الذخر في علم الأصول - ج ١

السيّد أحمد النجفي الأردبيلي

الذخر في علم الأصول - ج ١

المؤلف:

السيّد أحمد النجفي الأردبيلي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: مطبعة أمير
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤٢
الجزء ١ الجزء ٢

إليه ، وتبعه عليه النائيني ـ قدس‌سره ـ في وجود الثمرة ، وقال : انّ الثمرة تظهر في حجّية ظهور الخطاب المشافهيّة وصحّة التمسّك بها في حقهما لعدم كونهم مخاطبين فيما تضمّنه ذلك الخطاب بل بقاعدة الاشتراك بخلافه على الشمول لا يحتاج عليها فيشمل بعموم الخطاب على الغائب والمعدوم ، ولو مع اختلاف الصنف.

وثانيهما : انه يشترط في اشتراكهما في الحكم اتّحاد الصنفين والإجماع باشتراكهما على تقدير الاتحاد في الصنف والأدلّة القائمة على الاشتراك غير الإجماع يمكن أن تكون محمولا على تقدير الاتحاد ، فلا إجماع عليه على تقدير الاختلاف في الصنف ، فوجوب صلاة الجمعة على الحاضرين لا يدلّ وجوبها على الغائبين لاحتمال اختلاف الصنف بأن كان وجوبه مشروطا بحضور السلطان أو نائبه الخاص المفقود ذلك الشرط في حقّ غير المشافهين ولا وجه للتمسّك باطلاق الآية بعد احتمال اختلاف الصنف.

واعترض عليه : أنه لا مدخليّة في اشتراكهم في الأحكام الاتحاد بينهما مما لم يحده قلم ولا حيط ببيانه رقم واحتمال مدخليّة كون الحاضرين في عصر النبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أو صلاتهم خلفه ، وأمثال ذلك لكونهم في المدينة في الأحكام مما عدّ أساس الشريعة.

فنقول : قد عرفت فيما تقدّم من بطلان اختلاف المشافهين والغائبين في التكليف بالإطلاق والتقيّد ومجرّد وجدان الحاضرين للشرط وهو الحضور لا يكفي في تقيّد الإطلاق بالنسبة إلى الغائب ، ومنه

٤٨١

يستكشف عدم مدخليّة الحضور في حقّهم لأن المفروض اتحاد التكليف في جميع الأمّة.

ومما ذكرنا علم أنه لا يرد على قاعدة الاشتراك من لزوم انهدام أساس الشريعة كما أفاده ذلك المحقق القمّي ، أما إذا كان الخطاب مصدرا بأداة الخطاب قد عرفت تفصيلا من اختلاف الأقوال والإشكال فيه ليس فيه أصل يرجع إليه عند الشكّ بأنّ إطلاق الحكم هل هو مقيّد بالمشافهين أم لا؟ إذ موارد الشكّ على أقسام :

(الأول):

أن يكون الشكّ في كيفيّة تعلّق الحكم لغير المشافهين بأنه هل هو مقيّد بالحاضرين أو أنه مطلق كما قررناه في الثمرة الثانية ، وحينئذ لا بدّ من رفع الشكّ إما بالتمسّك باطلاق الخطاب ثم التمسّك إلى دليل الاشتراك فانّ مجرّد عدم التقيّد الإطلاق لا يقتضي ثبوت الحكم للمشافهين على تقدير عدم الثبوت لعدم ثبوت الحكم بالتمسّك بالإطلاق فقط ، بل يحتاج إلى دليل الاشتراك فيه أيضا ، وأما التمسّك بأصالة البراءة عند الشكّ بين الاشتراط ـ الحضور ـ وعدمه ، وحيث كان الأصل الاشتراط فلا يبقى مورد لأدلّة الاشتراك.

(الثاني):

أن يكون الشكّ في مدّة الحكم بأنه هل يختصّ بزمان الحاضرين أو أنه مستمرّ إلى الأزمنة المتأخّرة ، فمرجع الشكّ في بقاء الحكم إلى الزمان

٤٨٢

المتأخّر أو ارتفاعه بطروّ النسخ أو بعدم وجود المقتضى واقعا ، فلا بدّ من التمسّك بالاستصحاب ولا وجه للاعتماد على البراءة لحكومته عليها.

ولا يكفي مجرّد الاستصحاب بل لا بدّ من التمسّك بأدلّة الاشتراك إذ المفروض من اختصاص الخطاب ، نعم ؛ يكفي الخطاب في غير المصدّر بالخطاب كما انه لا يكفي مجرّد الاشتراك أيضا إذ على تقدير النسخ لا مصرّح للاشتراك.

(الثالث):

أن يكون الشكّ بأنه هل الحكم يخصّ المشافهين ولا مدخليّة للوصف والعنوان ولا زمان كما انّ للوصف احتمال مدخليّته في القسم الأول ، فان أمكن رفع الشكّ بالتمسّك بدليل لفظيّ كالإطلاق ونحوه فهو ويحتاج إلى دليل الاشتراك أيضا على تقدير عدم الشمول وإلا فيمكن التمسّك فيه بأدلّة الاشتراك وانها كاشفة عن اتّحاد العنوان.

وقد ظهر مما ذكرنا الحكم الثابت بالدليل اللبّي ، وأما الأخبار الدالّة على تساوي جميع الأمّة في الحكم فلا بدّ بالتمسّك بها الظاهر منها إثبات التعميم من جهة الزمان كما فرضنا في القسم الثاني كما يظهر ذلك من قوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ : «حلال محمد حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة» ، ثم انه إذا ثبت الحكم في حق الرجال والنساء ولم يدل دليل على التعميم فهل الأصل العموم؟ وجهان بل قولان : فعن المقدّس الأردبيلي والمحقق الخوانساري يعم ، بل

٤٨٣

ادّعى جماعة منهم صاحب المدارك وإليه مال الشيخ وقال : وهو الأقوى لعدم ما يقتضي والإجماع على الاشتراك غير ثابت ، والحق هو الأول.

«البحث الثامن» :

في العام هل يوجب تخصيصه فيما إذا تعقّب العام بضمير يرجع إلى بعض مصاديقه ، كقوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَ) ـ إلى أن قال ـ : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ) حيث انّ المراد من المطلّقات ليس إلا الرجعيّات يعني الا بعض ما يتناوله الذي كان مرجعا لضمير فلا يخصص المطلّقات فلا تناول جميع أفراده ، وهو الأقوى كما ذهب إليه الشيخ ـ قدس‌سره ـ ، وقيل بالتوقّف.

ومن أمثلة المقام قوله تعالى ، وانّ عموم الطلاق بعد قوله : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ) حيث انّ الإيلاء وإن كان في اللغة لمطلق الحلف على ترك الوطي الغير المشروع فلا بدّ من أن يراد من الضمير في : «عزموا» ما هو المراد من النساء فيختص بالدائمة.

ومما ذكرنا يظهر ضعف القول بالعموميّة النساء الدائمة والمنقطعة ويخصصه بالضمير الذي عوّض التعريف لأن وجوب تربّص أربعة أشهر ليس في الحلف على ترك الوطي المنقطعة لكونه مشرّعا غير محرّم إلى الأبد ، وذهب إلى القول الثاني الشيخ الأنصاري وجماعة من المحققين منهم العلّامة في أحد قوليه والحاجبي.

ثم انّ محل البحث والكلام في المقام هو ما إذا كان الحكم الثابت

٤٨٤

للضمير مغايرا للحكم الثابت لنفس المرجع من غير فرق في كون الحكمين واحدا أو كلام واحد كقوله : «أكرم العلماء وخدّامهم» إذا فرض عود الضمير بعد ولهم فانّ المقصود باكرام العلماء هو عدولهم ، أو كان حكمان متعدّدان وفي كلامين كما في الآية حيث انّ حكم العام وجوب التربّص وحكم الضمير الزوج بالرجوع ، وأما إذا كان الحكم واحدا كقوله تعالى في صدر الآية : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ) حيث انّ المراد منها غير اليائسات الدليل فلا نزاع في وجوب اختصاص الحكم بما هو المرجع حقيقة لئلا يلازم خلوّ الكلام عن الربط لاختصاص تخصيص العام بأحد مصاديقه أو هو استخدام يعني ظهور العام في جميع أفراده وظهور الضمير إلى تمام مدلول مرجعه دون مدلول بعضه أو تجوز في الاسناد من قبيل اسناد ما هو للبعض الى كل وجوه ، ولعل الأوجه هو الأول لكونه أشياء.

ثم انّ ما ذكره بعض الأجلّة على تقدير صحّته من تخصيص العموم بالضمير في قوله : (وإن عزموا) لا يحتاج إلى القول بعموم النساء بأنه جمع مضاف بعد وجود الألف واللام الموصولة الذي يدل عليه ثم تقدير الضمير في الطلاق كما لا يخفى.

واعلم انّ الخلاف في المسألة ناشئ من اختلاف أنظارهم في تشخيص الكبرى فيها انه من قبيل تعدد المجاز ووحدته كالعضدي حيث توهّم انّ التخصيص العام يوجب التجوّز في الضمير للزوم مطابقته لما هو الظاهر عن المرجع دون المراد بخلاف التصرّف بالضمير بالاستخدام ونحوه ، فانه لا يسري إلا العام وزعم القائلون بالتوقّف انّ المقام من قبيل

٤٨٥

تعارض المجازين للزوم مطابقة الضمير لما هو المراد من المرجع وإن كان مجازا ، فيدور الأمر بين التصرّف في العام بالتخصيص بالرجعيّات أو التصرّف في الضمير بالاستخدام كما عرفت معناه ، أو في التخصيص فيه أيضا كما زعمه السلطان فانه يظهر منه انّ الضمير أيضا من صيغ العموم فلازمه التزام التخصيص بالضمير الراجع إلى بعض العام.

وفيه : انّ ما ذهب اليه سلطان العلماء ناس لا الضمير ليس من صيغ العموم حتى يتصوّر فيه التخصيص إلا اخراج بعض أفراد المرجع كما في قولك : «أكرم العلماء» وأصفهم بشرط العدالة ولو فرض كون ذلك تخصيصا في الضمير لا في المرجع فالفرق بيّن ظاهر فلا وجه لقياس أحدهما بالآخر ، وأما ما زعمه العضدي من دوران الأمر بين مجازين لأن تخصيص العام يوجب المجاز واحتمل بعضهم انّ المقام من الموارد التي يقرنها ما يصلح أن يكون قرينة كما في جملة من الموارد :

منها : تعارض الحقيقة مع المجاز الراجح والاستثناء عقيب الجمل والأمر الوارد عقيب الحظر ، وغير ذلك ، فان قلنا بأنّ ذلك الأمر الصالح للقرينة يوجب صرف اللفظ عن الظاهر فلا بدّ من القول بالتخصيص وإن لم نقل فانّ قلنا باعتبار أصالة الحقيقة تعبّدا ولو في مثل المقام فلا بدّ من القول بعدمه فان قلنا باعتباره من باب الظهور النوعي ونوع ذلك الكلام ليس بظاهر في إرادة الحقيقة ولا في إرادة المجاز فلا بدّ من الوقف لعدم ظهور المراد بحسب القواعد المعهودة له في الألفاظ فيكون موارد الإجمال.

٤٨٦

والظاهر انّ المقام من قبيل تعارض الظاهرين لأن ظهور العام في العموم مما لا ينكر كما لا ينبغي إنكار ظهور الضمير في مطابقة المرجع وليس من الموارد التي يقرن بما يصلح قرينة كورود الأمر عقيب الحظر والمجاز المشهور فانّ الوارد والشهرة من الأمور الاعتباريّة المكتنفة باللفظ وليس لها ظهور حتى يقال بظهور اللفظ بخلاف المقام فانّ ظاهر الضمير أن يكون كناية عمّا أريد من المرجع ولو على وجه المجاز.

ومما ذكرنا يظهر فساد جعل الاستثناء عقيب الجمل من ذلك الموارد لأن وجه الإجمال في الاستثناء هو الاشتراك بين الخصوصيّات الأخرى حينئذ نضير تردد اسم الإشارة بين أمور متعددة ولا ينافي ذلك من لوازم خصوصيّات الموضوع له فانها بحكم الاشتراك اللفظي.

ومما ذكرنا يظهر انّ الاستخدام ليس من المجازات كما يظهر فساد ما حكي عن بعض من انّ العلاقة في المقام هي علاقة العموم والخصوص ، وجه الفساد :

أولا : فلأنه ليس من المجاز كما عرفت.

أما ثانيا : على تقدير كونه مجازا ، فالعلاقة المعتبرة فيه غير العموم والخصوص لوجوده في غير المقام والظاهر انّ الوجه واحد في الكل.

والحاصل : فالأقرب في المقام من قبيل تعارض الظاهرين أعني ظهور العام في العموم وظهور الضمير في رجوعه إلى تمام مدلول مرجعه دون بعضه وهو المراد بالاستخدام في المقام ، نعم ؛ لا ينحصر في ذلك

٤٨٧

لوجوده فيما اذا اريد من اللفظ معناه الحقيقي ومن الضمير معناه المجازي أو أحد معنييه الحقيقي والمجازي ، والعلاقة المصححة الا استعمال المذكورة وهي المسامحة في أمر والمرجع ولو في استعمال الآخر ، فكأنه مذكور حكما.

إذا عرفت ما ذكرنا فاعلم انه يمكن القول بترجيح الاستخدام على تخصيص العام ببعض ما يتناوله مع معروفيّة شيوع التخصيص ، وبذلك يقدّم على أنحاء البصر التصرّفات المتصورة في الألفاظ إلى أن الشكّ في أحد الطرفين إذا كان مسببا عن التصرّف في الآخر ، فاذا ارتفع الشكّ عن السبب فيرتفع عن الشكّ عن المسبب بأعمال الأصل في المسبب من الأصول فانّ الشكّ في الاستخدام في الضمير إنما هو مسبب عن الشكّ في عموم العام لو فرض تخصيص العام لبعض أفراده علم بعدم الاستخدام فانه في صورة عموم العام وبعد جريان أصالة العموم يتعيّن التصرّف في الضمير بالاستخدام.

لا يقال : انّ مضمون الضمير في : «بعولتهنّ» والرجعيّات ويقتضي المطابقة للمرجع وذلك يعيّن التصرّف في العام بالتخصيص.

لأنّا نقول : الظاهر انّ منشأ الشكّ في المطابقة في الضمير إنما هو من الشكّ في المراد فانه لا يرجع الاختلاف في الضمير إلى الاختلاف في المراد منه لظهور اختصاص الحكم في الضمير بالبعض وإنما هو اختلاف في نحو من الأنحاء في الاستعمال في الضمير كما لا يخفى الاختلاف في العام فانه راجع إلى المراد قطعا على وجه لو أراد المتكلّم

٤٨٨

الكل فتبعه نحو من استعماله في الضمير ، ولو أراد المتكلّم البعض يلزمه نحو آخر منه ، وليس تلك الأنحاء مما يقصد ابتداء مثل قصد العموم والخصوص وذلك ظاهر لمن تدبّر وأنصف من نفسه ، وبذلك يمكن القول بأنّ المسألة نظيرة لما تقدّم من المجازات المشهورة وورود الأمر عقيب الحظر ، وعلى ذلك التقدير يمكن الاستدلال بأصالة الحقيقة ، وما لم يعلم بالقرينة ولا يعارض الأصل بالمضمر فانه تابع لجريان الأصل وعدمه ولكنّه ليس في محلّه لأن أصالة الحقيقة إنما هي تعتبر من جهة الظهور النوعي ، وقد عرفت إمكان منع إفادة الأصل كذلك نوعا في المقام لاحتمال ما يصلح لأن يكون قرينة. لا يقال : بجريان أصالة عدم القرينة.

فانه يقال : بأنه لا يجري الاستصحاب لعدم العلم بالحالة لأنه متى علمت فانّ ذلك الشيء المجمل يكون لم يكن قرينة حتى يستصحب وإن كان الحكم بالعدم عند الشكّ في الوجود ولم يعلم الحالة السابقة ، فلا دليل على اعتباره ليصحّ التمسّك بأصالة عدم وجود القرينة في الكلام بواسطة العلم قبل التكلّم أو بأصالة عدم التعويل عليها إلا أنهما لا يجدي بأنّ لعدم حصول النصّ النوعي والأقوى بالقواعد في المقام التوقّف لأنّ الشكّ في الاستخدام إنما هو تابع للشكّ في العموم بعدم الاعتماد على أصالة الحقيقة في مثل المقام.

ثم ذكر بعض الأجلّة إيرادا في ترجيح التصرّف في الضمير بالاستخدام ، فقال : انّ الدليل الدال على عدم الثبوت الحكم المتعلّق بالضمير لجميع أفراده من مرجعه إنما يقتضي منع عموم الضمير دون المرجع

٤٨٩

فيتعيّن فيه التخصيص. واعتبار التصرّف في الضمير لا يوجب التكافؤ لأن التصرّف في مورد التعارض أولى.

وفيه ما مرّ من أن الضمير ليس من صيغ العموم بل من الكنايات ، فتارة كناية عن جماعة مخصوصة ، وأخرى عن غيرها ، فالمعارض لك هو المرجع قطعا غاية ما في الباب انه بمنزلة تكرار لفظه ، فتارة يبقى على العموم ، وأخرى يخصص ، سلّمنا لكن الدليل الدال على عدم ثبوت الحكم المتعلّق بالضمير بجميع أفراد المرجع لا يعارض خصوص ظاهر الضمير فانّ نسبة ذلك الدليل إليها نسبة واحدة فانه أوجب التعارض بينهما إذ لو لم يكن ذلك الدليل لم يكن تعارض بينهما ، ولعلّه راجع إلى الأول ، فتدبّر.

«البحث التاسع» :

«في العموم»

انه لا إشكال في تخصيصه بالمفهوم الموافق في غير محل النطق سمّي بلحن الخطاب عند البعض على تقدير القول بتخصيص العام لاستقلال العقل بثبوت الحكم على وجه الأولويّة نظير استقلال العقل بوجوب المقدّمة بعد فرض وجوب ذيها ، فالقول بتخصيص العموم بالمفهوم الموافق فهو متعيّن لكونه محلا للاتّفاق لخصوصه فيه ، وليس في مفهوم المخالف تلك الخصوصيّة بعد اشتراكها في عدم التصرّف في

٤٩٠

المفهوم لرجوع التصرّف إلى تفكيك اللازم عن الملزوم.

وبالجملة : يكون دلالة اللفظ بالمقدّمات العقليّة على المدلول التزاميّ أظهر من دلالة العام على العموم حتى يقال : انّ دلالة اللفظ بواسطة العقل أظهر من دلالته على المنطوق وإن كان مدلولا التزاميّا باستقلال العقل لأنه المقصود بالإفادة ، ولا فرق فيما ذكرنا بين أن تكون النسبة بين المفهوم والعام عموما من وجه كما في قولك : «لا تكرم الفسّاق وأكرم خدّام العلماء» بالتعارض إنما هو واجب الإكرام بالمفهوم ، ومجرّد الإكرام بالعموم أو كان المفهوم أخصّ كما إذا قيل : «أكرم خدّام العالم الفاسق».

أما المثال الأول ؛ فالمفهوم في المقام قضيّة لبيّة لا يمكن التصرّف فيها بنفسها بالتخصيص ، وإنما تبع المنطوق فلا بدّ ، اما من التصرّف في المنطوق بالقول بأن قولنا : «أكرم خدّام العلماء» لا يراد منه وجوب إكرام الخدّام باخراجه عن الظاهر بالمرّة ، أو على تقديره ، فلا معنى للمنع من ثبوت الحكم للمفهوم لاستقلال العقل بثبوته للعالم على وجه الأوليّة.

وأما المثال الثاني ؛ فيظهر الوجه في وجوب تقديم المفهوم على العام فيه مما تقدّم مضافا إلى كون أخصّ المطلق.

والحاصل : فلا ذمّ تقديم المفهوم الموافق على العموم كما عرفت بعدم معقوليّة التصرّف فيه بنفسه ، فيدور الأمر بين التصرّف بالعام أو في المنطوق ولا ريب انّ الأول أرجح مضافا إلى ما تقدّم انّ اللفظ مسوق

٤٩١

لبيانه ، فظهوره في المفهوم أولى من ظهور العام في العموم.

وأما تخصيص المفهوم المخالف للعام ؛ فيه خلاف ؛ ذهب الشيخ ـ قدس‌سره ـ أنه لا بدّ بعد تسليم ظهور اللفظ في العلّية المنحصرة كما هو مدار المفهوم لا يعقل عدم تحكيم بالانتفاء عند الانتفاء ، فانّ ذلك حكم يستقل العقل ، ولو كان بواسطة خطاب الشرع إلا أن منع ظهور اللفظ في ذلك بتلك المكانة من البعد.

وبالجملة : فعلى تقدير القول بثبوته في قبال العام ، وعدم التصرّف في ظاهر الجملة الشرطيّة والأخذ بظهورها لا إشكال في تخصيص العام ، ثم قال ـ قدس‌سره ـ : إنما الإشكال في أنّ الجملة الشرطيّة أظهر إرادة الانتفاء عند الانتفاء بينها أو العام أظهر في إرادة الافراد منه ، فمرجع الكلام إلى تعارض الظاهرين ، فربّما يقال : انّ العام أظهر دلالة في شموله محل المعارضة ، كما قلنا بذلك في معارضة منطوق التعليل في آية النبإ مع المفهوم على تقدير القول به بالنسبة إلى خبر العدل الظنّي.

فانّ قضيّة عموم التعليل عدم الاعتماد على خبر ظنّي كخبر العدل ومقتضى المفهوم ثبوته وعموم التعليل أظهر لا سيّما إذا كان قوله : «لئلا يصيب قوما بجهالة» متّصلا بالجملة الشرطيّة ، وبما يقال بتقديم الظهور في الجملة الشرطيّة. كما قلنا في تعارض المفهوم مع العمومات الناهية عن العمل بغير العلم.

وبالجملة : الإنصاف تتبّع الموارد ولم نقف على ضابطة نوعيّة يعتمد عليها في الأغلب كما عرفت عن سلطان المحققين ، ثم انّ ما ذكرناه

٤٩٢

إنما هو فيما إذا كانت النسبة بين المفهوم والعام أخص مطلق وأنه يدور بين التصرّف في ظاهر العام وبين التصرّف في ظاهر الجملة الشرطيّة بالغاء المفهوم رأسا ، وأما إذا كان المفهوم عامّا فلا بدّ فيه من تقديم المنطوق كما إذا قيل : «أكرم الناس إن كانوا عدولا» وقيل : «أكرم العالم الفاسق» على تقدير المفهوم القائل بعدم وجوب إكرام غير العادل عالما أو غيره ، ومعنى تقديمه عليه هو تقيّد الناس بغير العالم الفاسق لما عرفت من عدم معقوليّة التصرّف في المفهوم بنفسه ، ولا بد من إرجاعه إلى المنطوق.

وأما احتمال إلغاء المفهوم رأسا في المقام ولا وجه له وإن كانت بينهما عموما من وجه كما إذا قيل : «أكرم العلماء» بعد قولك : «أكرم الناس إن كانوا عدولا» فيحتمل أن يقال بالغاء المفهوم رأسا على تقدير تقديم العموم في مورد التعارض وهو العالم الفاسق على المفهوم القاضي بنفي وجوب إكرام الفاسق مطلقا ، ويحتمل التقيّد في المنطوق كأن يقال : «أكرم الناس الغير العالم إن كانوا عدولا» فيستفاد من كلامين سببيّة كل من العلم والعدالة لوجوب الإكرام بل ولعلّه هو المتعيّن لعدم ما يقتضي بخلاف غير مورد التعارض من المفهوم كما عرفت فيما اذا ورد خاص في قبال مفهوم العام ومنه يظهر وجه لمن أطلق القول بعدم انفعال الجاري ، ولو لم يكن كرّا مع انّ مقتضى المفهوم في قوله : «إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء» اعتبار الكرّية في الماء الجاري أيضا ، إذ إلغاء المفهوم رأسا مما لا شاهد عليه فلا بدّ اما طرح العموم الدال على عدم انفعال الجاري في مورد التعارض أو تقيّد المنطوق بأن يقال :

٤٩٣

«الماء إذا بلغ قدر كرّ غير الجاري لم ينجّسه شيء» على من تأمّل ، وهو الهادي.

انتهى كلام الشيخ ـ رحمه‌الله ـ وفي موارد من كلامه نظر :

منها : قوله ـ قدس‌سره ـ : فلا بدّ بعد تسليم ظهور اللفظ في العلّية المنحصرة كما هو مدار المفهوم.

وفيه : انّ العلّة منحصرة إذا كان يترتّب المعلول على علّته ويلزم من الانتفاء انتفاء سنخ الحكم كما هو مدار المفهوم فلا يكون في الجملة الشرطيّة ظهور في العلّية المنحصرة في جميع أنحائها حتى إذا تقدّم المعلول على علّته.

ومنها : قوله : لا إشكال في تخصيص العام بالمفهوم ، وإنما الإشكال في أن الجملة شرطيّة أظهر في إرادة أفراده منه بأن لا يخصص بالمفهوم ، فمرجع الكلامين إلى تعارض الظاهرين ، ربّما يقال بتقديم ظهور العام عليه ، وربّما يقال بعكسه ، فما كان بينهما عموما وخصوصا مطلق.

وفيه : بعد ما كانت الحجّية ثابتة في المفهوم وهو قبول قول العادل في قوله : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ) فيخرج قول العادل عن كونه ظنّيا ، فيكون علما فظهور المفهوم يكون حاكما ومقدما على ظهور العام في افراده المستفادة من التعليل العلم من التبيّن ، ويكفي الظن.

وقال ـ قدس‌سره ـ في العموم والخصوص من مطلق يقدّم المفهوم

٤٩٤

والعمل بظهوره يكون بطريق أولى قبل ذلك إذا كانت النسبة بينهما عموما وخصوصا من وجه إذا كان المفهوم عامّا فلا بدّ من تقيّد المنطوق. ثم بعد سطور قال : عدم معقوليّة التصرّف في المفهوم بنفسه ، ولا بدّ من إرجاع التصرّف إلى المنطوق واحتمال إلغاء المفهوم بنفسه رأسا في المقام فلا وجه له ، وهكذا في تعارض عدم انفعال الماء الجاري وعدم انفعال الكرّ في تعارض مفهومها وإلغاء المفهوم رأسا مما لا شاهد عليه فلا بدّ إما طرح العموم أو تقيّد المنطوق مع انّ النسبة بينهما كانت عموما من وجه كما عرفت.

ومنها : قوله من الأمثلة التي مثل للعلّة المنحصرة بقوله فيما إذا كان المفهوم عامّا مثل : «أكرم الناس إن كانوا عدولا».

وفيه : انه ليس فيه مفهوم لعدم لزوم الانتفاء الجزاء حين انتفاء الشرط لعدم ترتّب المعلول على علّته بل العكس وأ ليس العلّة منحصرة ولو مثل له : «إن كان الناس عدولا فأكرمهم» فترتّب المعلول على علّته ويلزم الانتفاء عند الانتفاء.

ومنها : قوله : قد يستفاد من كلامين سببيّة كل من العلم والعدالة لوجوب الإكرام بل هو المتعيّن فانّ إراداتهما علّة منحصرة ولهما مفهوم.

وفيه : قد أثبتنا أنه إذا تعدد السبب لا يوجب للقضيّة الشرطيّة مفهوم لعدم لزوم الانتفاء انتفائه لاحتمال قيام سبب آخر مقامه ، والقول بجزء السبب مناف لمفاد الحصر ، فانّ مفادّه الوحدة التي يدور المفهوم مدارها في الشرط مع اجتماع الشرائط وبانتفاء واحد من الشرائط في

٤٩٥

الشرط ينفى المفهوم ، وقد عرفت فيما سبق وحينئذ مع فرض تحقق الضابط في قولنا : «إن كان الناس عدولا فأكرمهم» فلا بدّ في تعارض المفهوم مع العموم ، اما من طرح العموم الدال على إكرام العلماء مطلقا في موارد التعارض ، أو تقييد المنطوق إذ لا شاهد بالغاء المفهوم رأسا ، ومنه يظهر الوجه لمن أطلق القول بعدم انفعال الجاري في تعارض العموم في عدم انفعال الجاري مطلقا ، وانفعال قليل الماء في قوله : «إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء» مفهوما لا شاهد بالغاء المفهوم فلا بدّ إما من طرح العموم الدال بعدم انفعال الجاري في مورد التعارض أو تقييد المنطوق بأن يقال : «الماء إذا بلغ قدر كرّ غير الجاري لم ينجّسه شيء».

ومما ذكرنا ظهر ضعف القول برفع اليد عن المفهوم كما عن شيخنا الحائري ـ قدس‌سره ـ ، وقال : لأن العلم يعارض حصر الشرط لا أصل الاشتراط لعدم المنافاة بين كون الكرّية شرطا ، وكون الجريان في الماء شرطا آخر.

وقد عرفت أن دلالة القضيّة الشرطيّة على الحصر على فرض الثبوت ليست بدلالة قويّة لاحتمال تعدد السبب.

وفيه : على القول بتعدد مناف للحصر والمفهوم لأن مفاد الحصر وحدة العلّة ومع التعدد عدم لزوم انتفاء الجزء من انتفاء الشرط لاحتمال قيام شرط آخر مقامه فلا معارضة بينهما لعدم المفهوم إذا تعدد الشرط.

٤٩٦

«البحث العاشر» :

في تخصيص العام الكتابي بالكتاب وبالخبر المتواتر كما يجوز تخصيصه بهما بلا خلاف يجوز تخصيصه بالخبر على الأقرب وفاقا لأكثر المحققين ومنهم الشيخ الأنصاري ، ويمكن الاستدلال على الجواز بالاجماع من الأصحاب على العمل بأخبار الآحاد في قبال العام الكتابي وهذه سيرة مستمرّة إلى زمن الأئمة بل وذلك مما يقطع به في زمن الأصحاب والتابعين بأنهم كثيرا ما يتمسّكون بالأخبار في قبال العمومات الكتابية ولم ينكر ذلك عليهم.

وبالجملة : وجوب تخصيص الكتاب بالخبر الواحد عندهم مسلّم بل ربّما يظهر من بعض أن الوجه في اعتبار الخبر هو لزوم تخصيص الكتاب على وجه لو لم تخصص به يعلم بالأمور الثابتة بالكتاب ليست بحقيقة تلك الأمور ، ومن هنا يظهر أنه لو قلنا باعتبار الخبر من باب الظنّ المطلق يجب التخصيص أيضا للعلم الإجمالي بورود التخصيص بالكتاب ووجوب المخصصات في الأخبار الظنّية وجه للتأويل على أصالة الحقيقة لطروّ الاحتمال.

وحكي عن الذريعة والعدّة عدم الجواز مطلقا ، وحكي عن المحقق الوقف. احتجّ المانع بأن العام المفروض في الكتاب قطعيّ ، وخبر الواحد ظنّي وهو لا يعارض القطعي.

وفيه : انّ القطعي لا يعارض الظنّي في حجّية ما هو القطعي ،

٤٩٧

وأما في غيرها فلا نسلّم عدم المعارضة فانّ التعارض بينهما من جهة الدلالة الراجعة في العام إلى أصالة الحقيقة التي يجب تقديم ما هو صالح للقرينة عليها لارتفاع موضوع الأصل لوجود الدليل حقيقة إذا كان علميّا أو حكما إذا كان ظنّيا ولو ملاحظة العلم باعتباره والمفروض انّ خبر الواحد صالح لذلك إما دلالة فظاهر وإما سندا فلأن كلا مناف قبال هذا المانع إنما هو بعد الفراغ عن حجّيّة الخبر والمانع إنما زعم ذلك بواسطة ما زعمه من عدم قابليّة التخصيص بالظنّي ، كما هو ظاهره ولا فرق فيما ذكر بين اعتبار أصالة الحقيقة تعبّدا أو من باب الظنّ لأنه مقيّد بعدم ورود الظنّ على خلافه قطعا ، ولذا لا يتأمّل أحد في تقديم الخاص على العام ، فتدبّر.

«البحث الحادي عشر» :

في العام ، هو أن الخاص المخالف بحكم العام يتصوّر على أنحاء إما أن يكون الخاص ناسخا ، وإما أن يكون منسوخا ، وإما أن يكون مخصّصا ، وإما يكون مخصّصا ، ولا فرق بينهما عمومين مطلقين أو عمومين من وجه النحو الأول بأن يكون الخاص مقارنا مع العام من حيث الصدور أو صادرا بعد العام وقبل حضور وقت العمل فتكون مخصصا وبيانا ولا يتطرّق احتمال النسخ عليه قبل حضور وقت العمل بالعام فيكون ناسخا إذا علمنا أن العام في بيان الحكم الواقعي للزوم تأخير البيان عن وقت الحاجة وهو باطل وإلا لكان الخاص مخصصا أيضا كما هو الحال في غالب العمومات والخصوصات في الآيات.

٤٩٨

وأما إذا شكّ في أنه بيان الحكم الواقعي أم لا فيشكل فستعرف الوجه ، هذا في المطلقين ، وأما في العامين من وجه فيكون العام الأول مخصصا للثاني فيما إذا ورد الثاني بعد حضور وقت العمل بالأول على تقدير عدم جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب لاقتران عام الأول بقرينة على إرادة التخصيص الثاني بالأول ، وعلى تقدير تأخير البيان فيجوز تخصيص كل واحد منهما الآخر فيما إذا اقترن بما يوجب التخصيص من غير فرق بينهما ، ولا وجه على النسخ إلا على القول بجوازه قبل الحضور بالثالثة أن يعلم تقدّم الخاص على العام فيكون الخاص مخصصا للعام ولا فرق بين صدور العام قبل حضور وقت العمل بالخاص أو بعده.

أما الأول لا إشكال بعدم جواز النسخ قبل حضور وقت العمل ، وعلى القول بالجواز فلا بدّ من القول بأنّ التكليف ابتلائي وهو خلاف ظهور أدلّة التكليف؟ فالراجح حملها على التكليف الحقيقي ، وهو يلازم التخصيص ويساعده فهم العرف وغلبة التخصيص حتى اشتهر : «ما من عام إلا قد خصص».

وأما الثاني : فالأمر فيه أيضا ظاهر مما مرّ أن القائل بالنسخ في المقام الأول يقول بالثاني بطريق أولى ، الرابع أن يحتمل التقارن والتقدّم سواء علم تأريخ أحدهما أو لم يعلم ، والظاهر هو التخصيص في جميع الصور لأن الواقع لا يخلو عن إحدى الصور المتقدّمة ، وقد عرفت أن التخصيص هو الراجح فيها.

٤٩٩

ينبغي التنبيه على أمور مهمّة :

(الأول):

وقد تظهر الثمرة بين النسخ والتخصيص فيما إذا ورد مخصصات مستوعبات للعام ، فعلى التخصيص يقع التعارض لاستهجان استيعاب التخصيص بخلاف النسخ ومثله ما إذا قلنا بتخصيص الأكثر وورود خاص مشتمل على حكم أكثر الافراد ، فانه على النسخ لا ضير به بخلاف التخصيص. ومورد إمكان ظهور الثمرة ما إذا كان الخاص ظنّيا والعام قطعيّا ، وقلنا بعد جواز النسخ القطعي بالظنّي وانه يحمل على التخصيص ، فتأمّل.

(الثاني):

انّ تقدّم العام على الخاص لا يخلو عن إشكال لاستلزامه ؛ أما النسخ بعد انقطاع زمان الوحي والإجماع على خلافه ، وأما تأخير البيان عن وقت الحاجة التي اتّفقت كلمة أهل المعقول على بطلانه.

وفيه : انّ الخاص الوارد في كلام العسكري ـ عليه‌السلام ـ لعلّه كاشف عن خاص مقارن للعام الوارد في كلام النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ ، وانّ العموم حكم ظاهريّ لم يبلغه حكم الخاص ، وإنما أخفاه من أظهر العام لحكمة داعية إلى ذلك. ويؤيّده القطع بأن الأحكام الشرعيّة أيضا بلّغها النبيّ ـ صلوات الله وسلامه عليه وآله ـ على وجه التدريج

٥٠٠