الرسائل التسع

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني

الرسائل التسع

المؤلف:

آية الله ميرزا محمّد حسن بن جعفر الآشتياني


الموضوع : الفقه
الناشر: انتشارات زهير
الطبعة: ٠
ISBN: 964-8076-27-8
الصفحات: ٣١٥

الموضوعات فخطأ أيضاً ، لما ذكرناه سابقاً ، ولأنّه يلزمه [مثل] ما يلزم التّصويب (١) ، ولو عرض على أدنى العوامّ القول باجتماع الصّفات المتضادّة باعتبار اختلاف الاجتهادات المتضادّة لعدّة من الخرافات ، انتهى ما أردنا نقله من كلامه الشّريف قدس‌سره اللّطيف (٢).

وهو كما ترى صريح في ما حكينا عنه من التّفصيل في النّقض بين تبدّل العلمى والظّنّى مطلقاً.

وليس مراده من القسم الثّالث ما اخترناه من ملاحظة المصلحة التّسهيلية في جعل الطرق ، من دون أن يحدث في ما قام الطّريق عليه مصلحة ، أمّا من حيث صيرورتها علّة لذلك من دون ملاحظة أخذها صفة وعنواناً ، كما في القسم الأوّل من التّصويب ، أو من حيث كونها عنواناً ، كما في القسم الثّانى من التّصويب في كلامه ؛ لأنّه كما أسمعناك يشارك الطّريقيّة من حيث الآثار واللّوازم ؛ ولا ما أفاده شيخنا العلّامة قدس‌سره في كتابه في القسم الثّالث من الأقسام المتصوّرة للمصلحة من الالتزام بوجود المصلحة في جعل الطّريق في ما كان جعلها عند التّمكّن من العلم في المسألة بما يتدارك به ما يفوت من المكلّف من مصلحة الواقع بواسطة سلوك الأمارة كالفضيلة في ما تبيّن الخطأ في أثناء الوقت ، وتمام المصلحة المشتركة في الوقت ، إذا تبيّن الخطأ بعد خروج الوقت ، مع الالتزام بوجوب القضاء في وجه والحال هذه ، من جهة تعلّقه على مجرّد ترك الواجب وإن تداركت مصلحته ؛ وإن نوقش في هذا الوجه بما فصّلنا القول فيه في التعليقة ، فإنّه يشارك الطريقيّة أيضاً بحسب الآثار واللّوازم ، مع التزام الشّيخ المتقدم ذكره بالنّقض في الرّجوع العلمى ، بل مراده عند التأمّل : قصر حجّية الأدلّة الظّنيّة بالنّسبة إلى غير ما أوقعه من الأفعال ، وهذا أمر ممكن بعد مساعدة البرهان عليه ، وإن لم يكن في مفاد الطّريق فرق بين الأفعال والأزمنة حسب ما فصّلنا القول

__________________

(١) في المصدر :(((لزم المصوّب))) ، وما بين المعقوفين موجود في المصدر.

(٢) كشف الغطاء ، صص ٤٠ ـ ٣٩.

١٢١

فيه في ما أسمعناك ، فإنّ التّكليف من حيث الحجّية والاعتبار لا من حيث الطّريقيّة ، وهذا غير عزيز في الأمارات على ما فصّلنا القول فيه في التّعليقة ، إلَّا أنّ الشّأن في قيام البرهان عليه.

فما أفاده قدس‌سره ، قسم ثالث للطريق برزخ بين التصويب المستلزم لعدم النقض مع انكشاف الخطأ علماً ، والتخطئة المستلزمة للنقض حتى مع انكشاف الخطأ ظنّاً.

ثمّ إنّ أفاده من مساواة الجهل والنّسيان للإدراك من حيث المستثنى والمستثنى منه وسوقها بسياق واحد ، وإن كان قد يناقش فيه بما أشرنا إليه في مطاوى ما عرفت في المسألة في أقسام الأمر ، إلَّا أن يحمل على القضيّة المهملة ، بالنسبة إلى الادراك ، فإنّه يمكن جعله عنواناً في الموضوعات الخارجيّة ، ويحمل قوله في المستثنى على قابليّة الجهل والنّسيان للموضوعيّة بحسب اللّب ، لا بحسب موضوع الخطاب بحيث

يرجع إلى تنويع متعلّقه ، إلَّا أنّ الغرض من نقله الاشارة إلى القسم الثّالث البرزخ ليس إلَّا ، كما أنّ هنا بعض فروع تعرّضوا فيه في مسألة تبدّل الرّأى كوجوب إعلام المفتى المستفتى بالتبدّل وعدمه ونحوه ، طوينا عنه لأنّ الغرض إجمال القول في المسألة لا التّعرّض لها تفصيلاً.

هذا آخر ما أردنا إيراده في المقام والمرجوّ ممّن ينظر فيه العفو ممّا يطّلع عليه من السّهو والخطأ ، لأنّى عملت المسألة في اسبوع ، مع ما بى من القصور من تشتّت البال والابتلاء بالأهواء الباطلة الرّديّة للسفلة من طلبة أهل الزّمان هداهم الله تعالى إن كانوا أهلاً للهداية ، مع أنّ السهو والخطأ من الطّبيعة الثّانويّة لمن لم يعصم منهما ، والحمد لله أوّلاً وآخراً ، وله الشّكر ظاهراً وباطناً ، والصلاة والسّلام على نبيّه وآله الطّاهرين متواتراً مستوثقاً ، واللعنة على أعدائهم أبداً دائماً سرمداً.

١٢٢

الفصل الثالث

رسالة إزاحة الشكوك

في احكام

لباس المصلّي المشكوك

١٢٣
١٢٤

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على محمد وآله الطّيّبين الطّاهرين المطهّرين المعصومين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدّين.

وبعد فقد صعب الأمر وكثر القول فيما جزم به المعظم ، في باب الخلل من بطلان الصّلاة ، فيما لا يعلم كونه من المأكول من اللّباس ، من جهة كثرة الابتلاء بما يحمل من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام مما يعمل من الصوف والوبر والشعر ، كالماهوت ونحوه ممّا يلبسه الرجال والنساء ، مع عدم علمهما بحاله وقد سألني جمع من حاضري مجلس البحث ، أن أعمل رسالة مفردة في ذلك ، وإن شرحت القول فيه في طيّ مسائل الخلل في سالف الزمان ، عند قراءتي على شيخي وسندي علّامة دهره وآية الله في عصره الحاج شيخ مرتضى أعلى الله مقامه وطيّب رمسه ، فأجبت مسئولهم مع قصور النّظر والابتلاء بالمشاغل الشاغلة عنه ، والمرجوّ من إخواني أهل العلم أن يتسامحوا عند وقوفهم على الخطأ لاختصاص العصمة بأهلها وعلى الله التكلان ، فنقول :

الموضع الأول :

الصلاة في اللباس المردد بين مأكول اللحم وغيره

اعلم أنّه قد اختلفت كلمة الأصحاب في جواز الصّلاة فيما لا يعلم حاله ، من حيث

١٢٥

كونه من مأكول اللحم ، أو من غيره ، ممّا لا يجوز الصّلاة فيه مع تبيّن حاله سواء كان من اللباس ، أو المحمول ونحوه ، إذا كان الشك فيه من حيث الشبهة الموضوعية لا الحكميّة ، نظراً إلى قضيّة اتفاقهم على جواز الصّلاة في أجزاء ما يشكّ في كونه مأكول اللّحم شرعاً بالنظر إلى الأصول اللّفظية والعملية الجارية في الحيوان ، المقتضية لحليّة أكل لحمه ، من جهة الشبهه في الحكم.

الاقوال في المسألة :

قول المشهور

ولمّا كان منع الصّلاة في اللباس المشتبه أوضح عندهم من منعها في المحمول ونحوه فلا بدّ من إيراد الكلام في موضعين.

فنقول : إما اللّباس ، فالمشهور على بطلان الصّلاة فيه ، بل نسبه في شرح الارشاد المحقق الأردبيلي (١) قدس‌سره إلى الاصحاب في بعض كلماتهم ، بل في المدارك (٢) وغيره ، إلى قطعهم به ، بل لم نقف على من تأمل فيه إلى زمان المقدّس الورع الأردبيلي قدّس الله نفسه الزكيّة ،

القول المخالف للمشهور

وذهب غير واحد من المتأخّرين منهم ، المحقّق القمي (٣) في بعض اجوبة مسائلة ، والفاضل النراقي (٤) في مستنده ، إلى الصحة وقد سبقهم إلى ذلك السيّد قدس‌سره في المدارك (٥)

__________________

(١) شرح الارشاد (مجمع الفائدة والبرهان) ٢ : ٩٥.

(٢) المدارك ٣ : ١٥٨.

(٣) جامع الشتات ٢ : ٧٧٦ ٧٧٧.

(٤) مستند الشيعة ٤ : ٣١٧.

(٥) المدارك ٣ : ١٥٨.

١٢٦

في وجه تبعاً لميل شيخه اليه في شرح الارشاد (١) ، وشيخنا البهائي في حبل المتين (٢) ، والمحدّث المجلسي ، (٣) والمحقّق الخوانساري (٤) ، والفاضل السبزواري (٥) ، على ما حكى عنهم ، وبعض الاعلام «ميرزاي شيرازي» من سادة من عاصرناه الذي انتهت إليه رئاسة الامامية في عصره ، في أواخر أمره ، وإن كان موافقاً للمشهور في أوائل امره قدّس الله سرّه الزّكيّ وأسرارهم الزكيّة.

التفصيل بين المانعية والشرطية

وعن بعض المعاصرين التفصيل في المسألة : بين جعل الشرط في السّاتر واللباس ، حلّ أكل اللّحم فيما كان من أجزاء الحيوان ؛ فيحكم بلزوم إحراز الشرط وكونه من المأكول ، والفساد مع الشكّ فيه. وبين جعل المانع فيه ، حرمة أكل اللحم إذا كان من أجزاء الحيوان ؛ فيحكم بعدم لزوم إحرازه وصحّة الصّلاة ، مع الشّكّ فيه واختار الوجه الثاني ، من الوجهين. وسنوقفك على الوجه فيما اختاره ، والفرق بين الوجهين ، عند الكلام في الأدلّة.

كلام المحقق الأردبيلي

قال المحقق الأردبيلي قدّس الله نفسه الزكيّة ، في شرحه بعد الكلام في إثبات بطلان الصّلاة فيما لا يؤكل لحمه عدا ما استثني ، ما هذا لفظه : «ثمّ الظّاهر من بعض كلام القوم ، أنّه كلّ ما لم يعلم أنّه مأكول اللّحم ، لا تجوز الصّلاة في شيء منه أصلاً ، حتى عظم يكون عروة للسكّين والمرمى وغير ذلك ،

__________________

(١) شرح الارشاد (مجمع الفائدة والبرهان) ٢ : ٩٥.

(٢) الحبل المتين : ١٨١.

(٣) البحار ٨٠ : ٢٢٢.

(٤) تعليقات على شرح اللمعة : ١٧٨.

(٥) انظر السبزواري ذخيرة المعاد : ٢٢٥.

١٢٧

فالمشكوك والمجهول لا تجوز الصّلاة فيه ، والأصل وإطلاق الأمر ، والشهرة في العمل وبعض الآية الدّالة على تحليل كلّ ما خلق ، والزينة واللباس ، وحصر المحرّمات ، وكذا الأخبار مثل الأخبار الصحيحة ، في أن كلّ ما اشتبه بالحرام فهو حلال ، والسعه ، وعدم الحرج ، يدلّ على الجواز ، ما لم يعلم أنه ممّا لا يؤكل.

ويدلّ عليه حكمهم بطهارة كلّ شيءٍ حتّى يعلم أنه نجس ، ولولا ذلك لأشكل الأمر إذ لم يعلم كون أكثر الثياب المعمولة والفراء والسقرلاط وما عمل لغمد السيف والسّكين ، كذلك إلَّا أن يكتفى بالظن وهو أيضاً مشكل ؛ لعدم حصوله بالنسبة إلى كثير من النّاس ؛ فينبغي الجواز ما لم يعلم أو يظنّ ظنّاً غالباً». وساق الكلام إلى أن قال :

«ولا يضرّ حكمهم بأنّ الحيوان ما لم يعلم أنّه حلال يحكم بتحريمه ، على تقدير التسليم ؛ لأنّ ذلك يلحق بالمعلوم ، في أكل اللحم فقط لا في جميع الأحكام المترتبة على ما هو حرام في الحقيقيّة» (١). انتهى ما اردنا نقله من كلامه.

كلام لصاحب المدارك

وقال في المدارك (٢) ، في باب اللباس من الصّلاة ، بعد الحكم ببطلان الصّلاة فيما لا يؤكل لحمه ، تبعاً للأصحاب في طيّ ما ذكره من الفروع ، ما هذا لفظه :

«الثالثة : ذكر العلّامة في المنتهى (٣) أنّه لو شكّ في كون الشعر ، أو الصّوف ، أو الوبر من مأكول اللحم ، لم يجز الصّلاة فيه ؛ لإنها مشروطة بستر العورة بما يؤكل لحمه والشّكّ في الشرط يقتضي الشكّ في المشروط ، ويمكن أن يقال : إنّ الشّرط ستر العورة والنهي إنّما تعلّق بالصّلاة في غير المأكول ، فلا يثبت إلّا مع العلم بكون الساتر كذلك ،

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٩٥.

(٢) المدارك ٣ : ١٦٧.

(٣) المنتهى ١ : ٢٣١.

١٢٨

ويؤيّده صحيحة (١) عبد الله بن سنان ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «كل شيءٍ يكون فيه حلال وحرام فهو لك حلال أبداً حتّى تعرف الحرام بعينه» ولا ريب أنّ الاحوط التنزّه عنه». انتهى كلامه ، رفع مقامه.

وقال : في باب الخلل ، فيما علّقه على قول المصنّف : «الثالث : إذا لم يعلم أنه من جنس ما يصلّى فيه وصلّى أعاد» (٢) بما هذا لفظه :

«هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب ، واستدلّ عليه في المنتهى (٣) : بأن الصّلاة مشروطة بستر العورة بما يصلّى فيه ، والشكّ في الشرط يقتضي الشكّ في المشروط ، ويمكن المناقشة فيه ، بالمنع من ذلك ؛ لاحتمال أن يكون الشرط ستر العورة بما لا يعلم تعلّق النّهي به ، ولو كان الملبوس غير ساتر كالخاتم ونحوه فأولى بالجواز» (٤). انتهى كلامه رفع مقامه.

وقد فهم الفريد البهبهاني قدس‌سره من هذا الكلام ، فيما علّقه عليه : كونه مبنيّاً على وضع الألفاظ اللمعاني المعلومة ، حيث قال فيه : «إنّ هذا الاحتمال إنّما هو إذا كان الثابت من الشّارع أنّ الشّرط كما ذكره ، وأمّا إذا كان الثابت منه المنع عن الميتة ، وعن كلّ شيء حرام أكله ، وعن الحرير المحض ؛ فمقتضاها ما ذكره الأصحاب لأنّ لفظ الميتة ، وحرام الاكل والحرير المحض أسامٍ لما هو في نفس الأمر ميتة وحرام ، أو حرير محض ، من غير التقييد بالعلم وعدمه ، على حسب ما مرّ التّحقيق في باب لباس المصلّي» (٥). انتهى كلامه.

وسنوقفك على ما أراده في المدارك.

__________________

(١) الكافي ٥ : ٣١٣ / ٣٩ ، الفقيه ٣ : ٢١٦ / ١٠٠٢ ، التهذيب ٩ : ٧٩ / ٣٣٧.

(٢) الشرائع ١ : ١١٤.

(٣) المنتهى ١ : ٢٢٥.

(٤) المدارك ٤ : ٢١٤.

(٥) حاشية الوصية البهبهاني على المدارك ٣ : ٢٧٧.

١٢٩

كلام المحقق القمي (ره)

وقال : المحقّق القمّي (١) قدس‌سره في أجوبة مسائله في طيّ الجواب عن سؤال ، المراد عمّا هو المعروف من كون الالفاظ أسامي للمعاني النفس الأمريّة ، وما يترتّب عليه من الثمرات ، وبيانه بما قرع سمع كلّ أحد ، وترتيب المقامات ، ودعوى وضوح عدم مدخليّة العلم في الوضع ، وذكر فساد الصّلاة في غير المأكول من أمثلة الوضع للمعاني النفس الأمرية ، وجعل وجوب الفحص عمّا تعلّق به الحكم من الموضوعات ، من ثمرات القول المذكور في المقام الثاني ، بما هذا لفظه :

«مقام سيّم اينست كه هرگاه تفحّص كرد ونتوانست معلوم كند مثل آن كه : تفحّص كرد از منزل مسافت ومحقق نشد از براى أو كه هشت فرسخ است ، يا آنكه كسى مشترى املاك أو نشده تا بداند كه چند مى خرند واهل خبره هم نيست كه بداند ، واستخوانيست كه مى خواهد در او نماز كند ، يا پشمى ، يا كركى ونتوانست كه محقّق كند كه از حيوان مأكول اللّحم است يا غير مأكول.

وظاهر آنست كه خلافى كه در ميان علماء مشهور است در همين جا است واظهر در نظر حقير اين است كه تا علم حاصل نشود تكليف ثابت نيست ؛ چون اصل براءة ذمة است ، ومشروط بودن صحّت نماز ، باينكه در نفس الامر بايد جزء غير مأكول اللّحم با مصلّى نباشد ، ثابت نيست.

واخبارى كه دلالت دارد بر منع نماز در اجزاء غير مأكول اللّحم ، بعضى از انها صريح است در جائى كه علم حاصل باشد بانكه جزء غير مأكول است ، وبعضى هم ظاهر در ان است ، وچيزى كه دلالت كند بر اينكه واجب است اجتناب از نفس الامرى در نظر نيست. واظهر آنها مثل موثّقة عبد الله بن بكير است كه امام عليه‌السلام مى فرمايد : «كل شيء حرام أكله فالصّلاة في وبره ، وشعره ، وجلده ، وبوله ، وروثه

__________________

(١) جامع الشتات ٢ : ٧٧٦ ٧٧٧.

١٣٠

فاسدة» (١) ومخفى نيست اينكه متبادر از قول امام : «الصّلاة في وبره وشعره فاسدة» با وجود علم است بانكه وبر وشعر آن است.

سلّمنا كه ظاهر در اين نباشد ؛ لكن جزماً ظاهر در آن معنى عام هم نيست.

سلّمنا كه ظاهر در اين معنى نفس الامرى باشد ؛ لكن مى گوييم كه مراد از فساد هم ، فاسد نفس الامرى است ؛ وچه دليلى دلالت مى كند بر اينكه نماز فاسد در نفس الامر محكوم بفساد است در نظر ظاهر ، وما مكلّفيم بظاهر نه بنفس الامر واگر بگوئى كه مراد از حكم بفساد در حديث فساد على الظاهر است ، ما هم مى گوييم مراد از حرام اكله حرام الاكل على الظاهر است ، وسياق يك سياق است ، ودليل بر اجتناب از قبائح نفس الامريّه كه عقل حكم بر قبح ان نمى كند ثابت نيست ؛ تا آن كه بگوئيم از باب مقدّمه واجب بايد ترك محتملات كرد تا آن كه ترك مطلوب نفس الامرى بعمل ايد.

بلكه ما اين مطلب را در شبهه محصوره هم مسلّم نداريم واقوى ادلّه مشهور بر وجوب اجتناب از شبهه محصوره همان وجوب مقدّمه واجبست ، وما در قوانين ابطال ان كرده ايم واينكه آنچه واجب الاجتناب است ، حرامى است كه معلوم الحرمه باشد ، ونجسى كه معلوم النّجاسه باشد ، واگر دعوى إجماع وحديث إنائين مشتبهين نبود ، در خصوص إنائين هم منع وجوب مى كرديم.

پس هرگاه در شبهه محصوره كه يقيناً حرامى در ان هست مثل : يك دينار ممزوج بده دينار مشتبه [ما تجويز] مى كنيم ارتكاب را بتدريج. وغاية امر حصول شغل ذمّه است بدينارى كه بايد بصاحبش برساند (٢) ؛ چون دليلى بر حرمة تصرّف

__________________

(١) وسائل الشيعة ٣ : ٢٥٠ ب ٢ من أبواب لباس المصلي ح ١ ، الكافي ٣ : ٣٩٧ ح ١ اللباس الذي يكره فيه الصلاة ، الاستبصار ١ : ٣٨٣ / ١٤٥٤ / ١ ، التهذيب ٢ : ٢٠٩ / ٨١٨ / ٢٦.

(٢) في المصدر : رساند.

١٣١

در هر يك على حدة نيست. بلى در آن واحد تصرّف در جميع حرام است ؛ چون يقينا تصرّف در حرام كرده. پس چگونه در ما نحن فيه ، كه يك جامه است ، كه نمى دانيم كه از پشم وكرك مأكول اللّحم يا غير مأكول است ، حائز ندانيم نماز كرد (١) وهمچنين است كلام ، در وجوب نماز بقبله ، در جائى كه مشتبه باشد ، كه بنا بر ملاحظه مقام ثانى لازم است تفحّص وبعد از يأس از تعيين ، دليلى نيست بر وجوب نماز بر چهار جانب ؛ الّا حديث خراش كه مشهور بآن عمل كرده اند.

واظهر در نظر حقير آنست كه ، ساقطست تكليف بقبله ، وكافى است يك نماز بهر جهتى كه خواهد ؛ چنان كه حديث معتبر (دلالت بر آن دارد) (٢) وجمعى هم به آن عمل كرده اند ، وتمسّك بوجوب مقدمه مطلقا وجهى ندارد ، وهمچنين صلوات متعددة ، بر كسى كه يك نماز از أو فوت شده باشد ؛ به جهت نصّى است كه در آن وارد است. واگر دليل ان وجوب مقدّمه بود بايد پنج نماز واجب باشد ؛ چون نيّت شرط نماز است وجهر واخفات از شرائط آن است ، وحال آنكه مشهور اكتفا به سه نماز كرده اند ، على الظّاهر المطابق للنصّ ظاهراً على ما هو ببالي.

وعلاوه بر اينها مى گوييم كه ترك نماز در اين جامه مشتبه مقدّمه ترك نماز در جامه غير مأكول اللّحم ، نيست بلكه مقدّمه علم بترك آن است ودر اين مقام ، هر چند توان گفت كه تركى كه مأمور (به آنست) (٣) ، موقوفست بر علم بآن ، وعلم بان موقوفست بر ترك مشتبه ولكن ما فرض مى كنيم مقام را در جائى كه امر مردّد باشد ميان نماز عريانا ونماز در اين ثوب مشتبه ، ووجوب ترك غير مأكول اللّحم نفس الامرى ، در چنين حال معلوم نيست تا مقدّمه ان واجب باشد ، تا لازم آيد كه عريانا نماز كند ، وقول به فرقى در نظر نيست.

ومع هذا مى گوييم كه كسى را مى رسد كه بگويد كه نماز در ساتر مأكول اللّحم

__________________

(١) في المصدر : كردن را

(٢) في المصدر : بر آن دلالت دارد.

(٣) في المصدر : به است.

١٣٢

نفس الامرى وعريان ، واجبست ؛ پس در اينجا [بايد](١) دو نماز (بايد) (٢) بكند يكى عريانا ويكى در ساتر مشتبه ، پس استعمال مشتبه مقدّمه واجب خواهد بود نه ترك ان ، والتزام بوجوب محتاجست بدليل ؛ با جود آنكه مخالف نفى عسر وحرج است ، وبا وجود اين همه مى گوييم كه اخبار معتبره دلالت دارد بر عدم وجوب اجتناب. مثل : صحيحه عبد الله بن سنان از حضرت صادق عليه‌السلام كه فرموده است : «كلّ شيء يكون فيه حرام وحلال فهو لك حلال أبداً حتّى تعرف الحرام منه بعينه» (٣) ؛ فان الظاهر منها حكم شبهة موضوع ، الحكم والمراد بشبهة الموضوع ، إنّ الحكم بالنسبة إلى كلّ نوع من انواع الجنس ، أو صنف من اصناف النوع معلوم من الشارع ، ولكن لم نعلم ان هذا الفرد ، هل هو فرد من نوع حكمه الحرمة ، أو من نوع حكمه الحلّ ، ولمّا كان متعلّق الأحكام هو أفعال المكلّفين لا الأعيان الموجودة. إلّا بعنوان التوسّع والمجاز ، فنقول : الأكل الذي هو فعل من أفعال المكلّفين إذا تعلّق باللّحم المذكّى ، فهو حلال ، وإن تعلّق بالميّته ، فهو حرام ؛ فاللّحم المشترى من السّوق الذى هو مطابق لجنس اللّحم القابل لكونه من كلا النوعين [فيه](٤) نوعان قابلان لأن يحكم على كلّ منهما ، بما حكم به الشّارع ، وعلم منه حكمه فكلّ فرد من افراد هذا الجنس يحكم بحليّته بمقتضى هذا الحديث حتّى نعلم أنّه بعينه الحرام ، فكذلك الصوف الذي له فرد ان بعضه ممّا لا تحلّ فيه الصّلاة ، وبعضه ممّا تحل ، فاذا اشتبه الحال فيحكم بحلّه ، حتّى تعرف أنّه ممّا لا يؤكل لحمه.

ولحلّ والحرمة تابع لما قصد من الموضوعات من جملة أفعال المكلّفين ، ففى بعضها يراد الأكل وفي بعضها يراد اللّبس ، وفي بعضها الصّلاة ، وفي بعضها غير ذلك.

وتوهّم أنّ هذا في المختلط بالحرام لإشعار الظرفية بذلك وأنّه يتمّ إذا قال : «كلّ

__________________

(١) الاضافة من المصدر.

(٢) لم ترد في المصدر.

(٣) تهذيب الاحكام ٩ : ٧٩ / ٣٣٧ ، الكافي ٥ : ٣١٣ / ٣٩ ، الفقيه ٣ : ٢١٦ / ١٠٠٢.

(٤) يقتضيها السياق.

١٣٣

شيء منه حلال وحرام» في غاية البعد.

إذ الظرفيّة الحقيقيّة منتفية في الكلّ ، والكلّي معاً ، والظرفيّة المجازيّة موجودة فيهما معاً ، وكما أنّ كلمة من المفيدة للبعضيّة تشمل البعضيّة بعنوان الجزئيّة ، تشملها بعنوان كونها جزء أيضاً وكما أنّ الأجزاء في الكلّ ، فكذا الجزئيّات في الكلّي وإن كان الكلّي في الجزء أيضاً على وجه آخر ؛ لأنّه جزء الجزئي ، فيقال : الإنسان ، والفرس ، والغنم ، والبقر كلّها مندرجة في الحيوان ، وفي معناها رواية عبد الله بن سليمان «قال : سئلت أبا جعفر عن الجبن إلى أن قال سأخبرك عن الجبن وغيره ، كلّ ما فيه حرام وحلال فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام بعينه فتدعه» (١).

واشكال الراوي إنّما كان من جهة إختلاف أنواع الجبنّ المأخوذة من المذكّى والميتة لا الجبنّ الذي ركّب منهما. وأوضح منهما ما روى عن الصّادق عليه‌السلام «كلّ شيء هو لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام فتدعه ، من قبل نفسك ، وذلك مثل الثوب : يكون عليك قد اشتريته ولعلّه سرقة ، أو المملوك عندك ولعلّه حرّ قد باع نفسه ، أو خدع فبيع ، أو قهر ، امرأة تحتك وهي أختك ، أو رضيعتك والاشياء كلّها على هذا حتى يستبين لك غيره ، أو تقوم به البيّنة» (٢).

وبالجملة : الاصل والإطلاقات ونفي العسر والحرج مضافاً إلى هذه الأخبار الظاهرة في المطلوب لا يجوز تركها ، باحتمال وجوب مقدّمة الواجب ، الذي لا أصل له أصلاً أو احتمال اشتراط الصّلاة بترك ذلك المشتبه ؛ فاذن ، المختار صحة الصّلاة في المشتبه بغير المأكول صوفاً كان أو جلداً أو عظماً. ومن ذلك يسهل الأمر في الخز المشتبه حقيقته في هذه الأزمان (٣). انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه.

وقال الفاضل النراقي في المستند بعد عنوان المسألة وحكاية استدلال المنتهي ،

__________________

(١) المحاسن ٢ : ٤٩٥ / ٥٩٦ و : ٤٩٧ / ٦٠٢ ، الكافي ٦ : ٣٣٩ / ١ باب الجبن.

(٢) تقدمت ص ٩٦.

(٣) جامع الشتات ٢ : ٧٧٦ ٧٧٧.

١٣٤

للمنع ، ومناقشة ، صاحب المدارك فيه ، وجواب الفريد البهبهاني قدّس الله أسرارهم عنها ، وبيان نظر كلّ منهما في الإيراد والجواب ، بما هذا لفظه :

كلام صاحب المستند

«ثمّ أقول : أن الجواب إنّما يتمّ لو لا المعارض للموثقة ولكن يعارضها الأخبار المصرّحة بجواز الصّلاة في الجلود الّتي تشتري من سوق المسلمين وفيما يصنع في بلد كان غالب أهله المسلمين ، من غير مسألة (١) ، وتعارضهما بالعموم من وجه والأصل مع الجواز فهو الأظهر كما عليه جماعة ممّن تأخّر منهم ، صاحب المدارك ، والاردبيلي ، والخوانساري ، والمجلسي ووالدي العلّامة رحمه‌الله (٢) ويويّده ، بل يدلّ عليه عمل النّاس ، بل إجماع المسلمين ، حيث أنّه لم يعلم كون أكثر الثياب المعمولة من الصّوف والوبر والشعر من الفراء ، والسقرلات وما عمل لغمد السيف والسّكين ممّا يؤكل جزماً ، ومع ذلك يلبسها ، ويصاحبها النّاس من العوام والخواص في جميع الامصار والاعصار ، ويصلّون فيه من غير تشكيك ، أو إنكار ، بل لولاه للزم العسر والحرج في الأكثر.

ويدلّ عليه أيضاً الأخبار (٣) المصرّحة بأن كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال أبداً حتّى تعرف الحرام بعينه ، بل لنا أن نقول : إنّ قوله في الموثّقة «كلّ شيء حرام اكله» يتضمن الحكم التكليفي ، فيقيّد بالعلم قطعاً أي : كل شيء علمت حرمة أكله إذ لا حرمة مع عدم العلم ، بل نقول : إنّ ما حرم أكله ليس إلّا ما علمت حرمته ؛ لحليّة ما لم يعلم حرمته ، كما يأتي في بحث المطاعم.

ثمّ إنّ ذلك إنّما هو إذا أخذ من يد أحد ، ولم يمكن الفحص ، عن حال الحيوان ، وامّا لو كان هناك حيوان مشكوك فيه فيرجع فيه إلى قاعدة حليّة اللحم وحرمتها مع

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٤٩٠ أبواب النجاسات ، الباب ٥٠.

(٢) مجمع الفائدة ٢ : ٩٥ ، المدارك ٣ : ١٦٧ ، البحار ١ : ٢٢٢ ، تعليقات على شرح اللمعة : ١٧٨.

(٣) الوسائل ٢٤ : ٢٣٥ ، أبواب الأطعمة والأشربة باب ٦٤.

١٣٥

الشّك ، كما يأتي في باب المطاعم والمشارب. إن شاء الله انتهى كلامه (١) ، رفع مقامه.

هذه جملة من الكلمات ، ويقرب عنها ما طوينا نقله.

التمهيد للمسألة

وتوضيح الكلام في المقام ، بحيث يرفع به الحجاب ، عن وجه المرام ، يتوقف على تمهيد مقدّمات وتقديمها ، قبل ذكر أدلّة الأقوال :

المقدمة الاولى : في عدم ظهور الدليل عند الشك في موضوعه

الاولى : أنه لا ينبغي الإشكال كما عليه المعظم ، بل المشهور أنّ الدليل المثبت لحكم الموضوع عامّ مخصّص ، أو مطلق مقيّد لا ظهور له أصلاً عند الشك في حال موضوع ، من حيث كونه داخلاً في موضوع الحكم ، أو خارجاً عنه من جهة الشبهة الموضوعية ، والمصداقية ، بحيث لا يرجع إلى الشكّ في المراد عن اللفظ أصلاً ؛ ضرورة عدم ظهور اللفظ ؛ إلّا في إرادة المعنى الظاهر منه بأيّ سبب وضعاً كان ، أو غيره ، عند الشكّ في إرادة خلافه ، لصارف عنه فإذا تبيّن المراد من اللّفظ وشكّ من جهة الشبهة الخارجيّة ، في كون جزئي خارجيّ ، من مصاديق المراد فلا ظهور له بالنسبة إليه أصلاً ؛ فإذا ورد من المولى الأمر بإكرام العلماء بعنوان العموم ، مثلاً ، وورد منه أيضاً ما يقتضى إرادة خصوص العدول من هذا العنوان العام أو غير الفساق منه وشك من جهة الشبهة الخارجيّة في أنّ فرداً خاصّاً من العلماء كزيد مثلاً ، متصف بالعدالة ، أو الفسق ، فلا يجوز التمسك بالعموم للحكم بشمول حكم العام له ، كما توهم ، كما لا يجوز التمسك بالمخصّص للحوق حكم الخاص له ، بالاتفاق ؛ ضرورة عدم الفرق بينهما في عدم الاقتضاء.

__________________

(١) المستند ٤ : ٣١٦.

١٣٦

نعم لو كان الفرد المردد بين الخارج والمخرج منه في المثال ، مسبوقاً بحالة العدالة ، أو عدم الفسق ، أو بالفسق ، حكم بلحوق حكم العام له في الأوّل ، وبلحوق حكم الخاص له ، في الثاني ، لا من جهة التمسّك بالظهور ، بل من جهة الاستصحاب الموضوعي وهذا أمر واضح لا سترة فيه أصلاً.

وإن توهّم الخلاف بعض الفقهاء من المتاخرين نظراً إلى : أن عدم الحكم بلحوق حكم العام له ، يوجب زيادة الخارج من العام وكثرته ومقتضى العموم قصر الحكم بالخروج على ما علم خروجه منه.

وهذه كما ترى شبهة واضحة الدّفع بعد التأمّل فيما ذكرنا هنيئة ؛ ضرورة أنّه على تقدير الخروج ، لم يكن مخرجاً بمخرج آخر حتّى يشكّ في زيادة الخروج ، والمخصّص الوارد من المولى ، أو إلى إنّ عنوان العام من قبيل المقتضي وعنوان الخاص من قبيل المانع ، فاذا شكّ في صدق عنوان الخاص بعد العلم بصدق عنوان العام كما هو المفروض يحكم بعدمه ، كما عليه بناء العقلاء ، في جميع. ما كان التردد فيه من هذا القبيل ، لوضوح فساده ، مضافاً إلى عدم اطّراده بالنسبة ، إلى التخصيص بالمخصّصات المتصلة ، كما تبيّن في محلّه ، وإلى عدم استقامته فيما تردّد الموجود الخارجي ، بين المانع ، وغيره ، كما هو المفروض ، إلَّا فيما كان له حالة سابقة مستصحبة ، كما أشرنا إليه فيما مثّلناه لك ، وسنوضح لك القول فيه : بأنّه لا تعلّق له بالتمسّك بالعموم ، والظهور اللفظي أصلاً ، كما لا يخفى ، على ما هو المقصود بالبحث. فإذا ورد من الشارع مثلاً : لا صلاة إلَّا بطهور (١) أو «لا تجوز الصّلاة (٢) ، فيما لا يؤكل لحمه ، أو لا يقبل الله الصّلاة فيه» ومثلاً : شكّ المكلّف في كونه محدثاً ، أو متطهّراً ، أو فيما يلبسه ، أنّه ممّا يؤكل لحمه ، أو من غيره ، وقلنا بمقالة الأعمّي في الفاظ العبادات ، مع اجتماع شرائط التمسك بالمطلق ، في إطلاقات الصلاة ، فلا معنى للتمسك بإطلاق الأمر بالصلاة ، للحكم بصحّة الصلاة

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ١ : ٥٨ / ١٢٩ ، التهذيب ١ : ١٤٤ / ٧.

(٢) عوالي اللئالي ١ : ٣٤٦ / ١٢٥.

١٣٧

في المثالين. وهكذا بل يتعيّن الرّجوع فيهما وفي اشباههما ، إلى الأصول العمليّة.

المقدمة الثانية :

في كون الالفاظ موضوعه مادة وهيئة للمعاني النفس الامرية

الثانية : أنّه كما لا سترة في وضع الألفاظ مادّة وهيئة للمعاني النفس الأمريّة والامور الثابتة الواقعيّة من غير مدخلية لحالات المخاطب ، من علمه وجهله بأقسامه ، فيها بمعنى عدم ملاحظتها في مقام الوضع أصلاً ، كذلك لا سترة في عدم انصرافها ، إلى خصوص ما تعلّق به علم المخاطب في مقام الإرادة ، ولو بالنسبة إلى متعلّقات الخطابات ، ولو كانت شرعيّة وخطابات تكليفيّة إلزاميّة ؛ لعدم الموجب للانصراف المذكور أصلاً مضافاً إلى امتناع ذلك في الجملة ، بالقضيّة المطلقة ، كما هو واضح ، وسدّه باب الرجوع إلى الأصول الموضوعيّة مطلقاً ، بل والإصول الحكميّة في الجملة ، كما هو ظاهر.

وتوهّم كون الموجب قضاء العقل بذلك ، فيما كان الخطاب من قبيل التكليف الإلزامي ؛ نظراً إلى حكمه بقبح تعلّق التّكليف بالواقع المجهول ، كما يوهمه كلام بعض الاعلام ، فاسد جدّاً ؛ ضرورة أنّ العقل لا يحكم إلَّا بقبح المؤاخذة والعقاب فيما يحكم به على الواقع المجهول ، لا باختصاص التكليف واقعاً بالمعلوم.

وهذا معنى تبعيّة تنجّز التكليف ، للعلم في الجملة ، في حكم العقل والبراءة العقليّة.

كتوهّم كون الموجب قضاء الشرع به ، بالنظر إلى ما ورد من أخبار الحليّة والبراءة في الشبهة الموضوعيّة والحكميّة ؛ ضرورة صراحتها في إثبات الحليّة الظاهرية والجواز الظاهري ، فيما فرض له حرمة واقعيّة تابعة للواقع المجهول ، وإلّا لم يكن معنى للتردّد بين الحلال والحرام كما هو ظاهر.

١٣٨

المقدمة الثالثة :

في اعتبار جزء أو شرط بواسطة دليل الخطاب

الثّالثة : أنّ اعتبار شيء في العبادة شرطاً وجوداً ، أو عدماً ، أو جزءاً ، قد يكون مدلولاً لما هو من قبيل خطاب الوضع ، كقوله : «لا صلاة إلّا بطهور» (١) ، أو لمن لم يقم صلبه ، أو «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» (٢) وقوله ، «لا يقبل الله الصّلاة في غير ما احلّ الله لحمه» ، أو الصّلاة فيه فاسدة ونحو ذلك ، وقد يكون مدلولاً لما هو من قبيل التكليف الغيريّ المقدّمي الإرشادي ، كقوله تعالى : (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ)(٣) وقوله تعالى : (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ)(٤) بناء على سوقهما لإيجاب الركوع والقراءة في الصّلاة وما ورد من النهي عن الصّلاة في الحرير ، أو غير المأكول ، أو لبس الذهب وقوله تعالى : (فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ)(٥) ، وقد يكون مدلولاً لتكليف وخطاب نفسيّ من غير أن يكون له تعلّق بالعبادة ونظر إليها ، كشرطيّة إباحة المكان أو اللباس ، المستفادة مما دلّ على حرمة الغصب والنهي عنه مطلقاً.

إمّا الاول : فلا يتوهّم اختصاص مدلوله بما إذا علم المكلّف ، بما اعتبر في العبادة تفصيلاً ، بحيث يجوز الصّلاة مع الشك واقعاً نظراً إلى اختصاص قضية اعتباره بصورة العلم ، لما عرفت من فساد توهّمه في المقدّمة الثانية.

وامّا الثاني : فقد يتوهّم اختصاص مدلوله بصورة العلم من جهة بعض ما عرفت فساده بما لا مزيد عليه في المقدّمة الثّانية ، كما إنه قد يتوهّم جواز الرجوع فيه إلى البراءة ؛ نظراً إلى قصور دلالة الدليل ، من حيث كونه أمراً أو نهياً ، من الكشف ، عن الشرطيّة ، أو الجزئية المطلقتين ، ولو من جهة قصر تنجّزه بصورة العلم ؛ فيرجع في

__________________

(١) تقدمت ص ١٠٠.

(٢) انظر الكافي ٣ : ٣١٧ / ٢٨ ، الاستبصار ١ : ٣١٠ / ١١٥٢ / ١.

(٣) سورة البقرة : ٤٣.

(٤) سورة المزمل : ٢٠.

(٥) سورة البقرة : ١٤٤.

١٣٩

صورة الشكّ إلى البراءة ولا اشكال في ظهور فساده أيضاً ، حيث إنّ المفروض كون التكليف فيه غيريّاً ، مقدّميّاً ، معلولاً للارتباط بين متعلّقه والعبادة بحسب نفس الأمر والواقع ، على ما يقتضيه لفظ متعلّقه ، كالحرير ، وغير المأكول ، وشطر المسجد الحرام ونحوها ؛ فإنه وان لم يجز التمسّك بنفس الخطاب المذكور ، مع الشك في وجود متعلّقه ، في الخارج ، كما لا يجوز التمسّك به ، في القسم الأول أيضاً ، مع كونه من مقولة الوضع لا التكليف ، إلَّا أنّه بعد الكشف ، عن ارتباط العبادة بوجودها بحسب نفس الامر ، يحكم العقل حكماً قطعيّاً ضروريّاً ، بعدم جواز القناعة باحتمال وجودها ، نظراً إلى ثبوت الاشتغال اليقيني بإيجاد العبادة المشتملة عليها ؛ فيحكم بعدم جواز الدخول في العبادة ، مع الشكّ في وجودها ، كما هو الشأن في القسم الأوّل أيضاً ، إلّا فيما إذا كان هناك أصل يقتضي تحقّقها ، كما في مستصحب الطهارة ، وما كان الشكّ فيه بعد الدخول في غيره ، أو إمارة شرعيّة مقتضية لوجودها ، كما في موارد الشكّ في التذكية مع أخذ الجلد من المسلم ، أو من سوق المسلمين ومن هنا اتفقت كلمتهم على الاشتغال في مسألة دوران الامر بين الاقلّ والأكثر في الشبهة الموضوعيّة منها ، مع ذهاب المشهور إلى البراءة في الشبهة الحكميّة منها ، حتّى من قال بالبراءة في الشبهة المحصورة ، حيث إن الاشتغال اليقيني في المقام مفروض ، بخلاف الشبهة المحصورة ، فإن القائل بالبراءة فيها ، يمنع من تنجّز الخطاب بالواقع المردّد.

ومنه يظهر فساد مقايسته المقام بالشبهة المحصورة والمساواة بينهما وابتناء الحكم فيهما على وجوب المقدّمة ، كما عرفته ، عن المحقق القمّي قدس‌سره فيما تقدّم من كلامه ، مع منعه وجوبها مشيراً إلى ما فصّله في القوانين ، مع أنّه سلّم وجوبها بالوجوب التبعيّ الغيري ، بل حكم بخروجه عن محلّ النزاع وجعل النّزاع في الوجوب الاصلي ، مع أن الحكم في المقام مترتّب على ما سلّمه ، بل ما دونه من الوجوب الإرشادي العقلي ، بل لا يتصوّر غيره فيه لإن اصل وجوب ذي المقدّمة وهو العلم ارشاديّ عقليّ فكيف يكون وجوب مقدّمته ، مع أنّه تبعه ومعلوله ، أجلّ وأعلى منه.

١٤٠