الذخر في علم الأصول - ج ٢

السيّد أحمد النجفي الأردبيلي

الذخر في علم الأصول - ج ٢

المؤلف:

السيّد أحمد النجفي الأردبيلي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣١٢
الجزء ١ الجزء ٢

العمل بالمكلف به الواقعى المحرز اجزائه وشرائطه وموانعه من دون ان يكون فيه شبهه حكمية ومفهوميه ولا موضوعيه وكان الشك محضا فى انطباق المأتى به على ذلك المحرز.

وبعبارة اخرى كان الشك ناشيا عن العمل بحيث لو كان ذلك العمل الصادر منه لما كان هناك شك والحاصل انه لا بد لموضوع قاعده الفراغ من ان يكون الشك فى كيفية العمل الصادر منه وانه هل صدر عنه على وجه طابق المأمور به الواقعى ام لا بحيث لا يرجع الشك الى الشبهة المفهومية والحكمية والمصداقية بمعنى انه يشك فى تحقق المأمور به من جهة احدى هذه الشبهات وان لم يصدر بعد ، العمل من المكلف.

وبعبارة اخرى يعتبر فى جريان قاعده الفراغ ان يكون قوام الشك بصدور العمل عن المكلف بحيث لو لا العمل الصادر منه لما كان هناك شك ومن هنا نقول انه يعتبر فيه ان يكون الشك متمحضا فى ناحيه العمل على المأمور به.

اذا عرفت ذلك فنقول ان الشك فى الوجه الثانى من القسم الثانى وهو ما اذا علم بكيفية صدور العمل كمن علم ان حرك الخاتم فى الوضوء او صلى الى هذه الجهة المعينة فان وصول الماء تحت الخاتم وان هذه الجهة هى لا يتمحض فى انطباق العمل الصادر عنه على المأمور به بل يكون شكه لامر آخر اجنبى عن العمل فان وصول الماء او كون الجهة قبله حاصل صدر عن المكلف عمل او لم يصدر وهذا بخلاف ما اذا شك فى وصول الماء تحت الخاتم بعد تحريكه للخاتم او شك فى الصلاة على القبلة مع عدم علمه بالجهة التى صلى عليها فان الشك فيها ممحض فى كيفية العمل

٢٢١

والانطباق على المأمور به وكذلك عمل الجاهل المقصر الشاك فى انطباق عمله على رأى من يجب عليه تقليده فان شكه ايضا ممحض فى كيفية عمله وان كان منشأ شكه جهله بالحكم وحاصل الكلام انه فرق واضح بين ما اذا عمل الجاهل بهذه يشك فى كيفية عمله وانه صلى مع المشكوك اولا؟ او صلى بلا سورة ، اولا مع تقليده عمن لا يصح الصلاة مع المشكوك او بلا سورة وبين ما اذا صلى فى ثوب معين يشك فى كونه من المشكوك فان الشك فى الاول متمحض فى كيفية العمل وانطباقه على فتوى مقلده ، وفى الثانى يكون خارجا عن كيفية العمل وان السبب عند الشك فى انطباق العمل إلّا انه فرق بين ما اذا كان الشك اولا وبالذات فى كيفية العمل والانطباق وبين ما اذا كان الشك لامر خارج عن العمل يكون مسببا للشك فى الانطباق من دون ان يكون هناك شك آخر خارج عن العمل وبما ذكرنا يظهر لك حكم القسم الرابع بكلا وجهيه فانه وان كان شكه بعد الفراغ مسبوقا بشك كان حكمه موافقا لقاعدة الفراغ كما اذا قامت البينة ان هذه الجهة هى القبلة وصلى عليها إلّا ان هذا الحكم يدور مدار البينة والمفروض ان بعد الفراغ زالت البينة اما لعلمه بفسق الشاهد واما لشكه بفسقه وعلى كلا التقديرين يكون من الشك السارى فيرجع شكه بالأخرة الى الشك فى كون هذه الجهة هى القبلة ويندرج فيما تقدم من الوجه الثانى من القسم الثانى وكذا الحال فيما اذا كان قبل العمل قاطعا مما يقتضيه قاعده الفراغ ولكن بعد العمل يشك فى مطابقه قطعه للواقع وعدم مطابقته سواء كان الآن متذكرا بمدرك قطعه وانه حصل فيما لا ينبغى الاعتماد عليه او لم يتذكر واحتمل حصوله فيما لا ينبغى الاعتماد عليه ومنه يظهر ضعف ما

٢٢٢

استجوده الشيخ (قده) من الفرق بين التذكر بمدرك قطعه وعدم التذكر وانه فى صورة الاولى تجرى قاعده الفراغ ، وفى صورة الثانية تجرى عند التعرض لمدرك قاعده اليقين بعد بيان عدم شمول اخبار الاستصحاب لها فراجع.

بقى فى المقام شيء ينبغى التنبيه عليه وهو ان ما ذكرنا من جريان قاعده الفراغ فى الجاهل المقصر عمل بهذه لا يدرى كيفية عمله وانه مطابق لرأى من يجب عليه تقليده او غير مطابق انما هو بعد تقليده او اجتهاده وعمله باحكام العمل من الاجزاء والشرائط والموانع. واما قبل التقليد والاجتهاد فلا يجرى فى حقه قاعده الفراغ لا من جهة ان شكه لا يتمحض فى كيفية العمل بل لان الجاهل المقصر حيث انه قد تنجز عليه الاحكام بنفس التفاته وشكه وكان اللازم عليه هو التعلم ، او الاحتياط كان حكمه حكم العاقل باحد اطراف الشبهة غفله حيث قلنا انه لا يجرى فى حقه قاعده الفراغ وبعبارة اخرى الشك فى صحه عمل الجاهل المقصر يندرج فيما قلناه فى الوجه الثانى من القسم الثالث من اقسام الشك بعد الفراغ وهو ما اذا كان شكه بعد الفراغ مسبوقا بالشك ، قبل العمل وكان حكمه مخالفا لحكم الشك بعد الفراغ الذى قد عرفت عدم جريان قاعده الفراغ فيه بمقتضى القاعدة عدم جريان قاعده الفراغ فى حق الجاهل المقصر إلّا انه بعد تقليد او اجتهاد يجرى فى اعماله السابقة وذلك لانحلال علمه الاجمالى بالتكاليف ، وبالجملة كان حكم الجاهل المقصر قبل التقليد هو الاحتياط والاخذ بتمام اطراف الشبهة وبعد التقليد ينقلب حكمه ويكون الحالة السابقة لسائر الشبهات البدوية التى يحتمل مطابقتها للواقع.

٢٢٣

بقى الكلام فى حكم من يحتمل الترك عمدا الذى وعدناه سابقا ، ومجمل الكلام فى ذلك هو انه لا ينبغى الاشكال فى عدم شمول قوله" هو حين العمل اذكر" اذ احتمل الترك عمدا اذا المقابل للذكر هو النسيان لا العمد فان على كون الأذكرية علة للحكم فاحتمال الترك عمدا يخرج عن مجارى قاعده الفراغ والتجاوز ، بل الظاهر خروجه ايضا حتى بناء على عدم كونه وانه حكمه التشريعى والاخذ بالعموم قوله" كلما مضى من صلاتك وطهورك ، الخ" كما هو ظاهر من قوله مضى هو ما كان ماضيا بنفسه لا انه تركه عمدا فالانصاف ان احتمال الترك خارج عن مجرى القاعدة نعم يمكن ادراج ذلك فى قاعده اخرى وهو أصالة الصحة فى عمل نفسه بناء على تعميم أصالة الصحة بالنسبة الى عمل النفس وغيره وسيأتى الكلام فيه.

هذا تمام الكلام فى قاعدتى الفراغ والتجاوز.

ومن الاصول الحاكمة على الاستصحاب أصالة الصحة فى الجملة. وتنقيح البحث يتم فى طى تنقيحات :

الاول : فى حكم اصل الصحة بالنسبة الى عمل الغير ولا اشكال فى اعتبارها فى الجملة إلّا ان الكلام فى مدرك اعتبارها. وقد استدل له بالكتاب والسنة ، والاجماع ، والسيرة المستمرة من بناء العقلاء ، ولزوم العسر والحرج ، واختلال النظام وغير ذلك ولا يخلو من المناقشة والعمدة منها هو الاجماع وبناء العقلاء فى الجملة لكون الآيات والاخبار بمعزل عن الدلالة على المدعى وهو حمل عمل الغير على الصحة بمعنى ترتيب آثار الواقع على فعله ، بل انما تدل على حسن المعاشرة مع الناس ، واما العسر والحرج واختلال النظام فبالمنع عن لزومها لو لم يبن على

٢٢٤

الصحة. اما فى العبادات فلانه لو لم يحتمل العبادات الصادرة عن الغير على الصحة بل لو حملناها على الفساد لم يلزم منه اختلاف النظام ابدا ، واما فى المعاملات فكذلك لم يقع القبض ضرورة انه اذا كان الثمن فى يد المشترى والمثمن فى يد البائع يكون حالهما حال قبل وقوع العقد وكما لا يلزم من كونهما اختلال النظام ولم يقع العقد بعد كذلك لا يلزم من كونها فى يدهما اخلال وقد وقع العقد ومع حصول القبض ومبادله كل من العوضين عن كل من اليدين الى الاخرى وان كان لا يوجب الاختلال فى المبيع عن الحمل على الصحة ولكن لا يحتاج فى رفع الاختلال الى الالتزام باجراء أصالة الصحة لكفاية اليد فى الحكم بالصحة بمعنى ترتيب الآثار على ذيها ومعه لا يلزم اختلال مع عدم اجراء أصالة الصحة. وبالجملة فالمدرك هو الاجماع وبناء العقلاء فالظاهر انعقاده على اعتبارها فى الجملة والظاهر منه ايضا ان يكون انعقاده على اعتبارها على نحو القضية الحقيقية بان يكون على عنوان أصالة الصحة فى فعل الغير لا القضية الخارجية ، بان يكون فى موارد الجزئية والصغريات الخارجية فحينئذ لا يضر الاختلاف فى بعض الموارد والصغريات فى مقام التمسك بالاجماع.

وتوضيح ذلك انه قد يكون الاجماع مستفادا من الاستقراء والتصفح فى الموارد الجزئية الخارجية التى بنوا على أصالة الصحة فيها وقد يكون نفس قضية أصالة الصحة فى عمل الغير معقدا للاجماع مثل ما لو ورد دليل لفظى يدل عليه. فعلى الوجه الاول لا بد فى اعتبار الاجماع من الاقتصار على مقدار الاستقراء والموارد التى انعقد الاجماع عليه. وعلى الوجه الثانى لا بد من اتباع معقد الاجماع ولا يضر تحقق

٢٢٥

الخلاف فى الموارد الجزئية وثبوت القبول بالفساد فيها والموارد التى يعلم الخلاف وذلك لكون المورد المختلف فيه كالمخصص بالنسبة الى ما سبق من الكلية من معقد الاجماع وذلك كالدليل اللفظى يعينه حيث يورد بلفظ عام بلزوم الحمل على الصحة ثم ورد الحمل على الفساد فى موارد جزئيه والظاهر ان يكون الاجماع المنعقد فى المقام على وجه الثانى واما بناء العقلاء فتقريره ان الظاهر من حال كل مسلم مريد لفعل من عقد ، او ايقاع او عبادة انه يوقعه على وجه صحيح منها دون الفاسد وهذا فعل يطمئن به النفس فى الجملة وقد نسبه الشيخ (قده) الى بعض معاصريه والظاهر انه المحقق القمى (قده) ولم يعلم وجه النسبة اليه مع كون بناء الفقهاء على هذا المبنى.

ثم انه لا اشكال فى ان المراد من الصحة فى المقام هو الاعم من التكليفى والوضعى بعد ما يوجب التخصيص باحدهما بعد اتحادهما فى الشمول للدليل ، وهذا لا كلام فيه وانما الكلام فى ان المراد من الصحة هى الصحة عند الفاعل او عند الجاهل وتفضيل ذلك ان الفاعل للعمل اما عالم بشرائط العمل واجرائه عن اجتهاد او تقليد او جاهل منهما والجاهل ايضا اما عالم بحال العامل ، او جاهل وفى صورة العلم بحال الجاهل اما يكون عمل العامل موافقا مع رأى الجاهل او رأى مجتهده ، او يكون مخالفا ، ومع المخالفة اما يكون التخالف بالتباين او بالعموم والخصوص المطلق ، او بالعموم والخصوص من وجه ويختلف حكم تلك القيود بحسب مدرك القاعدة من كونه هو الاجماع او ظاهر حال المسلم.

الصورة الاولى ـ ما اذا كان الفاعل عالما بشرائط العمل واجرائه

٢٢٦

اجتهادا او تقليدا وكان الحامل ايضا عالما بعلم الفاعل بالشرائط والأجزاء وكانا موافقين فى الرأى اجتهادا او تقليدا ولا اشكال فى الحمل على الصحة فى هذه الصورة مطلقا سواء كان المدرك هو الاجماع او ظاهر حال المسلم ، ولا يتفاوت بين صحه العاملية والحاملية لتوافق العامل والحامل فى الصحة.

الصورة الثانية ـ هى الاولى بعينها مع مخالفه الحامل مع العامل فى الرأى او التقليد بالتباين فان كان المدرك هو الظاهر فلا تجرى فى المقام لانه ليس لنا ظاهر يؤخذ حينئذ بل الظاهر على خلافه لا كل الفاعل آتيا بما يطابق رأى الحامل مع علمه بالشرائط والاجزاء ومخالفته مع الحامل اجتهادا بعيد بل الظاهر كونه آتيا بما هو زيه ... الذى يكون باعتقاد الحامل باطلا فلا يمكن الحمل بالصحة حينئذ بمعنى ترتيب آثار الواقع على فعله فلا يجوز الاقتداء به حينئذ والحال هذه اللهم اذا قلنا بان الصحيح عند الفاعل يكون موضوعا للأثر الذى عند الحامل واقعا فحينئذ يقال بالصحة ونحوه وان علم الحامل بكون الفاعل آتيا بما هو مقتضى مذهبه لكنه لم يثبت ذلك ، ضرورة ان اثبات كون الصحة عند الفاعل موضوعا عند الحامل يحتاج الى دليل مفقود مع انه مخالف للامارية وكون الواقع واحد غير متعدد حسب تعدد الطرق والامارات كما عليه البناء واستقر عليه التحقيق وان كان المدرك هو الاجماع فكذلك الآن يكون كاشفا عن كون هذه القاعدة اصلا تعبديا يكون مورد اجرائها مجرد احتمال الصدور ما هو محل الانطباق على الواقع.

الصورة الثالثة ـ هى الاولى بعينها ايضا لكن مع مخالفه رأى

٢٢٧

الحامل مع الفاعل اجتهادا او تقليدا بالعموم والخصوص المطلق كما اذا كان رأى الفاعل صحه العقد بالفارسى والحامل لا يجوزه فان كان المدرك هو الظاهر فلا يشتمل تلك الصورة الصادرة المنصوص فيه هو صورة العقد من الفاعل لكن مطلق العقد الاعم من العربى والفارسى صحيحا عند الحامل بل لا بد عنده من قيد العربية وهذا القيد غير محرز عند الحامل ولا يقتضى الظاهر حصول هذا القيد من الفاعل لكون الظاهر من حاله انه يوجد ما يراه مصححا ويكون عنده زائر والمفروض انه يعتقد صحه العقد الفارسى بالفارسى وعند الدوران بين كونه صادرا عربيا او فارسيا لا ظهور لفعله فى كون الصادر منه هو العقد عربى وهذا ظاهر جدا. وان كان المدرك هو الاجماع وكان مفاده مفاد الاصل وقاعده الفراغ بمعنى كونه امرا تعبد يا فلا مانع لشموله بهذه الصورة ومن هذا يظهر حكم الصورة الرابعة وهى ما اذا كان كالاولى ولكن مع المخالفة بينهما بالعموم والخصوص من وجه او مع كونه مادة الافتراق صحيحا عند الفاعل كمادة الاجتماع لا ظهور فى فعله فى كونه على الوجه الصحيح عندهما معا نعم لو كان المدرك هو الاجماع وقلنا فيه ما يعتمد يحمل على الصحة.

الصورة الخامسة ـ ما اذا كان الفاعل جاهلا لشرائطه والاجزاء مع علم الحامل بجهله فلا معنى لاجزاء القاعدة فى هذه الصورة بناء على كون المدرك هو الظهور لعدم ظهور حال مع فرض العامل جاهلا بالشرائط والاجزاء ، ومجرد احتمال مصادفة عمله مع الواقع لا يوجب ظهورا يركن اليه نعم اذا كان المدرك هو الاجماع فلا مانع من التمسك به ولو لم يستكشف منه كون القاعدة اصلا تعبديا.

السادسة : ما اذا كان جاهلا لعلم الفاعل وحكم هذه الصورة

٢٢٨

لا يبعد ان يكون كالصورة الاولى من صحه التمسك بالقاعدة مطلقا. فالمنحصل ان المدرك لو كان هو الظهور ليخرج اكثر هذه الصور وهو غير صورة الاولى والاخير عن تحت هذه القاعدة. ولو كان المدرك هو الاجماع على استكشاف الاصل التعبدى يكون كلا الوجهين داخلا تحت القاعدة لكن الظاهر كون المسأله إجماعية كما هو المتراءى من عمل الاصحاب من اجرائهم فى جميع هذه الصور من غير نكير.

وليعلم ان موارد جريان هذا الاصل ايضا كموارد جريان قاعده الفراغ لا بد من كون الشك متعلقا لصورة العمل وانه اذا كان صورة العمل محفوظة وكان منشأ ذلك امرا آخرا من شبهه الحكمية والمفهومية فلا يكون من مجارى هذا الاصل ، واما أصالة الصحة بالنسبة الى فعل النفس فى غير الموارد التى تكون مجرى القاعدة من الشك فى العمل من جهة الاخلال بالمشكوك عمدا الذى قلنا بعدم جريان قاعده الفراغ فيه فالظاهر ان يكون مثل عمل الغير فى انعقاد الاجماع على جريانها فى الجملة هذا تمام الكلام بالنسبة الى العبادات بالنسبة الى عمل الغير وعمل النفس.

واما بقية احكام أصالة الصحة واعلم ان الشرائط المعتبرة فى العقود تارة اخذت فى نفس العقد ، واخرى يكون من شرائط المتعاقدين وذلك مثل البلوغ والعقل والرشد وغيرها ، وثالثه تكون من شرائط العوضين لكون العوضين مما يصح تمليكه ولكون بيع الراهن بإذن المرتهن او بيع الوقف فيما يصح بيعه او بيع ام الولد فيما يصح بيعها ومن الموارد التى استثنى عن الفساد فى الشك فى الصحة والفساد قد يكون ناشيا من جهة الشك فى فقد ما يعتبر فى نفس العقد وقد يكون ناشيا

٢٢٩

فى فقد ما يعتبر فى المتعاقدين وقد يكون ناشيا فى فقد ما يعتبر فى العوضين وهذا ايضا على وجهين : احدهما ان يكون الشك فى الصحة من الشك فى وقوع العقد على الخمر ، او الخل ، او على العبد ، او الحر ونحو ذلك وثانيهما ان يعلم بوقوع العقد على الوقف او على المال المرتهن وعلى ام الولد ولكن شك فى تحقق مجوز البيع ويكون الشك فى الصحة ناشيا عن الشك فى وجود المجوز.

اذا عرفت ذلك فاعلم ان هنا احتمالات ثلاث : اختصاص جريان أصالة الصحة بما اذا كان الشك فى فقدان ما يعتبر فى نفس العقد.

وثانيهما تعميم جريانها بما اذا كان الشك فى فقدان ما يعتبر فى المتعاقدين ايضا.

وثالثها تعميم جريانها بما اذا كان الشك فى فقدان ما يعتبر فى العوضين اذا كان من قبيل النحو الاول منه دون الثانى.

ورابعها تعميم جريانها حتى بالنسبة الى نحو آخر ايضا ولا بد من تنقيح ذلك من بيان امرين : الاول ان الدليل على ذلك الاصل ليس إلّا الاجماع وهو دليل لبى ليس هنا عموم لفظى حتى يتمسك عند الشك الثانى ان هذا الاصل حكمى فى موضوعى بمعنى انه ليس متكفلا لتنقيح الموضوع فاذا شك فى كون العقد بصيغه الماضى بناء على اعتبار الماضوية فبأصالة الصحة لا الى اثبات ما هو شرط فى صحته او تحقق ذلك فاذا عرفت ذلك فنقول : لا ينبغى الارتياب فى اجرائها فى الاول اعنى فيما اذا كان الشك فى فقد ما يعتبر فى نفس العقد لان هذا هو المتيقن من الاجماع ولو منع من اجرائها فى هذا المورد للزم الغاء هذا الاصل عن الاعتبار

٢٣٠

بالمرة كما لا ينبغى الاشكال فى عدم جريانها فى نحو الاخير من الشك فيما يعتبر فى العوضين وذلك لان العنوان المحرز من العقد الواقع على الوقف وعلى العين المرهونة او انه ام الولد محكوم بنفسه مع قطع النظر عن طور ما يوجب صحته لو كان صحيحا وداخلا فيما استثنى من الحكم بالفساد لكان من جهة طرو عنوان المخصص عن حكم الفساد كاذن المرتهن وغيره ، ولا يخفى ان هذا العنوان خارج عن حقيقة العقد وعما يعتبر فيه بما هو عقد ولا اشكال فى اعتبار كون الفعل الخارجى الصادر منه هو مجرى الاصل وهذا الفعل الخارجى بنفسه لا يكون مجرى هذا الاصل لانه بنفسه محكوم بالفساد فلا يمكن ان يحكم عليه بما هو عقد واقع على الوقف ونحوه بالصحة كيف والحكم بفساده بما هو عقد ناش من الأدلّة الاجتهادية الدالة على اعتبار المطلق فى اللبى ومعه لا تنتهى النوبة الى الاصل العملى ، واثبات وجود مصحح باجراء أصالة الصحة فى نفسه مبتن على الاصل المثبت ونفس المصحح لا يكون فعلا خارجيا للفاعل لكى يكون مجرى اصل الصحة بل مجرى الاصل موضوعى وهو أصالة عدم وجود المخصص.

ثم اعلم ان الشرائط المعتبرة فى العقد بما هو عقد كلها راجعه الى الشرائط فى ناحيه السبب ، اما الشرائط المعتبرة فى ناحيه العوضين ، او المتعاقدين فهما على قسمين فمنها ما يرجع الى الشرط فى ناحيه السبب ايضا وذلك كاعتبار الكيل والوزن فى المكيل والموزون ، واعتبار عدم التفاضل فى الجنسين فى المساحة الربوية ونحوها. ومنها ما يرجع الى الشرط فى قابلية المحل لان يؤثر فيه السبب مثل كون المبيع ملكا طلقا

٢٣١

او غير متعلق لحق الغير ، او الى الشرط فى قابلية من صدر منه كالبلوغ وأصالة الصحة تجرى فيما اذا شك فى تحقق ما هو شرط فى ناحيه السبب سواء كان من الشرائط للعقد او المتعاقدين ، او العوضين. واما اذا كان الشك فى تحقق ما له دخل فى مرحله اخرى فلا مجرى لها. وبعبارة اخرى بعد قابلية المحل وقابلية الفاعل شك فى مرحله السببية فهو مجرى الاصل ولكن للتأمل فيه مجال. قال وتنقيح صحه ما ادعيناه بيان مورد الحكم بفساد المعاملة من جهة النهى فنقول ان النهى المتعلق بهما اما يرجع الى السبب وذلك كالبيع وقت النداء واما يرجع الى ناحيه المسبب كالبيع الربوى ، وما كان مقتضيا الى الفساد وهو الثانى لانه موجب لرفع سلطنة المالك عن التصرف فيما له هذا التحقق الخاص فكما انه مع عدم السلطنة عقلا وعرفا لا يصح منه البيع وكذا اذا لم يكن له سلطنة شرعا اذا ظهر ذلك فنقول ان مرتبه مالكيه العاقد للمسبب شيء ومرحله تمامية السبب شيء آخر ضرورة ان الاول عبارة عن كون العاقد مالكا لان يوجد المسبب بالسبب فما هو فى مالكيه لان يوجد المسبب بايجاد السبب غير مرتبه بما له دخل فى كمال السبب هذا بالنسبة الى شرائط المتعاقدين وهكذا بالنسبة الى شرائط العوضين فان كون المبيع عينا او ملكا او طلقا انما هو امور اعتبر فى قابلية المحل لان يحصل فيه المسبب اعنى النقل والانتقال ثم بعد تحققها والفراغ عن قابلية المحل لان يحصل فيه النقل بالسبب لو كان السبب تاما لاثر.

اذا عرفت ذلك فاعلم ان القدر المتيقن من اعتبار أصالة الصحة انما هو فيما اذا كان الشك فى الصحة من جهة الشك فى فقد ما يعتبر فى

٢٣٢

السبب وذلك لوقوع الخلاف فى الشك فى الشرائط المعتبرة فى المسبب لو لم نقل بوجود الاجماع على خلافه كيف ولو بنى على اجرائه مطلقا حتى فيما كان الشك فى فقد ما يعتبر فى المسبب للزوم تأسيس فقه جديد كما اذا شك فى صحه العقد من جهة كون البائع وكيلا او ليس بوكيل او كون العين ملكا او طلقا وغير ذلك.

وبعبارة اخرى ان أصالة الصحة حكم مترتب على موضوع وهو عبارة عن العقد حيث نقول هذا العقد موضوع ولا شبهه فى ان تلك القضية عقد وضعى وعقد حملى ، وعقد الوضع فيما هو العقد المفروض تحققه عمن له الولاية على العقد على المعقود عليه القابل لان يتعلق به العقد فشرائط العوضين والمتعاقدين فيها راجعه الى عقد الوضع فبعد فرض تحققها فى طرف الموضوع على نحو القضية الحقيقة واذا شك فى صحته بما هو هذا العقد يحكم عليه بالصحة ، فالمحمول المترتب عليه هو المحمول المترتب على العقد المفروض كونه على الوصف العنوانى وهذا الحكم متأخر بالرتبة عمن اخذه وضعا مفروض الوجود فى ناحيه الموضوع ضرورة تقدم عقد الوضع على عقد الحمل كتقدم الموضوع على المحمول لكون النسبة فى طرف عقد الوضع تقييديه وفى طرف عقد الحمل خبريه والنسبة التقييدية مقدمه على نسبه الخبرية فلا يعقل ان يكون مسببا لوصف الموضوع وهذا هو المراد فيما قلنا بتقديم مرحله الشرائط المتعاقدين والعوضين على مرحله شرائط العقد واما فى طرف عقد الحمل مما كان العقد على تقدير صحته متصفا به واقعا فعند الشك فيه يحكم بتلك الصحة وان كانت صحه فعليه فيحكم عند الشك بالصحة الفعلية وان كانت الصحة المتصفة بها تأهيلته فعند الشك فيها

٢٣٣

يحكم بالصحة التأهلية واذا شك فى صحه عقد يعتبر فى صحه القبض وذلك كبيع الصرف والرهن ، والهبة والوقف حيث ان القبض فى المجلس شرط فى الصحة الاول والقبض ما دام العمر يشترط فى الباقى فالصحة المحكومة عليها بالاصل هى صحه التأهلية لانه على تقدير تحقق الشرائط صحته بما هو عقد بتلك الصحة الفعلية. وبعبارة اخرى المحكوم عليه هو الصحة المترتبة على العقد بما هو لا بما هو عقد وقبض وليس هو إلّا الصحة التأهلية بمعنى انه قابلا لان يتعقبه القبض ومما ذكرنا ظهر انه لو شك فى صحه العقد من جهة الشك فى تحقق القبض فيما يعتبر القبض فى صحته لم يكن اثبات الصحة بالاصل فلو شك فى صحه الايجاب من جهة الشك فى تحقق القبول بعد لم يكن اثبات صحته بالاصل فظهر ايضا فساد ما ذكر من جريان الاصل فى صحه بيع عين المرهونة مع العلم باذن المرتهن ورجوعه عنه والاختلاف فى التقديم والتأخير ثم معارضته بالاصل صحه الرجوع وذلك لوضوح عدم جريانه لا فى البيع ولا فى الرجوع اما فى البيع فلعدم احراز قابليته بمعقود عليه لان يقع عليه العقد فى طرف عقد الوضع المعتبر احرازه بالبيان المتقدم واما فى الرجوع فلان أصالة الصحة فى الرجوع تثبت الصحة اذا احرز صدوره ممن له الرجوع ولو كان البيع قبل الرجوع فلا يكون له الرجوع لبطلان الرهن بالبيع وخروجه عن العين متعلق حق المرتهن او ان لم يبطل تصرف الاذن ولا يصح منه الرجوع قبل البيع ومع عدم احراز ولاية. لا مجرى لاصالة الصحة بل يدخل فى مسألة الحادثين الذى يشك فى تقديم احدهما ومما ذكرنا يظهر ان أصالة الصحة فى العقد او فى الايجاب لا يعارض مع أصالة عدم تحقق القبض وذلك لا مكان الحكم بالصحة التأهلية مع القطع بهدم تحقق القبض والقبول.

٢٣٤

تنقيح :

يعتبر فى اجراء أصالة الصحة امرين :

احدهما ـ احراز نفس العمل المشكوك.

وثانيهما ـ احراز عنوان العمل.

اما الاول : فلا يخلو ان العمل اما يكون من المعاملات بالمعنى الاخص اعنى العقود والايقاعات ، واما يكون من العبادات او المعاملات بالمعنى الاعم كغسل الثوب ويشتركان فى انهما يمكن احرازهما بالوجدان ففى العقود والايقاعات يمكن الاحراز باخبار الفاعل ولو لم يوجب الاطمينان وذلك القاعدة من تلك بخلافه فى العبادات والمعاملات بالمعنى الاعم والسر فى ذلك ان الفاعل فى العقود المالك لإيقاع العقد وسلطان عليه فهو بتملكه على ايجاده مالك على اقراره وهذا بخلاف العبادات حيث ان الايقاع فيها يكون عليه لا له بمعنى انه يجب عليه الاتيان بها لا ان له سلطنة فى ايجادها فكم فرق بين السلطنة على البيع وبين وجوب الصلاة عليه الاول حكم له والثانى عليه وكذا فى مثل غسل الثوب وهل يثبت قوله اذا كان موثوقا به وموجبا للاطمينان ام يعتبر فيه بعدالة وجهان التحقيق هو الاول اما عدم اعتبار العدالة فلعدم ما يدل على صحته خبر الواحد فى الموضوعات واطلاقات أدلة حجيه الخبر وان كانت شامله له فى الموضوعات إلّا انه بعد ورود المقيدات باعتبار البينة فى الموضوعات يقع الشك فيها من جهة فى مقدار المقيد فاثبات حجيه العدل الواحد فيها دونه خرط القتاد. واما حجيه قوله من باب الوثوق فلانه لا اشكال فى صحه الاستنابة

٢٣٥

فى كثير من العبادات عن المسبب مثل ما يفعله الولى والأجير بل المتبرع به وكذا عن العاجز كما فى الحج او العبادات المالية مثل الزكاة والخمس فلو اعتبر فيها العلم لصدورها من الفاعل المباشر لزم انحصار القاعدة لتشريع الاستنابة فيها على المورد النادر لعدم العلم الوجدانى فلا بد من الاكتفاء بالاطمينان الى فعل من قوله حذرا عن اللغوية ومع حصول الاطمينان يكون اعتبار العدالة امرا زائد الا دليل عليه فالملاك حينئذ هو حصول الاطمينان بفعله من كونه عادلا او لم يكن واما الامر الثانى اعنى احراز عنوان العمل فلا يخلو اما ان يكون من العناوين الخارجية كعنوان الصلاة فانه عنوان خارجى مضيق على العمل فى مقابل ما اذا قام وقعد وقرء لا بعنوان الصلاة كعنوان غسل الثوب لا زاله القدرة الشرعية. واما ان يكون من العناوين القصدية وهذا الاخير ايضا على اقسام لانه اما ان يكون القصد محققا للموضوع المعنون بذلك العنوان كقصد البيع ، واما ان يكون شرطا لصحة العمل كقصد القربة فى العبادات لان الصلاة الفاقد لقصد القربة صلاة لكنها ليست يصححه بخلاف العقد الفاقد للقصد فانه ليس ببيع ، واما ان يكون شرطا لفراغ ذمة المشتغل كعمل النائب فان قصد فراغ الذمة المنوب عنه يعتبر فى تفريغ ذمته لعمل النائب فيما لم يقصده النائب لم يترتب على عمله التفريغ اذا تحقق ذلك فنقول : اما احراز الاول على العنوان الخارجى فهو كاحراز نفس العمل اما بالوجدان ، واما بحجه شرعيه وهل عبارة عن اخبار الفاعل لقاعدة من ملك فى العقود والايقاعات ويعتبر الوثوق فى عنوان العبادات كما تقدم فى المعاملات بالمعنى الاعم وهكذا الكلام فى القسم الاول من الثانى حيث ان قصد البيع مثلا قد يحرز بالوجدان وقد يحرز باصل عقلائى مثل أصالة عدم

٢٣٦

كونه هازلا او عابثا وقد يحرز باخبار الفاعل لقاعدة من ملك وفى هذه الاقسام كلها لا مجال لجريان قاعده أصالة الصحة اصلا ضرورة ان الشك ليس فى صحه العمل وفساده بل فى اصل تحققه وما هو محكوم بصحة سببية الاصل انما هو الصلاة بعد احراز عنوانها وكذا فى المعاملات فاذا شك فى كون الفاعل قاصدا للبيع او هازلا لا يمكن احراز صحه البيع الواقع منه بالاصل لكون الشك فى اصل صدوره. واما القسم الثانى من القسم الثانى اعنى ما كان العقد شرطا لصحة العمل المعنون بالعنوان بعد احرازه بعنوانه فهو من مجارى أصالة الصحة وذلك لوضوح تحقق العمل الصلاة المتصف بالصحة والفساد بسبب وجدان ذلك الشرط وفقدانه فمع الشك فى الشرطية يكون مجرى الاصل.

واما القسم الاخير اعنى مثل قصد النيابة فالمذكور فى عبارة الشيخ (قده) ان احراز صحته لا يوجب فراغ ذمته المنوب عنه لكون ذلك من الاصل المثبت.

وحاصل ما افاده ان لهذا العمل جهتين :

إحداهما ـ من حيث صدوره عن الفاعل والآخر من حيث وقوعها عن المنوب عنه لتكليفه به ، اما بالمباشرة او بالتسبيب وما يحرز بالاصل انما هو الاولى واما الثانية فاحرازها بأصالة الصحة يبنى على الاصل المثبت ولا يخفى ما فيه ، وتحقيق الكلام ان يقال اما احراز كون الفاعل بفعله فى مقام تفريغ ذمة المنوب عنه فهو مثل احرازه باصل عملى اما يكون بالوجدان او باخبار الفاعل مع اعتبار الوثاقة او العدالة على خلاف ولا يمكن احرازه بأصالة الصحة ، واما بعد احرازه اما بالوجدان او بحجه شرعيه فاذا شك

٢٣٧

فى صحته ما اتى به لا فراغ من اشتغلت ذمته به وفساده فيجرى الاصل المثبت وذلك لفساد ما افاده من التسبيب وبطلان لازمه ان اريد منه التسبيب المصطلح اعنى ايجاد السبب مثل حفر البئر فى الطريق الموجب لوقوع الانسان فهو غير معقول اعلى توسيط إرادة الفاعل فى فعله او كون الفعل الإرادي سببا لفعل خارجى غير معقول فمن اشتغلت ذمته بالحج لا يكون سببا فى ايجاد الحج عن اجيره باجارته وان اريد منه غير معنى المصطلح بان يكون المراد من سبب ما هو السبب فى ايجاد الداعى عن الفاعل حتى انتهى الى صدور الفعل عنه بإرادة وهذا المعنى وان كانت صحيحا فى نفسه إلّا ان السبب بهذا المعنى غير محتاج اليه فى الحكم بفراغ ذمة المشتغل باعمال الفاعل بعد احراز كون الفاعل بفعله فى المقام افراغ ذمة من اشتغلت ذمته بالعمل لقيام الضرورة يتحقق التفريع لعمل المتبرع فيما يصح فيه النيابة مع انه ليس فيه سبب اصلا وحينئذ فلا يكون عمل الفاعل جهتان بل ليس فيه إلّا جهة واحدة وهى كون الفاعل آتيا به لتفريغ ذمة الغير فاذا احرز صحته بالاصل لا ينبغى للحكم بالتفريغ حاله منتظره اصلا ومن ذلك ظهر ان حديث تنزيل النائب لنفسه منزلة المنوب عنه كما ذكر العلامة الشيرازى فى حاشية مكاسب البهبهانى فى تصحيح العمل العبادى ليس على ظاهره لعدم تنزيل فى البين اصلا بل انما ذكره من باب التقريب وغرضه هو ما ذكرنا من كون المصحح هو اتيان الفاعل بالفعل لا فراغ ذمة الغير ومع اتيانه بهذا العنوان يفرغ ذمته قطعا بضرورة صحه العمل المتبرع ، وبما ذكرنا يظهر صحه وضوء المتوضى للعاجز بناء على ان يكون هو الموضى لان المتوضى وصحه التمسك بالاصل فيما ذا احرز

٢٣٨

عنوان العمل لانه لا معنى للحكم بصحة وضوء المتوضى الا فراغ ذمته المتوضى كما انه لا معنى للحكم بصحة عمل النائب بعد احراز كونه عاملا لتفريغ ذمة المنوب عنه الا الحكم بتفريغ ذمة المنوب فالحكم بالصحة واستحقاقه للاجرة مع الحكم بعدم فراغ ذمة المنوب عنه متضادان وان مع احراز صحه العمل فلا يحتاج الى الحكم بفراغ الذمة الى واسطة بل الفراغ يحصل بنفس الحكم بالصحة كما هو واضح.

تنقيح قد انضح مما تقدم من بيان اشتراط تحقق مالكيه العاقد والمعقود عليه عدم الاحتياج الى النسبة المحاس الذى عقده الشيخ (قده) لايضاح عدم حجيه المسبب من أصالة الصحة بعد ظهور كونه من الاصول لا من الظواهر ولا يخفى ان ما افاده (قده) من عدم اثبات ما يلازم الصحة من الامر والخارجية عن حقيقة الصحيح يتبين جدا من حيث الكبرى لكن الشأن فيما مثل به انه لو شك فى انتقال المبيع الى المشترى ولا يحكم بخروج ملك العين المردد بين الخمر والخل من تركته وذلك ان خروجها من لوازم الصحة الشراء ان الشراء الصادر من الغير كان بما لا يملك كالخمر او من اعيان ماله كالخل يحكم بصحة الشراء وأصالة الصحة فيه لا يتكفل لا ثباته فيرجع فيه الى أصالة عدم انتقال شيء من تركته الى البائع ولا يخفى ما فيه ضرورة انه معنى صحته الشراء المحرزة بالاصل على حسب الفرض ومع الحكم بعدم انتقال الثمن عن المشترى ومقتضى ما ذكرناه هو انتقال المبيع اليه بلا عوض.

والتحقيق فى هذا المثال هو عدم امكان التمسك بالاصل وذلك لعدم احراز كون المعقود عليه قابلا كما مر. نعم ما نقله عن العلامة (قده) هو الموافق بالمقام ومن مصاديق تلك الكلية اما المال الاول وهو لو قال المالك آجرتك كل شهر بدرهم وقال المستأجر بل سنه بدينار فلان المالك

٢٣٩

يدعى بطلان الإجارة فى غير الشهر الاول بناء على مذهب العلامة بصحة الإجارة فى الشهر الاول والمستأجر يدعى بصحتها فى جميع الشهور فيكون قوله موافقا لاصالة الصحة لكن أصالة الصحة لا يثبت وقوع الإجارة على الدينار لعدم اثبات لوازم الصحة بالاصل. ولا يخفى ان الاختلاف بينهما يكون فى درهمين بناء على ان يكون كل دينار عشرة دراهم فكان المستأجر يدعى كون الإجارة عشرة دراهم والمالك يدعى كونها اثنا عشرة دراهم وأصالة الصحة لا يثبت كونها موافقا مع العشرة. واما مثال الثانى اعنى ما لو ادعى المستأجر مدة معينة معلومة او عوض معلوم وانكر المالك التعين فمعلوم ان المستأجر يدعى الصحة والمالك منكر الفساد والمراد بقوله والاقوى التقديم اى تقديم قول المستأجر فيما لم تتضمن الدعوى اى لم يكن أصالة الصحة مثبتا واصطلاح اصل المثبت بهذا الاسم نشأ من زمان الشيخ المحقق كاشف الغطاء وتبعه من تأخر عنه واما فى كلام المتقدم عنه فلم يكن بهذا الاسم وان كان المعنى الموجود عندهم كما ينادى بتلك العبارة من العلامة رحمه‌الله فلاحظ.

ثم ان ظاهر عبارة القواعد كما هو صريح جامع المقاصد عدم جريان أصالة الصحة فى المثالين من جهة كونها من الاصل المثبت لاجرائها وعدم اثبات اللوازم بها كما هو مدعى الشيخ فى الكتاب فعلى هذا عبارة المذكورة أجنبية عما هو فى مقام الاستشهاد به التحقيق عدم جريانها فى المثالين كما استظهرناه من القواعد وذلك بما تقدم من توقف صحه اجرائها الى احراز صحه صدور العقد من العاقد وتعلقه بالمعقود عليه. وفى المثال الاول يكون معقود عليه مشكوكا من جهة الشك فى كونه منفعة كل شهر لكى

٢٤٠