موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب - ج ٤

أيوب صبري باشا

موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب - ج ٤

المؤلف:

أيوب صبري باشا


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الآفاق العربيّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧٢

يقضون بجانبها لياليهم متعبدين حتى الصباح والمسجد الذى بنى فيما بعد مكشوف الجانب من الناحية الشامية.

١٤ ـ بئر سقيا :

البئر الرابعة عشرة من الآبار المكرمة بئر سقيا التى فى داخل القرية التى يطلق عليها فى الجاهلية قناد وتقع هذه البئر على يسار المتوجهين إلى قرية بئر على وفى داخل حجر منحوت.

وكانت بئر سقيا قد تخربت مع مرور الأيام ، ولما عمرها وجددها أحد أهل الخير من طائفة الأعاجم فى سنة ٧٧٨ ه‍ فهى تعرف فى زماننا ب «بئر الأعاجم» وفى الجهة الشامية من هذه البئر مبنى حيث ينصب الحجاج الكرام خيامهم ويستريحون. وكانت زوجة الرسول أمنا عائشة ـ رضى الله عنها ـ تجلب الماء من هذه البئر وكان النبى صلى الله عليه وسلم يشرب من ماء تلك البئر.

١٥ ـ بئر العقبة :

وينسب ماؤها للنبى صلى الله عليه وسلم وهى البئر الخامسة عشرة من الآبار المقدسة ، يقول بعض المؤرخين إن النبى صلى الله عليه وسلم جلس على حافة هذه البئر مدليا قدميه فيها وأجلس أبا بكر وعمر على طرفيه وعثمان أمامه. ولكن ناقل الواقعة وكان حارس النبى صلى الله عليه وسلم فى ذلك اليوم وهو أبو موسى الأشعرى ـ رضى الله عنه ـ ينسب تلك الواقعة إلى بئر أريس فليزم أن يكون قول المؤرخين هذا غير صحيح إلا أنه يمكن أن يكون اسم بئر العقبة اسما آخر لبئر أريس ، أو أن الواقعة تكررت فى البئر الثانية.

١٦ ـ بئر عتبة :

هى البئر السادسة عشرة من الآبار المكرمة وتقع على ميل واحد من المدينة المنورة فى جهة مكة المكرمة وفوق حرة بئر السقيا. وقد نظم النبى صلى الله عليه وسلم ، غزاة بدر فى هذا الموضع ، وفصل الأطفال عن الجيش وأعادهم إلى المدينة المنورة. يقول بعض المؤرخين إن المسلمين فى غزوة بدر عند ذهابهم باتوا فى بئر السقيا

٣٤١

وعند عودتهم باتوا فى ساحة بئر أبى عتبة. وماء هذا البئر أعذب من جميع آبار الوادى وتعرف بين الناس ب «بئر الوادى».

١٧ ـ بئر العهن :

البئر السابعة عشرة من الآبار المقدسة. وتقع فى قرية بنى أمية الأنصارى وفى أعلى جهة بالمدينة وكان قديما بجوار هذه البئر شجرة تسمى السدرة ثم قطعت هذه الشجرة وسويت أرضها وأصبحت حقلا. والبئر المذكورة فى سفح الجبل وماؤها عذب فرات ، ولكن موقعها اليوم غير معلوم. ويقال إنها بئر يسيرة التى سيأتى ذكرها فيما بعد.

١٨ ـ بئر غرس :

هى البئر الثامنة عشرة ، تقع على بعد ميل أو نصف ميل من الجانب الشرقى الشمالى لمسجد قباء. وكان الماء يجلب للنبى صلى الله عليه وسلم من بئر غرس يوما ومن بئر السقيا يوما آخر. وقد غسل جثمان النبى صلى الله عليه وسلم بماء بئر غرس ، فقد أوصى النبى صلى الله عليه وسلم قبل وفاته قائلا «غسلونى بسبعة قرب من ماء بئر غرس».

وعرض تلك البئر المقدسة عشرة أذرع وعرضها أزيد من طولها وماؤها عذب بارد ورجحان عذوبة مائها وأفضليته ثابتة بالحديث النبوى الشريف. إذ بين فضل مائها ومزيتها قائلا : «إننى رأيت فى رؤياى أننى سأصبح فى الصباح بجانب بئر من آبار الجنة» ولما أصبح الصبح وجدتنى بجانب بئر غرس» ، وتوضأ ذلك اليوم وألقى بصاقه فى داخل البئر. وبهذا سكب ما أهدى له من العسل المصفى فى داخل البئر.

وتخربت بئر غرس ، ولم تعد صالحة للشرب منها ، وفى خلال عام سبعمائة جددت وبعد مائة واثنين وثمانين عاما اشترى السيد حسين بن الشهاب أحمد القاوانى ما حول البئر من حقول وأحاط البئر بسور وصنع حديقة للنخيل وأنشأ سلما للنزول فى البئر وبنى مسجدا وفتح طريقا واسعا للدخول إلى المسجد من الخارج ثم وقفها للمارين وعابرى السبيل. ظلت تلك الحديقة المذكورة عامرة ما

٣٤٢

ما يقرب من مائة وثمانية عشر عاما. وانتفع المارة والعابرون بها ودعوا لواقفها ولكن للأسف قد سد طريقها الخارجى فأبطل وقف حسين بن الشهاب.

١٩ ـ بئر القراضة :

التاسعة عشرة من الآبار المباركة بئر القراضة. وهذه البئر فى داخل حديقة والد جابر بن عبد الله الواقعة فى الجانب الغربى لمسجد الفتح. قد توضأ النبى صلى الله عليه وسلم بماء هذه البئر وصلى فى ساحة مسجد الخربة.

معجزة :

عندما مات والد جابر بن عبد الله كان قد ترك ديونا كثيرة وترك أمر تسديد هذه الديون لجابر. فأراد جابر أن يعطى حديقة نخيل بئر القراضة بثمارها للدائنين. إلا أنه لم يستطع أن يرضى الدائنين بهذا الشكل ، فحكى الموضوع للنبى صلى الله عليه وسلم بشكل يثير رحمة السامع واستمد العون من النبى صلى الله عليه وسلم. فما كان من الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أن ذهب إلى حديقة بئر القراضة وألقى بصاقه المبارك فى البئر ودعا الله أن يخلص جابرا من دين أبيه عبد الله ، وبناء على ذلك زادت محاصيل تلك الحديقة سنة بعد سنة وكانت سببا فى تسديد الديون. ولكن لشدة الأسف فتلك الحديقة انتقلت من يد إلى أخرى ، مع مرور الزمن وأهملت حتى لم يبق أحد يعرف مكانها فى زماننا.

٢٠ ـ بئر القريضة :

هى البئر العشرون من الآبار المنسوبة إلى النبى صلى الله عليه وسلم. ويحتمل أن تكون هى بئر القريضة التى تقع بالقرب من بئر القراضة ، أو أن القريضة تصغير القراضة ، وعلى ذلك تكون كلتاهما بئرا واحدة ، ويروى كذلك أن خاتم النبى صلى الله عليه وسلم وقع فى هذه البئر.

٢١ ـ بئر اليسيرة :

هى البئر الحادية والعشرون من الآبار المنسوبة إلى النبى صلى الله عليه وسلم ويسيرة بمعنى

٣٤٣

سهلة. قيل إن النبى صلى الله عليه وسلم جلس على حافة بئر فى قرية بنى أمية ابن زيد ، وسأل عن اسمها ، فقالوا «عسيرة» فأجاب قائلا : «كلا كلا يسيرة إن شاء الله». وتفل فيها ودعا لها بالخير والبركة وتوضأ وهذا وجه تسميتها ـ قال فاضل العشقى.

لينظم القلم الدر فى سمط الشعر وليجعل للمصطفى ألف بئر

ومن بئر أعواف بضم الهمزة ومن بئرى أنا اشرب

وكذا من بئر أنس وهو النبى من صحب

وكذلك بئر إهاب وبصة وبئر بضاعة وماؤها شفاء

ذكرت كذلك بئر جاسوم والجمل رفعت عن سرها الخفاء

وكذا بئر حاء حلوة وبئر ذرع ورومة

فلتذكر وادع الله إن كنت عن بئر السقيا تخبر

وبئر عهن وعقبة وبئر عنبسة

وبئر غرس إذا ما ذكرن ذلك

أما بئر قراضة وقريضة وبئر اليسير

كلها ما سمعت ولا رأيت من ينكر فضلها

وقد ثبت أن عدد الآبار غير المكررة تسعة عشر بئرا ولكن مع مرور الزمن لم يبق أحد يعرف مكان اثنتى عشرة منها فحصر أهل المدينة الآبار المأثورة فى سبعة آبار. وأسماء تلك الآبار فى الأبيات الآتية. لمؤلفه العبد لله.

نظم

فى المدينة يا صاح (١) سبع من الآبار

ولها بريق النبى المبارك إيثار

__________________

(١) صاح : مخفّف : يا صاحبى.

٣٤٤

لبعض غرس ، ورومة ، بضاعة أسماء

ومنها العهن ومنها البصة ولا يشرب من مائها الأشرار

منها بئر أريس وبئر حاء ولهما باسمهما شهرة

يمتد لهما أهل المدينة كل مرة

وكلما تباعد عصر السعادة زاد سكان المدينة واقتضى تطور المزروعات ـ بناء على حاجة الناس ـ حفر المزيد من الآبار ؛ فحفر الأسلاف فى جوانب المدينة الأربعة كثيرا من الآبار ، واستصلحوا الأراضى لتكون صالحة للزراعة وأنبتوا كثيرا من المزروعات. وكما كانت هذه المزارع منها قوية خصبة ومنها ضعيفة قليلة الإنتاج بالنسبة لبعضها البعض ، وكانت الآبار كذلك منها ما هو عذب الماء ومنها ما هو مر الماء مالح. والآبار المشهورة اليوم بئر قويم ، بئر العباسة ، بئر صفية ، بئر البويرة ، بئر العصبة ، بئر العسيلية ، بئر المبعوث ، بئر رومة ، بئر قطعة ، بئر مغيسيلة ، بئر فاطمة ، بئر عروة.

وبئر قويم مع بئر عباسة وبئر صفية وبئر البويرة فى قرية قباء ومياه بعضها ألذ وأعذب بالنسبة للأخرى. وبئر عسيلية من آبار قرية العوالى. وليست فى هذه القرية بئر ماؤها أعذب من ماء بئر عسيلية ، وبما أن بئر مبعوث فى الجهة القبلية من ناحية عريضى وفى وسط مجرى سيل مهزور فهى أعذب الآبار فى الحرة الشرقية على الإطلاق وأعظمها ، وبئر رومة من الآبار القديمة وقف عثمان بن عفان.

وبئر فاطمة ألطف ماء من جميع الآبار ، وبئر عروة أعذب ماء من جميع الآبار والعيون والمياه الجارية. وبما أن هذه البئر فى مجرى وادى العقيق كان الأهالى يهدون ماءها للملوك لعذوبة مياهها كما أن أصحاب المزاح يدعون أن ماءها ألذ وأعذب من ماء عين زرقاء.

٣٤٥

الأراضى المزروعة :

تقع مزارع المدينة المنورة فى الجهة القبلية منها ، وإن كانت فى جهاتها الأخرى أراض مزروعة. إلا أن جميع أراضى الجهة القبلية صالحة للزراعة.

يا ترى هل لاتصالها بالحرة؟ أو لسبب آخر؟ إن أراضيها سبخة وترابها أبيض ، فإذا مزجت بقدر من السماد يكثر محصولها ويكون نبتها أكثر إنتاجا.

والأراضى الموجودة فى الناحية الغربية أى الأراضى الممتدة من الجرف إلى عيون والتى فى وادى العقيق رملية ولكن بعض أراضيها ممتزجة بالطّين لينة مثل أرض العيون فى الجهة الشامية. فمحاصيل مثل هذه الأراضى وافرة ، يروى أن أراضيها تنتج فى السنين التى تنجو من الآفات السماوية ثلاثين ضعفا على واحد.

والجهة الشرقية أى محاصيل ناحية عريضى وما حواليها إن مدت بالمياه وسمّدت تكون من غير تبن. ومع هذا ففى الأراضى التى تقع فى الظل يؤخذ منها تبن فقط. وهناك وقت لا يؤخذ منها حتى التبن.

٣٤٦

فى ذكر العيون الصافية التى تنسب

إلى النبى صلى الله عليه وسلم

إفادة خاصة :

يطلق أهالى المدينة على المياه التى تجرى من الآبار من تحت الأرض عينا وجمعها عيون.

إن إنبات النخلة بدون ماء محال ، ولما كان التمر والبلح هو القوت الذى يحفظ الحياة على أهل المدينة وبناء على أنه لا توجد مياه جارية تجرى من الجبال القريبة التى تحيط بالمدينة إلى الأراضى المسطحة فحفر الأهالى قديما الآبار فوق الجبال البعيدة العالية ، وأجروا ماءها إلى أطراف المدينة فأنشئوا حدائق كثيرة. ولما ازدادت الحاجة إلى الماء كلما زاد عدد السكان فزادت جداول المياه الجارية على قدر اتساع العمران وما زالت تزيد.

والآن كلما احتاجوا جلب المياه إلى مكان ما حفروا بئرا فى مكان مرتفع جدا وعندما يصلون إلى مائها يحفروا فى أسفل منها بئرا أخرى. ويحفرون مجرى تحت الأرض بين البئرين ويجرون ماء البئر الأولى إلى البئر الثانية وبهذه الطريقة يحفرون فى كل أربعين خطوة بئرا ويجرون مياهها بعضها إلى بعض متسلسلا حتى يوصلوها إلى مستوى المحل ومن هنا يحفرون المجارى فوق سطح الأرض ويروون الأماكن التى يريدونها ولما كانت عادة الأهالى توفير المياه لرى الحدائق بهذه الطريقة فى المدينة فوجدت عيون المدينة بهذه الطريقة.

الوجبة : لما كان إجراء الماء من الجبال البعيدة بالطريقة التى سبق ذكرها يحتاج إلى رأس مال كبير وهذا يتوقف على ثروة وغنى مال. لا يقدر على ذلك فرد

٣٤٧

بذاته ومن هنا كلما احتاجت جهة ما لجلب الماء تكونت شركة من أصحاب الأراضى التى فى تلك الجهة. وتقسم هيئة تلك الشركة ما تحت أيديهم من حدائق النخيل إلى أربع وعشرين حصة كما أنهم يقسمون كل حصة إلى أجزاء ويبيعونها. ولما كان بيع الحصة خارج أفراد الشركة غير ممكن يشترى أفراد هيئة الشركة هذه الحصص وبهذا الشكل يهيئون رأس المال اللازم وعندئذ يجرون الماء بعد عمليات الحفر فوق السطح وبعد أن يحفروا مجرى عظيما ، يفتحون جداول خاصة لأراضى أصحاب الحصة ومهما كانت أجزاء الحصة فمجموعها تعد ساعة واحدة ولمثل هذه الساعة تطلق وجبة.

وكل شخص يملك عددا من الوجبات من أصحاب الأراضى الذين حصلوا على الحصص بمعرفة الشركة المتشكلة يستطيع أن يحصل على ماء بقدر ما يملكه من الوجبات.

ومع هذا فبعض الوجبات عبارة عن ثلاثة أو أربعة أجزاء وكل جزء من هذه الأجزاء فى يد شخص واحد بناء على هذا التقدير يقتضى الأمر ألا يستطيع أن يأخذ مثل هؤلاء من أصحاب النخيل من الماء فى كل أربع وعشرين ساعة إلا فى فترة ربع ساعة. وبما أن ما يملكونه جزءا صغيرا فيمكن سقيه فى هذه الفترة بهذا المقدار من الماء. انتهى.

١ ـ عين كهف حرام :

كان هذا الماء فى غار بنى حرام الواقع فى الجانب الغربى من جبل سلع. والآن أمام مسجد النبى صلى الله عليه وسلم وفوقه قبة مكملة ؛ كان النبى صلى الله عليه وسلم عندما وقعت غزوة الخندق يتوضأ من عين كهف بن حرام ليلا ثم يدخل فى غار بنى حرام حيث يبيت.

٢ ـ عين الخفيف :

هذا الماء كائن فى وادى ناحية السّنح ويرد من عوالى المدينة.

٣٤٨

وبناء على قول ابن النجار ان هذا الماء يتفجر من تحت صخرة ويسقى مزارع ناحية السّنح التى فى جدار مساجد الفتح. وانقطع هذا الماء مؤخرا وأضرّ انقطاعه أصحاب المزارع وإن كان شمس بن زمن حفر طريقه وطهره قرب منبعه الذى فى جهة قرية قباء إلا أنه لم يوفق لجفاف منبعه.

٣ ـ عين الأزرق :

هذا الماء أمام مصلى العيد (أى المسجد النبوى) وتحت قبة كبيرة. ومنبعه الأصلى بئر فى داخل حديقة الجعفرية وعلى الجهة الغربية من المسجد الشريف.

ولما كانت مياه هذه العين تقوم عليها حياة أهل المدينة أوصلها مروان بن الحكم إلى المدينة وبنى أمام مصلى النبى صلى الله عليه وسلم موضع تقسيم عظيم وبهذا العمل قسم المياه إلى محال المدينة فتجرى المياه أولا من هذا المقسم ويسقى بيوت الجهة الشرقية ابتداء ثم الجهة الشمالية ثم الجهات الأخرى من منازل المدينة.

٤ ـ عين النبى :

كان هذا الماء بناء على قول ابن النجار بئرا بجانب غار بنى حرام.

واندرس مجراه وانقطع ماؤه مع مرور الزمن. ولكننا إذا ما وفقنا بين الروايات المتخالفة يلزم أن يكون شرعة مقسم عين النبى وكانت هذه الشرعة معروفا بمقسم عين الأزرق وتذكرنا أن منهل ماء الذكر شرعة عين النبى فإن ماء منبع عين الأزرق عندما جلب من قرية قباء إلى المدينة قد عثر على ماء عين النبى ووحّدا وهذا غير بعيد من الاحتمال.

وقد فتح الأمير سيف الدين حسين بن أبى الهيجاء فى خلال سنة ٥٦٠ ه‍ مجرى من مقسم عين الأزرق إلى باب المصلى وباب مصر ليحصن المدينة. وأوصل هذا المجرى إلى باب السلام وبنى مقسما صغيرا أمام مدرسة زمنية وفرق الماء إلى المنازل التى تقع فى هذه الجهات ، ثم أجرى الماء الزائد بواسطة مجرى حفره إلى مناهل المحلات التى حول سوق العطارين ثم طاف بالمجرى المذكور

٣٤٩

خلف المدينة فى الجهات الشرقية والشمالية حتى أوصله إلى الساحة الرملية لمسجد السعادة حيث الفسقية وألقى مقدارا من الماء لإدارة هذه الفسقية. وصنع مقسما وبنى فوقه عقدا وأنفق فى ذلك نقودا لا تعد ولا تحصى.

٥ ـ مسير العين :

هذه العين تصبّ فى عين يطلق عليها عيون حمزة وهذا الماء أيضا ينفصل من مقسم عين الأزرق ويجرى إلى القرب من سور المدينة بالمجرى الذى فى الجهة الشمالية ويصل من هنا إلى الطرف الشرقى من ساحة حصن الأمير الرملية حيث يسكن أمير المدينة ومن هنا إلى المقسم الذى بجانب مشهد النفس الزكية ، وتتحد بعد ذلك بمجارى العيون الأخرى وتصب فى الحوض الذى ينصب بجانبه حجاج الشام خيمهم. وإن أهالى المدينة يعتقدون أن الماء الذى يطلق عليه عيون حمزة قد أجرى من قبل حضرة معاوية ـ رضى الله عنه ـ إلا أن الماء الذى أجراه معاوية رضى الله عنه ـ قد خرب مجراه ونضب ماؤه. ومع هذا فالماء الذى جلبه يمر من الجهة الشامية من جبل سلع ويصب فى المقسم الذى بجانب مسجد الراية. ويخرج من هناك ويمر من الجهة الغربية لمساجد الفتح ويتوجه إلى منهل الأمراء. وبناء على ذلك فاعتقادات الأهالى فى هذا الخصوص كانت واهية والآن قد قضى على هذا الرأى وتبينت الحالة الحقيقية.

غريبة :

يروى عن جابر بن عبد الله أن معاوية ـ رضى الله عنه ـ أمر عامله فى المدينة بسرعة إجراء هذا الماء فأجابه قائلا لا يمكن إجراء هذا الماء ما لم يمر بقبور الشهداء فأمره بنبش قبور الشهداء ونقل أجسادهم إلى مكان آخر ، وبناء عليه فتح العامل القبور ونقل أجسادهم عامة حتى إن قدم حمزة ـ رضى الله عنه ـ أصابها فاس فدميت.

٦ ـ عين الوادى :

هذه العين بجانب ضريح حضرة حمزة ـ رضى الله عنه ـ ولكن ماءها انقطع

٣٥٠

مع مرور الأيام. وبناء على قول بدر بن فرحون ، أن الشهيد نور الدين هو الذى أجرى أولا هذا الماء وعمره بعد الخراب وأجراه الأمير ودى. وإن كان الماء الذى جلبه حضرة معاوية ـ رضى الله عنه ـ فى داخل هذا الوادى إلا أنه غاب تحت الرمل مع مرور الزمن وخربت مجارى الاثنين ولم يبق لهما اسم ولا أثر. وما زالت خرابتهما ظاهرة للعيان.

كانت أسماء ومنابع المياه التى ذكرت إلى الآن فى الأوائل مختلفة. ثم جمعت كلها وأوصلت إلى المقسم الذى صنعه مروان بن الحكم. ثم وزعت على مناهل محلات دار الهجرة. فأصبح اسمها كلها عين الزرقاء ولا يوجد فى المدينة المنورة ماء غير عين الزرقاء كان اسم عين الزرقاء القديم عين أزرق لأن مروان بن الحكم الذى جلب هذا الماء أزرق العينين وصادف ظهور هذا الماء لوقت ولايته ؛ لذا أسموا الماء علين الأزرق وتسمية هذا الماء بهذا الاسم لا بأس به من قبيل تسميته الشىء باسم موجده.

وإن كان أهل المدينة قد حلّت مشكلة الماء بالنسبة لهم بعد أن جمعت المياه كلها فى عين واحدة هى عين الزرقاء إلا أن طرف عين الزرقاء لم تعمر لمدة طويلة وملأت السيول مجرى الماء بالرمال وخربته ، فأصبح الناس بدون ماء مرة أخرى. وبناء عليه احتاج أهل المدينة لتضحيات كثيرة لجلب الماء من وادى العقيق.

وعرض الأمر على السلطان سليمان فالتزم السلطان جانب إراحة أهالى المدينة بأى صورة كانت.

صدر الأمر السلطانى بذلك فعمرت طرق عين الزرقاء تعميرا جيدا وعمق مجراها القديم وطهر وهكذا أنقذ أهل المدينة من خطورة قلة الماء فى سنة (٩٣٢ ه‍) ولكن السيول المفزعة التى تظهر من حين لآخر والتى توقع أهالى الحرمين فى بحار الاضطراب خربت مرة أخرى مجرى عين الزرقاء فاشترى السلطان مراد خان فى سنة ٩٩٠ بئر غربال التى تزيد على عين الزرقاء بعشرة

٣٥١

أمثال وضمها إليها كما أن المهندس سليمان بك الذى أمر من قبل السلطان مصطفى بن السلطان محمد خان بتعمير مسجد السعادة فى سنة (١١١١) اشترى بئر العقد بأمر من السلطان وضمها لعين الزرقاء وطهر مجرى عين الزرقاء إلى وادى جرف. كما أن أمير الإسطبلات السلطانية مصطفى أغا عمر طرق المياه فى صورة منتظمة وذلك فى عهد السلطان مصطفى بن السلطان أحمد خان. وقد عرض أمر سكان المدينة الذين لن يتحملوا لمدة طويلة شح الماء على السلطان عبد المجيد ، ولما كان كل أمل السلطان ألا يتعرض أهل الحرمين الشريفين لأية مضايقة ، فأمر بتطهير المجرى المذكور فى صورة كاملة.

ورصد لهذا الخصوص مبالغ طائلة وعين الموظفين المخصوصين وأرسلهم إلى المدينة. ولما وصل هؤلاء الموظفون إلى المدينة المنورة عاينوا وتفقدوا مع السادات والأعيان مجرى العين وقرروا البدء فى تطهيرها من جهة بئر خاتم ، ولما كان فى هذه الجهة خمس عشرة حديقة فإذا ما طهر المجرى من هذه الجهة بناء على رأى سادات المدينة وأعيانها كان الأمر يقتضى قطع ما يقرب من مائة نخلة كثيرة الثمار وسيؤدى ذلك إلى خراب الحدائق وينتج عنه انقطاع الماء ما يقرب من ستة أشهر ، وهذا سيزعج الأهالى ويضرهم ، وعلى ذلك اعترض الموظفون على هذا الرأى واستصوبوا أن تتخذ بئر المرحوم على أغا الطويل وحفر مجرى جديدا بحيث لا يضر ذلك أحدا.

وأقنعوا بهذا الرأى عامة الأهالى وقرروا على أن يبدءوا فى الحفر بناء على النهج.

وهكذا أصبحت بئر على أغا الطويل المنبع الجديد لعين الزرقاء وكانت البئر داخل بستان يسمى عذق وتحت قبة خاصة.

وبناء على القرار المشروح شرع فى حفر المجرى يوم السبت السادس من ربيع الأول سنة ١٢٦٢ من بئر المرحوم عثمان أغا ووحدوا المجرى الذى حفروه ببئر خاتم التى فى بستان محمد باشا ومياه بئر الغربال التى فى داخل الرباط الذى أمام

٣٥٢

مسجد قباء وبمياه بئر أهل القلعة وفتحوا طريقا فى غاية الوسع والعمق. وكانت فى طريق المجرى الجديد بعض أشجار النخيل فلم تقطع ولم تقع فحفروا تحتها بعض الأنفاق وبنيت عليها عقود رصينة ومتينة.

ووسع المجرى القديم الذى كان فى غاية الضيق قدر مرور شخصين أو ثلاثة بجانب بعض وصنعت على غاية من المتانة وأنهى العمل بدون أن يتضرر إنسان. فرطب جميع أهل المدينة ألسنتهم بالدعاء لوالد الخليفة كثير المحامد. وكانت المنافذ فى المجرى القديم لدخول المارين وخروجهم أقل مما يحتاج إليه ، ولما ثبت أن هذا كان سببا من أسباب خراب المجرى فأضاف الموظفون عشرة منافذ من بئر على أغا إلى البركة فبلغ عدد المنافذ إلى مائتين وعشرة ويطلق بين الأهالى على هذه المنافذ قصية ولكى لا يمتلئ المجرى بالرمال التى تجلبها السيول أحاطوا كل منفذ بجدار فى ارتفاع ذراع معمارى على طراز حافة البئر.

وفى المدينة غير مجرى عين الزرقاء مجرى آخر لرى البساتين بالماء ، ولما كان هذا المجرى أيضا بالغ الأهمية فقد طهر وعمق على القدر المطلوب.

وطول مجرى الماء العذب من بئر على أغا إلى باب القلعة ٥٠٥ ذراع معمارى ومن باب القلعة إلى مشرع البركة ٥٨٥٧ ذراع معمارى وطول مجرى الماء العذب الذى تسقى منه محلة الأغوات من البركة ٩٣٩ ذراع ومجرى الماء المر ٩٣٣ وطول مجرى الماء العذب من المناخة إلى باب السلام ٥٩٠ ذراع وطول مجرى الماء المر ٧٠٠ ذراع والمجرى المستقيم من مشرع البركة إلى المنبع القديم ٧٢٢٩ ذراع والمقنطرات لتقسيم المياه إلى الميلة الخالية من العمارة ٦٠٠ ذراع. وطول المجرى المحفور عامة ٢٣١٢٣ ذراع و ٧٢٩ ذراع من هذا المجرى الطويل حفر لسقى المساجد والآثار والمدارس.

والمجرى الذى ذكر طوله يحتوى على ٣٦ بركة وعينا وسبيلا عشرة منها فى مجرى محلة الأغوات. وأربعة منها فى مجرى باب السلام. واثنتان منها فى مجرى المناخة ، واثنتان فى مجرى القلعة ، وثلاث منها فى مجرى سيدنا على العرضى والباقى بالقرب من بركة مشرع.

٣٥٣

وجعلوا السبل الموجودة فى المناخة وسبل أخرى فى القلعة خاصة من أجل النساء والمياه الزائدة التى تبقى من هذه السبل تجرى ناحية وادى جرف لرى حدائق النخيل التى فى تلك الجهات.

الأسبلة : فى المدينة ثمانية عشر سبيلا إضافة إلى مناهل عين الزرقاء ، وهى التى صنعها أصحاب البر والخيرات وهذه مواقع تلك الأسبلة :

١ ـ سبيل فى المناخة فى شارع العنبرية

٢ ـ سبيل بالقرب من منزل أمير آلاى أحمد بك

٣ ـ بجانب منزل سيد جعفر

٤ ـ بجانب مسجد مصلى (١)

٥ ـ بجانب مصلى الإمام المشروطة.

٦ ـ بجانب مركز شرطة الخالدية.

٧ ـ بجانب الباب المصرى (٢)

٨ ـ بجانب مركز شرطة باب الصغير

٩ ـ بجانب منزل ذى النون أغا

١٠ ـ بجانب بيت الخليفى

١١ ـ بجانب وكالة الشريف شدقمى

١٢ ـ بجانب الباب الشامى

١٣ ـ فى حارة حرازى

١٤ ـ تحت ميقاتى باب السلام

١٥ ـ فى ديار عشرة

١٦ ـ بجانب رباط العجم (٣)

١٧ ـ بجوار زاوية سمان

__________________

(١) هذا السبيل من أوقاف سليم أفندى الذى كان من رجال السلطان عبد المجيد.

(٢) وقف الأميرة عادلة.

(٣) من أوقاف الشهيد نور الدين.

٣٥٤

١٨ ـ بجانب باب الرحمة

١٩ ـ بجانب باب الجمعة.

المياه المرة :

يقال على المياه المرة بين الأهالى العين السلطانى. ويأتى هذا الماء من قرية قباء ومن تحت مجرى عين الزرقاء إلى البلدة الطاهرة وبعد أن يطهر مع مياه المجارى والبالوعات التى حول حرم السعادة يتحد مع فائض مياه عين الزرقاء وتجرى نحو الحدائق ، ولعين السلطان منهل بجانب جبل ذباب وبالقرب من ساحة مسجد الراية التى يطلق عليها قرين التحتانى.

ومجرى هذا المنهل ينقسم إلى ثلاثة جداول فى الجهة القبلية وفى النقطة التى تتصل بمجرى أبو جيدة ويسقى أحد هذه الجداول حديقة الصدقة التى تصرف فيها شركة سيد علوى سقاف والثانى الأراضى التى تملكها شركة سيد هاشم جمل الليل والثالث البساتين التى فى الجهة الشامية من وادى ذباب.

وإن كانت هذه المياه كافية لدفع حاجات أهالى البلدة الطاهرة ، إلا أنها لا تقدر على سقى الحدائق التى أنبتت خارج السور تماما ، ومن جهة أن الأراضى التى تستصلح والحدائق تزيد يوما بعد يوم باطراد مع زيادة السكان فهيئت المياه المذكورة وخرجت إلى خارج المدينة وما زالت توصل ؛ ومن هنا فجميع المدينة المنورة نجت من الحاجة إلى المياه.

المياه التى فى الجهة القبلية من بلدة الرسول :

وإن لم يكن منبع العين الكبيرة معروفا إلا أن مبدأ مجراها بجانب حديقة تسمى مرجلين. وحديقة مرجلين وسط الربوة التى تصادف الطرف الشرقى فى سيل وادى رانوناء والذى يجرى من قرية قباء فى الجهة الغربية من ناحية بطحاء إن الأراضى التى فى الجهة القبلية من مهجر الرسول أكثرها صخرية ومواقعها المستوية كلها أشجار النخيل وبما أنه لا يمكن نقب وثقب هذه الحجارة والصخور بحفر جدول وإجرائه من بين أشجار النخيل فإنه لا يوجد فى هذه الجهة ماء غير

٣٥٥

العين الكبيرة. ولأجل رى هذه البساتين فى فصل الصيف يعتمدون على آبار قباء وقربان. إلا أن المياه تتكاثر فى الشتاء ولا تمس الحاجة إلى الآبار. والحدائق التى زرعت وتزرع فى تلك الجهات تنبت العنب والرمان والليمون الحامض والحلو ، الموز ، والخوخ ، الكباد شمام الشجرة ، والتين الأفرنكى والأشجار المختلفة ومن الأزهار الورد والفل والحبق والأزهار الأخرى التى تزين الحدائق والبلح الذى تثمره نخيل هذه الأراضى يرجح على جميع أنواع البلح التى فى الجهات الأخرى. وسبب ذلك عذوبة مياه قرى قباء وقربان ، وإن كانت مياه قرية العوالى عذبة أيضا إلا أن أراضيها غير صالحة لإنبات الأشجار والأزهار وأراضى هذه الجهات صالحة لزراعة النخيل وشجرة النبق والحبوق المتنوعة وتبعد هذه القرى الثلاث عن المدينة خمسة أذرع وتستغنى أشجار النخيل التى تنبت هنا عن الرى وأكثر هذه الأشجار ملك عربان صيارين وجزء منها ملك أهالى المدينة.

يمضى عربان الصيارين الصيف فى هذه الحدائق وفى الساعة التى يأخذون فيها محاصيل البلح ينقلونها إلى بلادهم. وقد شغف الناس بزراعة النخيل فى أيامنا هذه فى هذه الجهات ، ولو استمروا على ذلك عاما أو عامين على زرع النخيل ، لاتصلت الحدائق بالسور الخارجى للمدينة.

أما إذا ما تحدثنا عن مياه الجهة الشرقية فنجد أن الجهة الشرقية للمدينة أرض صخرية ومن ثم يجرى ماء هناك إلا نهير وادى القناة ، ويسمى هذا النهير مسيل حمزة ومن مجراه يتشعب أحد عشر جدولا ، وبعض هذه الجداول جارية وبعضها الآخر نضب ماؤها وخربت مجاريها ، والنخيل الذى فى الحدائق إنما يسقى بماء المطر كالأشجار التى تنبت طبيعيا ، لأجل ذلك لا يستفيد أصحاب هذه الأراضى منها.

والأراضى التى بين الحرة الشرقية وسور المدينة لا تنبت زرعا ، وهى أرض سبخة ، وإن كانت فى الواقع فى هذه الجهة من المدينة أشجار مثمرة مثل أشجار

٣٥٦

النخيل والسدر والرمان ، وهذه الأشجار فى ناحية باب الجمعة من السور وفى عدة حدائق.

والمسافة بين داخل السور والموقع الذى يطلق عليه «دشم» من الحرة الشرقية ألفا ذراع (١). والمياه التى فى ناحية الشام هى :

عين الأغوات :

وهذا الماء ملك أغوات الحجرة المعطرة ومن لهم حصص فيه ، وبعد أن يسقى حدائقهم يروى حدائق الأهالى التى بجانب جبل ذباب.

عين سيد هاشم :

هذا الماء على يسار الذاهبين من المدينة إلى بئر عثمان وفى الجهة الغربية من عين الأغوات وقد أجراه سيد هاشم جمل الليل وبعض الأهالى فى سنة ١٢٩٩ ه‍ ، وعين الأغوات من مجموع المياه التى أجريت فى تلك السنة.

عين الصدقة :

هذا الماء فى جزع الصدقة الواقع فى الجهة الشرقية من عين الأغوات وعين سيد هاشم وملك السيد علوى السقاف وشيخ الفراشين برى أفندى وكاف لسقى ألفين من أشجار النخيل الموجودة.

العين الجديدة :

هذه العين على بعد ربع ساعة فى الجهة الشامية من المياه المذكورة وإن كان صاحبها شيخ السادات العلوية سيد حسن بافقى أفندى والذين لهم حصص فيها. فامتلأ منبعها وجف ، مبدأ جريانه الذى فى حرة المستراح.

عين عامرة :

هذا الماء منسوب لشركة موسى أفندى وفى اتصال أراضى أصحاب العين

__________________

(١) «الذراع» فى طول أربع بوصات متوسطة ، «السرة» المسافة ما بين الأصبع الكبير والسبابة.

٣٥٧

الجديدة. ويسقى حديقة السرائية وفى هذه الحديقة غير الرمان والتين ثلاثة آلاف نخلة.

عين الحازمية :

ماء الحازمية فى ناحية أراضى الحديقة التى ترويها عين عامرة. وفى الطرف الغربى منها. والحديقة التى يسقيها هذا الماء تشتمل على ألف وخمسمائة نخلة وملك السيد مدنى المنوفى وصاحب الحصص. ونصف هذه العين يسقى حدائق السيد مدنى وبنى على أيضا.

عين مصرع :

تروى هذه العين ألف نخلة ، ولما خرب مجراها قبل ثلاثين سنة انقطعت.

تلك العين المذكورة ماء قديم ما يقرب من خمسمائة عام كانت تسقى أراضى الشريف ورى التى أمام وادى القناة والتى تمتد على يمين ويسار الطريق الذى من المدينة إلى مشهد حمزة. وفى فترة ما اشترى معظم هذه الأراضى السيد عبد الواحد المدنى وأراد أن يشترى الباقى من شريكه بنى على. إلا أن بنى على لم يرضوا بيعها وحاولوا بأنفسهم أن يطهروا المجرى فلم يستطيعوا ؛ وقل الماء ، وتوفى السيد عبد الواحد فبيعت حصته من قبل ورثته إلى السيد مدنى. وأراد السيد المدنى أن يشترى الماء الذى أراد شراءه عبد الواحد من بنى على فلم يوفق فى ذلك. وترك مجرى عين مصرع التى لم يستطع بنو على تعميرها فى حالة متخربة وفتح الماء الذى يخصه مجرى آخر واشترى من أجل سقى أراضيه التى فى مصرع ثمانى وجبات من الماء من عين الحازمية ، واشترى بنو على ثلاث حصص ونصف حصة من الماء من عين الحازمية واضطروا لرى الأراضى التى يمتلكونها فى عين مصرى.

إن ما قام به السيد المدنى من محاولة غير لائقة أدت إلى جفاف نهير كان يجرى من خمسمائة عام.

٣٥٨

عين شربونى :

هذا الماء فى سفوح جبل أحد الذى يقع فى الجهة الشامية من مسيل حمزة ، وبما أن مجراه قد خرب فانقطع ولم يبق فى الحديقة التى كان يسقيها إلا خمسون نخلة وشجرة سدر.

عين الثنايا :

يطلق على هذا الماء عين معاوية أيضا ، وهى فى الطرف الغربى لمسجد حمزة وهى تحت إدارة أبى السعود أفندى الداغستانى المفتى السابق وأصحاب الحصة فيها ، وتوجد فى الحديقة التى تسقيها غير الأشجار المثمرة المتعددة أربع آلاف نخلة.

عين السلامة :

هذه العين فى الطرف الغربى لعين الثنايا وتحت إدارة شركة أبى السعود أفندى ومجراها من أعظم مجارى مياه المدينة وأقواه وأسلمه وما تسقيه من الأراضى أجود محصولا من أراضى المواقع الأخرى ، وتسقى ما عدا أشجار التين والليمون ، والرمان ما يقرب من خمسة آلاف من أشجار النخيل.

عين غرابية :

هذا الماء فى غرب عين سلامة واسمه الآخر عين جنانية ، إلا أن مجراه خرب ولما كان ملاكها متخاصمين انقطعت العين عن الجريان. ولم يبق فى الحديقة التى كانت تمر منها إلا ألف وخمسمائة نخلة.

عين سيد عبد الله : وماء سيد عبد الله ، فى الطرف القبلى لعين غرابية وفوق مسيل الوادى وكان يمتلكها كاتب الخزينة النبوية المرحوم سيد عبد الله جعفر أفندى وتروى حديقة تحتوى على سبعمائة نخلة.

إخطار : تتجمع مياه أسبلة حمزة سبيل أبى جيدة وسبيل رانوناء ، وسبيل عقيق وتلتقى فى نقطة واحدة وتجرى معا فى مجرى واحد إلى وادى الغابة ، وأراضى العيون التى تسيل فيها مجتمعة قسمان :

٣٥٩

١ ـ القسم الأول :

سفوح جبل أحد الشرقية ، والجهة التى يمتد إليها الوادى المذكور إلى موقع الحيدرية يقال لها الجزع الشرقى.

٢ ـ القسم الثانى :

الجهة الغربية من الوادى يطلق على هذه الجهة جزع الصادقية.

جزع الصادقية : من يريد أن يذهب إلى جزع الصادقية بطريق البركة إلى الصادقية ومن يريد أن يذهب إلى الحيدرية يدخل فى شارع الجزع الشرقى ، ويذهبون إلى الحيدرية من بين حدائق عين سلامة وعين غرابية. انتهى.

وما عدا الحدائق التى ذكرت أعلاه خمس وثلاثون حديقة أخرى تحتوى على ثلاث آلاف وخمسمائة نخلة مثلها من العيون والعيون التى انقطعت مياهها والتى ينتظر أن يجرى ماؤها فى خلال سنتين أو ثلاث والتى لم يغرس نخيلها خارج هذا الحساب. ولما كانت هذه العيون والحدائق على الجهات للأربعة لمدينة الرسول ، فإذا ما أبعدت عن المدينة مسافة خمس أو ست ساعات وسقيت بالعيون التى ما زالت جارية الحدائق التى انقطعت مياهها وأشجار النخيل المغروسة فيها كثيرة بحيث تحير العقول. وغير هذه الحدائق حدائق متعددة منتظمة فى الجهة الشامية خارج سور المدينة وبساتين إلا أنها تروى بمياه الآبار وإذا ما قورنت هذه الحدائق بالحدائق التى تروى بالمياه الجارية فهى أقل من القليل لأن الحدائق التى فى هذه الجهة من البلدة الطاهرة تروى وتسقى بالمياه الجارية أى من الجداول والعيون.

ولكن قد حفر كثير من الآبار حتى لا تترك الحدائق والبساتين دون ماء حينما يشح الماء فى العيون.

الحدائق القريبة من سور المدينة فى الجهة الشامية من البلدة المقدسة هى : الداودية ، حديقة ألزكى ، السبيل ، بضاعة ، بضيعة ، الطرناوية ، الفيروزية ، الزينية ، الدرويشية ، بئر حاء ، بئر حاء الصغيرة ، التوانيه ، الجودية ، الكاتبية ، السمانية ،

٣٦٠