اصطلاحات الأصول ومعظم أبحاثها

الشيخ علي المشكيني

اصطلاحات الأصول ومعظم أبحاثها

المؤلف:

الشيخ علي المشكيني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مطبعة الهادي
الطبعة: ٦
الصفحات: ٣٠١

يوجد الوجوب ، وبالنسبة إلى الوضوء أو عدالة المصلي أو فسقه مثلا مطلق ، ووجوب الحج بالنسبة إلى الاستطاعة مشروط وبالنسبة إلى كونه مجتهدا أو مقلدا أو كونه قريبا من مكة أو بعيدا غير مشروط.

ومنه يظهر أنه ليس لنا وجوب مطلق على الإطلاق بحيث لم يكن مشروطا بشيء أصلا ، إذ لا أقل من اشتراطه بالشرائط العامة ولا مشروط على الإطلاق بحيث كان مشروطا بكل شيء ، بل كل بعث مطلق ومشروط بالإضافة ، فإطلاق قولهم الوجوب المطلق إنما هو بالنسبة إلى غير الشرائط العامة.

الثاني : تقسيمه إلى الوجوب النفسي والوجوب الغيري.

فالنفسي : هو الوجوب المتعلق بفعل بداع من الدواعي غير داعي إيصال المكلف إلى واجب آخر ، كوجوب الصلاة والصوم ونحوهما.

والغيري : هو الوجوب بداعي إيصاله المكلف إلى واجب آخر ، كوجوب غسل الثوب والوضوء ونحوهما ، وإن شئت فعبر عن النفسي بأنه الإرادة المستقلة وعن الغيري بأنه الإرادة المترشحة والطلب المتولد عن الطلب الاستقلالي لمقدمية متعلقه لمتعلق الاستقلالي.

الثالث : تقسيمه إلى الوجوب الأصلي والوجوب التبعي.

فالأصلي هو البعث الفعلي المستقل الناشي عن توجه الآمر نحو المتعلق ولحاظه له على ما هو عليه.

والتبعي هو البعث التقديري التابع للبعث الأصلي بحيث لو التفت إلى متعلقه لأراده إرادة تبعية.

مثلا إذا التفت الآمر إلى الصلاة وأنها معراج المؤمن وإلى الغسل وأنه مما يتوقف عليه الصلاة وبعث نحوهما ، فالوجوب فيهما أصلي وإن كان الأول نفسيا والثاني غيريا.

وأما إذا توجه نحو الصلاة وطلبها ولم يتوجه إلى الغسل ومقدميته لها فيقال إن وجوبها أصلي ووجوب الغسل تبعي.

وقد يقال إن الأصلي هو الوجوب المقصود بالإفهام من اللفظ ، والتبعي ما لم يقصد إفهامه منه وإن فهمه السامع منه بمثل دلالة الإشارة.

٢٨١

ثم إن بيان النسبة بين كل من الأصلي والتبعي والنفسي والغيري هو أن الأصلي أعم من النفسي ، فكل نفسي أصلي إذ النفسي لا يكون تقديريا تبعيا فإن التبعية من شئون المقدمة ، وليس كل أصلي نفسيا لشموله للغيري أيضا كما عرفت.

وأما الأصلي والغيري فبينهما عموم من وجه ، فقد يكون الوجوب أصليا ولا يكون غيريا كالأصلي النفسي وقد يكون غيريا ولا يكون أصليا كالتبعي ، وقد يكون أصليا وغيريا كما عرفت.

الرابع : تقسيمه إلى الوجوب التعييني والتخييري.

فالتعييني : هو وجوب فعل بخصوصه.

والتخييري : هو وجوب فعلين أو الأفعال على البدل ، كما لو ورد إن أفطرت فأعتق رقبة أو أطعم ستين مسكينا أو صم شهرين متتابعين ، ويتصور التخييري على وجوه ذهب إلى كل منها فريق.

الأول : أنه سنخ من الوجوب يتعلق بأزيد من فعل واحد بنحو الترديد ، ويكون امتثاله بإتيان بعض الأبدال وعصيانه بترك الجميع.

الثاني : أنه الوجوب المتعلق بالجامع بينها وهو عنوان أحد الأشياء القابل للانطباق على كل منها.

الثالث : أنه أبعاث ووجوبات تعيينية متكثرة بتكثر عدد الأبدال ، ويسقط الكل بامتثال البعض.

الرابع : أنه الوجوب المتعلق بمعين عند الله تعالى المردد عند المكلف بين الأشياء وأيا منها أتى به المكلف ينكشف أنه كان مطلوبا عند الله تعالى ، أو أنه إن أتى بما وافق الواقع كان امتثالا وإن أتى بما خالفه كان مسقطا وله تصورات آخر أقل نفعا مما ذكرنا.

٢٨٢

وحدة المطلوب وتعدده

إذا تعلق تكليف من ناحية المولى إلزامي كالوجوب أو غير إلزامي كالاستحباب بموضوع مقيد بقيد أو محدود بوقت ، فقد يكون الحال في مقام الثبوت ، أن للمولى غرضا واحدا مترتبا على الفعل المقيد والمحدود ، بحيث إذا حصل المتعلق بقيده ووصفه كان محصلا لذلك الغرض ، وإن حصل بدون ذلك القيد كان مساوقا لعدم الحصول وغير محصل للغرض أصلا.

وذلك نظير جواب السّلام المقيد بالفورية العرفية ، فهنا مصلحة واحدة مترتبة على الفعل المقيد تحصل بحصوله وتنعدم بانعدامه ولو كان ذات الفعل موجودا.

ويسمى تعلق الحكم والغرض بالفعل بهذا النحو من التعلق بوحدة المطلوب. وقد يكون هنا غرضان وصلاحان يترتب أحدهما على ذات الفعل والآخر عليه بقيده أو وقته ، أو يكون هنا مصلحة أكيدة تترتب بمرتبتها الكاملة على الفعل المقيد ، وبمرتبتها غير الكاملة على ذات الفعل ، بحيث يكون ما به التفاوت أيضا مصلحة ملزمة لا يرضى المولى بتركها ، فحينئذ إذا حصل الفعل المقيد مع قيده حصل الغرضان أو الغرض الأكيد وإذا حصل بدون القيد تحقق أحد الغرضين وفات الآخر أو فات المقدار اللازم ، وذلك نظير أداء الدين الحال مع قدرة المدين ومطالبة الغريم ، فإنه إذا عصى المدين

٢٨٣

وأخر الأداء مدة من الزمان فات أحد المطلوبين أو مقدار منه وبقي الباقي مرتبا على أصل الأداء.

ويسمى هذا النحو بتعدد المطلوب ثم إن الثمرة بين الوجهين تظهر في موارد :

منها : ما إذا تعلق تكليف بفعل مقيد ثم تعذر القيد ، كما في الصلاة المتعذر بعض قيودها وشرائطها ، فالصلاة الواجدة للقيود إذا فرض كون مطلوبيتها بنحو وحدة المطلوب يسقط وجوب أدائها ويتحرى الدليل لقضائها ، وإذا فرض بنحو التعدد المطلوبي يسقط المعسور ويبقى الميسور.

ومنها : ما إذا تعلق تكليف بفعل موقت ففات من المكلف إتيانه في الوقت عصيانا أو نسيانا كالصلاة الموقوتة بوقت ، فعلى القول بوحدة المطلوب لا يجب القضاء إلا لدليل خارجي ، وعلى القول بالتعدد يجب.

ومنها : ما إذا شك المكلف بعد مضي وقت الفعل الموقت في أنه أتى به في الوقت أم لا ، فيجري استصحاب بقاء التكليف الثابت في الوقت بناء على التعدد إذ المورد من قبيل الشك في بقاء التكليف وسقوطه بالامتثال ولا يجري بناء على الوحدة لعدم بقاء الموضوع المترتب عليه الحكم.

٢٨٤

الورود

هو في الاصطلاح عبارة عن أن يرد دليل ويصير سببا لانعدام موضوع دليل آخر حقيقة بحيث لو لا ورود هذا الدليل لكان المورد مشمولا لذاك ويسمى الأول واردا والذي انعدم موضوعه مورودا وإليك أمثلة منه.

الأول : الأمارات الشرعية بالقياس إلى الأصول العقلية ، والدليل القطعي كالخبر المتواتر بالقياس إلى الأصول الشرعية ، فإذا فرضنا أن موضوع البراءة العقلية هو عدم البيان والدليل ، وموضوع التخيير هو عدم المرجح ، وموضوع الاحتياط هو احتمال العقاب الأخروي ، فبمجرد ورود دليل معتبر في موردها ينتفي وجدانا موضوعاتها ، فينقلب عدم البيان إلى وجود البيان ، وينتفي عدم الترجيح ويتحقق الترجيح ، ويرتفع احتمال العقاب فيحصل إلا من منه ، فيقال حينئذ إن الدليل وارد على تلك الأصول.

وكذا القول في الأصول الشرعية ، فإن موضوع البراءة الشرعية والاستصحاب هو الشك في التكليف والشك في بقاء المتيقن ، وكلاهما ينتفيان وجدانا بالدليل القطعي كالخبر المتواتر والمحفوف بالقرائن القطعية.

الثاني : تقدم الاستصحاب على الأصول العقلية كالبراءة العقلية والتخيير والاحتياط ، فإذا أجرينا استصحاب حرمة العصير مثلا فيما إذا ذهب ثلثاه بنفسه أو بالشمس يكون ذلك دليلا شرعيا على الحرمة وبيانا لها فينتفي بالوجدان عدم البيان

٢٨٥

وكذا استصحاب وجوب الجمعة وعدم وجوب الظهر فيما إذا علمنا إجمالا بوجوب إحداهما يكون دليلا شرعيا على جواز ترك الظهر ، فينتفي احتمال العقاب على تركه بالوجدان.

وكذا استصحاب بقاء الوجوب وعدم الحرمة في مورد علمنا إجمالا بأن صلاة الجمعة إما واجبة وإما محرمة مرجح شرعي لطرف احتمال الوجوب فينتفي عدم الترجيح.

الثالث : تقدم الاستصحاب أيضا على الأصول الشرعية على قول بعض المحققين بتقريب أن موضوع البراءة الشرعية هو المشكوك حكمه من جميع الجهات ، فالمراد من قوله «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» : «رفع عن أمتي ما لا يعلمون» رفع الفعل الذي لا يعلم حكمه من جميع الجهات ، ومن قوله : «كل شيء لك مطلق» إطلاق ما هو مشكوك من جميع الجهات ، فإذا أجرينا استصحاب الحرمة في العصير المشكوك مثلا ، يكون شربه معلوم الحرمة من جهة كونه متيقنا سابقا مشكوكا لاحقا فينعدم موضوع البراءة الشرعية بالوجدان وهو الورود.

الرابع : تقدم الخاص على العام ورودا كما تقدم بيانه في آخر بحث الحكومة.

تنبيه :

الفرق بين الورود والتخصص هو أنهما يشتركان في أمر ويفترقان في آخر.

أما ما به يشتركان فهو أن موضوع المورود والمتخصص ينتفيان بالوجدان بعد مجيء الوارد والمتخصص.

وأما ما به يفترقان فهو أن انعدام الموضوع في الورود بواسطة التعبد وورود الدليل ولولاه لكان المورد مشمولا للمورود ، وفي التخصص خارج عنه بالوجدان لا بالتعبد على الخروج ، وبذلك تعرف الفرق بين هذين العنوانين وبين التخصيص والحكومة ، إذ في هذين ينعدم الموضوع وجدانا وفي التخصيص والحكومة موجود وجدانا والمعدوم هو الحكم ، فراجع معنى التخصيص والحكومة ليظهر الفرق بينهما وبين الورود وبينهما في أنفسهما.

٢٨٦

الوضع

هو اصطلاحا ارتباط خاص حاصل بين اللفظ والمعنى بحيث إذا فهم الأول فهم الثاني وينقسم بتقسيمات :

الأول : تقسيمه إلى الوضع التعييني والتعيني.

فالأول : هو أن يكون حصول ذلك الربط والاختصاص بوضع الواضع وجعله ، كأن يقول وضعت هذا اللفظ بإزاء هذا المعنى ، والثاني أن يكون حصوله بكثرة استعمال اللفظ في معنى بحيث لا يحتاج الانفهام إلى قرينة.

الثاني : تقسيمه إلى الوضع الخاص والموضوع له الخاص ، والوضع العام والموضوع له العام ، والوضع العام والموضوع له الخاص ، وتوصيف الوضع الذي هو من فعل الواضع بالعام والخاص توصيف مسامحي ، فإن المتصف بهما حقيقة هو الملحوظ للواضع عند الوضع فالوضع العام معناه الوضع الذي كان الملحوظ عنده عاما.

وبيان الأقسام أنه إذا أراد الواضع وضع لفظ في قبال معنى فعليه أن يتصور اللفظ والمعنى كليهما.

فحينئذ تارة يتصور معنى جزئيا ولفظا معينا ، ويقول مثلا وضعت لفظ زيد بإزاء هذا الرجل المعين ، فيكون ما لاحظه في ذهنه خاصا وما وضع له اللفظ خاصا أيضا

٢٨٧

فيقال إن الوضع والموضوع له كليهما خاصان.

وأخرى يتصور ويلاحظ معنى كليا عاما ولفظا مخصوصا ، فيقول وضعت لفظ الإنسان لهذا المفهوم الكلي فيقال إن الوضع والموضوع له كليهما عامان ، بمعنى أنه وضع اللفظ في قبال عين الكلي الذي لاحظه.

وثالثة يلاحظ معنى عاما ويجعل ذلك آلة للحاظ مصاديقه ويضع اللفظ في قبال كل فرد فرد من أفراد الملحوظ فإذا لاحظ عنوانا كليا كالمذكر الفرد مثلا فوضع كلمة هذا لكل ما هو مصداق له يقال حينئذ إن الوضع عام والموضوع له الخاص ، وأما الوضع الخاص والموضوع له العام فهو على المشهور تصور محض لا وقوع له ولا إمكان.

تنبيهان :

الأول : أن الأقوال في الوضع كثيرة.

منها : ما هو المشهور من كون أقسامه في مقام التصور أربعة وفي مرحلة الإمكان والوقوع ثلاثة كما عرفت.

ومنها : ما ذكره بعض الأعاظم من أنها في مقام التصور والإمكان أربعة وفي مرحلة الوقوع ثلاثة فذهب قدس‌سره إلى إمكان الوضع الخاص والموضوع له العام ، بأن يرى الواضع شبحا من بعيد ولا يعلم أنه من مصاديق الإنسان مثلا أو البقر ، فيعين لفظا ويقول وضعت هذا اللفظ لنوع ذلك الشبح أو لجنسه ، فيكون الملحوظ هو ذلك الجزئي والموضوع له هو الكلي الملحوظ بنحو الإجمال.

ومنها : ما ذكره في الكفاية من أنها في مرحلة التصور أربعة وفي مقام الإمكان ثلاثة وفي مرحلة الوقوع اثنان فأدرج ما هو من القسم الثالث لدى المشهور في القسم الثاني.

الثاني : أنه من القسم الأول الأعلام الشخصية كلها ، ومن القسم الثاني أسماء الأجناس ومواد الأفعال وأسماء الفاعلين والمفعولين والصفات المشبهة ونحوها ، ومن القسم الثالث جميع الحروف وأسماء الإشارة والضمائر وشبهها.

٢٨٨

الثالث : تقسيمه إلى الوضع الشخصي والوضع النوعي.

بيانه أن اللفظ له مادة وهيئة فالمادة هي ذات الحروف المرتبة نحو ض رب بلا شرط لحاظ الإعراب والحركة ، والهيئة هي الصور العارضة لتلك المواد كضرب وضارب ومضروب وأيّا منهما لاحظه الواضع تفصيلا في مقام الوضع فالوضع بالنسبة إليه شخصي ، وما لاحظه إجمالا فهو بالإضافة إليه نوعي.

فالأقسام ثلاثة : لحاظ الهيئة والمادة تفصيلا ، ولحاظ الأول تفصيلا دون الثاني ، والعكس.

فالأول : كوضع الأعلام الشخصية والجوامد من الألفاظ فإن الواضع لاحظ لفظة إنسان وزيد وحجر وشجر بموادها وهيئاتها ووضعها لمعانيها ، ومنه الموضوع الأول في المشتقات كما ستعرف.

والثاني : كوضع سائر المشتقات مما وضع بعد الوضع الأول.

وتوضيحه : أن المشتقات على أقسام كثيرة ، كاسم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة والماضي والمضارع والمصدر فإنه أيضا من المشتقات ، فلا بد للواضع عند الوضع من تقديم واحد منها ولحاظ كل من هيئة ومادته مستقلا ووضعهما كذلك إذ لا وضع للمادة مجردة عن الهيئات ، فأيا منها قدّمه كان وضعه بهيئته ومادته شخصيا فإذا قدم الماضي مثلا وقال وضعت كلمة ضرب لمعنى كذا وسمع لكذا وعلم لكذا وهكذا تم حينئذ وضع الماضيات من الأفعال ، وبذلك تم وضع نوع من الهيئات ووضع جميع المواد فيكون وضع الماضي شخصيا هيئة ومادة ويقال إن الماضي أصل في الكلام أو في الوضع ، فإذا أراد وضع أسماء الفاعلين مثلا فيلاحظ فقط هيئتها معينة تفصيلا ، ولا يلزمه حينئذ لحاظ المادة كذلك لثبوت المواد كلها في ضمن الموضوع أولا وهو الماضي من كل فعل ، فيكفيه الإشارة الإجمالية إليها فيقول وضعت هيئة الفاعل في ضمن أيّ مادة من المواد الموجودة في ماضيات الأفعال ، لذات ثبت لها تلك المادة ، فيكون وضع الهيئة شخصيّا والمادة نوعيا ، وهكذا سائر المشتقات حتى المصدر ولذلك يقال إن تلك المشتقات فرع للماضي في الوضع ، ولو فرضنا كون الملحوظ أولا هو المصادر أو المضارعات ، كان ذلك أصلا ، ومن هنا ذهب طائفة إلى أن المصدر هو الأصل

٢٨٩

وآخرون إلى أن المضارع هو الأصل ، وأمّا لحاظ المادة بالخصوص دون الهيئة فلا وجود له على ما قلنا.

تتمة :

كما أن اللفظ هيئة ومادة كذلك للمعنى أيضا هيئة ومادة ، فمادة الضرب مثلا هي أصل تصادم جسم مع آخر وهيئته هي الخصوصيات الملازمة له وعوارضه الوجودية من الزمان والمكان وما منه وجوده أعني الضارب وما به وجوده أعني آلة الضرب ، ومواد الألفاظ تحكي عن مواد المعاني وهيئاتها تحكي عن هيئاتها ، فمادة ضرب تحكي عن أصل الضرب وهيئته عن زمانه ، ومادة كلمة مضراب عن أصل الضرب وهيئتها عما به يوجد الضرب وهكذا.

هذا كله في الحقائق وأما المجازات ففيها أقوال :

الأول : القول بأن لها وضعا نوعيا من حيث الهيئة والمادة ، بمعنى أن الواضع أشار إلى كلتيهما بالإشارة الإجمالية بأن جعل عنوان اللفظ آلة للحاظهما فقال وضعت كل لفظ موضوع لمعنى من المعاني لمشابه ذلك المعنى أو لسببه أو لمسببه أو للحال فيه أو لمحله على اختلاف أنحاء المجازات ، فكأنه وضع في ضمن هذا البيان لفظ الأسد للرجل الشجاع مع أنه لم يلاحظ له هيئة ومادة ، فاستعمال اللفظ في معناه المجازي أيضا يرجع إلى وضع الواضع ولذلك حصروا المجازات في أقسام تخيلوا تنصيص الواضع عليها.

الثاني : القول بأن استعمالها في المعاني المجازية لا ربط له بالواضع ، بل هو منوط باستحسان طبع المستعمل ، فأي ربط تصوره المستعمل بين معنى من المعاني وبين المعنى الحقيقي وطاب نفسه باستعمال لفظه فيه فالاستعمال جائز وصحيح ، فلا تكون أقسام المجازات محصورة فيما حصروها فيه.

الثالث : القول بأن الألفاظ لم تستعمل في غير ما وضعت له أصلا حتى في المجازات بل هي مستعملة في معانيها الحقيقية بدعوى اتحادها مع المعاني المجازية ، مثلا إذا قلت جاءني أسد مريدا به زيدا فإنك لم تستعمل الأسد في زيد ابتداء وبلا واسطة بل كأنك قلت جاءني الحيوان المفترس المعهود وزيد هو ذلك الحيوان ، وهذا هو القول الذي

٢٩٠

ذهب إليه السكاكي إلا أنه قال به في خصوص الاستعارة.

وما بجمعه عنيت قد كمل

بحثا على جل المهمات اشتمل

والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلواته على

رسوله الكريم وآله الميامين ولعنة الله

على مخالفيهم ومعانديهم

إلى قيام يوم الدين.

٢٩١
٢٩٢

فهرس الكتاب

العناوين

عدد الصفحات

المقدمة في امرين: غرض التأليف، والاخبار الواردة في فضل العلم واهله ............... ٣

حرف الألف

الابتلاء وعدم الابتلاء ....................................................... ١٢

الاجتماع والامتناع........................................................... ١٥

الاجتهاد والتقليد، وتقسيم الأول إلى المطلق والمتجزي ............................ ١٨

الأجزاء في الأوامر ودليله..................................................... ٢١

الإجماع، وتقسيمه إلى الاقسام الستة........................................... ٢٣

احوال اللفظ وتعارضها....................................................... ٢٦

الارادة وتقسيمها إلى الفعلية والاستقبالية، والى الحقيقية والانشائية رانی التكوينية والتشريعية والى الاستعمالية والجدية          ٢٨

الاستحسان................................................................ ٣٢

الاستصحاب وتنسيمانه باعتبار نفس المستصحب؛ والدليل الدال

٢٩٣

العناوين

عدد الصفحات

عليه، والشك الأخوذ في موضوعه............................................. ٣٣

الاستقراء................................................................... ٣٩

الاستقلال والآلى وفيه الاشارة الى معاني الحروف والى القطع الآلى الطريق والى اليقين الالي في باب الاستصحاب     ٤٠

اصالة الاحتياط وتقسيماتها................................................... ٤٢

اصالة البرائة وتقاسيمها....................................................... ٤٦

اصالة التخيير وتقاسيمها..................................................... ٥٠

اصالة التعيين ـ راجع قاعدة التعيين ـ

اصالة الحلية في فعل الغير ـ راجع العنوان الاتي ـ

اصالة الصحة في عمل الغير.................................................. ٥٣

الأصل وتقسيمه إلى العمل واللفظی، واقي الشرعي والتلى، والى المحرز وغير المحرز، وفيه بيان مثبتات الامارة ٥٦

الأصول وتعریف علمها وبیان حدوده.......................................... ٦٢

الاطراد وعدم الاطراد........................................................ ٦٤

الأطلاق والعقيد ـ راجع الى الطلق والمقيد ـ

الاعتباری والانتزاعی مس راجع الانشائي ـ

الاقل والاكثر وتقسيمها إلى الاستقلاليين والارتباطيين............................ ٦٦

الامارة وتقسيمها إلى العقلية والشرعية، وال التأسيسية والإمضائية والي امارة الحكم وامارة الموضوع ٦٩

الامتثال وتقسيماته.......................................................... ٧٢

الأمر وتقسيمه الى المولوی والا رشادی؛ وذلى التعبدي والتوصلي .................. ٧٤

الأمر بالشی ء هل يقتضي انهی عن ضده ام لا؟................................ ٧٧

الامكان والوجوب والامتناع، وتقسيم الأول إلى الذاتي والوقوعی؛

والاخيرين الى الذاتيين والغيريين والوقوعبين ..................................... ٧٩

٢٩٤

العناوين

عدد الصفحات

الانتزاعی ـ راجع الانشائي ـ

الإنحلال وتقسيمه الى الحقيقي والحكي، والى الاستقلالي والابعاضی................. ٨٢

الانشائي والاعتباری والانتزاعی................................................ ٨٥

الانفتاح والانسداد وفيه التعرض لمقدمات دليل الانسداد.......................... ٨٨

انقلاب النسبة ودوامها ...................................................... ٩١

حروف التاء

التبادر..................................................................... ٩٣

التجري والانقياد............................................................ ٩٤

التخصص ................................................................. ٩٧

التخطئة والتصويب.......................................................... ٩٨

التخيير واقسامه ومنها تقسيمة الى بدوى وأستمراری ........................... ١٠٢

الترتب ـ وامكانه........................................................... ١٠٤

ترجيح الظهورات والمفاهيم بعضها على بعض ـ راجع المرجح ـ

التزاحم وتقسيمه الى الاقسام الخمسة وذکر مرجحاته........................... ١٠٨

التعادل والترجيح........................................................... ١١١

التعارض.................................................................. ١١٢

تعارض الأحوال ـ راجع عنوان الاحوال ـ

التعبدي والتوصلی ـ راجع عنوان الواجب ـ

تعدد المطلوب ووحدته ـ راجع عنوان الوحدة ـ

حرف الحاء

الحاظر والمبيح ـ راجع الناقل والمقرر ـ

٢٩٥

العناوين

عدد الصفحات

الحجة وتعارینها............................................................ ١١٤

الحقيقة والمجاز وذکر اقسامها وبيان الحقيقة الشرعية ............................ ١١٧

الحكم وتقسيمه إلى التكليف والوضعي، والاقتضائی والانشائي، والفعلي والمنجز؛ وائی الواقعي الأولى والواقعي الثانوي والظاهری ......................................................................... ١٢٠

الحكمة ومقدماتها ـ راجم عنوان المطلق والمقيد ـ

الحكومة واقسامها ، وحكومة ادلة العناوين الثانوية على الأولية، وحكومة الامارات على الأصول وبعض الاصول على بعض ، وحكومة الخاص على العام او وروده عليه.............................................. ١٢٦

الحمل الأولى الذاتي والحمل الشايع الصناعي................................... ١٣١

حرف الدال

الدلالة وتقسيمها إلى المطابقبة والتضمنية والالتزامية، والى التصورية والتصديقية، وانی دلالة الاقتضاء والاشارة والایماء         ١٣٢

الدليل وتقيمه الى العملي والنقلي، والاول الى المستقل وغير المستقل؛ وفيه الاشارة الى الاستصحاب الظني والتباس والاستحسان والمفاهيم والاستلزامات.............................................................. ١٣٤

الدور وتقيمه الى المسرح والمضمر بواسطة أو بواسطتين ......................... ١٣٦

حرف السين

السببية والطريقية .......................................................... ١٣٨

السنة والحديث، وتقسيمها إلى اقسام ........................................ ١٤١

حرف الشين

الشبهة البدوية والشبهة المقرونة بالعلم الاجمالي ................................ ١٤٥

٢٩٦

العناوين

عدد الصفحات

الشبهة الحكمیة والموضوعية................................................. ١٤٧

الشبهة المحصورة وغير المحصورة............................................... ١٤٩

الشك ومعانيه وتقسيمه إلى الشك الطاري والسارى والشك السببي والمسببی....... ١٥١

الشهرة وتقسيمها إلى الشهرة الروائية والعملية والفتوائية.......................... ١٥٥

حرف الصاد

الصحيح والاعتم .......................................................... ١٥٧

حرف الضاد

الضد والنقيض............................................................ ١٥٩

حرف الظاء

الظن وتقسيمه إلى الظن انشخصي والنوعي؛ والى الفن الخاص والمطلق، واني الظن الطريقي والموضوعي ، والى الظن الوصفی والكشفي، والى جزء الموضوع وتمام الموضوع ................................................. ١٦١

حرف العين

عدم خلوالواقعة عن الحكم.................................................. ١٦٤

عدم صحة السلب وصحته، وصحة الحمل وعدمها............................ ١٦٦

العدم والملكة راجع عنوان الضد ـ

العرض الذاتي والعرض الغريب............................................... ١٦٨

العقل واحكامه وحجيتها.................................................... ١٧٠

العلم الاجاني والتفصيلي ـ راجع عنوان القطع ـ

٢٩٧

العناوين

عدد الصفحات

العموم والعام فيه التعرض للبدلي والاستغراق والمجموعی وللافرادی والازمانی........ ١٧٣

حرف الغين

الغلبة.................................................................... ١٧٨

حرف الفاء

الفقه وتعریف علمه وبیان حدوده ........................................... ١٨٠

حرف القاف

قاعدة التجاوز............................................................. ١٨٢

قاعدة التحسين والقيع العقليين.............................................. ١٨٤

قاعدة تداخل الاسباب والمسببات ........................................... ١٨٦

قاعدة التسامح في ادلة الستن............................................... ١٨٩

قاعدة التعيين العقلية، او اصالة التعيين....................................... ١٩٢

قاعدة الجمع مهما امكن اوني من الطرح....................................... ١٩٣

قاعدة الطهارة............................................................. ١٩٧

قاعدة الفراغ.............................................................. ١٩٩

قاعدة القرعة.............................................................. ٢٠١

قاعدة لا ضرر ولا ضرار.................................................... ٢٠٣

قاعدة المتضى والمانع........................................................ ٢٠٦

قاعدة الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع................................... ٢٠٧

قاعدة الميسور............................................................. ٢٠٩

قاعدة نفي الحرج ـ او نفي العسر ـ ........................................... ٢١٢

٢٩٨

العناوين

عدد الصفحات

قاعدة اليد................................................................ ٢١٥

قاعدة الیقين.............................................................. ٢١٧

القطع وتقسيمه إلى الطريقي والموضوعي، والي الوصفي والكشفي، والی تمام الموضوع وجزثه ، والى قطع القطاع وغیرالقطاع؛ والى القطع الاجمالي والفصيلى......................................................... ٢١٩

القياس وتقسيمه الى منصوص العلة ومستنبطها................................. ٢٢٦

حرف الكاف

الكتاب والقرآن والمصحف والفرقان .......................................... ٢٢٨

حرف الميم

المتعلق ـ راجع عنوان الموضوع ـ

المتقابلان والمتضادان والمتضايفان والمناقضان ـ راجع عنوان انضد والنقبض ـ

مجارى الأصول............................................................ ٢٣٠

المجمل والمبين، والظاهر والمأول، والمحكم والمتشابه ، والنص والصريح ............... ٢٣٢

المخصص وتقسيمه إلى النفظي واللبي، والى المبين والمجمل، والی المتصل والمنفصل، وائی قطعی الدلالة وظنيها وقطعي السند وظنبه ـ والاشارة الى ورود الخامس على العام ـ ................................................ ٢٣٤

المرجح وتقسيمه الى مرجع باب التعارض ومرجح باب الظواهر ومرجح باب التزاحم . ٢٣٨

المسئلة الأصولية ـ راجع عنوان الأصول وعنوان الموضوع ـ

المشتق ـ ومعانيه ـ .......................................................... ٢٤٤

المطلق والمقيد.............................................................. ٢٤٦

المفهوم والمنطوق وبيان مفهوم الشرط والوصف والغاية واللقب والاستثن ........... ٢٥٠

المفهوم المردد والفرد المردد ................................................... ٢٥٣

٢٩٩

العناوين

عدد الصفحات

مقدمة الصحة ومقدمة الوجوب ومقدمة العلم، والي الموصلة وغير الموصلة.......... ٢٥٥

مقدمات الحكمة ـ راجع عنوان المطلق والمقيد ـ

المقدمة وتقسيمها إلى الداخلية والخارجية، والى العقلية والشرعية والمادية، واني المتقدمة والمقارنة والمتأخرة، والی مقدمة الوجود والموافقة والمخالفة......................................................................... ٢٦٠

الموضوع وفيه بيان موضوع کل علم وموضوع علم الاصول وموضوع كل حكم ومتعلقه، والموضوع المشروط بقائه في باب الاستصحاب ......................................................................... ٢٦٣

حرف النون

الناقل والمقرر والحاظر والمبيح................................................. ٢٦٧

النسخ وبيان مكانه ووقوعه.................................................. ٢٦٨

النقيضان ـ راجع عنوان الضد ـ

النهي، ومعانيه............................................................ ٢٧١

النهي عن الشيء يقتضي الفساد ام لا؟ ...................................... ٢٧٣

حرف الواو

الواجب وتقسيمه الى الموقت ونمير الموقت، والى المضيق والموسع؛

والى المبنى والكفانی والی المعلق والمنجز، والى التوصلي والتعبدی................... ٢٧٥

الواسطة في العروض والثبوت والا ثبات....................................... ٢٧٨

الوجوب وتقسيمه الى المطلق والمشروط، والى النفسي والغيري، والي الأصل والتبعی، والي التعييني والتخییری ٢٨٠

وحدة المطلوب وتعدده...................................................... ٢٨٣

الورود وفيه بيان ورود الإمارات على جميع الأصول، والاستصحاب

٣٠٠