طريق آخر وغالبا ما يسلك أهل المدينة هذا الطريق.

سمحان :

والذين يسلكون هذا الطريق يقومون من آبار على إلى (سمحان) ، ومن هناك إلى (جبل مفرح) وبعده إلى (قريش). ومن قريش إلى (قبور الشهداء) ومن قبور الشهداء إلى (روحاء) ، ومن هناك إلى (شعب) ، ومن شعب إلى (تازى) (١) ومن تازى إلى (خيف بنى عمرو) ، ومن هناك يمرون من طريق (الوادى الصغير) إلى حيث يقصدون.

وسمحان موقع بين جبلين ، كما أن مفرح جبل صغير. وعند ما تصل القافلة إلى هذا المكان يأخذ الجمالون من الحجاج هدايا نقدية. وهذا من العادات القديمة وفى منزل روحاء بئر عميق.

و (شعب) : بين جبلين وماؤها فى جهة الجبل.

و (خيف بنى عمرو) عبارة عن عدة قرى فى داخل واد طويل بين جبلين. ولهذه القرية مياه جارية وآبار عذبة المياه ونخيل. وسكان هذه القرى من قبائل بنى عمرو وبنى سالم ، وأفراد قبائلهم ألف رجل شجاع ويعدون من مهرة رماة السهام ، كما أنهم يمتازون بالغنى والثروة.

__________________

(١) والطريق الذى يمتد من المدينة إلى هذا المكان تحيط به المهالك والمعاطب.

١٧٥

وادى الصغير :

وتقع مرحلة وادى الصغير على سفح جبل ، ولهذه المرحلة مياه جارية وآبار ذات مياه عذبة ونخيل مثمر ، ومياهها ألذ من مياه بنى حنيف وبدر.

وتسكن فى هذه المرحلة طائفة من أشراف الزيدية يحرسون المارين والعابرين من اعتداء العربان ، ويأخذون الصرر من الدولة مقابل هذه الخدمة.

٢ ـ طريق مصر :

المرحلة الأولى لقافلة مصر (بركة الحاج):

يصطحب أمير حج محمل مصر الشريف موكبا عظيما من القاهرة ، ويذهب إلى مرحلة (بركة الحاج) وهنا ينضم الحجاج المصريون إلى القافلة ، ويتحرك الجميع متجهين إلى منزل (هدف البويب). وهدف البويب مرحلة ضيقة بين جبلين فى الجهة اليمنى منها ربوة عالية.

والقافلة التى تتحرك من (هدف البويب) تبيت فى منزل الحمراء ، وفى هذا المنزل فسقية للحجاج وبعض المبانى.

وبعد منزل الحمراء منازل (نخيل غانم) وبعده منزل (بركة العجرود).

بركة العجرود :

وبركة العجرود المنهل الأول. ولهذا المنزل ماء يجرى نحو الوادى أحيانا ، وخان ينسب للملك (قانصوه الغورى) وثلاث فسقيات خاصة بالحجاج. والمكان الذى يسمى (عيون موسى) أمام السويس هو محل النزول.

وبعد ما تقوم قافلة مصر من مرحلة (بركة العجرود) ، تنزل فى منزل (منصرف) ، ومن هنا إلى (قبيبات).

منصرف :

وكان فى مرحلة منصرف بعض الحفر ، ويظن أن هذه الحفر كانت محاولات

١٧٦

ملوك الأسلاف ليوحدوا البحر الأبيض بالبحر الأحمر والآن تمر من هناك قناة السويس.

قبيبات :

ووجه تسمية قبيبات بهذا الاسم وجود بعض التلال حولها. وبعد منزل قبيبات يبات فى مواقع يطلق عليها (أول التيه) وبعده (وسط التيه) واسم وسط التيه الآخر (الروض الجميل).

أول التيه :

والمرحلة التى يطلق عليها (أول التيه) مبدأ تيه بنى إسرائيل ، والتيه المذكور صحراء متسعة على يمينها (جبل الطور) وعلى شمالها جبل العريش) ، وكل من عرضها وطولها أربعون فرسخا ، ومن الصعب الحياة فيها شتاء لشدة برودتها وصيفا لشدة حرارتها كما أنها خالية من المياه. ولما تحرك بنو إسرائيل تائهين أربعين سنة بين هاتين المرحلتين فسميت (تيه بنى إسرائيل).

وبعد وسط التيه تأتى مراحل (بطن النخيل) وبعدها (وادى النعمان) وبعدها (وادى القريض). والاسم الآخر لبطن النخيل (وادى التجر) ولها بئر واحدة وقد بنى بها ملك مصر (قانصوه الغورى) حصنا وفسقية وقام أمير أمراء مصر على باشا بتوسيع الحصن والنافورة.

ويملأ حراس الحصن الفسقية المذكورة وحوضها بمياه البئر ويدفعون عنها العربان ممّن يريدون أن يفرغوا الحوض ، والقافلة التى تقوم من (وادى القريض) تنزل فى منزل (أبيار علاتية) ، ومن هناك فى (عراقيب بغلة) القريبة من منزل (ملاحة) ، ومن هناك إلى مرحلة (رأس الركب) القريبة من منزل (صقارات) ، ومن هذا المنزل إلى منزل سطح العقبة.

أبيار علاتيه :

وتقع مرحلة (أبيار علاتية) فى صحراء واسعة مستوية فى نهاية منحدر طويل

١٧٧

ولها بئران تنسب إحداهما إلى (بيرة) والأخرى إلى (علاتى) وحوض يملأ بماء الأمطار.

رأس الركب :

ويذهب الذين يقومون من مرحلة (رأس الركب) إلى سطح العقبة والذين يقومون من هناك إلى مرحلة يقال لها (منزل) ثم إلى منزل (ظهر حجار) من منحدر ذو حجارة ، والذين يتحركون من هناك يذهبون إلى (جرفين) ، ومن هنا إلى (شرفة بنى عطية) التى تشتهر بكثرة حطبها ورخص ثمنه ثم يبيتون فى منزل يطلق عليه اسم (مغارة شعيب).

والاسم الآخر لسطح العقبة عقبة (أيلة) وهناك خرائب مدينة كبيرة وحولها قرية لعربان (الحويطات).

منزل :

وإن لم يكن ماء للشرب حيث ينزل الحجاج ، ولكن على بعد ميل منها بئر عذب الماء وأشجار النخل.

ومرحلة (منزل) فى ربع المسافة بين الطريق الذى بين مكة المكرمة ومصر. وهو منزل ذات مياه عذبة كثيرة وهو على شاطئ البحر ، فجبل الطور على يساره ويمتد قدر ميلين وفى نهاية هذا الجبل منحدران وممر ضيق وعدة آبار ذات مياه عذبة.

مطلات :

ومرحلة مطلات تقع بين جبلين ومسكن جماعة من بنى لام بين هذين الجبلين.

مغارة شعيب :

ومرحلة مغارة شعيب موضع ذو مياه عذبة فى الحفر وذو أشجار يقال لها (أثل مقال) ، وفى هذا المكان بعض اللوحات كتبت عليها أسامى الملوك.

١٧٨

ويسار من مغارة شعيب إلى (قبر الطواشى) ثم يبات فى مرحلة يقال لها (عيون القصب).

عيون القصب :

وعيون القصب واد ذو مياه كثيرة وأعواد وفيرة وحرارة شديدة. ويحكى أن كثيرا ممن يوجد هناك يتعرضون للموت فجأة. وفى محل قريب من ساحل البحر لهذا الوادى قبر ينسبه الناس إلى أحد أبناء إبراهيم عليه السلام.

وبعد القيام من عيون قصب يوصل إلى مرحلة يطلق لها (شرم) ، وبعد القيام من الشرم إلى منزل (مويلحة) ومنه إلى (بطن كبريت) ، وبعده إلى منزل (قبر الشيخ الكفافى).

شرم ومويلحة :

وشرم مكان قريب من البحر ويطلق على الجبل الذى على يمينه (إشارة). ولما كانت (مويلحة) على شاطئ البحر فمياهها تميل إلى الملوحة. وكان الملك قايتباى قد نزل فى هذا المكان واستراح لذا يطلق عليها (دار قايتباى) أيضا.

بطن كبريت :

وأول (بطن كبريت) فى غاية الضيق طريقها حجرى وغير مستو والذين يقومون من مرحلة الشيخ الكفافى ، يسيرون إلى منزل (أزلم) ، ومن هناك إلى (سماق رخانين) ومن هناك إلى ساحة (إسطبل عنتر) ومن هناك إلى (شريت) الذى فى صحراء واسعة ، وبعده إلى مرحلة (الوجه).

ومرحلة أزلم هى الربع الثانى من طريق مكة المعظمة ، وأرضه مجدبة ومياهها مالحة ونباتاته سنامكى ويقع بين جبلين.

ومنزل رخانين قريب من رخانين فيحرم حجاج مصر ابتداء من هذا المكان.

اسطبل عنتر :

صحراء بين الجبال ذات مياه عذبة. والوجه واد لا مثيل له من حيث وفرة

١٧٩

آباره ذات المياه العذبة وحوض كبير. وقد جدد الحوض المذكور والى مصر إبراهيم باشا سنة ٩٣١ ، ويملأ كلما تمطر السماء وتأتى السيول.

الوجه :

مدينة صغيرة فى الجهة الغربية من المدينة المنورة وبها مائتا منزل وعشرون دكانا. وستة أكشاك للحجر الصحى وجامع ودائرة حكومية وقلعة ، وكانت تحت إدارة المدينة المنورة. ولما كانت فى طريق محمل مصر فقد تركت إدارتها مؤقتا للخديوية المصرية ، ولكن حراسة قلعتها تابعة لمجموعة من الجنود السلطانية وخمسة عشر جنديا من المدفعية ، وإدارة المدينة فى يد قائم مقام مصرى.

والقافلة التى تقوم من الوجه تنزل فى (بئر القروى) ومن هناك إلى (حرير) ومن هناك (حوراء) المشهورة بانعدام مياهها ومن حوراء إلى (عقيق) وبعده فى (صحن بياض).

صحن بياض :

ومنزل صحن بياض منزل رملى ذو حيات وحشرات مؤذية كثيرة ومخيف الأطراف.

ويذهب من صحن بياض إلى (نبعاء) ومن هناك إلى (طراطير الراعى) ومنها إلى (وادى النار).

وادى النار :

ووادى النار واد رملى ذو حجارة بين الجبال. ولما كان لهذه المرحلة سبع حجارة ضخمة فقد أسموها (الوعرات السبعة) أيضا ومرحلة نبعاء ذات مياه عذبة واسمها الآخر (فقاع الحجار).

ويأتى بعد وادى النار (حجراء) من أعمال ينبع ومن بعدها (جبل حمر) وبعدها (وادى تيماء) وبعدها (جبل الزيت).

١٨٠