موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب - ج ٤

أيوب صبري باشا

موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب - ج ٤

المؤلف:

أيوب صبري باشا


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الآفاق العربيّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧٢

حسين بن أبى الهيجاء وكتب على طاق بابه : «هذا مصرع حمزة بن عبد المطلب ومصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمره حسين بن أبى الهيجاء سنة ثمان وخمسمائة».

وكان حضرة حمزة قد طعن فى ساحة مسجد ركن الجبل وسقط على ساحة مسجد الوادى ، وأمر النبى صلى الله عليه وسلم بإحضار جثمانه على ساحة مسجد الوادى الذى سبق تعريفه وصلى عليه.

وعلى رواية : أنه أدى صلاة الصبح فى هذا المكان ذلك اليوم هناك بين مسجد الوادى ومشهد حمزة.

وفى الجهة الغربية من المسجد المذكور مبنى مقبب يعرف باسم قبة الثنايا وهو أثر من آثار المرحوم سليم بك أحد كاتمى أسرار السلطان عبد المجيد وزملائه ، كانت ثنية النبى صلى الله عليه وسلم قد تكسرت فى هذا المكان الذى تحت القبة.

مع أن هذا المكان المبارك مركز وقعة أحد الأليمة إلا أنه أصبح الآن مسيرة للناس ، قد بنى هناك كثير من المحال والمنازل واعتاد الأهالى أن يذهبوا هناك من وقت لآخر.

وفى مواسم الحج يشتد الزحام هناك ليلا ونهارا ، ولا سيما عندما ترد طائفة الرحبيين ويقيم أهل المدينة فى المنازل التى هناك ويبذلون جهدهم ليحملوا الزوار والواردين على الزيارة ، ولكن بهجة هذا المكان وزيارة آثاره تكون مهددة بأطماع عربان البادية وإذا طغى العربان وثاروا فلا مجال لذهاب الزائرين إلى هناك كما أنه ليس فى الإمكان إقامة الأهالى فى تلك البيوت آمنين مستريحين. وفى مثل هذه الأوقات يذهب الزوار فى جماعات كبيرة حتى يستطيعوا أن يدافعوا عن أنفسهم ضد اللصوص والمسلحين ، وإذا ما اقتضى الأمر حربهم فإنهم يقاتلون العربان ويشتتون شملهم.

ومن يخرجون من أهل المدينة لزيارة شهداء أحد يحملون السلاح ، ويقولون إن حمل السلاح عند زيارة شهداء أحد سنة شريفة ، لأن النبى صلى الله عليه وسلم كان يحمل السلاح حينما كان يزور شهداء أحد.

٢٦١

١٤ ـ المسجد الرابع عشر مسجد السافلة :

يقع هذا المسجد على يمين المتوجه إلى قبر حمزة وهو بالقرب من حديقة نخيل تسمى بجير وهو فى بقيع الأسواق فى طرف جبل حنين ويبلغ طوله ثمانية أذرع ويعرف بمسجد «أبى ذر الغفارى».

ويروى أن عبد الرحمن بن عوف (١) قال شخصيا : إنه بينما كان فى الساحة الرملية لمسجد «سافلة» رأى النبى صلى الله عليه وسلم وقد خرج من الباب الذى فى جهة المقبرة ودخل إلى حديقة فى الأسواق حيث توضأ وصلى ركعتين ثم سجد ، وبعد مدة رفع رأسه المبارك وقال إن جبريل ـ عليه السلام ـ نزل اليوم باسطا أجنحته وأنزل قول الله سبحانه وتعالى :

(إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب : ٥٦).

وفى هذه البقعة كذلك مسجد الثنية ، وإلى عام ١٢٥٥ ه‍ كان مجهول الاسم والمكان. وفى خلال هذا العام عثر عشقى أفندى على موضعه ، وهذا المسجد يقع على ناحية إلى مسجد الفتح من مسجد حمزة ، وهو مسجد صغير وطوله وعرضه خمسة عشر ذراعا.

وأهل المدينة يدعون الزوار إلى زيارة موضعين آخرين فى هذا الموقع.

أحدهما : صخرة عظيمة ملاصقة لجبل أحد ولها فتحة قدر حجم رأس الإنسان ، ويعتقد الزوار أنها أثر رأس النبى صلى الله عليه وسلم.

والآخر : غار على مسافة من هذه الصخرة ، ويقولون إن النبى صلى الله عليه وسلم دخل فى هذا الغار ، إلا أن هذان القولان ما هما إلا وهم وظن ، ولو كانتا من الروايات الصحيحة لكان المؤرخون القدماء ذكروهما فى كتبهم وبينوهما.

__________________

(١) انظر تفسير ابن كثير ٣ / ٥٦١ ، تفسير سورة الأحزاب الآية ٥٦.

٢٦٢

١٥ ـ المسجد الخامس عشر مسجد البقيع :

يقع هذا المسجد على يمنة الخارج من باب مقبرة جنة البقيع وهو فى غرب قبر عقيل ، وقبور أمهات المؤمنين ويقال إن عمودا واحدا تبقى من مبناه القديم. وكان لهذا المسجد عقدان قديمان ومصنوعان من الحجر المنقوش. وكانت أنقاض هذين العقدين ظاهرة ماثلة للعين إلى عام ٧٢٠ ه‍ وبما أن شاهين الجمالى جدده فى نفس العام لم يبق لهما أثر الآن.

ولما كان مسجد البقيع متصلا بدار أبى بن كعب كان اسم المسجد القديم «مسجد أبى بن كعب» واشتهر فى فترة ما باسم مسجد جديلة وكذلك.

وقد صلى النبى صلى الله عليه وسلم مرارا وتكرارا فى مسجد البقيع وقال صلى الله عليه وسلم لو لم أحترز من اقتداء الناس بى وميلهم للصلاة فيه لأكثرت من الصلاة فى هذا المكان.

وظل مسجد البقيع فيما بعد خربا تمام الخراب ، وفى عام ١٢٦٥ ه‍ أمر محافظ المدينة المنورة شمس الدين أفندى بإقامة جدار حوله فى ارتفاع ثلاثة أذرع وبهذا أنقذ المسجد من قاذورات البهائم.

وفى الجهة الشرقية من هذا المسجد قبور كثيرة لأعاظم السلف وفضلائهم ومن هذه القبور قبور صاحب الطريقة محمد سمان المدنى وأولاده.

٢٦٣

فى ذكر المساجد التى تعرف جهاتها ولا تعرف مواضعها

١ ـ المسجد الأول مسجد جديلة :

ويظهر أن هذا المسجد هو المسجد المنسوب إلى أبى بن كعب وقد ذكر جهته عندما ذكر مسجد البقيع.

٢ ـ المسجد الثانى مسجد بنى حرام :

يقع هذا المسجد غرب مساجد الفتح فى وادى البطحان وبين جبل بنى عبيد وبئر معاوية وروى عن جابر أن النبى صلى الله عليه وسلم صلّى فى هذا المسجد.

وكان فى المحل المذكور مسجد محلة بنى حرام ، ومازالت أطلاله قائمة إلى الآن إلا أن المسجد الشريف خرب ولا يرى أساسه ومبانيه.

٣ ـ المسجد الثالث مسجد الخربة :

وبما أن بطن بنى عبيد الذى ينحدر من قبيلة بنى سلمة قد أقاموا فوق جبل الدويخل القريب من جبل بنى عبيد وفى الجهة الغربية من قرية «بنى خرام» يلزم أن يكون مسجد الخربة فوق جبل بنى عبيد.

قد زار النبى صلى الله عليه وسلم دار لبراء معرور من أهالى قرية بنى خرام وقد صلى النبى صلى الله عليه وسلم فى موضع يسمى قراضة خلف نخل جابر بن عبد الله ولذلك فلا شك فى أن هذا المكان هو ساحة مسجد الخربة.

٤ ـ المسجد الرابع مسجد جهينة :

كان هذا المسجد فى داخل القرية التى تنسب إلى قبيلة جهينة والتى تقع بين ثنية عثعث وجبل سلع وقد نصب بعض الأشخاص من قبيلة بلى والذين هاجروا

٢٦٤

إلى القرية المنسوبة إلى قبيلة جهينة خيامهم حول هذا المسجد حيث أقاموا لفترة طويلة ، ظل مسجد «بلى» اسما آخر لهذا المسجد قد شرف النبى صلى الله عليه وسلم قرية جهينة على دعوة أبى مريم الجهينى وخط حول ساحة المسجد الذى سبق تعريفه خطا وطلب منهم أن يصلوا فى داخله. وأسرع أفراد هاتين القبيلتين ببناء مسجد فوق الخط الذى خطه النبى صلى الله عليه وسلم حيث أدوا صلواتهم. وقد خرب فيما بعد مسجد جهينة ولم لا موقعه ولا خرابته.

٥ ـ المسجد الخامس مسجد بيوت المطر :

يقع فى الجهة الغربية للطريق المقابل للجهة القبلية لثنية عثعث.

وكان أفراد قبيلة بنى غفار يؤدون الصلاة فى ساحة هذا المسجد.

وقد ثبت أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فى هذا المسجد إلا أن أبنيته تهدمت بمرور الزمن ولم تجدد ولم يبق أحد فى زماننا يعرف أساس أطلاله.

٦ ـ السادس مسجد بنى زريق :

بنى زريق اسم قبيلة ينتهى نسبها إلى الخزرج بن ثعلبة ، وهذا المسجد المنسوب إلى تلك الجماعة فى ثنية الوداع التى تبعد عن سور المدينة مقدار ميل واحد ، ولا يستطيع أحد أن يعين موضعه فى يومنا الحاضر. وروى المؤرخون أن شمس الدين محمد بن أحمد السلاوى بنى فى سنة ٨٥٠ ه‍ مسجدين ، أحدهما مسجد بنى زريق إلا أنهم ترددوا فى تعيين وتحديد واحد منها على أنه مسجد زريق.

ولقد التقى رافع بن مالك الزرقى (١) فى عقبة جبل ثبير بمكة المكرمة مع النبى صلى الله عليه وسلم وتعلم منه عدة آيات كريمة ثم عاد إلى المدينة وجمع قومه فى ساحة مسجد بنى زريق وتلى ما تلقاه عن النبى صلى الله عليه وسلم من الآيات الكريمة ، وبذلك تلى القرآن الكريم فى المدينة المنورة أول ما تلى فى هذا المسجد.

__________________

(١) أحد النقباء الذين بايعوا النبى صلى الله عليه وسلم بالعقبة ، وأول من قدم المدينة بسورة يوسف. لما لقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعقبة وبايعه أعطاه ما أنزل عليه من القرآن فى العشر السنين التى خلت فقدم به المدينة وجمع قومه فقرأ عليهم فى موضعه. انظر : الأصابة ٢ / ١٨٩ ـ ١٩٠.

٢٦٥

ولم يصل النبى صلى الله عليه وسلم فى هذا المسجد بل توضأ فى ساحته ولبث فيها وقتا للراحة ، فتحصلت البركة للمسجد وهو محل مبارك فى غاية اللطف ويقع على يمين الداخلين فى حصن المدينة المنورة.

٧ ـ المسجد السابع مسجد بنى ساعدة :

مسجد بنى ساعدة مسجد فى غاية القداسة ويقع فى المدينة المنورة وفى داخل محلة (١) بنى ساعدة ، وسقيفة (٢) بنى ساعدة تقع بجانبه.

جلس النبى صلى الله عليه وسلم يوما فى هذه السقيفة وطلب من سهل بن سعد أن يسقيه ، فشرب ما أحضره سهل ـ رضى الله عنه ـ من الماء وطلب منه أن يحضر له مرة أخرى فلما أحضر شربه أيضا وقال ملاطفا سهل بن سعد يا سهل! الماء الأخير ألذ من الماء الأول وأعذب.

٨ ـ المسجد الثامن مسجد بنى ساعدة الآخر :

هذا المسجد قريب من جبل ذبابة ويروى أن النبى صلى الله عليه وسلم قد صلى فى هذا المكان أيضا.

٩ ـ المسجد التاسع مسجد بنى خذارة :

مسجد بنى خذارة ، بجانب مسجد بنى ساعدة الذى ذكر آنفا وقد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذا المسجد وقص شعره ، وكان بنو خذاره الذين ينتسب إليهم المسجد يقيمون بجانب سبيل سعد بن عبادة فى ناحية حصن المدينة.

١٠ ـ المسجد العاشر مسجد راتج :

راتج اسم الحصن المشهور الذى يقع فى الطرف الشرقى من جبل ذباب ، وكان مسجد راتج بجانب هذا الحصن وبجانب بئر أبى الهيثم بن التيهان المشهور باسم جاسم. كان النبى صلى الله عليه وسلم فى هذا الموقع المقدس وشرب من ماء بئر جاسم.

__________________

(١) كانت فى الجهة الشمالية لسوق المدينة المنورة وكانت هذه السوق مقبرة لبنى ساعدة وقد ابتاع النبى صلى الله عليه وسلم هذا الموضع من بنى ساعدة وجعله سوقا لأهل المدينة كما ذكر من قبل.

(٢) هذه هى السقيفة التى بويع فيها أبو بكر الصديق ـ رضى الله عنه ـ بالخلافة.

٢٦٦

١١ ـ المسجد الحادى عشر مسجد بنى عبد الأشهل :

يقع فى حرة واقم وبين محلة بنى ظفر وبنى حارثة وكان بنو عبد الأشهل المنسوبون إلى قبيلة الأوس يصلون فيه ، ويقال لهذا المسجد مسجد واقم كذلك. كان النبى صلى الله عليه وسلم كلما شرف محلة عبد الأشهل كان يصلى صلاة المغرب فى مسجد واقم وكان يسبح طويلا ثم يقول : يقال لهذه الصلاة صلاة البيوت.

وكان من عادة النبى صلى الله عليه وسلم أن يتردد كثيرا إلى هذه المحلة فى حياة سعد بن معاذ الأشهلى وما كان يعود كلما شرف المحلة دون أن يصلى صلاتى العصر والمغرب فى ذلك المسجد.

١٢ ـ المسجد الثانى عشر مسجد القرصة :

كان هذا المسجد فى الحرة الشرقية الواقعة فى الجهة الشمالية من محلة بنى عبد الأشهل ، ولم يكن هناك من يعرف موقعه. وجزم المرحوم الإمام السمهودى أن الخرابة التى بجانب بئر قرصة هى خرابة مسجد القرصة ، ومن هناك اقتنع الأهالى بأن هذه الخرابة هى ساحة خرابة المسجد المذكور.

١٣ ـ المسجد الثالث عشر مسجد بنى حارثة :

من المؤكد أن مسجد بنى حارثة اللطيف فى قرية بنى حارثة ، وبما أنه لم يبق فى زماننا من يعرف الجهة التى كان يقع بها المسجد من جهات القرية فأرضه مجهولة.

١٤ ـ المسجد الرابع عشر مسجد الشيخين :

إذا ما ذهب إلى مسجد الشيخة عن الطريق الشرقى يظل المسجد بين جبل أحد والمدينة المنورة ، وقد دفن قائد جيش النبى مصعب (١) بن عمير فى مكان يسمى بمهد حمزة وفى داخل جبل أحد.

وقد قضى النبى صلى الله عليه وسلم فيه وقتا فى غزوة أحد ، ومضى إلى حومة الوغى فى

__________________

(١) كان مصعب بن عمير ـ رضى الله عنه ـ قد أرسل من قبل النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة ليعلم السابقين من الأنصار المسائل الدينية ويؤمهم فى الصلاة ويخطب فيهم وقد آمن ثلثا الأنصار الكرام بفضل جهوده.

٢٦٧

الصباح وصلى صلوات العصر والعشاء والفجر فى هذا الموقع المقدس ، ويسمى هذا المسجد كذلك «مسجد البدائع» لأن فى المكان الذى يطلق عليه البدائع كان حصنان مشهوران باسم الشيخين.

١٥ ـ المسجد الخامس عشر مسجد بنى دينار :

مسجد بنى دينار منسوب إلى دينار بن النجار من أحفاد الخزرج بن ثعلبة وهو بالقرب من موضع يسمى المغسلة (١) وخلف وادى البطحان ولا يعرف موضع ساحة مسجد بنى دينار ولكن بما أن صاحب نخيل المغسلة وجد هناك حجرا كتب عليه بالخط الكوفى : «هذا مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم» بنى فى المكان الذى وجد فيه الحجر بنى مسجدا جميلا وألصق ذلك الحجر فوق باب المسجد وبناء عليه ليس ببعيد أن يكون هذا المكان مسجد بنى دينار ويروى أن النبى صلى الله عليه وسلم كثيرا ما صلى فى هذا المسجد.

١٦ ـ المسجد السادس عشر مسجد بنى عدى بن النجار :

كان هذا محلة بنى عدى بن النجار واغتسل النبى صلى الله عليه وسلم فى هذا المكان.

١٧ ـ المسجد السابع عشر مسجد دار نابغة :

هذا المسجد أيضا فى هذا المكان ، وقد صلى النبى صلى الله عليه وسلم فى هذا المكان.

وعلى رواية صلى أيضا فى مسجد بنى عدى. ومسجد دار نابغة يستلزم أن يكون هو الضريح الذى دفن فيه والد النبى صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عبد المطلب.

وفى سنة ١١٤١ اشترى السلطان محمود خان العدلى ، من الساحة المتصلة بالمسجد وخاصة بدار الفحل عشرين ذراعا وضمها للمسجد فجدده ووسعه. وكانت دار نابغة فى المحل الذى دفن فيه عبد الله بن عبد المطلب كما أن دار بنى عدى فى الجهة الشامية لمسجد بنى جديلة.

__________________

(١) المغسلة اسم حديقة نخل مشهور بالقرب من المدينة وكانوا قديما يغسلون جنازاتهم فى هذا المكان.

٢٦٨

١٨ ـ المسجد الثامن عشر مسجد بنى مازن بن النجار :

مسجد بنى مازن فى الطرف الشرقى القبلى لمحلة بنى زريق وهو الآن فى مكان يسمى ناحية أبى مازن وقد أمر النبى صلى الله عليه وسلم بنفسه بحفر أساس هذا المسجد ، وصلى فى الدار التى تسكنها أم بردة المازنية (١) ، ولما كانت أم بردة المازنية مرضعة ابن الرسول إبراهيم ـ عليهما السلام ـ ظل النبى بجوارها حين احتضارها.

١٩ ـ المسجد التاسع عشر مسجد بنى عمر بن مبذول بن مالك بن النجار :

ويقع هذا المسجد بالقرب من بقيع الزبير ويروى أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يصلى فى هذا المكان ، إلا أن ساحته المقدسة غير معلومة.

٢٠ ـ المسجد العشرون مسجد بقيع الزبير :

كان مسجد بقيع الزبير بجوار محلة بنى عم وفى الطرف الشرقى لبدال بنى زريق والموثوق أن مكانه مكان المسجد القديم فى طريق بقيع الغرقد ويروى أن النبى صلى الله عليه وسلم صلّى فى هذا المكان المقدس ثمانى ركعات من صلاة الضحى.

٢١ ـ المسجد الحادى والعشرون مسجد صدقة الزبير :

كان هذا المسجد فى محلة بنى محمد والتى يطلق عليها الزبيريات وهى فى الجهة الغربية لمشربة أم أبراهيم ، والطرف القبلى لهذا المسجد قريب من حدائق خناقة أعواف من صدقات النبى صلى الله عليه وسلم ، وما فيه الزبير بن العوام وقد صلى النبى صلى الله عليه وسلم فى هذا المكان أيضا.

٢٢ ـ المسجد الثانى والعشرون مسجد بنى خذرة الخزرجية :

هذا مسجد فى قرية بنى خذرة وهو مسجد صغير تجاه بنت الحية وبانية زكوى بن الصالح.

٢٣ ـ المسجد الثالث والعشرون مسجد بنى الحرث بن الخزرج ومسجد السخ :

مسجد بنى الحرث فى مكان يسمى تربة الحارث أى فى محلة بنى الحارث التى

__________________

(١) انظر : الإصابة ٨ / ٢١٥.

٢٦٩

فى وادى بطحان. ومسجد النسخ على بعد ميل من الحجرة المعطرة وفى محلة جشم وزيد بن بنى الحارث ، وفى زماننا فساحتا هذين المسجدين مجهولتان إلا أنهم يروون أن دار زوجة الصديق ، بنت حارثة على ساحة مسجد النسخ.

٢٤ ـ المسجد الرابع والعشرون مسجد بنى الحبلى :

رهط أبى بن سلول الخزرجى ، كان مسجد بنى حبلى فى محلة بنى حبلى وفى الطرف الشرقى لبطحان ، أى كان فى مكان بين المدينة المنورة وقرية قباء.

٢٥ ـ المسجد الخامس والعشرون مسجد بنى بياضة الخزرجى :

يقع فى وادى البطحان فى محلة بنى سالم المتصلة بمحلة بنى مازن.

٢٦ ـ المسجد السادس والعشرون مسجد بنى فاطمة ومسجد العجوز أوس :

هذان المسجدان فى عوالى المدينة المنورة وفى الجهة الشرقية من مسجد الشمس وبجانب قبر براء بن المعرور الذى وبايع النبى صلى الله عليه وسلم فى بيعة العقبة ومن الأنصار السابقين للإسلام والذى توفى قبل الهجرة.

٢٧ ـ المسجد السابع والعشرون مسجد بنى امية بن زيد الأوس :

كان هذا المسجد اللطيف بين قريتى العرش ونواعم. وأنهارت مبانيه مع مرور الزمان وقد تراكمت فوقه الرمال والتراب حتى تكونت هناك ربوة صغيرة.

٢٨ ـ المسجد الثامن والعشرون مسجد بنى وائل الأوس :

مسجد بنى وائل المقدس فى قرية قباء ، وعلى رأى فى الجهة الشرقية لمسجد شمس ، وقد ركز بين العمودين وتد للدلالة على المكان الذى أدى فيه النبى صلى الله عليه وسلم الصلاة. وبناء على رواية ابن شيبة أن ذلك الوتد بعد عن المحراب مقدار خمسة أذرع.

٢٩ ـ المسجد التاسع والعشرون مسجد بنى واقف :

كان المسجد المذكور فى محلة بنى واقف يشك فى الجهة التى يقع فيها ، إلا أن بعض الموقفين يروون احتمال وجوده فى الجهة القبلية من مسجد الفضيح.

٢٧٠

٣٠ ـ المسجد الثلاثون مسجد بن أنيف :

إلى جماعة بلى من الخلفاء الأوس ومسجدهم فى الجهة القبلية الغربية من قباء بجانب بئر عذف وفى داخل قرية بنى أنيف.

٣١ ـ المسجد الحادى والثلاثون مسجد دار سعد بن خيثمة :

كان مسجد دار سعد فى الجهة القبلية من مسجد قباء المشهور ، وعند الهجرة النبوية سكن فى هذه الدار الصديق أبو بكر والسيدة عائشة الصديقة وجناب فاطمة الزهراء وأسماء بنت الصديق وأم رومان والسيدة سودة وعلى بن أبى طالب.

٣٢ ـ المسجد الثانى والثلاثون مسجد التوبة :

وإن كان هذا المسجد فى الجهة الغربية من مسجد قباء إلا أنه لم يبق أحد الآن يعرف مكانه.

وكان هذا المسجد لقبيلة بنى جحجبى المنتسبة إلى بنى عمرو بن عوف وكانوا يقيمون بجانب حصن يسمى «هجيم» وفى مكان يسمى «عصية» وهناك بئر أيضا.

والآن فى موقع عصية عدة آبار ومزارع ولكن لا يعرف بجانب أية واحدة من هذه الآبار كانت ساحة مسجد التوبة.

٣٣ ـ المسجد الثالث والثلاثون مسجد النور :

ومسجد النور بناء على بعض الأقوال فى قرية قباء وبناء على الأقوال الأخرى فى المدينة المنورة. ولم يكن يعرف سبب تسمية موقعه وساحته بهذا الاسم إلى سنة ١٢٧١ ه‍ وقد وجد مكانه مصطفى عشقى أفندى من المجاورين مستعينا بالتواريخ القديمة وروايات المسنين من أهل المدينة وجدده. وإذا به كان من جهة حدائق النخيل التى تسمى بستان قائم فى قرية قباء ، بينما كان عشقى أفندى يحفر الأماكن التى بدت له ظهر أساس جداره القديم وقد صدق المسنون من قرية قباء أن هذا الأساس أطلال مسجد النور ودعوا بالخير للمرحوم عشقى أفندى.

٢٧١

كان ذلك المسجد دار أبى بكر الصديق وبناء على تدقيقات عشقى أفندى وتحقيقاته فإن النبى صلى الله عليه وسلم شرف فى عصر السعادة بيت الصديق الأكبر ، وكان معه عمر الفاروق أيضا. وعند عودتهما خرج منها نور لهما وأنار الشريفة وبناء على ذلك أطلق على بيته السعيد مسجد النور.

٣٤ ـ المسجد الرابع والثلاثون مسجد عتبان بن مالك

إن مسجد عتبان فى محلة بنى سليم الخزرجى وفى داخل برج عتبان بن مالك وهذا البرج فى الجهة الشرقية من مسجد الجمعة ، وبما أن النبى صلى الله عليه وسلم قد صلى فى داخل برج عتبان بن مالك فقد اتخذ من هذا المكان مسجدا وكان يؤم جماعته فى الصلاة فى الأيام العطرة.

٣٥ ـ المسجد الخامس والثلاثون مسجد مثيب :

وهذا المسجد من صدقات النبى صلى الله عليه وسلم وقد انهدم بمرور الزمن.

٣٦ ـ المسجد السادس والثلاثون مسجد المنارتين :

فى طريق الجبل الأحمر الذى يطلق عليه العقيق الكبير ، انهارت أبنيته مع مرور الزمان ولم يجدد ولم يعمر ، وأطلاله ظاهرة.

٣٧ ـ المسجد السابع والثلاثون مسجد فيفاء الجنادر :

خلف حمام خالد الذى فى الجهة الغربية من جبل يسمى ذات الجيش ، وموقعه مجهول الآن. وفى غزوة العشيرة تقدم النبى صلى الله عليه وسلم نحو نقب بنى دينار ونزل فى فيفاء الجنادر وبعد أن صلى تحت شجرة ذات السابق (١) التى كانت فى بطحاء ابن أزهر. تناول طعامه وشرب من ماء ثبير (٢) ، وثبير اسم البئر التى بجانب ذات الساق.

__________________

(١) اسم شجرة كبيرة.

(٢) اسم ماء فى ديار مزينة أقطعه النبى صلى الله عليه وسلم شريس بن ضمرة. انظر : اللسان (ثبر) ص ٤٧٠ ط. دار المعارف.

٢٧٢

٣٨ ـ المسجد الثامن والثلاثون مسجد بنى جثجاثة وبئر شداد :

يقع مسجد بنى جثجاثة فى العقيق تجاه مقبرة بقيع الغرقد وبين ثنية الشريد وخليفة وبما أن النبى صلى الله عليه وسلم فى هذا المكان واستراح فيه جالسا فقد اشتراه عبد الله بن سعد للتبرك وبنى عليه مسجدا عالى البناء.

٢٧٣
٢٧٤

الوجهة السادسة عشرة

وتشتمل على أربع صور

فى ذكر وتعريف فضائل مقبرة البقيع الثابتة

والمدفونين فى داخلها من شهداء أحد

٢٧٥
٢٧٦

تعرف وتظهر فضائل مقبرة بقيع الغرقد الباهرة

معنى البقيع المكان الذى ازدحم بأشجار متنوعة حتى تحول إلى غابة ، ولما كان بقيع الغرقد فى الأصل منبت أشجار يطلق عليها الغرقد فأضيف الغرقد إلى البقيع.

ومقبرة بقيع الغرقد خارج باب الجمعة لحصن المدينة فى طرفها الغربى حدائق النخيل وفى جهتها الشرقية حصن المدينة الميمونة. وسيول وديان المدينة الظاهرة تمر من جانبى تلك المقبرة ، وعندما يشتد المطر فالسيول الواردة تجرف أسوارها.

قد قال النبى صلى الله عليه وسلم «كل من يدفن فى مقبرتنا بقيع الغرقد هذه فإننا نشفع له يوم القيامة أو نشهد له» (حديث شريف) ووصفت التوراة بقيع الغرقد باسم «كفتة» وبين أنها بين تلين. وفعلا فى جهة من جهاتها الحرة الشرقية وفى الجهة الأخرى الحرة الغربية ورد فى الخبر أن سبعين ألفا وجوههم مشرقة مثل القمر ، سيحشرون يوم القيامة من مقبرة بقيع الغرقد وستملأ أنوار نواصيهم المشعة بين السماوات والأرض.

يقال إن هذه الرواية مسطورة فى التوراة ، كان مصعب بن عمير ذاهبا يوما مع ابن رأس الجالوت عن طريق بقيع الغرقد إلى المدينة المنورة ، ولما دخلا فى حدود مقبرة بقيع الغرقد رأيا أن تلك المقبرة بين تلين فتصدى ابن رأس الجالوت للحديث وقال يا مصعب إننى رأيت فى التوراة أن هناك مقبرة الجهة الشرقية منها بيوت والجهة الغربية نخيل ، إن الله ـ سبحانه وتعالى ـ سيبعث ويحشر من هذه المقبرة سبعين ألف رجل وجوههم منيرة كالبدر.

وقد بحثت عن هذه المقبرة مدققا النظر فى كثير من المقابر ولكننى لم أجد المقبرة المذكورة فى التوراة.

٢٧٧

شعر

فى يوم القيامة حينما ينفخ فى الصور

يقوم كل هؤلاء فى أشعار من نور

وإذا ما ارتفعت من الغبار رؤوسهم

اتجهت إلى الحبيب عيونهم

لما دخل النبى فى دار عقيل بن أبى طالب وكانت فى البقيع وقف فى ركن منها وأخذ يدعو قائلا : السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، أتاكم ما توعدون غدا مؤجلون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، اللهم اعف عن أهل بقيع الغرقد.

وعلى قول السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، يرحم الله المستقدمين والمستأخرين.

وعلى رواية : اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم.

وعلى قول السلام عليكم يا أهل القبور ويغفر الله لنا ولكن أنتم لنا سلف ونحن بالأثر. وقام فى ليلة من نومه وذهب إلى البقيع مصاحبا غلاما له يسمى «أبا موهبة» وأخذ يدعو قائلا : «السلام عليكم يا أهل المقابر ليهن لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه ، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها ، والآخرة شر من الأولى» ، وكان فى ذلك الوقت فى مرض موته.

وبما أن زاوية عقيل موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتضى على الزوار أن يقفوا فى هذا المكان وأن يدعوا ، سواء أكان هذا المكان أو الأماكن الأخرى التى تنسب إليه من الأماكن التى تستجاب فيها الأدعية فمن المستحب الدعاء فيها.

٢٧٨

فى ذكر من دفن فى مقبرة بقيع الغرقد

من الصحابة وسادات أهل البيت وكبار التابعين

والذين تعرف قبورهم اليوم يتجاوز عدد من دفن فى مقبرة بقيع الغرقد من الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ اثنى عشر ألفا. ولكن بعض هؤلاء ماتوا فى عصر السعادة وبعضهم فى عهود الخلفاء الراشدين وملوك بنى أمية. وبما أن فى أوائل الإسلام لم ترفع قباب فوق المقابر ولم تنصب الحجارة ظلت مواضع قبورهم وجهاتهم مجهولة ما عدا هؤلاء الذين ستكتب أسماؤهم فيما بعد :

إبراهيم ابن الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى أبيه ـ : إبراهيم ابن الرسول مدفون بجانب ضريح عثمان بن مظعون أخى النبى صلى الله عليه وسلم فى الرضاعة وفى داخل ضريح خاص له.

شعر

لا مجال لقدم الأجنبى

نام هنا جوهر صلب النبى

فى هذا الركن المعطر بالعنبر

اعتشّ فى الجنة كل طير

ويرى بعض الناس أن عبد الرحمن بن عوف وأبا هريرة ـ رضى الله عنهما ـ دفنا بجانب هذا الضريح المزهر.

ولكن قبر ابن عوف معروف لدى التاريخ وسيعرف فيما بعد.

وفى شرق هذين القبرين وفى مكان يصادف وسط مقبرة البقيع أى بجوار الباب الشامى للمقبرة قبور بعض المشاهير من شهداء أحد ، وهؤلاء الأشخاص

٢٧٩

الذين دفنوا فى هذه القبور قبل أن ينزل الوحى بدفن الشهداء حيث استشهدوا؟ لذا نقلوا هنا ودفنوا فى البقيع. وبجانب القبر المذكور بعض الفساقى (١) الكبيرة ويقول الأهالى إن الغرباء والزوار الذين ماتوا ماتوا فى أوبئة السنين الماضية دفنوا فى هذه الفساقى.

وأم حضرة إبراهيم مارية القبطية التى أهداها المقوقس إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وولد إبراهيم فى ذى الحجة من السنة الثانية الهجرية وتوفى بعد مرور (١٦) أو (١٨) شهرا من ولادته. قام بتغسيله الفضل بن عباس وأنزله فى القبر بعون أسامة بن زيد ، وبما أن النبى صلى الله عليه وسلم صب بنفسه الماء فوق قبره بعد الدفن أصبح صب الماء على القبور بعد ذلك سنة. لما مات إبراهيم سأل الصحابة الكرام عن المكان الذى سيدفن فيه فأجابهم الرسول صلى الله عليه وسلم احفروا له قبرا وجهزوه بجانب قبر عثمان بن مظعون ؛ فحفروا فى ذلك المكان قبرا ودفنوه ، فالقبر الذهبى فى ذلك الوقت كان فى ركن دار عقيل بن أبى طالب من الجهة اليمانية.

وكانت مقبرة بقيع الغرقد إلى وفاة حضرة إبراهيم ذات نخيل ، بعدما دفن إبراهيم فى المكان الذى سبق تعريفه رغب الجميع فى دفن جنازاتهم فى البقيع واختارت كل قبيلة جهة من جهاته مقبرة وقطعوا أشجارها وسوّوا أرضها.

وكان عثمان بن مظعون ـ رضى الله عنه ـ ابن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤى بن غالب القرشى الجمحى والمكنى بأبى السائب واسم والدته مستحيلة بنت العنبس بن أهبان بن حذافة بن جمح وهو الرابع عشر من سابقى المسلمين ، هاجر مع ابنه سائب وبأشخاص آخرين إلى ديار الحبشة أولا وبعدها إلى مدينة دار السكينة. كان شخصا مفضالا يصوم النهار ويقوم الليل ، مات بعد مرور اثنين وعشرين شهرا من غزوة بدر ومات قبل إبراهيم ـ عليه وعلى أبيه التعظيم ـ ودفن فى البقيع فى مكان يطلق عليه الزوار الروحاء وفى الجهة الشرقية من ابن النبى.

__________________

(١) الفسقية : تقال للجحور المستطيلة الخاصة بدفن أموات الغرباء وأعلاها ذات عقود ، ففساقى مصر تبنى عموديا على هذا الشكل.

٢٨٠