نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ٣

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ٣

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٣٨

أحاديث المنهاج ) و ( التلخيص الحبير ) و ( التقرير والتحبير ) و ( المرقاة ) و ( نسيم الرياض ) و ( الصبح الصادق ) و ( فواتح الرحموت ) كما ستعرف ذلك كله ان شاء الله تعالى.

هذا ، وقد نقل ابن حزم في رسالته المذكورة كلام البزار المتقدم سابقا وأيده كما سيأتي عن ( البحر المحيط ) وغيره ، كما قدح فيه في كتابه ( الاحكام في أصول الاحكام ) أيضا.

٧ ـ البيهقي

لقد ضعف البيهقي حديث النجوم في ( المدخل ) ، فقد قال الحافظ العراقي ما نصه : « ورواه البيهقي في المدخل من حديث عمر ومن حديث ابن عباس بنحوه ، ومن وجه آخر مرسلا وقال : متنه مشهور وأسانيده ضعيفة ، لم يثبت في هذا اسناد » (١).

وسيأتي عن ( تخريج أحاديث الكشاف ) أيضا.

ومن هنا يظهر خيانة ( الدهلوي ) ، إذ نقل الحديث برواية ابن عباس عن ( المدخل ) وسكت عن تضعيف البيهقي إياه ..

على أن البيهقي قد طعن فيه في كتابه ( الاعتقاد ) أيضا ، حيث حكم في سنده الذي فيه عبد الرحيم بن زيد بأنه غير قوي ، وفي سنده عن الضحاك بأنه حديث منقطع ، كما سيأتي عن ابني حجر وأمير الحاج ..

٨ ـ ابن عبد البر

قال الحافظ أبو عمرو وابن عبد البر بعد كلام البزار والمزني المتقدمين : ـ « قال أبو عمرو : قد روى أبو شهاب الحناط عن حمزة الجزري عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم انما أصحابي مثل

__________________

(١) تخريج أحاديث المنهاج ـ مخطوط.

١٢١

النجوم ، فأيهم أخذتم بقوله اهتديتم. وهذا اسناد لا يصح ولا يرويه عن نافع من يحتج به ، وليس كلام البزار بصحيح على كل حال ، لان الاقتداء بأصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم منفردين انما هو لمن جهل ما يسأل عنه ، ومن كانت هذه حاله فالتقليد لازم له ، ولم يأمر أصحابه أن يقتدي بعضهم ببعض إذا تأولوا تأويلا سائغا جائزا ممكنا في الأصول ، وانما كل واحد منهم نجم جائز أن يقتدي به العامي الجاهل ، بمعنى ما يحتاج اليه من دينه ، وكذلك سائر العلماء من العامة ، والله أعلم.

وقد روي في هذا الحديث اسناد غير ما ذكر البزار عن سلام بن سليم قال حدثنا الحارث بن غصين عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهديتم. قال أبو عمرو : هذا اسناد لا تقوم به حجة ، لان الحارث بن غضين مجهول » (١).

وقد ذكرنا فوائد هذا الكلام ـ مع الاعتراض على بعضه ـ في القسم الثاني من مجلد حديث ( مدينة العلم ).

٩ ـ ابن عساكر

لقد صرح الحافظ ابن عساكر بضعف هذا الحديث ، كما ستعرف ذلك من ( فيض القدير ) ان شاء الله.

ترجمة ابن عساكر

وقد ترجم لابن عساكر وأثنى عليه جماعة كبيرة من أصحاب المعاجم الرجالية وكتب التاريخ منهم :

ياقوت الحموي في ( معجم الأدباء ١٣ / ٧٣ ـ ٨٧ ).

ابن خلكان في ( وفيات الأعيان ٢ / ٤٧١ ).

__________________

(١) جامع بيان العلم ٢ / ٩٠ ـ ٩١.

١٢٢

الذهبي في ( تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٢٨ ) و ( دول الإسلام ٢ / ٨٥ ).

اليافعي في ( مرآة الجنان ٣ / ٣٩٣ ).

السبكي في ( طبقات الشافعية ٤ / ٢٧٣ ).

ابو الفداء الايوبي في ( المختصر في اخبار البشر ٣ / ٥٩ ).

ابن الوردي في ( تتمة المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٢٤ ).

جلال الدين السيوطي في ( طبقات الحفاظ ٤٧٤ ).

الاسنوي في ( طبقات الشافعية ٢ / ٢١٦ ).

الخوارزمي في ( جامع مسانيد أبي حنيفة ).

وقد ذكرنا ترجمته بالتفصيل في مجلد ( حديث الطير ).

١٠ ـ ابن الجوزي

لقد أورده الحافظ ابن الجوزي في ( العلل المتناهية ) قائلا : « روى نعيم بن حماد قال نا عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن عمر ابن الخطاب قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سألت ربي فيما يختلف فيه أصحابي من بعدي ، فأوحى الي يا محمد ان أصحابك عندي بمنزلة النجوم في السماء ، بعضها أضوء من بعض ، فمن أخذ بشيء مما هم عليه من اختلافهم فهو على هدى.

قال المؤلف : وهذا لا يصح ، نعيم مجروح ، وقال يحيى بن معين : عبد الرحيم كذاب » (١).

١١ ـ ابن دحية

وقد قدحه الحافظ ابن دحية قال الحافظ العراقي : « وقال ابن دحية ـ وقد ذكر حديث أصحابي كالنجوم ـ حديث لا يصح » (٢).

__________________

(١) العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ١ / ٢٨٣.

(٢) تعليق تخريج أحاديث المنهاج ـ مخطوط.

١٢٣

ترجمة ابن دحية

وترجم لابن دحية :

ابن خلكان في ( وفيات الأعيان ٣ / ١٢١ ).

والسيوطي في ( بغية الوعاة ٢ / ٢١٨ ) و ( حسن المحاضرة ١ / ٣٥٥ ).

والمقري في ( نفح الطيب ٢ / ٣٠١ ).

والزرقاني في ( شرح المواهب اللدنية ١ / ٧٩ ـ ٨٠ ).

وقد ذكرنا ترجمته في مجلد ( حديث الولاية ).

١٢ ـ أبو حيان

لقد قال الحافظ أبو حيان الاندلسي القول الفصل في حديث النجوم ، وهذا نص كلامه :

« قال الزمخشري فان قلت : كيف كان القرآن تبيانا لكل شيء؟

قلت : المعنى انه بين كل شيء من أمور الدين حيث كان نصا على بعضها ، واحالة على السنة حيث امر باتباع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وطاعته ، وقيل « وما ينطق عن الهوى » وحثا على الإجماع في قوله ( وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ) ، وقد رضي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لامته اتباع أصحابه والاقتداء بآثاره في قوله : أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ، وقد اجتهدوا وقاسوا ووطئوا طرق القياس والاجتهاد ، فكانت السنة والإجماع والقياس مستنده الى تبيين الكتاب ، فمن ثم كان تبيانا لكل شيء.

وقوله : وقد رضى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم « الى قوله » اهتديتم ، لم يقل ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وهو حديث موضوع لا يصح بوجه عن رسول الله ، قال الحافظ أبو محمد على بن أحمد بن حزم في رسالته في إبطال الرأي والقياس والاستحسان والتعليل والتقليد ما نصه : وهذا خبر مكذوب عن النبي صلّى الله عليه وسلّم مما في أيدي العامة ترويه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم انه قال : انما مثل أصحابى كمثل النجوم ـ أو كالنجوم ـ بأيها اقتدوا

١٢٤

اهتدوا. وهذا كلام لم يصح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ، رواه عبد الرحيم بن زيد العمى عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم.

وانما أتى ضعف هذا الحديث من قبل عبد الرحيم ، لان أهل العلم سكتوا عن الرواية لحديثه ، والكلام أيضا منكر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يثبت ، والنبي لا يبيح الاختلاف بعده من أصحابه. هذا نص كلام البزار.

قال ابن معين : عبد الرحيم بن زيد كذاب ليس بشيء ، وقال البخاري : هو متروك.

ورواه ايضا حمزة الجزري. وحمزة هذا ساقط متروك » (١).

ترجمة أبى حيان

وقد ترجم صلاح الدين الصفدي أبا حيان بما هذا ملخصه : « الشيخ الامام الحافظ العلامة فريد العصر وشيخ الزمان وامام النحاة أثير الدين أبو حيان الغرناطي ، لم أر في أشياخي أكثر اشتغالا منه ، لاني لم أره الا يسمع أو يشتغل أو يكتب ، ولم أره على غير ذلك ، وهو ثبت فيما ينقله ، محرر لما يقوله ، عارف باللغة ، ضابط لالفاظها ، وأما النحو والتصريف فهو امام الدنيا فيهما ، لم يذكر معه في أقطار الأرض غيره في العربية ، وله اليد الطولى في التفسير والحديث والشروط والفروع وتراجم الناس وطبقاتهم وتواريخهم وحوادثهم ، وله التصانيف التي سارت وطارت وانتشرت وانتثرت وقرئت ودرست ونسخت وما نسخت ، أخملت كتب الأقدمين وألهت المقيمين بمصره والقادمين ، وقرأ الناس عليه وصاروا أئمة وأشياخا في حياته » (٢).

وذكره الذهبي في ( المعجم المختص ) والكتبي في ( فوات الوفيات ٤ / ٧١ ).

__________________

(١) البحر المحيط ٥ / ٥٢٧ ـ ٥٢٨ ، النهر الماد من البحر المحيط.

(٢) الوافي بالوفيات ٥ / ٢٦٧.

١٢٥

والسبكي وقال : « شيخنا وأستاذنا أبو حيان شيخ النحاة ، العلم الفرد والبحر الذي لا يعرف الجزر بل المد ... وكان الشيخ أبو حيان اماما منتفعا به اتفق أهل العصر على تقديمه وإمامته ونشأت أولادهم على حفظ مختصراته وآباؤهم على النظر في مبسوطاته ، وضربت الأمثال باسمه مع صدق اللهجة وكثرة الإتقان والتحري ، وسدد طرفا صالحا من الفقه ... » (١).

وقال الاسنوي بترجمته : « امام زمانه في علم النحو ، وصاحب التصانيف المشهورة فيه وفي التفسير شرقا وغربا والتلاميذ المنتشرة ، كان أيضا اماما في اللغة ، عارفا بالقراءات السبع والحديث ، شاعرا مجيدا ، وكان صادق اللهجة كثير الإتقان والتحري ، ملازما على الاشتغال الى آخر وقت ، كثير الاستحضار واشتغل بالفروع اشتغالا قليلا ... » (٢).

وترجم له ابن الجزري فقال : « الامام الحافظ الأستاذ شيخ العربية والأدب والقراءات مع العدالة والثقة. قال الذهبي : ومع براعته الكاملة في العربية له يد طولى في الفقه والآثار والقراءات واللغات ، وله مصنفات ... وهو فخر أهل مصر في وقتنا في العلم ، تخرج به جماعة ... » (٣).

ذكره ابن حجر ونقل عن الكمال في ترجمته : « شيخ الدهر وعالمه ، ومحيي الفن الاول بعد ما درست معالمه ، وبحر اللسان العربي فلا يقار به أحد فيه ولا يقاومه ، وذكر أنه لازمه من سنة ثماني عشرة الى أن مات ، وذكر جملة كثيرة من شيوخه ، وذكر تصانيفه وذكر أنه كان صدوقا حجة سالم العقيدة من البدع الفلسفية والاعتزال والتجسيم ، وجرى على مذهب أهل الأدب في الميل الى محاسن الشباب ومال الى مذهب أهل الظاهر ، والى محبة علي بن أبي طالب والتجافي عمن قاتله ، وكان يتأول قوله « لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق » وكان كثير الخشوع ، يبكي عند قراءة القرآن وعند

__________________

(١) طبقات الشافعية ١ / ٤٧٥.

(٢) طبقات الشافعية ١ / ٤٥٧.

(٣) طبقات القراء ٢ / ٢٨٥.

١٢٦

الأبيات الغزلية ، وقال : وامتدحه الأعيان ... » (١).

وبنحو ذلك ترجم له وذكره السيوطي في ( بغية الوعاة ١٢١ ) والأسدي في ( طبقات الشافعية ـ ٣ / ٢٢٠ ) والشوكاني في ( البدر الطالع ٢ / ٢٨٨ ) وغيرهم.

١٣ ـ الذهبي

لقد قدح الذهبي حديث النجوم في مواضع عديدة ، منها بترجمة « جعفر ابن عبد الواحد الهاشمي » حيث قال بعد كلمات العلماء الأعيان في جرحه : « ومن بلاياه عن وهب بن جرير عن أبيه عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم : أصحابي كالنجوم من اقتدى بشيء منها اهتدى » (٢).

ومنها بترجمة « زيد العمي » حيث قال بعد إيراده : « فهذا باطل » (٣).

ومنها بترجمة « عبد الرحيم بن زيد » (٤).

١٤ ـ ابن مكتوم

وقدحه تاج الدين ابن مكتوم القيسي ، حيث نقل كلمات شيخه أبي حيان المتقدمة سابقا عن تفسيريه ، في كتابه ( الدر اللقيط من البحر المحيط ـ المطبوع بهامش البحر المحيط ) بعين ألفاظها.

ترجمة ابن مكتوم

وقد أثنى على ابن مكتوم وترجم له الصفدي ، والجزري في ( طبقات

__________________

(١) الدرر الكامنة ٥ / ٧٠.

(٢) ميزان الاعتدال ١ / ٤١٣.

(٣) ميزان الاعتدال ٢ / ١٠٢.

(٤) ميزان الاعتدال ٢ / ٦٠٥.

١٢٧

القراء ١ / ٧٠ ) وجلال الدين السيوطي في ( طبقات النحاة ) و ( حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة ١ / ٤٧ ).

وذكره ابن حجر العسقلاني فقال : « كان قد تقدم في الفقه والنحو واللغة ودرس وناب في الحكم ، وجمع من تفسير أبي حيان مجلدا سماه ( الدر اللقيط من البحر المحيط ) قصره على مباحث مع ابن عطية والزمخشري » (١).

وقد ذكرنا ترجمته في القسم الثاني من مجلد ( حديث الغدير ).

١٥ ـ ابن القيم

وطعن ابن قيم الجوزية في حديث النجوم ، حيث قال في الرد على المقلدين : « الوجه الخامس والأربعون قولهم : يكفي في صحة التقليد الحديث المشهور : أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم.

جوابه من وجوه : أحدها ان هذا الحديث قد روي من طريق الأعمش عن أبي سفيان عن جابر ، ومن حديث سعيد بن المسيب عن ابن عمر ، ومن طريق حمزة الجزري عن نافع عن ابن عمر.

ولا يثبت شيء منها.

قال ابن عبد البر : حدثنا محمد بن ابراهيم بن سعيد أن أبا عبد الله ابن مفرح حدثهم ثنا محمد بن أيوب الصموت قال قال لنا البزار : وأما ما يروى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم : أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ، فهذا الكلام لا يصح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم » (٢).

١٦ ـ الزين العراقي

وقال الحافظ زين الدين العراقي ما نصه : « حديث أصحابي

__________________

(١) الدرر الكامنة ١ / ١٧٤.

(٢) اعلام الموقعين ٢ / ٢٢٣.

١٢٨

« كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم » رواه الدار قطني في الفضائل وابن عبد البر في العلم من طريقه من حديث جابر وقال : هذا اسناد لا تقوم به حجة ، لان الحارث بن غصين مجهول ، ورواه عبد بن حميد في مسنده من رواية عبد الرحيم بن زيد العمى عن أبيه عن ابن المسيب عن ابن عمر ، قال البزار : منكر لا يصح.

ورواه ابن عدي في الكامل من رواية حمزة بن أبي حمزة النصيبي عن نافع عن ابن عمر بلفظ فأيهم أخذتم بقوله ـ بدل اقتديتم ـ واسناده ضعيف من أجل حمزة فقد اتهم بالكذب.

ورواه البيهقي في المدخل من حديث عمر ومن حديث ابن عباس بنحوه ومن وجه آخر مرسلا وقال : متنه مشهور وأسانيده ضعيفة لم يثبت في هذا اسناد. وقال ابن حزم : مكذوب موضوع باطل ، قال البيهقي : ويؤدي بعض معناه حديث أبي موسى : النجوم أمنة لأهل السماء ، وفيه أصحابي أمنة لامتي ، الحديث ، رواه مسلم » (١).

وقال الزين العراقي : « قال ابن دحية ـ وقد ذكر حديث أصحابي كالنجوم ـ : حديث لا يصح ، ورواه القضاعي قال : أنبأنا أبو الفتح منصور ابن علي الانماطي ، أنبأ أبو محمد الحسن بن رشيق ، أنبأ محمد بن جعفر بن محمد ، حدثنا جعفر ـ يعني ابن عبد الواحد ـ أنبأ وهب بن جرير بن حازم عن أبيه عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : مثل أصحابي مثل النجوم من اقتدى بشيء منها اهتدى.

قال الدارقطني : جعفر ابن عبد الواحد كان يضع الحديث ، وقال أبو أحمد بن عدي : كان يتهم بوضع الحديث ، لا يصح » (٢). هذا وسيأتي عن ( نسيم الرياض ) اعتراض العراقي على القاضي

__________________

(١) تخريج أحاديث المنهاج ـ مخطوط.

(٢) تعليق تخريج أحاديث المنهاج ـ مخطوط.

١٢٩

عياض إيراده حديث النجوم بصيغة الجزم.

ترجمة الزين العراقي

وقد ترجم للزين العراقي وأثنى عليه جماعة متهم :

١ ـ الجزري في ( طبقات القراء ١ / ٣٨٢ ).

٢ ـ السخاوي في ( الضوء اللامع ٤ / ١٧١ ـ ١٧٨ ).

٣ ـ الشوكاني في ( البدر الطالع ١ / ٣٥٤ ـ ٣٥٦ ).

١٧ ـ ابن حجر العسقلاني

قال ابن حجر العسقلاني ما نصه : « حديث أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. عبد بن حميد في مسنده من طريق حمزة النصيبي عن نافع عن ابن عمر. وحمزة ضعيف جدا.

ورواه الدارقطني في غرائب مالك من طريق جميل بن يزيد عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر. وجميل لا يعرف ولا أصل له من حديث مالك ولا من فوقه.

وذكره البزار من رواية عبد الرحيم بن زيد العمى عن أبيه عن سعيد ابن المسيب عن عمر ، وعبد الرحيم كذاب ، ومن حديث أنس أيضا ، واسناده واه.

ورواه القضاعي في مسند الشهاب له عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة ، وفي اسناده جعفر بن عبد الواحد الهاشمي ، وهو كذاب.

ورواه أبوذر الهروي في كتاب السنة من حديث مندل عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم منقطعا. وهو في غاية الضعف.

قال أبوبكر البزار : هذا الكلام لم يصح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم.

وقال ابن حزم : هذا خبر مكذوب باطل.

وقال البيهقي في الاعتقاد عقب حديث أبي موسى الاشعري الذي

١٣٠

أخرجه مسلم بلفظ : النجوم أمنة لأهل السماء ، فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يوعدون ، أصحابي أمنة لامتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون. قال البيهقي : روى في حديث موصول بإسناد غير قوي ـ يعني حديث عبد الرحيم العمى ـ وفي حديث منقطع ـ يعني حديث الضحاك بن مزاحم ـ : مثل أصحابي كمثل النجوم في أهل السماء من أخذ بنجم منها اهتدى ، قال : والذي رويناه هاهنا من الحديث الصحيح يؤدي بعض معناه.

قلت : صدق البيهقي ، هو يؤدي صحة التشبيه للصحابة بالنجوم خاصة ، أما في الاقتداء فلا يظهر من حديث أبي موسى ، نعم يمكن أن يتلمح ذلك من معنى الاهتداء » (١).

وقال ابن حجر : « حديث أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم. الدارقطني في المؤتلف من رواية سلام بن سليم عن الحارث بن غصين عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر مرفوعا ، وسلام ضعيف.

وأخرجه في غرائب مالك من طريق جميل بن يزيد عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر في أثناء حديث ـ وفيه : فبأي قول أصحابي أخذتم اهتديتم ، انما مثل أصحابي مثل النجوم من أخذ بنجم منها اهتدى ، وقال : لا يثبت عن مالك ، ورواته دون مالك مجهولون.

ورواه عبد بن حميد والدارقطني في الفضائل من حديث حمزة الجزري عن نافع عن ابن عمر ، وحمزة اتهموه بالوضع.

ورواه القضاعي في مسند الشهاب من حديث أبي هريرة وفيه : جعفر ابن عبد الواحد الهاشمي ، وقد كذبوه.

ورواه ابن طاهر من رواية بشر بن الحسين عن الزبير بن عدي عن أنس وبشر كان متهما أيضا.

وأخرجه البيهقي في المدخل من رواية جويبر عن الضحاك عن

__________________

(١) تلخيص الحبير ٤ / ١٩٠ ـ ١٩١.

١٣١

ابن عباس وجويبر متروك ، ومن رواية جويبر عن جواب بن عبيد الله مرفوعا ، وهو مرسل قال البيهقي : هذا المتن مشهور وأسانيد كلها ضعيفة.

وروى في المدخل أيضا عن عمر : سألت ربي فيما يختلف فيه أصحابي من بعدي ، فأوحى الي يا محمد أصحابك عندي بمنزلة النجوم من السماء ، بعضها أضوء من بعض ، فمن أخذ بشيء مما هم عليه من اختلافهم فهو عندي على هدى. وفي اسناده عبد الرحيم بن زيد العمي وهو متروك » (١).

أقول : وفي عبارتي ابن حجر هاتين وجوه ينبغي التدقيق والتدبر فيها ، وكلها تهبط بحديث النجوم الى أقصى درجات الفساد ، ويظهر منهما أيضا قبح تمسك ( الدهلوي ) برواية البيهقي ، إذ أنه بلغ من الهوان حدا لم يتمكن البيهقي من السكوت عنه حتى اعترف بضعفه.

تنبيهات

وبعد ، فان هاهنا تنبيهات :

الاول : لقد اكتفى ابن حجر في ( سلام بن سليم ) بقوله « سلام ضعيف » وقد علم سابقا ـ في الطعن في حديث أعلمية معاذ ـ كونه مجروحا ومطعونا فيه بمطاعن جسيمة.

الثاني : انه أعرض عن تضعيف ( الحارث بن غصين ) وقد علم من كلام الحافظين ابن عبد البر والعراقي كونه مجروحا.

الثالث : انه لم يقل في ( حمزة ) الا « اتهموه بالوضع » وهذه بعض كلماتهم في جرحه :

ترجمة حمزة الجزري

قال البخاري : « منكر الحديث » (٢) وقال النسائي « متروك الحديث » (٣)

__________________

(١) الكاف الشاف في تخريج أحاديث الكشاف ـ هامش الكشاف ٢ / ٦٢٨.

(٢) الضعفاء للبخاري ٣٦.

(٣) الضعفاء للنسائى ٣٢.

١٣٢

وقال ابن الجوزي : « قال يحيى : ليس بشيء ، وقال ابن عدي ، يضع الحديث » وقال أيضا : « قال أحمد : هو مطروح الحديث ، وقال يحيى : ليس بشيء لا يساوي فلسا ، وقال ابن عدي : يضع الحديث ، وقال ابن حبان : لا يحل الرواية عنه » (١).

وتقدم عن أبي حيان قوله : « وحمزة هذا ساقط متروك ».

وترجمه الذهبي وقال : « قال ابن معين : لا يساوي فلسا ، وقال البخاري : منكر الحديث ، وقال الدارقطني : متروك ، وقال ابن عدي : عامة مروياته موضوعة » (٢).

وذكره ابن حجر نفسه وقال بعد نقل الكلمات المذكورة : « قلت : وقال أبو حاتم أيضا وأبو زرعة : ضعيف الحديث ، وزاد أبو حاتم : أضعف من حمزة بن نجيح ، وقال الآجري عن أبي داود : ليس بشيء ، وقال الحاكم : يروي أحاديث موضوعة ، وقال ابن عدي أيضا : يضع الحديث ، وأورد له البخاري وابن حبان في موضوعاته » (٣).

الرابع : انه قال في ( جعفر بن عبد الواحد ) : « وقد كذبوه » وإليك بعض أقوالهم فيه :

ترجمة جعفر بن عبد الواحد

قال ابن الجوزي بعد حديث : « هذا حديث موضوع قال ابن حبان : لا أصل لهذا الحديث ، قال : وجعفر كان يسرق الحديث ويقلب الاخبار حتى لا يشك انه يعملها ، وقال أبو أحمد ابن عدي : كان جعفر يتهم بوضع

__________________

(١) الموضوعات ٣ / ٣٤.

(٢) ميزان الاعتدال ١ / ٦٠٦.

(٣) تهذيب التهذيب ٣ / ٢٩.

١٣٣

الحديث » (١).

وقال بعد حديث : قال الدارقطني كذاب يضع الحديث » (٢).

وذكره الذهبي في ( المغني في الضعفاء ) وقال « متروك » وفي ( الميزان ) وقال : « قال الدارقطني : يضع الحديث ، وقال أبو زرعة : روى أحاديث لا أصل لها ، وقال ابن عدي : يسرق الحديث ويأتي بالمناكير عن الثقات ، ثم ساق له ابن عدي أحاديث وقال : كلها بواطيل وبعضها سرقة من قوم ، وكان عليه يمين أن لا يحدث ولا يقول حدثنا وكان يقول قال لنا فلان ... » (٣).

الخامس : انه قال في ( بشر بن الحسين ) : « وبشر كان متهما أيضا » ولنورد بعض كلمات علمائهم فيه :

ترجمة بشر بن الحسين

قال الذهبي : « قال الدارقطني : متروك وقال أبو حاتم : يكذب على الزبير » (٤) وفي ( الميزان ) : « قال البخاري : فيه نظر ، وقال الدارقطني : متروك وقال ابن عدي : عامة حديثه ليس بمحفوظ ، وقال أبو حاتم : يكذب على الزبير ... قال ابن حبان : يروي بشر بن الحسين عن الزبير نسخة موضوعة شبيها بمائة وخمسين حديثا » (٥).

وقال العراقي : « هو ضعيف جدا » وقال الهيثمي : « هو كذاب ».

وقال ابن حجر العسقلاني ما ملخصه : « قال ابن حبان لا ينظر في شيء رواه عن الزبير الا على جهة التعجب ، وقال أبو نعيم : جاء الى أبي داود الطيالسي فقال : حدثني الزبير بن عدي ، فكذبه أبو داود وقال ما نعرف

__________________

(١) الموضوعات ٢ / ٩٦.

(٢) الموضوعات ٣ / ١٧٢.

(٣) ميزان الاعتدال ١ / ٤١٣.

(٤) المغني في الضعفاء ١ / ١٠٥.

(٥) ميزان الاعتدال ١ / ٣١٥.

١٣٤

للزبير بن عدي عن أنس رضي‌الله‌عنه الا حديثا واحدا ، وقال أبو أحمد الحاكم : ليس حديثه بالقائم ، وقال ابن الجارود : ضعيف » (١).

السادس : انه اختصر القدح في ( جويبر ) فقال « جويبر متروك » ولكن سيأتي ذكر بعض كلماتهم في جرحه.

السابع : انه سكت عن الطعن في ( الضحاك ) وستعرف أنه موهون لدى كبار العلماء ....

ترجمة جواب بن عبيد الله

الثامن : انه لم يذكر شيئا حول ( جواب بن عبيد الله ) وقد ضعفه ابن نمير وقد رآه الثوري فلم يحمل عنه ، وقال أبو خالد الأحمر : كان يقص ويذهب مذهب الارجاء ، وقال ابن عدي : ليس لجواب من المسند الا القليل ... راجع : ( الميزان ١ / ٤٢٦ ) و ( تهذيب التهذيب ٢ / ١٢١ ) وغيرهما.

التاسع : انه لم يسم راوي الحديث عن ( جويبر ) وستعرف من كلام السخاوي انه ( سليمان بن أبي كريمة ) وستعرف ما فيه.

العاشر : انه لم يقل في ( عبد الرحيم بن زيد العمى ) الا انه « متروك » ، وقد قال يحيى بن معين : ليس بشيء هو وأبوه ، وقال مرة : عبد الرحيم كذاب خبيث ، وقال الجوزجاني : غير ثقة ، وقال أبو زرعة : واه ضعيف الحديث ، وقال النسائي : ليس بثقة ولا مأمون ولا يكتب حديثه ، وقال البخاري : تركوه ... الى غير ذلك من كلمات الطعن والذم تجدها في كتب الرجال وغيرها ، وقد تقدم بعضها ...

١٨ ـ ابن الهمام

لقد طعن ابن الهمام في حديث النجوم حيث قال في مبحث الإجماع

__________________

(١) لسان الميزان ٢ / ١١٧.

١٣٥

في الجواب عن حديث الاقتداء وحديث عليكم بسنتي « وأجيب : يفيدان أهلية الاقتداء لا منع الاجتهاد ، وعليه ان ذلك مع إيجابه ، الا أن يدفع بأنه آحاد ، وبمعارضته بأصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ، وخذوا شطر دينكم عن الحميراء ، الا أن الاول لم يعرف » (١).

١٩ ـ ابن أمير الحاج

لقد أوضح ابن أمير الحاج في شرح التحرير وهن هذا الحديث قائلا : « [ وبمعارضته ] أي : وأجيب أيضا بمعارضة كل منهما [ بأصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. وخذوا شطر دينكم عن الحميراء ] أي عائشة وان خالف قول الشيخين أو الأربعة [ الا ان الاول ] أي أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم [ لم يعرف ] بناء على قول ابن حزم في رسالته الكبرى مكذوب موضوع باطل ، والا فله طرق من رواية عمر وابنه وجابر وابن عباس وأنس ، بألفاظ مختلفة أقربها الى اللفظ المذكور ما أخرج ابن عدي في الكامل وابن عبد البر في كتاب بيان العلم عن ابن عمر قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : مثل أصحابي مثل النجوم يهتدى بها فبأيهم أخذتم بقوله اهتديتم. وما أخرج الدارقطني وابن عبد البر عن جابر قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مثل أصحابي في أمتي مثل النجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم.

نعم لم يصح منها شيء ، ومن ثمة قال أحمد : حديث لا يصح ، والبزار : لا يصح هذا الكلام عن النبي صلّى الله عليه وسلّم.

الا أن البيهقي قال في كتاب الاعتقاد : رويناه في حديث موصول بإسناد غير قوي. وفي حديث آخر منقطع ، والحديث الصحيح يؤدي بعض معناه وهو حديث أبي موسى المرفوع ... » (٢).

__________________

(١) التحرير بشرح ابن أمير الحاج ٣ / ٩٩.

(٢) التقرير والتحبير ٣ / ٩٩.

١٣٦

ترجمة ابن أمير الحاج

ترجم له الحافظ السخاوي وأثنى عليه بما ملخصه : « ولد في ثامن عشر ربيع الاول سنة خمس وعشرين وثمانمائة بحلب ونشأ بها ، وعرض على ابن خطيب الناصرية والبرهان الحافظ والشهاب ابن الرسام وغيرهم من أهل بلده وتفقه بالعلاء الملطي ، وأخذ النحو والصرف والمعاني والبيان والمنطق عن الزين عبد الرزاق أحد تلامذة العلاء البخاري ، وكذا لازم ابن الهمام ، وبرع في فنون ، وأذن له ابن الهمام وغيره ، وتصدى للإقراء ، فانتفع به جماعة وأفتى وقد سمعت أبحاثه وفوائده وسمع مني بعض القول البديع وتناوله مني ، وكان فاضلا مفننا دينا قوي النفس محبا في الرياسة والفخر » (١).

٢٠ ـ أبو ذر الحلبي

لقد قدح أبو ذر الحلبي شارح الشفاء في حديث النجوم حيث قال معترضا على القاضي عياض : « وكان ينبغي للقاضي أن لا يذكره بصيغة جزم لما عرف عند أهل الصناعة ، وقد سبق له مثله مرارا ».

ترجمة موفق الدين أبى ذر احمد الحلبي

وترجم له الحافظ السخاوي في ( الضوء اللامع ) ترجمة مطولة نلخصها فيما يلي : « لزم الاعتناء بالحديث والفقه ، وأفرد مبهمات البخاري ، وكذا اعرابه بل جمع عليه تعليقا لطيفا لخصه من الكرماني والبرماوي وشيخنا ، وآخر أخصر منه ، وله التوضيح للأوهام الواقعة في الصحيح ، ومبهمات مسلم أيضا ، وقرة العين في فضل الشيخين والصهرين والسبطين ، وشرح الشفاء والمصابيح ولكنه لم يكمل ، والذيل على تاريخ ابن خطيب الناصرية ، وغير ذلك ، وأدمن قراءة الصحيحين والشفاء ، خصوصا بعد وفاة والده ،

__________________

(١) الضوء اللامع ٢ / ٢١٠.

١٣٧

وصار متقدما في لغاتها ومبهماتها وضبط رجالها ، لا يشذ عنه من ذلك الا النادر.

ولما كان شيخنا بحلب لازمه واغتبط شيخنا به وأحبه لذكائه وخفة روحه ووصفه بالإمام موفق الدين ، ومرة « بالفاضل البارع المحدث الأصيل الباهر الذي ضاهى كنيه في صدق اللهجة ، الماهر الذي ناجى سميه ففداه بالمهجة ، الأخير الذي فاق الاول في البصارة والنضارة والبهجة ، أمتع الله المسلمين ببقائه. وأذن له في تدريس الحديث وافادته في حياة والده.

كان خيرا شهما مبجلا في ناحيته ، منعزلا عن بني الدنيا ، قانعا باليسير محبا للانجماع ، كثير التواضع والاستيناس بالغرباء والإكرام لهم ، شديد التخيل ، طارحا للتكلف. ذا فضيلة تامة وذكاء مفرط. وقد تصدى للحديث والاقراء وانتفع به جماعة من أهل بلده والقادمين عليها ، بل وكتب مع القدماء في الاستدعاءات من حياة أبيه وهلم جرا.

وترجمه ابن فهد وغيره من أصحابنا ، وكذا وصفه ابن أبي غديبة في أبيه بالإمام العلامة ، وسمى بعض تصانيفه ».

٢١ ـ السخاوي

قال الحافظ السخاوي : « حديث اختلاف أمتي رحمة. البيهقي في المدخل من حديث سليمان بن أبي كريمة عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : مهما أوتيتم من كتاب الله فالعمل به لا عذر لاحد في تركه ، فان لم تكن في كتاب الله فسنة مني ماضية ، فان لم تكن سنة مني فما قال أصحابي ، ان أصحابي بمنزلة النجوم في السماء فأيما أخذتم به اهتديتم ، واختلاف أمتي رحمة ، ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني والديلمي في مسنده : بلفظ سواء.

وجويبر ضعيف ، والضحاك عن ابن عباس منقطع » (١).

__________________

(١) المقاصد الحسنة ٢٦ ـ ٢٧.

١٣٨

أقول : ولنورد بعض كلماتهم في رجال هذا الحديث :

اما سليمان بن ابى كريمة

فقد قال ابن أبي حاتم في ( العلل ) بعد حديث : قال أبي هذا حديث باطل ، وابن أبي كريمة ضعيف الحديث.

وقال ابن الجوزي بعد أحاديث أوردها : « هذه الأحاديث موضوعات على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، أما الاول ففيه سليمان ابن أبي كريمة وأحمد ابن ابراهيم ، قال ابن عدي : يرويان المناكير » (١).

وقال الذهبي : « لين صاحب مناكير » (٢) وفي ( الميزان ) : « ضعفه أبو حاتم ، وقال ابن عدي : عامة أحاديثه مناكير ، ولم أر للمتقدمين فيه كلاما » (٣) وكذا قال ابن حجر (٤) وكذا ضعفه السيوطي والمتقى ومحمد بن طاهر في ( قانون الموضوعات ٢٦١ ).

وأما جويبر بن سعيد

البخلي ، فقد ذكره البخاري بقوله : « جويبر بن سعيد البلخي عن الضحاك قال علي بن [ عن ] يحيى : كنت أعرف جويبرا بحديثين ، ثمّ أخرج هذه الأحاديث [ بعد ] فضعف » (٥).

وكذا النسائي وقال : « متروك الحديث » (٦).

وفي ( الموضوعات ) ـ بعد حديث تحذير من بلغ الأربعين ـ : « أجمعوا

__________________

(١) الموضوعات ١ / ٢٧٧.

(٢) المغني في الضعفاء ١ / ٢٨٢.

(٣) ميزان الاعتدال ٢ / ٢٢١.

(٤) لسان الميزان ٣ / ١٠٢.

(٥) الضعفاء للبخاري ٢٧.

(٦) الضعفاء للنسائى ٢٨.

١٣٩

على تركه ، قال أحمد : لا يشتغل بحديثه ». وفيه بعد حديث الاكتحال يوم عاشوراء : قال الحاكم أنا أبرأ الى الله من عهدة جويبر. قال : والاكتحال يوم عاشوراء لم يرو عن رسول الله فيه أثر ، وهو بدعة ابتدعها قتلة الحسين. قال أحمد : لا يشتغل بحديث جويبر ، وقال يحيى : ليس بشيء ، وقال النسائي والدارقطني : متروك ».

وقال ابن حجر : « قال عمرو بن علي : ما كان يحيى ولا عبد الرحمن يحدثان عنه ، وكذا قال أبو موسى ، وقال أبو طالب عن أحمد : ما كان عن الضحاك فهو أيسر ، وما كان يسند عن النبي صلّى الله عليه وسلّم فهو منكم ، وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه : كان وكيع إذا أتى على حديث جويبر قال : سفيان عن رجل ـ لا يسميه استضعافا له ـ وقال الدوري وغيره عن ابن معين : ليس بشيء ، وزاد الدوري : ضعيف ما أقربه من جابر الجعفي وعبيدة الضبي وقال عبد الله بن علي بن المديني : سألته ـ يعني أباه ـ عن جويبر فضعفه جدا قال : وسمعت أبي يقول : جويبر أكثر عن الضحاك روى عنه أشياء مناكير وذكره يعقوب بن سفيان في باب من يرغب عن الرواية عنهم ، وقال الدارقطني عن أبي داود : جويبر على ضعفه ، وقال النسائي وعلي بن الجنيد والدارقطني متروك ، وقال النسائي في موضع آخر : ليس بثقة ، وقال ابن عدي : والضعف على حديثه وروايته بيّن.

قلت : وقال أبو قدامة السرخسي قال يحيى القطان : تساهلوا في أخذ التفسير عن قوم لا يوثقونهم في الحديث ، ثم ذكر الضحاك وجويبرا ومحمد بن السائب وقال : هؤلاء لا يحمل حديثهم ويكتب التفسير عنهم ، وقال أحمد بن سيار المروزي : جويبر بن سعيد كان من أهل بلخ وهو صاحب الضحاك وله رواية ومعرفة بأيام الناس ، وحاله حسن في التفسير وهو لين في الرواية.

وقال ابن حبان : يروي عن الضحاك أشياء مقلوبة ، وقال الحاكم أبو أحمد : ذاهب الحديث ، وقال الحاكم أبو عبد الله : أنا أبرأ الى الله من عهدته ، وذكره البخاري في التاريخ الأوسط في فصل من مات بين الأربعين

١٤٠