موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب - ج ٤

أيوب صبري باشا

موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب - ج ٤

المؤلف:

أيوب صبري باشا


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الآفاق العربيّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧٢

قرية ضرية الذين كانوا حراسا للمرعى حتى عجزوا عن حراسة المرعى فخالفوا أوامر الولاة حتى إنهم أشعلوا نار الحرب ضد إبراهيم بن هشام المخزومى الذى كان أشد الولاة ظلما وغدرا والذى أعد ألف جمل فى كل لون وأراقوا فى تلك الوديان دما بدلا من الماء.

وبئر ضرية من مياه ديار ضباب قد مدح ذى الجوشن الضبابى الذى كان من شعراء الجاهلية ووالد قاتل حضرة حسين بن على أبى بن طالب ـ رضى الله عنه العين المذكورة بالقطعة الآتية :

دعوت الله إذ سقت عيالى

ليجعل لى لدى وسط طعاما

فأعطانى ضرية خير بئر

تمج الماء والحب التئاما

و «وسط» الذى ذكره ذو الجوشن فى قطعته المذكورة اسم جبل على بعد ستة أميال من ماء ضرية ، ويمر حجاج القوافل من أسفل هذا الجبل ، وفى أعلى الصحراء التى تسمى عسس التى تقع على يسار هذه الجبال ماء آخر ويعرف باسم «قنبع» فهو بين جبل وسط وصحراء عسس تجلب الفرح والسرور.

وعسس اسم جبل أحمر ، وقد خلق هذا الجبل بشكل غريب مرتفعا نحو السماء فالذين يرونه من بعيد يظنونه رجلا ضخم الجثة جالسا.

ولما كان ماء ضرية تحت تصرف عثمان بن عتبة بن أبى سفيان فقد أنبت عتبة حول الماء كثيرا من حدائق النخيل وحتى يسقى هذه الحدائق سد فتحة النهر وجعل نهر ضرية فى حالة مضحكة ، ولما انتقلت الخلافة إلى أيدى العباسيين ضبط العباسيون حدائق عتبة واستولوا عليها واستخدموها حتى انقراضهم.

عندما انقرضت دولة بنى عباس كانت زوجة الشخص الذى يتصرف فى ملك عثمان بن عتبة من قبيلة بنى جعفر بن كلاب المخزومى ، وجاء مرة عمها ضيفا وبات على ساحل نهر ضرية طلب منها بعض الأراضى فتركت لعمها بعض

٤٠١

الأراضى وطيبت خاطره ، ولما كان عمها من البدو كان يمتلك كثيرا من الحيوانات ، وفى وقت ترطيب البلح وحينما طاب للأكل هاجر العم مع أولاده وعياله وخدمه ودوابه إلى شاطئ ذلك النهر وأخذ يطعم الضيوف الواردين ويجلب نياقه وأخذ يسقى اللبن للواردين ويظهر مظاهر كرمه.

ولما تجاوز البلح وقت ترطيبه جاء عنده اثنان من الضيوف فبعث إلى صاحبة الأرض وطلب منها بعضا من الرطب الطازج ولما كان وقت البلح الطازج قد مر فقطف خادمها مقدارا من البلح وأحضره وأخطره بأنه لم يجد بلحا طازجا فى الحديقة. قال البدوى إن صنعكم هذا من أجل إكرام ضيوفى غيث ، وأعاد الخادم المسكين ، وجاء الخادم مرة ثانية بمقدار من العجور وبين أن موسم الرطب قد مر فعاتبه قائلا : «فليسود وجهك مثل الشىء الذى أحضرته» ، ولامه وكره ما أهدى له من حدائق النخيل وباعها لعامل يمامه عبد الله الهاشمى بألفى قطعة من الذهب ، وهذا ما يروونه ، وأما عبد الله الهاشمى فقسم ما اشتراه من الحديقة إلى قسمين ، وبنى فى وسطها كثيرا من الدكاكاين وسماها سوق ضرية وأجرها بثمانية آلاف درهم سنويا.

٥ ـ حمى فيد :

المرعى المسمى بفيد هو المرعى الذى اختاره حضرة عمر الفاروق وهى فى طريق حجاج العراق وعلى بعد تسع مراحل من المدينة فى ناحية نجد ويشتمل مرعى فيد على كثير من العيون وبرك وتقام سوق كبيرة فى جهة منه وسبب تسميته بهذا الاسم إقامة فيد بن حام أول مرة فى هذا المكان.

وفى المكان الذى تقام فيه السوق بئران وهما عين النخل وجاره وأمر بحفر عبن النخل حضرة عثمان وبئر جاره أبو جعفر المنصور ، كما أمر المهدى البغدادى بحفر بئر أخرى فى خارج القرية وعلى الطريق.

ولا ينكر أن الآبار الموجودة قد بقيت من العهد الجاهلى إلا أنه قد حفرت فى صدر الإسلام آبار كثيرة وبذلت الجهود لإعمار البلاد الحجازية.

٤٠٢

يقول بعض المؤرخين أن حافر بئر عين النخل هو أبو الدلم ، وهذا الشخص أول من حفر بئرا فى صدر الإسلام ، وكان من موالى الفزارى وحفر البئر المذكورة فى زمن بنى مروان.

وأنبت بجانبها حديقة نخيل منتظمة وخصبة وتعيش بمحاصيلها إلى ظهور بنى عباس ، وقد اغتصب بنو عباس حديقة نخيل ذلك الرجل. إلا أن هذه الرواية تجعل القول السابق غير قابل للتصديق. إذ إن البئر التى يطلق عليها عين النخل هى البئر التى حفرها عثمان بن عفان.

وبناء عليه فأول من حفر بئرا فى العهد الإسلامى هو حضرة عثمان ـ رضى عنه الله المنان.

٤٠٣

فى ذكر الجبال والأماكن والأوطان والقرى

التى تنسب إلى المدينة المنورة مرتبة حسب الحروف الهجائية

حرف الألف

«آرة» : على وزن حارة اسم جبل كبير من جبال بلاد مزينة. وحوله كثير من الجداول والقرى مثل فرع أم العيال (١) مضيق ، محضة ، وبرة ، خضرة ، فعوه وغيرها.

وتتحد مجارى السيول التى تجرى من ذلك الجبل وبعد أن تشكل صحراوين وسبعتين تصب فى وادى الأبواء وبعده فى وادى ودان وفى صحراء حقل قرية اسمها وبعان وفى صحراء خلص قرية معمورة أخرى تسمى عرام.

«آبار» : على وزن آثار و «أبيره» على وزن رويده اسم نهرين يصبان فى وديان منزل آجر إلى ينبع البحر.

أبرق خترب : الأبرق منفردا معناها الأرض الغليظة التى اختلطت رملها بالطين والحجارة إلا أن أبرق خترب اسم أرض صخرية فى مرعى ضريّة. يروون أن هذه الصخور من معدن الفضة ، وأبرق الداث أرض صخرية فى مجرى نهر راشا الكبير فى مرعى ضرية.

أبرق العزاف : أرض حجرية بين المدينة وقرية ربذة وعلى بعد عشرين ميلا من ربذة ، عزاف اسم ماء مشهور فى بلاد قبيلة أسد بن خزيمة بن مدركة ويجرى من مكان يسمى حومانة الدراج إلى ماء عزاف ومن هناك إلى بطن النخلة ومن هناك إلى محل يسمى طرف ومنها يذهب إلى دار العز المدينة المنورة ، وحول هذا الماء عدة آبار ذات مياه غليظة وقديمة. قال خريم بن فاتك

__________________

(١) من أوقاف سيدة النساء.

٤٠٤

مبينا إسلامه «كنت بتّ ليلة فى أربق العزاف حينما أخذ الجو يظلم استولى على الخوف والرهبة استعذت قائلا «أعوذ بعزيز هذا الوادى من سفهته» فسمعت من الهاتف :

عذ يا فتى بالله ذى الجلال

واقرأ بآياته من الأنفال

ووحد الله ولا تبال

فقلت يأيها الهاتف النبى! ماذا تريد أن تقول؟ مرادك أن تضلنى؟ أم أن تهدينى؟ فأخذت الجواب الهاتفى :

النبى عالى الشأن

الذى ظهر فى المدينة

صاحب الخير والإحسان

يدعو الناس إلى طريق النجاة

طريق الإسلام والخير!!

عندما سمعت ذلك استولت على الرغبة فى الإسلام.

ومن اطلع على شرح قصيدة بانت سعاد العصماء لا يخفى عليه أن كعب بن زهير التقى بأخيه بجير فى مرعى أبرق العزاف ، وهذا سبب اعتناقه للإسلام ، وثمة أرض صخرية تقع بجانب حصن القيماء المعروف بالأبلق القرد ويزعم العرب أن سليمان ـ عليه السلام ـ هو بانى هذا الحصن.

أبلى : على وزن حبلى اسم عدة جبال تقع بين السوارقية والرخصية وهو من جبال بنى سالم ، وعلى بعد ثلاثة أو أربعة أيام من المدينة.

الأبواء : على وزن حلواء. اسم قرية وربما أن النهر الذى كان بجانب هذه

٤٠٥

القرية قد فاض وتبوأ فى منزل من منازل القرية ومن هنا أطلق على هذه القرية أبواء إلا أن عند البعض أن أبواء اسم جبل على يمين تلك القرية ذات أوبئة كثيرة فأطلق اسم أبواء على تلك القرية عن طريق القلب. وثمة واد بين إثابة وروثة وعرج.

إثابة : اسم بركة فى وادى العقيق بين أراضى عبد الله بن الزبير ونخيل يحيى بن الزبير.

اثيفية : على وزن زبيرية اسم ماء فى وادى العقيق يعرف أيضا بأثيفية.

أثيل : على وزن زبير ، اسم موضع بين قريتى بدر وصفراء ، وكان هنا بئر منسوبة لآل جعفر بن أبى طالب ، وعندما رجع النبى صلى الله عليه وسلم من غزوة بدر الكبرى نزل هنا وصلى صلاة العصر وقتل نضر بن الحارث مع وجود ميكائيل ، وفى بلاد بنى حمزة أيضا مكان يسمى أثيل.

ذات أجوال : اسم موضع فى مضيق صفراء.

أجرد : أسماء حصن فى مكان يسمى «لصة» ، واسم جبل فى الجهة الشامية من بواط وهو تابع لقبيلة جهينة ، واسم جبل آخر أمام مدلجة تعهن (١) ، أو موقع.

أجشى : اسم حصن ينسب لبنى أنيفة أو أجم بنى ساعدة اسم حصن منسوب لقبيلة بنى ساعدة بالقرب من مكان يسمى ذاب.

وأجم على وزن جرم

إخطار :

والحصون التى ذكرت والتى ستذكر فيما بعد ليست حصونا وقلاعا عادية بل إنها أبراج صنعت للتحصن فيها حسب اقتضاء الحاجة.

أحباب :

على وزن أسباب اسم بلدة بجانب موقع سوارقية.

__________________

(١) تعهن : بضم التاء والعين ، وتشديد الهاء. وأصحاب الحديث يقولونه بكسر التاء وسكون العين. اللسان (تعهن) ص ٤٣٤. ط. دار المعارف.

٤٠٦

تطلق أحجار الزيت على أحجار مرتفعة بجانب منازل بنى عبد الأشهل أى بالقرب من ضريح مالك بن سنان رضى الله عنه.

إخطار :

كان الزياتون قبل الهجرة النبوية يضعون فوق هذه الأحجار زيت الزيتون ويتاجرون. ولكن مع انقلابات الزمان ارتفعت أرضية ذلك المكان واندرست الأحجار المذكورة وظلت تحت التراب وأصبح هذا المكان طريقا مستويا على طرف منه سور المدينة وفى الجهة الأخرى بيوت ومحلات ، وحدثت وقعة الحرة المشهورة بالقرب من أحجار الزيت وبجانبه استشهد النفس الزكية.

أحجار المراء :

هو اسم المكان الذى نزل فيه حضرة جبريل فى قرية قباء وأحياء الجهة السفلى من ثنيّة المرّة الواقعة المكان الذى بعث فيه رسول صلى الله عليه وسلم سرية عبيدة بن الحارث (١).

أخزم : على وزن أحمد اسم جبل بين ملل وروحاء ويعرف فى زماننا بخزيم.

وأخضر : اسم منزل بالقرب من تبوك عندما كان النبى صلى الله عليه وسلم ذاهبا إلى غزوة تبوك نزل فى هذا المكان.

أذاخر : اسم ثنية قريبة من مكة المكرمة.

أزين : اسم منزل عند مدخل مضيق صفراء.

أرتد على وزن أحمد اسم وادى أبواء.

أرخصيته اسم قرية ذات آبار ومزارع متعددة فى ناحية أبلى فى محاذاة قرية حجر ، ويقال لها رخصية وبكسر الراء أيضا.

أسقف : اسم جبل فى ناحية رابغ.

أسواف : وقف زيد بن ثابت فى الطرف الشامى للبقيع وفى شارع جبل أحد ، وأساويف اسم آخر لذلك الوقف الذى يتوارثه طائفة عرب زيدون ، وكان النبى صلى الله عليه وسلم يشرف الأسواف كلما ذهب لزيارة سعد بن ربيع الأنصارى ، وكان يجلس على السجادة التى تفرشها زوجة سعد ، وبشر أبو بكر وعمر وعثمان ـ رضى الله

__________________

(١) انظر : الطبرى ٢ / ٤٠٤.

٤٠٧

عنهم ـ بالجنة فى بئر أسواف وكان واسطة التبشير حضرة بلال (١) ، وعلى هذا التقدير فإنهم بشروا بالجنة مرتين.

الأشعر : أحد الجبال التى نالت ثناء النبى صلى الله عليه وسلم عندما قال خير الجبال أحد والأشعر والورقان.

أشنف : أحد الحصون أمام مسجد الخربة.

إضاءة بنى غفار : اسم موضع فى الجهة الغربية من سوق المدينة ، حيث تلاقى جبريل مع الرسول صلى الله عليه وسلم فى هذا الموقع ، ويقال لجبال جهينة التى تنتهى عند بطحان إضاءة بنى غفار أيضا.

أضاح : على وزن غراب اسم مكان سوق ويبعد عن الموقع المسمى عرفجا مسافة ليلة.

أضافر : جمع ضفير أسماء بعض الربى الرملية بين الحرمين حينما ذهب النبى صلى الله عليه وسلم إلى غزوة بدر مر بهذه التلال الرملية بعد موضع ذفران ، وتلال الرمال التى تبعد عن الموقع الذى يطلق عليه هرشى يقال أضافر كذلك.

إضم : على وزن عنب اسم وادى ضيقة القديم.

ومياه الأنهار الأخرى تتحد فوق هذا النهر ويلف من ناحية زغابة ، ويطلق على ما بين موضعى ذى خشب وذى المرة على الجبال التى بين هذين الموضعين إضم كذلك ويبعد عن المدينة ثلاثة أميال قد تلاقى النبى صلى الله عليه وسلم فى هذا المحل أيضا مع جبريل عليه السلام.

أطول : اسم حصن فى محلة بنى عبيد التى تقع فى الجهة القبلية لمسجد الخربة.

أعشار : نهر فى وادى العقيق والأعشار فى مجرى هذا النهر.

أعظم : على وزن هفتم اسم جبل كبير فى الجهة الشمالية من موضع ذات الجيش.

يروى أن فوق هذا الجبل قبر أحد الصالحين أو نبى مجهول الاسم.

__________________

(١) مر فى موضع سابق أن من بشرهم كان أبو موسى الأشعرى ـ رضى الله عنه ـ وعلى ذلك يكون قد بشروا مرتين.

٤٠٨

وأعمار : كان اسم أربعة حصون فيما بين مزار وويخل ، كما أنه اسم جبل فى بلاد قبيلة بنى عبيد ، وجهة من جهتى هذا الجبل بلاد بنى حرام والجهة الأخرى بلاد جماعة قبائل بنى عبيد.

أعواف : اسم حديقة نخيل من الأوقاف النبوية يعرف أيضا باسم عواف.

أعوض : على وزن أحمر اسم موضع بين بئر السائب وبئر المطلب فى الجهة الشرقية من المدينة المنورة.

أفراق : على وزن أعمال وعند البعض على وزن إنسان اسم حديقة من حدائق المدينة.

آب : على وزن جو آب اسم نهر من أنهار جبل أشعر أسفل عين العلا والذى يلتقى بمضيق صفرا.

الهان : على وزن مسان كان اسم موضع ينسب إلى بنى قريظة واسم الماء الذى وقفته أم العيال حضرة فاطمة أنا وبجانبه مكان حيث تقام السوق ، وكان هذا الماء تحت إدارة ابن طلحة بن عبد الله ، وقد أنفق المشار إليه ثمانين ألف درهم وغرس عشرين ألف نخلة واعتاد أن يكسب من حاصلاتها أربعة آلاف درهم سنويا ، وبما أن العين المذكورة قد انتقلت فيما بعد لسيدة النساء فوقفتها.

أمج : اسم نهر ينفصل هذا النهر مع نهر غرابة من قيمة بنى سليم ويسير حتى البحر وعلى بعد ميل من نهر أرزق فى جهة مكة وعلى بعد ميلين من منزل خليص من جهة مكة

أمر : على وزن أمل اسم قرية على ثلاث مراحل من المدينة فى جهة فيد أو اسم حديقة ، كان الرسول صلى الله عليه وسلم أقطع هذه الجهة لعوسجة الجهنى.

إمرة : على وزن كسوة وعلى قول على وزن كعبة أسماء الآبار التى تقع بجانب جبل مغارية.

أنعم : اسم جبل يقع على يمين من يأتون من جهة رقيقين من طريق العقيق

٤٠٩

واسم جبل آخر قريب من مرعى ضرية وفى موضع بطن عاقل. والجبل الذى على طريق العقيق بضم العين على وزن ينجم ، والجبل الذى فى بطن عاقل على وزن أكرم بفتح العين.

إهاب : على وزن كتاب اسم موضع بجانب الحرة الغربية وبئر أهاب فى هذا المكان.

ذو أوان ، اسم بلدة فى جهة تبوك على بعد ساعة من المدينة المنورة ، عندما عاد النبى صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك نزل فى هذه البلدة واطلع على حيلة مسجد ضرار.

أوساط : اسم موضع بالقرب من قرية سعد بن عبادة والذين كانوا يصلون إلى هذا المكان فى الجاهلية يدخلون تحت حماية سعد بن عبادة وتحت ضمانه وكفالته.

حرف الباء

بئر أرمى : أرمى على وزن أعلا ، اسم بئر على بعد ثلاثة أميال ، حيث وقعت غزوة ذات الرقاع الجليلة.

بئر اليت : على وزن ألبت اسم بئر على بعد يومين من المدينة المنورة.

بئر جشم : على وزن هنر ، على الطرف الغربى من مجرى نهر رانوناء أى فى قرية بنى بياضة وفى مكان يسمى حرف فهو اسم بئر.

بئر خارجة : اسم بئر فى المدينة المنورة ، وقد عرفت باسم رجل أولم وليمة بجانب هذه البئر إلا أنه لا وجود لهذه البئر فى هذا العصر.

بئر خريف : على وزن زبير اسم بئر قريبة من بئر أرمة.

بئر الدريك : دريك على وزن شعيب اسم بئر فى قرية بنى خطمة ، يقال بئر زريق أيضا ،

بئر ذروان : على وزن مروان اسم بئر ، يقال لهذه البئر ذى أروان أيضا. وهذه البئر بئر لبيد ابن الأعصم الذى سحر النبى صلى الله عليه وسلم وهو حليف زريق ، قد

٤١٠

ألقى المنافق المذكور ما أعده من سحر لسحر النبى فى هذه البئر وقد أخبر جبريل النبى صلى الله عليه وسلم بالموضوع فأخرج النبى صلى الله عليه وسلم من البئر السحر الذى صنعه لبيد ، كما سيأتى بيانه فيما يأتى ، ثم سد بئر ذروان بالتراب والحجر ، إن شمس الملة البيضاء أخذت تنشر ضياءها إلى الجهات الستة من الآفاق فاشتعلت فى أعماق اليهودى الدون نار الحقد والحسد فتخيل أنه يمكن أن يضر النبى صلى الله عليه وسلم ، ولم يستطع اليهود أن يصلوا إلى آمالهم بالحيل والدسائس ، وعندئذ تولى الأمر لبيد بن الأعصم وكان من مشاهير السحرة ولم يكن له مثيل فى ميدان الشر وكان فى الفتن رأس الأفعى فسحر وتدا فعقده فى أحد الأماكن منه وغرز فى كل عقدة إبرة ودفنه فى قبر قديم ، ثم أخرجه من هناك وتركه تحت حجر فى بئر ذروان وقد تأثر النبى صلى الله عليه وسلم جسميا من هذا السحر لحكمة ما وأخذ يتخيل أنه فعل الأشياء التى لم يفعلها وأخذ صلى الله عليه وسلم يتضايق من هذه الحالة حينئذ أتى جبريل ـ عليه السلام ـ بسورتى المعوذتين اللتين تحتويان على إحدى عشرة آية.

وأخبر النبى صلى الله عليه وسلم أن لبيد بن الأعصم قد وضع الوتد الذى سحره تحت حجر فى بئر ذروان ، وبناء على المعلومات التى استقاها من جبريل ـ عليه السلام ـ أرسل على بن بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ إلى بئر ذروان فأخرج الوتد المذكور من بئر ذروان.

وبناء على تعليمات جبريل قرأ على الوتد المعوذتين وعقب كل آية كانت عقدة من العقد تنحل ولما انحلت جميع العقد تخلص جسم النبى صلى الله عليه وسلم من قيود الاضطراب الثقيلة واكتسب خفة ونشاطا وسرورا وفى ختام قراءة السورتين الجليلتين أفاق كليا ، ولما كان النبى صلى الله عليه وسلم يقرأ السورتين كان يشترك جبريل مع النبى صلى الله عليه وسلم بالدعاء قائلا بسم الله أرقيك والله يشفيك من كل داء فيك.

بئر رآب : رأب على وزن كتاب اسم بئر فى موضع محيص.

بئر ركانة : بئر تقع على طريق العراق وعلى بعد عشرة أميال من المدينة.

بئر زمزم : بئر فى موقع إهاب.

٤١١

بئر سائب : على بعد يوم واحد من المدينة فى جهة نجد كما أنه اسم جبل أمام موقع شباع وعلى بعد يوم واحد من شقرة ويروون أن حضرة إبراهيم نزل على قمة ذلك الجبل.

بئر عائشة : اسم حصن واقع فى الجانب القبلى لمسجد فصيح.

بئر عذق : عذق على وزن شوق اسم بئر فى جهة قباء وفى داخل محلة بنى أنيف.

بئر عروة : اسم بئر مشهورة فى وادى العقيق.

بئر العقيق :

بئر ذات العلم : اسم بئر أمام موقع الروحاء ينقلون أن على بن أبى طالب قاتل الجن فى نهاية عقبة هرشى القريبة من البئر المذكورة.

بئر عاصر : فى جهة بئر أريس واسم بئر وقفها عثمان بن عفان.

بئر فاطمة : اسم البئر التى حفرتها بالقرب من الحرة الغربية بنت حسين بن على بن أبى طالب فاطمة ـ رضى الله عنهما ـ لما أخرجت المشار إليها من دار والدة حضرة حسين جناب فاطمة ـ رضى الله عنهما ـ صلت بجانب الحرة المذكورة ركعتين من الصلاة وبعدما حفرت المكان الذى صلت فيه أمرت أن يحفر فى هذا المكان بئر ، ووجد حفار البئر الماء فيها بكل سهولة فبنوا حولها.

ولما أراد إبراهيم بن هشام بناء دار فى ذلك المكان ونقل سوق المدينة فى هذا المكان أراد أن يحفر بئرا واسعة كالحوض ليسهل أمور أهل السوق ولكن حينما بدأ بحفر البئر صادف صخرة عظيمة لا يمكن نقبها ولا حفرها مما أدى إلى بقاء الحوض الذى عمق وحفر بدون ماء ، فاشترى البيت الذى بنته حضرة فاطمة بجانب البئر من ابنها عبد الله بن حسن بن حسين بن على ـ رضى الله عنهم ـ وترك البئر لأهل السوق كهدية ، وإن كان من يروى فى وقتنا أن تلك البئر هى بئر زمزم المشهورة إلا أن هذه الرواية خاطئة لأن بئر زمزم بجانب بئر فاطمة.

بئر فجار : ستذكر بئر فجار فى شاطبية.

٤١٢

بئر مدرى : على وزن عندى ، اسم بئر بجانب السد الذى بناه عثمان بن عفان لينقذ الحرم الشريف من فيضان نهر مهزور.

بئر مرق : اسم البئر التى فى حدائق النخيل التى تنسب لبنى ظفر ويطلق على تلك الحدائق فى عصرنا مرقية.

بئر مطلب : اسم بئر على بعد ستة أميال من المدينة المنورة فى جهة نجد على قارعة الطريق ووجه تسميتها أن مطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومى هو الذى أمر بحفرها.

بئر معون : اسم بئر فى موقع الرجيع حيث كانت المذبحة الأليمة.

بئر الملك : اسم بئر فى موضع قناة ، حفرها تبع الحميرى.

بئر الهجيم : اسم بئر بجانب منزل العصبة وبجانبها خرائب حصن قديم.

«بترا» : اسم مكان مر عليه الرسول صلى الله عليه وسلم فى غزوة بنى لحيان ثم مال متجها إلى اليسار ودخل بين بعض الصخور.

بجرات : اسم المياه التى تتراكم فى جبل شورى.

بحران : على وزن نعمان وعلى قول شعبان وفوق موضع يسمى فرع يروون حدوث غزوة أو سرية فى هذا المكان.

يخرج كان اسم حصن قديم فى قرية قباء.

بدار : اسم موقع بجانب وادى القرى.

بدر : اسم البئر التى حفرها بدر بن قريش بن مخلد ابن النضير من بنى غفار فى ناحية بدر وسميت باسم حافرها ، وقعت غزوة بدر الكبرى بجانب هذه البئر ، وعلى رواية أخرى أن بدر بن قريش ذلك من أفراد قبيلة بنى حمزة ، ووجه تسمية البئر ببدر إقامته بجانب تلك البئر ، ويطلق على ذلك الموضع بدر الموعود بدر القتال بدر الثالثة أيضا ، وقد أعز الله ـ سبحانه وتعالى ـ بهذه المعركة

٤١٣

الموحدين ، استشهد فيها ثلاثة عشر من الصحابة غير عبيدة بن الحارث وتوفى عبيدة مثأثرا بجراحه التى أصيب بها فى بدر فى مكان يسمى صفر حيث دفن.

صدى الطبل فى مذبحة بدر الكبرى :

وبناء على تدقيق وتحقيق المرحوم المرجانى أنه سمع فى مذبحة بدر الكبرى التى حدثت فى أوائل الدولة الإسلامية صوت طبل المعصر وأن هذا الطبل سيدق إلى يوم القيامة ، وهذا ثابت بالآثار الصحيحة.

ويروى أن بعض الذين يمرون من موقع المعركة يسمعون صوت الطبل ويحكى أنه يرى فى ذلك المكان احمرار فى السماء بالليالى.

عجيبة :

يقول نخبة أهل الوثوق ابن مرزوق ـ رضى الله عنه ـ استمعت من أكثر الحجاج أنهم لما مروا بوادى بدر سمعوا أصوات طبل ملكى وأن هذا الصدى دليل انتصار المسلمين ، وإننى لم أستطع أن أصدق هذه القصة أبدا وكبر الموضوع فى ذهنى حتى وصل إلى درجة الإنكار أحيانا وأحيانا عزوت هذا الصوت إلى أصوات حوافر الخيول فى أرض بدر الصلبة الخشنة وصرفت الفكر عن الموضوع. وعرفت فيما بعد أن أرض بدر ساحة رملية لينة ، وأن أكثر الدواب التى تنتقل بين الحرمين جمال وأن أقدام الجمال لا تصدر صوتا حتى فى الأرض الصلبة الخشنة وبناء عليه تخليت عن التأويل السابق واستغرقت فى بحار الحيرة وبقيت مضطربا قلقا إلى أن مررت بنفسى من وادى بدر ، وفى السنة التى سافرت فيها إلى مكة محرما لأداء فريضة الحج كنت نسيت الخواطر التى حول بدر وكان قائد القافلة الموقر قد ساق القافلة إلى وادى بدر فنزلت من على ظهر الجمل وأخذت أسير مترجلا دون أن يكون فى خاطرى الفكرة المشروحة وكانت فى يدى عصا من خشب شجرة أم غيلان وبجانبى غلام من الجمالين حبشى السحنة ، وعند ما وصلنا إلى المكا الذى تحدث عنه بالحجاج قال لى الغلام المذكور هل تسمع

٤١٤

هذا الصوت؟ فذكرنا بالموضوع السابق فاستمعت إليه وفعلا يسمع صوت شبيه بصوت الطبل فتملكتنى رعشة من الهيبة واقشعر شعر جسمى وخرج من ملابسى كالإبر.

ولما كان الجو عاصفا ترددت فى الذى سمعته من صوت الطبل الملائكى وقلت يظهر أن العصا التى فى يدى تصدر صوتا بفعل اصطدام الريح بها فرميت العصا وحصرت سمعى حتى أطلع على حقيقة الحال ، وكان صوت الطبل يسمع مستمرا من جهتى اليمنى ومنذ أن باتت القافلة فى وادى بدر إلى قيامها استمعت إلى ذلك الصوت سالف الذكر فحللت مشكلتى ، ولا شك أن سماع تلك الأصوات غير مقدر لكل شخص.

الإمام القسطلانى «مؤلف المواهب اللدنية» من الذين سمعوا صوت الطبل المذكور إذ يقول المشار إليه فى كتابه كان ينتقل سماع صوت الطبل المعهود فى المكان الذى وقع فيه غزوة بدر الجليلة ، فجربت الاستماع فى الحقيقة سمعت صوت الطبل ، حتى إننى سمعت صوته عندما نزلت فى اليوم الذى نزلت فيه بدرا ، ويقال إن كل شخص لا يستطيع أن يسمع هذا الصوت ، وقد سمعه أيضا مؤلف تاريخ الخميس حسين بن محمد من ديار بكر ، يقول فى تاريخه : أنا أيضا كنت مشتاقا لتجربة هذا الموضوع ، وعندما كنا ذاهبين من المدينة إلى مكة المكرمة بتنا ليلة فى بدر حيث أقمنا فيها يوما وبعدما أدينا صلاة الفجر وصل إلى أذنى صوت طبل كان يوم الأربعاء من أوائل شهر شعبان من السنة المذكورة ، وظننت أن ذلك الصوت يأتى من الجبل المرتفع الذى يقع فى الجهة الشمالية من بدر فأسرعت بالصعود إلى ذلك الجبل ، مع أن مائة من رجال القافلة ونسائها استمعوا إلى الصوت ، ولم أسمع فوق الجبل صوت طبل فنزلت إلى سفح الجبل ، وبدأت أسمع صوت الطبل آتيا من تجاه ذلك الجبل ، والذين سمعوا الصوت ظنوا أن الصوت آت من تجاه ذلك الجبل ، ظللنا هناك مدة طويلة ، وكان ذلك الصوت يأتى أحيانا من تحتنا وأحيانا من فوقنا وأحيانا من خلفنا وأحيانا من أمامنا أحيانا من يميننا وأحيانا من يسارنا.

وعندما استمعنا لهذا الصوت كان الهواء راكدا ولم تكن الريح تهب من آية

٤١٥

ناحية ، والذين يستمعون لهذا الصوت ما كانوا يفرقونه عن صوت الطبل المعهود.

براق خبت : خبت على وزن جهة اسم مكان فى صحراء تبدأ من بدر وتنتهى فى مكة.

برام : على وزن أنام أو على وزن إمام ، اسم جبل مشهور قمته مثل الخيمة وعلى الجهة الغربية منه ترى سلاسل جبال نقيع وعلى الجهة الشرقية منه ترى سلاسل جبال عسيب.

برقة : على وزن دفته أو على وزن نكته اسم موضع من الأوقاف النبوية.

برقة العيران : اسم موضع ذات منظر غاية فى الغرابة من الجمال بين مرعى ضرية وبيسان وله طول وعرض مسافة نصف ساعة.

ويطلق اسم برقة بين العرب على أماكن حجرية ورملية وطينية ولما كانت برقة العيران على خلاف ذلك نالت ثناء الشاعر المشهور امرئ القيس ومدحه.

برك : اسم مكان يقع فى محاذاة موقع يقال له شواحظ فى ناحية سوارقية.

بركة : على وزن عزبة يطلق على مقسم مياه عين الزرقاء.

برمة : على وزن جزمة اسم موقع قريب من موضع بلاكت ما بين وادى القرى وخيبر ، فى هذا المكان مياه كثيرة وحدائق يطلق عليها ذو البيضة.

برود : على وزن حسود اسم مكان ما بين أشعر وملل واسم موضع فى جهة حرة النار.

بزواء : على وزن حلواء اسم بلدة مرتفعة الحرارة بين واديى ودان وجار وأعلى قليلا من الساحل. وكانت قبيلة بنى ضمرة من قبائل كنانة ساكنة فى هذا البلد.

وعزة معشوقة كثيّر بن عبد الرحمن بن أبى جمعة الأسود بن عامر بن عويمر الخزاعى من الشعراء المشهورين كانت من هذه البلدة.

٤١٦

وإن كان كثير بن عبد الرحمن مشهورا بين الناس لجودة أشعاره ورقتها إلا أنه كان أحمق يظهر عداوته وغيظه للعلويين الذين ينتسبون إلى حضرة على بن أبى طالب.

مضحكة

ينقلون عنه هذه الحكاية دليل بلاهة خلقه ، لازم كثير الفراش يوما وهو مريض ، فذهب بعض ظرفاء العصر لعيادته وأخذوا يستفسرون عن حاله مراعاة لأصول العيادة ، فخاطبهم كثير قائلا الظاهر أننى سأتوفى غالبا. فسألوه قائلين وطيبوا خاطره : لا كلا! إن وفاتك ستتأخر بعض الوقت ، فأجابوا كثيرا بناء على قوله : أرجوكم أيها الإخوة ، إذا كان بين الناس معلومات صحيحة بخصوص طول عمرى ، أخبرونى فقالوا له ردّا على هذا : إن الناس قاطبة يعتقدون أنك دجال! وبما أن ظهور الدجال سيطول قليلا ، فإنك ستعيش مدة طويلة بعد الآن ، فأجابهم قائلا : «نعم! إن قولكم ليس بسيئ اعتقادكم فى محله ، قد أصبت من مدة ليلة بضعف البصر وضعف بصرى هذا يدل على صحة اقتناعكم».

ينقل عن الذين عرفوا كيف عشق كثير عزة ثم بينوا ذلك أنه مر ومعه بعض الأغنام ، ببلاد بنى ضمرة وأخذ فى البيع والشراء. بينما كان يمر بجانب جماعة من النساء فبعثن بعزة طالبات غنما على أن يدفع ثمنه بعد فترة ، وإن كانت عزة بنتا صغيرة فصيحة اللسان متحدثة ذات إفادة عذبة واشتهرت بذلك حتى نساء القبائل.

فذهبت إليه وقالت بأسلوب جميل ولسان عذب فصيح بعثتنى هؤلاء النسوة اللائى أمامك وقلن إذا ما أعطى لنا غنما بالدين فعند رجوعه نؤدى له دينه ، ففتن كثير بمشية عزة ووجهها ، وخاصة سحر حديثها وطريقة أسلوبها ، وأعطى لها من الغنم ما ترغب فيه.

ومرّ كثير بعد فترة بجماعة النساء من بنى ضمرة ورأى أنهن جلسن فى نفس

٤١٧

المحل وتلكأ قليلا ، وكانت النساء قد دبرت ثمن ما أخذن من غنم فأعطين إحداهن وأرسلناها مع النقود إلى كثير ، وأرادت أن تعطى النقود لكثير قائلة هذه نقود الغنم التى اشتريناها من قبل فقال كثير ليس لى دين عند أحد غير البنت التى أخذت منى الغنم وأنشد البيت الآتى :

قضى كل ذى دين فوفى غريمه

وعزة ممطول معنّى غريمها

وعادت المرأة عندئذ وأعطت النسوة دينهن إلى عزة وأرسلنها إلى كثير.

سبب وفاة كثير :

حج زوج عزة وأخذ معه زوجته ، ولما بلغ كثيرا هذا الخبر ذهب ليزور الكعبة المعظمة عله يرى جمال معشوقته مرة أخرى. ولما عرفت عزة أن كثيرا فى مكة خططت لرؤية كثير. وظل كثير يسأل جميع قوافل الحجاج فى مكة فردا فردا باحثا عن عزة ، ولكنه لم يكتب لهما اللقاء ، وفقد كثير جمله بعد عرفات وذهب لناحية ما بينما الحجاج يطوفون طواف الوداع رأت عزة جمل كثير وأظهرت حنينها وشوقها ومسحت ما بين عينى الجمل ولاطفته ودعت له قائلة حييت يا جمل ، ولما عرف كثير الكيفية رجع إلى جانب الجمل إلا أن عزة كانت قد عادت فأنشد القطعة الآتية :

حيتك عزة بعد الحج وانصرفت

فحى ويحك من حياك يا جمل

لو كنت حييتها ما زلت ذا شرف

عندى ولا مسك الإدلاج والعمل

وهكذا أبرز شدة حبه وشوقه لعزة.

وبينما كان كثير يلقى هذه القطعة بكل حماس وجد بجانبه الشاعر المشهور

٤١٨

الفرزدق فسأله قائلا : «أنت من ياترى؟» فأجابه «أنا كثير» فقال له «إذا فأنت الذى يطلقون عليه كثير عزة؟» فقال له «نعم هكذا يسمينى الناس» ، ولكن من تكون أنت؟ فعرف أنه الفرزدق بن غالب التميمى فقال له : هل أنت القائل لهذه الأبيات :

وجدت جمالهم بكل أسيلة

تركت فؤادى هائما مخمولا

لو كنت أملكهم إذا لم يرحلوا

حتى أودع قلبى المتبولا

ساروا بقلبى فى الخدود وغادروا

جسمى يعالج زفرة وعويلا

فلما أخذ الرد بالإيجاب وقد رأى تلك الأبيات تنطبق على حاله فتأثر منها أشد التأثر فقال «يا فرزدق! لو لم أكن أمام البيت المعظم لصحت صيحة عظيمة انزعج منها هشام الذى يجلس على العرش فى سواد الشام ويظن أن القيامة قامت واستولى عليه الفزع ، ولكن ما الفائدة فحرمة بيت الله الجليل تقف دونها!!» ولما تأثر الفرزدق من هذه الكلمات أشد التأثر فقال له «يا كثير ، سأعرض ما قلته على هشام عندما أصل إلى الشام». وفعلا عرض الأمر عليه عندما وصل إلى الشام وبين له شدة حب كثير لعزة ، ولما كان تطليق عزة من زوجها وتزويجها من كثير ممكنا فأمر بأن يدعى كثير إلى الشام ، فبلغ الفرزدق الأمر لكثير كتابة وطلب منه أن يحضر إلى الشام دون تأخر. ولما أخذ كثير الرسالة المبشرة من الفرزدق تحرك من مقر مقره سعيدا وتوجه إلى الشام قاطعا المراحل وطاويا البوادى والمنازل ، ولكنه تصادف أن غرض لناظريه غراب قبل أن يصل إلى الشام بعدة مراحل فتطير ، وكان الغراب الذى أفزعه فوق شجرة بان يفلى ريشه ويسقط شعره. ولما رأى الغراب فى هذه الحالة استولى على قلبه خوف واصفر وجهه. وذهب إلى قبيلة بنى نهد ليسقى دابته وهو فى شدة الحرص على سلامته.

٤١٩

ولما كانت تلك القبيلة من زجرة الطير فقال عجوز وقد استدل من صفرة وجه كثير على خوفه ، يا ابن أخى! هل هناك شىء أخافك؟ «فقال له كثير نعم» وحكى له حكاية الغراب فتشاءم العجوز من هذه الواقعة وقال له هذه الحكاية إشارة على فراقك واغترابك. ولما زاد غم كثير وهمه من هذا القول أرخى عنان دابته حتى لا يصل إلى الشام سريعا ، ولما وصل إلى الشام وجد جنازة موضوعة على حجر المصلى وقام مصليا مقتديا بالإمام ، ولما فرغ من الصلاة قيل له : إننا لا نستطيع ألا نتعجب من غفلتك فى هذا اليوم الحزين فقال لهم أى يوم هذا تتعجبون من غفلتى؟! فقالوا إن عشيقتك عزة توفيت والجنازة التى صليت عليها كانت جنازة عزة فكيف لا نتعجب لحالتك؟! فتأثر كثير من هذه الإجابة ووقع على الأرض مغشيا عليه وبعد أن أفاق قال :

ما أعرف النهدى لادر دره

وأزجره (١) للطير لاعز نصره

رأيت غرابا واقفا فوق بانه

ينتف أعلى ريشه ويطايره

فقال غراب اغتراب من النوى

وبانه بين من حبيب تعاشره

وبعد أن ألقى هذه الأبيات صاح صيحة عظيمة ومات ودفن بجانب عشيقته.

مات كثير فى خلال سنة ١٠٥ الهجرية ، ولما توفى فى نفس اليوم عكرمة غلام ابن عباس فقيل فيهما : توفى اليوم أفقه الناس مع أشعر الناس رحمهما الله.

البضيع : على وزن النصير اسم مشهور أصل ماء قبيلة بنى غفار ، وهو بين جبلين فى وادى العقيق.

__________________

(١) الزجر هو إبعاد الطائر بتخويفه عند الذين يتفاءلون بالطير إذا كان الفأل سيئا. تفصيل هذا مسطور فى الصورة الثامنة من الوجهة الثانية من مرآة مكة.

٤٢٠