اصطلاحات الأصول ومعظم أبحاثها

الشيخ علي المشكيني

اصطلاحات الأصول ومعظم أبحاثها

المؤلف:

الشيخ علي المشكيني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مطبعة الهادي
الطبعة: ٦
الصفحات: ٣٠١

الخامس والسادس والسابع : وهي ما كان القطع بموضوع ذي حكم مأخوذا في موضوع نفس ذلك أو مثله أو ضده ، كما لو قال إذا علمت بخمرية مائع فهو محرم بعين حرمته السابقة أو بمثلها أو هو واجب ، وهذا الثلاثة مستحيلة للدور واجتماع المثلين والضدين.

الثامن : وهو ما كان القطع بالموضوع مأخوذا في موضوع حكم مخالف ، كما لو قال إذا علمت بخمرية مائع وجب عليك التصدق بدرهم وهذا ممكن.

التاسع : وهو ما كان القطع بموضوع بلا حكم مأخوذا في موضوع أي حكم كان كما لو قال إذا علمت بأن هذا بول يجب عليك الاجتناب عنه بناء على كون الحكم مرتبا على العلم بالبولية لا على الواقع ثم إن الانقسام إلى الطريقي والموضوعي يجري في الظن أيضا إلا أن له مزيد بحث ذكرناه تحت عنوانه.

تنبيهان :

الأول : الفرق بين الطريقي المحض والموضوعي في الجملة يظهر في موارد :

أولها : في الإجزاء فإذا قطع بطهارة ثوبه أو القبلة فصلى ثم انكشف الخلاف فعلى فرض كون القطع طريقا محضا أو مأخوذا جزء الموضوع يجب إعادة الصلاة لظهور كون المأمور به غير المأتي به والمأتي به غير المأمور به ، وعلى فرض كونه مأخوذا تمام الموضوع فلا إعادة.

ثانيها : في قيام الأمارة مقامه فإنه إذا قامت الأمارة على حرمة العصير أو الخمر فهي تقوم مقام الطريقي المحض في تنجيز الواقع بلا إشكال ، وأما الموضوعي ففيه اختلاف فقال في الكفاية بعدم القيام مطلقا وفصل في الرسائل بين الكشفي بالقيام مقامه والموضوعي الوصفي بعدم القيام فراجع الكتابين.

ثالثها : أن الطريقي لا فرق فيه بين حصوله من أيّ شخص وأيّ سبب وأيّ زمان بخلاف الموضوعي فإنه تابع لجعل الشارع فراجع تقسيمه إلى قطع القطاع وغيره.

الثاني : قد يتوهم أن كون القطع موضوعا للحكم معناه أنه يعرض الحكم عليه فإذا

٢٢١

قلنا إن القطع بالخمرية موضوع للحرمة أو النجاسة فمعناه كون نفس القطع محرما أو نجسا ، ولكنه توهم فاسد فإن معنى الموضوع هنا هو ما له دخل في الحكم سواء أكان شرطا للحكم أم وصفا للموضوع أو المتعلق.

بيانه : أنك قد عرفت في التقسيم الأول للقطع أن القطع الموضوعي الصحيح أصناف ثلاثة ، القطع المتعلق بالحكم أو بموضوع ذي حكم المأخوذان في موضوع حكم مخالف ، والقطع المتعلق بموضوع لا حكم له.

ففي الجميع يكون معنى الموضوعية هو شرطيته للحكم المتعلق به لأنه إذا قال الشارع إن علمت بوجوب الجمعة أو بخمرية مائع (ذي حكم أو بلا حكم) وجب عليك التصدق ، كان موضوع الوجوب حقيقة هو التصدق والقطع بوجوب الجمعة أو بالخمرية شرطا لحدوث الحكم وترتبه على موضوعه كشرطية الاستطاعة لوجوب الحج.

الثاني : تقسيمه إلى الوصفي والكشفي ، وكل منهما إلى تمام الموضوع وجزئه.

وهذا التقسيم للقطع الموضوعي فقط دون الطريقي وبيان ذلك يتوقف على مقدمتين :

الأولى : أن القطع أمر قلبي له جهتان ، إحداهما كونه صفة من الصفات النفسانية كالسرور والحزن والحب والبغض ، ثانيتهما كونه كاشفا عن متعلقه كشفا تاما وطريقا إليه طريقا واضحا ، ولأجل وجود هاتين الجهتين فيه ينتزع منه بمجرد حصوله وتعلقه بشيء وصفان للقاطع ووصفان للمتعلق ، فأنت قاطع بالخمرية بمعنى كونك ذا صفة خاصة وقاطع بمعنى كونك ذا طريق إليها ، وهذا الإناء مقطوعا به بمعنى كونه متعلق تلك الصفة الخاصة ومقطوعا به بمعنى كونه منكشفا ومؤدى للطريق.

الثانية : أنه لا إشكال في أن القطع قد يكون مصيبا ومطابقا للواقع وقد يكون مخطئا وجهلا مركبا وإن كان القاطع لا يلتفت إلى ذلك.

إذا عرفت ذلك فنقول الأقسام في هذا التقسيم أربعة :

الأول : الوصفي الموضوعي الملحوظ تمام الموضوع كما لو ورد إذا قطعت بحرمة الخمر وجب عليك التصدق ، فيما إذا لاحظ الشارع القطع بعنوان الوصفية ، بأن جعل موضوع وجوب التصدق هو عنوان القاطع بالمعنى الوصفي المنطبق على الشخص ، أو عنوان المقطوع به بالمعنى المنطبق على الخمر ، مع لحاظه له بنحو التمامية بأن أخذه

٢٢٢

موضوعا طابق الواقع أم لا.

الثاني : الكشفي الموضوعي الملحوظ تمام الموضوع ففي المثال السابق إذا جعل الموضوع عنوان القاطع أو المقطوع به بالمعنى الثاني أعنى الكشفية ولاحظه بنحو الإطلاق طابق الواقع أو خالفه كان هذا القطع كشفيا موضوعيا تاما.

الثالث : الوصفي الموضوعي الملحوظ بنحو جزء الموضوع فإذا قال إذا قطعت بوجوب الجمعة وجب عليك التصدق ، ولاحظ القطع وصفيا بالمعنى السابق ، ولاحظه جزء الموضوع بأن أخذ فيه خصوص القطع المطابق للواقع كان هذا وصفيا موضوعيا جزء الموضوع.

الرابع : الكشفي الموضوعي الملحوظ جزء للموضوع فإذا قال إذا قطعت بوجوب الجمعة وجب عليك التصدق ، ولاحظ القطع بنحو الكشف بالمعنى المتقدم ولاحظ خصوص القطع المصيب كان هذا موضوعيا كشفيا جزئيا.

الثالث : تقسيمه إلى قطع القطاع وقطع غير القطاع

فالأول : هو القطع الحاصل للشخص بنحو غير متعارف ومن سبب لا ينبغي حصوله منه والثاني هو الحاصل بنحو متعارف ومن سبب يليق حصوله منه ، فالقطاع هو سريع القطع لا كثير القطع ، وحكمها أنه لا فرق بينهما فيما كان طريقا محضا فإنه لا فرق عند العقل في وجوب متابعة القطع بين أفراده كان حصوله من أيّ سبب ولأيّ شخص وفي أيّ زمان وإن كان ربما ينسب إلى بعض الأخباريين أن القطع الحاصل بالحكم الشرعي من مقدمات عقلية لا يجب العمل به عقلا وإن كان طريقا محضا.

وأما فيما كان موضوعا فالفرق بينهما واضح إذ القطع حينئذ يكون كسائر الموضوعات ، فكما أنه يعقل أن يجعل موضوع وجوب الإكرام مطلق العالم أو العالم العادل فكذا يصح أن يجعل موضوع وجوب التصدق القطع الحاصل للفقيه دون العامي أو القطع الحاصل من خبر العادل دون الفاسق أو الحاصل في زمان البلوغ دون الصغر وهكذا.

الرابع : تقسيمه إلى القطع الإجمالي والقطع التفصيلي

ولا يخفى عليك أنه لا يكون الإجمال في نفس القطع أبدا وإنما يتصور في متعلقه ،

٢٢٣

إذ حقيقة العلم التصديقي هو انكشاف النسبة لدى القاطع انكشافا تاما ، فإذا حصل القطع بأن أحد الفعلين واجب أو أن أحد الإناءين حرام فالنسبة الملحوظة بين الحكم وموضوعه الذي هو عنوان أحدهما منكشفة لدى القاطع لا إجمال فيها.

نعم انطباق ذلك الموضوع الكلي على هذا المصداق بالخصوص وتعلق الحكم به مجمل مجهول ، وهو أمر آخر ونسبة أخرى غير النسبة المنكشفة ، فالعلم الإجمالي في الحقيقة عبارة عن انضمام جهل إلى علم ونسبة مجهولة إلى نسبة معلومة ، ويكون إسناد الإجمال إلى العلم بلحاظ حصوله في متعلقه لا فيه نفسه ، وإن شئت فقل العلم الإجمالي هو العلم المتعلق بعنوان أحد الشيئين أو الأشياء مع كون العنوان غير معين والعلم التفصيلي ما لا يكون كذلك.

تنبيه :

إذا حصل العلم الإجمالي بوجوب أحد الفعلين مثلا

فإنه يتصور لكل من امتثال الحكم المعلوم بالإجمال ومخالفته مرتبتان ، إذ لا يخلو حال المكلف عن أحد أمور ثلاثة ، فعلهما معا وتركهما معا وفعل أحدهما وترك الآخر ، ويسمى الأول بالموافقة القطعية والثاني بالمخالفة القطعية والثالث بالموافقة والمخالفة الاحتماليتين ، ففعل أحدهما وترك الآخر هي المرتبة الأولى للموافقة والمخالفة وفعلهما معا المرتبة الثانية للموافقة وتركهما معا المرتبة الثانية للمخالفة.

ثم إن في تأثير العلم الإجمالي في إيجاب الامتثال بالمرتبة الأولى أو الثانية أو عدم تأثيره أصلا أقوال.

الأول : كونه علة تامة في إيجاب المرتبة الثانية ولزوم الموافقة القطعية كالعلم التفصيلي ، فلا يجوز حينئذ ترخيص الشارع في ترك البعض فضلا عن الكل وهذا مختار صاحب الكفاية قدس‌سره في باب الاشتغال.

الثاني : كونه مقتضيا بالنسبة إلى كلتا المرتبتين فيصح الترخيص في تركهما فضلا عن ترك أحدهما ، وهذا مختاره قدس‌سره في بحث القطع.

٢٢٤

الثالث : كونه علة تامة بالنسبة إلى المرتبة الأولى وإيجاب الموافقة الاحتمالية ومقتضيا بالنسبة إلى المرتبة الثانية ، وهذا مختار الشيخ رحمه‌الله في رسائله.

الرابع : عدم العلية والاقتضاء بالنسبة إلى المرتبتين فهو يساوق الشك البدوي في عدم التأثير ، ولعله مراد من أجاز المخالفة القطعية.

٢٢٥

القياس

هو في الاصطلاح عبارة عن تعدية الحكم من موضوع إلى موضوع آخر بسبب مشاركته له في علة ذلك الحكم ، فيطلق على الموضوع الأول الأصل والمقيس عليه وعلى الثاني الفرع والمقيس ، وعلى الجهة التي بها يحكم بتعدية الحكم الملاك والعلة المشتركة.

ثم إن العلة المشتركة إن كانت مظنونة مستخرجة من الكلام ظنا يطلق عليه القياس المستنبط علته ، وإن كانت معلومة مصرحا بها في الكلام فهو القياس المنصوص علته.

والقياس الباطل الذي ليس من مذهبنا هو الأول دون الثاني ، فإنه صحيح معمول به على المشهور بل قد يقال إنه ليس بقياس في الاصطلاح.

فإذا ورد أن الخمر حرام وحصل لنا الظن بأن العلة في حرمتها هو الإسكار الموجود في النبيذ والعصير مثلا ، يكون تعدية حكم الحرمة من الخمر إلى النبيذ والعصير من قبيل القياس المستنبط علته الباطل عندنا.

وإذا ورد لا تشرب الخمر لأنه مسكر أو ورد لا تبع الحنطة بالحنطة مع التفاضل لأنها مكيل ، يكون تعدية الحكم من الخمر إلى النبيذ المسكر ، أو من الحنطة إلى

٢٢٦

العدس والحمص مثلا قياسا منصوص العلة صحيحا عندنا.

ثم إن الفرق بين القياس والغلبة التي سبق بيانها واضح ، إذ المقصود من الغلبة تعيين موضوع الحكم وبيان أنه هو الكلي الشامل لمصاديقه ، ليحكم بترتيب ذاك الحكم على كل فرد من أفراد الكلي من دون نظر إلى علة ثبوت الحكم على الموضوع ، وهذا بخلاف القياس فإن الموضوع فيه معلوم وإنما المقصود تعيين ملاك الحكم ومناطه ليحكم بسرايته إلى موضوع آخر مباين له بسبب ذلك المناط.

٢٢٧

الكتاب والقرآن والمصحف والفرقان

هذه الألفاظ الشريفة حقيقة بالفعل في الكلام الذي (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ) على قلب نبينا الأعظم «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) ... (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ).

وهو يشتمل على آيات محكمات وأخر متشابهات فمحكماته هي النصوص والظواهر ، ومتشابهاته ما هو مجمل ليس له ظاهر.

ثم إنه لا إشكال في جواز العمل بالمحكمات ، ولا يصغى إلى ما صدر عن بعض من المنع عن التمسك بالكتاب العزيز فإنهم عزلوا العقل أيضا عن الحكم والقضاء ، وليت شعري فما ذا يبقى لنا بعد عزل عقولنا وأخذ كتابنا ، وهل هذا إلا جناية على العقل وخيانة للكتاب.

ويستدل على الحجية بأمور :

منها : قول مولانا علي «عليه‌السلام» في نهج البلاغة : «وأنزل عليه ـ أي على النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» ـ القرآن ليكون إلى الحق هاديا ، وبرحمته بشيرا ، فالقرآن آمر زاجر وصامت ناطق ، حجة الله على خلقه أخذ عليهم ميثاقه» إلى آخره.

ومنها : خبر الثقلين حيث قال : «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» : «ما إن تمسكتم بهما لن

٢٢٨

تضلوا» فأمر بالتمسك بالكتاب وأهل البيت.

ومنها : الأخبار الكثيرة الآمرة : «يعرض كل حديث على كتاب الله فما وافقه فخذوه وما خالفه فاضربوه على الجدار» فلو لم تكن الظواهر حجة فكيف يمكن عرض الأخبار عليه والحكم بصحتها وسقمها.

ومنها : الأخبار الكثيرة الواردة عن الأئمة «عليهم‌السلام» إرشادا لأصحابهم إلى التمسك بالقرآن واستفادة الحكم عنه كقول مولانا الصادق «عليه‌السلام» : «يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله» ، وغيرها من الأخبار.

تنبيه :

حجية ظواهر الكتاب على ما ذكرنا ليست إلا كحجية سائر الأدلة والأمارات من السنة والإجماع والعقل ، مشروطة بالفحص عن المعارضات وسائر القرائن الصارفة عن الظهور من الحاكم والمخصص والمقيد وغيرها ، فكما أنه لا يجوز للمستدل بتلك الأدلة التمسك بها قبل الفحص واليأس عن الظفر بالمخالف فكذلك الكتاب العزيز ، للقطع بورود التخصيص والتقييد وسائر الصوارف على عدة من ظواهره.

نعم لا بأس بالتمسك بما كان نصا من آياته بلا حاجة إلى الفحص فإن دلالة النصوص كاصل السند غير قابلة لرفع اليد عنها فيحصل القطع بعدم وجود المعارض لها ، إلا أن الكلام في تشخيص ما هو نص عما هو ظاهر فعلى المستدل التحري التام حتى لا يقع في الاشتباه والخطاء.

٢٢٩

مجاري الأصول

اعلم أن المكلف إذا توجه والتفت إلى حكم من أحكام أفعاله فلا يخلو حاله عن أحد أقسام ثلاثة :

الأول : أن يحصل له القطع بذلك الحكم ، ووظيفته حينئذ بحكم العقل العمل بقطعه والجري على وفق علمه ويسمى هذا المكلف بالقاطع والعالم.

الثاني : أن لا يحصل له العلم به بل يقوم عنده طريق معتبر إلى حكمه من خبر عدل أو ثقة أو إجماع أو شبهها ، وحكمه أيضا أن يعمل على طبق طريقه ويسمى هذا بمن قام عنده الطريق.

الثالث : أن لا يحصل له العلم ولا يقوم عنده طريق معتبر ، ويسمى بالجاهل والشاك وهو الذي يجري في حقه الأصول العملية ، الاستصحاب والبراءة والاحتياط والتخيير ، فإنه إما أن يكون للحكم الذي شك فيه حالة سابقة أم لا فعلى الأول يتحقق مجرى الاستصحاب وعلى الثاني فإما أن يكون الشك في التكليف أو في المكلف به مع العلم بالتكليف ، فعلى الأول يتحقق مجرى البراءة ، وعلى الثاني فإما أن يمكن فيه الاحتياط أم لا فعلى الأول يتحقق مجرى الاحتياط ، وعلى الثاني مجرى التخيير.

٢٣٠

ثم إنه قد ظهر من هذا التقسيم أن للاستصحاب شرطا واحدا وهو ملاحظة الحالة السابقة ، وللبراءة شرطين وهما عدم ملاحظة الحالة السابقة وكون الشك في التكليف ، وللاحتياط شروطا ثلاثة ، عدم ملاحظة الحالة السابقة وكون الشك في المكلف به وإمكان الاحتياط ، وللتخير أيضا شروطا ثلاثة : عدم ملاحظة الحالة السابقة وكون الشك في المكلف به وعدم إمكان الاحتياط.

تنبيهات :

الأول : أن الجاهل والشاك إما أن يكون شاكا في الحكم التكليفي أو في الحكم الوضعي أو في متعلقات الأحكام.

أما الأول : فهو الذي يجري في حقه الأصول المذكورة ، وحصر الأصول العملية في الأربعة المشهورة إنما هو بالنسبة إليه فلا يجري في حقه غير تلك الأصول.

وأما الثاني : كمن شك في الطهارة والنجاسة والصحة والفساد والملكية والزوجية والحرية والرقية وغيرها ، فلا يجري في حقه من تلك الأصول غير الاستصحاب وله أصول أخر كأصالة الطهارة وأصالة الصحة وأصالة الفساد وأصالة الحرية وأصالة التحقق المسماة بقاعدة التجاوز ، ولم يتعرض بعض المحققين لتلك الأصول ومجاريها في أول الباب زعما منه أن مباحثها قليلة وأنها تختص ببعض الأبواب.

وأما متعلقات الأحكام وموضوعاتها فلا يجري فيها من الأصول الأربعة إلا الاستصحاب ، ويجري فيها بعض الأصول الأخر والأمارات كالقرعة واليد وخبر العدل ونحوها.

الثاني : أن ما ذكرنا من المجاري للأصول العملية إنما هو بيان لخصوص مجاريها بنحو الإجمال

وأما بيان نفس تلك الأصول وأنها أحكام شرعية أو عقلية وبيان مجاريها تحقيقا وتفصيلا فهو موكول إلى شرح حال ذلك الأصل تحت عنوانه الخاص فراجع تلك العناوين لتكون على بصيرة منها.

٢٣١

المجمل والمبين والظاهر والمؤول والمحكم والمتشابه والنص والصريح

أما المجمل :

فهو اللفظ الذي ليس له ظهور بالفعل ولو كان ذلك بسبب اكتنافه بما أوجب إجماله وإبهامه ، وأقسامه كثيرة.

فمنها : المجمل بالذات

كأوائل السور القرآنية من (ق) و (ن) وغيرهما.

ومنها : المشترك اللفظي

الذي لا قرينة على تعيين بعض معانية كقوله تعالى :

(وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) فإن لفظة قرء مشتركة بين الطهر والحيض فلا يدرى من ظاهر القرآن كون أيام التربص والعدة أطهار ثلاثة أو حيضات ثلاث.

ومنها : المشترك المعنوي في بعض الموارد ،

كقوله تعالى : (أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) فلا يعلم أن المراد من الموصول الزوج أو ولي المرأة.

ومنها : العام والمطلق المقترنان بمخصص مجمل أو مقيد كذلك

كما إذا قال أكرم العلماء إلا فساقهم ، وتردد أمر الفاسق بين مرتكب مطلق الذنب ومرتكب الكبيرة فقط فيكون العام بالنسبة إلى أهل الصغائر مجملا.

ومنها : كل لفظ اقترن بما يصلح لصرفه عن ظاهره

فحصل الإجمال بسببه.

وأما المبين :

فهو ما كان ظاهر الدلالة على المعنى المقصود وينقسم إلى قسمين :

الأول : النص وهو الظاهر البالغ في ظهور دلالته

إلى حيث لا يقبل التأويل عند

٢٣٢

أهل العرف بل يعدون التأويل له قبيحا خارجا عن رسوم المحاورة كقوله يجب إكرام زيد فحمل الوجوب على الإباحة أو الإكرام على الإهانة أو زيد على عدوه ببعض التأويلات لا يقبله أهل العرف ويرادفه الصريح أيضا.

الثاني : الظاهر وهو اللفظ الذي له ظهور قابل للتأويل بسبب القرائن

كالعام والمطلق ونحوهما.

وأما المؤول : فهو اللفظ الذي خرج عن ظهوره الذاتي وأريد منه خلاف ظاهره بواسطة القرينة ، فيدخل فيه كل لفظ علم استعماله في غير ما وضع له بقرينة حالية أو مقالية.

فمنه : العام الذي علم تخصيصه ، والمطلق الذي علم تقييده.

ومنه : أيضا قوله تعالى : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) وقوله تعالى : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) وقوله تعالى : (يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ) وغيرها.

وأما المحكم والمتشابه ، فالأول يساوق المبين والثاني يساوق المجمل.

٢٣٣

المخصص

ويطلق عليه الخاص أيضا وهو في الاصطلاح عبارة عن الدليل الواقع في مقابل ما هو أعم منه موردا عموما مطلقا ، بحيث يكون غالبا أقوى دلالة منه ويصير سببا لرفع اليد عن حكمه وترك العمل به ، وقد يطلق على أحد العامين من وجه إذا قدمناه على الآخر وخصصناه به كما إذا قدمنا قوله أكرم العلماء على قوله لا تكرم الفساق لقوة دلالته في مورد الاجتماع.

وينقسم بتقسيمات :

الأول : تقسيمه إلى المخصص اللفظي والمخصص اللبّي.

فاللفظي هو ما كان لفظا كما إذا ورد لا تكرم فساق العلماء بعد ورود إكرام كل عالم ، واللبي هو ما كان من قبيل المعنى ولا قالب لفظي له فكأنه لب لا قشر له كما إذا قام الإجماع أو دلت سيرة العلماء أو العقلاء على عدم لزوم إكرام الفاسق في المثال السابق ، وكذا إذا قال المولى أكرم جيراني وحكم العقل بقبح إكرام من كان منهم عدوا للمولى ، فالإجماع والسيرة وحكم العقل من المخصصات اللبية.

الثاني : تقسيمه إلى المبين والمجمل.

والثاني ينقسم إلى أقسام أربعة لأنه إما أن يكون مجملا مفهوما أو مجملا مصداقا و

٢٣٤

على التقديرين إما أن يكون مرددا بين الأقل والأكثر أو مرددا بين المتباينين فجميع الأقسام خمسة فمثال المبين مبين واضح.

وأما مثال المجمل المفهومي المردد بين الأقل والأكثر فكما إذا ورد أكرم العلماء وورد أيضا لا تكرم الفساق منهم ، وحصل الشك في أن الفاسق هل هو مطلق من ارتكب المعصية صغيرة كانت أو كبيرة ، أو هو خصوص مرتكب الكبيرة ، فإذا فرضنا العلماء مائة والمرتكبين للكبيرة منهم عشرين وللصغيرة عشرة ، فالمخصص مردد بين عشرين وثلاثين من حيث إجمال المفهوم والقدر المتيقن عشرون والمشكوك عشرة ، والحكم هنا بناء على المشهور الرجوع إلى عموم العام في غير ما كان متيقنا من المخصص.

ومثال المجمل المفهومي المردد بين المتباينين ، كما لو قال المولى لا تكرم زيدا في المثال السابق مع كونه مشتركا بين رجلين ، وحكمه عدم جواز التمسك بالعام في كلا الفردين والرجوع إلى الأصول العملية ، من براءة واحتياط وتخيير.

ومثال المجمل المصداق المردد بين الأقل والأكثر ، ما لو علم في المثال الأول بان المراد من الفاسق هو أهل الكبائر دون الصغائر ، وعلم أيضا بان عشرين منهم قد ارتكبوا للكبيرة وشك في ارتكاب عشرة آخرين فالمخصص مردد بين عشرين وثلثين من حيث اشتباه المصداق ، وفي جواز التمسك في العشرة المشكوكة بعموم العام أو عدمه ولزوم الرجوع إلى الأصول العملية وجهان اشهرهما الثاني.

ومثال المجمل المصداقي المردد بين المتباينين ، ما لو علم معنى الفاسق وعلم إجمالا فسق أحد الرجلين وحكمه حكم المفهومي من المتباينين.

الثالث : تقسيمه إلى المتصل والمنفصل.

والأول : هو المقارن للعام بنظر العرف من وصف أو بدل أو شرط أو استثناء ، كما إذا ورد أكرم كل عالم عادل ، أو أكرم كل عالم عدولهم ، أو إن كانوا عدولا ، أو إلا فساقهم.

والثاني : ما كان في كلام مستقل بحيث لا يصح عند العرف عده جزء من العام أو من متمماته ، سواء أكان صدوره قبل العام أم بعده ، طالت المدة الفاصلة بينهما أو

٢٣٥

قصرت ، كما إذا ورد في خبر أكرم العلماء وورد في آخر لا تكرم فساق العلماء.

الرابع : تقسيمه إلى المخصص القطعي الدلالة أعني النص وظنيها أعني الظاهر وإلى المخصص القطعي السند وظنيه.

توضيح ذلك : أن الخاص والعام إما أن يكونا نصين أو يكون الخاص نصا والعام ظاهرا أو يكونا على عكس ذلك أو يكونا ظاهرين متساويين أو يكون أحدهما أظهر من الآخر ، على كل تقدير إما أن يكونا مقطوعي الصدور أو مظنوني الصدور أو يكون الخاص مقطوعا والعام مظنونا أو عكس ذلك فالأقسام عشرون.

وفيما كانا نصّين فإن كان الصدوران أيضا قطعيين فاللازم حمل أحدهما على التقية لعدم إمكان التصرف في الدلالة والسند ، وإن كانا مختلفين فاللازم أخذ قطعي الصدور وطرح الظني رأسا ، وإن كانا مظنوني الصدور فالحكم ما في المتباينين من أخذ أحدهما تخييرا وطرح الآخر رأسا.

وفيما كان الخاص نصا والعام ظاهرا لا إشكال في تقديم الخاص على العام وتخصيصه به ، كما إذا ورد أكرم العلماء وورد لا يجب إكرام زيد سواء كانا قطعيين سندا أو ظنيين أو مختلفين فهذه أقسام أربعة.

وفيما كان العام نصا والخاص ظاهرا فلا شبهة في الأخذ بالعام والتأويل في الخاص ، كما إذا ورد يجب إكرام العلماء بلا استثناء أحد وورد ينبغي إكرام زيد ، فيحمل ينبغي على الاستحباب ، ولا فرق فيه بين قطعيّ السند وظنيّه والاختلاف فالأقسام أربعة.

وإن كانا ظاهرين متساويين فإن كانا قطعيين سندا يتساقط الظهوران ويكونان بحكم المجملين ويرجع إلى الأصول العملية ، وإن كانا ظنيين يؤخذ بسند أحدهما تخييرا أو ترجيحا ويطرح الآخر رأسا سندا ودلالة ، وإن كانا مختلفين يؤخذ المقطوع سندا ويطرح المظنون رأسا على إشكال فيه.

وفيما كان أحدهما أظهر من الآخر يؤخذ به ويؤول الآخر بما يوافقه ، مثلا إذا ورد أكرم العلماء وورد ينبغي إكرام زيد ، وفرضنا أن ظهور هيئة أكرم في الوجوب أقوى من ظهور ينبغي في الاستحباب ، فيقدم ظهور الهيئة ويؤول ظاهر ينبغي بحمله على

٢٣٦

الوجوب وهذا مورد يقدم فيه العام على الخاص وإن فرضنا أقوائية ظهور ينبغي في الاستحباب يؤخذ به ويخصص العام ولا فرق فيه أيضا بين أقسام السند.

تنبيه : قد عرفت أن إطلاق الخاص والعام فيما ذكر من الأقسام بلحاظ متعلق الحكمين

أعنى زيدا والعلماء سواء أكان التصادم بين ظهور كلمة العلماء وزيد أو ظهور أكرم ولا تكرم ، وقد عرفت أيضا أن أقسامهما وكيفية تقدم أحدهما على الآخر مختلفة ، فتارة يقدم الخاص على العام ورودا أو حكومة ، وأخرى يقدم العام عليه ظهورا ، وثالثة يقدم أحدهما على الآخر سندا ترجيحا أو تخييرا ، ورابعة يتساقطان ظهورا فيرجع إلى الأصول ، وخامسة يحمل أحدهما على التقية وغير ذلك ، وعليك بالتأمّل في الأقسام المذكورة في التقسيم الأخير حتى يتبين لك الحال وإن شئت أن تعرف كيفية ورود الخاص على العام وحكومته فراجع آخر بحث الحكومة.

٢٣٧

المرجح

هو في الاصطلاح أمور وخصوصيات تكون سببا لتقديم أحد المتقابلين على الآخر ومورد لحاظه ومحل أعماله تارة السندان ، فيحكم لأجل ذلك بأخذ سند وطرح سند آخر ، ويسمى بمرجح الصدور لكونه علة للحكم بصدور الدليل الواجد له وعدم صدور الفاقد.

وأخرى : الظاهران المتقابلان فيحكم لأجله بتقديم ظاهر على ظاهر آخر ، ويسمى بمرجح الظهور لكونه سببا لترجيح ظهور على ظهور.

وثالثة : الحكمان المتوجهان على المكلف مع عجزه عقلا أو شرعا عن امتثالهما ، فيحكم لأجله بأخذ ذي المزية وترك الآخر ، وهذا يسمى بمرجح الحكم.

فالمرجحات على أقسام ثلاثة : يطلق على القسم الأول مرجح باب التعارض وعلى القسم الثاني مرجح باب الظواهر وعلى القسم الثالث مرجح باب التزاحم.

أما القسم الأول : فهو كثير كالشهرة الروائية ، والأعدلية ، والأوثقية ، والأورعية والأصدقية ، ومخالفة العامة ، ومخالفة ميل حكامهم ، وموافقة الكتاب وموافقة السنة النبوية «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» ، وموافقة الأمارات الظنية ، وموافقة الأصول العملية ، والشهرة الفتوائية ، والأفصحية ، والنقل باللفظ ، وقلة الوسائط في سلسلة السند ،

٢٣٨

وغيرها وكل هذه المرجحات موجبة لتقديم السند فالدليلان المتعارضان إذا كان أحدهما مشتملا على هذه المرجحات كلا أو بعضا ولم يكن الآخر كذلك فهو يؤخذ سندا ودلالة والآخر يطرح رأسا.

ثم إن العلماء رضي الله عنهم قسموا هذه المرجحات بتقسيمات مختلفة وأدخلوها تحت عناوين متعددة.

منها : تقسيمها باعتبار موردها ومحل عروضها ، إلى ما يعرض السند وما يعرض المتن وما يعرض المضمون.

بيانه : أن كل خبر وارد عن المعصوم «عليه‌السلام» مشتمل على أمور أربعة : السند والمتن والجهة والمضمون ، فالسند هو الشخص أو الأشخاص الناقلين له ، والمتن هي عبارات الخبر وألفاظه الحاكية عن المعاني ، والجهة هي علة صدور الكلام عن الإمام «عليه‌السلام» من بيان الحكم الواقعي أو التقية والمضمون هو المعنى المراد من الألفاظ.

فحينئذ نقول إن بعض تلك المرجحات يعرض السند كالأعدلية والأوثقية وغيرهما من صفات الراوي ، وبعضها يعرض المتن كالشهرة الروائية والفصاحة ونحوهما ، وبعضها يعرض المضمون كموافقة الكتاب والسنة والأصل ومخالفة العامة ، فإن المتصف بها معنى الخبر لا ألفاظه.

ومنها : تقسيمها باعتبار مورد الرجحان أعني ما يكون المرجح سببا لتقديمه على صاحبه إلى ما يرجح الصدور ، وما يرجح الجهة ، وما يرجح المضمون.

فالأصدقية والأوثقية مثلا ترجحان صدور ما رواه الأصدق والأوثق بمعنى أنه لو دار الأمر بين الحكم بعدم صدور خبر الصادق أو خبر الأصدق فإنه يقوى في الذهن عدم صدور الأول وصدور الثاني.

ومخالفة العامة ترجح الجهة ، بمعنى أن احتمال التقية وعدم الصدور لبيان الحكم الواقعي موجود في الموافق دون المخالف ، فهذا المرجح يقوي جهة الخبر المخالف أولا وبالذات ويوجب ثانيا وبالعرض تقوية سنده فيؤخذ هو ويطرح الآخر الموافق سندا ودلالة ، لا أنه يؤخذ السند من كليهما ويحكم بصدور الموافق للعامة تقية والمخالف لها لبيان الحكم الواقعي كما توهم.

٢٣٩

وموافقة الكتاب والسنة والأصل وحكم العقل وكذا موافقة الشهرة الفتوائية ترجح المضمون والمعنى المراد من اللفظ ، فإذا ورد خبر دال على وجوب صلاة الجمعة وآخر دال على وجوب الظهر ، وكان ظاهر الكتاب أو مقتضى الاستصحاب وجوب الجمعة فهو يؤيد مضمون الأول ويورث الظن بكونه الحكم الواقعي فيئول الأمر أيضا إلى أخذ سند ما قوي مضمونه وطرح الآخر رأسا.

فعلم مما ذكر أن مرجع جميع المرجحات إلى ترجيح السند وإن كان بعضها يؤيد في ابتداء الأمر الجهة أو المضمون ، فتحصل أن المستفاد من أدلة العلاج وأخباره أن كل خبر كان ذات مزية في واحد من نواحيه وأطرافه لم يكن لمقابله تلك المزية يجب أخذه سندا وطرح مخالفه رأسا.

تنبيه : لا يخفى عليك أن الأقسام المذكورة في هذا التقسيم كلها من قبيل المرجحات الداخلية

وأما الخارجية فكلها من المرجحات المضمونية.

ومنها : تقسيمها إلى الداخلية ، والخارجية والخارجية إلى المعتبرة وغير المعتبرة ، وإلى المؤثرة في أقربية المضمون وغير المؤثرة ، فالأقسام بناء على هذا التقسيم خمسة :

أولها : المرجحات الداخلية ، وهي عبارة عن كل مزية غير مستقلة في نفسها متقومة بمعروضها ، كصفات الراوي والفصاحة والنقل باللفظ وقلة الوسائط ونحوها ، فإنه لا قوام لها إلا بمعروضها من السند والمتن ، فصفات الراوي وقلة الوسائط تعرضان السند أعني الرجال الناقلين للخبر ، والباقي يعرض المتن أعني الألفاظ والمعاني.

ثانيها : المرجحات الخارجية المعتبرة وهي كل أمر معتبر مستقل في نفسه ولو لم يكن هناك خبر ، مثل الكتاب والسنة والأصل العملي ، فإذا ورد يحرم شرب العصير وورد أيضا يحل شربه ، فالثاني يرجح على الأول لموافقته لظاهر قوله تعالى : (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) أو موافقته للاستصحاب ، أو أصالة الحلية بناء على كون الأصل مرجحا للأمارات.

٢٤٠