نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ٢

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ٢

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٧٩

وقال الذهبي بترجمته : « وقال غير واحد : كان مدلسا ، فإذا قال : عن ، فليس بحجة. قال ابن حبان : سمع من شعبة ومالك وغيرهما أحاديث مستقيمة ثم سمع من أقوام كذابين عن شعبة ومالك فروى عن الثقات بالتدليس ما أخذ عن الضعفاء. وقال أبو حاتم : لا يحتج به وقال أبو مسهر : أحاديث بقية ليست نقية فكن منها على تقية.

قال حياة بن شريح : سمعت بقية يقول : لما قرأت على شعبة أحاديث بحير ابن سعيد قال : يا أبا محمد لو لم أسمعها منك لطرت.

وقال أبو إسحاق الجوزجاني : رحم الله بقية ما كان يبالي إذا وجد خرافة عمن يأخذه ، فان حدث عن الثقات فلا بأس به ».

وقال الذهبي أيضا : « قال أبو التقي اليزني : من قال ان بقية قال حدثنا فقد كذب ، ما قال قط الا حدثني فلان. وقال الحجاج بن الشاعر : سئل ابن عيينة عن حديث من هذه الملح فقال : أنا أبو العجب أنا بقية بن الوليد. وقال ابن خزيمة لا أحتج ببقية ، وحدثنا أحمد بن الحسن الترمذي سمعت أحمد ابن حنبل يقول : توهمت ان بقية لا يحدث المناكير الا عن المجاهيل ، فإذا هو يحدث المناكير عن المشاهير ، فعلمت من أين أتى ».

وقال الذهبي نقلا عن ابن حبان : « حدثنا سليمان بن محمد الخزاعي بدمشق حدثنا هشام به خلد حدثنا بقية عن ابن جريح عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا : من أدمن على حاجبيه بالمشط عوفي من الوباء ، وهذا من نسخة كتبناها بهذا الاسناد كلها موضوعة يشبه أن يكون بقية سمعه من انسان واه عن ابن جريح فدلس عنه والتزق به ».

قال : « وذكر العقيلي حدثنا محمد بن سعيد حدثنا عبد الرحمن بن حكم عن وكيع قال : ما سمعت أحدا أجرأ على أن يقول قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من بقية ».

قال : « وقال مسلم : حدثنا ابن راهويه سمعت بعض أصحاب عبد الله قال قال ابن المبارك : نعم الرجل بقية لو لا انه يكنّي الاسامي

٣٢١

ويسمي الكنى ، كان دهرا يحدثنا عن أبي سعيد الوحاظي فنظرنا فإذا هو عبد القدوس.

وقال أبو داود : أنبأنا احمد قال : روى بقية عن عبد الله مناكير. قال الذهبي وروى عباس عن ابن معين قال : إذا لم يسمّ بقية شيخه وكناه فاعلم انه لا يساوي شيئا.

وقال : قال يعقوب الفسوي : وبقية يذكر بحفظ الا أنه يشتهى الملح والطرائف من الأحاديث فيروي عن الضعفاء ».

وروى الذهبي عن عمرو بن سنان عن عبد الوهاب بن الضحاك عن شعبة : « وبقية ذو غرائب وعجائب ومناكير ».

قال : « قال عبد الحق في غير حديث : بقية لا يحتج به ، وروى له أيضا أحاديث وسكت عن تبيينها.

وقال أبو الحسن ابن القطان : بقية يدلس عن الضعفاء ويستبيح ذلك ، وهذا ان صح مفسد لعدالته ».

قال الذهبي : « قلت نعم والله صح هذا عنه أنه فعله وصح عن الوليد ابن مسلم ، بل وعن جماعة كبار فعله ، وهذه بلية منهم ، ولكنهم فعلوا ذلك باجتهاد وما جوزوا على ذلك الشخص الذي يسقطون ذكره بالتدليس انه تعمد الكذب ، هذا أمثل ما يعتذر به عنهم » (١).

قلت : وهو سخيف جدا ، لان بقية وأمثاله ان كانوا يؤمنون بالله ويخشونه ، لذكروا عند التحديث اسم الرجل الضعيف الذي أسقطوه ، مصرحين بضعفه ، لئلا يضل بتدليسهم من لا خبرة له في الرجال والحديث.

وقال المجد الفيروزابادي : « وبقية محدث ضعيف » (٢).

وقال ابن حجر بترجمته : « قال يحيى بن معين كان يحدث عن

__________________

(١) ميزان الاعتدال ١ / ٣٣.

(٢) القاموس المحيط : بقي.

٣٢٢

الضعفاء بمائة حديث قبل ان يحدث عن الثقات ».

وقال : « قال أبو حاتم يكتب حديثه ولا يحتج به ، وهو أحب اليّ من اسماعيل ابن عياش » (١).

قال : « وروى ابن عدي عن بقية قال لي شعبة يا أبا يحمد ما أحسن حديثك لكن ليس له أركان.

وقال بقية : ذاكرت حماد بن زيد بأحاديث وقال : ما أجود حديثك لو كان لها أجنحة » (٢).

وقال ابن حجر : « بقية بن الوليد .. صدوق كثير التدليس عن الضعفاء من الثامنة ، مات سنة سبع وسبعين » (٣).

وقال المناوي بعد حديث : « قال المنذري رواه الطبراني من رواية بقية وفيه راو لم يسم قال الهيثمي تبعا لشيخه الزين العراقي : وفي اسناده من لم يسم ، وبقية مدلس » (٤).

وقال الزبيدي : « وبقية بن الوليد محدث ضعيف يروي عن الكذابين ويدلسهم. قاله الذهبي في الميزان ، وقال في ذيله ، هو صدوق في نفسه حافظ لكنه يروي عمن دب ودرج فكثرت المناكير والعجائب في حديثه ، وقال ابن خزيمة : لا احتج ببقية ، وقال احمد : له مناكير عن الثقات ، وقال ابن عدي : لبقية أحاديث صالحة ويخالف الثقات ، وإذا روى عن غير الشاميين خلط كما يفعل اسماعيل بن عياش » (٥).

__________________

(١) تهذيب التهذيب ١ / ٤٧٥.

(٢) المصدر ١ / ٤٧٧.

(٣) تقريب التهذيب ١ / ١٠٤.

(٤) فيض القدير ١ / ١٠٩.

(٥) تاج العروس : بقي.

٣٢٣

واما يحيى بن أبى المطاع

راوي الحديث عن العرباض بن سارية عن ابن ماجة ، فانه مجهول عند ابن القطان ، وقد تكلم كبار العلماء في لقائه العرباض واستنكروه ، فقد قال الذهبي « وقد استبعد دحيم لقيه للعرباض فلعله أرسل عنه ، فهذا في الشاميين كثير الوقوع ، يروون عمن لم يلقوهم » (١).

وقال ابن حجر : « وقال أبو زرعة لدحيم تعجبا من حديث الوليد بن سليمان قال : صحبت يحيى بن أبي المطاع ، كيف يحدث عبد الله بن العلاء ابن زبر عنه انه سمع العرباض مع قرب عهد يحيى؟ قال : أنا من أنكر الناس لهذا ، والعرباض قديم الموت.

قلت : وزعم ابن القطان انه لا يعرف حاله » (٢).

وقال : « وأشار دحيم الى ان روايته عن عرباض بن سارية مرسلة » (٣).

واما عبد الله بن علاء

راوي الخبر عن يحيى عند ابن ماجة فانه أيضا لا يخلو عن قدح ، فقد قال الذهبي : « وقال ابن حزم : ضعفه يحيى وغيره » (٤).

واما ضمرة بن حبيب

راوي الخبر عن عبد الرحمن السلمي عند ابن ماجة فهو ايضا مطروح ، لأنه من أهل حمص كما لا يخفى على من راجع ( تهذيب التهذيب ) و ( تقريب التهذيب ) ، كما أنه كان مؤذن المسجد الجامع بدمشق ( تقريب التهذيب ٤ / ٤٥٩ ).

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٤ / ٤١٠.

(٢) تهذيب التهذيب ١١ / ٢٨٠.

(٣) تقريب التهذيب ٢ / ٣٥٨.

(٤) ميزان الاعتدال ٢ / ٤٦٣.

٣٢٤

واما معاوية بن صالح

راوي الحديث عن ضمرة عند ابن ماجة فقد تكلموا فيه كذلك ، قال الذهبي « قال ابن حاتم : لا يحتج به ، ولم يخرج له البخاري ، ولينه ابن معين ».

قال : « قال الليث بن عبده قال يحيى بن معين : كان ابن مهدي إذا حدث بحديث معاوية بن صالح زجره يحيى بن سعيد ، وكان ابن مهدي لا يبالي » (١).

وأورده في الضعفاء وقال : « قال أبو حاتم : لا يحتج به وكان [ يحيى ] القطان لا يرضاه » (٢).

وقال ابن حجر : « وقال ابن أبي خيثمة والدوري في تاريخهما عن ابن معين : كان يحيى بن سعيد لا يرضاه.

وقال : قال الدوري عن ابن معين : ليس بمرضي ، هكذا نقله ابن ابى حاتم عن الدوري ، وليس ذلك في تاريخه ، وقال الليث بن عبده قال يحيى بن معين كان ابن مهدي إذا تحدث بحديث معاوية بن صالح زبره يحيى بن سعيد وقال : ايش هذه الأحاديث؟ وقال علي بن المعايني عن يحيى ابن معين : ما كنا نأخذ عنه.

وقال : قال ابو صالح الفراء عن أبي إسحاق الفزاري : ما كان بأهل أن يروى عنه.

قال : وقال يعقوب بن شيبة : قد حمل الناس عنه ومنهم من يرى انه وسط ليس بالثبت ولا بالضعيف ومنهم من يضعفه.

قال : وقال ابن عمار زعموا انه لم يكن يدري أي شيء في الحديث » (٣).

هذا كله بالاضافة الى كونه من أهل حمص وقاضى الأندلس في

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٤ / ١٣٥.

(٢) المغني في الضعفاء ٢ / ١٦٦.

(٣) تهذيب التهذيب ١٠ / ٢١٠.

٣٢٥

الدولة الاموية ، كما في ( تهذيب التهذيب ١٠ / ٢٠٩ ) وفيه : « قال ابن يونس قدم سنة خمس وعشرين ثم دخل الأندلس ، فلما ملك عبد الرحمن بن معاوية بالأندلس اتصل به فأرسله الى الشام في بعض أمره ، فلما رجع اليه ولاه قضاء الجماعة بالأندلس ، وتوفي سنة ثمان وخمسين ومائة ، وقال سعيد بن أبى مريم سمعت خالي موسى بن سلمة يقول : أتيت معاوية بن صالح لا كتب عنه فرأيت عنده أراه ـ قال : الملاهي ـ فقال : ما هذا؟ قال : شيء بهديه الى صاحب الأندلس ، قال : فتركته ولم اكتب عنه » (١).

واما اسماعيل بن بشر بن منصور

شيخ ابن ماجة وأحد رجال الحديث في طريقه الثاني ، فقد كان قدريا كما في ( تهذيب التهذيب ١ / ٢٨٤ ).

وفي ( مختصر تهذيب التهذيب ١ / ٨٤ ) : « تكلم فيه ».

واما عبد الملك بن الصباح

راوي الخبر عن ثور في طريقه الثالث عند ابن ماجة ففي ( ميزان الاعتدال ٢ / ٦٥٦ ) : « متهم بسرقة الحديث ».

٨ ـ تصريح الحافظ ابن القطان ببطلانه

لقد ثبت بطلان هذا الحديث حتى صرح بذلك الحافظ ابن القطان ، فقد قال ابن حجر بترجمة عبد الرحمن السلمى : « له في الكتب حديث واحد في الموعظة صححه الترمذي. قلت وابن حبان والحاكم في المستدرك ، وزعم ابن القطان الفاسي : انه لا يصح لجهالته » (٢).

__________________

(١) تهذيب التهذيب ١٠ / ٢١١.

(٢) تهذيب التهذيب ٦ / ٢٣٨.

٣٢٦

وليس الحديث الذي أشار اليه الا حديث « عليكم بسنتي ... » وقد زعموا انه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال هذا الكلام في سياق وعظه للاصحاب كما تقدم.

ترجمة ابن القطان

ولنورد نبذة من كلماتهم في الثناء على الحافظ ابن القطان ٦٢٨ :

١ ـ قال الذهبي : « ابن القطان الحافظ العلامة الناقد قاضي الجماعة ... قال الأبار في ترجمته : كان من أبصر الناس بصناعة الحديث وأحفظهم لا سماء رجاله وأشدهم عناية بالرواية ، رأس طلبة مراكش ... قال ابن مسدي : كان معروفا بالحفظ والإتقان ومن أئمة هذا الشأن ، مصري الأصل مراكشي الدار ، كان شيخ شيوخ أهل العلم في الدولة المؤمنية ... » (١).

٢ ـ قال السيوطي : « ابن القطان الحافظ الناقد العلامة قاضي الجماعة ... كان من أبصر الناس بصناعة الحديث وأحفظهم لأسماء رجاله وأشدهم عناية في الرواية ، معروفا بالحفظ والإتقان ... » (٢).

٩ ـ لا اثر لهذا الحديث في الصحاح

انه على فرض تسليم صحة هذا الحديث بطريق من طرقهم ، فانه لا يصلح لان يعارض به حديث الثقلين الذي ثبت صدوره باعتراف كبار أئمتهم ، وقد رووه بالطرق المتكاثرة جدا في كتبهم ، وليس حديث : « عليكم بسنتي ... » بهذه المثابة ، بل لا أثر له في اكثر كتبهم ...

__________________

(١) تذكرة الحفاظ ٤ / ١٤٠٧.

(٢) طبقات الحفاظ ٤٩٤.

٣٢٧

١٠ ـ المراد من « الخلفاء » فيه هم « الأئمة »

لو سلمنا صحة هذا الحديث فان لنا ان نفسر « الخلفاء » فيه بـ « الأئمة الاثني عشر » من أهل بيت الرسول صلّى الله عليه وسلّم ، وذلك :

أولا : لأنه صلّى الله عليه وسلّم أطلق في حديث « الاثني عشر خليفة » كلمة « الخلفاء » عليهم سلام الله عليهم ، فقد قال الشيخ القندوزى : « قال بعض المحققين : ان الأحاديث الدالة على كون الخلفاء بعده صلّى الله عليه وسلّم اثنى عشر قد اشتهرت من طرق كثيرة. فبشرح الزمان وتعريف الكون والمكان علم ان مراد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من حديثه هذا : الأئمة الاثنا عشر من اهل بيته وعترته ، إذ لا يمكن ان يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه لقلتهم عن اثنى عشر ، ولا يمكن ان يحمل على الملوك الاموية ، لزيادتهم على اثنى عشر ولظلمهم الفاحش الا عمر بن عبد العزيز ولكونهم غير بنى هاشم ، لان النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : كلهم من بني هاشم ، في رواية عبد الملك عن جابر ، وإخفاء صوته صلّى الله عليه وسلّم في هذا القول يرجع هذه الرواية لأنهم لا يحبون خلافة بني هاشم ، ولا يمكن ان يحمل على الملوك العباسية لزيادتهم على العدد المذكور ، ولقلة رعايتهم لاية : ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) وحديث الكساء.

فلا بد من ان يحمل هذا الحديث على الأئمة الاثني عشر من أهل بيته وعترته صلّى الله عليه وسلّم لأنهم كانوا اعلم اهل زمانهم وأجلهم وأورعهم واتقاهم وأعلاهم نسبا وأفضلهم حسبا وأكرمهم عند الله ، وكانت علومهم عن آبائهم متصلة بجدهم صلّى الله عليه وسلّم بالوراثة واللدنية ، كذا عرفهم أهل العلم والتحقيق واهل الكشف والتدقيق ، ويؤيد هذا المعنى ـ أي ان مراد النبي صلّى الله عليه وسلّم الأئمة الاثنا عشر من أهل بيته ويشهد ويرجحه حديث الثقلين والأحاديث المتكثرة المذكورة في هذا الكتاب وغيره ، واما قوله صلّى الله عليه وسلّم : كلهم تجتمع عليه الامة ، في رواية عن جابر بن سمرة فمراده صلّى الله عليه وسلّم ان الامة تجتمع على الإقرار بامامة كلهم وقت ظهور

٣٢٨

قائمهم المهدي رضي‌الله‌عنه » (١).

وثانيا : لأنه صلّى الله عليه وسلّم عبر عنهم في حديث آخر بـ « الخلفاء رواه السيد علي الهمداني في ( المودة في القربى ) قائلا : « عن علي قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من أحب ان يركب سفينة النجاة ويستمسك بالعروة الوثقى ويعتصم بحبل الله المتين فليوال عليا بعدي ويعاد عدوه ، وليأتم بالائمة الهداة من ولده ، فإنهم خلفائي وأوصيائي وحجج الله على خلقه بعدي وسادة أمتي وقادة الأتقياء الى الجنة ، حزبهم حزبي وحزبي حزب الله وحزب أعدائهم حزب الشيطان ».

ورواه عنه القندوزي في ( ينابيع المودة ٢٥٨ ).

وثالثا : لأنه صلّى الله عليه وسلّم عبر عنهم بـ « الخلفاء » في حديث ابن عباس ، وقد رواه الحموئي في ( فرائد السمطين ) ـ : « عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ان خلفائي أوصيائي وحجج الله على الخلق من بعدي الاثنا عشر أو لهم أخى وآخرهم ولدي.

قيل : يا رسول الله ومن أخوك؟ قال : على بن أبي طالب. قيل : فمن ولدك؟ قال : المهدى الذي يملؤها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ».

ورواه جمال الدين الشيرازي في ( روضة الأحباب ) في ذكر الامام الثاني عشر عليه‌السلام ، والقندوزي في ( ينابيع المودة ٤٤٧ ) عن الحموئي.

ورابعا : لأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبر عنهم بـ « الخلفاء » في حديثين رواهما جابر بن عبد الله ، أحدهما بلفظ « ... هم خلفائي من بعدي يا جابر وأئمة الهدى بعدي أولهم على بن أبي طالب ... » قاله (ص) في جواب سؤاله عن قوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) ( روضة الأحباب ). والثاني بلفظ : « ... فإنهم أوليائي ونجبائي

__________________

(١) ينابيع المودة ٤٤٦.

٣٢٩

واحبائي وخلفائي » رواه الديلمي في ( مسند الفردوس ـ مخطوط ).

وخامسا : لأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبر عنهم بـ « الخلفاء » في حديث آخر رواه شيخ الإسلام العز الدمشقي الشافعي ـ المترجم ببالغ الإطراء والثناء عليه في ( العبر ٥ / ٢٦٠ ) و ( مرآة الجنان ٤ / ١٥٣ ـ ١٥٨ ) و ( طبقات السبكي ٥ / ١٠٢ ) و ( طبقات الاسنوي ٢ / ١٩٧ ) و ( طبقات الأسدي ـ ٢ / ٤٤٠ ) و ( حسن المحاضرة ١ / ٣١٤ ـ ٣١٦ ) ـ رواه في ( رسالة فضائل الخلفاء ) في حديث طويل :

« فلما حملت خديجة رضي الله عنها بفاطمة كانت فاطمة تحدثها من بطنها تؤنسها في وحدتها ، وكانت تكتم ذلك عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فدخل النبي صلّى الله عليه وسلّم يوما فسمع خديجة رضى الله عنها تحدث فاطمة ، فقال لها : يا خديجة لمن تحدثين؟ قالت : أحدث الجنين الذي في بطني فانه يحدثني ويؤنسني قال : يا خديجة أبشرى فإنها النسلة الطاهرة الميمونة ، فان الله تعالى قد جعلها من نسلي وسيجعل من نسلها خلفاء في ارضه بعد انقضاء وحيه ».

وسادسا : لان امير المؤمنين عليه‌السلام عبر عنهم بـ « خلفاء الله » في حديث رواه جماعة ، أنظر : ( تذكرة الحفاظ ) و ( كنز العمال ١٠ / ١٥٨ ) و ( المناقب للخوارزمي ٢٦٣ ) و ( تذكرة الخواص ١٤١ ) وهذا لفظه كما في ( الحلية ) بسنده عن كميل بن زياد النخعي قال : « أخذ علي بن أبي طالب بيدي فأخرجني الى ناحية الجبانة ، فلما أصحرنا جلس ثم تنفس ثم قال : يا كميل بن زياد ... لن تخلو الأرض من قائم لله بحجة لكي لا يبطل حجج الله وبيناته ، أولئك هم الأقلون عددا الأعظمون عند الله قدرا ، بهم يدفع الله عن حججه حتى يؤدوها الى نظرائهم ويزرعوها في قلوب أشباههم ... أولئك خلفاء الله في بلاده ودعاته الى دينه ، هاه هاه شوقا الى رؤيتهم ... » (١).

وسابعا : لان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصف الأئمة عليهم‌السلام في

__________________

(١) حلية الأولياء ١ / ٧٩ ـ ٨٠.

٣٣٠

حديث بـ « الأئمة الراشدين » رواه الديلمي في ( مسند الفردوس ـ مخطوط ) : « عن أبي سعيد الخدري قال : صلى بنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الصلاة الاولى ، ثم اقبل بوجهه الكريم علينا فقال : يا معاشر أصحابي ، ان مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح وباب حطة في بني إسرائيل ، فتمسكوا بأهل بيتي بعدي ، الأئمة الراشدين من ذريتي ، فإنكم لن تضلوا أبدا. فقيل : يا رسول الله كم الأئمة بعدك؟ قال : اثنا عشر من اهل بيتي ـ أو قال من ـ عترتي ».

وهذا الحديث يرشد الى ان ـ الخلفاء الراشدين ـ في الحديث البحوث عنه هم الأئمة من أهل البيت لا غيرهم.

وثامنا : لأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبر عنهم في خطبة له بـ « الأئمة المهدية ». رواها أبو نعيم بإسناده عن جابر ، قال : « خرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوما ومعه علي والحسن والحسين ، فخطبنا فقال : ايها الناس ، ان هؤلاء أهل بيت نبيكم قد شرفهم الله بكرامته واستحفظهم سره واستودعهم علمه ، عماد الدين ، شهداء على أمته ، برأهم قبل خلقه إذ هم أظلة تحت عرشه ، نجباء في علمه ، وارتضاهم واصطفاهم فجعلهم علماء وفقهاء لعباده ودلهم على صراطه ، فهم الأئمة المهدية والقادة الداعية والأئمة الوسطى والرحم الموصولة ... » (١).

ورواها النطنزي بإسناده عن أبي جعفر عن أبيه عن جابر ... (٢)

وتاسعا : لأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبر عنهم في خطبة بـ « الهداة المهديون ، الأئمة الراشدون » وب « الأئمة الهادية » رواها شهاب الدين أحمد سبط قطب الدين الإيجي حيث قال : « وهذه هي الخطبة التي خطبها رسول الله صلّى الله عليه وبارك وسلّم حين نزلت : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ... ) ايها الناس! ان الله خلقني وخلق اهل بيتي من طينة لم يخلق منها

__________________

(١) منقبة المطهرين ـ مخطوط.

(٢) الخصائص العلوية ـ مخطوط.

٣٣١

غيرنا ، كنا اول من ابتدأ على خلقه ، فلما خلقنا نور بنور ناكل ظلمة وأحيا بنا كل طينة ، ثم قال صلّى الله عليه وسلّم : هؤلاء خيار أمتي وحملة علمي وخزانة سري ، وسادة أهل الأرض ، الداعون الى الحق ، المخبرون بالصدق غير شاكين ولا مرتابين ولا ناكصين ولا ناكثين ، هؤلاء الهداة المهتدون والأئمة الراشدون ، المهتدي من جاءني بطاعتهم وولايتهم ، والضال من عدل عنهم وجاءني بعداوتهم ، حبهم ايمان وبغضهم نفاق ، هم الأئمة الهادية وعرى الاحكام الواثقة ، بهم تتم الاعمال الصالحة وهم وصية الله في الأولين والآخرين ، والأرحام التي أقسمكم الله بها إذ يقول : ( وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ ، إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ).

ثم ندبكم الى حبهم فقال : قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى هم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم من النجس ، الصادقون إذ نطقوا ، العالمون إذا سئلوا ، الحافظون لما استودعوا ، جمعت فيهم الخلال العشر لم تجمع الا في عترتي وأهل بيتي : الحلم والعلم والنبوة والسماحة والشجاعة والصدق والطهارة والعفاف والحكم.

فهم كلمة التقوى ووسيلة الهدى والحجة العظمى والعروة الوثقى ، هم أولياؤكم عن قول ربكم وعن قول ربى ، ما أمرتكم الا بما أمرني به ربي ، ألا من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ، وأوحى الي ربى فيه ثلاثا : انه سيد المسلمين وامام الخيرة المتقين وقائد الغر المحجلين ، وقد بلغت عن ربي ما أمرت واستودعهم الله فيكم واستغفر الله لي ولكم » (١).

وهذه الخطبة تشتمل على وجوه يدل كل واحد منها دلالة واضحة على امامة امير المؤمنين والأئمة المعصومين من أهل البيت عليهم الصلاة والسلام ، وقد ذكر ذلك بالتفصيل في مجلد ( حديث الغدير ).

__________________

(١) توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل ـ مخطوط.

٣٣٢

وعاشرا : لأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبر عنهم بـ « أئمة الهدى ومصابيح الدجى .. » في حديث رواه الخوارزمي في ( المناقب ٣٤ ) والقندوزي في ( ينابيع المودة ١٢٧ ) وهو قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من أحب أن يحيى حياتي ويموت مماتي ويدخل الجنة التي وعدني ربى فليتول علي بن أبى طالب وذريته الطاهرين أئمة الهدى ومصابيح الدجى من بعده ، فإنهم لن يخرجوكم من باب الهدى الى باب الضلالة ».

والحادي عشر : لأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال في حديث رواه ابن عباس « واهل بيتي أمان لامتى من الاختلاف فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس » فقد جاء في ( استجلاب ارتقاء الغرف ـ مخطوط ) ما نصه : « وعن قتادة عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتي أمان لامتي من الاختلاف ، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس. أخرجه الحاكم وقال : صحيح الاسناد ولم يخرجاه ».

وقد رواه عن الحاكم وغيره جماعة منهم : ابن حجر في ( الصواعق ).

والسيوطي في ( الخصائص ٣ / ٣٦٤ ).

والسمهودي في ( جواهر العقدين ـ مخطوط ).

والشيخاني في ( الصراط السوي ـ مخطوط ).

والشبراويّ في ( الإتحاف بحب الاشراف / ٢٠ ).

والحمزاوي في ( مشارق الأنوار ٨٦ ).

والقندوزي في ( ينابيع المودة ٢٩٨ ).

ومن هنا يظهر ان حديث « عليكم بسنتي ... » وارد ـ ان صح ـ في أئمة أهل البيت عليهم‌السلام ، إذ قد جاء في صدره ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عهد الى الاصحاب بهذا العهد لأجل النجاة عند الاختلاف من بعده.

والثاني عشر : لأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال عنهم في حديث : « اللهم

٣٣٣

انهم أهلي والقوام لديني والمحيون لسنتي ... » فقد روى ابن أبي الفوارس الرازي في ( الأربعين ـ مخطوط ) بسنده : « عن جابر بن عبد الله الانصاري أنه قال : كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جالسا في مسجده إذ أقبل على بن أبي طالب والحسن عن يمينه والحسين عن شماله ، فقام النبي صلّى الله عليه وسلّم وقبّل عليا وأكرمه وقبّل الحسن وأجلسه على فخذه الأيمن وقبّل الحسين وأجلسه على فخذه الأيسر ، ثم جعل يقبلهما ويرشف ثناياهما وهو يقول : بأبي أنتما وبأبي أبوكما وبأبي أمكما ، ثم قال : ايها الناس! ان الله عز وجل يباهي بهما وبأبيهما وأمهما وبالابرار من أولادهما الملائكة في كل يوم مرارا. ومثلهم مثل التابوت في بنى إسرائيل.

اللهم من أطاعنى فيهم وحفظ وصيتي بهم فاجعله معى في درجتي. اللهم ومن عصاني فيهم فأحرمه روحك وريحانك ورحمتك وجنتك. اللهم انهم أهلي والقوام لديني والمحيون لسنتي التالون لكتاب الله ، طاعتهم طاعتي ومعصيتهم معصيتي ».

وهذا يفيد أن حديث « عليكم بسنتي ... » بعد تسليم صحته وارد بحق الأئمة الطاهرين من أهل البيت.

٣٣٤

دفع

شبهة عموم « العترة »

٣٣٥
٣٣٦

قوله : وعلى فرض عدم المعارضة ، فان العترة في اللغة بمعنى الأقارب ، فان دل وجوب التمسك على الامامة لزم ان يكون جميع أقارب النبي صلّى الله عليه وسلّم أئمة تجب اطاعتهم خصوصا أمثال عبد الله بن عباس ، ومحمد بن الحنفية ، وزيد بن علي ، والحسن المثنى ، وإسحاق بن جعفر الصادق وغيرهم من أهل البيت.

أقول : هذا باطل لوجوه :

١ ـ ليس « العترة » بمعنى « الأقارب »

ان دعوى كون « الأقارب » معنى « العترة » لغة غير صحيحة ، وان دلت على شيء فإنما تدل على عدم اطلاع ( الدهلوي ) في اللغة ، لان أئمة هذا العلم ومحققيه صرحوا جميعا ونصوا على ان « العترة » في اللغة « الأولاد وأخص الأقارب » لا مطلقهم ، ونحن لو لم نحمل دعوى ( الدهلوي ) هذه على الجهل فلا مناص لأوليائه وأصحابه من حملها على تعمد الكذب فيزداد الطين بلة ، وتعظم المصيبة عليهم كما قال الشاعر :

٣٣٧

فان كنت لا تدري فتلك مصيبة

وان كنت تدري فالمصيبة أعظم

وعلى الرغم من وضوح معنى الكلمة فيما ذكرنا ، فلا بد من نقل بعض نصوص العلماء في هذا المقام إرغاما للمكابر وإتماما للحجة : قال الجوهري في ( الصحاح ) : « عترة الرجل نسله ورهطه الأدنون ».

وقال ابن سيدة في ( المخصص ) : « أبو عبيد : أسرة الرجل رهطه الأدنون وكذلك فصيلته وعترته ».

وقال ابن الأثير في ( النهاية ) بعد حديث الثقلين : « عترة الرجل : أخص أقاربه ».

وقال ابن منظور في ( لسان العرب ) بعد أن روى حديث الثقلين ونقل كلام ابن الأثير المتقدم : « وقال ابن الاعرابي : العترة ولد الرجل وذريته وعقبه من صلبه قال : فعترة النبي صلّى الله عليه وسلّم ولد فاطمة البتول عليها‌السلام ».

وقال السيوطي في ( النثير ) : « عترة الرجل أخص أقاربه ».

وقال الفيروزابادى في ( القاموس ) : « العترة بالكسر .. نسل الرجل رهطه وعشيرته الأدنون ممن مضى وغبر ».

وقال الزبيدي في ( التاج ) : « وقال أبو عبيد وغيره : عترة الرجل وأسرته وفصيلته : رهطه الأدنون ، وقال ابن الأثير : عترة الرجل أخص أقاربه ، وقال ابن الأعرابي عترة الرجل ولده وذريته وعقبه من صلبه ، قال : فعترة النبي صلّى الله عليه وسلّم ولد فاطمة البتول عليها‌السلام ».

٢ ـ العصمة لاخص الأقارب

لقد تقدم : ان حديث الثقلين يدل بوجوه عديدة على ان العترة الذين قرنهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالكتاب العزيز معصومون من الزلل والخطأ ، ومنزهون من كل عيب ونقص.

فلا بد إذا من أن يكون مراده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من العترة أخص

٣٣٨

الأقارب وهم الأئمة الاثنا عشر المعصومون ، إذ لم تثبت العصمة الا لهم ، فكيف يكون المراد مطلق الأقارب؟!

٣ ـ الاعلمية لاخص الأقارب

لقد تقدم : ان حديث الثقلين يفيد أعلمية أهل البيت عليهم‌السلام ـ ولا سيما السياق الوارد في ( منقبة المطهرين ) لابي نعيم الاصبهاني ـ ومن المعلوم ان هذه المرتبة لم تثبت لجميع الأقارب ، فلزم أن يكون مراده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من « العترة » من حاز تلك المرتبة ، وهم الأئمة الاثنا عشر عليهم‌السلام منهم ليس الا ..

٤ ـ اختصاص حديث الثقلين بالائمة من كلام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

لقد نص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على اختصاص حديث الثقلين بالائمة الاثني عشر عليهم‌السلام في بعض ألفاظه ، ففي ( فرائد السمطين ) ضمن رواية مناشدة أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ ما نصه : « قال أنشدكم بالله ، أتعلمون ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قام خطيبا ـ لم يخطب بعد ذلك ـ فقال : يا أيها الناس انّي تارك فيكم كتاب الله وعترتي أهل بيتي فتمسكوا بهما لن تضلوا ، فان اللطيف الخبير أخبرنى وعهد الي انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فقام عمر بن الخطاب ـ شبه المغضب ـ فقال : يا رسول الله ، أكل أهل بيتك؟ فقال : لا ولكن أوصيائى منهم ، أو لهم أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي ، هو أو لهم ثم ابني الحسن ثم ابني الحسين ثم تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد ، حتى يردوا علي الحوض ، شهداء الله في أرضه وحججه على خلقه وخزان علمه ومعادن حكمته ، من أطاعهم فقد أطاع الله من عصاهم فقد عصى الله؟!

٣٣٩

فقالوا كلهم : نشهد ان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال ذلك » (١).

أقول : فهل تبقى قيمة لدعوى ( الدهلوي ) هذه؟!

٥ ـ اختصاص حديث الثقلين بالائمة من كلام على عليه‌السلام

انه يتضح اختصاص حديث الثقلين بأهل البيت المعصومين عليهم‌السلام من كلام أمير المؤمنين عليه‌السلام أيضا ، فقد روى أبو سعد عبد الملك بن محمد الخركوشي انه عليه‌السلام قال لمن حضر عنده حين حضرته الوفاة :

« وفيكم من يخلف من نبيكم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما ان تمسكتم به لن تضلوا ، وهم الدعاة ، وهم النجاة ، وهم أركان الأرض ، وهم النجوم بهم يستضاء ، من شجرة طاب فرعها وزيتونة طاب أصلها ، نبتت في الحرم وسيقت من كرم ، من خير مستقر الى خير مستودع ، من مبارك الى مبارك ، صفت من الاقذار والأدناس ومن قبيح ما نبت شرار الناس ، لها فروع طوال لا تنال ، حسرت عن صفاتها الألسن وقصرت عن بلوغها الأعناق ، فهم الدعاة وبهم النجاة وبالناس إليهم حاجة ، فاخلفوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأحسن الخلافة ، فقد أخبركم انهم والقرآن الثقلان ، وانهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض فالزموهم تهتدوا وترشدوا ولا تتفرقوا عنهم ولا تتركوهم فتفرقوا وتمرقوا » (٢).

٦ ـ اختصاص حديث الثقلين بالائمة من كلام الامام الحسن عليه‌السلام

لقد بلغ اختصاص هذا الحديث بالعترة الطاهرة من الوضوح حدا حتى أرسله الامام الحسن السبط عليه‌السلام في خطبة له إرسال المسلم ، وقد أوردنا

__________________

(١) فرائد السمطين ١ / ٣١٧.

(٢) شرف المصطفى ـ مخطوط.

٣٤٠