الرسائل التسع

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني

الرسائل التسع

المؤلف:

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني


الموضوع : الفقه
الناشر: انتشارات زهير
الطبعة: ٠
ISBN: 964-8076-27-8
الصفحات: ٣١٥

العنايةُ الربانيّةُ تشمل الميرزا الآشتياني (ره)

لم يكن اللهُ سبحانه وتعالى يدَعُ عباده المخلصين ، خاصّةً مَن تحمَّل العناء والشدائد في كسبه رضاه وتحصيله للعلوم الدينيّة ، بل ، كانت عنايته إلهيّة ورعايتُه الربانيّة ترعاهم دائماً. والميرزا الآشتياني الذي ألمَّ به المرضُ في سفره إلى النجف الأشرف والذي وصل بحالةٍ يرثى لها إلى أعتاب هذه المدينة المقدّسة ، خطفت بصرَه أنوارُ قبَّة الحرم المطهّر لأمير المؤمنين الإمام علي عليه‌السلام وقد غمرته الرحمةُ الإلهيّةُ عند ما توسّل بهذا الإمام الهُمام إلى اللهِ سبحانه. وشُفي من مرضهِ العُضال. ودخل الميرزا الآشتياني معافاً النجف الأشرف قاصداً زيارة حرم مولاه ومولى العالمين عليه‌السلام. وبعد أداء مناسك الزيارة خرج من الحرم ، بيد أنّه لم يذهب بعيداً حتّى رأي نفسَه امامَ شيخ قد امضى أربعين سنةً في هذه المدينة سائلاً إيّاه : هل أنت الميرزا محمّد حسن ابن الميرزا جعفر؟

فأجابه ، نعم. فقال له هذا الشيخ الذي هو الميرزا علي نقي الآشتياني : لقد عرفتك من شمائلك حيث تشبه أباك.

وقد كتبتُ قبل فترة رسالة إلى والدتك بشأنك ... واضاف قائلاً : لي منزل وأثاث بسيطة ومكتبة ، اهديها لك ، وإذا ما قبلتني ضيفاً ، فأسبقى إلى جانبك ، وإلّا سأنتقل إلى مكان آخر». هذا ، وقد أخذ الميرزا علي نقي ، محمد حسن إلى بيته وأضافَ إلى ما أهداه إليه ، صندوقاً صغيراً حاوياً مبلغاً من المال لكي ينفقها في ما يحتاجه.

أساتذةُ الميرزا الآشتياني (ره)

كان للمرحوم الميرزا الآشتياني خلال السنوات السبعة عشر التي امضاها في حوزة بروجرد العلميّة أساتذة عديدون في الأدب العربي والمنطق والفقه والاصول في مرحلة «السطوح» غير أنّ الذي تعرّفنا على اسمه هو العلامة السيد شفيع جاپلقى (ره) فقط الذى حضر درسه لفترة عام ونصف.

٢١

السيد شفيع جاپلقي (ره)

السيد شفيع هو ابن السيد علي أكبر الموسوي جاپلقى ، كان يسكن مدينة بروجرد وقد توفي سنة ١٢٨٠ ه‍. ق. يعود نسبه إلى الإمام موسى الكاظم عليه‌السلام. ومن أجداده السيد نظام الدين أحمد ، المدفون إلى جوار السيّد قاسم في مقربة من مدينة بروجرد ، وقبره مزار يقصده أهالي تلك المنطقة.

يعتبر السيد شفيع ، من علماء علم الرجال والحديث والاصول والفقه وقد حضر الاصولَ عند شريف العلماء المازندراني (ره) والفقه عند المولى أحمد النراقي (ره).

مؤلفاته هي : ١. الاصول الكربلائية ٢. الروضةُ البهيّة في الطرق الشفيعيّة ٣.

مناهج الأحكام في مسائل الحلال والحرام ، ٤. شرح تجارة الروضة ٥. مرشد العوام ٦. حاشية مناسك الحج.

الحاج مُلّا أسد الله البروجردي (ره):

آيةُ الله الحاج مُلّا أسد الله المجتهد البروجردي بن الحاج عبد الله هو من علماء الإماميّة المتوفى عام ١٢٧٠ ه‍. ق أو ١٢٧١ ه‍. ق.

ذاع صيتُ هذا العالم الربّاني في بلاد الشيعة ، وعُرف بنبوغه العلمي والفقهي وبشخصيتهِ الكريمة. وقد التفّ حوله الكثير من طلاب العلم والفضيلة حتّى أصبحت حوزة بروجرد من الحوزات النشطة والفاعلة بزعامته.

وكان الميرزا الآشتياني من جملة هؤلاء. غير أنّه لم يتضحْ بعد ، أنّه هل حضر دروس هذا العالم الجليل أو لم يحضرها؟ بيد أنّه من المستبعد أن تفوت الميرزا الآشتياني هذه الفرصة الذهبيّة.

واستناداً إلى ما ذكره اعتماد السلطنة ، كان المرحوم المُلّا أسد الله من الأساتذة الأوائل للعلّامة الكبير خاتم الفقهاء الشيخ الأنصاري (ره) ، حيث كان ينقل آرائه في دروسه. خاصّةً الإجماعات المنقولة عنه وكان يعتبرها إجماعاً محصّلاً. لكنّ سبط المرحوم الشيخ الأنصاري ، ينفى حضور جدّه عند المُلّا أسد الله البروجردي.

٢٢

وكان المُلّا أسد الله المجتهد البروجردي ، صهر الفقيه الاصولي الكبير صاحب كتاب القوانين الميرزا أبو القاسم الگيلاني القميّ وتلميذه.

اساتذته في النجف الأشرف :

خلال السنوات السبع عشرة التي درس فيها الميرزا الآشتياني في حوزة النجف الأشرف تتلمذ عند أساتذة وفقهاء عظام ، نشير فيما يلي إلى بعضهم :

الشيخ محسن بن خنيفر الباهلي النجفي (ره)

الحافظ المدرس الكبير ، الشيخ محسن بن خنيفر العكفي الباهلي المتوفى سنة ١٢٧٠ أو ١٢٧١ ه‍. ق كان ذكيّاً يتمتع بذهنيّةٍ عالية ، كان يميّز مثلاً خطأَ ذكر الواو مكان الفاء أو العكس عند نقل الأحاديث. يقول المرحوم العلّامة الصدر في تكملة أمل الآمل عنه : «عالم ، علّامة ، فقيه ، فهّامة ، محدّث كبير ، رجاليّ خبير ... يندر مثيله في العلماء المتأخّرين».

كان من الأساتذة الأوائل للميرزا في النجف الأشرف ، وأصبح مرجعاً لتقليد الناس في الدول العربيّة بعد وفاةِ صاحب الجواهر ، غير أنّ مرجعيته لم تستمر أكثر من أربع سنوات ووافته المنيّة.

الشيخ محمّد حسن النجفي (ره)

صاحب الجواهر الشيخ محمد حسن بن محمّد باقر النجفي ، صاحب الكتاب الكبير المعروف جواهر الكلام في شرح شرايع الإسلام للمحقّق الحلّي.

ولفترة غير طويلة ، حضر الميرزا الآشتياني دروس هذا الفقيه العظيم. توفي صاحب الجواهر في النجف الأشرف عام ١٢٦٦ ه‍. ق ودفن فيها.

الشيخ مرتضى الأنصاري (ره)

الشيخ مرتضى الأنصاري بن محمد أمين ، تسنَّم المرجعيّة العامة بعد صاحب

٢٣

الجواهر وهو صاحب المؤلفات المشهورة التي تُعد من كتب الحوزة الدراسيّة ، نعني ، المكاسب والرسائل و....

وكانت صلةُ المرحوم الميرزا الآشتياني وثيقةً بأستاذه هذا وتكفّل في طهران شرح وبيان آرائه.

ممّا يجدر ذكره ، أنّ الميرزا الآشتياني وفي الأيّام الأولى من حضوره درس الشيخ الأنصاري ، وبسبب صغر سنّه كانَ يجلس خلف اعمدة مسجد الهندي مقرّ إلقاء دروس الشيخ الأنصاري حياءً وخجلاً ، حيث كان الحضور كلّهم كهولاً وشيوخاً.

غير أنّه مع مرور الأيّام ، ترك هذه العادة ، وراح يشارك استاذه الشيخ في البحث ، ممّا أثار ذلك اعجاب الشيخ ، وطلب منه أنْ يقترب إلى منبر الدرس بعد التعرّف عليه.

حتّى أنّه دعاه إلى منزله وكان يفضّله على الكثير من تلامذته. وبسبب تمتعه بالفصاحة والسلاسة كان يقرّر دروس الشيخ الأنصاري للآخرين وعرف بالمقرّر التحريرى والشفهي للشيخ.

وينقل أنّ شدّة التعلق العاطفي باستاذه دفعه أن يسمّى أوّل أبنائه باسمه.

وفي عام ١٢٨١ ه‍. ق انتقل الشيخ الأنصاري إلى جوار ربّه وبعد مُضيّ سنة على ذلك غادر الميرزا الآشتياني النجف الأشرف إلى طهران.

الأبعاد السياسيّة والاجتماعية في شخصيّة الميرزا

دور الميرزا في السياسة :

يُعَدُّ الميرزا الآشتياني من الفقهاء العظام الذين كانوا يتمتعون إلى جانب نبوغهم العلمي بوعي سياسيّ بارع ، فكان يؤدّي دورَه ومسئوليته السياسية والاجتماعية بجدّية تامّة. وكان لها آثار ايجابيةٌ قيّمةٌ في المجتمع المسلم وخاصةً الشيعي.

ولمزيد من التعرّف على أوعيّه وحنكته السياسية ، فيما يلي نقدم بعض النماذج : ١. كانت وفاة خاتم الفقهاء والمجتهدين العلامة العظيم ، الشيخ الانصاري (ره) في سنة ١٢٨١ ه‍. ق ، مقارنةً ومتزامنةً مع ما اقدم عليه المستعمر الانجليزي لنهب ثروات

٢٤

الدول الاسلاميّة عامةً ، وايران الشيعية خاصّة ، وكان قد استعدّ هذا المعتدي للاستيلاء عليها. وفي مثل هذه الظروف ، كان لا بدّ من وحدة قيادَة الشيعة ، وكان تلامذة الشيخ الأنصاري الذين قد وصلوا إلى مستوى المرجعيّة والتقليد ليسوا بقليلين ، غير أنّ بعضهم كان أكثر معروفيّةً وأشهراً من الآخرين ، وكان الميرزا الآشتياني يعُدُّ من هؤلاءِ. بيدَ أنّ جميعهم كانوا يَعون حساسية الظروف ، لذلك قرّروا عقد اجتماع مشترك لدراسة موضوعِ زعامة الشيعة. وقد تمخضَ هذا الاجتماع عن انتخاب الميرزا الشيرازي لهذا المنصب المهمّ. وهذا ينبوءُ عن إخلاص وتواضع هؤلاء العظام ، معلنين في نفس الوقت عن تكاتفهم واتّحادهم والتعاون مع مرجعية الميرزا الشيرازي. وبعد مُضي عامّ وحينما شعر الميرزا الآشتياني أنّ حضوره في إيران أكثر فائدةً وأثراً ، قصد طهران لأداء مسئوليته الشرعيّة.

٢. الحادثة الاخرى ، التي كان للميرزا الآشتياني دور بارز منها هي قضيّة منح ناصر الدين شاه القاجار ، امتياز حصر شراء وبيع التبغ والتنباك للإنجليز في سنة ١٣٠٧ ه‍. ق والتي تمّ إلغائها في سنة ١٣٠٩ ه‍. ق بفضل مقاومة العلماء خاصّةً الميرزا الآشتياني. وكان سماحتُه يحاول في البداية من خلال إرسال الرسائل إلى رئيس الوزراء وناصر الدين شاه نفسه والتفاوض معها وبيان الآثار السلبية لهذه القضيّة إلغاء حفده المنحة. بيد انّ الشاه وأعوانه لم يكونوا مستعدين تقديم مصالح الامّةِ على مصالحهم الخاصة ، ولم يعطوا اذناً صاغيّةً لهذه النصائح ، بل ازدادوا تعنتاً وعناداً ، مما ادىّ ذلك إلى انتقاضة شعبية دعماً لموقف المرجعية الرشيدة. واسفرت الأحداث ، إلى أن يصدر الميرزا الشيرازي وباحتمال قويّ ، بإشارةٍ من الميرزا الآشتياني حكمه الشهير القائل : «بسم الله الرّحمن الرّحيم ، اليوم استعمال التبغ والتنباك بأيّ نحو كان ، في حكم محاربة إمام الزمان عجّل الله تعالى فرجه».

وبصدور هذا الحكم ارتفعت وتيرة الانتفاضة ضد هذه المنحة المُذِّلة وأخذ الناس يكسرون النارجيلات وآلات استعمال التبغ والتنباك وصارت هناك تلال في الشوارع من النارجيلات ، واضرمت النيران فيها.

٢٥

وامام هذا الوضع لم يكن بمقدور الشركات الانجليزية الممنوحة هذا المنحة ان تبقى ساكتة ، بل راحت تزيد من ضغوطها على ناصر الدين شاه لحلّ هذه المشكلة ، غير أنّه لم يكن باستطاعة أحد أن يصدّر هذا الموج الغاضب لأبناء الامّة وتفاعلهم مع قيادتهم المرجعيّة الرشيدة. لذلك اخذ الشاه واعوانه يحيكون خطةً للخروج من هذه الأزمةِ وحلّ مشكلة الشركات الانجليزية. واثر ذلك ، أخبر الشاه العلماءَ وعلى رأسهم الميرزا الشيرازي انه قد الغى هذه المنحة في داخل البلاد ، وتبقى فقط منحصرة للمعاملات مع الدول الاخرى طالباً إيّاهم الكفّ عن المعارضة والإعلان عن إلغاء حكم المقاطعة. بيد أنّ العلماء الأعلام وأبناء الامّة الواعين ، لم ينخدعوا بهذه الأحابيل وظلوا صامدين في موقفهم. وبالتالي ، خير الشاه ، الميرزا الآشتياني أحدَ أمرين ، الأوّل : إمّا أن يقوم في الملأ العام بتدخين النارجيلة ونقض حكم الميرزا الشيرازي.

والثاني : أو أنْ يغادر طهران.

وفي المقابل ، ردّ الميرزا الآشتياني على طلب الشاه بالقول : إنّ حكم الميرزا الشيرازي ، لا يمكن لأحدٍ نقضه سوى هو نفسه ، وإنّني سأغادر طهران مضطراً بعد يوم واحد.

وبعد أن اطّلع الناس على هذا الأمر ، اخذوا يتقاطرون إلى منزل الميرزا وشكّلوا حشدا جماهيريّاً غفيراً ، حالوا دون خروجه ، وتوجهت أعداد من الناس إلى قصر الشاه لاحتلاله ، غير أنّهم واجهوا ردّاً عنيفاً بإطلاق النار عليهم ، فوقع عدد منهم قيل سبع أو سبعون قتيلاً.

وبالتالي مع تفاقم الأوضاع وتعميم الانتفاضة الغاضبة ، استسلم ناصر الدين شاه وخاطب أمين السلطان بقوله : «بعد إلغاء منحة التبغ والتنباك في الداخل ، فقد قرّرنا إلغاءها مع الخارج (الدول الاخرى) أيضاً ، وترجع الأُمور إلى ما كانت عليه في الماضي ، وعليكم إبلاغ العلماء والولاة والناس بذلك».

اجل ، إنّ حكمة ووعى الميرزا الآشتياني وكافّة العلماء ووقوف الناس إلى جانب المرجعيّة والعلماء ، أدّي بالتالي ، إلى هزيمة الشاه المستبد الخائن واسياده المستعمرين

٢٦

وان يمنوا بالفشل الذريع.

٣. استقباله وترحيبه الحار بالمرحوم آية الله الحاج سيد محمود الطباطبائي البروجردي صاحب كتاب المواهب السَّنية (عمّ والد آية الله العظمى البروجردي ره) والصلاة معه. وقد كان الشاه قد جلبه إلى طهران تنكيلاً به. مما اضطر الشاه أخيراً ، إلى الاعتذار من السيد الطباطبائي وارجاعه معززاً ومكرَّماً إلى بروجرد.

شعبية الواسعة :

كان المرحوم العلامة الكبير الميرزا الآشتياني من جملة العلماء الذين كسبوا شعبيّة واسعة وحضوا بمحبوبيّة عميقة في قلوب الجماهير. وفيما مَضى ذكرنا لكم نموذجاً من ذلك في قضيّة اجتماع الناس حول منزله وحالوا دون خروجه من طهران بعد أن أصدر ناصر الدين شاه الأمر بذلك في قضيّة تحريم التبغ والتنباك من قبل العلماء.

وامّا النموذج الثاني ، فهو الاستقبال الجماهيري لسماحته عند مراجعته من حجّ بيت الله الحرام في مدينتي سامراء وطهران.

هذا إلى جانب المدن الاخرى التي كانت في طريقه ، ففي دمشق تهافت علمائها على الميرزا للقاء به والتباحث معه. وفي النجف الأشرف عقد محفل عام من العلماء والوجهاء احتفاءاً بالميرزا ، غير أنّ مدينتي سامراء وطهران شهدتا ترحيباً جماهيرياً بسماحته أكثر من المدن الأخرى.

ويقول المحدّث القمي في كتاب الفوائد الرضوية ، ما مضمونه : ان العلماء وبأمر من الميرزا الشيرازي هرعوا لاستقباله ، وقد استضافه الميرزا الشيرازي ، وحَضى باحترام وتكريم وتبجيل عامة الناس والعلماء.

والعلامة محسن الأمين يصف هذا الاستقبال في سامراء وطهران في كتابه اعيان الشيعة ويضيف قائلاً : «ولما ورد طهران أمر الشاه بعدم استقباله فلم يبق أحد في المدينة إلَّا استقبله».

٢٧

ثناء العلماء والكتّاب على الميرزا الآشتياني

إن شخصية الميرزا الآشتياني السياسية والاجتماعية إلى جانب مكانته السامية في العلم والفقه ، ابهرت معاصريه من العلماء ومن جاء بعدهم وراحوا يثنون على شخصيّته الفذّة. وفيما يلي نعرض بعض ما وصل إلينا منها : يقول العلامةُ الطهراني في كتاب نقباء البشر ، ج ١ ، ص ٣٩٠ ٣٨٩.

الشيخ الميرزا محمد حسن الآشتياني حدود ١٢٤٨ ق ١٣١٩ ق هو الشيخ الميرزا محمد حسن بن الميرزا جعفر بن الميرزا محمد الآشتياني الطهراني ، عالم كبير ورئيس جليل وأشهر مشاهير علماء طهران وأعلمهم في عصره.

ولد في آشتيان قصبة بين قم وسلطان آباد عراق العجم حدود (١٢٤٨ ق) ونشاً بها فتعلّم القراءة والكتابة ثمّ هاجر إلى بروجرد وعمره (١٣) عاماً ، وكانت يومذاك دار العلم بوجود العلّامة الأكبر المولى أسد الله البروجردي ، فقطنها أربعة سنين أتقن خلالها العلوم العربية والبلاغة ، واشتهر بتدريسها ؛ وحضر على العلّامة السيد شفيع الجابلاقي سنة ونصفاً كما حكاه لي بعض الأجلّاء المطلعين ثمّ هاجر إلى النجف. فقرأ على العلماء ، واختص بالشيخ الأنصاري حتّى عُدَّ من أعاظم تلاميذه ، وكان يقرّر بحثه في عصره ، ويكتب تقريراته إلى أن توفّي الشيخ في (١٢٨١ ق) فعاد المترجم إلى طهران في (١٢٨٢).

ألف المترجم حاشية كبيرة على الرسائل تأليف أستاذه. سماها بحر الفوائد ألّفها في النجف ، ولمّا عاد إلى طهران هذَّبها ونقَّحها وطبعها. وقد ألَّف على الرسائل قرب أربعين حاشية أغزرها مادَّة وأكثرها نفعاً حاشية المترجم.

٢٨

فقد أودعها تحقيقات هامّة ، وبيانات رشيقة ، وقد ثنيت له الوسادة ، وسمت مكانته ، وهو أوّل ناشر لتحقيقات الشيخ الأنصاري في إيران ولذا شُدَّت إليه الرحال من كلّ ناحية ، وعكف عليه طلبة العلم أيَّما عكوف ، وكان حسن التقرير. لطيف التعبير. عظم شأنه في إيران وانحصرت به الزعامة ، وحصل له تفوُّق على علماء سائر البلاد الإيرانية ، وفي عام الدخانية التي أعطى فيها السلطان ناصر الدين شاه القاجاري امتياز الدخانيات لانكلترا ، خالفه المترجم فيها. فزادت سطوته في نظر الأشراف والأعيان ، وحج البيت في (١٣١١ ق) في غاية التجليل والاعظام ، وقضى عمره الشريف بالكرامة والاكبار مشغولا بالتدريس والتأليف والقيام بسائر وظائف الشرع في طهران إلى أن توفي بها ، وحمل إلى النجف. فدفن في مقبرة العلامة الشيخ جعفر التستري في (١٣١٩ ق) وقام مقامه ولده العالم الجليل الشيخ مرتضى.

له تصانيف اخر غير الحاشية المذكورة ، منها مباحث الألفاظ في الاصول من تقرير بحث أستاذه في النجف ، وقد ضاعت نسخته ، وكتاب الخلل في الفقه كان في مكتبة سيدنا الميرزا علي اغا ابن المجدد الشيرازي ، وكتاب القضاء كان في خزانة الشيخ فضل الله النوري ، وكتاب الوقف وإحياء الموات والإجارة في خزانة السيد محمد اللواساني في النجف ، وإزالة الشكوك عن حكم اللباس المشكوك ، ورسالات في الحرج ؛ وفي الجمع بين القرآن والدعاء ؛ وفي نكاح المريض ، وفي الإجزاء ، وفي أواني الذهب والفضة ، واكثرها مطبوع».

وأمّا السيد محسن الأمين وفي كتابه أعيان الشيعة ، ج ٥ ، ص ٣٧ ٣٨ يقول عنه : «الميرزا حسن ويقال محمد حسن ابن الميرزا جعفر ابن الميرزا محمد الآشتياني الرازي. (ولد حدود ١٢٤٨ ق وتوفي سنة ١٣١٩ ق).

وكانت وفاته في طهران ونقل إلى النجف الأشرف ودفن في الصحن

٢٩

الشريف في إحدى الحجرات فوق الرأس الشريف وهي التي دفن فيها الشيخ جعفر الشوشتري. والآشتياني بالمدّ نسبة إلى آشتيان قصبة بين قم وسلطان آباد عراق العجم.

كان من مشاهير العلماء محققاً مدققاً في الفقه والأُصول من أجلاء تلاميذ الشيخ مرتضى الأنصاري ، رأس في طهران في عصر الشاه ناصر الدين القاجاري ، وصار المرجع العام فيها في القضاة والأحكام ، وكان أستاذ عصره لكلّ طلبة العلم بها ، إليه الرحلة في إيران ، وهو أوّل من نشر علوم أستاذه المذكور في إيران وكتب درسه في الفقه والأصول في النجف بأبسط ما يكون.

ولمّا تصدى الميرزا الشيرازي لمنع إعطاء امتياز الدخانيات في إيران لدولة أجنبية كان هو الواسطة في ذلك ...

 ... وبقي في النجف إلى أن توفي الشيخ مرتضى سنة ١٢٨١ ق ، وبعد وفاته نحواً من سنة ثمّ حضر إلى طهران ورأس وحجّ سنة ١٣١١ ق ، وجاء إلى دمشق بأُبهّة وجلالة ؛ وكنت يومئذ في النجف وجرت مباحثات بينه وبين بعض علماء أهل دمشق تكلّم فيها بأوضح بيان وأجلى برهان ومما قالوه له : كيف إن الميرزا الشيرازي حرّم التدخين؟ وإذا كان حرمه فكيف أنت تدخن؟ فقال : حرمه لما يترتب على فعله من المضرّة وهي تمكين الأجنبي من استنزاف منافع البلاد فتركناه يومئذ فلما زال هذا المحذور عدنا إليه والمباح يصير محرماً إذا كان فيه ضرر ويحل إذا زال الضرر ، فمن كان يضره أكل الأرز حرم عليه أكله فإذا زال الضرر حل.

وجاء من هناك إلى العراق ولمّا ورد سامراء أمر الميرزا الشيرازي أهل العلم باستقباله فاستقبلوه وأضافه وزاد في إكرامه. وكانت جرت بينه وبين الشاه منافرة قبل مجيئه للحجّ ، ولما ورد طهران أمر الشاه بعدم استقباله فلم

٣٠

يبق أحد في المدينة إلَّا استقبله.

وولده الشيخ مرتضى اليوم من أجلّاء العلماء ورؤسائهم في المشهد المقدس الرضوي رأيناه أيّام تشرفنا بزيارة ذلك المشهد المقدس سنة ١٣٥٣.

مؤلفاته

١. حاشية الرسائل وتسمى بحر الفوائد في شرح الفرائد ألّفها في النجف وهذّبها في طهران في مجلد ضخم مطبوعة. وله رسائل في مسائل شتّى كلّها مطبوعة سوى رسالة قضاء الأعلم فإنّها لم تطبع وهي : ٢. إزاحة الشكوك في اللباس المشكوك ٣. في قاعدة الحرج ٤. في الإجزاء ٥. في نكاح المريض ٦. في الجمع بين الإنشاء والقراءة في الصلاة ٧. فيما إذا سلم جماعة على شخص واحد فهل يكتفي بجواب واحد ٨. في أواني الذهب والفضة ٩. في قضاء الأعلم ١٠. في الصحيح والأعم ١١. في المشتق ١٢. في مقدمة الواجب ١٣. في اقتضاء الأمر النهي عن الضد ١٤. في اجتماع الأمر والنهي ١٥. مبحث الخلل من الصلاة ، كبير جداً ١٦. القضاء والشهادات ، كبير أيضاً جداً ١٧. الرهن ١٨. الخمس ١٩. الزكاة ٢٠. الوقف ٢١. الإجارة ٢٢. إحياء الموات ؛ وهي من مبحث الخلل إلى هنا تقرير بحث استاذه الشيخ مرتضى في ثلاثة مجلدات ٢٣. الغصب ٢٤. رسالة تقليدية».

وفي كتاب الفوائد الرضويه ، ص ٤٥١ فيقول عنه الحاج الشيخ عباس القمي : «محمد حسن الآشتياني الرازي ، عالم فاضل محقّق مدقّق في الفقه والاصول استاذ عصره في الطهران لكلّ طلبة العلم بها إليه الرحلة في إيران ، وهو اوّل من نشر علوم استاذه استاذ الكلّ شيخنا العلّامة الأنصاري ،

٣١

وكتب تقريرات درس استاذه في الفقه والاصول بأبسط ما يكون. وقد طبعت حاشيته على كتاب الرسائل وكان المرجع العامّ في الطهران ، حجّ سنه ١٣١١ ق ، وجاء إلى العراق ولمّا جاء إلى سامراء أمر سميّه حجة الإسلام الشيرازي أهل العلم باستقباله فاستقبله العلماء واضافه وزاد في إكرامه لأنّ فيه جمالاً للدين يومئذ وتوفي سنه ١٣١٤ (كمله).

قلت وقبره في النجف في الصحن الشريف». (١) والشيخ محمّد حرز الدين وهو من علماء النجف الاشرف في كتابه «معارف الرجال» يصف الميرزا الآشتياني بالخبير البصير وصاحب الكلمة المسموعة لدى عامة الناس.

__________________

(١). جاء في كتاب الفوائد الرضوية ، ص ٤٥١ أنّ وفاة الميرزا الآشتياني كانت في سنة ١٣١٤ ، وقد اعترض عليه في بعض الكتب وادّعوا أنّه غير صحيح. ومما يجدر ذكره أنّ وفاة الميرزا الآشتياني كانت في ليلة الجمعة ٢٨ جمادى الاولى سنة ١٣١٩ قمرية ، وهو ما جاء في كافّة المصادر التي تناولت ترجمة الميرزا الآشتياني.

الشيخ آغا بزرگ الطهراني قال في كتاب نقباء البشر ، ج ١ ، ص ٣٩٠ ؛ وفي كتاب الذريعة ، ج ١ ، ص ١٢٢ و ٢٩٥ و ٣٠٩ و ٥٢٧ ؛ وج ٣ ، ص ٤٤ ؛ وج ٥ ، ص ١٣٧ ؛ وج ١٥ ، ص ٢٦٣ ؛ وج ١٧ ، ص ٩ ؛ دوّن تاريخ وفاته بأنّه في سنة ١٣١٩ ق وفي موارد اخرى كالذريعة ، ج ٧ ، ص ٢٤٨ ؛ وج ١٧ ، ص ١٤١ ؛ وج ٢٥ ، ص ١٣٩ ؛ دوّن تاريخ وفاته بأنّه في سنة ١٣١٨ ق. ومع مراجعة ومطالعة ، نعرف أنّ وفاته لم تكن في سنة ١٣١٨ ق ، ذلك أنّه فرغ من كتابة تعيّن قضاء الأعلم في شهر رمضان سنة ١٣١٨ ق ومن جانب آخر ، فانّ معاصري الميرزا الآشتياني قد كتبوا وثبتوا تاريخ ٢٨ جمادى الاولى لسنة ١٣١٩ ق ، تاريخاً لوفاته ، وهو الأصحّ. فالقول الأوّل ، يعنى أنّ وفاته كانت قبل إتمامه لكتابة رساله تعيّن قضاء الأعلم في رمضان ١٣١٨ ق.

وامّا بشأن ما جاء في الفوائد الرضوية بأنّ وفاته كانت في ١٣١٤ فهو إمّا خطأ مطبعي أو انّ المأخذ والمصدر الذي نقل عنه وهو تكملة أمل الآمل كان فيه هذا الخطأ. وهناك قرينةٌ على ذلك ، وهي أنّ هذه العبارات لم تكن منه ، بل نقلها (ترجمة الآشتياني) من مصدر آخر ، كما قد جاء بين القوسين في آخر الترجمة (كمله) أي تكملة أمل الآمل. وثانياً ، بعد هذه العباره ، قد كتب : «وقلت وقبره في النجف في الصحن الشريف» أي ، إنّي أقول أنّ قبر الآشتيانى ... إذاً ، فالخطأ كان في مأخذ كتاب الفوائد الرضوية أو أنّه من المطبعة.

٣٢

وفي كتاب «ريحانة الأدب» يقول عنه المدرس التبريزي ما مضمونه : «عالم محقق وفاضل مدقق من اعيان العلماء والمجتهدين الايرانيين والمعروف بفضله وتديّنه ووثاقته وهو من تلامذة الشيخ مرتضى الأنصاري وقد جاء أخيراً إلى طهران ، وتعد حوزة دراسته مرجعاً للكثير من اجلّاء عصره».

ويقول عنه مؤلف كتاب المآثر والآثار : «الميرزا محمد حسن الآشتياني سلّمه الله ، يعتبر الآن حيث يكتب هذا المؤلف [سنة ١٣٠٦ ه‍. ق] من الزعماء الكبار في العاصمة (طهران) ، كانت دراسته وإكمالها عند استاذ الكلّ ، شيخ الطائفة ، حجّة الحق ، الشيخ مرتضى التستري الأنصاري رضوان الله عليه. ومع مجيء هذا العالم الكبير إلى طهران ، فقد أصبحت دراسة اصول الفقه التكميلية على اسلوب جديد وعظيم ، وبعد وفاة المرحوم الحاج ملا هادي ، التفّ عمدةُ التلامذة والطلبة في العاصمة حول هذا العالم النحرير ، ومنذ سنين وهو يقوم بأداء مسئولياته الشرعية ، أدام الله أيّام إفاضاته». (١)

اولاد واحفاد الميرزا الآشتياني (ره)

اولاد الميرزا الآشتياني (ره) إلى جانب المؤلّفات والآثار العلمية التي خلفها وتربيته وإعداده لتلامذةٍ علماء ، فقد أعقب أولاداً فضلاء أربعة ابناء وبنت واحدة.

١. نجله الكبير ، المرحوم آية الله الحاج الشيخ مرتضى الآشتياني ، وهو من علماء عصره البارزين ، وقد خَلفَ والده في طهران وفي مدينة مشهد المقدس وفرشت له وسادة الزعامة الدينية للحوزة العلمية ، وكان يحضر درسه الكثير من طلبة العلوم الدينية.

__________________

(١). المآثر والآثار ، ج ١ ، ص ٢٠٤ ؛ تأليف محمد حسن خان اعتماد السلطنة (أربعون سنة من تاريخ ايران في عهده ملكوية ناصر الدين شاه) بمساعي ايرج افشار ، انتشارات اساطير ، ١٣٦٣ ه‍. ش.

٣٣

وقد قام ولده آية الله الحاج الميرزا محمود الآشتياني بكتابة تقريرات أبحاثه في الفقه ، وهي في أبحاث عقد الإجارة وأحكامها.

وكان للشيخ مرتضى دور بارز في قضية إلغاء امتياز البنك الروسي. ولادته كانت بعد مُضي ليلة واحدة على وفاة شيخ المشايخ والفقهاء الشيخ الأنصاري (ره) ، ونظراً للوشائج العاطفيّة التي كانت تربط والده باستاذه الشيخ الأنصاري ، فقد اسماه والده باسم الشيخ مرتضى الأنصاري. وقد توفي (ره) في سنة ١٣٦٥ ه‍. ق في مدينة مشهد المقدسة ودفن في الحرم الرضوي هناك.

٢. والولد الثاني للشيخ الميرزا محمّد حسن الآشتياني ، هو الحاج الشيخ مصطفى الآشتياني الذي كان يُلقب بافتخار العلماء. وكان إلى جانب كسبه للعلوم الدينية الحوزوية يتمتع بقريحة أدبيّة مرهفة ، حيث له ديوان شعر بالفارسية باسم افتخار نامه حيدري في مدح أمير المؤمنين عليه‌السلام وشرح حروبه التي خاضها ضد أعداء الإسلام.

وكان يتخلص في أشعاره بعنوان «صهبا» وقد اغتيل في مدينة ري سنة ١٣٢٧ ه‍. ق.

٣. ثالث أولاد الميرزا محمد حسن الآشتياني ، هو الحاج الميرزا هاشم ، وكان علاوةً على صبغته العلمائية الروحانية ، يمتاز بالوجاهة السياسية المرموقه ، حيث انتخبه أهالي طهران لدورات عديدة لتمثيلهم في مجلس الشورى الوطني. من آثاره العلمية كتاب دعاء باسم أبواب الجنات ، وقد طبع في مجلدين.

ومن مبادراته المفيدة ، طبعه لكتاب القضاء لوالده ، حيث لم يكن مطبوعاً حينذاك.

وفاته كانت حدود السنة ١٣٤٠ ه‍. ش ومدفنه في مدينة مشهد المقدسة.

٤. والولد الرابع للميرزا محمد حسن الآشتياني ، هو العلّامة الكبير المرحوم آية الله الحاج الميرزا أحمد الآشتياني المولود في سنة ١٣٠٠ ه‍. ق ، وقد درس على يد والده المعظّم وبعض الأساتذة في طهران والنجف الأشرف حتّى وصل إلى مراتب راقية في العلوم العقليّة والنقليّة ، واستقرّ به الحال في طهران حيث انشغل بالتعليم والتأليف

٣٤

ورعاية شئون الناس الدينية والاجتماعية. ومن تلامذته العلّامة الطباطبائي صاحب تفسير الميزان.

مؤلفات المرحوم الحاج الميرزا أحمد متنوعة ومتعددة غير أنّه مما يؤسف له أنّ الكثير منها لم تطبع حتّى الآن. اعتماداً على بعض الفهارس ، فانّ ما طبع من كتبه ورسائله قد تجاوز العشرين ، منها كتاب «طرائف الحكم» وهو كتاب يجمع أحاديث في الأخلاق مع ترجمة سلسلة لها ، وقد طبع في مجلدين. ولميرزا أحمد اشعار ، يتخلّص فيها بعنوان «واله». وعشرون رسالة ، تصحيح وتحقيق : آية الله رضا استادي ، طبعة مكتب الأعلام الإسلامي سنة ١٣٨٣ ه‍. ش ، وغيرها ، راجع عشرون رسالة ، ص ٢٢ ٢٥.

٥. للمرحوم الميرزا حسن الآشتياني بنت واحدة باسم فاطمة ، تعرف ب «آقازاده خانم» وقد تزوجت بابن عمّها الميرزا جعفر المعروف بالميرزا كوچك ، وكان من تلامذة الميرزا محمد حسن الآشتياني ، وقد انجبت ولداً نال مقاماً علميّاً عالياً ، سنتطرق إليه عند ذكر أحفاد الآشتياني.

احفاد المرحوم الميرزا حسن الآشتياني (ره) احفاده كثيرون ، سوى أنّنا ، سنذكر فيما يلي بعضهم:

١. سماحة آية الله الحاج الميرزا محمود الآشتياني بن الحاج الشيخ مرتضى من أحفاد الميرزا محمّد حسن الآشتياني ، وقد تتلمذ عند والده المعظّم والمرحوم آية الله الشيخ عبد الكريم الحائري. له مؤلّفات في الفقه والاصول ، منها كتاب الإجارة ، وهي تقريرات دروس فقه والده المعظم. وكتابان آخران كتاب الصلاة وكتاب النكاح وهي تقريرات دروس فقه استاذه الآخر آية الله الحائري (ره) ، وله كتاب في الاصول باسم بحر الفرائد في شرح درر الفوائد ، وهو شرح لمباحث القطع إلى آخر كتاب درر الفوائد للمرحوم آية الله الحائري ، والذي ألّفه قبل حضوره درس استاذه. وجميع مؤلّفاته قد تمّ طبعها ، هذا إلى جانب تصحيحه وتنقيحه لكتاب القضاء ، وأعدّه

٣٥

حسب أمر عمّه المعظّم للطبع.

٢. حفيده الآخر من ابنته ، الذي يعتبر من العلماء الكبار خاصّةً في المعقول حيث فاق فيه الآخرين ، هو آية الله الحاج الميرزا مهدي الآشتياني. له مؤلّفات قيّمة ، منها ، شرح منظومة المنطق والفلسفة ، وكتاب بعنوان أساس التوحيد ، وقد تمّ طبعها.

هذا وقد أنتقل إلى الرفيق الأعلى عزوجل في سنة ١٣٧٢ ه‍. ق ، ودفن في الرواق الأعلى لحرم السيدة فاطمة المعصومة عليها‌السلام في قم المقدسة.

٣. الميرزا الحاج محمد باقر الآشتياني بن المرحوم الميرزا أحمد ، هو حفيد آخر للشيخ الميرزا الآشتياني ، وله كوالده مؤلّفات متنوعة وعديدة ، يبدو أنّ المطبوع منها فقط اثنين وهما رسالة في إحياء الموات وأحكام الأرضين ، والآخر رسالة في الإرث ، وكان كسائر أفراد اسرته لهم مشاركات وخدمات اجتماعية إلى جانب نشاطه العلمي.

ولادته كانت في سنة ١٣٢٣ ه‍. ق ، ووفاته في ١٤٠٤ ه‍. ق ، ومدفنه في جوار السيّد عبد العظيم الحسني بري.

٤. من أحفاد الميرزا الآشتياني الآخرين ، هو الميرزا الاستاذ اسماعيل الآشتياني بن الحاج الشيخ مرتضى وشقيق المرحوم الحاج الميرزا محمود ، وعلى الرغم من عدم ارتدائه زي علماء الدين إلَّا أنّه كان ذا فضل ومعرفة وله باع طويل في الفن. وقد درس فنّ الرسم حتّى صار استاذاً بارزاً فيه يدرس في كلية الفن بجامعة طهران.

له مؤلفات عديدة ، اثنان منها حول الشؤون الدينية وهما : ١. الصلاة في الإسلام ٢. أدعية القرآن أو أحسن الأدعية ، وكان يقول الشعر ، ويتخلص بعنوان «شعلة» وطبع له ديوان شعر. وقد وافته المنيّة في ١٣٤٩ ه‍. ش.

٣٦

نبوغ الميرزا الآشتياني (ره)

تدريسه وتربيته واعداده للطلبة :

تمتع الميرزا الآشتياني بذكاء وحكمة وفطنة ودقّة في النظر والبحث ، ويمكن القول إنّه كان من النوابغ العلميّة في عصره ، وأفضل شاهد على ذلك ، هو ما خلّفه من آثار علمية إضافةً إلى تدريسه وإعداده وتربيته للطلبة والتلاميذ. حيث انشغل منذ أيّام شبابه وقبل سفره إلى النجف الأشرف ، بالتدريس وإعداد الطلبة وتربيتهم وهذا ما واصله في حوزتي النجف الأشرف وطهران.

وعلى الرغم من أنّ جميع من كتبوا عن الميرزا الآشتياني وحياته اذعنوا أنّ تلامذةً وطلاباً كثيرين. كانوا يحضرون دروسه للتزوّد من آرائه وآراء استاذه الشيخ الأنصاري ، غير أنّه مما يؤسف له ، أنّه خلال بحثنا وتحقيقنا وتتبّعنا فيما كُتب عنه ، لم نعثر على أسماء جميع تلامذته. سوى أنّنا تمكّنا من خلال مراجعة تراجم بعض الشخصيات العلمية أنْ نحصل على أسماء بعضهم ، وفيما يلى أسماءهم.

تلامذة الميرزا الآشتياني (ره):

١. آية الله العظمى الحاج الميرزا محمّد علي الشاه آبادي (ره) ، ابن المرحوم الميرزا محمّد جواد المجتهد الأصفهاني ، المتوفى عام ١٣٦٩ ه‍. ق.

وهذا العالم هو من الأساتذة الكبار للمرحوم الإمام الخميني (ره) ، ولا غرو إذا قيل إنّ الإمام كان يكنّ له حُبّاً وفيراً يصل إلى أحد العشق.

٢. آية الله العظمى الحاج الميرزا محمّد فيض (ره) المتوفى ١٣٧٠ ه‍. ق كان مُقيماً في مدينة قم قبل أن يهاجر إليها مؤسّس حوزتها آية الله العظمى الشيخ عبد الكريم الحائري (ره) ومشغولاً بالتدريس فيها. وعند ما جاء إليها الشيخ الحائري ، شاطره في تأسيس وتقوية الحوزة. وهو أحد أساتذة المرحوم آية الله الحاج الشيخ أبو القاسم دانش (ره).

٣٧

٣. العالم الجليل والفقيه المعظّم الحاج محمد حسين بن المرحوم الشيخ محمد عليّ الخراساني (ره). وكانت وفاته في ١٧ من ذي الحجة الحرام سنة ١٣٤٧ ه‍. ق بعد أدائه لمناسك الحج في مكّة المكرّمه وقد دفن في مقبرة أبي طالب عليه‌السلام. وهو من أساتذة المرحوم العلّامة الكبير الحاج الشيخ آغا بزرگ الطهراني (الشيخ محمّد محسن) صاحب كتاب الذريعة إلى تصانيف الشيعة وغيرها.

٤. الحاج الشيخ محمّد السرخه اي (ره) وكان من علماء طهران.

٥. الحاج الشيخ باقر بن الشيخ محمد رفيع الطهراني (ره) وكان من مدرسي مدرسة مروي في طهران واستاذاً للمرحوم الحاج الشيخ آغا بزرگ الطهراني وغيره.

٦. السيد الجليل المرحوم السيّد رجب مجد العلماء القزويني خرقاني (ره).

٧. المرحوم العالم الرباني الشيخ محمد تقي الآشتياني (ره) وهو ابن آية الله آخوند ملّا أحمد الآشتياني ووالد المرحوم آية الله الشيخ أبو القاسم دانش (ره).

٨. آية الله الشيخ محمد جواد ابن العلّامة الحاج ملّا غلام رضا المجتهد القمي المعروف بالحاج آخوند (ره).

٩. آية الله الشيخ محمد علي الحائري القمي ، المتوفى سنة ١٣٥٨ ه‍. ق وهو من علماء قم الكبار في عصر المرحوم آية الله الشيخ عبد الكريم الحائري مؤسّس حوزة قم.

١٠. آية الله الحاج آقا حسين القمي (ره) المتوفى ١٣٦٦ ه‍. ق وهو من العلماء الذين كانوا مرشّحين لتصدي المرجعية بعد وفاة آية الله العظمى السيد أبو الحسن الأصفهاني (ره). غير أنّ المنيةَ لم تمهله لذلك.

١١. الميرزا محمد خان القزويني المتوفى ١٣٢٨ ه‍. ش ، صاحب المذكّرات المعروفة.

١٢. سماحة الآيات والحجج : الحاج الشيخ مرتضى الآشتياني المتوفى سنة ١٣٦٦ ق.

١٣. والحاج الشيخ مصطفى الآشتياني المتوفى سنة ١٣٢٧ ه‍. ق.

١٤. والحاج الميرزا هاشم الآشتياني المتوفى سنة ١٣٤٠ ه‍. ق.

٣٨

١٥. والحاج الميرزا أحمد الآشتياني المتوفى سنة ١٣٩٥ ه‍. ق.

وهؤلاء (١٢ ١٥) هم أُولاد المرحوم الميرزا الآشتياني (ره) نفسه رحمهم‌الله جميعاً.

١٦. الميرزا جعفر (ره) المعروف بالميرزا كوچك ، ابن أخ وصهر المرحوم الميرزا الآشتياني نفسه ووالد المرحوم آية الله الحاج الميرزا مهدي الآشتياني (ره).

١٧. السيد محمد رضا الحسيني أفجه اي (ره) وهو الكاتب لتقريرات دروس الميرزا الآشتياني ، المتوفى ١٣٦٢ ه‍. ق.

١٨. آية الله السيّد عباس الشاهرودي (ره) المتوفى سنة ١٣٤١ ه‍. ق ، وهو ابن السيد اسماعيل الموسوي الشاهرودي المشهدي (ره).

١٩. آية الله الحاج السيّد نصر الله تقوي (ره) ابن السيد رضا تقوي (ره).

٢٠. آية الله الميرزا إبراهيم الزنجاني (ره) المتوفى ١٣٥١ ه‍. ق ابن أبو الفتح الزنجاني (وهو غير الذي حاكم الشهيد الشيخ فضل الله النوري الذى كان اسمه أيضاً ابراهيم الزنجاني).

٢١. آية الله السيد محمد بن محمد تقي الحسيني التنكابنى (ره) المتوفى ١٣٥٩ ه‍. ق.

٢٢. آية الله فيّاض (ره) المتوفى ١٣٦٠ ه‍. ق ابن الملّا محمّد مدرّس ديرجي (ره).

٢٣. آية الله الميرزا مسيح الطالقاني (ره) المتوفى ١٣٢٩ ه‍. ق.

٢٤. آية الله الشيخ علي اكبر حكمي (ره) ابن محمد مهدي اليزدي القمي (ره).

٢٥. آية الله السيد أبو القاسم الحسيني (ره).

٢٦. آية الله ملّا رحمة الله الكرماني (ره) صاحب الحاشية المعروفه على الرسائل.

٢٧. آية الله السيد اسماعيل المرعشي (ره) الملقّب بشريف الإسلام المتوفى عام ١٣٥٤ ه‍. ق.

٢٨. آية الله المُلّا اسماعيل المحلّاتي (ره) المتوفى ١٣٤٣ ه‍. ق.

٢٩. آية الله الشيخ علي أكبر صدر الفضلاء (ره) المتوفى ١٣٦١ ه‍. ق.

٣٩

٣٠. آية الله الشيخ علي أكبر النهاوندي (ره) صاحب كتاب العبقري الحسان والمتوفى ١٣٦٨ ه‍. ق.

٣١. آية الله الشيخ أبو القاسم الكبير القمي (ره) المتوفى ١٣٦٩ ه‍. ق.

٣٢. آية الله الشيخ محمد تقى النهاوندي (ره).

٣٣. آية الله الشيخ محمد الكبير القمي (ره) المتوفى ١٣٦٩ ه‍. ق.

٣٤. آية الله المولى محمد بن علي بن محمد بن علي الآملي الطهراني المتوفى ١٣٣٦ ه‍. ق.

٣٥. آية الله المولى عبد الرسول النوري المازندراني (ره) المتوفى ١٣٢٥ ه‍. ق.

٣٦. آية الله الشيخ محمود اللواساني الطهراني (ره).

٣٧. آية الله عبد الرسول فيروز كوهي قزقانجاهي (ره) ، المتوفى ١٣٢٣ ه‍. ق هؤلاء هم الذين عثرنا على أسمائهم ويندرجون في قائمة اسماء تلامذة الميرزا الآشتياني ، وقد قامَ أحد الأصدقاء بتأليف كتاب حول حياة هذا العالم الربّانى ، يذكر فيه حوالي ١٥٠ اسماً لتلامذته ، وهو أيضاً من منشورات مؤتمر تكريم العلّامة الآشتياني.

ولقد صَحَّ ما قاله محمد علي المصباحي النائيني المعروف والمتخلص ب (عبرت) ان ما يقارب المائتين كانوا يحضرون دروسه ، حيث قالَ ما نصَّه : «كان الحاج الميرزا حسن الآشتياني من أبرز تلامذه الشيخ مرتضى الأنصاري (ره) ، وله باع طويل في الفقه والأُصول ، وكان يحضر درسه ما يقارب المائتين. وفاق العلماء في الأُصول والفقه الاستدلالى وفوضت إليه الأُمور الشرعيّة في العاصمة الإيرانية. وكان لأبنائه حظ وافر في الفضل والكمال والمعقول ، وذلك في عهد الحكم الپهلوي الذي طويت فيه ابسطة مجالس الفقه والدرس والبحث [!؟!]». (١)

__________________

(١). تذكرة مدينة الأدب ، ج ٢ ، ص ٧٣٠ المؤلف ، والصفحة ٦٧٤ المجلس ، تأليف محمد علي المصباحي النائينى المعروف ب «عبرت» بخط المؤلف ، طهران ، مكتبة ومتحف ومركز وثائق مجلس الشورى الإسلامي ، ١٣٧٦ ه‍. ش.

٤٠