الذخر في علم الأصول - ج ١

السيّد أحمد النجفي الأردبيلي

الذخر في علم الأصول - ج ١

المؤلف:

السيّد أحمد النجفي الأردبيلي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: المؤلّف
المطبعة: مطبعة أمير
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٤٢
الجزء ١ الجزء ٢

التركيبيّة فانه ليس من المداليل اللفظيّة بل تحتاج إلى مقدّمة عقليّة لأن دلالتها سياقيّة كدلالة الاقتضاء والنسبة والإشارة.

وبالجملة : المهم في المقام هو البحث عن الجمل التي لمدلولها المطابقي اللازم بالمعنى الأخص المعبّر عنه المفهوم اللازم بالمعنى الأعم ليس كذلك لعدم المفهوم له ، وإذا عرفت ذلك وعلم وقع النزاع بين الاعلام في الموارد التي يبحث عن أصل ثبوت المفهوم وعدمه.

فمنها : وقع النزاع في الجملة الشرطيّة بأنه هل يبقى الجزاء عند انتفاء الشرط أم لا؟ ، فانّ ثبوت المفهوم دائر مدار ذلك وعدمه.

فنقول :

انّ الأقوال فيها ثلاثة :

الأول : قول بثبوت المفهوم مطلقا.

الثاني : قول بعدم ثبوته مطلقا.

الثالث : قول بالتفصيل وهو موافق لقول المشهور ، وفي اصطلاح المنطقيين انهم يستدلّون بثبوته فيما إذا اجتمع أمور على تحققه فيثبت في الجملة الشرطيّة مفهوم وإلا فلا يثبت.

والأول : أن يكون بين الشرط والجزاء تلازم واقعا.

الثاني : أن يكون بينهما ترتّب.

والثالث : أن يكون ترتّب المعلول على علّته.

الرابع : انّ العلّة المنحصرة وحينئذ إذا اجتمع الأمور يلزم من انتفاء الشرط الجزاء فيثبت المفهوم فبانتفاء أحد هذه الأمور لا يثبت

٤٢١

للجملة الشرطيّة مفهوم فيكون من باب الاتفاق تارة ينفى بانتفائه وأخرى لا ينفى فلا يحصل الملازمة بينهما. ثم انهم قالوا : انّ الواسطة على أربعة أقسام منها ينفى بانتفائه دون الباقي :

الأول : الواسطة في الثبوت ، وهو كون العلّة واسطة في ثبوت معلوله ، ويقال له : البرهان اللمّي.

الثاني : الواسطة في الإثبات ، وهو كون المعلول واسطة لثبوت العلّة ، يقال له : البرهان الإنّي.

الثالث : الواسطة في العروض ، وهو كون العلّة والمعلول معا واسطة لثبوت ثالث كالضوء والنهار يكونان حدّا وسطا في إثبات الشمس.

والرابع : أن يكون بين العلّة والمعلول التضايف كالأبوّة والبنوّة لا يكون أحدهما بدون الآخر.

إذا عرفت ذلك انّ الأول وضعي حقيقي منها في الأقيسة لكون العلّة مقدّما والمعلول مترتّب عليه على وفق الواقع وفي عالم الثبوت ينفى الجزء بانتفاء الشرط دون باقي الأقسام ، وانها بالعناية والمجاز فلا ملازمة بينهما تارة ينفى بانتفائه وأخرى لا ينفى.

وإذا كان الإنسان ناطقا فالحمار ناهق بخلاف الأول كقولنا : إن جاءك زيد فأكرمه ، وإذا دخل الوقت فصلّ ، وإذا طلعت الشمس فالنهار موجودة ، وإذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم ... إلخ ، وإذا وجبت الصلاة وجبت الطهور ، فالعلّة فيها منحصرة ينفى الجزاء بانتفاء الشرط فيكون ما ذكرنا قاعدة كلّية لثبوت المفهوم ويثبت الوضع على الأول.

٤٢٢

تارة استدلّ بالمفهوم بالتبادر ، وأخرى بالانصراف ، وثالثة بمقدّمات الحكمة في المقام ، وعلى المختار بأنه على الأول يثبت المفهوم لكون المعنى حقيقيّا باللزوم والعلّة منحصرة.

وإذا عرفت ما ذكرنا في المقام لا يرد ما ذهب إليه صاحب الكفاية من أن هذا الاستدلال بمفهوم الشرط بعيد لعدم الفرق في الاستعمال في الأقسام المذكورة سواء كان استعماله مجازا أو كان حقيقة ، فانّ في كل واحد من الاستعمالات يكون بلا قرينة مع انه في المجاز لا بدّ من قرينة في استعماله فيها وليس في الجملة الشرطيّة مفهوم مطلق. هذا ملخّص مراده.

وفيه : انه يعرف الحقيقة من المجاز فانه إذا استعمل وترتّب المعلول بعلّته يكون حقيقة وإذا استعمل الجملة الشرطيّة على غير نحو الأول يكون مجازا فيحصل الفرق بالاستعمال ويعلم الحقيقة من المجاز ، وهذا واضح بلا ريب ، فانّ العرف إذا علم التلازم بين الشرط والجزاء ثابتا والعلّة منحصرة وليس بمتعددة مثل قوله : إذا بلت فتوضّأ ، وإذا نمت فتوضّأ ، ونحو ذلك فبنائهم لا يزال على الانتفاء عند الانتفاء.

وبالجملة :

انّ قول المختار وهو التفصيل ، ونقول فيما إذا كانت العلّة منحصرة وترتّب معلولها علّة وكان بينهما التلازم بالانتفاء عند الانتفاء وإلا فلا ، وذلك الاستعمال في الجملة الشرطيّة معلومة بنفس استعماله ، وهو اما بتقديم المعلول على العلّة ، واما بتعددها وعدم وحدة العلّة أو بعدم

٤٢٣

التلازم قرينة على المجازيّة وبعدمها تكون حقيقة.

والحاصل : انّ الظاهر في بعض الأدوات الشرطيّة غير قابل للانكار ولا خلاف في أن لفظ : «لو» من أداة الشرط أيضا يدلّ على امتناع التالي عند امتناع المقدّم ، ويقال بها : «لو لا» الامتناعيّة.

وتلخّص مما ذكرنا انّ المختار انّ الجملة الشرطيّة الذي تجمع فيها أمور ثلاثة أو أربعة :

منها : التلازم بينهما في عالم الثبوت.

ومنها : ترتّب المعلول على علّتها.

ومنها : كونها منحصرة يعني غير متعددة تكون حقيقة.

وبانتفاء واحد من الأمور تكون الجملة الشرطيّة بالعناية وعلى الحقيقة ينفى الجزاء بانتفاء الشرط وتكون للجملة الشرطيّة مفهوم وإلا لا يلزم من انتفائه انتفائه ، تارة ينفى بانتفائه ، وأخرى لا ينفى لعدم التلازم أو لعدم الترتّب أو لعدم الحصر.

وبعبارة أخرى : انّ ثبوت المفهوم للقضيّة الشرطيّة يتوقّف كون اللزوم بين الجزاء والشرط عن علاقة ثبوتيّة في نفس الأمر والواقع والعلاقة بينهما تكون جعليّة لحاظيّة سنخيّة كان لها مفهوم مع اجتماع باقي الشرائط فتكون القضيّة المتركّبة الكذائيّة حقيقة كما يقتضيها أداة الشرط ويساعدها العرف وإذا انتفى اللزوم والعلاقة بينهما أو أحد من باقي الأمور يكون الترتّب بينهما لمجرّد الاتفاق والمصادفة ، كما في قولك : إذا كان الإنسان ناطقا فالحمار ناهق إذ لا علاقة ولا لزوم بين نطق الإنسان

٤٢٤

وبين نهيق الحمار في نفس الأمر إذ لم تكن العلاقة العلّية والمعلوليّة تكون العلاقة علاقة التضايف إذا لم يكن يترتّب المعلول على علّته لا يلزم منه أيضا من انتفاء الشرط انتفاء الجزاء كقولنا : إذا وجبت الطهارة وجبت الصلاة فيما إذا تقدّم المعلول على علّته وإذا لم تكن العلّة منحصرة لتعدد الشرط كقوله : إذا نمت فتوضّأ ، وإذا بلت فتوضّأ ، فلا يثبت للشرط مفهوم لاحتمال قيام شرط آخر مقام الأول ، فلا يلزم من انتفائه انتفائه فيكون استعمال القضيّة التركيبيّة بالعناية والمجاز تارة ينفى بانتفائه وأخرى لا ينفى به وإذا لم يكن الحكم سنخيّا وليس لها أيضا مفهوم.

ثمّ انّ الشرط الذي تتضمّنه القضيّة الشرطيّة فان كان قابلا للجعل تشريعا والتقيّد يكون منوطا به ثبوتا وواقعا ، فللقضيّة مفهوم لإطلاقه وإن لم يكن للشرط الذي تضمّنه القضيّة الشرطيّة إطلاق فلا تكون قابلة للجعل تشريعا بل يكون المحمول بنفسه منوطا ومقيّدا تكوينا بحيث لا يعقل تحققه بدون تحقق الشرط فليس لها مفهوم لأنها تكون حينئذ لبيان سوق فرض وجود الموضوع ، مثل : أن يقال : إن رزقت ولدا فاختنه ، لا يعقل الختان إلا بعد تحقق الشرط. وهذا وأمثاله لا يمكن أن يقيّد بشرط ويناط به لأن التقييد فرع إمكان الإطلاق والمحمول الذي يتوقّف على الشرط لا يمكن إطلاقه عقلا لأنه بنفسه مقيّد.

هذا هو السرّ في عدم المفهوم للقضيّة اللقبيّة من جهة أن الشرط الذي تضمّنه اللقب ليس إلا فرض وجود الموضوع.

٤٢٥

ويظهر مما ذكرنا ضعف استدلال من ذهب بعدم المفهوم في الجملة الشرطيّة مطلقا وصف استدلال من ذهب على ثبوت المفهوم فيها مطلقا ، والحق في المقام القول بالتفصيل وفاقا للمشهور والمنطقيين خلافا للشيخ وصاحب القوانين وصاحب الكفاية والنائيني ـ قدس‌سرهم ـ.

ثم انّ هاهنا أمور :

الأول : انّ المفهوم هو انتفاء سنخ الحكم الراجع إلى المادة المتعلّق على الشرط عند انتفائه لانتفاء شخصه ضرورة بانتفاء موضوعه ، كما في القضيّة اللقبيّة ، فالمعلق ثبوتا على الشرط هو نفس الإكرام ، فانّ الوجوب مفاد الهيئة ليس لها إطلاق لأنها معنى حرفيّ ، فانّ الإكرام المقيّد بالمجيء بانتفائه ينفى سنخ الإكرام ، وإذا تعلّق بالوجوب وهو مفاد الهيئة يرجع إلى المادّة يكون المقيّد هو المادة.

الثاني : لو تعدد الشرط مثل إذا خفي الأذان قصّر وإذا خفي الجدران فقصّر ، وقد عرفت عند تعدد الشرط لا يلزم الانتفاء عند الانتفاء لاحتمال قيام شرط آخر مقامه عند انتفاء أحدهما فلا يثبت فيه مفهوم فليس للجملة الشرطيّة في المقام مفهوم حتى يقال لا بدّ من التصرّف ورفع اليد عن الظهور اما بتخصيص مفهوم الشرط في كل منهما بمنطوق الآخر ، فيقال بانتفاء وجوب القصر عند انتفاء الشرطين ، واما برفع اليد عن المفهوم فيهما يثبت الجزاء عند ثبوت الشرط من غير دلالة على المفهوم في كل منهما بالآخر.

واما بقيد إطلاق الشرط في كل منهما بالآخر فيكون الشرط هو

٤٢٦

اختفاء الأذان والجدران معا ، وإذا خفيا معا وجبت القصر ينفى الجزاء عند انتفائهما فترجع القضيّتان إلى قضيّة واحدة يكون جزء علّة منحصرة.

واما بجعل الشرط هو القدر المشترك بينهما بأن يكون تعدد الشرط قرينة على أنّ الشرط في كل منهما ليس بالعنوان الخاص بل بما هو مصداق لما يعمّهما من العنوان والجامع. هذا على القول بثبوت المفهوم في القضيّة الشرطيّة مطلقا ولا يلزم هذا الكلام على القول بالتفصيل على المختار ولا على القول بعدم المفهوم في القضيّة الشرطيّة مطلقا كما هو مذهب صاحب الكفاية.

فعلى المختار أنهما مستقلان بنصّ الشارع الظاهرين في علّتين مستقلّتين بأيهما خفى يجب القصر ، ولا مفهوم على ذلك كما عرفت الوجه في ذلك ولا معارضة بينهما لأن التعارض دائر مدار المفهوم عند المدّعي وليس فيهما ظهور للحصر إلا عند القائل بوجود المفهوم مطلقا بأنهما جزء علّة منحصرة ولا يخفى أن الحصر معناه وحدة الشرط لا تعدده ولو بالتركيب من الشرطين لعدم ظهورهما في الحصر ، فانّ دلالة اللفظ بالمنطوق أقوى من الدلالة بالمفهوم على تقدير المعارضة.

الثالث : إذا تعدد الشرط واتحد الجزاء كقوله : إذا بلت فتوضّأ ، وإذا نمت فتوضّأ ، الأقوال في المقام ثلاثة :

(الأول) : قول المشهور ؛ انّ القضيّة الشرطيّة علّة تامّة يتعدد الجزاء إذا تعدد الشرط سواء كان من جنس واحد أو من أجناس مختلفة.

٤٢٧

(الثاني) : القول بتداخل المسببات بحسب تعدده ولكن يتصادق على واحد جزاء ويكفي باتيانه واحدا ويبرأ ذمّته عن جميعها كما في إكرام هاشميّا وأضف عالما وأكرم العالم الهاشمي بداعي الأمر ويصدق امتثالهما ، وعلى هذا المبنى يصدق أصالة الاحتياط والاشتغال وله إتيانه مرّة وإتيانه متعددا.

(الثالث) : وهو أن يكون التداخل في الأسباب فيختصّ بجزاء واحد ويكون الزائد عنه تشريعيّا محرّما وعند الشكّ في تداخل الأسباب تجري أصالة البراءة لكونه شكّا في التكليف ، واستدلّوا في تداخل المسببات ظهور الجزاء في صرف الوجود وهو يقتضي الجزاء مرّة واحدة ، وتداخل الأسباب عبارة عن اتحاد موجبات حقايق الجنابة والحيض ومسّ ميّت وغيره المحكيّ عن الأردبيلي.

فنقول :

انه إذا تعددت الجملة الشرطيّة فتكون ظهوره في تعدد الجزاء وحينئذ فمقتضى القاعدة اللفظية عدم تداخل الأسباب والمسببات ، فيكون كل واحد من الشرط مؤثّرا مستقلا في الجزاء.

وأما ظهور الجزاء في كونه صرف الوجود ويكفي بمرّة واحدة في إتيانه ولكن ليس هذا الظهور فيه من المداليل اللفظيّة فلا يعارض ظهوره لظهور الجملة الشرطيّة فانها وضعت صيغة الأمر للطلب من الشيء والمطلوب التحصيل باتيانه مرّة بحكم العقل فلا موجب لاتيانه ثانيا ، وهذا لا ينافي أن يكون إيجادها مرّتين فيما إذا دلّ دليل على أن المطلوب متعدد

٤٢٨

لتعدد الشرط بعدم دلالة حكم العقل بوحدة المطلوب ، ولا تعدده وإن كان يحصل بحكم العقل مرّة واحدة وإذا كان ظهور الجملة الشرطيّة بيانا لإطلاق الجزاء ولا يقع بينهما تعارض لكونها حاكما عليه فيكون قوله : إذا بلت فتوضّأ ، وإذا نمت فتوضّأ يتعدد الوضوء ، وهكذا.

إن قلت : سلّمنا ظهور كل شرط يقتضي كونه علّة تامّة للجزاء حيث لم يترتّب بوجوده على شرط حتى يمكن التعدد فانّ وجوده هو مقام امتثاله بل رتّب من حيث حكمه وهو الوجوب الذي لا يقبل تعدد.

فانّ وجود الجزاء لم يتعلّق على المجيء والشرط حتى يمكن أن يتعدد ، بل وجوبه الذي هو حكمه معلّق على الشرط وغاية تأثير كل سبب أن يتأكّد الحكم لأن الوجوب لا يمكن فيه التعدد.

قلت : انّ هيئة الأمر لإنشاء نسبة المادة إلى الذات ليست لها إطلاق بل الوجوب مفاد الهيئة فليس قابلا للاطلاق والتقيّد ، وأما الأمر بحسب المادة بعد عروض الهيئة فمعناه لغة الطلب وحيث تعدد الطلب فيتعدد المطلوب فهيئة الأمر هي إيقاعها على من توجّه إليه طلبه سوق لبعثه على الفعل بايقاع موجبه فيتعدد بتعدد موجبه كما عرفت غير مرّة كما يدلّ عليه ما ذكره العلّامة من البرهان لعدم تداخل الأسباب والمسببات ثلاثة براهين :

الأولى : انّ ظاهر كل شرط من حيث الصيغة كونه مؤثّرا في الجزاء.

والثانية : انّ ظاهر كل شرط أن يكون أثره غير أثر الشرط الآخر.

والثالثة : انّ ظاهر التأثير هو تعدد الوجوب لا تأكّد المطلوب.

٤٢٩

أقول :

والأول والثاني صريح في عدم تداخل الأسباب ، والثالثة ظاهر في تداخل المسببات ، ثم انّ السبب إذا تعدد فيتعدد الجزاء فتجري أصالة عدم التداخل مطلقا بمقتضى القواعد اللفظيّة فلا تتحد الأسباب كموجب الحيض والجنابة ومسّ الميّت وغيره فان كان ما يوجب أخذها عين ما يوجب الآخر كما هو المحكيّ عن الأردبيلي ـ قدس‌سره ـ لو لم يقم دليل على خلاف الأصل والقاعدة اللفظيّة دليل فهو الذي ذكرنا وإلا كما ورد دليل على خلاف القاعدة كما ورد فيها بكفاية وضوء واحد عن الموجبات المتعددة له وكفاية غسل واحد بنيّة الجنابة لجميع الأغسال وفي بعض موجبات الكفّارة إذا أفطر في نهار شهر رمضان فعليه الكفّارة والمفطر يصدق بأول المفطرات ولا ينافي وجوب الإمساك أو استحبابه. وعلى ذلك فيوجب استكشاف أمور ثلاثة :

أولها : أن يكون السبب في الغسل والوضوء وغيرهما هو الجامع والعنوان الواحد الحاصل من اجتماع الأحداث ، ولا يمكن التعدد فيه فان تحقق طولا فمستند إلى أول الوجود منها وإن تحقق المحصلان في عرض واحد فالعنوان مستندا وصف الاجتماع.

وثانيها : كون السبب هو صرف الوجود من الأسباب لا مطلق الوجود وهو يتحقق بأول وجود من النواقض وهو المؤثّر في الوضوء غير قابل للتكرار والتعدد.

وثالثها : المسبب وهو الطهارة الحاصلة بأول سبب غير قابل

٤٣٠

للتعدد ، ولا التأكّد والانتساب إلى سبب من حيث وإلى سبب آخر من حيث آخر فيخرج المورد عن النزاع لكنّه هذه الاحتمالات في باب الوضوء لا تتطرّق لأنه ثبت أن الوضوء نور.

وبالجملة :

هذا كلّه فيما إذا كان موضوع الحكم في الجزاء قابلا للتعدد ، وأما ما لا يكون قابلا لذلك فلا بدّ من تداخل الأسباب فيه فيما لا يتأكّد المسبب ومن التداخل فيما يتأكّد.

في مفهوم الوصف هل له مفهوم أو لا؟ ، خلاف بين الأعلام من غير فرق بين أنحاء الوصف في وقوع النزاع عندهم مع انه فرق بينهما فانه يقع النزاع على أقوال ثلاثة :

قيل : انّ الوصف لا يدل على المفهوم لعدم انتفاء الموصوف بانتفاء الوصف مطلقا كما هو عن صاحب القوانين والكفاية والدرر والنائيني والشيخ الأنصاري ـ قدس‌سرهم ـ.

وقيل : بدلالة الوصف على المفهوم مطلقا لأنه ينفى بانتفائه سواء كان الوصف علّة لثبوت الحكم على موصوفه أم لا ، كما هو المشهور.

وقيل : فيه تفصيل بأنه إن كان الوصف علّة منحصرة على ثبوت الحكم له يدلّ على المفهوم وإلا ليس له مفهوم وهو المختار كما في قوله : في الغنم السائمة زكاة ، فالصفة فيها حيث كان على نحو العلّة المنحصرة لثبوت الزكاة للغنم للحصر وليس فيه علّة آخر فينتفي بانتفائه سنخ الحكم

٤٣١

عن الموصوف بانتفاء الوصف ، وأما شخص الحكم ضرورة انّ انتفائه بانتفاء موضوعه عقلا تكون القضيّة إفراديّة كقوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ رَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) ، فليس له مفهوم وإلا تحلّت الربائب التي ليس في الحجور لكون القضيّة لقبيّة.

في مفهوم الغاية هل الغاية في القضيّة يدل على ارتفاع الحكم رأسا سنخا عن ما بعد الغاية بناء على دخول الغاية في المغيى ، وعنها بعدها بناء على خروجها أو لا؟ فيه خلاف ، ونسب إلى جماعة منهم السيّد والشيخ عدم دلالته عليه ، وذهب المشهور إلى دلالتها على الارتفاع عن ما بعدها.

والتحقيق :

التفصيل أنه في مثل قوله ـ عليه‌السلام ـ : كل شيء طاهر حتى تعلم أنه قذر ، فكل شيء حلال حتى تعرف أنه حرام دالّة على الارتفاع عند الارتفاع لأن الشكّ إذا ارتفع وتبدّل بالعلم عمّا بعد الغاية يدلّ على الارتفاع عند الارتفاع فيكون الشكّ علّة منحصرة لحكم الحلّية والطهارة في الحكم الظاهري المستفاد من السؤال والجواب ، وهو واضح إلى النهاية.

وأما في مثل قوله : سرت من البصرة إلى الكوفة لا يدلّ على المفهوم ولا على انتفاء سنخ الحكم عن غيره فان الحكم إذا كان معلولا قدّم على علّته ، وهو كوفة لا يدلّ على المفهوم لكونه قضيّة إفراديّة كما لا يدلّ قوله تعالى : (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) ، ثم انّ في الغاية خلاف آخر كما

٤٣٢

أشرنا إليه وهو أنها هل هي داخلة في المغيّا بحسب الحكم وخارجة عنه وإلا ظهر أنه محكوم بحكمه ودخوله فانّ انتهاء الشيء عبارة عن جزئه الأخير كما انّ باقي الأجزاء داخلة في الشيء كذلك الجزء الأخير ، وإلا فالغاية تكون عبارة عن النقطة الموهومة التي لا وجود لها تكون جزءا غير قابل للتقسيم ، وهو مبنيّ على بطلان ذلك وصحّته وإن كان محل النزاع هو مدخول حتى وإلى ولم يكن له غاية حقيقة كما في قولنا : سر من البصرة إلى الكوفة قوله : صم من الفجر إلى الليل ، فالحق التفصيل بين كون الغاية قيدا للفعل كالمثال الأول وبين كونها غاية للحكم كالمثال الثاني.

ففي الأول داخلة في الغاية ، فالظاهر بين المثال المذكور دخول جزء من السير المتخصص بالكوفة في المطلوب كما انّ الظاهر دخول السير المتخصص بالبصرة أيضا بالمطلوب في الثاني خارجة عنه فان المفروض انها موجبة لرفع الحكم فلا يمكن بعثه إلى الفعل المتخصص بها في مفهوم الحصر لا خلاف من أصحابنا في ثبوت المفهوم للحصر سواء كان مادّة ك : «إنما» و : «بل» الإضرابيّة والحصر والقصر وأشباهها أو الهيئة كتقديم ما هو التأخير منها الاستثناء وهو من النفي يفيد إثبات الحكم للمستثنى كقوله : ما جاءني أحد إلا زيد ومن الإثبات يفيد انتفاء الحكم له.

ولم نعثر على حكاية خلاف في الحكمين فيدلّ على الحصر والمفهوم لكون المستثنى علّة منحصرة للمستثنى منه فيلزم من انتفاء المستثنى انتفاء المستثنى منه في الإثبات والنفي إلا من أبي حنيفة حيث انه ذهب فيما

٤٣٣

حكى إلى عدم الإفادة ، والمعقول من كلامه أن يقال : انّ المستفاد من قولك : ما جاءني إلا زيد ليس إلا عدم دخول زيد في الحكم المذكور ، وأما حكمه فيحمل أن يكون موافقا أو مخالفا إلا أن شيئا منهما غير مستفاد من الكلام المذكور.

فغاية ما يفيده الاستثناء خروج المستثنى عن كونه مجزيّا عنه بالنفي والإثبات احتجّ بمثل قوله : لا صلاة إلا بطهور ، وانه على تقدير عدمه على كونه مفهوما له أن تكون الطهارة المقرونة مع فقدان الشرائط والأجزاء صلاة وهو ضعيف لأن النفي فيها ملحوظة بعد اجتماع الشرائط المعتبرة فيها سوى الظهور فانّ الحصر إضافيّ بالنسبة إلى حالة فقدان الطهارة فقط مع فرض بقيّة الأجزاء والشرائط ومجرّد الاستعمال أعم ، وشواهد خلافه كثيرة أقواها التبادر للحصر كما يحكم به الوجدان السليم.

وادّعى جماعة الإجماع على ذلك ، منهم العضدي ، وقبول رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ إسلام من قال : لا إله إلا الله ، من أعدل الشواهد على الحصر ، وإن كان الاستدلال بالتبادر يكفينا على الحصر.

ثم انّ هناك إشكال معروف وهو أنهم اختلفوا في كلمة طيّبة التوحيد قول باستغناء لا في قوله : لا إله إلا الله عن الخبر المقدّر إما موجود وإما ممكن ، وعلى حال لا يدل الاستثناء على التوحيد الذي هو عبارة عن الاعتقاد بوجود الباري تعالى ونفي إمكان الشريك له تعالى فانه على كون الخبر موجود الاستثناء يدلّ على الحصر على وجود آلهة في الباري تعالى ، ولا يدلّ على نفي إمكان الشريك له تعالى.

٤٣٤

وعلى تقدير كون الخبر ممكن يدلّ على إثبات الإمكان لوجوده تعالى لا على وجوده تعالى ، وعلى الأول بأنّ لا تامّة غير محتاجة إلى الخبر كما في قولك : لا حال ولا أهل ، فانه يراد منه انتفى المال والأهل ، وهذا المعنى لا يحتاج إلى خبر لتمام الكلام بدونه إلا أنه يشكل أن كلمة : «لم» نجد من صرّح بأنها ترد اسميّة ، وهذا المعنى على ما عرفت ليس معنى رابطيّا انّ الوجود كما قد يؤخذ محمولا ، وقد يؤخذ رابطة ، فكذلك العدم قد يكون محمولا كقولك : زيد معدوم ، وقد يكون رابطة كقولك : زيد قائم ، والثاني يحتاج إلى الطرفين لامتناع تحقق الرابط بدونهما ، والأول لا يحتاج إليها فالعدم المستفاد من كلمة : «لا» على طريقة التميميين عدم محمول ولا يحتاج إلى تقدير خبر والمعنى ينفي عنوان الإلهيّة مطلقا إلا في الله كما في قولك : لا أهل ولا مال كما عرفت ليس رابطاه مدار لا حرفيّا.

واحتمال أن يكون استعارة عمّا يصلح لإفادة ذلك ضعيف ، اللهم إلا أن يقال : انّ قولك لا رجل ولا مال وأضرابهما غير محتاج إلى تقدير الخبر بل الكلام المذكور في قوّة أن يقال : لا شيء ورجل ولا شيء ومال ولا شيء وآلة ، ففي الحقيقة يكون اسم لا محذوفا إلا أنه مع ذلك لا يخلو عن إشكال.

والحاصل لا يندفع هذا الإشكال بجعل لا تامّة غير محتاجة إلى الخبر فانه على ذلك أيضا تدلّ القضيّة على نفي الإلهيّة وإثبات الباري ولا تدلّ على عدم إمكان الغير ، ويمكن أن يجاب : بأن المراد ب (لا إله) المنفى هو خالق تمام الموجودات وبعد نفي هذا المعنى مطلقا وإثباته

٤٣٥

في ذاته المقدّسة يلزم أن يكون كل موجود سواه تعالى مخلوقا له تعالى يدلّ بالالتزام البيّن على عدم إمكان غيره تعالى عزّ جلاله.

ثم انهم اختلفوا في كون الدلالة المذكورة هل هو بالمنطوق أو هو بالمفهوم فان أرادوا بذلك ترتّب أحكام أحد القسمين عليها عند التشخيص بأحدهما إذ ليسا مأخوذين في عنوان دليل شرعيّ ، واما تقديم المنطوق عند التعارض ، فقد عرفت ما فيه إذ المدار على الأقوائيّة والظهور ولا دليل على دورانهما مدارهما وإن أراد بذلك تشخيص ما هو الواقع بحسب الاصطلاح ، فالظاهر انه من المفهوم ، وتحقيق ذلك انّ قولك : ما زيد إلا قائما ؛ يشتمل على حكمين :

أحدهما : سلب جميع المحمولات.

ثانيهما : إثبات القيام لزيد.

والأول مستفاد منطوقا ، والثاني مفهوما نظرا إلى ما وجّهنا أحدهما في ما تقدّم إلا أنه مع ذلك لا طائل تحته.

ومنها : الإضراب بكلمة : «بل» ، وأما ما يجيء للترقّي فلا يفيد الحصر قطعا إذ لا وجه لاستفادة الحصر منها على أقوال :

أحدها : الحصر مطلقا في الإيجاب أو النفي وهو المنسوب إلى الحاجبي.

الثاني : العدم مطلقا ، وهو المنسوب إلى الزمخشري ، فقولك : جاءني زيد بل عمرو إنما يدلّ على صرف الحكم المقصود بالكلام إنشائه عن زيد وإثباته لعمرو من غير دلالة على الحكم الثابت المتبوع.

٤٣٦

الثالث : التفصيل بين النفي ، فيدلّ والإثبات لا يدلّ ، ذهب إليه جماعة منهم نجم الأئمة والتفتازاني على ما حكى بعض الأعاظم من المتأخّرين واستدلّ في ذلك بأن احتمال الغلط في النفي بعيد بخلافه في الإثبات.

ثم انه ينبغي أن لا يكون من موضوع الخلاف ما إذا كانت مسبوقة ب : «لا» ، فانه حينئذ كالنصّ في ثبوت المفهوم ، ولا يبعد دعوى الوفاق إلا أن ابن هاشم جعله لتأكيد الإضراب عنده كان مخالفا.

ومنها : الحصر ب : «إنما» كقوله تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ) خلاف فيه ، والمشهور يدلّ على الحصر ، واحتجّوا بأمور أقواها تصريح أهل اللغة كالأزهري بذلك ، وقال بعضهم : لم أظفر بمخالف فيه ، ونقل بعضهم إجماع النّحاة بدلالته على الحصر ، وهو المنقول عن أئمة التفسير ، وقد يتمسّك بحديث : «إنما الأعمال بالنيّات» بفساد العمل بلا نيّة كاعتمادهم على قوله : الولد لمن أعتق في مثله وهو لا يجدي شيئا ، إذ بعد الغضّ عمّا فيه لا يزيد عن مجرّد الاستعمال.

ومنها : تعريف ب : «لام» إذا كان الخبر خاصّا مثل : إلا زيد ، وفي حمل الذات الأولى كقولك : الإنسان بشر فيما إذا أريد اتحاد المعنى دون التساوي في الصدق وأخرى يمكن اعتبارها على وجه لا يستفاد منها الحصر كما إذا قيل لمن سمع الأسد ولم يشاهد فردا من مصاديقه فيما كان موضوعا أو فيما كان محمولا معرّفا كقولك في المقام المذكور ، هذا الأسد ، أو منكرا كما في جميع القضايا المتعارفة أو كانت

٤٣٧

متعلّقة للأمر ، كما إذا قيل : أكرم الرجل ، حيث لا عهد.

الأمر الرابع :

في العموم والخصوص ، فالعموم تارة يستفاد من الوضع تكون الدلالة لفظيّة مثل لفظ الكل وما يرادفه في أيّ لغة ، وتارة يستفاد من العقل كعموم النكرة الواقعة في سياق النهي والنفي أو الجنس الواقع في سياق النفي فانّ نفي الطبيعة مستلزم لنفي أفراده عقلا.

وثالثة يستفاد من إطلاق مقدّمات الحكمة ، والأول هو المقصود من البحث في المقام وهو عند التعارض يقدّم على العموم المستفاد من مقدّمات الحكمة وهو يبحث في مبحث المطلق والمقيّد.

فجميع ألفاظ العموم ظاهرة في الاستغراق بمعنى واحد وهو شمول المفهوم لجميع ما يصلح أن ينطبق عليه ويظهر الفرق بين الأول والأخير ، فالأول المستفاد من اللفظ والأخير المستفاد من إطلاق اللفظ ثم ينبغي في المقام تنبيه أمور :

(الأول) :

انه تلاحظ الطبيعة بثلاثة وجوه : «الوجه الأول» : تلاحظ بشرط «لا» ، ويكون محمولها نوعا أو جنسا كقولنا : الإنسان نوع والحيوان جنس لا يلاحظ فيها العموم.

«الوجه الثاني» : تلاحظ قضيّة حقيقيّة مرآة إلى أفرادها وسارية فيها ، ولا تكون الأفراد فيها محكومة بالحكم ابتداء ، وإنما

٤٣٨

يشملها الحكم باعتبار صدق الطبيعة المأخوذة في الموضوع عليها سواء كان أفرادها موجودة أو مقدّرة أو معدومة.

«الوجه الثالث» : تلاحظ القضيّة الخارجيّة وهي ما حكم فيها على نفس الأفراد الخارجيّة ابتداء فتكون كلّية الطبيعة صوريّة لا حقيقيّة كما إذا قال : أكرم كلّما في الدار ، أو كل من في العسكر قتل ، ويمكن أن يكون ملاكه مختلفا في الأفراد بأن يكون ملاك الإكرام والقتل غير ملاك الآخر ، وعلّة الإكرام والقتل مختلفة فلا تكون الطبيعة مرآة لأفرادها فتكون القضيّة الإفراديّة العموم والخصوص متناقضين يعني التخصص في القضايا الخارجيّة الإفراديّة لأن مسبب العموم فيه إنما هي الافراد دون العناوين كأكرم زيدا ، ولا تكرم زيدا بخلافه في القضايا الحقيقيّة ، فانّ التخصيص فيها يكون عنوانيّا وموجبا لتقيّد مصبّ العموم تقييدا وجوديّا ، ولا يكون بينهما المناقضة ، فالتخصيص بالعنوان مثل قولنا : أكرم العلماء ، ولا تكرم الفسّاق منهم فانّ المراد من قوله : أكرم العلماء إلا الفسّاق في الواقع وفي عالم الثبوت العالم المخصص والباقي بعد التخصيص فلا يكون بين العام والخاص مناقضة لعدم كون الخاص مرادا للآمر ، ولم نجد في القضايا الحقيقيّة الواردة في الشريعة ما يكون التخصيص فيه إفراديّا إلا في مورد واحد وهو رفع الحدّ عمّن أقرّ عند أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ باللواط ، والقضيّة مشهورة.

أقول :

إنه ليس بتخصيص بل انه عفو ، ثم إنه ليس لنا حكم على نحو القضايا الخارجيّة في الأحكام الشرعيّة ثبوتا حتى يحتاج إلى كلّية الكبرى

٤٣٩

وحدّ الوسط لثبوت الأصغر للأكبر إلا في القضايا الحقيقيّة ، نعم يشكل حدّ الوسط في عالم الإثبات فقط كمن علم بأن كل من في العسكر قتل ولكن لا يعلم وجود زيد معهم فيعلم بمقوليّة لا محالة.

ومما ذكرنا ظهر إشكال ورود الدور على الشكل الأول إذا قال في ثبوت حدوث العالم : العالم متغيّر ، وكل متغيّر حادث ، فالعالم حادث العلم بالنتيجة موقوف على كلّية الكبرى وكلّية الكبرى يتوقّف على العلم بحدوث العالم ، وأجابوا عنه بالعلم الإجمالي والتفصيلي ، وأجاب عليه النائيني ـ قدس‌سره ـ بأن النتيجة تتوقّف على العلم بكلّية الكبرى وكلّية الكبرى تتوقّف على الدليل سواء كان عقليّا أو نقليّا.

وفيه : انّ الكبرى وهو مضمون الدليل بعينه وليس فيها ثالث حتى يتوقّف إليه لا يرفع الإشكال في القضيّة الحقيقيّة ، ثم قال ـ قدس‌سره ـ في القضيّة الخارجيّة في رفع الإشكال وهو أن العلم بكلّية الكبرى لا بدّ وأن يكون مأخوذا من ثبوت الحكم لكل واحد من الأفراد ، ومنها الموضوع في النتيجة لكنّ العلم بالنتيجة لا بدّ أن يكون مأخوذا من دليل خارجي من دون توقّفه على العلم بكلّية الكبرى فاشكال يندفع.

(التنبيه الثاني):

العموم إما استغراقي وإما مجموعي ، وإما بدلي ، فان تعلّق الحكم بالطبيعة مرآة إلى جميع أفرادها مثل : أكرم العلماء بحيث يشتمل بكل واحد واحد من الأفراد يكون استغراقيّا ، وإن تعلّق الحكم بمجموع الأفراد

٤٤٠