وضح البرهان في مشكلات القرآن - ج ١

محمود بن أبي الحسن بن الحسين النيسابوري الغزنوي [ بيان الحق النيسابوري ]

وضح البرهان في مشكلات القرآن - ج ١

المؤلف:

محمود بن أبي الحسن بن الحسين النيسابوري الغزنوي [ بيان الحق النيسابوري ]


المحقق: صفوان عدنان داوودي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار القلم ـ دمشق
الطبعة: ١
الصفحات: ٥١٨
الجزء ١ الجزء ٢

سورة ابراهيم

(اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ). (٢)

رفعه على الاستئناف (١).

وجرّه ـ وهو القراءة المعروفة ـ على البدل ، أو على أنّه عطف بيان.

ولا يجوز الجرّ على أنّه صفة للحميد ؛ لأن الشيء يوصف بما هو أنقص منه وأخصّ. وهذا الاسم العظيم فوق كل اسم ، وبمنزلة الأسماء الأعلام ، فلا يصلح وصفا.

(الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا) (٣)

يعتاضون ويستبدلون.

وقيل : يختارون.

(وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ). (٧)

أذن وتأذّن : أعلم.

والتفعل يجيء بمعنى الإفعال والتفعيل وغيرهما. قال جرير :

٦١٠ ـ بيض تربّيها النّعيم وخالطت

عيشا كحاشية الحرير غريرا

٦١١ ـ أصبحن عني للمشيب قواقرا

ولقد يكنّ إلى حديثي صورا (٢)

__________________

(١) قرأ اللهِ بالرفع نافع وابن عامر وأبو جعفر ، والباقون بالجر.

(٢) البيتان في ديوانه من قصيدة له يهجو فيها الأخطل الديوان ص ٢٢٢ وفيه البيت الثاني : ـ

٤٨١

(فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ). (٩)

أي : عضّوا على أيديهم من الغيظ والحزن.

والمحزون المغيظ يعضّ يده. أنشد المبّرد :

٦١٢ ـ لو أنّ سلمى أبصرت تخدّدي

ودقة في عظم ساقي ويدي

٦١٣ ـ وبعد أهلي وجفاء عوّدي

عضّت من الوجد بأطراف اليد (١)

قال الحسن : كأنّهم ردّوا أيديهم على أفواه الرسل ، على طريقة المثل ، إمّا على ردّهم قولهم وعدم استماعهم ، وإمّا لخوفهم منهم.

قال عبد يغوث :

٦١٤ ـ أقول وقد شدّوا لساني بنسعة :

أمعشر تيم أطلقوا عن لسانيا (٢)

وقال عمرو بن معد يكرب ـ وشبّه مثل هذه الحال بإجرار الفصيل بالرضاع ـ :

٦١٥ ـ فلو أنّ قومي أنطقتني رماحهم

نطقت ولكنّ الرماح أجرّتّ (٣)

__________________

 ـ أنكرت عهدك بعد ما يعرفنه

ولقد يكنّ إلى حديثك صورا

والعيش الغرير : العيش الرغيد.

(١) البيتان في البحر المحيط ٥ / ٤٠٨ من غير نسبة ، وتفسير القرطبي ٩ / ٣٤٥ ، والكامل للمبرد ١ / ٣٩ ، وتفسير الماوردي ٢ / ٣٤٠ ، وهما لابن الزبعرى في ديوانه مع بعض التغيير ص ٣٤.

(٢) البيت في المفضليات ص ١٥٧ ؛ وشرح المفضليات للتبريزي ٢ / ٧٦٩ ؛ وشرح الحماسة للتبريزي ١ / ٨٤ ؛ وخزانة الأدب ٢ / ١٩٩. والنسعة : سير يضفر به الجلد. قال التبريزي : وهذا مثل ، واللسان لا يشد بنسعة. إنما أراد : افعلوا خيرا ينطلق لساني بشكركم ، فإن لم تفعلوا فلساني مشدود. وقال أبو عبيدة : كانوا قد شدّوا لسانه مخافة هجائهم.

(٣) البيت في ديوانه ص ٥٦ ؛ وشرح الحماسة للتبريزي ١ / ٨٤ ؛ وشرح مقامات الحريري ١ / ٢٨١ ؛ وزهر الآداب ٢ / ٤٣٧ ، وفي المخطوطة [أجرب] وهو تصحيف.

٤٨٢

ويجوز الحمل على كراهيتهم ما قاله الرسل ، كما يقال لمن سحره استماع شيء :

ردّ يده إلى صماخه ، وجعل أصبعه في أذنه.

قال الله تعالى : (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ).(١)

قال ابن ناعصة الأسدي (٢) :

٦١٦ ـ وحصا المنادح من حماها

يردّ بها البنان إلى الصّماخ

٦١٧ ـ فقلنا «ها» فأنجدنا قراها

بنعمانا إلى العيش الرّخاخ (٣)

(مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ). (١٦)

أي : من ماء مثل الصديد : فاختصر ، كقولك : فإذن أسد.

وقيل : من ماء يصدّ الصادي عنه لشدته وكراهيته.

(وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ). (١٧)

أي : أسبابه من جميع جسده ، كأنّ من تحت كل منبت شعرة منبع ألم.

وقيل : من جهاته الست.

(يَوْمٍ عاصِفٍ). (١٨)

أي : عاصف الريح ، فاكتفى بدلالة الحال.

__________________

(١) سورة البقرة : آية ١٩.

(٢) وهو أسد بن ناعصة التنوخي الأسدي شاعر جاهلي قديم له في أشعاره ألفاظ غريبة وحشية ، ذكر صاحب العين أنّ شعره لا يكاد يفسر إلا بالشدة. وادعى ابن ناعصة أنه قاتل عنترة العبسي. راجع معجم الشعراء ص ١٩٤.

(٣) نعمان : واد بين مكة والطائف ، ورخاخ العيش : خفضه ورغده وسعته ، ويوصف به فيقال : عيش رخاخ. أي : واسع ناعم ، وفي الحديث : [يأتي على الناس زمان أفضلهم رخاخا أقصدهم عيشا»] راجع اللسان مادة : رخخ. والمنادح : المفاوز ، والنّدح : بكثرة.

٤٨٣

وقيل : يوم عاصف : ذي عصوف.

(ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ). (٢٢)

هذه من لغات السلب ، فإنّ الصارخ : المستغيث ، والمصرخ : المغيث ونظائرها كثيرة ، مثل : الإشكاء والإعتاب (١) ، ونحوهما.

قال سلامة بن جندل :

٦١٨ ـ كنّا إذا ما أتانا صارخ فزع

كان الصّراخ له قرع الظنابيب (٢)

وقال آخر :

٦١٩ ـ نثوب إليهم كلمّا صاح صارخ

ونصرخهم فيما ينوب ويقرع (٣)

(وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ).

وجميع النحاة لا يقبلون قراءة حمزة (بِمُصْرِخِيَ) بكسر الياء ، وهي لغة بني يربوع ، ولها وجهان :

١ ـ إشباع ياء الإضافة فيصير (بِمُصْرِخِيَ) ثمّ حذفت الزيادة ، وتركت الحركة للدلالة عليها.

٢ ـ والثاني : أنّه لمّا حذفت نون الجمع للإضافة التقت الياء (٤) بياء الجمع وهما ساكنتان في الأصل ، فحرّكت ياء الإضافة إلى الكسرة.

__________________

(١) يقال : أشكيت فلانا : إذا أعتبته من شكواه ، ونزعت عنه شكاته ، وأزلت عما يشكوه. وأشكيت فلانا : إذا فعلت به فعلا أحوجه إلى أن يشكوك ، وهو من الأضداد. ـ ويقال : أعتبني فلان. أي : ترك ما كنت أجد عليه من أجله ، ورجع إلى ما أرضاني عنه بعد إسخاطه إيايّ عليه. راجع اللسان : شكى وعتب.

(٢) البيت في تفسير القرطبي ٩ / ٣٥٧ ؛ والبحر المحيط ٥ / ٤١٤ ؛ والبيان والتبيين ٣ / ٨٧ ؛ وديوان سلامة ص ١٢٣ ؛ والمجمل لابن فارس ٢ / ٦٠٢. قال الأصمعي : يقال : ضرب بهذا الأمر ظنوبه : إذا هو جدّ فيه.

(٣) لم أجده.

(٤) سقطت من المخطوطة.

٤٨٤

(اجْتُثَّتْ). (٢٦)

انتزعت. قال الهذلي :

٦٢٠ ـ أو كالنعامة إذ غدت من بيتها

ليصاغ قرناها بغير أذين

٦٢١ ـ فاجتثّت الأذنان منها فانتهت

صلماء ليست من ذوات قرون (١)

(لا بَيْعٌ فِيهِ).

خصّ البيع لما في المبايعة من المعاوضة ، فيظن أن ذلك كالفداء في النجاة عما أوعدوا به ، فصار في المعنى كقوله تعالى : (وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها)(٢).

(وَلا خِلالٌ). (٣١)

مصدر خاللته مخالّة وخلالا.

(دائِبَيْنِ). (٣٣)

دائمين فيما سخرهما الله عليه.

(أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ). (٣٧)

قلوبا.

وقيل : إنها تكسير أفؤود (٣) على أوفدة (٤) ، ثم قلب اللفظ ، ثم قلبت الواو ، كما قلب في الأفئدة التي هي جمع فؤاد.

__________________

(١) البيتان لأبي العيال ابن أبي عتير الهذلي. وسقطت كلمة (من) في البيت الثاني من المخطوطة. يقول : ذهبت النعامة تطلب قرنين فاجتثت أذناها. ومعناه : تطلب عندي الخير بمنازعتك إياي ، فرجعت مجدوعا. راجع ديوان الهذليين ٢ / ٢٦٨ ؛ وشرح ديوان الهذليين للسكري ١ / ٤٢٢ ؛ وفصل المقال ص ٣٦١ ؛ والحيوان ٤ / ٣٢٤ ؛ والمعاني الكبير ١ / ٣٣٧.

(٢) سورة الأنعام : آية ٧٠.

(٣) في المخطوطة : وقود. وهو تصحيف ، وأفؤود : هو الموضع الذي تفأد فيه اللحم. أي : تشوى.

(٤) في المخطوطة : أوقدة. وهو تصحيف. ـ

٤٨٥

(تَهْوِي إِلَيْهِمْ). (٣٧)

تقصدهم.

(وَتَقَبَّلْ دُعاءِ). (٤٠)

عبادتي.

(رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ). (٤١)

كانا (١) في الأحياء فرجا إيمانهما.

(تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ). (٤٢)

ترفع. من قولهم : شخص بصر المريض شخوصا ، وشقّ شقوقا.

(مُهْطِعِينَ). (٤٣)

مسرعين.

ولا يفسر بالإطراق. لقوله تعالى :

(مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ).

والإقناع : رفع الرأس إلى السماء من غير إقلاع. قال الراعي :

٦٢٢ ـ زجل الحداء كأنّ في حيزومه

قصبا ومقنعة الحنين عجولا (٢)

العجول : الناقة التي مات ولدها فحنّت ، وإذا حنّت الناقة رفعت رأسها.

(وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ).

جوف عن القلوب لشدة الارتياع. أنشد أبو زيد :

__________________

ـ قال ابن عباس ومجاهد : لو قال : أفئدة الناس لازدحمت عليه فارس والروم والترك والهند والنصارى والمجوس ، ولكن قال : (مِنَ النَّاسِ) فهم المسلمون.

(١) في المخطوطة : كان. وهو تصحيف.

(٢) البيت في ديوانه ص ٢٢١ ؛ والأفعال للسرقسطي ٣ / ٤٦٨ ، وأساس البلاغة مادة قنع واللسان مادة : قنع ؛ والفائق ٢ / ٣٧٩ ؛ والمخصص ٢ / ١٤٣.

٤٨٦

٦٢٣ ـ لقد أعجبتموني من جسوم

وأسلحة ولكن لا فؤادا (١)

ومثله للراعي :

٦٢٤ ـ وغدوا بصكّهم وأحدب أسأرت

منه السياط يراعة إجفيلا (٢)

(وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ). (٤٦)

أي : ما كان (٣) مكرهم لتزول منه الجبال ، توهينا لمكرهم ، وتحقيرا لأمرهم.

(فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ). (٤٧)

قيل : تقديره : مخلف رسله وعده ، فجاء مقلوبا

٦٢٥ ـ وكلّ كميت كأنّ السلي

ط في حيث وارى الأديم الشّعارا (٤)

وقال آخر :

__________________

(١) البيت لبرج بن مسهر الطائي ، وهو شاعر جاهلي ، وقيل : لعامر بن جوين الطائي وهو في نوادر أبي زيد ص ٢٩٩ ؛ والوحشيات ص ٢٣٢.

(٢) البيت في ديوانه ص ٢٣٧ ؛ ومجاز القرآن ١ / ٣٤٤ ؛ والمحتسب ١ / ٢٢٦ ، والجمهرة ٢ / ٣٩٢ ؛ وشرح ديوان الهذليين للسكري ١ / ٢٨١ ؛ وتهذيب الألفاظ ص ١٧٧. وقوله : أسأرت : أخرجت ، واليراعة : النعامة. والإجفيل : الجبان.

(٣) سقطت (كا) من «كان» في المخطوطة.

(٤) البيت في اللسان مادة شعر من غير نسبة ، والاشتقاق لابن دريد ص ٤٢٢. ولم ينسبه المحقق ، وهو للأعشى في ديوانه ص ٨٤ ، والوساطة بين المتنبي وخصومه ص ٤٦٩. وفي المخطوطة [حبب] بدل [حيث] و [ولدي] بدل [وارىء] و [الشغارا] بدل [الشعارا] وهو تصحيف. أراد : كأنّ السليط ، وهو الزيت ـ في شعر هذا الفرس لصفاته. والشعار : جمع شعر ، أراد أن يخبر بصفاء شعر الفرس وهو كأنه مدهون بالسليط والمواري في الحقيقة الشعار ، والموارى هو الأديم ؛ لأن الشعر يواريه ، فقلب.

٤٨٧

٦٢٦ ـ ترى الثور فيها مدخل الظلّ رأسه

وسائره باد إلى الشمس أجمع (١)

والأولى أن يقرر على اللفظ ، لأنّ الإخلاف من الأفعال الجارية على الوجهين.

يقال : أخلف زيد وعده ، وأخلف وعده زيدا.

ومثله : أصاب زيد مالا ، وأصاب زيدا مال ، ووافق زيد حديثا : إذا صادفهم يتحدثون ووافق زيدا حديثنا : إذا سرّه وأعجبه.

وأحرز زيد سيفه : إذا صانه في غمده. وأحرز زيدا سيفه : إذا خصه وصانه من القتل.

(مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ). (٤٩)

أي : يجمعون في الأغلال كما كانوا في الدنيا مقرنين على الضلال.

انتهت سورة إبراهيم ،

ويليها سورة الحجر

* * *

__________________

(١) البيت في تفسير القرطبي ٩ / ٣٨٢ ؛ ومعاني القرآن للفراء ٢ / ٨٠ ؛ وكتاب سيبويه ١ / ٩٢ ؛ والبحر المحيط ٥ / ٤٣٩ ؛ وتفسير الطبري ١٣ / ٢٤٨.

٤٨٨

سورة الحجر

(تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ). (١)

جمع بين الكتاب والقرآن ، لأنهما وصفان مختلفان معنى ، وإن كان الموصوف واحدا.

(لَوْ ما تَأْتِينا). (٧)

أي : لو لا. وقيل : هلّا.

(فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ). (١٠)

فرق الأولين.

(كَذلِكَ نَسْلُكُهُ). (١٢)

ندخله. أي : التكذيب والاستهزاء. عن قتادة.

والذكر والقرآن ـ وإن لم يؤمنوا به ـ عن الحسن.

(سُكِّرَتْ أَبْصارُنا). (١٥)

سدّت. من سكر البئر (١).

__________________

(١) قال ابن عزيز : (سُكِّرَتْ أَبْصارُنا). سدّت أبصارنا ، وهو من قولك : سكرت النهر إذا سددته. وقال مجاهد : سكّرت : حبست. ومنه قول أوس بن حجر :

فصرت على ليلة ساهره

فليست بطلق ولا ساكره

٤٨٩

(مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ). (١٩)

أي : مقدّر بمقدار ، لا ينقص عن الحاجة ولا يزيد زيادة تخرج عن الفائدة.

ـ وذهب إبن بحر أنّ المراد به : هو الأشياء الموزونة.

ثم قال : إنّما ذكرها دون المكيلة ، لأنّ غاية المكيل ينتهي إلى الوزن.

والصحيح هو القول الأول ، ونظائره في كلامهم كثيرة.

قال ذو الرّمة :

٦٢٧ ـ لها بشر مثل الحرير ومنطق

رخيم الحواشي لا هراء ولا نزر (١)

أي : قليل. وقال مالك الفزاري (٢) :

٦٢٨ ـ وحديث ألذّه هو ممّا

ينعت الناعتون يوزن وزنا

٦٢٩ ـ منطق صائب وتلحن أحيا

نا وخير الكلام ما كان لحنا

أي : كناية (٣) ، لأنه أراد ما هو ضد الصواب ، كقوله تعالى : (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ).(٤)

وكما قيل :

__________________

(١) البيت في ديوانه ص ٢١٢ والخصائص ١ / ٢٩ ، واللسان : نزر. وقوله : رخيم الحواشي : مختصر الأطراف ، وقيل : اللينة الكلام.

(٢) في المخطوطة [الفزابي] وهو تصحيف. وهو مالك بن أسماء بن خارجة. والبيتان في كتاب الملاحن ص ١٨ ؛ واللسان لحن ١٣ / ٣٨٠ ؛ ومعجم الأدباء ١ / ٨٢ ؛ وفصل المقال ص ٥ ، وأمالي القالي ١ / ٥.

(٣) يريد أنها تعرّض في كلامها وحديثها ، فتزيله عن جهته ، فجعل ذلك لحنا.

(٤) سورة محمد : آية ٣٠.

٤٩٠

٦٣٠ ـ ولقد وحيت لكم لكيما تفطنوا

ولحنت لحنا ليس بالمرتاب (١)

(وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ). (٢٠)

ولمن لستم له برازقين من سائر الحيوانات ، ناطقها وعجمها.

وقيل : إنّه منّ علينا بالخول ، كما منّ بالمعاش.

أي : كما جعلنا لكم فيها معايش ، جعلنا لكم خولا من الخدم والدواب ، فإنّا جعلناها لكم ، ولم نجعل رزقها عليكم.

و (مَنْ) على هذا القول منصوب.

وعلى القول الأول مجرور.

والمعايش : ما يعيش به الإنسان من المطاعم والمشارب والملابس. قال جرير :

٦٣١ ـ تكلّفني معيشة آل زيد

ومن لي بالمرقّق والصّناب

٦٣٢ ـ وقالت : لا تضمّ كضمّ زيد

وما ضمّي وليس معي شبابي (٢)

(لَواقِحَ). (٢٢)

بمعنى ملاقح. على تقدير : ذوات لقاح.

والرياح ـ لا سيّما الصبا والجنوب ـ ملقّحة السحاب ، كالفحل للنّاقة.

__________________

(١) البيت للقتّال الكلبي. وهو في اللسان مادة : لحن ، وديوانه ص ٣٦ ؛ وأمالي القالي ص ٤. وفي الديوان : [ووحيت وحيا ليس بالمرتاب]. وحيت : أشرت إشارة خفية.

(٢) البيتان في ديوانه ص ٤٢ ؛ والكامل للمبرد ١ / ٩٠ ؛ وطبقات الشعراء ص ١٢٩ ؛ وأساس البلاغة ص ٢٥٨ وفيه : [ومن لي بالصلائق والصّناب]. والصلائق : الرقائق. والصناب : صباغ يتخذ من الخردل والزبيب.

٤٩١

وقيل : الصّبا تثير وتلقح ، والجنوب تدرّ ، والشمال تمنع ، والدّبور تقشع.

وقد جاء كلّ ذلك في أشعار العرب. قال الهذلي :

٦٣٣ ـ فسائل سبرة الشّجعي عنّا

غداة تخالنا نجوا جنيبا (١)

وقال الأعشى :

٦٣٤ ـ وما عنده فضل تليد ولا له

من الريح فضل لا الجنوب ولا الصبا (٢)

وقال الهذلي في الشمال :

٦٣٥ ـ هل هاجك الليل كليل على

أسماء ذي صبر مخيل

٦٣٦ ـ حار وعقّت مزنه الريح وان

قار به العرض ولم يشمل (٣)

وقال آخر في الدبور :

٦٣٧ ـ يا عارضا قد أورد البحر ذوده

فلمّا تروّت سار شوقا إلى نجد

٦٣٨ ـ سما نحوه ملك الدّبور بجنده

فمزّقه دون الإرادة والودّ (٤)

__________________

(١) البيت لأبي خراش الهذلي ، وهو في ديوان الهذليين ٢ / ١٣٢ ، وشرح أبيات الهذليين ٣ / ١٢٠٦ ، والمعاني الكبير ص ٨٩٢ ، وفي المخطوطة [تسائل] بدل [فسائل] ، والنجو : السحاب ، والجنيب : الذي أصابته الجنوب.

(٢) البيت في ديوانه ص ٩ ، من قصيدة له يهجو بها عمرو بن المنذر بن عبدان. وكتاب سيبويه ١ / ١٢ ؛ وشرح أبيات سيبويه للنحاس ص ٣٢.

(٣) البيتان للمنتخل الهذلي ، وهما في ديوان الهذليين ٢ / ٦ ـ ٨. ذي صبر : أي سحاب ذي صبر ، والصبر : جمع صبير وهو الغيم الأبيض. مخيل : أي مخيل للمطر ، حار : تحيّر. عقّت : شقت الريح سحابه. إنقار : انقطعت به قطعة من عرضه ، وهي لغة لهم. ولم يشمل : أي لم تصبه شمال فيذهب كله. يقول : هو يمطر على حاله.

(٤) لم أجدهما. ذوده : الذود : السوق والطرد والدفع.

٤٩٢

(فَأَسْقَيْناكُمُوهُ).

يقال : سقاه : إذا دعا له بالسقيا أيضا.

(وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ). (٢٤)

المستقدمين : الذين كانوا وماتوا.

وقيل : أراد المستقدمين في الخير ، والمستأخرين عنه.

(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ). (٢٦)

الصلصال : الطين اليابس الذي يصلّ بالنقر كالفخّار.

والحمأ : جمع حمأة ، وهو الطين المسودّ.

والمسنون : المغيّر. وقيل : المصبوب.

وقيل : المصوّر. من سنّة الوجه وصورته.

(وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ). (٢٧)

الجانّ : أبو الجنّ.

نار السموم : نار تناهى في الغليان.

وهي بالإضافة إلى النار التي جعلها الله متاعا لنا كالجمد إلى الماء ، والحجر إلى التراب ، وكان خلق الجانّ من تلك الأجزاء النارية المطيفة في أفق الهواء بكثرة الغليان ، وإذا جاز خلق الحي العاقل من الأجزاء الأرضية العالية عليه ، فمن لطافة الأجزاء النارية أجوز.

فبطل مطعن الملحدة أنّ خلق الحيوان كيف يكون من النار.

وعلى أنّ الخلق ليس على وزن واحد. ألا ترى إلى الظليم (١) الذي يلتقم

__________________

(١) الظليم : ذكر النعام. قال الدميري : وتبتلع العظم الصلب والحجر والمدر والحديد فتذيبه وتميعه كالماء. راجع حياة الحيوان ٢ / ٣٦٢.

٤٩٣

الجمر المضطرم ثم يميعه ويذيبه بحرّ قانصته ، حتى يصير كالماء الجاري فيغذوه ويقيمه.

(بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ). (٦٥)

بظلمة.

وقيل : بآخر الليل.

(وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ).

سر خلفهم.

(أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ). (٦٦)

أصلهم.

وقيل : آخرهم.

(مُشْرِقِينَ). (٧٣)

داخلين في وقت الإشراق ، وهو إضاءة الشمس.

والشروق : طلوعها ، كما فصّله بعضهم.

وليس بشاهد ولكنه لحفظ الفرق.

٦٣٩ ـ عيني عليها ـ أو أراك ـ غشاوة

فكأنّ شمسي من جبينك تشرق

٦٤٠ ـ ويلحظ عينك عن لقاء نبوة

فكأنّ شمسك من جبيني تشرق (١)

(وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ). (٧٦)

أي : بطريق واضح. كقوله تعالى : (لَبِإِمامٍ مُبِينٍ)(٢).

(وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ). (٧٨)

__________________

(١) لم أجدهما.

(٢) سورة الحجر : آية ٧٩.

٤٩٤

أصحاب الأيكة قوم شعيب ، فإنّه بعث إلى أصحاب الأيكة ، وإلى أهل مدين فأهلك الله مدين بالصيحة ، والأيكة بالظلّة فاحترقوا بنارها.

(كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (٨٠)).

الحجر : ديار ثمود.

(فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ). (٨٥)

يعني : الإعراض من غير احتقار ، كأنّه تولية صفحة الوجه.

(وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ). (٨٧)

يعني : الفاتحة (١) ؛ لأنها سبع آيات ، وثنيّت في الإنزال ، وتثنّى قراءتها في كلّ صلاة ، والذكر فيها مثنيّ : مقسوم بين الربّ والعبد.

ـ وقيل : المثاني : القرآن ؛ لأنّ الأنباء والقصص ثنّيت فيها ، فتكون الواو على هذا مقحمة.

كأنّه : سبعا من المثاني القرآن العظيم ، و (سَبْعاً) من قوله عليه‌السلام : «أنزل القرآن على سبعة أحرف» (٢).

(أَزْواجاً مِنْهُمْ). (٨٨)

__________________

(١) وهذا قول علي بن أبي طالب وأبي هريرة والربيع بن أنس وأبي العالية والحسن وغيرهم.

(٢) قال السيوطي : ورد حديث «نزل القرآن على سبعة أحرف» من رواية جمع من الصحابة. وذكر واحدا وعشرين صحابيا ، ثم قال : وقد نصّ أبو عبيد على تواتره ، وأخرج أبو يعلى في مسنده أنّ عثمان بن عفان قال على المنبر : أذكّر الله رجلا سمع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إنّ القرآن أنزل على سبعة أحرف كلّها شاف كاف» لمّا قام ، فقاموا حتى لم يحصوا ، فشهدوا بذلك ، فقال : وأنا أشهد معهم. والحديث جاء في الصحيحين بروايات عدّة. راجع الإتقان في علوم القرآن ١ / ٦١ ؛ وفتح الباري ٩ / ٢٣ ، ومسلم رقم ٨١٨.

٤٩٥

أصنافا وأشكالا.

(كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ)(١). (٩٠)

كفار قريش اقتسموا طرقات مكة ، فإذا مرّ بهم مارّ إلى النبيّ عليه‌السلام قال بعضهم : هو ساحر ، وقال بعضهم : شاعر ، وآخر : مجنون ، وآخر : كاهن (٢).

وكانوا مقتسمين إمّا على اقتسام طرق مكة ؛ وإمّا على اقتسام القول في رسول الله.

وقيل : المقتسمين قوم تقاسموا وتحالفوا على أن لا يؤمنوا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ). (٩١)

هذا يؤيد أنّ المراد بالمقتسمين اقتسام القول. أي : جعلوا القرآن فرقا من شعر وسحر وكهانة وأساطير ، كأنهم عضوه كما يعضى الجزور.

قال رؤبة :

٦٤١ ـ نشذب عن خندق حتّى ترضّى

وليس دين الله بالمعضّى (٣).

__________________

(١) أخرج البخاري وغيره عن ابن عباس في قوله تعالى : (كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ). قال : هم أهل الكتاب جزأوه أجزاء ، فآمنوا ببعضه ، وكفروا ببعضه. انظر فتح الباري ٨ / ٣٨٢.

(٢) وعن مجاهد في الآية قال : هم رهط من قريش ، عضهوا كتاب الله ، فزعم بعضهم أنه سحر ، وزعم بعضهم أنه كهانة ، وزعم بعضهم أنه أساطير الأولين.

(٣) الرجز في ديوانه ص ٨١ ، وتفسير الماوردي ٢ / ٢٧٩ وفيه العجز فقط ، وكذا تفسير القرطبي ١٠ / ٥٩. وفي المخطوطة نشرت بدل نشذب وخندف بدل خندق. وكلاهما تصحيف.

٤٩٦

وأصل هذه الكلمة من عضة منقوصة ، وكانت عضوة ، كعزة وعزين وبرة وبرين ، ولهذا قال تجمع على عضوات.

(فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) (٩٢) (٩٣)

والتوفيق بين قوله تعالى : (لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) وقوله : (لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ)(١) ما قاله ابن عباس : إنه لا يسأل هل أذنبتم لعلمه بذلك ، ولكن لم أذنبتم.

ـ وذكر عكرمة أن المواقف مختلفة ، يسأل في بعضها ، أو يسأل في بعض اليوم ولا يسأل في بعضه ، كقوله : (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ)(٢) ، ثم قال : (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ).(٣)

إلا أنّ جميع أوقات اليوم ومواقفه داخل تحت اللفظ ، لا سيما عندنا فإنّ العموم لا يقتضي الخصوص ، وكذلك إذا ورد خاص عندنا في حادثة بعد عام لا يكون ذلك بيانا ، ولكن نسخا ، والنسخ في الأحكام لا في الأخبار.

فأولى أن المراد هو النطق المسموع المقبول الذي تقوم به حجة ، وتظهر معذرة فإذا لم يكن عندهم ذلك كأن لم ينطقوا ولا يسألوا ، على مجاز قول الدارمي :

٦٤٢ ـ أعمى إذا جارتي خرجت

حتى يواري جارتي الخدر

٦٤٣ ـ ويصمّ عمّا كان بينهما

أذني وما بي غيره وقر (٤)

__________________

(١) سورة الرحمن : آية ٣٩.

(٢) سورة المرسلات : آية ٣٥.

(٣) سورة الزمر : آية ٣١.

(٤) البيتان لمسكين وقبلهما :

ناري ونار الجار واحدة

وإليه قبلي تنزل القدر

ما ضرّ جارا لي أجاوره

ألا يكون لبابه ستر

راجع الشعر والشعراء ص ٣٦٦ ؛ ولباب الآداب ص ٢٦٥ ، وأمالي المرتضى ١ / ٤٤ ؛ وديوان مسكين ص ٤٤ ؛ والصاحبي ص ٤٣٦.

٤٩٧

وقول حاتم :

٦٤٤ ـ بعينيّ عن عوراء جارتي نبوة

وبالأذن عمّا لا يلائمني وقر (١)

وقال آخر :

٦٤٥ ـ وقد طال كتمانيك حتى كأنّني

بردّ جواب السّائلي عنك أعجم (٢)

والأول أوفى.

(فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ). (٩٤)

احكم بأمرنا.

وقيل : افرق بين الحق والباطل ، كقول الهذلي :

٦٤٦ ـ كأنهنّ ربابة وكأنّه

يسر يفيض على القداح ويصدع (٣)

(وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ). (٩٩)

أي : النصر الموعود به.

وقيل : الموت الذي هو موقن به.

* * *

__________________

(١) البيت في ديوانه ص ٥١ ، والرواية فيه :

بعينيّ عن جارات قومي غفلة

وفي السّمع مني عن حديثهم وقر

(٢) البيت في أمالي المرتضى ١ / ١٤ من غير نسبة ، وبعده :

لأسلم من قول الوشاة وتسلمي

سلمت ، وهل حيّ من النّاس يسلم

(٣) البيت لأبي ذؤيب الهذلي. وهو في ديوان الهذليين ١ / ٦ ، والزاهر ٢ / ٣٤٤ ؛ وتفسير القرطبي ١٠ / ٦١. الربابة ههنا : القداح ، واليسر : الذي يضرب بها ، وهو المفيض ، يصدع : يفرّق ويصيح.

٤٩٨

سورة النّحل (١)

(أَتى أَمْرُ اللهِ). (١)

استقرّ دينه وأحكامه (٢).

(فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ).

بالتكذيب.

وقيل : أتى أمر الله وعدا فلا تستعجلوه وقوعا.

وقيل : إنّ المراد نصرة الرسول.

(يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ). (٢)

__________________

(١) قال ابن عباس : هي مكية إلا ثلاث آيات منها نزلت بين مكة والمدينة في منصرف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من أحد.

(٢) أخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والحاكم وصححه عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «تطلع عليكم قبل الساعة سحابة سوداء من قبل المغرب مثل الترسي ، فما تزال ترتفع في السماء حتى تملأ السماء ، ثم ينادي مناد : يا أيها الناس. فيقبل الناس بعضهم على بعض : هل سمعتم؟ فمنهم من يقول : نعم ، ومنهم من يشك ، ثم ينادي الثانية : يا أيها الناس ، فيقول الناس : هل سمعتم؟ فيقولون : نعم ، ثمّ ينادي : أيها الناس : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ). قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «فو الذي نفسي بيده ، إنّ الرجلين لينشران الثوب فما يطويانه ، وإنّ الرجل ليملأ حوضه فما يسقي فيه شيئا ، وإن الرجل ليحلب ناقته فما يشربه ويشغل الناس». راجع الدر المنثور ٥ / ١٠٨.

٤٩٩

والروح : الوحي بالنبوة (١) ، كقوله : (يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ)(٢).

وقيل : هو الروح المعروف الذي يحيى به الأبدان.

(لَكُمْ فِيها دِفْءٌ). (٥)

وهو ما يستدفأ به.

(بِشِقِّ الْأَنْفُسِ). (٧)

بجهدها وعنائها.

(حِينَ تُرِيحُونَ). (٦)

أي : بالليل إلى معاطنها.

(وَحِينَ تَسْرَحُونَ).

بالنهار إلى مسارحها ، قال الهذلي :

٦٤٧ ـ اظعني أمّ نوفل عن جنابي

ولا تريحي فالرعيّ رعي وخيم

٦٤٨ ـ من يذق رعيه فيمت حبطا

منه فإني مما أقول زعيم (٣)

وقال المرّار الفقعسي (٤) في السّرح :

٦٤٩ ـ ثقيل على جنب المهاد وماله

خفيف على أشياعه حين يسرح

٦٥٠ ـ فإن مات لم يفجع صديقا مكانه

وإن عاش فهو الديدنيّ المترّح

__________________

(١) وهذا قول قتادة ، رواه عنه ابن جرير وعبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم. وعن الضحاك قال : القرآن.

(٢) سورة غافر : آية ١٥.

(٣) لم أجدهما.

(٤) المرّار بن سعيد الفقعسي ، من بني أسد كان مفرط القصر ، شاعر إسلامي. والبيتان في المعاني الكبير ١ / ٥٧٤. وفي المخطوطة [المثال] بدل [المهاد] وهو تصحيف ، والديدني تصحّفت ولم تظهر. والديدن : العادة والدأب.

٥٠٠