دفاع عن القرآن ضد منتقديه

الدكتور عبد الرحمن بدوي

دفاع عن القرآن ضد منتقديه

المؤلف:

الدكتور عبد الرحمن بدوي


المترجم: كمال جاد الله
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: الدار العالميّة للكتب والنشر
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٩٩

لقد رأينا كيف أن المستشرقين أمثال «هيرشفيلد ـ جولدتسيهر ـ وهورفيتز ـ وتورى» قد قرءوا القرآن قراءة يهودية ، وأن آخرين أمثال «موير ـ وبيل ـ وآرنز» قد قرءوه قراءة مسيحية ، أو يهودية مسيحية ، ومن باب السخرية فإننا نريد أن نعارضهم فى هذا الفصل ، فما ذا يمكن أن يقول هيللنى يقرأ القرآن بطريقته ، إنه يمكن أن يقول الآتى :

لقد اقتبس القرآن كثيرا من الأفكار والتعاليم اليونانية وأهمها الآتى :

(أ) من أرسطو ، استعار مفهوم الفضيلة «كوسط بين طرفين» ، فالله يقول فى القرآن متحدثا عن الأمة الإسلامية : («وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً)(١).

ولقد أوضح علماء الأصول المسلمون هذه السمة الوسطية للإسلام ، وما يزالون يوضحون أنها علامة مميزة وهامة فى الإسلام ، والإسلام يحافظ دائما على التوسط بين الطرفين فى قانون أخلاقه ، وفى مفهومه الفقهى وعقائده وشعائره .. وهكذا ، وكذلك يقول الله عن الإسلام كأمة أو دين (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)(٢).

(ب) لقد مجد القرآن الإسكندر الأكبر فى ستة عشر آية فى سورة الكهف من آية (٨٣) إلى (٩٨) تحت اسم مستعار هو «ذو القرنين» وقد وصف بأنه شخص ما (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً) وقد ذهب حتى مغرب الشمس ، فكان ملكا قويا جدا أرهب الظالمين وكافأ بشكل أجمل (مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً)(٣) ، وهو الذى بنى جسرا بين الأشرار يأجوج ومأجوج من جهة والمؤمنين من جهة أخرى ، إذا فالإسكندر الأكبر هو الملك المثالى والعادل.

(ج) ذكرت أسطورة سيزيف فى القرآن ، وفى الواقع فإن سيزيف هذا كما

__________________

(١) سورة البقرة ، آية (١٤٣).

(٢) سورة آل عمران ، آية (١١٠).

(٣) سورة الكهف ، آية (٨٨).

١٠١

ورد فى «الأوديسا» الجزء الثانى (٥٩٣) ، محكوم عليه بالعذاب الآتى : فهو مجبر على تحريك صخره بطريقة متواصلة من أسفل الجبل حتى قمته ثم تسقط الصخرة فيأتى بعد ذلك وهو مجبر بشكل سرمدى على تكرير تلك العملية.

وفى القرآن نجد هذا العذاب وقد صب على إنسان كافر فى الآية (كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً)(١).

(د) فى القرآن نقرأ (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ)(٢) ، و (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ)(٣).

وهذه نفس فكرة طاليس «(٦٤٠ ـ ٥٦٢) ق. م» والذى يؤكد أن الماء أصل كل شىء فى الكون ، وأنه الدعامة الأساسية (ولأنها طبيعته تحيط به من كل جانب) : والرطب منه مصدر الحياة ، وهو المخصب والضرورى للإنبات.

(ه) فى القرآن يقول الله تعالى (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(٤) ، (نُورٌ عَلى نُورٍ)(٥) ، وفى الأفلوطونية الحديثة وخاصة عند مؤسسها أفلوطين (٢٠٤ ـ ٢٧٠) م يعتبر النور هو المبدأ الأول ، وكل الكون انعكاس لهذا المبدأ ، وهو نور ينبثق من نور ، والكون كله إنارة على اعتبار أنه ينتقل من درجة إلى أخرى من النور المتلقى عن الواحد الأحد.

والآيتان القرآنيتان المذكورتان بعالية سيكونان موضوع التأمل الضوئى الفلسفى عند دراسة الإشراقيين التى أسسها السهروردى المقتول (١١٩١ م)؟.

(و) (وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ)(٦).

__________________

(١) سورة المدثر ، آية (١٦ ـ ١٧).

(٢) سورة الأنبياء ، آية (٣٠).

(٣) سورة النور ، آية (٤٥).

(٤) سورة النور ، آية (٣٥).

(٥) سورة النور ، آية (٣٥).

(٦) سورة الجاثية ، آية (٢٠).

١٠٢

ويمكن أن نعترض أن فى ذلك اقتباسا من الأبيقورين فبالنسبة لهم المهم هو الحياة التى يعيشونها ، ولا يعنى الموت بالنسبة لهم شيئا ، وما يأتى بعد الموت لا يهمهم فى شىء ، إذا فلننتهز الملذات التى تقدمها لنا حياتنا العاجلة فليس هناك خلود ولا بعث بعد الموت ، فحسب قولهم فالنفس هى فى حقيقتها جسم ، ولا يجب أن تكون غير ذلك ، وهى مكونة من ذرات ، وعند ما يخترم الموت هذه الذرات لا يبقى منها شىء ، وكما يقول أبيقور : «الموت لا يعنى عندنا شيئا لأننا عند ما نكون أحياء فلا موت ، وعند ما يأتى الموت لا يكون لنا وجود ، والإنسان المتشبث بالخوف من الموت والحياة الأخرى سوف يقدر تماما ملذات الحياة الفانية ، والتى لم يعد لها خلود «ديوجن ليرس (٥ ، ٤ ، ١٩)» وعند أبيقور الآلهة مكونون من ذرات لطيفة جدا ، ويعيشون فى عدد لا متناهى ، وفى أنواع لا متناهية توجد فى العالم ، وهم لا يهتمون إلا بسعادتهم فقط «الطبيعة الإلهية (٢ ، ٥١).

وكون القرآن يقتبس من الأبيقوريين دليل على أن هذا المذهب كان له معتنقون فى الجزيرة العربية ، فى زمن عقائدهم ، ولا بد أنهم اعتنقوا هذا المذهب دون أن يعلموا مؤلفه وهو ما يحدث كثيرا فى تاريخ البشرية.

ولكننا نتوقف عن هذا الجزء من معارضتنا ، وإلا فإن هذا الهللينى سيقع فى نفس الأخطاء التى ارتكبها أتباع هيرشفيلد وأتباع جولدتسيهر وأتباع هوروفيتز والآخرون.

١٠٣
١٠٤

الفصل التاسع

«هل للبسملة مصدر فى العهد القديم»

١٠٥
١٠٦

يزعم نولدكه ـ شفالى فى «تاريخ القرآن المجلد الأول ص (١١٦)(Geschichte de Qorans ١ ,P ٦١١) أن الصيغة التى تبدأ بها كل سورة فى القرآن فيما عدا سورة براءة (Baraah) «التوبة» جاءت مقتبسة من اللغة المستعملة فى الإنجيل ، ثم يحد من هذا الزعم مضيفا «ويرد هذا الاستخدام صراحة مرتبطا بكلمات دالة على الأفعال ومرتبطا تارة بعبارات كمثل «بسم الله» و «قل» وكذلك فى المواضع الموجودة فى (١) اصحاح (٣) آية (١٧) التى تعرض استخداما مطلق للصيغة.

وفى الملحوظة (٣) يذكر الأصل العبرى «بسم باوا» فى العهد القديم ، والأصل الإغريقى en onomeati kourion فى العهد الجديد.

ولكنى عبثا بحثت فى العهد القديم فلم أجد عن صيغة «بسم باوا» كصيغة للصلاة ومناجاة الله كمعنى البسملة فى القرآن.

وفى الحقيقة إن بسم باوا مستعملة فى العهد القديم فى موضع واحد هو :

سفر الملوك الأصحاح ١١٨ ، الآية ٢٤ «ثم تدعون باسم آلهتكم وأنا أدعو باسم الرب يهواYahwa».

إنه لمن الواضح أنه ليس هناك أى تشابه مع البسملة ، كل ما يقال هنا «ادع إلهك وأنا سأدعو إلهى ، إنه من الحماقة أن نجد فى هذه الآية التوراتية أصل البسملة التى تقول «بسم الله الرحمن الرحيم».

وهناك آية تورانية أخرى استعمل فيها التعبير بسم باواyahwa bishm ولكن ليس بمعنى النداء ، وإنما فقط بمعنى : بعون باوا ، وهى أية (٤٥) من سفر صموئيل الأول الأصحاح ١٧ «قال داود لفلسطين : «تأتينى أنت مسلحا بسيف ورمح وحربة ، وأنا آتيك مسلحا باسم الرب» ، وهذا هو معنى» yahwa bishm «فى مواضع كثيرة من العهد القديم ، أيوب (١ ، ٢١) المزامير ، وهذا فيما يتعلق بدعوى أصل البسملة فى العهد القديم.

أما فيما يتعلق بالعهد الجديد ، فإن افتراض نولدكه شفالى أكثر كذبا فهو يرجع البسملة إلى هذه الآية من رسالة القديس بولس إلى أهل كورنثا الآية

١٠٧

١٧ من الأصحاح الثالث حيث يقول : «وكل ما عملتم بقول أو فعل فاعملوا الكل باسم الرب يسوع شاكرين لله والأب به».

ويجب أن نتساءل : ما هى العلاقة بين هذه الآية للقديس بولس والبسملة؟ الإجابة واضحة : ليس هناك أية علاقة فالآية تسير فى اتجاه معاكس لمعنى البسملة.

ولكن تعنت كل من نولدكه وشفالى لا يتوقف ، فهم يواصلون قولهم : «وطبقا لهذا النمط فإن الموضعين الوحيدين فى القرآن يرجعان إلى مصادر يهودية غير معروفة بغض النظر عن عناوين السور التى توجد فيها البسملة».

ولكنهم لا يذكرون أى مصدر يهودى مما يدل على ادعائهم الذى لا أساس له من الصحة ، لهذا لم يورد كاراديفو (Carrade Vaua) فى «فصل البسملة» ووالس (A.T Welech) فى «فصل القرآن» زعم نولدكه ـ شفالى المغلوط ضمن مقالات موسوعة الإسلام «الطبعة الثانية» (Eng yclopediedeIslam ـ ٢ eneed).

١٠٨

الفصل العاشر

«فشل كل محاولة لترتيب زمانى للقرآن»

١٠٩
١١٠

لقد تعددت وتنوعت محاولات العلماء المسلمين ، القدامى ، وكذلك المستشرقين الأوربيين المحدثين لترتيب سور القرآن حسب تاريخ نزولها.

أولا : الترتيب لدى المسلمين :

اتفق العلماء المسلمون الذين ناقشوا هذه القضية على تقسيم السور القرآنية إلى فترتين المكى والمدنى ، ولكنهم وضعوا قوائم مختلفة نوعا ما عن هاتين الحقبتين لنرى معا هذه القوائم وفقا للترتيب الزمنى الذى اختاره واضعوها :

١ ـ يعطى ابن النديم فى الفهرست ، القائمة الزمنية الآتية :

(أ) العهد المكى :

العلق (٩٦) آيات (١) إلى (٥) ، القلم (٦٨) ، المزمّل (٧٣) ، المدثّر (٧٤) ، المسد (١١١) ، التكوير (٨١) ، الأعلى (٨٧) ، البينة (٩٤) ، النصر (١٩٣) ، الفجر (٨٩) ، الضحى (٩٣) ، الليل (٩٢) ، العاديات (١٠٠) ، الكوثر ، التكاثر ، الماعون ، الفيل ، الإخلاص ، الفلق ، الناس (ويرى البعض أن هذه السورة مدنية» النجم ، عبس ، القدر ، والشمس ، البروج ، التين ، قريش ، القارعة ، القيامة ، الهمزة ، المرسلات ، ق ، البلد ، الرحمن ، الجن ، يس ، المص «الأعراف» (وقيل هى سورة مدنية) ، الفرقان ، فاطر ، مريم ، طه ، الواقعة ، الشعراء ، النحل ، القصص ، الإسراء ، هود ، يوسف ، يونس ، الحجر ، الصافات ، لقمان (آخر هذه السورة مدنية) ، الأنبياء ، الزمر ، الجاثية ، الأحقاف ، الذاريات ، الغاشية ، الكهف (آخرها مدنى) ، الأنعام (وفيها آيات مدنية) ، نوح ، إبراهيم ، السجدة ، الطور ، الملك ، البلد ، المعارج ، النبأ ، النازعات ، الانفطار ، الانشقاق ، الروم ، العنكبوت ، المطففين ، القمر ، الطارق.

(ب) العهد المدنى :

البقرة ، الأنفال ، الأعراف ، آل عمران ، الممتحنة ، النساء ، الزلزلة ، الحديد ، محمد ، الرعد ، الطارق ، الطلاق ، البينة ، الحشر ، النصر ،

١١١

النور ، الحج ، المنافقون ، المجادلة ، الحجرات ، التحريم ، الجمعة ، التغابن ، الصف ، الفتح ، المائدة ، التوبة «إلا الآيات (١٢٨ ، ١٢٩ ، ١١٠) فمدنية.

ونرجع هذه القائمة إلى الزهرى عن محمد بن النعمان بن بشير.

٢ ـ عمر بن محمد بن عبد الكافى «الخطوط ، ليدن ، رقم (٦٧٤) فرنر».

(أ) العهد المكى :

العلق ، القلم ، المزمل ، المدثر ، المسد ، التكوير ، الأعلى ، الليل ، الفجر ، الضحى ، الشرح ، العصر ، العاديات ، الكوثر ، التكاثر ، الماعون ، الكافرون ، الفيل ، الفلق ، الناس ، الإخلاص ، النجم ، عبس ، القدر ، الشمس ، البروج ، التين ، قريش ، القارعة ، القيامة ، الهمزة ، المرسلات ، ق ، البلد ، الطارق ، القمر ، ص ، الأعراف ، الجن ، يس ، الفرقان ، فاطر ، مريم ، طه ، الواقعة ، الشعراء ، النمل ، القصص ، الإسراء ، يونس ، هود ، يوسف ، الحجر ، الأنعام ، الصافات ، لقمان ، الزمر ، غافر ، فصلت ، الشورى ، الزخرف ، الدخان ، الجاثية ، الأحقاف ، الذّاريات ، الغاشية ، الكهف ، النحل ، نوح ، إبراهيم ، الأنبياء ، المؤمنون ، السجدة ، الطور ، الملك ، الحاقة ، المعارج ، النبأ ، النازعات ، الانفطار ، الانشقاق ، الروم ، العنكبوت ، المطففين.

(ب) العهد المدنى :

البقرة ، الأنفال ، آل عمران ، الأحزاب ، الممتحنة ، النساء ، الزلزلة ، الحديد ، محمد ، الرعد ، الرحمن ، الإنسان ، الطلاق ، البينة ، الحشر ، النصر ، النور ، الحج ، المنافقون ، المجادلة ، الحجرات ، التحريم ، الجمعة ، التغابن ، الصف ، الفتح ، المائدة ، التوبة «براءة».

١١٢

وبين هاتين القائمتين بعض الاختلاف :

(أ) فى العهد المكى :

ـ من (٩٦) إلى (٨٧) نفس الشيء «الترتيب».

ـ من (٩٤) «القائمة الأصل» إلى (٩٠) نفس الترتيب.

ـ من (١٩) إلى (٣٤) تقريبا نفس الترتيب.

ـ من (٣٢) إلى (١٨) نفس الترتيب.

(ب) العهد المدنى :

نفس الترتيب بالضبط بين القائمتين.

ولكن القائمتين لم تشرحا لنا على أى أساس استند فى هذا الترتيب التاريخى.

٣ ـ القوائم الأخرى الموجودة فى «الإتقان» للسيوطى وكتاب «المبانى» وهى لا تختلف عن القائمتين المذكورتين إلا فى بعض التغيرات كالآتى :

(أ) فى «المبانى» رقم (٣) اختلف فى سورة الضحى أمكية هى أم مدنية.

(ب) فى قائمة موجودة فى «الإتقان» ومسنده إلى عكرمة تضع سورة الدخان بعد سورة غافر ، وسورة آل عمران بعد سورة البقرة ، وتعتبر سورة المطففين أول سورة مدنية.

(ج) القائمة رقم (٤) فى «المبانى» والمسندة إلى سعيد بن المسيب عن على عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم تضع سورة الضحى قبل سورة المزمل ، وسورة الرحمن بعد سورة الشرح ، وسورة العاديات بعد سورة الفيل ، وسورة الحج قبل سورة الشمس ، وسورة الحاقة قبل سورة النور ، وتعتبر سورة الرعد أول سورة مدنية ، وسور الواقعة ، والعاديات ، والفلق ، والناس آخر سور العهد المكى.

١١٣

وقد اتبع كتاب الطبعة الحكومية المصرية للمصحف والصادرة سنة (١٣٤٢ ه‍) (١٩٢٤ م) الترتيب الآتى :

(أ) السور المكية :

العلق ، القلم «ما عدا الآيات (١٧ ، ٣٣ ، ٤٨ ، ٥٠) فمدنية» ، المزمل «ما عدا الآيات (١٠ ، ١١ ، ٢٠) فمدنية» ، المدثر ، الفاتحة ، المسد ، التكوير ، الأعلى ، الليل ، الفجر ، الضحى ، الشرح ، العصر ، العاديات ، الكوثر ، التكاثر ، الماعون ، الكافرون ، الفيل ، الفلق ، الناس ، الإخلاص ، النجم ، عبس ، القدر ، الشمس ، البروج ، قريش ، القارعة ، القيامة ، الهمزة ، المرسلات «إلا الآية (٤٨) فمدنية» ، ق «إلا الآية (٣٨) فمدنية» ، البلد ، الإنسان ، القمر «إلا الآيتين (٥٤ ، ٥٦) حتى الأعراف «إلا الآيتين (١٦٣ ، ١٧٠) فمدنيتان» ، الجن ، يس «إلا الآية (٤٥) فمدنية» الفرقان «إلا الآيتين (٦٨ ، ٧٠) فمدنيتان» ، فاطر ، مريم «إلا الآيتين (٥٨ ، ٧١) فمدنيتان» ، طه «إلا الآيتين (١٣٠ ، ١٣١) فمدنيتان» ، الواقعة «إلا الآيتين (٧١ ، ٧٢) فمدنيتان» ، الشعراء «إلا الآيات (١٩٧ ، ٢٢٤ ، ٢٢٧) فمدنية» النمل ، القصص ، «إلا الآيتين (٥٢ ، ٥٥) فمدنيتان» ، يونس «إلا الآيات (٤٠ ، ٩٤ ، ٩٥ ، ٦٨) فمدنية» ، هود «إلا الآيات (١٢ ، ١٧ ، ١١٤) فمدنية» يوسف «إلا الآيات (١ ، ٢ ، ٣) فمدنية» ، الحجر ، الأنعام «إلا الآيات (٢٠ ، ٢٣ ، ٩١ ، ١١٤ ، ١٤١ ، ١٥١ ، ١٥٢ ، ١٥٣) فمدنية» الصافات ، لقمان «إلا الآيات (٢٧ ، ٢٨ ، ٢٩) فمدنية» سبأ «إلا الآية (٥٦ ، ٥٧) فمدنيتان ، فصلت ، الشورى «إلا الآيات (٢٣ ، ٢٤ ، ٢٧) فمدنية» ، الزخرف «إلا الآية (٥٤) فمدنية» ، الدخان ، الجاثية ، «إلا الآية (١٤) فمدنية» ، الأحقاف «إلا الآيات (١٠ ، ١٥ ، ٣٥) فمدنية» ، الذاريات ، الغاشية ، الكهف «إلا الآيات (٢٨ ، ٨٣ ، ١٠١) فمدنية» النحل «إلا الآيتين (٢٨ ، ٢٩) فمدنيتان» الأنبياء ، المؤمنون ، السجدة «إلا الآيتين (١٦ ، ٢٠) فمدنيتان» ، الطور ، الملك ، المعارج ، النبأ ، النازعات ،

١١٤

الانفطار ، الانشقاق ، الروم «إلا الآية (١٧) فمدنية» ، العنكبوت «إلا الآيات من (١) إلى (١١) فمدنية» ، المطففين.

(ب) العهد المدنى :

البقرة «إلا الآية (٢٨١) فنزلت فى حجة الوداع» ، الأنفال «إلا الآيتين (٢٠ ، ٢٦) فمدنيتان» ، آل عمران ، الأحزاب ، الممتحنة ، النساء ، الزلزلة ، الحديد ، محمد «إلا الآية (١٣) فنزلت فى الطريق إلى الهجرة» ، الرعد ، الرحمن ، الإنسان ، فاطر ، البينة ، الحشر ، النور ، الحج ، المنافقون ، المجادلة ، الحجرات ، التحريم ، التغابن ، الصف ، الجمعة ، الفتح ، المائدة ، التوبة «إلا الآيتين (١٢٨ ، ١٢٩) فمدنيتان» ، النصر.

كما رأينا فإن هذا الترتيب موافق تماما لقائمة ابن عبد الكافى «القائمة المذكورة سلفا».

نجد فى خاتمة هذه الطبعة المصرية المؤلفين ، وعلى رأسهم خلف الحسينى شيخ المقارئ المصرية ، وهو يعترف صراحة ويقول : «وأخذ بيان مكيه ومدنيه من الكتب المذكورة ، وكتاب أبى القاسم عمر بن محمد بن عبد الكافى ، وكتب القراءات ، والتفسير على خلاف فى بعضها» ، إذا فإنهم لم يبذلوا أى جهد شخصى فى هذا المجال ، حتى الإشارة «المذكورة بين قوسين على رأس كل سورة بعد ذكر رقمها» إلى الآيات المذكورة بعد ذلك فى السور مأخوذة من «الإتقان فى علوم القرآن» للسيوطى ، ومن بعض التفاسير القرآنية الأخرى ، باختصار إن عمل هذه اللجنة يفتقد كلية إلى التأصيل وهو نقل خالص.

لما ذا حاول المسلمون أن يرتبوا سور القرآن حسب النزول منذ وفاة النبى محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ وذلك لسبب هام جدا وهو معرفة الناسخ من المنسوخ ، لأن التشريع الإسلامى الذى نزل على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم مر بمراحل وهذا التحول اقتضى أحيانا إلغاء قاعدة ما ، واستبدالها بأخرى مختلفة عنها حسب درجات متفاوتة ، وقد أصبحت معرفة الناسخ من المنسوخ علما ذا أهمية بالغة فى الشريعة الإسلامية لأنه على هذه المعرفة تتوقف قرارات عملية ذات أهمية

١١٥

قصوى فى مسار الحياة العملية للمسلمين ، وقائمة الكتب التى كتبت فى هذا الموضوع منذ القرن الثالث الهجرى إن لم يكن قبل ذلك طويلة جدا ، والنسخ معترف به فى القرآن فى هذه الآيات :

(أ) (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(١).

(ب) (وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ)(٢).

(ج) (فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)(٣).

إذا فالنسخ يعنى :

(أ) إما الإلغاء ، أو المحو كما فى سورة الحج آية (٥٢).

(ب) أو معناه التبديل كما فى سورة النحل آية (١٠١).

وفيما يتعلق بالنسخ فإن سور القرآن تنقسم إلى أربعة أقسام :

١ ـ قسم ليس فيه أى نسخ ، وهو يشتمل على (٤٣) سورة هى : الفاتحة ، يوسف ، يس ، الحجرات ، الرحمن ، الحديد ، الصف ، الجمعة ، التحريم ، الملك ، الحاقة ، نوح ، الجن ، المرسلات ، النبأ ، النازعات ، الانشقاق ، البروج ، الطارق ، الأعلى ، الفجر ، وحتى نهاية القرآن ما عدا التين ، العصر ، الكافرون.

٢ ـ قسم فيه ناسخ ومنسوخ ويشتمل على (٢٥) سورة وهى : البقرة ، آل عمران ، النساء ، المائدة ، الحج ، النور ، الفرقان ، الشعراء ، الأحزاب ، سبأ ، غافر ، الشورى ، الذاريات ، الطور ، الواقعة ، المجادلة ، المزمل ، المدثر ، التكوير ، التكاثر.

__________________

(١) سورة البقرة ، آية (١٠٦).

(٢) سورة النحل ، آية (١٠١).

(٣) سورة الحج ، آية (٥٢).

١١٦

٣ ـ قسم فيه ناسخ فقط «بدون منسوخ» ويشتمل على ست سور : الفتح ، الحشر ، المنافقون ، التغابن ، الطلاق ، الانفطار.

٤ ـ القسم الرابع ويشتمل على الأربعين سورة الباقية ، وفيه منسوخ فقط ولمزيد من التفاصيل انظر الإتقان مج (٣) ص (٦٢ ، ٧٧) القاهرة (١٩٦٧ م) مطبعة أبو الفضل إبراهيم.

والغريب أن نجد فى نفس السورةءاية منسوخة ، وءاية ناسخة مثلا فى سورة الأحزاب نسخة الآية (٥٠) بالآية (٥٢).

ويؤكد السيوطى أن هناك اختلافا كبيرا بين العلماء فيما يخص عدد الآيات الناسخة والمنسوخة وقد ألف قصيدة بغرض تعليمى ليدلى برأيه فى هذا الموضوع «انظر الإتقان مج (٣) ص (٦٨) نفس الطبعة» ولنغلق هذا الباب المتعلق بالنسخ والذى ما ذكرناه هذا إلا لنؤكد أنه كان الشغل الشاغل لعلماء المسلمين منذ وفاة النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهم يحاولون أن يرتبوا سور القرآن حسب النزول.

ثانيا : الترتيب لدى المستشرقين :

بينما نجد أقدم قائمتين لترتيب القرآن حسب النزول غير مقرونتين بما يبررهما نجد المستشرقين الأوربيين المعاصرين قد حاولوا أن يقيموا جهودهم فى هذا الموضوع على أسباب خارجية وداخلية.

١ ـ نولدكه :

كانت أول محاولة جادة لترتيب سور القرآن زمنيا هى التى قام بها نولدكه فى عمله الهام «تاريخ القرآن» ، جوتنجن» (١٨٦٠)(Geschichted ekoransGottingen ٠٦٨١) وهو عمل قائم على النقد الداخلى وموجه أولا إلى :

(أ) الحديث.

(ب) الكتب التاريخية «سيرة ابن هشام ، تاريخ الطبرى ، اليعقوبى ..».

١١٧

(ج) الكتب المتعلقة بأسباب النزول.

والنقد الداخلى يأخذ فى الاعتبار ما يلى :

(أ) أسلوب اللغة وخصوصيات اللغة وطرق التعبير بها.

(ب) المذاهب القائمة على تطور الرسالة النبوية.

(ج) موقف النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم من اليهودية والنصرانية والوثنية العربية ، وتتلخص نتيجة هذه الأبحاث فى الآتى :

(أ) يجب بداية أن نفرق كما فعل العلماء المسلمون بين عهدين كبيرين :

العهد المكى والعهد المدنى.

(ب) ثم فى العهد المكى نفسه يميز نولدكه بين ثلاث فترات.

١ ـ الفترة الأولى وتشتمل على سور قصيرة جدا ، أو قصيرة تتسم الآيات فيها بالتصوير والإيقاع القوى ، واتباع السجع «الفواصل» وتنتمى إلى هذه الفترة السور الآتية : العلق ، المدثر ، المسد ، قريش ، الكوثر ، الهمزة ، الماعون ، التكاثر ، الفيل ، الليل ، البلد ، الشرح ، الضحى ، القدر ، الطارق ، الشمس ، الانفطار ، التكوير ، النجم ، الانشقاق ، العاديات ، النازعات ، المرسلات ، النبأ ، الغاشية ، الفجر ، القيامة ، المطففين ، الحاقة ، الذاريات ، الطور ، الواقعة ، المعارج ، الرحمن ، الإخلاص ، الكافرون ، الفلق ، الناس.

٢ ـ الفترة الثانية وتكثر فيها قصص الأنبياء السابقين وتبدأ العقائد فى الظهور مع إشارات من الطبيعة ومن التاريخ المقدس ، وتصبح السور أكثر طولا وكثير من الآيات تفتتح بكلمة «قل» ويبدأ ظهور كلمة «الرحمن» كاسم لله والسور التى تنتمى إلى الفترة الثانية المكية هى : القمر ، الصافات ، نوح ، الإنسان ، الدخان ، ق ، طه ، الشعراء ، الحجر ، مريم ، ص ، يس ، الزخرف ، الجن ، الملك ، المؤمنون ، الأنبياء ، الفرقان ، النمل ، القصص.

١١٨

٣ ـ فى الفترة المكية الثالثة لم يعد يظهر اسم «الرحمن» فى السور وتكرر قصص الأنبياء السابقين إلى حد الملل.

وينتمى إلى هذه الفترة السور الآتية : السجدة ، فصلت ، الجاثية ، النحل ، الروم ، هود ، إبراهيم ، يوسف ، غافر ، القصص ، الزمر ، العنكبوت ، لقمان ، الشورى ، يونس ، سبأ ، فاطر ، الأعراف ، الأحقاف ، الأنعام ، يوسف.

والفترة الثانية الكبيرة هى العهد المدنى حيث قاد النبى فى المدينة أمة مكونة على أحسن وجه ، ولهذا تزخر السور بالتشريع والقوانين الصادرة باسم الله ، وتتحاشى صياغة هذه القوانين كل المحسنات البلاغية ، وأصبح السجع أقل مراعاة ، والخطاب بيا أيها الناس أصبح أكثر قدرة واستبدل بيا أيها الذين أمنوا ، وأصبح التاريخ الحقيقى للأمة الإسلامية خلال إقامة الرسول بالمدينة ليس كثير من الآيات المنزلة فى هذه الفترة المدنية ، ولذلك أصبح من الأكثر سهولة ترتيب الآيات حسب النزول.

وتنتمى لهذه المرحلة السور الآتية :

البقرة ، البينة ، التغابن ، الجمعة ، الأنفال ، الحجر ، آل عمران ، الصف ، الحديد ، النساء ، الرحمن ، الطلاق ، الحشر ، الأحزاب ، المنافقون ، النور ، المجادلة ، الحج ، الفتح ، الإنسان ، الممتحنة ، النصر ، الحجرات ، التوبة ، المائدة.

ومما يؤخذ على هذا الترتيب التاريخى الملاحظات الآتية :

١ ـ التقسيم الثلاثى للفترة المكية والذى يعرضه نولدكه سبقه فيه جوستاف فايل فى كتابه «الفتوحات الحربية التاريخية فى القرآن ، ط. أ(١٨٤٤ م) ط. ثانية بلفيلد (١٨٧٨ م) Historisch ـ Kritischo, Einleitungindemk oran ١ ereGustavWeiledB ielefeld, ٨٧٨١ وهذا هو الترتيب التاريخى الذى يقدمه فايل :

١١٩

(أ) الفترة المكية الأولى :

العلق ، المدثر ، المزمل ، قريش ، المسد ، الأحزاب ، التكوير ، القلم ، الأعلى ، الليل ، الفجر ، الضحى ، الشرح ، العصر ، العاديات ، الكوثر ، التكاثر ، الماعون ، الكافرون ، الفيل ، الفلق ، الناس ، الإخلاص ، عبس ، القدر ، الشمس ، البروج ، البلد ، التين ، القارعة ، القيامة ، الهمزة ، المرسلات ، الطارق ، المعارج ، النبأ ، النازعات ، الانفطار ، الانشقاق ، الواقعة ، الغاشية ، الطور ، الحاقة ، المطففين ، الزلزلة.

(ب) الفترة المكية الثانية :

الفاتحة ، الذاريات ، يس ، ق ، القمر ، الدخان ، مريم ، طه ، الأنبياء ، المؤمنون ، الفرقان ، الملك ، الصافات ، ص ، الزخرف ، نوح ، الرحمن ، الحجر ، الإنسان.

(ج) الفترة المكية الثالثة :

الأعراف ، الجن ، فاطر ، النمل ، القصص ، الإسراء ، يونس ، هود ، يوسف ، الأنعام ، لقمان ، سبأ ، الزمر ، غافر ، السجدة ، الشورى ، الجاثية ، الكهف ، النحل ، إبراهيم ، فصلت ، الروم ، العنكبوت ، الرعد ، التغابن.

١ ـ عدد السور فى كل فترة :

(أ) فايل (٤٥) نولدكه (٤٨).

(ب) فايل (٢٠) نولدكه (٢١).

(ج) فايل (٢٦) نولدكه (٢١).

المجموع / فايل (٩١) نولدكه (٩٠).

٢ ـ الترتيب التاريخى فى كل فترة يختلف بين ويل ونولدكه :

فالنسبة للفترة المدنية ، فالترتيب عند ويل الآتى : البقرة ، البينة ، الجمعة ،

١٢٠