كشف الغمّة في معرفة الأئمّة - ج ٢

أبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الاربلي

كشف الغمّة في معرفة الأئمّة - ج ٢

المؤلف:

أبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الاربلي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة بني هاشمي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٦٠
الجزء ١ الجزء ٢

وكذلك قضية الخوارج الذين وصفهم رسول الله ص بصفات ورتب عليها حكمهم ثم بعد ذلك لما وجد علي ع تلك الصفات موجودة في أولئك في واقعة حرورا والنهروان جزم بأنهم هم المرادون بالحديث النبوي وقاتلهم وقتلهم فعمل بالدلالة عند وجود الصفة مع احتمال أن يكون المرادون غيرهم وأمثال هذه الدلالة والعمل بها مع قيام الاحتمال كثيرة فعلم أن الدلالة الراجحة لا تترك لاحتمال المرجوح نزيده بيانا وتقريرا فنقول بثبوت الحكم عند وجود العلامة والدلالة لمن وجدت فيه أمر يتعين العمل به والمصير إليه فمن تركه وقال بأن صاحب الصفات المراد بإثبات الحكم ليس هو هذا بل شخص غيره سيأتي وقد عدل عن النهج القويم ووقف نفسه موقف اللئيم ويدل على ذلك أن الله عز وعلا لما أنزل في التوراة على موسى ص أنه يبعث النبي العربي في آخر الزمان خاتم الأنبياء ونعته بأوصافه وجعلها علامة ودلالة على إثبات حكم النبوة وصار قوم موسى ص يذكرونه بصفاته ويعلمون أنه يبعث فلما قرب زمان ظهوره وبعثه صاروا يهددون المشركين به ويقولون سيظهر الآن نبي نعته كذا وصفته كذا نستعين به على قتالكم فلما بعث ص وجدوا العلامات والصفات بأسرها التي جعلت دلالة على نبوته أنكروه وقالوا ليس هو هذا بل هو غيره وسيأتي فلما جنحوا إلى الاحتمال وأعرضوا عن العمل بالدلالة الموجودة في الحال أنكر الله تعالى عليهم كونهم تركوا العمل بالدلالة التي ذكرها لهم في التوراة وجنحوا إلى الاحتمال.

وهذه القصة من أكبر الأدلة وأقوى الحجج على أنه يتعين العمل بالدلالة عند وجودها وإثبات الحكم لمن وجدت تلك الدلالة فيه فإذا كانت الصفات التي هي علامة ودلالة لثبوت تلك الأحكام المذكورة موجودة في الحجة الخلف الصالح محمد ع تعين إثبات كونه المهدي المشار إليه من غير جنوح إلى الاحتمال بتجدد غيره في الاستقبال.

فإذا قال المعترض نسلم لكم أن الصفات المجعولة علامة ودلالة إذا وجدت تعين العمل بها ولزم إثبات مدلولها لمن وجدت فيه لكن نمنع وجود تلك العلامة والدلالة في الخلف الصالح محمد ع فإن من جملة الصفات المجعولة علامة ودلالة

٤٤١

أن يكون اسم أبيه مواطئا لاسم أبي النبي ص هكذا صرح به الحديث النبوي على ما أوردتموه وهذه الصفة لم توجد فيه فإن اسم أبيه الحسن واسم أب النبي ص عبد الله وأين الحسن من عبد الله فلم توجد هذه الصفة التي هي جزء من العلامة والدلالة فإذا لم يثبت جزء العلة فلا يثبت حكمها إذ النبي ص لم يجعل تلك الأحكام ثابتة إلا لمن اجتمعت تلك الصفات كلها له التي جزءها مواطاة اسمي الأبوين في حقه وهذه لم تجتمع في الحجة الخلف الصالح فلا يثبت تلك الأحكام له وهذا إشكال قوي.

فالجواب لا بد قبل الشروع في تفصيل الجواب من بيان أمرين يبنى عليهما الغرض.

فالأول أنه سائغ شائع في لسان العرب إطلاق لفظة الأب على الجد الأعلى وقد نطق القرآن الكريم بذلك فقال الله (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ) (١) وقال تعالى حكاية عن يوسف ع (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ) (٢) ونطق ص بذلك النبي ص وحكاه عن جبرئيل ع في حديث الإسراء أنه قال قلت من هذا قال أبوك إبراهيم فعلم أن لفظة أب تطلق على الجد وإن علا فهذا أحد الأمرين.

الأمر الثاني أن لفظة الاسم تطلق على الكنية وعلى الصفة وقد استعملها الفصحاء ودارت بها ألسنتهم ووردت في الأحاديث حتى ذكرها الإمامان البخاري ومسلم رضي الله عنهما كل واحد منهما يرفع ذلك بسنده إلى سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أنه قال عن علي ع والله إن رسول الله ص سماه بأبي تراب ولم يكن له اسم أحب إليه منه فأطلق لفظة الاسم على الكنية ومثل ذلك.

قول الشاعر (٣)

أجل قدرك أن تسمى مؤننة

ومن كناك فقد سماك للعرب

ـ ويروى ومن يصفك فأطلق التسمية على الكناية أو الصفة وهذا شائع ذائع في

__________________

(١) الحجّ : ٧٨.

(٢) يوسف : ٣٨.

(٣) وفي نسخة زاد بعد قول الشاعر : «هو المتبنى»

٤٤٢

كلام العرب فإذا وضح ما ذكرنا من الأمرين فاعلم أيدك الله بتوفيقه أن النبي ص كان له سبطان أبو محمد الحسن وأبو عبد الله الحسين ع ولما كان الحجة الخلف الصالح ع من ولد أبي عبد الله وكانت كنية الحسين أبا عبد الله فأطلق النبي ص على الكنية لفظة الاسم لأجل المقابلة بالاسم في حق أبيه وأطلق على الجد لفظة الأب فكأنه ع قال يواطئ اسمه اسمي فأنا محمد وهو محمد وكنية جده اسم أبي إذ هو أبو عبد الله وأبي عبد الله لتكون تلك الألفاظ المختصرة جامعة لتعريف صفاته وإعلام أنه من ولد أبي عبد الله الحسين بطريق جامع موجز فحينئذ تنتظم الصفات وتوجد بأسرها مجتمعة للحجة الخلف الصالح محمد ع وهذا بيان شاف كاف في إزالة ذلك الإشكال فافهمه. (١)

قلت رحم الله الشيخ كمال الدين وأثابه الجنة بحثه أولا مع قوم يشاهدون الإمام ع فينكرونه ويدفعون العلائم والدلالات التي وصف بها ولا يحتاج إلى البحث مع هؤلاء فإنهم إذا رأوه وشاهدوه كان هو ع قيما بإثبات حجته دالا لهم على اقتفاء محجته وإنما البحث معهم في بقائه ووجوده ع فإنهم مجمعون أو أكثرهم على ظهوره ومختلفون في أنه ولد أو سيولد.

وجوابنا لمخالفينا إن القائلين بوجوده قائلون به فلا يحتاجون إلى دليل لما ثبت عندهم من نقل رجالهم عن أئمتهم ع وأما المنكرون لوجوده

__________________

(١) سيأتي عن الكنجي الشافعي كلام في هذا الحديث وان الترمذي قد ذكر الحديث في جامعه ولم يذكر : «واسم أبيه اسم أبى» وان أبا داود ذكره في معظم روايات الحفاظ والثقات من نقلة الاخبار «اسمه اسمى» فقط والذي روى «واسم أبيه اسم أبى» فهو زائدة وهو يزيد في الحديث ، ويأتي كلام المؤلّف (ره) أيضا بان أصحابنا الشيعة فلا يصححون هذا الحديث لما ثبت عندهم من اسمه واسم أبيه عليهما السلام ، واما الجمهور فقد نقلوا ان زائدة كان يزيد في الأحاديث فوجب المصير إلى أنه من زيادته ليكون جمعا بين الأقوال.

٤٤٣

فقائلون بإمكانه فقد ترجح جانب الوجود وعبارة كمال الدين فيها طول.

وقال وأما ولده فلم يكن له ولد ليذكر وأما عمره ففي أيام المعتمد على الله خاف فاختفى إلى الآن فلم يمكن ذكر ذلك إذ من غاب وإن انقطع خبره لا توجب غيبته وانقطاع خبره الحكم بمقدار عمره ولا بانقضاء حياته وقدرة الله تعالى واسعة وحكمه وألطافه بعباده عظيمة عامة ولو رام عظماء العلماء أن يدركوا حقائق مقدوراته وكنه قدره لم يجدوا إلى ذلك سبيلا ولا تقلب طرف تطلعهم إليه حسيرا وحده كليلا وأملى عليهم لسان عجزهم عن الإحاطة به (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً).

وليس ببدع ولا مستغرب تعمير بعض عباد الله الصالحين المخلصين ولا امتداد عمره إلى حين فقدمه الله أعمار جمع كثير من خلقه من أصفيائه وأوليائه ومن مطروديه وأعدائه فمن الأصفياء عيسى ع (١) ومنهم الخضر ع وخلق آخر من الأنبياء ع طالت أعمارهم حتى جاز كل واحد منهم ألف سنة أو قاربها كنوح ع وغيره.

وأما من الأعداء والمطرودين ـ فإبليس والدجال ومن غيرهم كعاد الأولى وكان منهم من يقارب عمره الألف وكذلك لقمان صاحب لبد وكل هذا البيان اتساع القدرة الربانية في تعمير بعض خلقه فأي مانع يمنع من امتداد عمر الخلف الصالح إلى أن

__________________

(١) في أن عيسى (ع) مات بعد ما رفعه اللّه تعالى ثمّ يحيى عند ظهور القائم (ع) وينزل من السماء ويصلى خلفه أو انه حي إلى الآن خلاف ، واستدلّ القائل بموته بقوله تعالى :«إِنِّي مُتَوَفِّيكَ»فان التوفى بمعنى الموت كقوله تعالى :«قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ»السجدة ١١. ورده القائل بعدم موته (ع) وكونه حيا إلى الآن بان التوفى في اللغة عبارة عن أخذ الشيء أخذا تاما ، واستعمل في الموت أيضا بهذه العناية واستشهد لقوله هذا بآيات عديدة وشواهد كثيرة يكون ايرادها خارجا عن وضع هذه التعليقة وكيف كان فقصة عيسى (ع) هذه اما دليل لما اعتقده الإماميّة في باب الرجعة ـ لو قلنا بموته (ع) ـ أو لرفع الاستبعاد عن طول عمر المهدى (ع) ـ لو قلنا بحياته (ع) ـ

٤٤٤

يظهر فيعمل ما حكم الله تعالى له به.

وحيث وصل الكلام إلى هذا المقام وانتهى جريان القلم بما خطه من هذه الأقسام الوسام فلنختمه ب (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) فإنها كلمة مباركة جعلها الله سبحانه وتعالى آخر دعوى أهل جنانه وخصها بمن اختاره من خليفته فكساه ملابس رضوانه فهذا آخر ما حرره القلم من مناقبهم السنية وسطره من صفاتهم الزكية ونثره من مزاياهم العلية وإن ذلك وإن كثر لقليل في جنب شرفهم الشامخ ويسير فيما آتاهم الله من فضلهم الراسخ وأنا أرجو من كرم الله عز وعلا أن يشملني ببركتهم ويدخلني في زمرتهم ويجعل هذا المؤلف مسطورا في صحيفة حسناتي المعدودة من حسنتهم فقد بذلت جهدي في جميع مزاياهم بذل المجد الطالب ولم آل جهدا في تأليفها وجمعها قضاء لحقهم اللازم اللاذب ولسان الحال يقرع باب الأسماع لإسماع كل شاهد وغائب.

رويدك إن أحببت نيل المطالب

فلا تعد عن ترتيل آي المناقب

مناقب آل المصطفى قدوة الورى

بهم يبتغى مطلوبة كل طالب

مناقب آل المصطفى المهتدى بهم

إلى لقم التقوى ورعنا الرغائب

مناقب تجلى سافرات وجوهها

ويجلو سناها مدلهم الغياهب

عليك بها سرا وجهرا فإنها

تحلل عند الله أعلى المراتب

وجد عند ما يتلو لسانك آيها

بدعوة قلب حاضر غير غائب

لمن قام في تأليفها واعتنى به

ليقضى من مفروضهم كل واجب

عسى دعوة تزكو بها حسناته

فيخطئ من الحسنى بأسنى المواهب

فمن سأل الله الكريم أجابه

وجاوره الإقبال من كل جانب

آخر كلام كمال الدين رحمه‌الله وكتابه (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ). قال الشيخ المفيد رحمه‌الله في كتابه الإرشاد باب ذكر الإمام بعد أبي محمد ع وتاريخ مولده ودلائل إمامته وذكر طرف من أخباره وغيبته وسيرته عند قيامه ومدة دولته.

٤٤٥

وكان الإمام بعد أبي محمد ع ابنه المسمى باسم رسول الله ص المكنى بكنيته ولم يخلف أبوه ولدا ظاهرا ولا باطنا غيره وخلفه أبوه غائبا مستترا على ما قدمنا ذكره.

وكان مولده ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين وأمه أم ولد يقال لها نرجس وكان سنه عند وفاة أبيه ع خمس سنين آتاه الله فيها الحكمة وفصل الخطاب وجعله آية للعالمين وآتاه الحكمة كما آتاها يحيى صبيا وجعله إماما في حال الطفولية الظاهرة كما جعل عيسى ابن مريم ع في المهد نبيا.

وقد سبق النص عليه في ملة الإسلام من نبي الهدى ع ثم من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع ونص عليه الأئمة ع واحد بعد واحد إلى أبيه الحسن ونص أبوه عليه عند ثقاته وخاصة شيعته وكان الخبر بغيبته ثابتا قبل وجوده وبدولته مستفيضا قبل غيبته وهو صاحب السيف من أئمة الهدى ع والقائم بالحق والمنتظر لدولة الإيمان وله قبل قيامه غيبتان إحداهما أطول من الأخرى كما جاءت بذلك الأخبار فأما القصرى فمنذ وقت مولده إلى انقطاع السفارة بينه وبين شيعته وعدم السفراء بالوفاء وأما الطولى فهي بعد الأولى وفي آخرها يقوم بالسيف قال الله عزوجل (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) (١) وقال جل اسمه (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) (٢).

وقال رسول الله ص لم تنقضي الأيام والليالي حتى يبعث الله رجلا من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي يملأها عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا.

وقال ص لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم

__________________

(١) القصص : ١٠٥

(٢) الأنبياء : ١٠٥

٤٤٦

حتى يبعث الله فيه رجلا من ولدي يواطئ اسمه اسمي يملأها عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا.

باب ذكر طرف من الدلائل على إمامته القائم بالحق ابن الحسن ع فمن الدلائل على ذلك ما يقتضيه العقل والاستدلال الصحيح من وجود إمام معصوم كامل غني عن رعاياه في الأحكام والعلوم في كل زمان لاستحالة خلو المكلفين من سلطان يكونون بوجوده أقرب إلى الصلاح وأبعد من الفساد وحاجة الكل من ذوي النقصان إلى مؤدب للجناة مقوم للعصاة رادع للغواة معلم للجهال منبه للغافلين محذر من الضلال مقيم للحدود منفذ للأحكام فاصل بين أهل الاختلاف ناصب للأمراء ساد للثغور حافظ للأموال حام عن بيضة الإسلام جامع للناس في الجمعات والأعياد وقيام الأدلة على أنه معصوم من الزلات لغناه بالاتفاق عن إمام واقتضاء ذلك له العصمة بلا ارتياب ووجوب النص على من هذه سبيله من الأنام وظهور المعجز عليه لتمييزه عمن سواه وعدم هذه الصفات من كل أحد سوى من أثبت إمامته أصحاب الحسن بن علي ع وهو ابنه المهدي على ما بيناه وهذا أصل لن يحتاج معه في الإمامة إلى رواية النصوص وتعداد ما جاء فيها من الأخبار لقيامه بنفسه في قضية العقول وصحته بثابت الاستدلال.

ثم قد جاءت روايات في النص على ابن الحسن ع من طرق تنقطع بها الأعذار وأنا بمشية الله وعونه مورد طرفا منها على السبيل التي سلفت في الاختصار إن شاء الله.

باب ما جاء من النص على إمامة صاحب الزمان الثاني عشر من الأئمة ع في مجمل ومفسر على البيان.

عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر ع قال إن الله عز اسمه أرسل محمدا ص إلى الجن والإنس وجعل من بعده اثني عشر وصيا منهم من سبق ومنهم من بقي وكل وصي جرت به سنة فالاوصياء الذين من بعد محمد ع على سنة أوصياء عيسى ع وكانوا اثني عشر وكان أمير المؤمنين على سنة المسيح

٤٤٧

عليه السلام. (١)

وعن الحسن بن العباس عن أبي جعفر الثاني ع عن آبائه عن أمير المؤمنين ع قال قال رسول الله ص آمنوا بليلة القدر فإنه ينزل فيها أمر السنة وإن لذلك الأمر ولاة من بعدي علي بن أبي طالب وأحد عشر من ولده.

وبهذا الإسناد قال قال أمير المؤمنين ع لابن عباس رضي الله عنه إن ليلة القدر في كل سنة وإنه ينزل في تلك الليلة أمر السنة ولذلك الأمر ولاة بعد رسول الله ص فقال له ابن عباس من هم قال أنا وأحد عشر من صلبي أئمة محدثون.

وعن أبي جعفر محمد بن علي ع عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال دخلت على فاطمة بنت محمد ص وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء والأئمة من ولدها فعددت اثني عشر اسما آخرهم القائم من ولد فاطمة ثلاثة منهم محمد وأربعة منهم علي.

وعن زرارة قال سمعت أبا جعفر ع يقول الاثني عشر الأئمة كلهم من آل محمد كلهم محدث علي بن أبي طالب وأحد عشر من ولده ورسول الله وعلي هما الوالدان.

وعن أبي بصير عن أبي جعفر ع قال يكون بعد الحسين ع تسعة أئمة تاسعهم قائمهم.

وعن زرارة قال سمعت أبا جعفر ع يقول الأئمة اثنا عشر إماما منهم الحسن والحسين ثم الأئمة من ولد الحسين ع.

وعن محمد بن علي بن بلال قال خرج إلي من أبي محمد الحسن بن علي العسكري ع قبل مضيه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده ثم خرج إلي من قبل مضيه بثلاثة أيام يخبرني بالخلف من بعده

__________________

(١) قيل : لأنه (ع) والد كرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله لا ولد.

٤٤٨

وعن أبي هاشم الجعفري قال قلت لأبي محمد الحسن بن علي ع جلالتك تمنعني من مسألتك فتأذن لي أن أسألك فقال سل قلت يا سيدي هل لك ولد قال نعم قلت فإن حدث حدث فأين أسأل عنه قال بالمدينة.

وعن عمرو الأهوازي قال أراني أبو محمد ابنه ع وقال هذا صاحبكم بعدي.

" وعن العمري قال مضى أبو محمد ع وخلف ولدا له.

وعن أحمد بن محمد بن عبد الله قال خرج عن أبي محمد ع حين قتل الزبيري لعنه الله هذا جزاء من اجترى على الله في أوليائه زعم أنه يقتلني وليس لي عقب فكيف رأى قدرة الله فيه قال محمد بن عبد الله وولد له ولد.

وعن داود بن القاسم الجعفري قال سمعت أبا الحسن علي بن محمد ع يقول الخلف من بعدي الحسن فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف قلت لم جعلني الله فداك فقال لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه فقلت فكيف نذكره قال قولوا الحجة من آل محمد عليهم السلام.

وهذا طرف يسير مما جاء من النصوص على الثاني عشر من الأئمة ع والروايات في ذلك كثيرة قد دونها أصحاب الحديث من هذه العصابة وأثبتوها في كتبهم فممن أثبتها على الشرح والتفصيل ـ محمد بن إبراهيم المكنى أبا عبد الله النعماني في كتابه الذي صنفه في الغيبة فلا حاجة بنا مع ما ذكرناه إلى إثباتها على التفصيل في هذا المكان.

باب ذكر من رأى الإمام الثاني عشر ع وطرف من دلائله وبيناته.

عن محمد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر وكان أسن شيخ من ولد رسول الله ص بالعراق قال رأيت ابن الحسن بن علي بن محمد بين المسجدين وهو غلام. وعن حكيمة بنت محمد بن علي فهي عمة الحسن أنها رأت القائم ع ليلة مولده وبعد ذلك.

وعن علي بن محمد بن همدان القلانسي قال قلت لأبي عمرو العمري قد مضى

٤٤٩

أبو محمد فقال لي قد مضى أبو محمد ولكن قد خلف فيكم من رقبته مثل هذه وأشار بيده.

وعن فتح مولى الزراري قال سمعت أبا علي بن مطهر يذكر أنه رآه ووصف له قده.

وعن خادمة لإبراهيم بن عبيدة النيسابوري وكانت من الصالحات أنها قالت ـ كنت واقفة مع إبراهيم على الصفا فجاء صاحب الأمر ع حتى وقف معه وقبض على كتاب مناسكه وحدثه بأشياء.

وعن أبي عبد الله بن الصالح أنه رآه بحذاء الحجر والناس يتجاذبون عليه وهو يقول ما بهذا أمروا.

وعن أحمد بن إبراهيم بن إدريس عن أبيه أنه قال ـ رأيته ع بعد مضي أبي محمد ع حين أيفع (١) وقبلت رأسه ويده.

وعن القشيري (٢) قال جرى حديث جعفر بن علي فقال لي نقدمه (٣) فقلت فليس غيره قال بلى قلت فهل رأيته قال لم أره ولكن غيري رآه قلت من غيرك قال قد رآه جعفر مرتين.

وعن أبي نصر طريف الخادم أنه رآه ع.

وأمثال هذه الأخبار في معنى ما ذكرناه كثيرة والذي اختصرناه منها كاف فيما قصدناه إذ العمدة في وجوده وإمامته ع ما قدمناه والذي يأتي من بعد ذلك زيادة في التأكيد ولو لم نورده لكان غير مخل بما شرحناه والمنة لله تعالى.

باب طرف من دلائل صاحب الزمان ع وبيناته وآياته.

عن محمد بن إبراهيم بن مهران قال شككت عند مضي أبي محمد الحسن بن علي ع واجتمع عند أبي مال جليل قال فحمله وركبت معه السفينة مشيعا له فوعك وعكا شديدا (٤) فقال

__________________

(١) أيفع الغلام : راهق العشرين ، وقيل : ترعرع وناهز البلوغ

(٢) وفي المصدر : «القنبرى» بدل «القشيري».

(٣) كذا في النسخ وفي المصدر هكذا : «قال : جرى حديث جعفر بن علي فذمه ... ا ه».

(٤) الوعك : الحمى.

٤٥٠

يا بني ردني فهو الموت وقال لي اتق الله في هذا المال وأوصى إلي ومات بعد ثلاثة أيام فقلت في نفسي لم يكن أبي ليوصي بشيء غير صحيح أحمل هذا المال إلى العراق وأكتري دارا على الشط ولا أخبر أحدا بشيء فإن وضح لي كوضوحه في أيام أبي محمد أنفذته وإلا أنفقته في ملاذي وشهواتي فقدمت العراق واكتريت دارا على الشط وبقيت أياما فإذا أنا برقعة مع رسول فيها يا محمد معك كذا وكذا حتى قص علي جميع ما معي وذكر في جملته شيئا لم أحط به علما فسلمته إلى الرسول وبقيت أياما لا يرفع لي رأس فاغتممت فخرج إلي قد أقمناك مقام أبيك فاحمد الله.

وروى محمد بن أبي عبد الله السياري قال أوصلت أشياء للمرزباني الحارثي فيها سوار ذهب فقبلت ورد علي السوار وأمرت بكسره فكسرته فإذا في وسطه مثاقيل حديد ونحاس وصفر فأخرجته وأنفذت الذهب بعد ذلك فقبل.

وعن علي بن محمد قال أوصل رجل من أهل السواد مالا فرد عليه وقيل له أخرج حق ولد عمك منه وهو أربع مائة درهم وكان الرجل في يده ضيعة لولد عمه فيها شركة قد حبسها عنهم فنظرنا فإذا الذي لابن عمه من ذلك المال أربعمائة درهم فأخرجها وأنفذ الباقي فقبل.

القاسم بن العلاء قال ولد لي عدة بنين فكنت أكتب وأسأل الدعاء لهم فلا يكتب إلي شيء في أمرهم فماتوا كلهم فلما ولد لي الحسين ابني كتبت أسأل الدعاء له فأجبت فبقي والحمد لله.

وعن أبي عبد الله بن صالح قال خرجت سنة من السنين إلى بغداد واستأذنت في الخروج فلم يؤذن لي فأقمت اثنين وعشرين يوما بعد خروج القافلة إلى النهروان فأذن لي بالخروج يوم الأربعاء وقيل لي اخرج فخرجت وأنا آيس من القافلة أن ألحقها فوافيت النهروان والقافلة مقيمة فما كان إلا أن علفت جملي حتى رحلت القافلة ورحلت وقد دعي لي بالسلامة فلم ألق سوءا والحمد لله.

عن محمد بن يوسف الشاشي قال خرج بي ناسور (١) فأريته الأطباء وأنفقت

__________________

(١) الناسور : علة تحدث حوالي المقعدة.

٤٥١

عليه مالا فلم يصنع الدواء فيه شيئا فكتبت رقعة أسأل الدعاء فوقع ألبسك الله العافية وجعلك الله معنا في الدنيا والآخرة فما أتت علي جمعة إلا وقد عوفيت وصار الموضع مثل راحتي فدعوت طبيبا من أصحابنا وأريته إياه فقال ما عرفنا لهذا دواء وما جاءتك العافية إلا من قبل الله بغير حساب.

عن علي بن الحسين اليماني قال كنت ببغداد فتهيأت قافلة اليمانيين فأردت الخروج معهم فكتبت ألتمس الإذن في ذلك فخرج لا تخرج معهم فليس لك في الخروج معهم خيرة وأقم بالكوفة قال فأقمت وخرجت القافلة فخرج عليهم بنو حنظلة فاجتاحوهم (١) قال وكتبت أستأذن في ركوب الماء فلم يؤذن لي فسألت عن المراكب التي خرجت تلك السنة في البحر فعرفت أنه لم يسلم منها مركب خرج عليهم قوم يقال لهم البوازخ فقطعوا عليها.

علي بن الحسين قال وردت العسكر فأتيت الدرب مع المغيب ولم أكلم أحدا ولم أتعرف إلى أحد فأنا أصلي في المسجد بعد فراغي من الزيارة فإذا الخادم قد جاءني فقال لي قم فقلت إلى أين فقال لي إلى المنزل قلت من أنا لعلك أرسلت إلى غيري فقال لا ما أرسلت إلا إليك أنت علي بن الحسين وكان معه غلام فساره فلم أدر ما قال حتى أتاني بجميع ما أحتاج إليه وجلست عنده ثلاثة أيام واستأذنته في الزيارة من داخل الدار فأذن لي فزرت ليلا.

الحسين بن الفضل (٢) الهماني قال كتب أبي بخطه كتابا فورد جوابه ثم كتب بخطي فورد جوابه ثم كتب بخط رجل جليل من فقهاء أصحابنا فلم يرد جوابه فنظرنا فإذا ذلك الرجل قد تحول قرمطيا. (٣)

وذكر الحسين بن الفضل قال وردت العراق وعملت أن لا أخرج إلا عن بينة من أمري ونجاح من حوائجي ولو احتجت أن أقيم بها حتى أتصدق قال وفي خلال

__________________

(١) اجتاحه : استأصله وأهلكه.

(٢) وفي المصدر «الحسن بن الفضل» في الموضعين وهو الظاهر

(٣) القرامطة : فرقة من الخوارج

٤٥٢

ذلك يضيق صدري بالمقام وأخاف أن يفوتني الحج قال فجئت يوما إلى محمد بن أحمد وكان السفير يومئذ أتقاضاه فقال لي سر إلى مسجد كذا وكذا فإنه يلقاك رجل قال فصرت إليه فدخل علي رجل فلما نظر إلي ضحك وقال لا تغتم فإنك ستحج في هذه السنة وتنصرف إلى أهلك وولدك سالما قال فاطمأننت وسكن قلبي وقلت هذا مصداق ذلك.

قال ثم وردت العسكر فخرجت إلي صرة فيها دنانير وثوب فاغتممت وقلت في نفسي جزائي (١) عند القوم هذا واستعملت الجهل فرددتها وكتبت رقعة ثم ندمت بعد ذلك ندامة شديدة وقلت في نفسي كفرت بردي على مولاي وكتبت رقعة أعتذر من فعلي وأبوء بالإثم واستغفرت من زللي وأنفذتها وقمت أتطهر للصلاة وأنا إذ ذاك أفكر في ذلك وأقول إن ردت علي الدنانير لم أحلل شدها ولم أحدث فيها شيئا حتى أحملها إلى أبي فإنه أعلم مني فخرج إلي الرسول الذي حمل الصرة وقال أسأت إذ لم تعلم الرجل أنا ربما فعلنا ذلك بموالينا ابتداء وربما سألونا ذلك يتبركون به وخرج إلي أخطأت في ردك برنا فإذا استغفرت الله فالله يغفر لك وإذا كانت عزيمتك وعقد نيتك فيما حملناه إليك ألا تحدث فيه حدثا إذا رددناه عليك ولا تنتفع به في طريقك فقد صرفناه عنك فأما الثوب فخذه لتحرم فيه قال وكتبت في معنيين وأردت أن أكتب في الثالث فامتنعت مخافة أن يكره ذلك فورد جواب المعنيين والثالث الذي طويت مفسرا والحمد لله.

قال وكنت وافقت جعفر بن محمد النيسابوري بنيسابور على أن أركب معه إلى الحج وأزامله فلما وافيت بغداد بدا لي وذهبت أطلب عديلا فلقيني ابن الوجناء وكنت قد صرت إليه وسألته أن يكتري لي فوجدته كارها فلما لقيني قال أنا في طلبك وقد قيل لي إنه يصحبك فأحسن عشرته واطلب له عديلا وأكتر له.

وعن الحسن بن عبد الحميد قال شككت في أمر حاجز (٢) فجمعت شيئا

__________________

(١) وفي بعض النسخ «حدى» مكان «جزائي».

(٢) هو حاجز بن يزيد الوشاء من وكلاء الناحية المقدّسة.

٤٥٣

ثم صرت إلى العسكر فخرج إلي ليس فينا شك ولا فيمن يقوم مقامنا بأمرنا رد ما معك إلى حاجز بن يزيد.

وعن محمد بن صالح قال لما مات أبي وصار الأمر إلي كان لأبي على الناس سفاتج (١) من مال الغريم يعني صاحب الأمر ع قال الشيخ وهذا رمز كانت الشيعة تعرفه قديما بينها ويكون خطابها عليه للتقية قال وكتبت إليه أعلمه فكتب إلي طالبهم واستقض عليهم فقضاني الناس إلا رجل واحد كانت عليه سفتجة بأربعمائة دينار فجئت إليه أطلبه فمطلني واستخف بي ابنه وسفه علي (٣) فشكوته إلى أبيه فقال وكان مارا فقبضت على لحيته وأخذت برجله فسحبته (٤) إلى وسط الدار فخرج ابنه مستغيثا بأهل بغداد ويقول قمي رافضي قد قتل والدي فاجتمع علي منهم خلق كثير فركبت دابتي وقلت أحسنتم يا أهل بغداد تميلون مع الظالم على الغريب المظلوم أنا رجل من أهل همدان من أهل السنة وهذا ينسبني إلى قم ويرميني بالرفض ليذهب بحقي ومالي قال فمالوا عليه وأرادوا أن يدخلوا إلى حانوته حتى سكنتهم وطلب إلي صاحب السفتجة أن آخذ مالي وحلف بالطلاق أنه يوفيني في الحال فاستوفيته منه.

وعن أحمد بن الحسن قال وردت الجبل وأنا لا أقول بالإمامة ولا أحبهم جملة إلى أن مات يزيد بن عبد الله فاوصى في علته أن يدفع الشهري السمند (٤) وسيفه ومنطقته إلى مولاه فخفت إن لم أدفع الشهري إلى أذكوتكين نالني منه استخفاف فقومت الدابة والسيف والمنطقة بسبعمائة دينار في نفسي ولم أطلع عليه أحدا ودفعت الشهري إلى أذكوتكين وإذا الكتاب قد ورد علي من العراق أن وجه السبعمائة دينار التي لنا قبلك من ثمن الشهري والسيف والمنطقة.

__________________

(١) جمع سفتجة معرب «سفته» وقد مر أيضا.

(٢) أي شتمني

(٣) سحبه سحبا : جره على وجه الأرض

(٤) السمند : الفرس فارسية

٤٥٤

علي بن محمد قال حدثني بعض أصحابنا قال ولد لي ولد فكتبت أستأذن في تطهيره يوم السابع فورد لا تفعل فمات يوم السابع أو الثامن ثم كتبت بموته فورد سيخلف غيره وغيره فسم الأول أحمد ومن بعد أحمد جعفرا فجاء كما قال قال وتهيأت للحج وودعت الناس وكنت على الخروج (١) فورد نحن لذلك كارهون والأمر إليك قال فضاق صدري واغتممت وكتبت أني مقيم على السمع والطاعة غير أني مغتم بتخلفي عن الحج فوقع لا يضيقن صدرك فإنك ستحج قابلا إن شاء الله فلما كان من قابل كتبت فاستأذنت فورد الإذن وكتبت أني عادلت محمد بن العباس وأنا واثق بديانته وصيانته فورد الأسدي (٢) نعم العديل فإن قدم فلا تختر عليه أحدا فقدم الأسدي وعادلته.

وعن الحسن بن عيسى العريضي قال لما مضى أبو محمد الحسن بن علي ع ورد رجل من مصر بمال إلى مكة لصاحب الأمر فاختلف عليه وقال بعض الناس إن أبا محمد قد مضى من غير خلف وقال آخرون الخلف من بعده جعفر وقال الآخرون الخلف من بعده ولده فبعث رجلا يكنى أبا طالب إلى العسكر يبحث عن الأمر وصحته ومعه كتاب فصار الرجل إلى جعفر وسأله عن برهان فقال له جعفر لا يتهيأ في هذا الوقت فصار الرجل إلى الباب وأنفذ الكتاب إلى أصحابنا الموسومين بالسفارة فخرج إليه آجرك الله في صاحبك فقد مات وأوصى بالمال الذي كان معه إلى ثقة يعمل فيه بما يحب وأجيب عن كتابه وكان الأمر كما قيل له.

وعن علي بن محمد قال ـ حمل رجل من أهل آبة (٣) شيئا يوصله ونسي سيفا كان أراد حمله فلما وصل الشيء كتب إليه بوصوله وقيل له في الكتاب ما خبر السيف الذي أنسيته.

__________________

(١) وفي المصدر «وكتبت استأذن في الخروج».

(٢) وهو محمّد بن أبي عبد اللّه جعفر بن محمّد بن عون الأسدي الكوفيّ أحد السفراء رضى اللّه عنهم.

(٣) آية : بلدة قرب ساوة وبلدة بافريقية.

٤٥٥

وعن محمد بن شاذان النيسابوري قال ـ اجتمع عندي خمسمائة درهم تنقص عشرين درهما فلم أحب أن أنفذها ناقصة فوزنت من عندي عشرين درهما وبعثت بها إلى الأسدي ولم أكتب مالي فيها فورد الجواب وصل خمسمائة درهم لك فيها عشرون درهما.

الحسن بن محمد الأشعري قال كان يرد كتاب أبي محمد ع في الإجراء على الجنيد قاتل فارس بن حاتم بن ماهويه وأبي الحسن وأخي فلما مضى أبو محمد ع ورد استئناف من الصاحب ع بالإجراء لأبي الحسن وصاحبه ولم يرد في أمر الجنيد شيء قال فاغتممت لذلك فورد نعي الجنيد بعد ذلك.

قال كتب علي بن زياد الصيمري يسأل كفنا فكتب إليه أنك تحتاج إليه في سنة ثمانين فمات في سنة ثمانين وبعث إليه بالكفن قبل موته.

وعن محمد بن هارون بن عمران الهمداني قال ـ كان للناحية علي خمسمائة دينار فضقت بها ذرعا ثم قلت في نفسي حوانيت اشتريتها بخمسمائة دينار وثلاثين دينارا قد جعلتها للناحية بخمسمائة دينار ولم أنطق بذلك فكتب إلى محمد بن جعفر اقبض الحوانيت من محمد بن هارون بالخمسمائة دينار التي لنا عليه.

وعن علي بن محمد قال خرج نهي عن زيارة مقابر قريش والحائر على ساكنيهما السلام فلما كان بعد أشهر دعا الوزير الباقطاني (١) فقال له الق بني الفرات والبرسيين (٢) وقل لهم لا تزوروا مقابر قريش فقد أمر الخليفة أن يتفقد كل من زار فيقبض عليه والأحاديث في هذا المعنى كثيرة وهي موجودة في الكتب المصنفة المذكورة فيها أخبار القائم ع فإن ذهبت إلى إيراد جميعها طال بذلك الكتاب وفيما أثبتناه منها مقنع والمنة لله.

باب ذكر علامات قيام القائم ع ومدة أيام ظهوره وشرح سيرته وطريقة

__________________

(١) أحد وزراء بني العباس

(٢) قيل لعلّ بنى في بنى الفرات جمع البنية يعنى ما ابنتي في حوالي الفرات. والبرس : قرية بين الكوفة والحلّة.

٤٥٦

أحكامه وطرف مما يظهر في دولته

قد جاءت الآثار بذكر علامات لزمان قيام القائم المهدي ع وحوادث تكون أمام قيامه وآيات ودلالات فمنها خروج السفياني وقتل الحسني واختلاف بني العباس في الملك وكسوف الشمس في النصف من رمضان وخسوف القمر في آخر الشهر على خلاف العادات وخسف بالبيداء وخسف بالمغرب وخسف بالمشرق وركود الشمس من عند الزوال إلى وسط أوقات العصر وطلوعها من المغرب وقتل نفس زكية تظهر في سبعين من الصالحين وذبح رجل هاشمي بين الركن والمقام وهدم حائط مسجد الكوفة وإقبال رايات سود من قبل خراسان وخروج اليماني وظهور المغربي بمصر وتملكه الشامات ونزول الترك الجزيرة ونزول الروم الرملة وطلوع نجم بالمشرق يضيء كما يضيء القمر ثم ينعطف حتى تكاد يلتقي طرفاه وحمرة تظهر في السماء وتلتبس في آفاقها ونار تظهر بالمشرق طولا وتبقى في الجو ثلاثة أيام أو سبعة أيام وخلع العرب أعنتها وتملكها البلاد وخروجها عن سلطان العجم وقتل أهل مصر أميرهم وخراب بالشام واختلاف ثلاث رايات فيه ودخول رايات قيس والعرب إلى مصر ورايات كندة إلى خراسان وورود خيل من قبل المغرب حتى تربط بفناء الحيرة وإقبال رايات سود من المشرق نحوها وثبق (١) في الفرات حتى يدخل الماء أزقة الكوفة وخروج ستين كذابا كلهم يدعي النبوة وخروج اثنا عشر من آل أبي طالب كلهم يدعي الإمامة لنفسه وإحراق رجل عظيم القدر من شيعة بني العباس بين جلولا وخانقين وعقد الجسر مما يلي الكرخ بمدينة بغداد وارتفاع ريح سوداء بها في أول النهار وزلزلة حتى ينخسف كثير منها وخوف يشمل أهل العراق وموت ذريع فيه ونقص من الأنفس والأموال والثمرات وجراد يظهر في أوانه وفي غير أوانه حتى يأتي على الزرع والغلات وقلة ريع (٢) ما يزرعه الناس واختلاف العجم وسفك دماء كثيرة فيما

__________________

(١) أي كثر ماء الفرات

(٢) الريع : فضل كل شيء.

٤٥٧

بينهم وخروج العبيد عن طاعة ساداتهم وقتلهم مواليهم ومسخ لقوم من أهل البدع حتى يصيروا قردة وخنازير وغلبة العبيد على بلاد السادات ونداء من السماء يسمعه أهل الأرض كل أهل لغة بلغتهم ووجه وصدر يظهران للناس في عين الشمس وأموات ينشرون من القبور حتى يرجعوا إلى الدنيا فيتعارفون فيها ويتزاورون ثم يختم ذلك بأربع وعشرين مطرة تتصل فتحيا الأرض بعد موتها وتعرف بركاتها وتزول بعد ذلك كل عاهة من معتقدي الحق من شيعة المهدي ع فيعرفون عند ذلك ظهوره بمكة فيتوجهون نحوه لنصرته كما جاءت بذلك الأخبار.

ومن جملة هذه الأحداث محتومة وفيها مشترطه والله أعلم بما يكون وإنما ذكرنا هنا على حسب ما ثبت في الأصول وتضمنها الأثر المنقول وبالله نستعين وإياه نسأل التوفيق.

قال أفقر عباد الله تعالى إلى رحمته ـ علي بن عيسى أثابه الله برحمته لا ريب أن هذه الحوادث فيها ما يحيله العقل وفيها ما يحيله المنجمون ولهذا اعتذر الشيخ المفيد رحمه‌الله في آخر إيراده لها والذي أراه أنه إذا صحت طرقات نقلها وكانت منقولة عن النبي أو الإمام ع فحقها أن تتلقى بالقبول لأنها معجزات والمعجزات خوارق للعادات كانشقاق القمر وانقلاب العصا ثعبانا والله أعلم.

وقال الشيخ المفيد رحمه‌الله أخبرني أبو الحسن علي بن بلال المهلبي يرفعه إلى إسماعيل بن الصباح قال سمعت شيخا من أصحابنا يذكر عن سيف بن عميرة قال ـ كنت عند أبي جعفر المنصور فقال لي ابتداء يا سيف بن عميرة لا بد من مناد ينادي من السماء باسم رجل من ولد أبي طالب فقلت جعلت فداك يا أمير المؤمنين تروي هذا فقال إي والذي نفسي بيده لسماع أذني له فقلت يا أمير المؤمنين إن هذا الحديث ما سمعته قبل وقتي هذا فقال يا سيف إنه لحق فإذا كان فنحن أول من يجيبه أما إن النداء إلى رجل من بني عمنا فقلت إلى رجل من ولد فاطمة فقال نعم يا سيف لو لا أنني سمعت أبا جعفر محمد بن علي يحدثني به وحدثني به أهل الأرض

٤٥٨

كلهم ما قبلته منهم ولكنه محمد بن علي.

وعن ابن عمر قال قال رسول الله ص لا تقوم الساعة حتى يخرج القائم المهدي من ولدي ولا يخرج المهدي حتى يخرج ستون كذابا كلهم يقول أنا نبي.

وعن أبي حمزة قال قلت لأبي جعفر ع خروج السفياني من المحتوم قال نعم والنداء من المحتوم وطلوع الشمس من مغربها محتوم واختلاف بني العباس في الدولة محتوم وقتل النفس الزكية محتوم وخروج القائم من آل محمد محتوم قلت وكيف يكون النداء قال ينادي مناد من السماء في أول النهار ألا إن الحق مع علي وشيعته ثم ينادي إبليس في آخر النهار من الأرض ألا إن الحق مع عثمان وشيعته فعند ذلك يرتاب المبطلون ـ قلت لا يرتاب إلا جاهل لأن منادي السماء أولى أن يقبل من منادي الأرض.

وعن أبي خديجة عن أبي عبد الله ع قال لا يخرج القائم حتى يخرج قبله اثنا عشر من بني هاشم كلهم يدعو إلى نفسه.

عن علي بن محمد الأزدي عن أبيه عن جده قال قال أمير المؤمنين ع بين يدي القائم موت أحمر وموت أبيض وجراد في حينه وجراد في غير حينه كألوان الدم فأما الموت الأحمر فالسيف وأما الموت الأبيض فالطاعون.

وعن جابر الجعفي عن أبي جعفر ع قال ألزم الأرض ولا تحرك يدا ولا رجلا حتى ترى علامات أذكرها لك وما أراك تدرك ذلك اختلاف بني العباس ومناد ينادي من السماء وخسف قرية من قرى الشام تسمى الجابية ونزول الترك الجزيرة ونزول الروم الرملة واختلاف كثير عند ذلك في كل أرض حتى تخرب الشام ويكون سبب خرابها اجتماع ثلاث رايات فيها راية الأصحب وراية الأبقع وراية السفياني.

وعن علي بن أبي حمزة عن أبي الحسن موسى ع في قوله عز اسمه (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ (١) أَنَّهُ الْحَقُ) قال الفتن في آفاق الأرض والمسخ في أعداء الحق.

__________________

(٢) سورة فصلت : ٥٣.

٤٥٩

وعن أبي بصير قال سمعت أبا جعفر ع يقول في قوله تعالى (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) (١) قال سيفعل الله ذلك بهم قلت من هم قال بنو أمية وشيعتهم قلت وما الآية قال ركود الشمس ما بين زوال الشمس إلى وقت العصر وخروج صدر ووجه في عين الشمس يعرف بحسبه ونسبه وذلك في زمان السفياني وعنده يكون بواره وبوار قومه.

وعن سعيد بن جبير ـ أن السنة التي يقوم فيها القائم ع تمطر الأرض أربعا وعشرين مطرة وترى آثارها وبركاتها.

عن ثعلبة الأزدي قال قال أبو جعفر ع آيتان تكونان قبل قيام القائم كسوف الشمس في النصف من رمضان والقمر في آخره قال قلت يا ابن رسول الله القمر في آخر الشهر والشمس في النصف فقال أبو جعفر أنا أعلم بما قلت إنهما آيتان لم تكونا منذ هبط آدم عليه السلام.

وعن صالح بن ميثم قال سمعت أبا جعفر ع يقول ليس بين قيام القائم وقتل النفس الزكية أكثر من خمس عشرة ليلة.

قلت ينظر في هذا فإما أن يراد بالنفس الزكية غير محمد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب ع وقتل في رمضان من سنة خمس وأربعين ومائة وإما أن يتطرق الطعن إلى هذا الخبر.

وعن جابر قال قلت لأبي جعفر ع متى يكون هذا الأمر فقال أنى يكون ذلك يا جابر ولما تكثر القتلى بين الحيرة والكوفة.

عن الحسين بن المختار عن أبي عبد الله ع قال إذا هدم حائط مسجد الكوفة مما يلي دار عبد الله بن مسعود فعند ذلك زوال ملك القوم وعند زواله خروج القائم عليه السلام.

وعن بكر بن محمد عن أبي عبد الله ع قال خروج الثلاثة السفياني والخراساني واليماني في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد وليس فيها راية أهدى من راية اليماني

__________________

(١) الشعراء : ٤.

٤٦٠