الذخر في علم الأصول - ج ٢

السيّد أحمد النجفي الأردبيلي

الذخر في علم الأصول - ج ٢

المؤلف:

السيّد أحمد النجفي الأردبيلي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣١٢
الجزء ١ الجزء ٢

نعم لو قلنا ان متعلقهما وموضوع الدليلين فى صلوه الجمعة والظهر متعدد فيخرج عن باب التعارض الحقيقى فيدخل بباب التعارض المجازى فيكون من باب المتزاحمين ان قلنا ان المراد من الاجماع قيامه بوجوب احد الدليلين فان الواجب واحد او انه قام بكذب احد الدليلين فعلى الاول يكون موضوعهما متحدا وعلى الثانى متعددا.

الخامس : الفرق بين باب التعارض وباب التزاحم الذى يكون فى الضد وقد اختلف فى ذلك كلمات الاساطين ولا يرجع الى محصل اصلا وحاصل التحقيق وهو المختار تبعا للنائينى (قدس‌سره) هو ان الاحكام قد جعل بعنوان قضايا الحقيقية لموضوعاتها المقدرة وجوداتها (فحينئذ) لا دخل لاحد الدليلين الى الآخر ابدا من جهة ان باب التزاحم يكون فى مرحله الفعلية بعد تحقق الموضوع كما فى صل وإزالة النجاسة فان كل واحد مجعول فى مرتبه نفسه على نحو القضايا الحقيقية ولكن لما كان للمكلف قدرة واحدة يرجع الى الاهم والمهم وبعد تحقق موضوع التكليف وتزاحم الحكمين بخلاف باب التعارض فانه ليس فى مرحله الفعلية هل هو راجع الى مرحله الجعل فبين المسألتين بون يعيد فان التعارض لا بد ان يكون دائما والتزاحم يكون اتفاقيا. وقد فصل فى باب التزاحم من الفرق بينهما فان التزاحم يكون على خمسة اقسام كما قيل :

الاول : ان يكون التزاحم فى الزمان ويكون راجعا الى الضدين كما فى وجوب يوم معين وحرمه هذا اليوم.

الثانى : التزاحم بالنسبة الى قدرة المكلف كقدرة المكلف على قيام احدى ركعتين فقط.

٢٨١

الثالث : ان يكون التزاحم مثلا زمانيا فى الوجود كاستقبال القبلة واستدبار الجدى فان الاستقبال ملازم استدبار الجدى فى الخارج.

الرابع : ان يكون التزاحم فى الاجتماع.

الخامس : ان يكون التزاحم فى التصادق كما فى تزاحم الجهتين مثل اكرم العلماء ولا تكرم الفساق ولكن هذا التقسيم غير مستقيم بعدم صحه هذا الترتيب.

وثانيا القسم الاخير ليس من باب التزاحم بل راجع الى باب التعارض لانه لا تنافى فى الحكم كما هو مقتضى التزاحم توضيح ذلك فى باب الاجتماع والاولى فى الترتيب بما نقول وهو الصحيح فنقول الاول التنافى فى الزمان الثانى فى تدره المكلف كما ذكر.

الثالث فى التوقف فى مقدمه الحرام كما فى الصد مثل مقدمه التصرف فى الغصب لانقاذ الغريق.

الرابع التنافى فى التلازم فى الوجود كما ذكر.

الخامس : التنافى فى الاجتماع وهذه الثلاثة الأخيرة يكون على قسمين بمعنى ان كل واحد منهم ان كان دائما يكون راجعا الى التعارض واما ان كان التنافى اتفاقيا يكون راجعا الى باب التزاحم كما ان الجهتين ايضا كذلك دائما يكون راجعا الى التعارض واذا كان اتفاقيا يكون من باب اجتماع الامر والنهى وتوضيح ذلك.

وقسم الثانى من هذه الاقسام يكون اتفاقيا لا غير وغير الاخير يكون اتفاقيا دائما والآخر ان يكون من باب القضاء ويدخل تحت باب التعارض واذا كان من باب الاجتماع يكون من باب التزاحم ايضا.

٢٨٢

اما القسم الاول : وهو التنافى فى متعلق التكليف تقدم هذا القسم على سائر الاقسام فنذكره فى طى البحث فنقول : ان الترجيح فى باب التزاحم ايضا خمسة :

الاول الشرط العقلى وانه مقدم على الشرط الشرعى لان الحج مشروط بالاستطاعة وهو اقسام ثلاثة كون الشرطين مختلفا احدهما شرعيا والآخر عقليا فانه مقدم على الشرعى كما ذكرنا وكونهما شرعيين وكونهما عقليين. اما الاول كما ذكر ، واما الثانى اذا كان راجعا الى المصالح النوعية الاسلامية فيقدم فى جميع الموارد وإلّا كان فى مورد خاص فيقدم الاسبق منهما لعدم بقاء المورد اذا اشتغل بالاول للآخر. اما الثالث فان كان لاحدهما بدل فيقدم ما ليس له البدل اعم من ان يكون له بدل شرعى كما فى الطهارة الحدثية والخبثيه ، او يكون عقليا كما فى الموسعات فهذا هو مورد الأهمية فيقدم الاهم على المهم من جهة ان الاوامر مشروطه بالقدرة عقلا فالاهم موجب بتعجيز العبد بالنسبة الى المهم فان انقاذ الابن يوجب تعجيزه بالنسبة الى الاخ بخلاف العكس (فحينئذ) يبق المهم بلا امر فيقدم الاهم من جهة فههنا مسالك ثلاثة اذا اتى بالمهم وعصى بالنسبة الى الاهم احدها البطلان كما قيل ان المفروض لا يجوز له اتيان الصلاة فى اول الوقت فاذا اتى يكون باطلا من جهة عدم الامر الثانى صحه عبادته من جهة الترتب الثالث صحه العبادة لوجود الامر واقعا كما عليه صاحب الجواهر والشيخ البهائى.

الامر السادس : فقد قلنا ان تعارض الدليلين فى مسألة الحكومة والورود والتخصيص والتخصص فقد حققنا فى باب الامارات واول البراءة

٢٨٣

لكن الشيخ الانصارى قدس‌سره قال معنى الحكومة انه الشرح والتفسير ولا بد من التحقيق لارتباطه بالمقام فنقول ان الحكومة بهذا المعنى لم يرد فى خبر من الاخبار لا فى اخبار العبادات ولا فى المعاملات نعم ورد خبر فى باب النكاح يوهم ذلك لانه بهذا المعنى.

فالحاصل ان الحكومة عبارة عن المعنى الذى ذكره النائينى قدس‌سره كما ذكرنا فى السابق وقد قسم فى اول البراءة بمناسبة المعارضة التى يكون فى تلك المقام باقسام ثلاثة واطبق احد الاقسام التى مثل بمثل القرينة على معنى التفسير لكنه فى المقام انكره رأسا فعلى اى وجه كان لا يخلو كلمات الشيخ فى اول التعارض عن تشويش واضطراب من جهة انه بين الحكومة والامارات والاصول العقلية وهو كما ترى من التهافت والتناقض ولا بد لنا من توجيه تلك العبارة وانه لا بد من توضيح امور ، الاول قد حققنا فى موضعه ان الظهور يكون على ثلاثة اقسام :

احدها : الظهور الافرادى الذى يعبر عنه بالظهور التصورى وهذا مما لا مساس فيما نحن فيه.

ثانيها : الظهور التصديقى وهو على قسمين يكون فى جواب ما هو بانه لا بد ان يكون المتكلم بعد الفراغ من جميع ما له دخل فى كلماته يقال ما قال ويجاب عنه بانه قال كذا وكذا ، وشرط هذا القسم بهذه الكيفية فلا يشتمل على قرينة متصلة فيكفى بظهور الكلام لاجل حصول الظن ولو نوعا بان الظاهر هو المراد وقسم ما فوق ذلك وهو فى مرحله إرادة المتكلم من كلامه كذا وكذا ولا بد عن اشتماله على قرينة منفصلة فلا يكفى بمجرد ظهور الكلام بل لا بد من احراز عدم القرينة المنفصلة الثانى ان العام و

٢٨٤

الخاص والمطلق والمقيد لا بد من احد امور أربعة :

الاول : ان يكون العام قطعى الصدور والخاص ايضا قطعى الصدور موقوفه على عدم العلم بالخلاف والخاص يوجب العلم بالخلاف كما هو واضح مثل اكرم العلماء ولا تكرم زيدا فان لا تكرم زيدا نص فى عدم اكرام زيد وان اكرم العلماء ظاهر فى اكرام زيد لانه من جملة افراد العام فلا بد اما ان يكون بالتخصيص او بالحكومة اما الحكومة فلا يكون من باب الحكومة فانه ليس فى المقام شارحيه وتفسيريه على ما زعمه الشيخ (قدس‌سره) ولا تصرف فى احد طرفى القضية من عقد الوضع والحمل على ما ذهب اليه النّائينيّ قدس‌سره من معنى الحكومة فلا يكون من باب الورود لانه من باب الأصول اللفظية ولا معنى للتعبدية فلا بد ان يكون من باب التخصص.

الثانى : اذا كان العام مقطوع الصدور والخاص ظنى الصدور واختلف العلماء فى ذلك ، ومن جملة مصاديق هذا القسم تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد وهم بين قائل بتخصيص العام وقائل بالعكس وقائل بالتوقف فلان لكل منها جهة رجحان قال الشيخ (قدس‌سره) فى وجه التخصيص المذكور ما محصله : ان دليل اعتبار السند فى الخاص وأصالة ظهور العام ان كان من قبيل أصالة عدم الظهور فى القرينة يكون حاكما وان كان من قبيل أصالة الظن النوعى الحاصل بإرادة الحقيقية الحاصلة من الغلبة فيكون واردا قال (قدس‌سره) فان اعتبار ظهور العام مستند على عدم وجود الظن المعتبر على خلافه ولا نجد من انفسنا تقديم العام من حيث هو على الخاص فى مورد ان فرض كونه اضعف الظهور المعتبرة واجاب عنه شيخنا الحائرى رحمه‌الله عليه فعلى اعتبار العموم من باب أصالة عدم

٢٨٥

القرينة يكون تقديم الخاص عليه ايضا من باب الورود فان الحكومة يشبه التخصيص كما ان التخصيص لا يمكن فى اللبيات فكذلك الحكومة فان بناء العقلاء على متابعة الظهور مقيد بعدم القرينة وأصالة عدم القرينة يكون معتبره ما لم يكن فى البين دليل معتبر على القرينة وان كان غير علمى.

واختار النّائينيّ (قدس سر) فى الاقسام الثلاثة الباقية بانه لا اشكال بكون كلها من باب الحكومة لا غير وفى الاول المخصص ولا يخفى ان الحكومة ليس من ناحيه الخاص بخصوصه بل الحكومة ناش من الظهور الذى انعقد على الخاص لان العام والخاص اذ عرضنا على العرف فى مجلس واحد لا يرون العرف الا التعارض فيما بينهما لان الامر دائر فيما بين النفى والاثبات كما فى اكرم العلماء الا زيدا فيتحيرون العرف فى ذلك ولكن بعد رجوعهم إلى الظهور يقدمون الخاص ولا يتحيرون فى ذلك.

اقول : ولكن التحقيق انه قلنا سابق ان الورود والحكومة بالنسبة الى كل واحد من الاقسام الأربعة لا يمكن بل المورد فى الاقسام الأربعة كلها التخصص لا غير هذا محصل الكلام فى ذلك المقام.

الامر السابع : ان التعارض اما ان يكون بين الخبر من بان يدل احدهما على الوجوب والآخر على الحرمة واما ان يكون ازيد كما اذا قام ثالث على الإباحة اما ما كان ازيد فنتعرض له فى المقام الآتى واما اذا كان اثنين فلا اشكال فى صورة التساوى التساقط بناء على الطريقية واما اذا كان لاحدهما مزية اما ان يكون فى الصدور ، او فى جهة الصدور ، او فى الدلالة سنتعرض فى موقعه واما الآخر فهو الذى قالوا : الجمع مهما امكن من الطرح ، وهذا الجمع لا يخلو اما ان يكون جمعا شرعيا ، او عرفيا

٢٨٦

ضابطه هو ان المرتبة اذا وصل حد النص او حد القرينة بحيث يكون عند العرف قرينة جلية اما بالتصرف فى احدهما او فى كليهما مثل الأظهرية او الظاهرية (فحينئذ) يكون جمعا عرفيا فيعتبر وان لم يصل الى هذين المرتين بل المرتبة يكون نازلة من هذين يكون جمعا تبرعيا فلا يعتنى به وقد نسب الى شيخ الطائفة فى احد كتبه الجمع غالبا من هذا القسم فلم يثبت وعلى اى وجه كان فذلك الجمع التبرعى مما لا يرجع الى محصل فاما الجمع كما قلنا يكون باحد الوجهين اما ان يكون كالنص فيكون احدهما بمنزلة القرينة للتصرف فى الآخر فالضابط فى الاول فهو يحصل اما بوروده فى مورد التخاطب يقينا او كونه محفوفا بالقرائن القطعية او غير ذلك ويمكن ان يكون الضابط فى مطلقتين ايضا اذا كان احدهما بدلالة لفظية والآخر بمقدمات الحكمة ولا اشكال فيما اذا كانت الدلالة باللفظ يقدم على ما كان بمقدمات الحكمة كالعام الاصولى بالنسبة الى العام الشمولى فيدور الامر بين تقييد المطلق او تخصيص العام كقوله اكرم العلماء الغير الفاسق فمورد التعارض فى العالم الفاسق ويدور الامر بين كون التقييد قوله اكرم العلماء الغير الفاسق وبين تخصيص العام يعنى لا تكرم الفساق بما عدى العالم الفاسق ولكن شمول العام الاصولى بمورد الاجماع اظهر من شمول المطلق لان شمول العام لمادة الاجتماع بالوضع وشمول المطلق بمقدمات الحكمة وكذلك مفهوم الشرط بالنسبة الى مفهوم الغاية وهذا مما لا اشكال فيه وانما الكلام فى الفرق بين التخصيص والنسخ فانه يعتبر فى النسخ ان يكون واردا بعد حضور وقت العمل بالمنسوخ والتخصيص قبل الحكم وقبل حضور وقت العمل بالعام ولاجل ذلك وقع الاشكال بان الاخبار التى ورد

٢٨٧

فى الشرع من الأئمّة عليهم‌السلام ورد بعد العمل بالاخبار المطلقة الصادرة من النبى (ص) هل يكون الاخبار التى ورد عن الأئمّة مخصصا او ناسخا واذا كان معنى التخصيص عن رفع الحكم قبل ورودها (فحينئذ) يشكل الامر فى تلك الاخبار الواردة فالاخبار الواردة عن الأئمّة بانها مخصصة فكيف يتصور بانه كان ناسخا كما قيل فهو مما لا وجه له ابدا والاقوال فيه ثلاثة :

احدها : ان يكون ناسخه حكم العموم.

ثانيها : ان يكون كاشفة عن اتصال كل عام بمخصصه وقد خفيت علينا.

وثالثها ان يكون ما صدر عن الأئمّة مخصصات منفصلة حقيقية ولا يضر تأخرها عن وقت العمل لان العمومات المتقدمة لم يكن مفاد الحكم الواقعى بل الحكم الواقعى هو الذى يتكفل المخصص المنفصل بيانه وانما تأخر بمصلحة كانت هناك فى تاخير دائما تقدم العموم يستعمل به ظاهرا الى ان يرد المخصص فيكون مفاد العموم حكما ظاهريا ولا محذور فى ذلك فان المحذور انما هو تأخر الخاص عن الحكم اذا كان مفاد العام حكما واقعيا لا حكما ظاهريا. واستقرب الشيخ احتمال الاخير واستبعد الثانى بل احاله لكثرة الداعى الى ضبط القرائن والمخصصات المتصلة الواردة واهتمام الروايات الى حفظها ونقلها المستحيل عادة ان يكون المخصصات المنفصلة قد خفيت كلها علينا فيتيقن احتمال الثالث واستقرب فى تقريرات النّائينيّ الاحتمال الثانى واستبعد الثالث بانه محال لانه ان كانت مصلحة الحكم الواقعى الذى مفاد المخصصات المنفصلة تامة فلا بد من اظهاره و

٢٨٨

التكليف به وفيه ان الشيخ ليس بقائل بوجود الحكم قبل المخصصات المنفصلة فانه قائل بان مفاد العموم حكما ظاهريا فاذا تأخر البيان لمصلحة كانت فى تأخيرها فلو كان مفاد العمومات حكما واقعيا يلزم الاشكال ومع علم لشارع باخفاء القرائن يكون اظهاره لغوا وبلا فايده فقوله يمكن ثبوت الحكم الواقعى مع مفاد العام حكما ظاهريا وفيه ان مجرد الدعوى وتحقيق المقام بحيث يرتفع سره عما ذكر من الاحتمالات الثلاثة والاشكالات فى كل واحد من الاحتمالات اما اشكال التخصيص المنفصلة بانه كيف يكون تخصيصا بعد العمل بالعمومات مدفوع بانهم عليهم‌السلام من هذه الجهة هم نفس النبى لانهم عليهم‌السلام حافظ ودين الله مفوض عليهم كما قد عقد فى ذلك بابا فى الكافى فهذا مما لا اشكال فيه.

واما الجواب عن اشكال النسخ فانه يمكن النسخ ايضا بعنوان الموجبة الجزئية كما فى خصوص القائم عليه‌السلام لو كان الخبر صحيحا بانه جعل الكوفة القبلة.

واما الاشكال من تخصيص المتصل بانه محال كما قيل بان الاطلاقات عن النبى محفوفة بقرينة التخصيص فى المنفصل وهذا ايضا يمكن ان يجاب الجزئى لا مطلقا لان بعض المطلقات الذى ينتهى الى بعض الاصحاب الذى يروى عن النبى رواية صحيحه عندنا ايضا لكونه ثقة عدل وجليل القدر فما بحكمه تخصيص بالمعنى المذكور فيظهر بما ذكر التأمل فى الاقوال السابقة والاشكالات الواردة احدهما بالآخر.

وتوضيح ذلك اذا قال اكرم العلماء فى يوم الجمعة يكون من قبيل زمان العمل قبل يوم الجمعة وبعده فيما نحن فيه يكون قبل زمان العمل

٢٨٩

قبل فوت النبى (ص) وعلى ذلك يلزم الاشكال المذكور ولكن اذا قلنا بان الأئمّة الهداة عليهم‌السلام من جهة النسخ والتخصيص نفس النبى (ص) لانهم حافظ لدين الله مفوض اليهم وقد اودع حكم التخصيص والنسخ الى الوصى والوصى الى آخر الاوصياء فيمكن ان يكون نسخا بعنوان الموجبة الجزئية يمكن ان يكون مخصصا منفصله فى جميعها ويمكن ان يكون المخصص متصلة بعنوان موجبه الحرية فى بعضها ويكون المنفصلة قرينة كاشفة عنها. الثامن : اذا كان الاخبار ازيد من الخبرين فيكون المعارضة بينها على بعض التقادير :

الاول : كما اذا ورد عام وخاصان مثل قوله : «اكرم النحويين ودليل ثان على عدم اكرام الكوفيين من النحويين ودليل ثالث على عدم وجوب اكرام البصريين منهم فالنسبة بين الخاصين والعموم ، العموم المطلق ولا يعارض (ح) فى هذا التقدير وايضا يكون النسبة بين الخاصين التباين فلا معارضه ايضا لعدم اتحاد موضوعهما لتخصيص العام بهما بلا اشكال. واما اذا لزم من تخصيصها الاستهجان او بقاء العام بلا مورد فيلزم منه معامله التعارض بين العام ومجموع الخاصين فى هذا التقدير كما اذا ورد دليل بوجوب اكرام العلماء ودليل ثان بعدم وجوب اكرام فساقهم ودليل ثالث على كراهة اكرام عدو لهم ولو خصص العموم بالخاصين لم يبق مورد للعام فيحصل التعارض بينهم.

الثانى : كما اذا ورد عام وخاصين ويكون احد من الخاصين اخص من الآخر ويكون النسبة بينهما اعم واخص مطلق فلا اشكال ايضا بوجوب تخصيص العام بهما كما اذا ورد الامر بوجوب اكرام العلماء وورد بعدم اكرام النحويين ، وورد ثالث بعدم اكرام النحويين من الكوفيين فلا يكون

٢٩٠

بينهما المعارضة إلّا اذا لزم تخصيص المستهجن او بقاء العام بلا مورد فتحصل المعارضة بينهما وبين العموم فيعامل معامله التعارض بينهما وايضا يلزم المعارضة بين الخاصين اذا كان بينهما العموم والخصوص من وجه كما اذا قال اكرم العلماء ثم قال لا تكرم النحويين وقال ايضا لا تكرم البصريين فلا اشكال فى تخصيص العام بهما فيكون مورد التصادق البصرى فى النحوى فى الخطابين.

الثالث : كما اذا اورد عامان من وجه وخاص فان كان مقام الخاص اخراج مورد افتراق احد العامين ينقلب النسبة الى العموم المطلق كما اذا ورد تخصيص بحصص مورد الافتراق او تخصيص مورد الاجتماع فينقلب النسبة بين العامين الى التباين كما اذا قال اكرم النحويين ولا تكرم الصرفيين ثم ورد خاص وقال يستحب اكرام النحويين غير صرفيين او قال يستحب اكرام الصرفيين فيخرج على الاول اخراج مورد الافتراق وعلى الثانى اخراج مورد الاجتماع فتكون النسبة منقلبا الى المطلق على الاول والى التباين على الثانى فيكون صورة التعارض على بعض التقدير وهو ما اذا كان بين العامين عموم وخصوص من وجه الرابع يلزم المعارضة بين الدليلين بالتباين اذا كان موضوعهما متحدا وورد دليل ثالث يوجب انقلاب النسبة من التباين الى العموم المطلق بقوله اكرم العلماء وقوله لا تكرم العلماء ثم ورد دليل ثالث لخروج عدول العلماء عن قوله لا تكرم العلماء ثم ورد دليل ثالث لخروج عدول العلماء عن قوله لا تكرم العلماء ومن هذا المقال قوله ترث المرأة من العقار مطلقا وقوله لاثر مطلقا وقوله : ترث ان كانت المرأة ام ولد وقد يوجب انقلابها الى العموم من وجه كما

٢٩١

اذا اورد دليل رابع فى المثال وخص قوله اكرم العلماء بالفقهاء فان النسبة بين قوله : اكرم العلماء بعد تحققه بالفقهاء وبين قوله لا تكرم العلماء بعد تخصصه بما عدى العدول بل العموم من وجه هذا كله فى انقلاب النسبة بين الدليلين ومنه يظهر انقلاب النسبة بين اكثر بينهما كقوله : اكرم الفساق ويستحب اكرام الشعراء فالنسبة بين أدلة الثلاثة العموم من وجه فقد نقلت الى التباين كما اذا اورد دليل لاخراج مورد الاجتماع والعالم الفاسق الشاعر عن مفاد الأدلّة الثلاثة فينقلب النسبة بين الأدلّة الى التباين بلا معارضه لعدم اتحاد الموضوع فيكون المعارضة على تقدير العموم والخصوص من وجه فيكون بعد الانقلاب اكرم العلماء ولا تكرم عالم الفاسق والشعراء فان بين اكرام العلماء وبين ولا تكرم الفساق والشعراء المناسبة بلا معارضه والوجه من الأمثلة وتصور النسبة بين العمومات والخصوص وتقدير الانقلاب انما هو لبيان موارد المعارضة بين الاخبار الواردة معلوميته اذا وقع النسبة بينهما اذا كان عموم من وجه فيكون المعارضة من جهة اجتماعهما فى مورد التصادق وفى صورة التباين الذى يكون الموضوع متحدا وما فى صورة العموم والخصوص من مطلق وفى صورة التباين يكون الموضوع متعددا فلا يلزم به معامله التعارض بينهما وانقلاب النسبة بين الأدلّة انما يكون من ثمرات تقديم الخاص على العام اما بحكومة أصالة الظهور فيه على أصالة الظهور فى العام كما ذهب اليه فى تقريرات النّائينيّ (قدس‌سره) او من باب التفصيل اختاره الشيخ رحمه‌الله فان كان حجيه ظهور العام من باب أصالة عدم القرينة فيكون من باب الحكومة او من باب ظهور النوعى فمن باب الورود كما اختاره شيخنا الحائرى من جهة عدم امكان كونه من باب الحكومة فى اللبيات كالتخصيص او من جهة كونه تخصصا من جهة

٢٩٢

عدم كونه منحصرا ولا شارحا او من باب عدم التصرف فى الوضع او الحمل لا الورود من جهة كونه ليس من باب التعبدية لانه راجع الى الاصول اللفظية او التخصيص اما يكون تكوينا او بالعلم والخروج عن العام فى الخاص فيما نحن فيه بالعلم فان السامع والمخاطب اذا علم مراد المتكلم بورود القرينة وهو الخاص علم المخاطب بعدم مراده ولو كان الخاص ظنيا لعدم المنافاة من قطعه المراد بالدلالة الظنية فيكون تقديم الخاص على العام من باب التخصيص ومن الأمثلة التى تذكر فى المقام هو ما ورد اكثر من الرواية وهو ما ورد عام واحد وخاص يليه ومنها : ما يدل بعدم الضمان فى العادية مطلقا وهو المعلوم كما فى رواية مسعدة بن زياد ومنها ما يدل على عدم الضمان فى العادية الا فى عاديه الدراهم. ومنها ما يدل بعدم الضمان فى العادية الا فى عاديه الدينار. ومنها ما يدل على عدم الضمان فى العادية الا فى عاديه مطلق الذهب والفضة كما فى رواية اسحاق بن عمار فالنسبة بين الروايات الأربعة ملاحظه على انحاء ثلاثة :

احدها يلاحظ بين العام وبين ما فى الروايات الخاصة الثلاثة.

والثانى : يلاحظ بين الروايتين الخاصين الاولين وهى رواية الدرهم والرواية الدينار.

والثالث يلاحظ النسبة بين الخاصين الاولين وبين الخاصين الاخير فالنسبة فى نحوين الاولين يكون من باب العموم والخصوص من مطلق ويكون النسبة الى نحو الاخير من باب العموم والخصوص من وجه فيعامل معه معامله المعارضة بينهما كما قيل.

والتحقيق انه من ان النسبة فى نحو الاخير ايضا العموم من مطلق

٢٩٣

فسيأتي توضيحه فى توضيح انحاء الثلاثة من النسبة وهذه الأدلّة قد توافقت على عدم الضمان فى العادية اذا لم يكن من جنس الذهب والفضة إلّا ان يشترط فيها الضمان ، واما اذا كان من جنس الذهب والفضة فقد اختلف فيها الروايات فظاهر اطلاق رواية مسعدة بن زياد عدم الضمان فيها ايضا ولكن لا بد من الخروج عن هذا الاطلاق لتطابق بقية الأدلّة على الضمان فيهما فى الجملة والنسبة بين رواية الخاصة وبين رواية مسعدة العموم المطلق فلا بد من تقييد رواية مسعدة بما عدى جنس الذهب والفضة فى الجملة وهذا ملاحظه النسبة على نحو الاول وهو ان النسبة بين رواية مسعدة والباقى من الرواية العموم المطلق واما النسبة بين رواية الثانى والثالث وهما رواية الدرهم والدينار فهى قد اشتملت على عقد سلبى وعقد ايجابى فرواية الدرهم تنفى بعموم عقدها السلبى الضمان عما عدى الدرهم حتى الدينار فى رواية الدينار ينفى بعموم عقدها السلبى الضمان عما عدى الدنانير حتى الدرهم والنسبة بين العقد الايجابى فى كل منهما مع العقد السلبى فى الاخرى العموم المطلق فيجب تخصيص عموم العقد السلبى فى كل منهما بما عدى مورد العقد الايجابى فى الآخر فيصير النتيجة عدم الضمان الا فى عاريه الدرهم والدينار ويرتفع التعارض عنهما لان الرواية واحدة تنفى الضمان عما عدى الدراهم والدنانير.

واما النسبة بين رواية الدرهم والدينار وبين الرواية على الضمان فى مطلق الذهب والفضة وان يكونا مسكوكين فان مقتضى العقد السلبى فى رواية الدراهم والدنانير هو عدم الضمان فى غير المسكوك من الذهب والفضة فيعارض ما دل على الضمان فى مطلق الذهب والفضة ويكون بينهما

٢٩٤

العموم والخصوص من وجه كما قيل بان اخص الخاصين وهو ما دل على الضمان عاديه الدرهم والدنانير متصل بالعام لان رواية الدنانير والدراهم قد اشتملت على عقد سلبى وعقد ايجابى ومفاد عقد السلبى هو عدم ضمان العارية ومفاد العقد الايجابى ضمان الدراهم والدنانير فيكون مفاد العقدين عدم ضمان الدراهم والدنانير فيكون مفاد العقدين الضمان الا فى عارية الدراهم والدنانير واذا كان اخص الخاصين متصلا بالعام تكون النسبة وبين الخاص الآخر العموم من وجه فان العقد السلبى فى روايتى الدنانير والدراهم بعمومه يدل على ضمان الذهب والفضة الغير المسكوكين كالحلى والعقد الايجابى فى روايتى الذهب والفضة الغير المسكوكين فتعارضان ولا بد اما من تخصيص العموم العقد السلبى فى روايتى الدراهم والدنانير بما عدى الذهب والفضة الغير المسكوكين اما تقييد اطلاق العقد الايجابى فى روايتى الذهب والفضة بخصوص المسكوكين فالاولى تخصيص عموم ما دل على عدم الضمان بما عدى مطلق الذهب والفضة فان تقييد الاطلاق وان كان اولى من تخصيص العموم إلّا انه اذا لم يلزم المحصور والتقييد بالفرد النادر وإلّا فيقدم تخصيص العام على تقييد المطلق ولكن ما ذهب اليه الشهيد النسبة بينهما العموم المطلق كقوله : اكرم العلماء ولا تكرم النحويين ولا تكرم البصريين من النحويين وروايات الباب يكون كذلك بان فيها عاما ينفى الضمان عن عموم العارية وفيها خاصين احدهما اثبات الضمان فى عاريه الدراهم والدنانير وثانيهما اثبات الضمان فى مطلق الذهب والفضة فيكون احد الخاصين اخص من الآخر ولازم ذلك تخصيص العام لكل من الخاصين فيكون النتيجة ضمان العارية مطلقا الذهب

٢٩٥

والفضة فيكون احد الخاصين اخص من الآخر ولازم ذلك تخصيص العام لكل من الخاصين فيكون النتيجة ضمان العارية مطلق الذهب سواء كان مسكوكين او غير مسكوكين هو الاقوى كما هو المشهور وذهب اليه صاحب الجواهر (قده) قال بان ارجاع النسبة بينهما العموم من وجه بعد تخصصه بالخاص الاول تقتضى التصرف فى الفاظ الروايات وتغيير عبارة الاخبار وإلّا فبحسب ما يقتضى ظاهر الاخبار موكول النسبة بينهما العموم المطلق فيكون احد الخاصين اخص من الآخر ولازم ذلك تخصيص العام وكل من الخاصين.

التاسع : انه مع قطع النظر عن اخبار الترجيح والتخيير وعدم المزية لاحد المتعارضين فهل الاصل سقوطهما ام لا فعلى مبنى الطريقية فى الامارات قيل فان أدلة التعبد بالصدور فى مقطوعى الصدور فى وجوب العمل لظاهرهما معا فتعم المتعارضين المظنونى الصدور ان امكن وإلّا فالجمع بينهما اولى من الطرح ولو بضرب من التأويل وان لم يمكن التأويل يحكم بالاجمال. وفيه ما لا يجمع من عدم الدليل وجوب التأويل فى مقطوعهما صدور افضلا عن مظنونهما والتاويل خلاف الظاهر فيها مع عدم مساعدة العرف والمحاورة والقطع بالصدور لا يقتضى التأويل فى استخراج المراد منهما بل لا بد من التوقف وظهر مما ذكرنا ما ذهب اليه الشيخ (قدس‌سره) من تسليم وجوب التأويل فى مقطوعى الصدور وليس على ما ينفى ولو سلمنا وجوب التأويل فى مقطوعى الصدور ولكن التعميم والتعدى منهما الى مظنون الصدور ليس فى محله بل انه محال فالقطع بنفسه حجه لا تناله اليه يد الجعل فلا يصح تعميم أدلة الاعتبار (ح) فتسقط كل منهما وعدم وجوب العمل باحدهما.

وبالجملة ان توهم الخصم بوجوب الجمع بينهما ولو بجهل احدهما

٢٩٦

او كلاهما على خلاف الظاهر يناف تعدد بالسند لما عرفت من ان حقيقة التعبد بالسند هو البناء على صدور الكلام بما له من الظاهر فحمله على خلاف الظاهر ينافى أدلة التعبد بالصدور فظهر ان قولهم ان الجمع بين الدليلين اولى من الطرح ان اريد ما يعم التاويل والجمل على خلاف الظاهر فهو كلام شعرى لا محصل له ولا يساعده الدليل فالاقوى ان القاعدة فى المتعارضين يقتضى سقوطهما سواء كان التعارض بين الظهورين او بين السندين او بين ظهور احدهما وسند الآخر فأدلّة اعتبار السند او الظهور لا يعم المتعارضين فانه لا يترتب على هذا التعبد بصدور المتعارضين اثر سوى البناء على اجمالهما وعدم إرادة الظاهر فى كل منهما. نعم يمكن ان يكون التعبد بصدور كلام مجمل مقتضيا اجمال كلام آخر كما لو ورد عقيب قوله اكرم العلماء ولا تكرم بعض العلماء وتردد البعض بين جميع افراد العلماء فان هذا المقدار من الاثر يكفى فى التعبد فيكون فرقا بين تعبد بمجمل يوجب اجمال ظاهر وبين التعبد بظاهر يوجب اجماله فان التعبد بالصدور فى الاول لا محذور فيه بخلاف التعبد به فى الثانى اذ لا مضى للتعبد بصدوره فى الاول ولا محذور فيه بخلاف التعبد فى الثانى اذ لا معنى للتعبد لصدور ظاهر يكون نتيجه التعبد اجمالا وعدم جواز الاخذ بظاهره فالانصاف انه لا مجال لتوهم شمول أدلة حجية الخبر الواحد للجزءين المتعارضين معا حتى يجب تأويلهما فالاصل فيهما السقوط ولكن هذا بالنسبة الى خصوص المؤدى اما بالنسبة الى نفى الثالث فلا وجه لسقوطهما فان المتعارضين يشتركان فى النفى الثالث بالدلالة الالتزامية فيكونان معا حجة فى عدم الثالث هذا ما اختاره النّائينيّ (قدس‌سره).

٢٩٧

اما ما ذهب اليه فى الكفاية التعارض وان كان لا يوجب إلّا سقوط احد المتعارضين عن الحجية رأسا حيث لا يوجب إلّا العلم بكذب احدهما فلا يكون هناك مانع عن حجيه الآخر إلّا انه حيث كان بلا تعيين ولا عنوان واقعا فانه لم يعلم كذبه إلّا بلا تعيين وعنوان واحتمال كون كل منهما كاذبا لم يكن واحد منهما بحجه فى خصوص مؤدى لعدم التعين فى الحجة اصلا كما لا يخفى نعم يكون نفى الثالث باحدهما لا بهما معا لبقائه على الحجية وصلاحيته على ما هو عليه من عدم اليقين لنفى الثالث فيكون الاقوال فيه ثلاثة احدها نفى الثالث بهما معا والثانى نفيه باحدهما بلا معين والثالث سقوط كل منهما فيكون كاذبا فان دلالة الالتزامية فرع الدلالة المطابقة حيث يسقط كل واحد منهما بالمطابقة ولم يبق التزام فلا تنفى الثالث لانهما معا ولا باحدهما. اما قول الثالث ففيه ان دلالة الالتزامية يتوقف على دلالة التصديقية وهى الدلالة على المؤدى مرارا فهو مما يتوقف عليه الدلالة الالتزامية فسقوط المتعارضين عن الحجية فى المؤدى لا يلازم سقوطهما عن الحجية فى نفى الثالث لان سقوطهما عن الحجية فى المؤدى انما كان لاجل المتعارضين اما نفي الثالث فلا معارضه بينهما بل يتفقان فيه فلو كان مفاد احد المتعارضين وجوب الدعاء عند رؤيه الهلال وكان مفاد الآخر حرمه الدعاء فى ذلك الوقت فبالنسبة الى الكراهة والإباحة والاستصحاب عن الدعاء عند رؤيه الهلال يتوافقان.

وقال الحجة الكوه كمرى (قدس‌سره) وللشيخ قدس‌سره كلام فى المقام ملخصه انه اذا تعارض الخبران ولم يكن مرجح فى البين فلا يكون حجه ولا يشمل لها دليل الحجية فيكون كالاصلين المتعارضين فى عدم

٢٩٨

الحجية من الاول لعدم شمول العام كما فى الاصل كما اذا علم بنجاسة اناء من الإناءين لكن يعلم انه اناء زيد مثلا واشتبه احدهما بالآخر فلا يشمل عموم قوله لا تنقض اليقين بالشك بالنسبة الى اناءين للعلم بتخصص العام فى الواقع باناء معلوم عند المكلف وهو اناء زيد مثلا فاذا كان بلا حجه اصلا فلا يبقى الثالث لعدم كونه حجه اصلا لعدم المقتضى فيها.

ثم قال يرد عليه انه فرق بين الاصول والامارات فان فى الخبرين المتعارضين مقتضى شمول الأدلّة موجودة فإنّ صدق العادل يشمل لكل واحد من الخبرين فى الظاهر بخصوصه مع قطع النظر عن الكذب فى احدهما فيكون كل واحد من الخبرين حجه ونكن المانع من الحجة العلم الاجمالى بكذب احدهما لا من جهة عدم المقتضى فيكون فرقا بين الاصولين المتعارضين كما اذا علم بنجاسة اناء من الإناءين ولم يعلم من الاول ان النجس اناء زيد او عمر فيجرى استصحاب الحالة السابقة فى كل واحد من الإناءين اذا كان ظاهرا لشمول فنقوله : لا تنقض اليقين بالشك فيكون الاستصحابين حجه فكذلك الخبرين فانه غير معلوم عند المكلف فى الواقع فيشمل صدق العادل عليه فى الظاهر عند المكلف والمانع عن العلم الاجمالى ويكون احدهما حجه لا بعينه ويكون السقوط فى الخبرين من باب ترجيح بلا مرجح وتنفى الثالث باحدهما لا بعينه وهو مختاره تبعا لصاحب الكفاية وتنفى الثالث بهما معا عند النّائينيّ (قدس‌سرهما) والشاهرودى قدس‌سرهما اولا ثم عدل فقال اذا سقط الخبرين لم يبق شيء حتى يشمل دليل الحجية فيكون وجوده كعدمه.

وفيه انه يكفى شمول أدلة الحجية قبل التعارض فينفى بهما معا

٢٩٩

للثالث.

العاشر فى الخبرين المتعارضين يكون القاعدة سقوطهما ولكن جملة من النصوص يدل بعدم سقوطهما مع التساوى وفقد الترجيح وعلى هذا اختلف كلمات الاصحاب لديهم فى المتكافئين فقيل بالتوقف مع الاحتياط فى الفتوى ولازمه الاحتياط فى العمل.

وقيل بالتفصيل الاخذ بما يوافق منهما الاحتياط وإلّا التخيير ومنشأ الاختلاف الروايات فى ذلك فان منها ما يدل على التخيير مطلقا كرواية الحسن بن جهم عن الرضا قلت : يجيئان الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين ولا يعلم ايهما الحق قال عليه‌السلام فاذا لم يعلم فموسع عليك بايهما اخذت. منها ما يدل على التخيير فى زمان الحضور كرواية حرث بن مغيرة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال اذا سمعت من اصحابك الخ. قال عليه‌السلام فمنع عليك حتى ترى القائم فترده اليه وفى معناها رواية اخرى فى كتاب القضاء. ومنها ما يدل على التوقف فى حال الحضور.

اقول : النسبة بين التوقف المطلق والتوقف فى حال الحضور وكذا بين تخيير المطلق فى حال الحضور العموم والخصوص إلّا انه لا معارض عنه لان المطلوب من المطلق اذا كان مطلق الوجود فلا يحمل على المقيد فيبقى على اطلاقه فالتعارض بين ما يدل على التخيير وبين ما يدل على التوقف المطلقين يكون بالعموم من وجه وبين ما كان فى التخيير والتوقف فى حال الحضور بالتباين. اما الاول فمادة الاجتماع كاجتماع الخبرين فى مورد واحد وافتراقهما فى صورة تخيير الخاص بلا صدق التوقف الخاص او بالعكس بلا صدق التوقف الخاص واما الثانى فبين التخيير والتوقف متباين ولا يهمنا

٣٠٠