موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب - ج ٤

أيوب صبري باشا

موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب - ج ٤

المؤلف:

أيوب صبري باشا


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الآفاق العربيّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٧٢

ولذلك يسمى كذلك «الباب المجيدى» إلا أن ظن عامة الناس بأن «الباب المجيدى» و «باب التوسل» بابان مختلفان ظن خاطى لأن باب التوسل باب داخلى وخارجى ، وبين هذين البابين تسع مدارس فوقية وتحتية قد خصصت إحدى هذه المدارس لتدريس اللغة الفارسية والبقية لتعليم اللغة العربية عذبة البيان ، وأحد هذين البابين فى الجهة الخارجية للمدارس المذكورة والآخر فى جهة مسجد السعادة ، ولما كان الباب الذى يفتح إلى حرم السعادة يواجه باب التوسل الذى يقع فى الجهة الشمالية للحجرة.

المعطرة أطلق عليه باب التوسل بإيحاء من السلطان عبد المجيد ووسم الباب الذى يفتح إلى خارج الحرم باسم «الباب المجيدى» وكتبت الآية الجليلة على طاق الباب المجيدى أى على طاقة مصراعى الباب الذى يفتح إلى الخارج من باب التوسل : قال الله تعالى

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) صدق الله ربنا المعين. (المائدة : ٣٥)

وقد كتبت على أول عمود يقابل الداخل من أى واحد من الأبواب الخمسة إلى حرم السعادة ، عبارة «نويت سنة الاعتكاف» ، وكان باب التوسل أمام دار حميد بن عبد الرحمن بن عوف وفى القديم كان هنا باب كذلك كما سبق تعريفه فى بحث تعمير مسجد السعادة ، وعندما جدد جدار هذه الجهة من المسجد فسد ذلك الباب القديم لسبب ما. وعند الخروج من هذا الباب يرى فى الجهة اليسرى منه صنبور وفى مواجهة الميضأة التى تشتمل على بيت الخلاء أيضا هذه المبانى الضخمة من آثار والد السلطان كثير المحامد المبرورة.

والأبواب التى عرفت إلى الآن ما زالت قائمة مع باب التوسل الذى فتحه السلطان عبد المجيد والأبواب التى سيأتى ذكرها فى الآتى كلها مسدودة إلى حد أنه لا تعرف أماكنها.

٢٠١

١ ـ باب مروان :

أحد الأبواب المسدودة المجهولة ، وكان هذا الباب خاصا بدخول أمراء الأسلاف وخروجهم وكان يفتح إلى مقصورة مسجد السعادة وكان يعرف ب (باب مروان).

٢ ـ باب بيت زيت القناديل :

كان أحد الأبواب المسدودة على يمين باب مروان المسدود وكان يعرف بباب بيت زيت القناديل وبناء على ما ترويه التواريخ كان مروان بن الحكم فتحه حينما بنى البيت الذى باسمه ، وبما أن وجوده وعدمه كانا يتساويان سدّ عندما جددت مئذنة باب السلام.

٣ ـ باب المقصورة :

من الأبواب التى سدت الباب الذى كان يقع على يسار باب مروان وهو الباب الصغير الذى كان يسمى بباب المقصورة.

٤ ـ باب خوخة آل عمر :

الرابع من الأبواب المسدودة الباب الذى يعرف بخوخة آل عمر بن الخطاب فى ناحية زقاق «ديار عشرة» كان الباب المذكور قديما يفتح للزوار ويراعيه واحد من البوابين ، ولما أسئ استعماله فيما بعد لاجتماع الرجال بالنساء فيه أغلق فى عصر السلطان قايتباى سنة (٨٨٨ ه‍) وخصص لبوابه وظيفة أخرى.

٥ ـ باب على :

الخامس من الأبواب المسدودة ، باب على الذى يستقر فى الجدار الشرقى أساسا ولما كان هذا الباب مقابل دار على التى كانت متصلة بحجرة السعادة فعرف باسم (باب على) وعندما جدد الجدار الشرقى سد هذا الباب وتركت فتحة صغيرة لزيارة الدار من الخارج ، وحتى من كان يدقق النظر من هذه الفتحة كان يرى داخل حجرة السعادة ، ثم سدّت هذه الفتحة بالحجارة.

٢٠٢

٦ ـ باب النبى صلى الله عليه وسلم :

من الأبواب المسدودة الباب الذى اشتهر بباب النبى وسبب تسميته بذلك الاسم وقوعه أمام دار السيدة عائشة ـ رضى الله عنها ـ زوج النبى صلى الله عليه وسلم ، وعند تجديد الجدار الشرقى سد هذا الباب أيضا ووضع مكانه شبكة حجرة السعادة ، والآن يقف الزوار الكرام على مساحة هذه الدار ويعرضون صلاتهم وسلامهم على سلطان الأنبياء (عليه أجمل التحايا).

٧ ـ باب أسماء :

السابع من الأبواب المسدودة باب أسماء وبما أنه كان أمام بيت أسماء بنت حسين بن عبد الله بن عبيدة بن العباس بن عبد المطلب كان يقال له باب أسماء وقد سد فى سنة ٥٨١ ه‍ عندما جددت المئذنة الشرقية الشمالية.

وقد هدمت دار أسماء بنت حسين بن عبد الله سالفة الذكر وبنى مكانها رباط خاص بالنساء.

٨ ـ باب خالد بن الوليد :

أحد الأبواب المسدودة الباب الذى كان أمام بيت خالد بن الوليد ، وسبب تسميته بذلك الاسم وقوعه أمام دار خالد بن الوليد ، وقد هدمت دار خالد بن الوليد هذه مؤخرا وبنى على مساحتها رباط وسبيل وكان بيت عمرو بن العاص فى الطرف الشمالى إلى الرباط.

٩ ـ باب زقاق دار المناصع :

باب زقاق دار المناصع يواجه شارع دار المناصع ، وكان هذا الباب بين دار عمرو بن العاص وبيوت الصدفية ودار على العسكر المشهورة و «حوش الحسن» كانت أمام هذا الباب وقبل أن يسد كانت طائفة النساء تدخل وتخرج من هذا الباب.

١٠ ـ باب أبيات الصوافى :

هو الباب العاشر المسدود وكان فى منتهى الجدار الشرقى للمسجد الشريف

٢٠٣

وأمام الدار التى يقال لها دار موسى بن إبراهيم المخزومى وبقى مؤخرا فى داخل الجدار ، واشترى الشيخ صفى الدين سلامى هذه البيوت التى تسمى أبيات الصوافى ووقفه أولا لأقاربه ثم لإيواء الفقراء ، وكانت للأبيات المذكورة باب اخر يدخل منه لعمارة الشيخ صفى المشار إليه والتى تعرف باسم «رباط النخلة» وسد فيما بعد هذا الباب أيضا.

١١ ـ باب دار الضيافة :

واحد من الأبواب المسدودة هو الباب الذى كان فى الجهة الشامية من مسجد السعادة وأمام دار حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، وكان حضرة عبد الرحمن قد تعود أن يطعم ضيوف النبى صلى الله عليه وسلم ، ولهذا سمى «باب دار الضيافة» وفى سنة ٦٢٧ ه‍ اشترى المستنصر دار حميد بن عبد الرحمن بن عوف وأنشأ هناك مستشفى وجعلها مأوى للمرضى الغرباء ومسكنا.

١٢ ـ باب دار الحميد :

ولما كان هذا الباب يقابل الجهة الأخرى من دار الحميد بن عبد الرحمن بن عوف اشتهر بباب دار الحميد ثم سد هذا الباب أيضا مثل الأبواب الأخرى ، وساحة دار حميد فى هذه الجهة مساحات رباط الطاهرية والشرشورية.

١٣ ـ باب أبيات خالصة :

الثالث عشر من الأبواب المسدودة «باب خالصة» ، الذى يقع أمام دار الحميد التى فى مقابل أبيات خالصة ، والرباط الذى أحياه الشيخ شمس الدين التسترى كان بجانب هذا الباب.

١٤ ـ باب بقية أبيات خالصة :

أحد الأبواب المسدودة باب «بقية أبيات خالصة» لما كان الباب المذكور فى نهاية الأبواب الشامية وفى الجهة الأخرى من أبيات خالصة ، أطلق عليه «باب بقية أبيات خالصة».

٢٠٤

١٥ ـ باب دار منيرة :

أحد الأبواب المسدودة الباب الذى يقال له باب دار منيرة ، وهذا الباب من أبواب الجهة الغربية بما أنه فى اتصال دار منيرة الحاضنة جارية أم موسى كان يعرف باسم باب دار منيرة ، ودار منيرة الحاضنة من جملة بيوت عبد الرحمن بن عوف وانتقلت من يد لأخرى حتى وصلت ليد عبد الله بن جعفر بن أبى طالب ومنه إلى جارية أم موسى منيرة الحاضنة كما أن ساحة. دور ابن عوف فى زقاق قياشين انتقلت ليد قاضى الحرمين المشهور السيد محيى الدين الحنبلى.

فأسس محيى الدين الحنبلى فوق هذه الساحة دارا فى غاية الفخامة وبعد مدة وقفت هذه الدار لإقامة قضاة الحنابلة. وفى هذا العصر يقيم مفتيو الحنابلة فى هذه الدار ويستريحون.

١٦ ـ باب بقية دار منيرة :

السادس عشر من الأبواب المسدودة كان الباب الذى يقابل الجهة الأخرى من دار منيرة الحاضنة والذى يشتهر بباب بقية دار منيرة ، ووقفت هذه الجهة من الدار فيما بعد لإقامة خدم مسجد السعادة وسدّ الباب المذكور ، وأحد هذين البابين كان ظاهر الآثار إلى وقت قريب.

٢٠٥

فى ذكر المنازل القديمة

التى تحيط بمسجد السعادة من جهاته الأربعة

يقع منزل عبد الله بن عمر بن الخطاب فى الجانب الشرقى لجدار مسجد السعادة القبلى وفى الأصل كان هذا المنزل دار السيدة حفصة (رضى الله عنها).

وكانت ساحة هذه الدار فى الأول مكانا لتجفيف البلح عندما وسع عثمان بن عفان المسجد اشترى الساحة من صاحبها وأهداها إلى والدتنا المشار إليها ، وفتح لها بابا إلى المسجد الشريف ، وبعد ما فتح هذا الباب اشتهرت ساحة ذلك البيت ب «دار آل عمر» وفى آخر الأمر انتقلت تلك الدار لملكية عبد الله بن عمر.

وكانت فى الجهة الغربية من دار آل عمر دار «مروان» بن الحكم ، وبقى جزء من ساحة هذه الدار من ساحة بيت حضرة عباس ، لأن عمر بن الخطاب عندما وسع مسجد السعادة للمرة الأولى ضم نصف هذا البيت إلى مسجد السعادة وظل النصف الآخر خاليا وأصبح هذا المكان ميدانا صغيرا ، فاشترى فيما بعد مروان بن الحكم هذا الميدان وبنى منزله المذكور.

قد بنى منصور قلاوون المصرى فى سنة ٦٨٦ ه‍ فوق ساحة دار مروان بن الحكم ميضأة كاملة ، إلا أن وجود الميضأة بجانب مسجد السعادة أصبح غير لائق بسبب الرائحة الكريهة التى تنبعث من هذه الميضأة والتى جعلت الوقوف داخل المسجد الحرام مستحيلا ، فهدم شيخ الحرم النبوى بشير أغا دور الخلاء تلك فى عهد السلطان محمود خان الأول ابن السلطان مصطفى خان وبنى هناك مدرسة كاملة منسوبة لاسم السلطان.

٢٠٦

المدارس ـ

كانت فى البلدة الطاهرة غير المدرسة المحمودية سالفة الذكر اثنا عشر مدرسة أخرى هى.

١ ـ المدرسة المحمودية.

٢ ـ مدرسة بشير أغا.

٣ ـ مدرسة أزبك.

٤ ـ مدرسة ناظر الكيل.

٥ ـ مدرسة الشيخ مظهر.

٦ ـ مدرسة حسين أفندى.

٧ ـ مدرسة ساقزلى

٨ ـ مدرسة ثروت أفندى.

٩ ـ مدرسة أرنبود أفندى.

١٠ ـ مدرسة قره باشا.

١١ ـ مدرسة الشفاء.

١٢ ـ مدرسة فنايرجى.

إلا أن أشهر المدارس وأكثرها نظاما كانت المدرسة المحمودية ، وسبب ذلك وجود هذه المدرسة متصلة بمسجد السعادة بين باب السلام وباب الرحمة ، وفى الواقع كفى هذا شرفا لهذه المدرسة فالحاجة للبحث عن أشياء أخرى لا يرجح كفة المدرسة على المدارس الأخرى.

وكان لمدرسة المحمودية ما يقرب من أربعين حجرة لإقامة الطلبة ، وفى وسطها حديقة وفى الجهة الغربية شادروان فسقية ، ومن حيث الانتظام كانت أولى مدارس البلدة الطاهرة وقد جددها السلطان محمود خان العدلى فى سنة ١٢٣٧ فى صورة جميلة.

وكانت لمدرسة المحمودية مكتبة جميلة وحجرات منتظمة وكان لسكان الحجرات رواتب كافية من مصر ، وكنت تجد فى مكتبتها أى كتاب تبحث عنه.

٢٠٧

المكتبات ـ المكتبات المشهورة والمعروفة اليوم فى البلدة الطاهرة بعد مكتبة المحمودية هى :

١ ـ مكتبة شيخ الإسلام السابق عارف حكمت بك ، وهذه المكتبة تقع مقابل دائرة نائب الحرم النبوى فى ديار عشرة.

٢ ـ مكتبة شيخ الحرم أمين باشا ـ هذه المكتبة قريبة من الشرشورة وعلى شارع المديرية.

٣ ـ مكتبة بشير أغا ـ مكتبة أغا دار السعادة الشريفة الأسبق بشير أغا فى داخل مدرسة بشير آشكا الملاصقة لباب السلام.

٤ ـ مكتبة الحميدية ـ هذه المكتبة فى داخل المدرسة الحميدية وفى مكان يقال له «حارة الحزارة» فى نهاية الرصيف الذى فى حى الساحة.

٥ ـ مكتبة جمل الليل ـ هذه المكتبة فى دار المرحوم السيد جمل الليل.

٦ ـ مكتبة البساطى ـ وهى مكتبة أحمد بساطى أفندى من أهالى المدينة المنورة ومن خطباء الحرم الشريف.

٧ ـ مكتبة رباط سيدنا عثمان ـ فى داخل الرباط المنسوب لحضرة ذى النورين.

٨ ـ مكتبة المرحوم شيخ الإسلام السابق فيض أفندى وهى فى داخل مدرسة الشفاء.

٩ ـ مكتبة قره باشا عمر أفندى ـ فى داخل المدرسة المنسوبة لقره باشا عمر أفندى من الموالى الكرام.

١٠ ـ مكتبة مصطفى أفندى من ساقز ـ فى داخل المدرسة المنسوبة لمصطفى أفندى من الموالى الكرام.

١١ ـ مكتبة أرنبود ـ فهى من آثار مصطفى أفندى من المجاورين يعرف «بإحسانية».

١٢ ـ مكتبة الشيخ غفور أفندى ـ وقف عبد الغفور أفندى البخارى من المجاورين فى داخل التكية التى تنسب له.

١٣ ـ مكتبة مظهر أفندى ـ أثر الشيخ مظهر أفندى من أولاد الإمام

٢٠٨

الربانى مجد الألف الثانى الشيخ أحمد الفاروقى السر هندى وهى داخل التكية المنسوبة له.

١٤ ـ مكتبة حسين أغا ـ وقف حسين أغا ناظر التكية المصرية الأسبق فى المدرسة التى تنسب لاسمه.

١٥ ـ مكتبة فنايرجى ـ تنسب للمرحوم أمين أفندى من المجاورين فى داخل المدرسة التى تنسب لاسمه.

١٦ ـ مكتبة ثروت أفندى ـ وقف محمد ثروت أفندى من المجاورين القدماء الذى مازال حيا.

١٧ ـ مكتبة الكيلى ـ أثر ناظر الكيل وهو من المجاورين فى داخل المدرسة التى تنسب له.

١٨ ـ مكتبة سليم بك ـ وهى وقف سليم بك أفندى من رؤساء حجاب السلطان عبد المجيد خان.

١٩ ـ كمية ومقدار المصاحف الشريفة والكتب النفيسة فى داخل المكتبات المذكورة من حيث المجموع.

عدد

مكان وجودها

١٨٠١

المصاحف الشريفة الموجودة فى الروضة المطهرة مضافا إليها المصاحف الشريفة التى عرفت فى الصورة المخصوصة.

٥٤٠٤

ما فى مكتبة عارف حكمت.

٠١٥٨

ما فى مكتبة الحاجى أمين باشا.

٢٠٦٣

ما فى مكتبة بشير أغا.

١٦٥٩

ما فى المكتبة الحميدية.

٠٠٠٠

لم يحقق ما فى داخل مكتبة جمل الليل من كتب.

١٢٤٦

ما فى مكتبة بساطى أفندى.

٠٠٠٠

لم يحقق ما فى داخل مكتبة رباط سيدنا عثمان.

١٢٤٦

ما فى مكتبة فيض الله أفندى.

٢٠٩

عدد

مكان وجودها

١٢٤٦

ما فى مكتبة قرة باش.

٠٥٩٣

ما فى مكتبة ساقزلى.

٤٦١

ما فى مكتبة أرنبود.

١٢٩

ما فى مكتبة الشيخ عبد الغفور.

١١٠٠

ما فى مكتبة مظهر.

٠١٠٠

ما فى مكتبة حسين أغا.

٠١٥٠

ما فى مكتبة فنايرجى.

٠٢٠٦

ما فى مكتبة ثروت أفندى.

٠١٥٧

ما فى مكتبة الكيلى.

٠٥٠٠

ما فى مكتبة سليم بك.

٠٤٥٦٩

ما فى مكتبة المحمودية.

٢٢٦١٥

المجموع

ما عد هذه المكتبات المذكورة كان فى كل مدرسة مكتبة ، ولما كانت هذه الكتب بالنسبة للكتب الموجودة فى هذه المكتبات التى ذكرت أقل القليل صرف النظر عن ذكرها. انتهى.

وكان كذلك ليزيد بن عبد الملك منزل فى الجهة الغربية من دار مروان بن الحكم مكان منزل آل أبى سفيان ، وكان منزل يزيد بن عبد الملك عند إنشائه أجمل المنازل فى المدينة ، فهدم مؤخرا وصنع مكانه سبيل ووكالة ، وبنى بجانب ساحة هذا المنزل الغربى القبلى مبنى من قبل السلطان قايتباى المصرى فى غاية الكمال فأسكن فيه الفقراء والمجاورين فأحيوا ، ولكن ما بنته خاصكى سلطان ، والسلطان مراد الرابع من عمائر قضت على شهرة عمارة قايتباى.

وكانت خاصكى سلطان إحدى زوجات السلطان سليمان بن السلطان سليم خان ، وكانت العمارة التى بنتها خارج سور المدينة بالقرب من المصلى النبوى

٢١٠

وكانت عمارة ذات طابقين لا مثيل لها ، وكان فى وسط هذه العمارة مسجد ذو مئذنة واحدة وله كثير من الأئمة الموظفين والخدم وكان أهالى السوق الذين لا يستطيعون أداء الصلاة فى المسجد النبوى يصلون فى هذا المسجد.

وكان يصنع فيها حساء الدشيشة والخبز فى كل يوم وتوزع على الفقراء والضعفاء والمساكين والغرباء ولكن لشدة الأسف قد استولى على هذه العمارة بعد مرور وقت محافظو المدينة وبعد فترة اتخذوها دائرة حكومية فسكن فى حجرات الطابق الأعلى بعض أغوات المحافظين ذات الأهمية كما كان يحبس المتهمون فى حجرات الدور الأرضى ، وما زالت مئذنة المسجد قائمة ولكنها أشرفت على الخراب ، ولا يليق أن يصل ما بناه أجداد السلاطين العثمانيين معبدا إلى هذا الحد من السوء ، فإذا ما جعل لسكنى الفقراء على الأقل كان فيه منفعة أخروية.

والمدرسة الفخمة التى بنتها خاصكى سلطان فى مكان قريب جدا من المسجد الحرام فى مكة قد استولى عليها القادرون من أهل مكة المكرمة وتؤجر للحجاج المسلمين ، وإن كان تحسين حالة العمارة المذكورة فى المدينة غير ممكن ، فإن المدرسة التى فى مكة المكرمة ما زالت قائمة ، وبما أنها تؤجر الآن للحجاج ترى هينة ، ولو أجرت هذه المدرسة للموظفين الذين يعملون فى الدوائر الحكومية ستجذب إلى خزانة الدولة الجليلة ـ بقيد ما يدفعونه ـ إيرادا للخزانة ، لأن المدرسة لا يستفيد منها الآن غير متسلطى الزمان. انتهى.

كان أمام بيت يزيد بن عبد الملك الدار التى اقتطعها الرسول صلى الله عليه وسلم ل «مطيع بن أسود. ويقال لهذه الدار «دار ابن مطيع» أيضا ، وكان بياعو الفواكه فى ذلك العهد يبيعون ويشترون أمام باب هذا المنزل.

وانتقلت هذه الدار مؤخرا لإدريس بن سعد بن أبى السرح ، وفى خلال سنة ٨٤٠ ه‍ اشتراها عبد الباسط الزينى من أبى السرح وهدمها حتى الأرض وبنى فوق ساحتها مدرسة الباسطية أمام المدرسة التى تسمى «الأشرفية».

٢١١

وكان فى ناحية الجدار الغربى للمسجد الشريف منزل (ابن مكمل) ولما اشتهر هذا المنزل بالشؤم هدم فيما بعد وبنيت مكانه مدرسة «جوبانية».

وفى الجهة الشمالية لابن مكمل منزل «تخام العدوى» وبين هذين البيتين طريق فى عرض ستة أذرع؟ ودار تخام العدوى مقابل باب الرحمة وكان لها باب يفتح إلى زاوية ساحة دار القضاء ، والآن سبيل مدرسة الزهرية على ساحة تلك الدار.

وكان بجانب بيت تخام العدوى منزل جعفر بن يحيى ، «ومنزل عاتكة» بنت يزيد الجميل وبرج حسان» بن ثابت الذى يقال له «فارغ» كانا فى داخل هذا المنزل وبما أنه خرب وانهار بنوا مكانه مدرسة الزهرية».

وكان فى الجهة الشامية لمنزل جعفر بن يحيى رباط «كليركية» والمنزل الخاص بسكنى السيدة سكينة (١) رضى الله عنها والذى كان يسمى دار النصير. واشترى الإمام السمهودى دار النصير هذه ووقفها لإقامة أقاربه. وأمام دار النصير طريق فى عرض ستة أذرع ينتهى إلى دار طلحة بن عبد الله. وفى الجهة الشامية من هذا الطريق منازل طلحة بن عبد الله ، وفى غرب منزل طلحة منازل أبناء الزبير بن العوام «عودة» و «عمرو» وفى اتصالهما منزل منيرة جارية أم موسى الذى انتقل لعبد الله بن جعفر بن أبى طالب.

وفى اتصال دار منيرة من الجهة الشامية ، أى فى زاوية الشارع الذى يعطف إلى المخبز فى تلك الجهات باب صغير لآل يحيى بن طلحة ، وفى اتصال هذا الباب ، بيت «طلحة بن أبى طلحة» الأنصارى ، وفى اتصاله البيت المشهور باسم «نزيل الكرام» ، وفى الجهة الأخرى من هذا البيت طريق فى عرض خمسة أذرع وفى الجهة الأخرى من هذا الطريق منزل جارية تسمى «هالة» وفى الجهة الشرقية من هذا البيت مستشفى المستنصر بالله ، وفى جنبها «دار الحميد» المنسوب ل «أبى

__________________

(١) السيدة سكينة بنت حسين بنت على رضى الله عنها بنت حسين بن على من صلبه اسمها الأصلى «أمينة» وكانت تشتهر بين علماء عصرها الآدباء بالظرف والفضيلة والعلم وحسن الطبع وإن كان يروى أنها مدفونة فى الشام فالحقيقة أنها مدفونة فى مصر مع «زينب الكبرى ، بنت فاطمة الزهراء والآخرين من أهل بيت النبوة وضريحها مشهور رضى الله عنها وعنهن أجمعين.

٢١٢

لغيث بن المغيرة» بن حميد بن عبد الرحمن ، وهو البيت الذى خصصه عبد الرحمن بن عوف ـ رضى الله عنه ـ لاستقبال وإقامة ضيوف النبى صلى الله عليه وسلم ، وكان النبى صلى الله عليه وسلم أمر بذاته ببناء هذه الدار. وساحة هذه الدار السعيدة وأرضها الآن المحل الذى أقيم فيه «رباط الطاهرية» فى جانب دار الحميد والذى يعرف اليوم باسم دار الضيافة. وفى اتصالها كانت دار ابن مسعود الموسومة ب «دار القرار». وقد أخذ بعض أجزاء دار القرار فى عهد وليد بن عبد الملك والجزء الآخر فى عهد مهدى بن هارون الرشيد ، وألحق بمسجد السعادة وإن كان المؤرخون رووا أن بعض أجزاء دار القرار. التى فى الجهة الشامية من المئذنة الشرقية والجهة الشرقية من دار المضيف ، ظلت خارج مسجد السعادة إلا أن هذا القول غير صحيح.

وفى الجهة الشرقية من جدار مسجد السعادة منزل موسى بن إبراهيم مقابل دار الضيافة ، وفى جهته الشرقية الميضأة المعطلة ودار رئيس المؤذنين ، وبين هذين البيتين. كان الطريق الذى يسمى ب «خرق الجمل» وبما أن هذا الطريق كان ينتهى إلى حصون المدينة المنورة القديمة اشتهر «بزقاق الجمل» وما زال معروفا إلى الآن بهذا الاسم.

وكان منزل «أنس بن مالك» السعيد فى الجهة الشامية من سور المدينة وبين هذا المنزل وبين «زقاق الجمل» بيت «فاطمة بنت قيس» وفى اتصاله أرض «دار موسى» من بيوت قهيطم. واشترى هذه المنازل وساحة «دار رسام» فى اتصالها القاضى الفاضل فيما بعد وبنى على أرضها رباطا فاخرا. وكان منزل «عمرو بن عاص السهمى» فى جهة الطريق الذى ينتهى إلى حى حوش حسن ، وكان هذا الطريق فى اتصال هذا الرباط ، وفى جهة منتهى رباط السبيل (١) وكان بجانب دار عمرو بن العاص السهمى دار «خالد بن الوليد» ولما انقطعت ذرية خالد بن الوليد انتقلت تلك الدار إلى أولاد أخيه عبد الله بن الوليد.

__________________

(١) الجزء الأمامى من هذا الرباط ساحة الدار المنسوبة لخالد بن الوليد.

٢١٣

وقد عرض خالد بن الوليد على النبى صلى الله عليه وسلم ضيق هذه الدار وعدم استيعابها لأولاده وعياله فرد عليه النبى صلى الله عليه وسلم «إذا أردت تستطيع أن ترقيها وتعليها حتى السماء» يعنى تستطيع أن تضيف إليها عدة حجرات أخرى.

وكان بجانب دار خالد بن الوليد منزل «جبلة بن عمرو الساعدى» وبجانبه منزل ريطة بنت أبى العباس ، وكان منزل جبلة بن عمرو الساعدى ـ رضى الله عنه ـ بنى فوق ساحة منزل الصديق الأعظم ـ رضى الله عنه ـ وانتقل فى فترة ما إلى أسماء بنت الحسين العباسى ، وهدم مؤخرا وبنى مكانه «رباط النساء».

وكان بيت الصديق الأكبر الذى انتقل إلى جبلة بن عمرو الساعدى أمام دار عثمان بن عفان ـ رضى الله عنه ـ الصغيرة وفى شارع بقيع الغرقد. وكانت هذه الدار الصغيرة خلف بيت عثمان بن عفان الكبير. وهذه الحجرة المباركة ما تزال قائمة حتى الآن وتعرف «بمشهد عثمان».

وأمام الدار الصغيرة طريق فى عرض خمسة أذرع ويمتد حتى مقبرة بقيع الغرقد. والدار الكبيرة التى تنسب لعثمان بن عفان فى مقابل مدرسة الشهابية ، يفصل بينهما طريق فى عرض خمسة أو ستة أذرع. قد بنيت فوق مساحة الدار الكبيرة دائرة مشيخة خاصة بشيوخ الحرم إذ استصغر شريف باشا ، وكان شيخ الحرم النبوى فى عهد السلطان عبد الحميد خان ، دائرة المشيخة القديمة وحصل على إدارة سنية لبناء دار جديدة للمشيخة وبنى دائرة تشتمل على خمس وأربعين حجرة وأعلى من القبة الخضراء النبوية وكانت هذه الدائرة الواسعة فى الجهة الشرقية من حجرة السعادة وعلى بعد خمسة عشر ذراعا ومع ذلك بنى قصرين لا مثيل لهما أمام باب جبريل ، ولم يتجرأ أحد أن يبنى فى داخل المدينة مبنى فى هذا الاتساع وهذا العلو تأدبا. فكتب بعض المعترضين على جدران تلك الدائرة ليلا بيتا ضمّنه عدم الارتياح لما قام به شريف باشا :

وأخذ الناس يتحدثون فى اجتماعاتهم شريفهم ووضيعهم قائلين إن شريف باشا لن يستطيع أن يقيم فى هذه الدائرة الفخمة.

٢١٤

وفعلا حدث ما يتوقعون. إذ وجه إليه ولاية جدة ولما يتم بناء دائرة المشيخة وبهذه المناسبة لم يستطع أن يجلس ولو ساعة واحدة لإجراء الحكم فى الدائرة التى بناها وفقا لأفكاره الهندسية (لسان الخلق أقلام الحق).

وساحة المدرسة الشهابية أى الساحة المقابلة لدار عثمان بن عفان هى أرض دار أبى أيوب الأنصارى ـ رضى الله عنه ـ حيث استضاف النبى صلى الله عليه وسلم. وقد انتقل ذلك البيت الذى لا مثيل له من يد إلى أخرى وفى النهاية اشتراه مظفر شهاب الدين الغازى أخو الشهيد سلطان نور الدين وبنى مكانه المدرسة الشهابية وخص بها علماء المذاهب الأربعة ، وكان فى اتصال بيت أبى أيوب الأنصارى بيت الإمام الهمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام على زين العابدين بن الإمام حسين بن الإمام على بن أبى طالب «رضى الله عنهم».

وكان السبيل والمسجد الشريف اللذان ينسبان لأوقاف الإمام كانا فى داخل هذه الدار ، ولقد انتقلت تلك الدار مؤخرا ليد حارثة بن النعمان ، وتنازل ابن نعمان ، بدوره عنها لشاهين الجمالى الشجاعى. وبنى شاهين الجمالى هناك دارا خاصة به وجدد مسجد الإمام جعفر فى صورة عظيمة ، وأحياه.

وكان منزل الإمام حسن بن زيد بن حسن بن على بن أبى طالب مقابل منزل الإمام جعفر من الجهة الغربية وفوق ساحة الحصن المعروف ب «قويرع» وفى النهاية دخل سواء أكانت دار الإمام حسن بن زيد أو بيت الإمام جعفر تحت تصرف أمير الحرمين السيد الشريف محمد بن بركات.

وكان بيت فرج الحصين مقابل بيت حسن بن زيد أى فى مقابل المدرسة الشهابية ، وكان منزل عامر بن عبد الله بن عبد الله بن الزبير بن العوام بجانب دار فرج الحصين ، والدار التى كان يطلق عليها دار آل عمر فى اتصال دار عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام والرباط الذى يعرف الآن باسم (مراغة) فوق عرضه دار فرج الحصين.

٢١٥

فى ذكر الأرصفة التى كانت تحيط المسجد النبوى الشريف

فى عصر السعادة وبيوت الصحابة التى استقرت

على جانبى هذه الأرصفة (رضى الله عنهم)

اختلف المؤرخون القدماء فى الوقت الذى صنعت فيه الأرصفة التى على جهات مسجد السعادة الأربعة ، قال بعضهم : «إن أرصفة المدينة المنورة أحدثت فى عهد حضرة معاوية» ، وقال بعضهم رادين قول الأوائل : «وإذا ما نظرنا عندما دخل جابر بن عبد الله مع رسول الله إلى مسجد السعادة وقوله «وتركت جملى على الرصيف» ورواية رجم يهوديين على الرصيف وما نقل أن عثمان بن عفان كان قد توضأ فوق الرصيف ظهر أن هذا الرصيف كان فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم».

والرصيف الذى أنشأه معاوية بن أبى سفيان رصيف موضع الجنائز الذى فى الناحية الشرقية من مسجد السعادة.

ونحن أيضا نحكم بصحة القول الثانى لما ساقوا من أدلة قوية ترجح قولهم».

بناء على قول الثقاة الذين يبحثون عن الحق كان هناك عدة أرصفة متصلة بمسجد السعادة.

١ ـ الرصيف الأول من هذه الأرصفة «كان يبدأ من باب الرحمة مارا بسوق الصياغ والعطارين ويستمر إلى ضريح مالك بن سنان «رضى الله عنه» ومن هناك يميل وينعطف قليلا ناحية دار السلام ثم يعود فيتصل أمام باب الرحمة.

٢ ـ الرصيف الثانى من الأرصفة التى كانت فى عصر السعادة كان يبدأ من باب السلام ويمتد إلى أن يتصل ببوابة الحصن التى كان يطلق عليها باب السويقة دون انعطاف ولا انحراف إلى أى جهة ثم كان يعود إلى ناحية مصلى العيد

٢١٦

وينتهى عند منزل ابن هشام ، كان هذا الرصيف يمتد إلى نهاية مسجد السعادة بطريق الجهة الشرقية عن طريق بقيع الغرقد إلى منزل المغيرة بن شعبة ومن الناحية الشامية إلى نهاية مسجد السعادة كما قلنا ، وكان أحد الجهتين يتصل برصيف باب الرحمة فيعود من هناك وينقطع عند الدار الكبيرة التى تنسب لعثمان بن عفان لأن الأبنية التى فى الجهة القبلية من مسجد النبى صلى الله عليه وسلم بنيت ملاصقة للأبنية المقدسة لذلك لم تكن فى هذه الجهة أرصفة ، وبناء على هذا التعريف فإن الرصيف الذى كان ينتهى إلى المصلى النبوى كان أكبر الأرصفة وكانت جهتاه مزينتين ببيوت عالية ، وكان فى الجهة اليسرى لمن يتوجهون إلى مسجد السعادة من مصلى العيد النبوى منزل إبراهيم بن هشام وفى الجهة اليمنى التى تميل إلى الغرب يوجد منزل سعد بن أبى وقاص ، وكان يفصل بين هذين المنزلين طريق كبير.

والجهة اليمنى من منزل سعد بن أبى وقاص كان المنزل الذى أخذه من الإمام أبى رافع وفى الجهة اليسرى أيضا بيت منسوب للمشار إليه وكان يفصل بين هذين المنزلين طريق فى عرض عشرة أذرع. وكان حضرة سعد قد وقف جميع هذه المنازل فى حياته.

وكان فى اتصال منزل سعد الثانى وفى الجهة الشامية دار مشهورة بدار نوفل بن مساحق العامرى منسوبا إلى آل خراش من بنى عامر بن لؤى. كما أن خلف هذا المنزل كان «مكتب العودة» متصلا بمسجد بنى زريق. وكان فى الجهة اليمنى من منازل آل خراش الدار التى يطلق عليها «منزل حفصة» وفى الجهة القبلية من هذه الدار. دار عمار بن ياسر وفى جهتها الشرقية دار عبد الرحمن بن الحارث ، وفى الجهة القبلية من هذه المنازل مسجد «بنى زريق» وفى الطرف الشرقى منها شارع «دار عبد الرحمن بن الحارث» ودار أبى هريرة ـ رضى الله عنه ـ فى هذا الصف ، ولكن تلك الدار ستذكر فى الطريق الذى كان النبى صلى الله عليه وسلم يعود منه من صلاة العيد ، وإذا ما دخل الآن من باب المدينة المنورة إلى داخل المدينة واتجه ناحية مسجد السعادة فأول زقاق يصادفه الإنسان أرض دار عبد الرحمن بن

٢١٧

الحارث. وإذا ما رجع الإنسان من هناك لبقيت تلك الأرض فى اليمين. ومن كان فى هذا الموضع يصادف للجهة اليمنى القبلية مسجد بنى زريق. والذين يدخلون من باب المدينة إلى الداخل ففى جهتهم اليسرى الشامية توجد «دار آل خراش» ودار الربيع ، ودار نافع بن عتبة بن أبى وقاص ، وعلى الطرف الأيسر منهم «دار حويطب بن عبد العزى ودار آمنة بنت سعد بن أبى وقاص» وعلى جانبه «دار عمرو بن أبى وقاص ، وفى اتصالها زقاق عبد الرحمن بن الحارث وفى الجهة اليمنى فى هذا الزقاق «دار عبد الرحمن بن عوف» ، وعلى يمينها» زقاق أبى أمية بن المغيرة وأمامه وعلى يمين الزقاق ، «دار خالد بن سعد! يقال لها بيت ومنزل ابن عقبة ـ أيضا ـ وأمامه دار أبى الجهم مالك بن أبى عامر ، وبجانبهم «دار نوفل بن عدى» وكل هذه المنازل كانت منازل ذلك العصر المشهورة والمنتظمة.

قال موسى بن عقبة : قتلوا يهود بنى قريظة وأعدموهم على الرصيف الذى بجانب دار أبى الجهم ، حتى سالت دماؤهم على حجارة (١) المحلات التى تبيع زيت الزيتون إلا أن قول موسى بن عقبة مخالف لأقوال أئمة السير الذين قالوا إن النبى صلى الله عليه وسلم حفر حفرة فى سوق المدينة حيث قطعت أعناقهم بالسيف.

ومن هنا فقول موسى غير قابل للتأويل والقبول.

__________________

(١) هذه الحجارة بجانب مشهد مالك بن سنان وأمام البيت الذى أعطاه عمر بن الخطاب لعباد بن عبد المطلب ، ويقال لهذا المكان فى عصرنا «قبان الزيت».

٢١٨

فى تعريف السوق التى أرادها النبى صلى الله عليه وسلم

لأهل المدينة وجهاتها

أراد النبى صلى الله عليه وسلم أن يعين لأصحابه الكرام مكانا للسوق للأخذ والعطاء فشرف أولا سوق «بنى قينقاع» ثم سوق المدينة وضرب الأرض برجليه المباركتين قائلا «هاهنا سوقكم ، فلا يضايق بعضكم البعض ، فلا تأخذوا ضريبة وجزية» ، وبناء على قول ابن زبالة أن النبى صلى الله عليه وسلم ، شرف يوما حى بنى ساعدة ليختار مكانا للسوق ، وخاطب أفراد بنى ساعدة قائلا : «لا إننى جئت إليكم طالبا حاجة منكم ، أعطونى مقبرتكم ، وسووها واتخذها سوقا».

وبما أن جماعات بنى ساعدة قبلوا ذلك وأعطوا مقبرتهم فضرب بقدميه على الأرض قائلا «ها هى السوق التى ستقيمونها للتجارة» وعين لهم حدودها الأربعة ، وعلى ذلك سطحت مقبرة بنى ساعدة وأقيمت هناك السوق ، وكانت مقبرة بنى ساعدة فى الجهة الشرقية لدار أبى ذئب.

وكانت إحدى جهات السوق التى أرادها النبى ـ عليه السلام ـ مصلى العيد ، وجهة أخرى منها الفاصلة التى بين سبيل سعد بن عبادة ، الجهة الثالثة سبيل سعد بن عبادة ، والجهة الرابعة حدود «ثنية الوداع» وكان حدود «بقيع الخيل الأربعة» داخل السوق التى عرّفت.

كان أهل المدينة يتبادلون التجارة فى السوق المذكورة إلى عصر عبد الملك بن مروان ، وقد اشترى إبراهيم عبد الملك فى عهد حكم أخيه هشام بن عبد الملك ١٠٦ ه‍ المحالّ المذكورة ، وأغلق أبواب ونوافذ تلك البيوت الناظرة إلى السوق ، وسد وأغلق كل المعابر كل واحد من تلك المحال ثم أسس كثيرا من البيوت

٢١٩

والمنازل وأجرها. وفتح أبوابا لكل منزل أجره لتكون خاصة للمستأجرين بالذين أستأجروها لعبورهم ومرورهم فى زاوية منزل عمر بن عبد العزيز الواقع فى الجهة الشامية من تلك البيوت التى أنشأها وفى نهاية رصيف مصلى العيد يعنى بجانب دار عباس المعروفة ب «الزوراء» التى فى قرب ضريح مالك بن سنان وأغلق جميع مناظر ومناور البيوت الكائنة فى جهة دار عباس «الزوراء» ولكن بيوت الإيجار التى بناها إبراهيم بن عبد الملك هدمت بعد وفاة هشام بن عبد الملك من قبل سكنة دار السكينة.

وأعيدت إلى حالتها الأولى فى سنة ١٢٥ ه‍ ، وظل هذا السوق فترة طويلة على هذه الحالة إلا أنه كلما تباعد عصر السعادة واتسعت البلدة الطاهرة تحقق لزوم إنشاء أسواق أخرى فى الأحياء الأخرى. واتخذ نظام إقامة الأسواق عادة بين الأهالى وأخذوا يطلقون على كل واحدة منها اسما خاصا ، إلا أن كل هذه الأسواق لم تكن أسواقا منتظمة تزينها المحلات والدكاكين ، وشأنها شأن أسواق استنبول والبلاد الأخرى تتألف من «أكشاك» خشبية وكراسى والدكاكين الوقتية وهنا أسواق عديدة بدكاكينها. إلا أنها كانت متقاربة وكان كلها فى ميدان المناخة كما أن بين الأحياء محلات العطارة وما يشبهها من الدكاكين الصغيرة.

والأسواق التى يذكرها أهل المدينة بأسمائها هى :

سوق الجباية «السوق التى تطلق عليها الجباية» أعظم وأهم أسواق المدينة وأكثرها نظاما ، ودكاكينها «أكشاك» ذات مظلتين وجهة تسميتها بهذا الاسم قصر بناء الحيوانات لهذه السوق.

سوق التجارة ـ هذه السوق فى الدرجة الثانية من أسواق المدينة وفى الجهة القبلية من سوق الجباية. وفيها يباع التمر ودكاكينها «أكشاك» معروشة.

سوق السمانة ـ هى سوقى الزياتين والرواسة ، وسوق بياعى الأكارع وبما أنهما متصلتان يعد الاثنان سوقا واحدة فى نظر الأهالى وتتكون الأكشاك والدكاكين من العروش.

٢٢٠