اصطلاحات الأصول ومعظم أبحاثها

الشيخ علي المشكيني

اصطلاحات الأصول ومعظم أبحاثها

المؤلف:

الشيخ علي المشكيني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: نشر الهادي
المطبعة: مطبعة الهادي
الطبعة: ٦
الصفحات: ٣٠١

التكليفية معلولة للملاكات الموجودة في متعلقاتها وأما بناء على أن إنشائها وجعلها لملاك في نفس الجعل كما ذهب إليه البعض فاللازم ملاحظة تلك الصور العشر في نفس الجعل.

بقي هنا شيء وهو أن الإباحة كما تكون لعدم المصلحة والمفسدة في الفعل أو لتساويهما فيه كذلك قد تكون مع المصلحة الملزمة أو المفسدة الملزمة ولكن مع وجود مانع عن الإلزام بالفعل أو الترك أو وجود المقتضي للترخيص والإباحة ، كما في الإباحات الظاهرية والاضطرارية ويطلق على القسم الأول الإباحة اللااقتضائية وعلى القسم الثاني الإباحة الاقتضائية.

والثاني : أي الحكم الوضعي كل حكم مجعول منشإ لم يكن بحكم تكليفي كالملكية والزوجية ونحوهما مما يأتي مفصلا وتسميته بالحكم الوضعي لكونه غالبا موضوعا للحكم التكليفي.

تنبيه : في قابلية الحكم الوضعي للجعل وعدمها أقوال :

أحدها : أنه قابل للجعل والإنشاء استقلالا بجميع أقسامه كالحكم التكليفي.

ثانيها : أنه غير قابل له مطلقا بل يكون دائما منتزعا عن الحكم التكليفي الموجود في مورده ، فإذا قال الشارع يجوز شرب الماء أو يجب الاجتناب عن البول أو قال إذا أنشئ عقد البيع جاز تصرف البائع في الثمن والمشتري في المبيع أو إذا أنشئ عقد النكاح جاز لكل من الطرفين الاستمتاع من الآخر أو إذا أخذت مال الغير بغير رضاه وجب عليك رد عينه أو بدله أو نحو ذلك ، انتزع من جواز شرب الماء طهارته ومن وجوب الاجتناب عن البول نجاسته ومن جواز تصرف كل من البائع والمشتري ملكيته لما انتقل إليه ومن جواز استمتاع طرفي النكاح الزوجية ومن وجوب الرد الضمان.

ثالثها : التفصيل بين مصاديقه وأن بعضها قابل للجعل بالاستقلال وبعضها قابل للانتزاع عن التكليف وبعضها لا يقبل هذا ولا ذاك فلا يمكن جعله استقلالا كما لا

١٢١

يمكن انتزاعه عن الحكم التكليفي.

فالأول : أي ما يمكن جعله استقلالا وإيجاده باللفظ أصالة ، كالملكية والزوجية والحجية والقضاوة والنيابة والحرية والرقية ونحوها ، فالشارع بقوله من حاز شيئا من المباحات أو استرق أحدا من الكفار فهو له ، إنشاء وجعل ملكية المال والشخص الأسير للآخذ وبقوله صدق العادل جعل الحجية لقوله ، وبقوله جعلته حاكما جعل القضاوة للفقيه.

والثاني : كجزئية شيء للمأمور به وشرطيته فينتزع من تعلق الحكم التكليفي بصلاة ذات أجزاء وقيود الجزئية لكل واحد من أجزائها والشرطية لكل واحد من قيودها.

والثالث : كسببية مصالح الصلاة مثلا للأمر بها وإيجابها فإن ذلك أمر تكويني مقدم على الوجوب فلا يعقل جعله تشريعا فضلا عن أن ينتزع من التكليف المتأخر عنه رتبة.

ثم إن الحكم الوضعي ليس محصورا في ثلاثة أو خمسة أو تسعة كما توهم ، بل كلما كان من الأمور الاعتبارية القابلة للجعل والاعتبار أطلق عليه اسم الحكم وكان غير التكليف فهو حكم وضعي كالصحة والبطلان والعلية كعلية الملاقاة للنجاسة ، والعلامة كالسن والاحتلام ونبات الشعر بالنسبة إلى البلوغ ، والتقديرات كالكرية والمسافة ، والحج كحجية خبر العدل والثقة ، والبدلية كبدلية التيمم عن الوضوء والتراب عن الماء ، والتقبل كقبول العمل الناقص عوضا عن التام ، والضمان أعني كون الشيء على عهدة الشخص ، والجنابة والحرية والرقية والوكالة والشرطية والسببية والمانعية والقاطعية ونحوها.

الثاني : تقسيمه إلى الاقتضائي والإنشائي والفعلي والمنجز.

ولا يخفى عليك أن هذه الأقسام من مصطلحات بعض المتأخرين قدس‌سرهم والأكثرون منهم لا يقولون إلّا بالإنشائي والفعلي وأما بيان تلك المراتب الأربع :

فالأولى : مرتبة الاقتضاء وكون الحكم في تلك الرتبة معناه وجود المقتضي للجعل وكونه حسنا وذا مصلحة مع حصول مانع منه أو فقد شرط ، وإطلاق الحكم على هذه

١٢٢

المرتبة مع أن الموجود سببه ومقتضيه دون نفسه إطلاق مسامحي بلحاظ أن للمعلول والمقتضي نحو وجود في ضمن علته ومقتضيه ، فالمصلحة في البعث والزجر مثلا كأنها وجود لنفس تلك الأحكام كما لو ادعي فيما إذا وجد المادة التي تنقدح منها النار أن النار موجودة.

وقيل إنّه من هذا القبيل الأحكام الشرعية قبل بعثة النبي ص والحكم في هذه المرتبة يسمى حكما اقتضائيا شأنيا.

الثانية : مرتبة الإنشاء وهي فيما إذا تحقق إنشاء الحكم من الأمر لوجود مقتضيه وفقد مانعه إلّا أنه ليس له إرادة جدية بالنسبة إلى الفعل ولم يقصد إلزام المأمور لوجود مانع عن الإلزام فيطلق على الحكم في هذه المرتبة الحكم الإنشائي ، وكانت عدة من الأحكام في صدر الإسلام من هذا القبيل فكانت الواجبات عندئذ بحكم المستحبات والمحرمات بحكم المكروهات لا تستلزم مخالفتها العقوبة.

ومنه أيضا الأوامر الامتحانية والاعتذارية. والأحكام الواقعية التي قامت الأمارة على خلافها بناء على السببية أو جرت الأصول العملية في مواردها.

ومنه أيضا الحكم المستفاد من العموم بالنسبة إلى الأفراد الخارجة بالتخصيص قبل انكشاف وجود المخصص.

ولا يخفى عليك أن إطلاق الحكم على الإنشائي أيضا إطلاق مسامحي فإن الإنشاء بلا إرادة جدية التي هي روح الحكم كالجسد بلا روح والحكم حينئذ كصورة بلا حياة.

الثالثة : مرتبة الفعلية بأن أنشأه الآمر وحصلت الإرادة الجدية في نفسه وقصد الإلزام وتسجيل الأمر على المأمور ويسمى هذه المرتبة بالفعلية والحكم فيها حكم فعلي وهو الذي ينبغي إطلاق الحكم عليه حقيقة لكنه حينئذ فعلي فقط بلا حصول تنجز ولا ترتب عقاب على تركه ما دام لم يلتفت إليه المكلف ولم تقم أمارة على خلافه.

الرابعة : مرتبة التنجز بأن يعلم المكلف بالحكم الفعلي أو يقوم عنده الأمارة عليه فيبلغ حينئذ مرتبة التنجز ويسمى حكما منجزا ويترتب على تركه العقوبة.

هذا وقد أشرنا إلى أن الأكثر قسموه إلى قسمين وذهبوا إلى أنه قبل الإنشاء

١٢٣

لا حكم هنا أصلا فإذا أنشئ باللفظ حصل الحكم الإنشائي والشأني ، وحينئذ فإن لم يكن على طبقه إرادة جدية فهو إنشائي وشأني وإن حصلت الإرادة وقصد الإلزام به فهو فعلي ومنجز.

الثالث : تقسيمه إلى الواقعي الأولي والواقعي الثانوي والظاهري.

فالأول : هو الحكم المجعول على الأفعال والذوات بعناوينها الأولية الخالية عن قيد طرو العنوان الثانوي ، وقيد الشك في حكمه الواقعي ، كالوجوب المرتب على صلاة الصبح والحرمة المرتبة على شرب الخمر والطهارة والنجاسة المرتبتين على الماء والبول ، فيطلق عليها الأحكام الواقعية وعلى متعلقاتها الموضوعات الواقعية.

والثاني : هو الحكم المرتب على الموضوع المتصف بوصف الاضطرار والإكراه ونحوهما من العناوين الثانوية غير عنوان مشكوك الحكم ، فإذا كان صوم شهر رمضان ضرريا أو حرجيا على أحد أو أكره على الإفطار كان جواز الإفطار أو حرمة الإمساك حكما واقعيا ثانويا والموضوع المعنون بتلك العناوين موضوعا ثانويا ، وكذا إذا أمر الوالد ولده بصوم أول شهر رجب مثلا أو نذره الشخص أو شرطه في ضمن عقد لازم أو صار مقدمة لواجب يقال إن هذا الصوم بما هو صوم شهر رجب وبعنوانه الأولي مستحب وبعنوانه الثانوي واجب فاستحبابه حكم واقعي أولي ووجوبه واقعي ثانوي. وتسميته ثانويا لأنه في طول الواقع وموضوعه عنوان ثانوي عارض على العنوان الأولي الأصلي.

والثالث : هو الحكم المجعول عند الجهل بالواقع والشك فيه كالحكم المستفاد من أدلة اعتبار الأمارات وأدلة الأصول العملية ، فإذا أخبر العادل بوجوب صلاة الجمعة أو حرمة العصير وحكم الشارع بتصديقه فإن قلنا فيه بالسببية وإن مرجع وجوب التصديق إلى جعل الوجوب التكليفي للصلاة والحرمة التكليفية للعصير كان المجعول حكما تكليفيا ظاهريا لكونه مجعولا لدى الجهل بالواقع.

وإن قلنا فيه بالطريقية وإن مفاد دليل الاعتبار جعل الحجية أو الطريقية لقول العادل كان ذلك حكما وضعيا ظاهريا.

وإذا شككنا في حكم صلاة الجمعة وكانت الحالة السابقة هي الوجوب فالحكم

١٢٤

بالوجوب لأجل الاستصحاب حكم ظاهري موضوعه الشك في الحكم الواقعي ، وكذا الحكم بالإباحة عند الشك في الحلية والحرمة بدوا والحكم بالتخيير في مورد دوران الأمر بين المحذورين والحكم بالاحتياط في مورد العلم الإجمالي ، ثم إن الفرق بين الحكم الأماري والأصلي مضى تحت عنوان الأمارة.

الرابع : تقسيمه إلى المولوي والإرشادي وقد مضى تحت عنوان الأمر.

١٢٥

الحكومة

يظهر من عبائرهم أن الحكومة عبارة عن كون دليل ناظرا إلى حال دليل آخر وشارحا ومفسرا لمضمونه سواء كان ناظرا إلى موضوعه أم إلى محموله وسواء كان النظر بنحو التوسعة أم التضييق وسواء كان دلالة الناظر بنحو المطابقة أم الالتزام وسواء كان متقدما أم متأخرا ، فيسمى الدليل الناظر حاكما والمنظور إليه محكوما.

فإذا ورد قوله أكرم العلماء وورد قوله إن الفاسق ليس بعالم كان الثاني ناظرا ومفسرا للأول وحاكما عليه إذ من المعلوم أن نفي الشارع عالمية الفاسق ليس على نحو الحقيقة بل يرجع ذلك إلى نفي وجوب الإكرام فهذا الدليل ناظر إلى ذلك ومفسر له وهو معنى الحكومة.

ثم إن للحكومة بهذا المعنى مصاديق كثيرة وأمثلة مختلفة لا بأس بالإشارة إلى بعضها لإيضاح معنى الحكومة.

منها : أن يكون دليل نافيا لموضوع دليل آخر تعبدا لا حقيقة ووجدانا كالمثال السابق ، وكما إذا ورد لا شك للمأموم مع حفظ الإمام فإذا شك المأموم بين الثلاث والأربع وكان الإمام حافظا للثلاث متيقنا لها فالدليل الثاني ينفي حكم الشك عن شك المأموم بلسان نفي الموضوع ويبين أنه ليس له البناء على الأكثر وإتيان صلاة الاحتياط

١٢٦

فيكون حاكما على قوله إذا شككت فابن على الأكثر ، وأنه لا يشمل شك المأموم مع حفظ الإمام ، وهذه حكومة بنحو تضييق دائرة الموضوع من المحكوم.

ولعل إلى هذا القسم ينظر كلام الشيخ قدس‌سره في رسائله حيث قال الحكومة هي الناظرية بحيث لو لا دليل المحكوم لكان دليل الحاكم لغوا.

ومنها : أن يكون دليل مثبتا لموضوع دليل آخر تعبدا لا وجدانا ، فإذا ورد أكرم العلماء وورد أن الملازم لخدمة العالم عالم فالدليل الثاني يثبت موضوعا للدليل الأول ، وحيث إن ذلك ليس بموضوع له وجدانا فيرجع تعميم الموضوع إلى تعميم الحكم وشموله لخادم العالم ومثله قوله «عليه‌السلام» : «الطواف بالبيت صلاة» بالنسبة إلى الأدلة التي تثبت للصلاة أحكاما خاصة وقوله كل مشكوك طاهر بالنسبة إلى قوله : «لا صلاة إلا بطهور» وهذا من قبيل النظر إلى الموضوع بنحو التوسعة.

ومنها : حكومة أدلة العناوين الثانوية على أدلة العناوين الأولية ، فإذا حكم الشارع بحرمة الخمر ووجوب الغسل والصوم فالحرمة والوجوب متعلقان بفعل المكلف بعنوانه الأولي أعني الشرب والغسل فإذا طرأ العسر أو الضرر على ترك الشرب وفعل الصوم فإنه يتعلق بهما بطرو هذا العنوان حكم الجواز بأدلة الحرج والضرر ، فالغسل الحرجي والضرري مورد لتعارض الدليلين بدوا فهو بما أنه غسل واجب وبما أنه فعل حرجي أو ضرري ليس بواجب ولكن دليل العنوان الثانوي مقدم.

فإن معنى قوله «عليه‌السلام» : «لا ضرر ولا ضرار» : لا حكم ضرري في الإسلام أو لا فعل ضرري ، فعلى الأول يكون ناظرا إلى أدلة الأحكام الواقعية وأن أحكامها لا تشمل الموارد التي تحقق فيها الحرج والضرر وعلى الثاني يكون المعنى لا وضوء ضرري ولا صوم ضرري فيكون نافيا لموضوعها ومضيقا لدائرته ، ومن هنا قيل إن تصرف الدليل الحاكم إما في عقد حمل دليل المحكوم أو في عقد وضعه فعلى الاحتمال الأول يكون النظر في هذه القاعدة إلى حكم الأدلة الأولية والتصرف تضييق في محمولها ، وعلى الثاني يكون النظر إلى الموضوع والتصرف تضييق في الموضوع.

ومن هذا القبيل أيضا حكومة قوله «عليه‌السلام» في حديث الرفع : «وما استكرهوا عليه وما اضطروا إليه» ، فإذا استكره الإنسان على شرب الخمر أو اضطر إليه يكون

١٢٧

الحديث رافعا لموضوع دليل حرمة الخمر تعبدا وهو معنى الحكومة.

ومنها : حكومة الأمارات على الاستصحاب على مبنى الشيخ قدس‌سره ، وبيانه أن مفاد دليل اعتبار الأمارة جعلها طريقا إلى الواقع فهي علم مجعول لا يعتنى بخلافه فقوله صدق العادل يدل بالمطابقة على لزوم الجري على وفقه وبالملازمة على عدم الاعتناء باحتمال مخالفته للواقع وإلغاء ذلك الاحتمال ، وحيث إن ذلك الاحتمال هو موضوع حكم الأصل كانت الأمارة نافية لحكم الأصل عن موضوعه بلسان نفي موضوعه وهو معنى الحكومة.

فإذا شككنا في حرمة العصير بعد الغليان ، فاحتمال الحلية والحرمة في الواقع موضوع للحكم بالحلية الظاهرية وهو حكم الأصل ، فإذا أخبر العادل بحرمته فاحتمال الحلية الواقعية وإن كان باقيا أيضا إذ الفرض أن الخبر ظني لا يفيد العلم ولكن مفاد دليل الاعتبار ينفي ذلك الاحتمال تعبدا ويحكم بعدم الاعتناء به وعدم ترتيب أثره عليه وهو الحلية الظاهرية.

ومنها : حكومة بعض الأصول العملية على بعض كالاستصحاب على البراءة وتقريبه أن موضوع البراءة الشرعية هو الفعل الذي لم يرد فيه نهي بالفعل وحكمه هو الإطلاق والإباحة لقوله «عليه‌السلام» : «كل شيء لك مطلق حتى يرد فيه نهي» ، فالمعنى كلما لم يرد فيه نهي بالفعل فهو حلال ، فإذا فرضنا مشكوكا ثبت له نهي في السابق كالعصير الذاهب ثلثاه بالشمس فهو وإن كان مشكوكا لم يرد فيه نهي بالفعل وحكمه الحلية إلّا أن دليل الاستصحاب وقوله من كان على يقين فشك فيه فليبن على يقينه حاكم بلزوم إبقاء النهي السابق وفرض هذا الموضوع مما ورد فيه النهي تعبدا فهو ناظر إلى دليل البراءة.

وبعبارة أخرى دليل البراءة مركب من جملتين مغياة وغاية والأولى كل ما لم يرد فيه نهي فهو حلال والثانية كل ما ورد فيه نهي فهو ليس بحلال ، والعصير المذكور وإن كان داخلا تحت الجملة الأولى دون الثانية وجدانا إلّا أن دليل الاستصحاب يخرجه عن موضوع الأولي ويدرجه في الثانية تعبدا وتنزيلا فهو حاكم على الجملة الأولى بنفي حكمها بلسان نفي الموضوع وعلى الجملة الثانية بإثبات حكمها بلسان إثبات الموضوع ،

١٢٨

كما أنه بالنسبة إلى دليل العنوان الأولي وهو قوله العصير إذا غلى يحرم المجمل من جهة دوام الحرمة وعدمه متمم لدلالته بحسب الظاهر.

تنبيهات :

الأول : قد ظهر مما قدمنا أن الفرق بين الحكومة والتخصيص من وجوه :

أولها : أن الحاكم ناظر وشارح بدلالته اللفظية للمحكوم بخلاف المخصص فإنه لا نظر له للعام ولا شرح له ولا تفسير ، وبعبارة أخرى قد صدر الحاكم لبيان حال المحكوم وساقه القائل مفسرا لتحديد حكمه أو موضوعه وصدر المخصص لبيان حكم مستقل من دون نظر من القائل إلى كونه شارحا لدليل آخر أم لا ، فيكون العام والخاص في مورد التصادم متعارضين من دون حكومة لأحد الطرفين ، وحيث إن الخاص يكون أظهر من العام غالبا في مورد التعارض يقدم عليه ، فلو فرض في مورد تساويهما ظهورا فهما يتساقطان ويرجع إلى الأصل أو فرض أظهرية العام فإنه يقدّم هو ويطرح الخاص سندا.

ثانيها : لحاظ الظهور والأظهرية في العام والخاص كما مر ولا يلاحظان في الحاكم والمحكوم بل يقدم الحاكم الظاهر في أقل مرتبة من الظهور على المحكوم ولو كان أظهر.

ثالثها : عدم لحاظ النسبة بين الحاكم والمحكوم ، ولذا قلنا بتقديم أدلة العناوين الثانوية كقوله لا ضرر ولا ضرار على دليل وجوب الصوم الضرري مع أن بينهما عموما من وجه ، فإن دليل لا ضرر يشمل غير الصوم كالوضوء والغسل الضرريين ودليل وجوب الصوم يشمل الصوم غير الضرري وكلاهما يشملان الصوم الضرري.

الثاني : لا يخفى عليك أن الورود والحكومة كما كانا جاريين في الأمارة والأصل كذلك يجريان في الخاص الوارد في مقابل العام فالخاص النص أو الأظهر قد يكون واردا على أصالة العموم وقد يكون حاكما.

بيانه أن لنا في طرف العام أصلا عقلائيا وهو الحكم باستعماله في معناه الحقيقي أعني الاستغراق عند الشك في استعماله فيه أو هو الحكم بعدم وجود القرينة عند

١٢٩

الشك في وجودها وعدمها واقعا ، ولهذا الأصل موضوع ومحمول ، موضوعه الشك في استعماله في معناه ومحموله الحكم باستعماله فيه وإرادته منه أو موضوعه احتمال وجود القرينة ومحموله الحكم بعدمها وإرادة الظاهر ، على المبنيين من أن حجية الظواهر من باب الظهور النوعي أو من باب أصالة عدم القرينة ، وحينئذ فإذا ورد خاص في قبال العام فإن كان قطعيا سندا ودلالة كان واردا على الأصل المذكور ، لأنه ينتفي الشك وجدانا ويحصل اليقين بوجود القرينة واستعمال العام في المعنى المجازي فينتفي موضوع الأصل اللفظي حقيقة وهو الورود وإن كان نصا ظني السند فمقتضى دليل اعتباره هو الحكم بصدوره تعبدا وكونه قرينة وأنه لم يستعمل العام في معناه الحقيقي فيكون الخاص بدليل اعتباره حاكما على أصالة العموم.

هذا كله على القول بأن العام المخصص مجاز مستعمل في غير ما وضع له كسائر المجازات ، وأما على القول بعدم المجازية فيه وأن التخصيص تصرف في الإرادة الجدية فالأصل العقلائي هو أصالة التطابق بين الاستعمال والإرادة والموضوع أيضا الشك في التطابق فيتصور فيه أيضا الورود والحكومة.

الثالث : قد تطلق الحكومة في مقابل الكشف ويراد بها حكومة العقل بحجية الظن بعد تمامية مقدمات الانسداد فراجع التنبيه الأخير من بحث الانفتاح والانسداد.

١٣٠

الحمل الأولي الذاتي والحمل الشائع الصناعي

لا إشكال في لزوم نحو من الاتحاد بين الموضوع والمحمول وإلّا لبطل حمله عليه. والاتحاد يتصور على أقسام ثلاثة :

الأول : الاتحاد مفهوما وماهية ووجودا كقولك في مقابل من يتوهم إمكان سلب الشيء عن نفسه الإنسان إنسان فبين الموضوع والمحمول اتحاد في المراحل الثلاث.

الثاني : الاتحاد ماهية ووجودا مع الاختلاف في المفهوم ، كقولك الإنسان حيوان ناطق فبين المفهومين اختلاف بالإجمال والتفصيل واتحاد في المقامين أي الماهية والوجود.

الثالث : الاتحاد في الوجود مع الاختلاف في المفهوم والماهية كقولك زيد إنسان وعمرو جسم.

ويطلق على الحمل في القسمين الأولين حمل الكلي على الكلي والحمل الأولي الذاتي ، وعلى القسم الثالث حمل الكلي على الفرد والحمل الشائع الصناعي أما كونه شائعا فلشيوعه في الاستعمالات بين الناس وأما كونه صناعيا فلاستعماله عند أهل الصناعات وأرباب العلوم.

١٣١

الدلالة

وهي تنقسم بتقسيمات :

منها : تقسيمها إلى دلالة المطابقة والتضمن والالتزام.

فالأولى : دلالة اللفظ على تمام ما وضع له كدلالة لفظ الإنسان على الحيوان الناطق ، ودلالة الدار على جميع ما تحويه وتحيط به جدرانها.

والثانية : دلالة اللفظ على جزء معناه كدلالة لفظة زيد على رأسه ورجليه.

والثالثة : دلالة اللفظ على لازم معناه كدلالة الشمس على الضوء والإنسان على تعقله وكتابته.

ومنها : تقسيمها إلى الدلالة التصورية والتصديقية ، فقد قيل إن اللفظ الموضوع الصادر من المتكلم له دلالتان.

الأولى : الدلالة التصورية وهي خطور معنى اللفظ في الذهن عند سماعه وكون سماعه موجبا لتصور معناه ، وهذه الدلالة تتوقف من طرف السامع على أمور ثلاثة : سماع اللفظ وكونه موضوعا وعلم السامع بالوضع ، ومن جانب اللافظ لا شرط لها بل لو صدر اللفظ من وراء الجدار من لافظ بلا شعور واختيار حصلت هذه الدلالة.

الثانية : الدلالة التصديقية ، وهي دلالة اللفظ على كون المعنى مرادا لقائله فتكون سببا لتصديقك بأن اللافظ مريد مفاد لفظه ، فإذا قال أحد زيد قائم تقول إنه يعتقد

١٣٢

قيام زيد وإن مراده الإخبار بقيامه ، وهذه الدلالة للفظ ثابتة مسلمة عند العقلاء وهي المعبر عنها بحجية الظواهر.

ومنها : تقسيمها إلى دلالة الاقتضاء والإيماء والإشارة.

أما الاقتضاء فهي دلالة الكلام على أمر مقصود للمتكلم دلالة التزامية عقلية أو شرعية ، من جهة توقف صحة الكلام عقلا أو شرعا على إرادة القائل ذلك المعنى ، بحيث لو لم يكن من قصده ذلك لعد غالطا في كلامه فدلالة الاقتضاء على قسمين عقلية وشرعية.

مثال الأولى دلالة قوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) على كون المسئول أهل القرية لأنفسها ، فهذه الدلالة مقصودة بالملازمة العقلية للقائل وتتوقف صحة الكلام بحكم العقل على كون المراد ذلك.

ومثال الثانية كما في قول القائل بع مالي عنك أو أعتق عبدي عنك ، فإن الكلامين يدلان على قصد المتكلم تمليك ماله للمخاطب قبل بيعه وعتقه حتى يجوز له البيع والعتق عن نفسه ، فإنه لا بيع إلّا في ملك ولا عتق إلّا في ملك ، كما أن إقدام المخاطب على البيع والعتق بالشروع في الإنشاء ، يدل على قبول ذلك التمليك وقصده لتملكه المال قبلهما ، فدلالة كلام الآمر بالبيع على التمليك من دلالة الاقتضاء بحكم الشرع ، ودلالة بيع المخاطب وعتقه على التملك أيضا من قبيل تلك الدلالة.

ومن ذلك أيضا قول من عليه الكفارة لمخاطبه الذي له مملوك : أعتق عبدك عني وأنشأ المخاطب عتق عبده بعد طلبه هنا فإن الكلام الأول يدل بدلالة الاقتضاء الشرعية على طلب تمليك العبد له وبيعه منه بذلك الثمن قبل العتق ، والكلام الثاني يدل بتلك الدلالة على قبول استدعائه بتمليكه العبد وبيعه منه ، فالكلامان يدلان اقتضاء على بيع بينهما حاصل بإيجاب ضمني وقبول كذلك.

وأما دلالة الإيماء والإشارة فكدلالة قوله : «عليه‌السلام» : «كفّر» عقيب قول القائل إني واقعت أهلي في نهار شهر رمضان ، هذا الأمر بإعطاء الكفارة بعد ذلك السؤال لا يخلو عن الإشارة إلى علية الجماع لوجوب الكفارة ولذا يتعدى من المخاطب إلى غيره ، ومن الأهل إلى غيرها.

١٣٣

الدليل العقلي والنقلي

قد يطلق الدليل ويراد به الأمارة التي تقابل الأصل وقد مر بيانه بهذا المعنى تحت عنوان الأمارة.

وقد يطلق ويراد به القياس المؤلف من صغرى وكبرى وهو بهذا اللحاظ ينقسم إلى أقسام ثلاثة ، دليل نقلي ، ودليل عقلي مستقل ، ودليل عقلي غير مستقل ويطلق عليه العقلي الظني أيضا.

أما القسم الأول : فهو القياس الذي كانت الكبرى المأخوذة فيه شرعية سواء كانت الصغرى أيضا شرعية أم لا ، كقولك الماء المشكوك في طهارته طاهر وكل طاهر يجوز شربه فالماء المشكوك في طهارته كذلك فالكبرى والصغرى شرعيتان ، وكقولك هذا خمر وكل خمر حرام فهذا حرام فالكبرى فقط فيه شرعية.

وأما القسم الثاني : فهو القياس الذي كانت مقدمتاه عقليتين كقولك العالم ممكن وكل ممكن محتاج إلى مؤثر فالعالم محتاج إلى مؤثر.

وأما القسم الثالث : فهو القياس الذي كانت الكبرى المأخوذة فيه عقلية والصغرى غير عقلية وأمثلتها كثيرة أشار الشيخ قدس‌سره في الرسائل إلى عدة منها.

فمنها : الاستصحاب على القول بكونه حجة من جهة العقل ، فتقول وجوب صلاة

١٣٤

الجمعة مظنون البقاء وكل مظنون البقاء باق بحكم العقل فالوجوب باق بحكم العقل فالوجوب باق فهذا الدليل عقلي غير مستقل أما كونه عقليا فلأن لزوم إبقاء كل مظنون البقاء وترتيب آثار البقاء عليه يكون على هذا القول بحكم العقل فالكبرى عقلية ، وأما كونه غير مستقل فلأن الصغرى وجدانية من حيث النسبة الكلامية وشرعية من حيث الموضوع.

ومنها : القياس وكيفية تأليف الشكل فيه أن تقول مثلا إن النبيذ مسكر وكل مسكر حرام لاستنباطه من قوله الخمر حرام فالنبيذ حرام.

ومنها : الاستحسان والقياس المؤلف فيه أن يقول الفقيه حرمة العصير مما يترجح في ذهني بملاحظة أشباهه وموارد تناسبه وكل حكم ترجح في ذهني لذلك فهو حكم الله فحرمة العصير حكم الله والكبرى فيه عقلية.

ومنها : المفاهيم فتقول في مفهوم الوصف وجوب الزكاة علق على وصف السوم في قوله «عليه‌السلام» : «في الغنم السائمة زكاة» وكل ما علق عليه الحكم في الكلام ينتفي الحكم عند انتفاء ما علق عليه فالوجوب ينتفي عند عدم السوم ، وكذلك تقول في مفهوم الشرط ونحوه فهذا الدليل عقلي غير مستقل لكون كبراه فقط عقلية.

ومنها : الاستلزامات والمراد منها الملازمة بين وجوب الشيء وحرمة ضده أو وجوب الشيء ووجوب مقدمته فتقول الصلاة واجبة وكل واجب تجب مقدمته أو يحرم ضده فالصلاة كذلك فالكبرى عقلية والصغرى شرعية.

١٣٥

الدور

قد يعرف الدور بأنه توقف الشيء على نفسه ، وقد يعرف بأنه توقف الشيء على ما يتوقف عليه ، ولا إشكال في أن إثبات دورية شيء يتوقف على تشكيل شبه قياس مؤلف من صغرى وكبرى ، فنقول مثلا إن الألف موقوف على الباء والباء موقوف على الألف فالألف موقوف على الألف ، فمن عرفه بالتعريف الأول فهو ناظر في تعريفه إلى النتيجة في المثال وتعريفه ينطبق عليها ، ومن عرفه بالتعريف الثاني فنظره إلى الكبرى وتعريفه ينطبق عليها.

وعلى أيّ تقدير فإن تم إثبات الدورية بكبرى واحدة في قياس الدليل كالمثال المذكور سمي ذلك دورا مصرحا وإن احتاج إلى ضم كبرى أخرى إلى الكبرى الأولى سمي ذلك دورا مضمرا ، وحينئذ فإن كانت الكبرى الزائدة واحدة يسمى مضمرا بواسطة وإن كانت اثنتين فمضمرا بواسطتين وهكذا فقولك الألف موقوف على الباء والباء موقوف على التاء والتاء موقوف على الألف دور مضمر بواسطة وإن زدت عليه قولك والتاء موقوف على الثاء مثلا كان مضمرا بواسطتين.

تنبيه :

١٣٦

لا إشكال ولا خلاف في بطلان الدور وهل الوجه في ذلك كون توقف الشيء على نفسه مما يدرك العقل بطلانه بنفسه كاجتماع الضدين والنقيضين ، أو الوجه فيه استلزامه تقدم الشيء على نفسه إذ الشيء لو توقف على نفسه لزم أن يوجد أولا مقدمة لوجوده ثم يوجد ثانيا ، أو استلزامه اجتماع النقيضين أي وجود الشيء وعدمه في وقت واحد فإن الشيء إذا وجد أولا مقدمة لوجوده ثانيا لزم على الفرض عدم وجوده في حال وجوده أولا وجوه ، وعلى الوجهين الأخيرين فالدور أمر وملاك بطلانه أمر آخر من تقدم الشيء على نفسه أو اجتماع النقيضين وفي بعض الموارد يوجد ملاك الدور دون نفسه فيقال إن هذا المطلب باطل لوجود ملاك الدور فيه.

١٣٧

السببية والطريقية

هما وصفان عارضان للأمارة الحاكية عن الحكم الشرعي أو عن موضوع ذي حكم شرعي.

توضيحه : أنه ذهب فريق من الأصوليين إلى أن قيام الأمارة على حكم أو موضوع سبب لحدوث حكم تكليفي نفسي ظاهري على طبقها ، كانت الأمارة مصيبة أو مخطئة ، فمعنى جعل الأمارة وإمضائها من ناحية الشارع جعل حكم ظاهري على وفقها طابق الحكم الواقعي أو خالفه ، فإذا أخبر العدل مثلا بوجوب صلاة الجمعة ، أو بحرمة العصير تولد من الأول حكم وجوبي متعلق بصلاة الجمعة ، ومن الثاني حكم تحريمي متعلق بشرب العصير ، فيطلق على هذا النحو من التأثير للأمارة السببية والموضوعية.

وذهب آخرون إلى عدم تأثير الأمارة في حدوث حكم تكليفي ، وليس معنى جعل الأمارة إلّا إعطاء الطريقية لها وجعلها علما تعبديا تنزيليا ليترتب عليها آثار العلم من تنجيز الواقع في صورة الإصابة والعذر عن مخالفتها في صورة الخطاء فالمجعول فيها حكم وضعي لا تكليفي فكما أن القطع الوجداني بالوجوب أو الحرمة لا أثر له إلّا التنجيز والعذرية فكذلك الأمارة ويطلق على هذه الصفة للأمارة الطريقية.

١٣٨

تنبيهات :

الأول : يفرق بين السببية والطريقية في الأمارة بأمور :

أحدها : وجود مصلحة في تبعية الأمارة وترتيب الأثر عليها على الأول وهذه المصلحة هي التي أوجبت جعل الحكم النفسي على وفقها ، بخلاف الثاني فإنه لا مصلحة في سلوكها غير إدراك الواقع لو اتفق.

ثانيها : جعل الحكم التكليفي النفسي على طبقها بناء على الأول وجعل الحكم الوضعي على الثاني.

ثالثها : سقوط الحكم الواقعي عن الفعلية في صورة إصابة الأمارة وخطائها على الأول.

إذ يستلزم بقاؤه على الفعلية مع فرض كون الحكم الظاهري فعليا أيضا اجتماع المثلين أو الضدين ، وهذا بخلاف الثاني فإنه عليه يتنجز الواقع لدى الإصابة ويسقط عن الفعلية لدى المخالفة.

رابعها : كون مخالفة الأمارة أصابت أم أخطأت ، عصيانا للشارع ناشئا من جهة مخالفة الحكم الظاهري بلا محذور من ناحية الواقع على الأول وكونها عصيانا من جهة مخالفة الواقع في صورة الإصابة وكونها تجريا في صورة الخطاء على الثاني.

خامسها : حصول الإجزاء في بعض الموارد على الأول دون الثاني ، فإذا أخبر العدل بعدم جزئية السورة للصلاة أو عدم مانعية لبس الحرير فيها ثم انكشف الخلاف بعد العمل صحت على الأول وبطلت على الثاني.

الثاني : ظاهر الأدلة الدالة على حجية الأمارات من السيرة العقلائية والأخبار الواردة هي الطريقية لا السببية ، فإن العقلاء لا يعملون بأخبار الثقة عندهم أو بظاهر الكلام مثلا إلّا لتوقع الوصول إلى الواقع المحكي بهما فلا مصلحة عندهم في تبعيتها إلّا النيل إلى الواقع ولا مفسدة لديهم في مخالفتها إلّا فوت الواقع من دون نفسية في سلوكها ومصلحة تعبدية في موافقتها.

كما أن العرف أيضا لا يفهمون من ظواهر الأدلة الشرعية المثبتة لحجيتها والباعثة على العمل على طبقها إلّا إمضاء عمل العقلاء وتثبيت ما هم عليه وهذا هو الطريقية.

١٣٩

الثالث : قد يتوهم أن القول بالسببية هو القول بالتصويب المجمع على بطلانه عند الإمامية ولكنه توهم فاسد فإنا قد ذكرنا تحت عنوان التخطئة والتصويب أن للتصويب أقساما ثلاثة ، وأن القسمين الأولين داخلان في التصويب الباطل والقسم الثالث الذي يساوق السببية فيما نحن فيه إما ليس بتصويب أو ليس بباطل فراجع.

١٤٠