الفوائد الأصوليّة

الشيخ مرتضى الأنصاري

الفوائد الأصوليّة

المؤلف:

الشيخ مرتضى الأنصاري


المحقق: حسن المراغي « غفارپور »
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: شمس تبريزي
المطبعة: ايران يكتا
الطبعة: ١
ISBN: 969-94215-0-5
الصفحات: ٧٧٠

وهو الدليل الآخر.

وحاصله كما ذكره فى «العدّة» قبح الاقدام على ما لا يؤمن كونه مضرا ولذا اطبق العقلاء على ايجاب التحرز عن اناءين نقطع السم فى احدهما ، وامّا اقدامهم على حركات كثيرة وتناول امور غير محصورة من غير التفات الى احتمال المضرة فى شيء ، فلبنائهم على عدم المضرة فيها ، امّا لاجل الغلبة لكون المضار اقل وجودا من غيرها.

واما لاصالة العدم المعتبرة عند العقلاء فى امورهم ولذا لا يقدمون ـ مع العلم الاجمالى ـ بالضرر كما فى المثال المتقدّم وامّا لحبّ ذلك الشيء المتناول الذى يعمى ويصم.

والحاصل انهم ما يقدمون الا بعد بنائهم على عدم التضرر بوجه صحيح او غير صحيح.

٦٢١

بسم الله الرحمن الرحيم

فى معنى الحكم الواقعى والظاهرى

الحكم المتعلق بالموضوع من حيث «هو هو» مع قطع النظر عن اتصافه بالعلم والجهل ـ بالمعنى الاعم من الظن والشك والوهم ـ وبما يرجع الى احدهما مثل خبر المخبر وتقليد المفتى يسمى «حكما واقعيا اوليا».

ومعنى كونه حكم المكلف مع قطع النظر عن تعلق اعتقاد المكلف به انه مجعول من الشارع وصادر عنه ومنشئ له لا بمعنى تنجز التكليف به وترتب آثار التكليف من الثواب والعقاب عليه.

وهو الذى اتفق عليه المخطئة والمصوبة بالنسبة الى الجهل بموضوع الحكم الفرعى ، مثل ما اذا اعتقد الخلّ خمرا وبالعكس وقامت به البينة وبالنسبة الى نفس الاحكام العقلية من الاصولية وغيرها.

واختلفوا فى ثبوتها فى خصوص نفس الاحكام الفرعية ، ومعنى كونه اوليا كونه بحسب الرتبة الطبيعية مقدما على الحكم الثانوى الذى سيجيء ، لتقدم موضوعه طبعا على موضوع ذلك لا بمعنى تقدم الحكم او موضوعه على الحكم الثانوى بحسب التنجّز على المكلف.

ثم ان هذا الحكم قد يتعلق بمطلق المكلف ، وقد يتعلق بعنوان خاص منه كالذكر او الانثى والحاضر والمسافر وغير ذلك من الاوصاف والعنوانات

٦٢٢

التى يختلف الحكم باختلافها.

وهذا تارة يكون اختياريا وهو ما كان الملحوظ فيه المصلحة فى نفس الفعل ، وتارة يكون اضطراريا وهو ما يكون الملحوظ فيه تعذر مصلحة اصل الفعل على المكلف كحلية اكل الميتة ، اذا لوحظ الحلية فيه من حيث تعذر الاجتناب وادراك المصلحة الكامنة فيه فيدخل حينئذ بهذه الملاحظة فى باب الرخصة ، وامّا اذا لوحظت من حيث ان بقاء الانسان اصلح من اجتناب الميتة فهو يرجع الى الاول.

ويمكن ارجاعه على الاطلاق الى الاول ، لان مراعات جانب المكلف مصلحة فى الحقيقة مقدمة على مصلحة الاجتناب وحينئذ يكون معيارا للحكم الاضطرارى على كون اضطرار المكلف وعدم تيسر موافقة الحكم ماخوذا فى موضوعه والامر فيه سهل.

وكيف كان فهذا كله داخل فى الحكم الواقعى الّا انه يمكن ان يقال : للاوّل الحكم الاولى باعتبار تعلق الحكم مع قطع النظر عن ما اخذ فى موضوع الحكم الاضطرارى وهو التعذر او التعسر فالحكم الاضطرارى ما لوحظ فى موضوعه العجز عن موافقة الحكم الاختيارى هذا كله فى الحكم المتعلق بالموضوع من حيث هو بالمعنى المذكور.

وامّا الحكم المتعلق بالموضوع من حيث كونه مقطوع الحكم لتكليف من يقطع بحرمة العصير بالاجتناب عنه مع حليته واقعا او من حيث كونه مظنون الحكم او مشكوكه ، او ما يرجع اليهما كخبر المخبر بشرط الوصف او باب التعبد والسببية وفتوى المفتى على احد الوجهين فهو المسمى بالحكم

٦٢٣

الظاهرى وبالواقعى الثانوى وجه كونه ظاهريا انه الحكم بحسب الظاهر من الطرق ، ووجه كونه واقعيا ثانويا انه حكم واقعى تعلق بالموضوع بعد ملاحظة اتصافه بحكم تعلق به القطع او الشك بالمعنى الاعم او ما يرجع [اليهما].

فلا بدّ اولا من ملاحظة حكم لهذا لموضوع ، ثم ملاحظة تعلق القطع او الجهل او الاخبار او الفتوى به فاذا صار الموضوع متصفا بكونه مجهول الحكم او مظنونه او مشكوكه او مخبرا به او مفتى به ، فالموضوع بهذا الوصف معروض وموضوع لحكم واقعى هو مثلا مدلول قول الشارع «كل مظنون الحكم حكمه كذا» فهذا بالنظر الى حكم اصل الفعل واقعى ثانوى وبالنظر الى الفعل الموصوف بكونه مجهول الحكم حكم واقعى اولى قد يعرض الجهالة او الظن لهذا فيصير حكم مجهول الحكم مجهولا ، فهذا الجهل الثانى يحدث موضوعا آخر له ، وذلك الحكم واقعى ثالثى بالنسبة الى اصل الفعل ، ثانوى بالنسبة الى الفعل المجهول الحكم اولى بالنسبة الى مجهول الحكم الذى جهل حكمه ، فينتهى سلسلة الاحكام مترتبة الى حد لا يمكن ان يعرض للموضوع صفة الجهل بحكمه لاستقلال العقل بحكمه.

ثم ان الحكم الواقعى الثانوى وما بعده انما يتبع فى المصلحة موضوعه وهو الشيء بوصف الشك فى حكمه او الظن به وان كان على خلاف مصلحة الواقعى الاولى ، فالشيء المظنون الوجوب يتحقق فيه مصلحة وجودية وان لم يكن فيه واقعا مصلحة وجوبية بل كان فيها مفسدة التحريم لان قضية تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد الكامنة يقتضى عدم الفرق بين الواقعى الاولى والثانوى.

٦٢٤

فى التخطئة والتصويب

اذا عرفت هذا فنقول ان الاحكام فى التخطئة والتصويب يقع فى مقامين :

الاوّل ـ فى ان الحكم الواقعى الاولى واحد يصيبه مجتهد ويخطئه آخرون او انه متعددة بتعدد اجتهاد المجتهدين.

وقد يقال ان تعدد الحكم الواقعى الاولى بتعدد الظنون غير متصور ، لان تعلق ظن المجتهد بشيء فرع فرض تحقق شيء فى الخارج مع قطع النظر عن الظن فالظن بالشيء كالعلم به متأخر عن الشيء يتوقف على ثبوته.

فاذا فرض ان الحكم انما يحدث بعد تعلق الظن او العلم لزم الدور ، والى هذا نظر العلامة فى «مسئلة الجاهل بالحكم» ان الحكم لا يتوقف على العلم لان العلم يتوقف على الحكم فلو توقف الحكم عليه لزم الدور فعلى هذا يجب ان يكون فى الواقع شيء واحد تعلق به الظنون يصيبه احدها ويخطأ الباقى.

ويمكن دفعه بان الظنون انما يتعلق بحكم واحد وهو حكم العالم به ، فبعد حصول الظن به يحدث فى الفعل مصلحة على طبق المظنون فينشئ الشارع على طبق تلك المصلحة حكما ، هذا على القول بتبعية الاحكام للمصالح وإلّا فلا يحتاج الى دعوى ترتب المصلحة.

فان قلت : حكم العالم يصير حكما له بعد العلم فلا متعلق لعلمه او يصير حكما له قبل ذلك فقد يثبت الحكم قبل العلم.

٦٢٥

قلت : اولا ـ الكلام فى الظان وامّا العالم كالنبي ـ صلى الله على وآله وسلم ـ والائمة ـ صلوات الله عليهم ـ فليس حكمهم تابع لعلمهم ، بل النزاع فى التخطئة والتصويب مختص بالظنيّات دون العلميات كما صرحوا به.

وثانيا ـ ان الله ـ سبحانه ـ حيث يعلم ان علمه يتعلق فيحكم عليه بذلك الحكم قبل علمه فيتعلق به علمه.

فان قلت : قبل العلم لا مصلحة فى الحكم فلا يجوز الحكم على رأى العدلية.

قلت : مع ان هذا ليس مبنيا على مذهبهم ، يمكن ان يتعلق المصلحة باصل التكليف ويكون المصلحة فى القاء خصوص هذا الحكم الى الشخص ، دون حكم آخر وهو صيرورته عالما به ، فيصير واجد خصوص الملقى والايراد على فرض تسليمه انما يرد لو جعلنا مصلحة اصل التكليف متحدا مع مصلحة خصوص الحكم ، حتى يقال انه قيل تحقق مصلحة خصوص الحكم لا يحسن القول.

فنقول : المصلحة الداعية الى اصل التكليف يقتضى التكليف والاشخاص قبل التكليف وان كانوا سواء فى عدم المصلحة لخصوص حكم بالنسبة اليهم ، الّا انهم يتفاوتون بحسب ما يحصل لهم من العلم والجهل فيعلم ان هذا الشخص سيعتقد هذا الحكم فيجعله فى حقه.

ومن هنا تبين انه يمكن تصوير تعدد الحكم بحسب تعدد الظنون من غير حاجة الى التزام ارجاع ظنونهم وجعلها متعلقة بحكم العالم ، بل يمكن ان يكون سبحانه حيث يعلم ان زيدا سيظن الحكم بالنسبة اليه ذلك ، فيجعل

٦٢٦

الحكم بالنسبة اليه ما ظنه.

فان قلت : هذا كله مناف لمقتضى الادلة المنصوبة من الشارع من اللفظية كالكتاب والسنّة ، ومن اللّبية كالقياس والاستحسان والاستقراء والاولوية فان المتعلق فى الجميع والمدلول فى الكل هو حكم جميع المكلفين.

والحاصل : ان مظنون كل مجتهد هو حكم الله بالنسبة الى الكل فلا بد ان يكون شيئا واقعيا واحدا يتعلق به الظنون.

قلت : امّا الادلة اللبّية كالقياس والاستقراء والاستحسان وغيرها مما ليس لفظيا ، فليس تحقّقه موقوفا على تحقق متعلق له فى الخارج ، فان الظنّ بالشيء لا يستلزم وجود ذلك الشيء فى نظر الظانّ ، ولا فى نظر غير ، امّا الغير فواضح فانه قد يقطع بعدمه ، وامّا فى نظر الظان فلانّ ذلك انما هو بحسب ظنه وليس يعلم او يظن به من جهة اخرى فيمكن ان لا يكون فى الواقع حكم عام ويظن هذا انه كذا ويظن غيره انه كذا وهكذا.

ودعوى ثبوت العلم الاجمالى لجميع الظّانين بثبوت حكم واحد مشترك بين الكل فمطابق لظن احد ويخالف ظنون آخرين لا ترجع الا الى نفس النزاع فى التخطئة والتصويب.

وامّا الادلة اللفظية فالانصاف ان الكل عالمين بثبوت مدلول واحد لها مع قطع النظر عن تعلق الظنون بذلك المدلول.

فالاولى ان يقال : ان المصوبة يدعون تقييد تلك الادلة بالمكلف العالم بمضمونها فقوله تعالى (لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) (١) وقوله «يجب صلاة

__________________

(١) ـ آل عمران : ٩٧

٦٢٧

الجمعة على كل احد» مقيد بالعالم به لا يلزم من ارادة هذا التقييد مع تجريد الكلام عنه قبح اذ لا يلزم منه الاغراء بخلاف المطلوب ، لان المكلف ان تفطن له وعلم به فهو محكوم به وإلّا فلا يتوجه اليه هذا الخطاب حتى يلزم الخطاب بما له ظاهر وارادة خلافه من غير قرينة.

والحاصل : انه لو ادعى المصوبة تقييد الادلة اللفظية كلها بصورة العلم واختصاصها بالعالمين ، فلا يلزمهم الاغراء ولا مخالفة الحكمة التى هى الباعثة على الحكم برجوع اطلاقات الكلام من حيث الاحوال الى العموم اذ من علم بالخطاب فهو واجد للشرط ومن لم يعلم به فليس مخاطبا بشيء ، مع ان هذا الكلام يرجع الى الايراد على مذهبهم والمقصود تصور مذهبهم لا تصحيحه فتدبّر.

فحاصل الكلام فى المقصود من هذا المذهب هو وجهان :

الاوّل ـ ان الفحص والاجتهاد يتعلق بحكم العالم كالنبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فالذى يظن المجتهد هو ذلك الحكم لا حكم جميع المكلفين ، حتى هذا الظان ليلزم منه ثبوت الحكم قبل ظن.

نعم المخطئة يدعون ان هذا الذى يطلبونه هو الحكم المشترك بين الكل لا المختص بالعالم فقط ، والمصوّبة يدعون انه مختص بالعالم وهذا الوجه يتاتى فى الادلة اللفظية والبينة لكن مع تقييد مدلول اللفظية بالعالم.

والثانى ـ ان المقصود رفع اتحاد الحكم فى الواقع حتى يلزم خطأ بعض المجتهدين لا ان ظنّ المجتهد لا شيء واقعى حتى لا يتصور تعلق الظن بالحكم مع تأخر الحكم عن الظن بمقتضى قولهم بتبعية الاحكام للظنون و

٦٢٨

دورانها مدارها.

فنقول : ان الحكم فى حقّ من يعلم الله ـ تعالى ـ انه يظن الوجوب الوجوب وهكذا ولا منافاة بين ذلك وبين تبعية الحكم للظن بمعنى كون الظن مع مقتضيات مصلحة الحكم فيوجب الشيء على من يعلم انه سيظن بوجوبه ، لان الفعل يوجد فيه بعد الظن مصلحة ملزمة ، ويحرم ذلك الشيء بعينه على من يعلم انه سيظن بحرمته لان الفعل يوجد فيه المفسدة بعد الظن بحرمته.

وحينئذ فالمصوّبة يقولون بان الثابت فى حق كل مجتهد قبل ظنه ما يعلم الله تعالى انه يظنه وحينئذ فيتعدد الاحكام الله ـ تعالى ـ فى حق المجتهدين ولا يلزم خطأ واحد منهم فيما ظنه.

والفرق بين هذا وسابقه ان فى السابق لم يسلم ثبوت حكم لهم فى الواقع لا واحدا للكل حتى يلزم الاصابة والخطأ ، ولا المتعدد التابع للظنون وفى الثانى يسلم ثبوت المتعدد التابع للظنون ولا يسلم ثبوت واحد مشترك بين الكل ليلزم الاصابة والخطأ.

ومما ذكرنا فى هذا الوجه يعلم ما فى الدور الذى قرره العلامة ـ ره ـ فى جاهل الحكم فانّا لا نسلم ان العلم بالحكم فرع ثبوت الحكم ، لكن نقول : ان العلم بثبوت الحكم فرع ثبوت الحكم للعالم لا بثبوت الحكم حتى للجاهل وحينئذ فلا يلزم من هذا الا وجوب كون حكم العالم سابقا على علمه وثبوته مقدما على علمه ولو وجد بعد علمه وتوقف عليه لزم الدور لكن لا يلزم من ذلك كون الجاهل الذى لا يحصل له العلم محكوما بالحكم الواقعى بل ولا

٦٢٩

الجاهل الذى يحصل له العلم بعد زمان اذ اللازم من الاستدلال بلزوم الدور تقدم الحكم على العلم بمقدار حاجة الكاشف الى مكشوف عنه.

فان قلت قد يتعلق علمنا بان هذا حكم كل احد حتى الجاهل وقد يتعلق علمنا بكون حكمنا فى الزمان السابق ذلك الحكم وان كنا جاهلين.

قلت نمنع هذا فانه راجع الى دعوى حقية المطلب فى مقام (١) فانا لا نسلم ان الذى يتعلق به العلم هو حكم الجاهل ايضا او حكم العالم فى زمان جهله ودعوى العلم يرجع الى دعوى العلم بعدم مدخلية العلم فى الحكم وهو عين محل النزاع.

والحاصل : ان المدخلية على وجهين :

الاوّل ـ مدخلية فى تحقق الحكم وهو لا يجوز وإلّا لزم الدور.

الثانى ـ مدخلية فى اقتضاء الحكم ومصلحته بان يكون الفعل لا يتصف بمصلحة الوجوب الّا بعد العلم بوجوبه ولا بمفسدة الحرمة الا بعد العلم بحرمته وهنا ان كان الداعى لاصل التكليف موجودا قبل العلم صح التكليف بالخصوصيات التى تصير مصلحة بعد تعلق العلم بالحكم كما تقدّم سابقا والّا لم يصح التكليف لكونه قبل العلم لغوا خاليا عن المصلحة فى سنخه وفى خصوصيته ، وقد تقدم ذلك فى اول المسألة.

ثم ان الوجه الاوّل من الوجهين غير جيّد لان الظاهر ان ظن المجتهد انما يتعلق بحكم نفسه لا بحكم العالم كما يكشف عن ذلك قولهم انه مامور بالعمل بظنه لا ان مظنونه يصير مجعولا فى حقه ، فان العمل بالظن لا يكون الّا

__________________

(١) ـ كذا فى الاصل المخطوط.

٦٣٠

اذا كان المظنون حكم نفسه فتعين الوجه الثانى فى تصوير مذهبهم.

ولو فسر قول المصوّبة بانه ليس لله فى الواقعة حكم قبل الظن اصلا حتى الحكم الناشئ عن مصلحة الظن واقتضائه بل لا يحكم إلّا بعد الظن سقط الوجه الثانى ايضا اذ مع فرض اثبات ان لا حكم قبل الظن فلا معنى للظن بالحكم مع القطع بعدم الحكم قبل الظن مما لا يجتمعان ولو فرض قولهم بذلك فلا مناص عن الوجه الاول ، اذ الظن لا بد له من متعلق لا يقطع بعدمه قبل تحقق الظن.

وكيف كان فالوجه الثانى على تقدير تماميته انما يصح فيما اذا كان امارة الظن من الامور اللبيّة مثل القياس والاستحسان ونحوهما.

وامّا اذا كان من الادلة اللفظية فلا محيص عن التزام كون المراد منها شيئا واحدا كما يعلمه كل احد فلا بد من الرجوع الى الوجه الاول فى الادلة اللفظية بتقييدها بصورة العلم.

نعم قال العلامة فى اوّل التهذيب فى مسئلة ما اذا كان اللفظ متعدد المعنى والمخاطبون مختلفوا الاصطلاح فيحمل كل منهم اللفظ على ما هو الحقيقة عنده لكن الظاهر انه غير موجود فى الكتاب والسنة.

ثم انه يمكن ان يخصص نزاع الفريقين بالاحكام الاجتهادية بالمعنى الاخص ، وهو استنباط الحكم عما عدا النصوص من الامارات كما عن «الذريعة» تعريف الاجتهاد بذلك وهو الاجتهاد الذى حكى الاجماع على بطلانه الشيخ والسيد فقالا : بان القياس والاجتهاد ليس من مذهبنا.

وقد ورد فى النصوص ذمه منها : ما ورد فى مسئلة القبلة من ان المخالفين يطعنون ويقولون : «اذا طبقت علينا او اظلمت فلم نعرف السماء

٦٣١

كنا وانتم سواء فى الاجتهاد ، فقال : ليس كما يقولون ، اذا كان ذلك فليصلّ لا ربع وجوه». (١) واشتهر بين المتقدمين ذلك ايضا وهذا هو الذى وعى الاخباريين الى الطعن على المجتهد. (٢)

وبالجملة فالمراد من الاجتهاد استخراج الاحكام من الامارات لاستفادتها من النصوص ومما يقرب ارادة المصوّبة ما ذكرنا من الاجتهاد انّهم يقولون بالتخطئة فى العقليات لنصب الشارع ادلة عليها فاذا فرض ان الشارع نصب دليلا على حكم فرعى فهو ايضا واحد واقعى يصيبه من يصيبه ويخطأه من عداه فيتحقق التصويب اذا لم يكن دلالة على حكم ، وامّا معها فلا تعدد فى مفاد الدليل المذكور ، فتأمل!

ثم ان بطلان التصويب فى الحكم الواقعى الاولى مما لا يحتاج الى بيان ، ان ارادوا به عدم ثبوت الحكم اصلا ، حتى الحكم الشأنى وهو الذى يتنجّز على المكلف بعد علمه به ، ولا يحتاج فى تعلقه بالمكلف على وجه يترتب عليه اثر الاطاعة والمعصية الى ازيد من العلم به.

وجه البطلان : ما ثبت بالاجماع والاخبار من ان لكل واقعة مطلقا او مما يحتاج الناس اليه حكما معينا مخزونا عند اهله ، وان ارادوا انه قبل العلم او الاجتهاد لا للمكلف بمعنى عدم تنجّز شيء عليه قبل ذلك فهو حق للاجماع على اشتراط التكليف بالعلم به.

واعلم : انه نسب الى محققى المصوبة القول بالاشبه ، وهو ان فى كل واقعة شيئا لو حكم الله فيها لحكم على طبق ذلك الشيء ، فان ارادوا به

__________________

(١) ـ وسائل الشيعة : ج ٢ ص ٢٢٦ كذا فى التهذيب والاستبصار

(٢) ـ كذا فى المخطوط.

٦٣٢

الشيء الذى لا يحتاج فى استقراره على المكلف الى ازيد من العلم فهو حق ولا معدل عنه و [ان] ارادوا ما عداه فنحن مضربون عنه.

ثم بعد ما عرفت من تخطئة المصوبة فى نفى حكم الله الواقعى ، فقد صوبهم بعض المخطئة فى اثبات كون المظنون حكما واقعيا للمجتهد إلّا ان المصوبة جعلوه حكما اوليا حيث لم يقولوا بحكم الله سواه ، وهؤلاء جعلوه ثانويا حيث اعترفوا بثبوت الحكم الاولى.

ونحن نخطئ الجميع وانه ليس لله حكم مجعول فى خصوص الواقعة عدا الحكم الواقعى الاولى ، وان ظن المجتهد طريق مجعول له الى الحكم الواقعى ، فمن ظن بوجوب شيء وكان حراما واقعا فلا يحدث فى الفعل بالخصوص بعد الظن بوجوبه مصلحة توجب وجوبه ، بل هو باق على المبغوضية الواقعية.

وانما يثاب الآتى بذلك الفعل من حيث انه مطيع فى سلوك الطريق المجعول ، فالحكمة الداعية فى ايجاب سلوك هذا الطريق هو ملاحظة كونه طريقا غالب الايصال لا ان يتعلق بنفس سلوكه مصلحة.

فلا يلاحظ فى ايجاب العمل بالظن الا مصلحة الوصول الى الواقع لا مصلحة مستقلة مع قطع النظر عن ايصاله الى الواقع.

وهذا كله واضح فى الظنون التى يوجب العقل العملى بها فى الاحكام لاجل انسداد باب العلم مع بقاء التكليف وعدم طريق للامتثال سواه وامّا فى الظنون التى ... (١)

__________________

(١) ـ لم يتم كلامه قدس‌سره هنا بياض فى المخطوط قدر ثلث الصفحة وهذا دأب المصنف (ره) فى تآليفه.

٦٣٣

[فائدة ٢١]

فى وجوب ترتيب المجتهد آثار الفعل الصحيح على ما يصدر من مجتهد آخر يخالفه فى المسألة

اذ ظن المجتهد بحكم من الاحكام الشرعية الفرعية عن امارة معتبرة عنده كان مظنونه حكم الله الظاهرى بالنسبة اليه والى من يقلده تقليدا صحيحا ، فاذا ظن بصحة عقد الباكرة من دون اذن ابيها كان ذلك حكم الله فى حقه وحق مقلده وكانت الباكرة التى يعقدها لنفسه او لمقلده زوجة للمعقود له بالنسبة اليه يجب ترتيب آثار الزوجية الواقعية واحكامها على المعقودة المذكورة.

وهذا الحكم اعنى وجوب ترتيب آثار الزوجية الواقعية ليس مختصا بهذا المجتهد ومقلده كما قد يتوهم فى بادئ النظر ، نظرا الى ان الزوجية انما تثبت فى حقهما لا فى حق مجتهد مانع عن عقد الباكرة بدون اذن ابيها فهى فى حق مجتهد مانع اجنبية واقعا بالنسبة الى من عقد عليها إلّا انه رخص له فى ظاهر الشرع ان يعامل معها معاملة الزوجية.

بل التحقيق : ان وجوب ترتيب الآثار واجب ايضا فى حق غيرهما حتى المجتهد المانع عن استقلال الباكرة فى العقد ، فيجوز لهذا المجتهد المانع اذا

٦٣٤

كان أبا للمجوز ان ينظر اليها وان يعطيها المهر والميراث لو مات الزوج ويحرم عليه مؤبدا وان كان مثل هذا العقد فاسدا عنده.

وذلك لان حجية ظن المجتهد وكونه بمنزلة الواقع فى حقه مفروض الثبوت ، حتى عند هذا المجتهد المانع ، وهو ايضا حاكم بحجية ظنه عليه وعلى مقلده وكونه بمنزلة الواقع بالنسبة اليهما ولذا يأمر بتقليده ويحكم بصحة تقليده.

وبالجملة فظن صحة العقد وزوجية الباكرة المعقود عليها وان كان مختصا بالمجتهد المجوز ، الّا ان حجية هذا الظن وكون الصحة المظنونة بمنزلة الواقعية بالنسبة الى المجوز ومقلده ثابتة عند جميع المجتهدين ، حتى المجتهد المخالف له فى هذه المسألة.

فيصح ان يفتى المجتهد المخالف ويحكم بان المعقود عليها بمنزلة الزوجية الواقعية للعاقد لان العقد صحيح فى حقه فاذا فرض انها عند هذا المجتهد المخالف بمنزلة الزوجة الواقعية للعاقد وجب عليه ان يترتب جميع آثار الزوجية من جواز النظر وتحريم العقد ونحوهما مما ذكرنا من الآثار وغيرها.

فان قلت : ان اريد بكون المعقود عليها عند هذا المجتهد المخالف بمنزلة الواقعية للعاقد المجوز كونها عنده كذلك فى الواقع عنده ممنوع ، وان اريد كونها عنده زوجة المجوز فى حقه فمسلم ، لكن لا يستلزم ذلك لمن يجب على المجتهد المخالف ترتيب آثار الزوجية الواقعية ، لان معنى كونها بمنزلة الزوجة الواقعية فى حق المجوز انها كذلك بالنسبة الى تكليفه ، فمعنى حكم

٦٣٥

المخالف انها كذلك بالنسبة الى تكليفه ان يحكم بانه يجب على المجوز ترتيب آثار الزوجية لا انه يجب على نفسه ذلك.

قلت : معنى كونها زوجة فى حق العاقد المجوز ليس الّا ان الشارع جعلها بمنزلة الزوجة الواقعية وامّا كونها بمنزلة الزوجة بالنسبة الى تكليفه بمعنى انه مكلف بترتيب آثار الزوجية عليها ، فهو من آثار حجيّة ظنه لانفسها.

فان معنى حجيّة ظن المجتهد ـ الذى يعترف به كل مجتهد حتى المخالف له فى المسألة ـ هو كون مضمونه بمنزلة الواقع المعلوم ، فكما ان المجتهد مكلف بالحكم على مضمونه بانه المجعول فى حقى ظاهرا فكذلك مكلف بالحكم على مضمون من خالفه بانه لمجعول فى حقه ظاهرا.

فاذا ظن المجتهد بصحة عقد الباكرة بدون اذن ابيها وكونها زوجة بعد العقد فعقد عليها كذلك وجب على كل مجتهد موافق له او مخالف بان العقد صحيح فى حقه والمعقودة زوجة له ظاهرا وانها مع الزوجة الاخرى التى يعقدها المخالف زوجة من جهة اذن ابيها فى العقد سيان لان الزوجة المظنونة بمنزلة الزوجة النفس الامرية.

وان اردت مزيد ايضاح لذلك فنقول : انا معاشر المخطئة بالنسبة الى الحكم الظاهرى بمنزلة المظنونة بالنسبة الى الحكم الواقعى فى ان الاحكام المشروعة ظاهرا متعددة بتعدد ظنون المجتهد عندنا فكما انه لو فرضنا القول بالتصويب وجب على المجتهد ترتيب جميع آثار الزوجة على من عقد عليها مجتهد مخالف له فى حكم هذا العقد فكذلك على القول بالتخطئة لما عرفت من ان الفرق بين المذهبين هو كون الاحكام المتعددة بتعدد الآراء واقعية

٦٣٦

عند المصوبة ظاهرية عند المخطئة بل ربما يقال لها الواقعية الثانوية على هذا القول ، فكان ظنون المجتهدين فى واقعة واحدة شرايع مستقلة صوب الشارع جميعها وامر كل احد بانفاذ كل عمل صدر طبق احدها.

ومثل ما ذكرنا من مسئلة العقد ، ما لو اشترى احد المجتهدين شيئا بعقد مختلف فيه يعتقد هو صحته ، فانه يصير ملكا له فيجوز للمجتهد الذى يرى فساد ذلك العقد ان يتصرف فى ذلك الشيء بانواع التصرفات من الابتياع والاتهاب والوراثة ونحو ذلك.

فان قلت : كما ان مظنون المجتهد المصحح للعقد بمنزلة الواقع حتى عند المجتهد المخالف ، فلا شك ان هذا المجتهد المخالف مظنون نفسه ايضا بمنزلة الواقع عنده بل اولى ، فيجب على هذا المخالف ان يحكم بان المال المزبور ملك للمشترى المزبور نظرا الى حجية ظن المشترى بصحة العقد عنده ، وباقيا على تلك البائع نظرا الى حجية ظن نفسه بفساد العقد.

وهذان مما لا يجتمعان إلّا بان يختص حجية ظن كل مجتهد بنفسه ومقلده ويقال انه يجوز للمجتهد المشترى المذكور ومقلده التصرف فى ذلك الشيء ولا يجوز ذلك للمخالف له ولا لمقلده.

قلت : العمل الصادر من المجتهد المشترى ـ وهو الاشتراء ـ لا يصلح ان يتعلق به الّا الحكم المجعول فى حق من صدر منه ، لان جعل الحكم الكلى السابق على الصدور فانما يصدر العمل حين يصدر متصفا ومعروضا لذلك الحكم المجعول ، فاذا كان كذلك امتنع ان يتعلق به الحكم المجعول لغيره.

والحاصل : ان الحكم المجعول لمجتهد وان كان عاما من حيث المفهوم

٦٣٧

لجميع الافعال التى وجدت او توجد من كل مكلف فعلا او فرضا ، الّا انه بحسب التحقق الخارجى انما يتعلق بالفعل الذى يصدر عنه وعن مقلده او عمن لم يسبق الصدور منه جعل خاص فى حقه ، كمن يفعل فعلا لم يجتهد ولم يقلد فيه مع تعدد من يصح ان يرجع اليه.

وبهذا يظهر ان العمل الصادر ممن سبق منه اجتهاد فى المسألة او تقليد لا يصير معروضا لحكمين مجعولين لمجتهدين ، وامّا عمل من لم يسبق منه احد الامرين فلا يكون معروضا لمجعول ظاهرى الا بعد الاجتهاد فيه او الرجوع الى مجتهد ، فلو لم يرجع فيه حتى مات جاز لكل مجتهد ان يعمل فيه بما يقتضيه الاجتهاد ، الّا ان يلحقه حكم من حاكم او يصير المسألة من وقايع غير الميت من الاحياء فيرجع فيه الى مجتهد او يجتهد فيه.

فان قلت ما ذكرت من كون الاحكام الظاهرية للمجتهدين عند المخطئة كالاحكام الواقعية لهم عند المصوّبة ، وانها كالشرائع المستقلة التى صوبها الشارع وامر العباد بانفاذ كل عمل يصدر على طبق احدها ، انما يصح اذا سلم ان الثابت والمجعول للمجتهد ظاهرا بعد حصول الظن له ، هو نفس الحكم المظنون الذى تعلق به الاجتهاد ولكنه لا دليل عليه.

بل غاية ما ثبت من حجية ظن المجتهد هو وجوب ترتيب آثار الواقع على المظنون لا جعل نفس المظنون بالنسبة اليه حكما يجب انفاذه على احد.

فمعنى حجية ظن المجتهد بصحة عقد الباكرة ليس إلّا انه يجب على الظان ومقلديه ترتيب آثار العقد الصحيح على ذلك العقد لا ان يجعل هناك جعل ظاهرى للصحة والزوجية ، بان يصير العقد بالنسبة اليه صحيحا والمعقود

٦٣٨

عليها زوجة ، نظير ما اذا قطع الشخص بكون المرأة زوجة له او الشيء الفلانى ملكا له مع كونهما فى الواقع لغيره.

فان غاية ما ثبت له جواز ترتيب آثار الزوجية والملكية فى حقه ولا يجعل الشارع له حكما ظاهريا بالزوجية والملكية ، حتى يجب على الغير ترتيب الآثار بان يجعلهما كسائر ازواجه واملاكه.

فان اريد من حجية ظن المجتهد انه يترتب على مظنونه احكام الواقع ولا يتعدى هذا الترتيب منه الّا الى مقلده فمسلم ، لكن حينئذ لا يجب على الغير سيما المخالف له فى الظن ترتيب الآثار.

وان اريد من ذلك : ان الشارع قد جعل المظنون بالنسبة اليه والى مقلده حكما ظاهريا بحيث جعل الزوجة المظنونة زوجة والملك المظنون ملكا له ولمقلده ، حتى يجب على غيره ولو خالفه ان يترتب آثار الملكية والزوجية عليهما فلا نسلمه وانّى لك باثباته.

قلت : الظاهر بل المقطوع من حجية ظن المجتهد هو صيرورة نفس المظنون حكما بالنسبة اليه لا مجرد ترتيب آثار الواقع كالمجعول بالنسبة الى معتقد زوجية امرأة وملكية شيء على وجه الجهل المركب ، وذلك لان ادلة حجية ظن المجتهد تقيد الاول.

امّا الاجماع المتكرر فى مقام كلامهم والسنة اقلامهم من ان ما ادى اليه ظن المجتهد هو حكم الله تعالى فى حقه وحق مقلديه وان ما افتى به المفتى فهو حكم الله فى حق المقلد ، فلا يخفى دلالته على ما ذكرنا من جعل الحكم الظاهرى وان المظنون حكم للمجتهد كالمفتى به للمقلد.

٦٣٩

وامّا الادلة الخاصة لكل من المجتهد والمقلد فهو ايضا كذلك ، مثل ما دل على حجية الكتاب واخبار الآحاد والاستصحاب ونحو ذلك للمجتهد وما دل على وجوب الرجوع الى الفقهاء ورواة الحديث واهل الذكر للمقلد كما لا يخفى على من راجعها بتأمل وتدبر :

مثل قول الحجة ـ عجل الله فرجه ـ فيما رواه الشيخ والصدوق والطبرسى فى كتاب الغيبة وكمال الدين والاحتجاج : «وامّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا فانهم حجتى عليكم وانا حجة الله» وان خبر الواحد او الكتاب حجة او كذا حجة دالّ على ذلك.

فان معنى حجيّة الشيء جعل مدلوله من حيث انه مدلوله حكما للمكلف ، بخلاف من اعتقد بالجهل المركب ككون امرأة زوجة او شيء ملكا له فان اعتقاده هذا ليس حجة شرعية.

وامّا ترتب الآثار فى حقه فهو بحكم العقل حيث انه يستحيل تكليفه بخلاف معتقده.

وكذا قطع المجتهد بالحكم الشرعى لا عن الادلة الشرعية على احد الوجهين ، فان الثابت فى حقه هو مجرد ترتب الآثار لا جعل الحكم ، فظهر الفرق بين ظن المجتهد وبين الاعتقاد الذى يعتقد صاحبه وان فى الثانى ليس حكم مجعول وانما هو رفع الحكم الواقعى عنه بخلاف الاول.

هذا كله مضافا الى ان سيرة المجتهدين والمقلدين كلا على ترتيب الآثار الواقعية على الاعمال الواقعية ، فهل ترى من نفسك ـ اذا اعتقد ابنك المجتهد على باكرة بغير اذن ابيها وهذا العقد عندك فاسد ـ ان تلتزم بترك النظر اليها و

٦٤٠