مناهل العرفان في علوم القرآن - ج ٢

الشيخ محمّد عبدالعظيم الزرقاني

مناهل العرفان في علوم القرآن - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمّد عبدالعظيم الزرقاني


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٤٣
الجزء ١ الجزء ٢

(ثالثها) أن الدارس لتاريخ هذه الفتاة يعلم أن أعصابها كانت ثائرة لتلك الانقسامات الداخلية التى مزقت فرنسا ، والتى كانت تراها وتسمعها كل يوم بين أهلها وفى بلدها (جوارد ورمى) مع ما شاع فى عهدها من خرافات كان لها أثرها فى نفسها وعقلها ومخها. من تلك الخرافات أن فتاة عذراء ستبعث فى هذا الزمن تخلص فرنسا من عدوها. يضاف إلى هذا أن الفتاة كانت بعيدة الخيال تسبح فيه يقظة ومناما ، وتتوهم منذ حداثتها بأنها ترى وتسمع ما لم تر ولم تسمع حتى خيل إليها أنها دعيت لتخلص بلادها وتتوج ملكها. ولما تعدى البرغنيور على قريتها التى ولدت فيها قوى عندها هذا الخيال حتى صار عقيدة إلى غير ذلك مما يدل على أن الفتاة كانت أعصابها متهيجة تهيجا ناشئا عن تألمها من الحال السياسية السيئة فى بلادها ، وعن تأثرها بالاعتقادات الخرافية التى سادت زمنها.

وليس هذا بدعا ، فكم رأينا وسمعنا أصحاب دعايات عريضة يعتمدون فيها على مثل هذه الخيالات الباطلة ، كالذين قاموا باسم المهدى المنتظر يدعون ويحاربون ، وكغلام أحمد الفاديانى والباب البهائى اللذين أقام كل منهما نحلته الباطلة على أوهام فارغة.

لكن محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يك عصبيا ثائرا مهتاجا. بل كان وقورا متزن العقل ثابت الفؤاد قوى الأعصاب. يثور الشجعان من حوله وهو لا يثور ، ويشطح الناس ويسرفون فى الخيال وهو واقف مع الحجة يكره الشطح والإسراف فى الخيال ؛ بل يحارب الإسراف فى الخيال وما يستلزمه ، ويرد هؤلاء المسرفين إلى حظيرة الحقائق ويحاكمهم إلى العقل. ألم تر إلى القرآن كيف يذم الشعراء الذين يركبون مطايا الخيال إلى حد الغواية ويقول : (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ* أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ* وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا).

(٢١ ـ مناهل العرفان ـ ٢)

٣٢١

وأنظر كيف ينفى القرآن أنه شعر وأن الرسول شاعر فيقول : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ. إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ* لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ).

وتأمل ما جاء فى صحيح مسلم وغيره من أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبى على عائشة أم المؤمنين أن تقول فى شأن صبى من الأنصار جىء به ميتا ليصلى عليه : طوبى لهذا لم يعمل شرا.

فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أو غير ذلك يا عائشة؟ إن الله خلق الجنة وخلق لها أهلا وخلقها لهم وهم فى أصلاب آبائهم. وخلق النار وخلق لها أهلا ، وخلقها لهم وهم فى أصلاب آبائهم». مع أن أطفال المسلمين يعلم الله أنهم فى الجنة ، لكن توقف الرسول وإباءه على عائشة أن تقول هذا ، كان قبل أن يعلمه الله ذلك. فلم يسمح لها أن تسير مع الوهم أو الظن ما دام الأمر غيبا ، ولا يعلم الغيب إلا الله.

وتدبر ما رواه البخارى من أنه لما توفى عثمان بن مظعون رضى الله عنه قالت أم العلاء ـ امرأة من الأنصار ـ رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتى عليك لقد أكرمك الله فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : وما يدريك أن الله أكرمه؟ فقالت : بأبى أنت يا رسول الله فمن يكرمه الله؟ قال : أما هو فقد جاءه اليقين. والله إنى لأرجو له الخير. والله ما أدرى وأنا رسول الله ما يفعل بى. قالت فو الله لا أزكى أحدا بعده أبدا وكذلك يقول القرآن الكريم : (قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ. وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ. إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ. وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ).

فهل يعقل أن يقاس صاحب هذه الدقة البالغة والتثبت الدقيق بفتاة خفيفة سابحة فى أوهامها غريقة فى أحلامها؟!

(رابعها) أن تلك الفتاة : جان دارك ، لم تأت ولا بدليل واحد معقول على صدق أوهامها وتخيلاتها التى تزعمها وحيا وحديثا من الله إليها. لكن محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم له على وحيه

٣٢٢

الذى يدعيه ألف دليل ودليل ، كما سبق بيانه. فأين الثرى من الثريا؟ وأين الظلام من النور؟.

(خامسها) أن هذه الفتاة الهائجة الثائرة لم تكن صاحبة دعوة إلى إصلاح ولا ذات أثر باق فى التاريخ. إنما كانت صاحبة سيف ومسعرة حرب فى فترة من الزمن ، لغرض مشترك بين الإنسان والحيوان وهو الدفاع عن النفس والوطن بمقتضى غريزة حب البقاء ؛ ثم لم تلث جذوتها أن بردت ، وحماستها أن خمدت.

«كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا

أنيس ولم يسمر بمكة سامر»

فأين هذه الآنسة الثائرة من أفضل الخلق فى دعوته الكبرى ، وأثره الخالد فى إصلاح أديان البشر وشرائعهم وأعمالهم وأخلاقهم ، وفى إنقاذ الإنسانية العانية وتجديد دمها بدينه الجديد الذى قلب به أوضاع الدنيا ، ونقل بسببه العالم إلى طور سعيد ، بل إلى الطور السعيد الذى لولاه لدام يتخبط فى الظلمات ، ولبات فى عداد الأموات!؟ (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها؟!)

الشبهة الثالثة ودفعها :

يقولون : إنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يلقى ورقة بن نوفل فيأخذ عنه ويسمع منه ، وورقة لا يبخل عليه لأنه قريب لخديجة زوج محمد. يريدون بهذا أن يوهموا قراءهم وسامعيهم بأن هذا القرآن استمد علومه من هذا النصرانى الكبير الذى يجيد اللغة العبرية ويقرأ بها ما شاء الله.

وندفع هذه الشبهة بمثل ما دفعنا به ما قبلها. ونقرر أنه لا دليل عندهم على هذا الذى يتوهمونه ويوهمون الناس به ، بل الدليل قائم عليهم فإن الروايات الصحيحة تثبت أن خديجة ذهبت بالنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين بدأه الوحى إلى ورقة ، ولما قص الرسول قصصه قال :

٣٢٣

هذا هو الناموس الذى أنزل الله على موسى. ثم تمنى أن يكون شابا فيه حياة وقوة ينصر بهما الرسول ويؤازره حين يخرجه قومه. ولم تذكر هذه الروايات الصحيحة أنه ألقى إلى الرسول عظة أو درس له درسا فى العقائد أو التشريع ولا أن الرسول كان يتردد عليه كما يتوهمون أو يوهمون. فأنى لهم ما يقولون؟ وأى منصف يسمع كلمة ورقة هذه ولا يفهم منها أنه كان يتمنى أن يعيش حتى يكون تلميذا لمحمد ، وجنديا مخلصا فى صفه ينصره ويدافع عنه فى وقت المحنة؟. ولكن القوم ركبوا رءوسهم على رغم ذلك ، وحاولوا قلب الأوضاع وإيهام أن ورقة هو الأستاذ الخصوصى الذى استقى منه محمد دينه وقرآنه : ألا ساء ما يحكمون؟.

الشبهة الرابعة ودفعها :

يقولون : إن إعجاز القرآن للبشر عن أن يأتوا بمثله ، لا يدل على قدسيته وأنه كلام الله. وشاهد ذلك أن لكل متأدب أسلوبا خاصا به يتبع استعداده الأدبى ومزاجه الشخصى. وهذا الأسلوب الخاص يستحيل على غيره أن يأتى بمثله ضرورة اختلاف مواهب المتأدبين وأمزجتهم. ومع هذا فإعجاز كل أسلوب لغير صاحبه ، وعجز كل متأدب عن الإتيان بأسلوب غيره ، لم يضف على الأساليب البشرية شيئا من القدسية وأنها كلام الله. فكذلك القرآن يزعمون أنه كلام محمد ويعترفون بإعجازه على هذا النحو.

وندفع هذه الشبهة (أولا) بوجوه الإعجاز التى بسطناها سابقا غير وجه الإعجاز بالأسلوب.

(ثانيا) أن هذه الشبهة مغالطة ، فإن التحدى بالقرآن ليس معناه مطالبة الناس أن يجيئوا بنفس صورته الكلامية ومنهاجه المعين الذى انفرد به أسلوبه ، حتى ترد هذه الشبهة. بل معناه مطالبة الناس أن يجيئوا بكلام من عندهم أيا كانت صورته ومزاجه ، وأيا كان نمطه ومنهاجه ، لكن على شرط ألا يطيش فى الميزان ، إذا قيس هو والقرآن

٣٢٤

بمقياس واحد من البيان ، بل يظهر أنه يماثله أو يقاربه فى خصائصه ، وإن كان على صورة بيانية غير صورته. هذا هو ما يتحداهم به الرسول ، وهو القدر الذى يتنافس فيه البلغاء عادة فيتماثلون أو يتفاضلون ، مع احتفاظ كل منهم بمنهاجه الخاص ونمطه المعين.

ومثال ذلك أن يتبارى قوم فى العدو والجرى إلى هدف واحد ، ويرسم لكل واحد من هؤلاء المتبارين طريق معين بحيث لا يمشى أحدهم من طريق صاحبه ، ولا يضع قدمه فى موضع قدم أخيه. بل يمشى فى طريقه هو غير مزاحم ولا مزاحم ، ويسير موازيا لقرنه فى المبدأ وفى الاتجاه ، ثم يمضون جميعا إلى الهدف المشترك الذى إليه يتسابقون ، وإذا هم بعد ذلك بين سابق مبرز ، ولا حق متخلف ، ومساو متكافئ. دون أن يكون اختلاف طرقهم قادحا فيما يكون بينهم من هذا التفاضل أو التماثل. بل يعرف التناسب بينهم بمعرفة نسبة ما قطعه كل من طريقه إلى ذلك الهدف المشترك ... كذلك المتنافسون فى ميدان البيان ، يختار كل منهم طريقته التى يستمدها من مزاجه الشخصى واستعداده الخاص للوصول إلى الغاية البيانية العامة. ثم هم بعد ذلك يتفاوتون أو يتعادلون ، بمقدار وفائهم بخصائص البيان أو نقصهم منها. فالمدعوون إلى معارضة القرآن إن افترضتهم أكفاء لنبى القرآن فسيأتون بمثل ما جاء به ، وإن افترضتهم أعلى منه كعبا فسيأتون بأحسن مما جاء به. وإن افترضتهم دونه فلن يشق عليهم أن يأتوا بقريب مما جاء به ، مع احتفاظ كل منهم بنمطه فى الكلام ومنهجه فى البيان. لكن شيئا من هذه المراتب الثلاث لم يكن. فلم يستطيعوا أن يأتوا بمثل القرآن ولا بما يعلوه ولا بما يقرب منه ، لا بالنسبة إليه كله ، ولا بالنسبة لعشر سور ، ولا بالنسبة لسورة واحدة من مثله ، لا منفردين ولا مجتمعين ولو كان معهم الإنس والجن وكان بعضهم لبعض ظهيرا. يضاف إلى ذلك أنهم كانوا أئمة البيان ونقدة الكلام. وكانوا أهل إباء وضيم يحرصون على الغلبة فى هذه الحلبة من معارضة القرآن.

أليس ذلك بدليل كاف على أن هذا الكتاب تنزيل العزيز الرحيم ولا يمكن أن يكون كلام محمد ولا غير محمد من المخلوقين؟!

٣٢٥

الشبهة الخامسة ودفعها :

يقولون : إن عجز الناس عن الإتيان بمثل القرآن ، ما هو إلا نظير عجزهم عن الإتيان بمثل الكلام النبوى وإذن فلا يتجه القول بقدسية القرآن وأنه كلام الله ، كما لا يتجه القول بقدسية الحديث النبوى وأنه كلام الله!.

وندفع هذه الشبهة (أولا) بأن الحديث النبوى إن عجز عامة الناس عن الإتيان بمثله ، فلن يعجز أحد خاصتهم عن الإتيان ولو بمقدار سطر واحد منه. وإذا عجز أحد هؤلاء الممتازين عن مقدار سطر واحد منه نفسه ، فلن يعجز عن مقدار سطر واحد من مماثله القريب منه. وإن عجز أن يأتى بسطر من هذا المثل وهو وحده ، فلن يعجز عنه إذا انضم إليه ظهير ومعين أيا كان ذلك الظهير والمعين. وإن عجز عن هذا مع الظهير والمعين أيا كان ، فلن يعجز الإنس والجن جميعا أن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا كما قال القرآن.

ذلك شأن الحديث النبوى مع معارضيه. أما القرآن الكريم فله شأن آخر ، لأن أحدا لا يستطيع الإتيان بمثل أقصر سورة منه لا هو وحده ولا مع غيره ولو اجتمع من بأطرافها من الثقلين.

وإنما قلنا إن الحديث النبوى لا يعجز بعض الخواص الممتازين أن يأتى بمثله ، لأن التفاوت بين الرسول وبلغاء العرب مما يتفق مثله فى مجارى العادة بين بعض الناس وبعض فى حدود الطاقة البشرية ، كالتفاوت بين البليغ والأبلغ والفصيح والأفصح والحسن والأحسن. وليس هذا التفاوت بالأمر الشاذ الخارق للنواميس العادية جملة ، بحيث تنقطع الصلة بين الرسول وسائر البلغاء جميعا ، لاختصاصه من بينهم بفطرة شاذة لا تمت إلى سائر الفطر بنسب إلا كما ينتسب النقيض إلى المقيض والضد إلى الضد كلا بل إن هذا القول باطل من وجهين :

(أحدهما) أنه يخالف المعقول والمشاهد ، لما هو معروف من أن الطبيعة الإنسانية

٣٢٦

العامة واحدة ، ومن أن الطبائع الشخصية يقع بينها التشابه والتماثل ، فى شىء أو أشياء ، فى واحد أو أكثر ، فى زمن قريب أو أزمنة متطاولة ، فى كل فنون الكلام أو فى بعض فنونه. (والآخر) أنه يخالف القول فى الكتاب والسنة ، من أن البشرية قدر مشترك بين الرسول وجميع آحاد الأمة ولا ريب أن هذه البشرية المشتركة وجه شبه يؤدى لا محالة إلى المماثلة بين كلامه وكلام من يجمعه بهم رابطة أو روابط خاصة على نحو ما قررنا. أليس الله يقول : (قُلْ سُبْحانَ رَبِّي! هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً؟) ويقول : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَ) ثم أليس الرسول يقول فى الحديث الآنف إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلىّ الخ ، ويقول لرجل رآه فامتلأ منه فرقا ورعبا : هون عليك فإنى لست بملك. إنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد!.

(ثانيا) أننا نجد تشابها بين كلام النبوة وكلام بعض الخواص من الصحابة والتابعين ، حتى لقد نسمع الحديث فيشتبه علينا أمره : أهو مرفوع ينتهى إلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ أم موقوف عند الصحابى؟ أم مقطوع عند التابعى؟ إلى أن يرشدنا السند إلى عين قائله.

ومن أوتى حاسة بيانية يدرك هذا الشبه كثيرا كلما كان صاحب البيان المشابه تصله بالرسول صلات قوية ، كتلك الصلات أو العوامل المتآخذة التى توافرت فى على بن أبى طالب ، حتى مسحت بيانه مسحة نبوية ، وجعلت نفسه فى الكلام من أشبه الأنفاس بكلام رسول الله إن لم يكن أشبهها.

أما القرآن وما أدراك ما القرآن ، فلن تستطيع أن تجد له شبيها أو ندا ، لأن الذى صنعه على عينه لن تستطيع أن تجد له شبيها أو ندا!. فكيف يقاس القرآن بالحديث فى هذا المقام؟ أم كيف يجمع بينهما فى قران؟.

(ثالثا) أن القرآن لو كان كلام محمد كالحديث الشريف ، لكان أسلوبهما واحدا ؛ ضرورة أنهما على هذا الفرض ـ صادران عن شخص واحد ، استعداده واحد ومزاجه واحد ، لكن الواقع غير ذلك ، فأسلوب القرآن ضرب وحده تظهر عليه سمات الألوهية التى تجل عن المشابهة

٣٢٧

والمماثلة ، وأسلوب الحديث النبوى ضرب آخر لا يجل عن المشابهة والمماثلة ، بل هو محلق فى جو البيان يعلو أساليب الناس فى جملته دون تفصيله ؛ ولا يستطيع بحال أن يصعد إلى سماء إعجاز القرآن!. فإن افترضت أنه عليه الصلاة والسلام كان له أسلو بان مختلفان : أحدهما يحضره ويتعمل له وهو ما سماه بالقرآن ، والآخر يرسله ولا يحضره وهو ما سمى بالحديث : إن افترضت ذلك فانظر علاج الشبهة العاشرة فى المبحث الثالث من هذا الكتاب (ص ٧٨ ـ ٨٤ من الجزء الأول) فإن فيه شفاء ما فى نفسك ، والله يكتب العافية لى ولك.

الشبهة السادسة ودفعها :

يقولون : إن أنباء القرآن الغيبية ، لا تستقيم أن تكون وجها من وجوه الإعجاز الدالة على أنه كلام الله بل هو كلام محمد استقى أنباءه من أهل الكتاب فى الشام وغيرها ، أو رمى فيه الكلام على عواهنه فصادف الحقيقة اتفاقا ، أو استنبط الأنباء برأيه استنباطا ثم نسبها إلى الله.

وندفع هذه الشبهة (أولا) بأن أكثر أنباء الغيب التى فى القرآن لم يكن لأهل الكتاب علم بها على عهده.

(ثانيا) أنه صحح أغلاطهم فى كثير من هذه الأنباء. فليس بمعقول أن يأخذها عنهم وهو الذى صححها لهم!.

(ثالثا) أن أهل الكتاب فى زمنه كانوا أبخل الناس بما فى أيديهم من علم الكتاب.

(رابعا) أنه لو كان لهذه الشبهة ظل من الحقيقة لطار بها أهل الكتاب فرحا.

وطعنوا بها فى محمد وقرآنه ، ولطبل لها المشركون ورقصوا. لكن شيئا من ذلك لم يكن ، بل إن جلة من علماء أهل الكتاب آمنوا بهذا القرآن ، ثم لم يمض زمن طويل حتى أعطت قريش مقادتها له عن إيمان وإذعان.

٣٢٨

(خامسا) أن محمدا كان رجلا عظيما بشهادة هؤلاء الطاعنين. وصاحب هذه العظمة البشرية يستحيل أن يكون ممن يرمى الكلام على عواهنه خصوصا أنه رجل مسئول فى موقف الخصومة بينه وبين أعداء ألداء فما يكون له أن يرجم بالغيب ويقامر بنفسه وبدعوته ، وهو لا يضمن الأيام وما تأتى به مما ليس فى الحسبان.

(سادسا) أنه على فرض رجمه بالغيب جزافا من غير حجة ، يستحيل فى مجرى العادة أن يتحقق كل ما جاء به مع هذه الكثرة. بل كان يخطئ ولو مرة واحدة ، إما فى غيوب الماضى أو الحاضر أو المستقبل. لكنه لم يخطئ فى واحدة منها على كثرتها وتنوعها.

(سابعا) أن هذه الأنباء الغيبية ليست فى كثرتها مما يصلح أن يكون مجالا للرأى ، ثم إن ما يصلح أن يكون مجالا للرأى أخبر محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى بعضه بغير ما يقضى به طاهر الرأى والاجتهاد. انظر ما ذكرناه تحت عنوان أنباء الغيب من هذا المبحث. وتأمل نبوءة انتصار الروم على الفرس وانتصار المسلمين على المشركين فى وقت لم تتوافر فيه عوامل هذه الانتصار كما بينا سابقا.

الشبهة السابعة ودفعها :

يقولون : إن ما تذكرونه من علوم القرآن ومعارفه وتشريعاته الكاملة ، لا يستقيم أن يكون وجها من وجوه الإعجاز. فهذا سولون اليونانى وضع وحده قانونا وافيا كان موضع التقدير والإجلال والطاعة وما قال أحد إنه أتى بذلك معجزة ولا إنه صار بهذا التشريع نبيا.

وندفع هذه الشبهة (أولا) بأن البون شاسع بين ما جاء به القرآن وما جاء به هذا القانون السولونى اليونانى. ونحن نتحداهم أن يثبتوا لنا كماله ووفاءه بكافة ضروب الإصلاح البشرى على نحو ما شرحنا سابقا بالنسبة إلى القرآن الكريم.

٣٢٩

(ثانيا) أن الفرق بعيد بين ظروف محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم التى جاء فيها بالقرآن وظروف سولون التى وضع فيها القانون. وهذا الفرق البعيد له مدخل كبير فى إثبات هذا الوجه من الإعجاز بالنسبة إلى محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم دون سولون : فمحمد كان أميا نشأ فى الأميين ، أما سولون فكان فيلسوفا نشأ بين فلاسفة ومتعلمين ، بل هو أحد الفلاسفة السبعة الذين كان يشار إليهم بالبنان فى القرن السابع قبل الميلاد المسيحى ...

ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يتقلد قبل القرآن أعمالا إدارية ولا عسكرية ، بل جاءه القرآن بعد أن حببت إليه الخلوة والعزلة ، أما سولون فقد تولى قبل وضعه القانون أعمالا إدارية وعسكرية ، وانتخب فى عام ٥٩٤ قبل الميلاد (أرجونا) أى رئيسا على الأمة بإجماع أحزابها ، وقلدوه سلطة مطلقة ليغير ما شاء من نظم البلاد وقانونها الذى وضعه (زراكوت) من قبله. فوضع لهم نظاما جديدا أقرته الأمة حكومة وشعبا وقررت اتباعه والعمل به عشر سنين.

فهل يجوز حتى فى عقول المغفلين أن تقام موازنة ويصاغ قياس مع هذه المفارقات الهائلة بين محمد الأمى الناشئ فى الأميين ، وسولون الفيلسوف والحاكم والقائد والزعيم والناشئ فى أعظم أمة من أمم الحكمة والحضارة؟! :

(ثالثا) أين ذلك القانون الذى وضعه أو عدله سولون؟ وما أثره وما مبلغ نجاحه؟

بجانب قانون القرآن الجامع ودستوره الخالد وأثره البارز ونجاحه المعجز! ثم ما قيمة قانون وضع تحت تأثير تلك الظروف ومات وأصبح فى خبر كان ، بجانب القرآن الذى جاء فى ظروف مضادة جعلته معجزة بل معجزات ، ثم حى حياة دائمة لا مؤقتة ، ولا يزال يزداد مع مرور العصور والقرون جدة وحياة وثباتا واستقرارا ، حتى أصبح كثير من الأمم المتحضرة تستمد منه ، وقررت مؤتمرات دولية اعتباره مصدرا من مصادر القانون المقارن فى هذا العصر ، إلى غير ذلك مما أشرنا إليه قبلا؟!.

٣٣٠

خلاصة

والخلاصة أن القرآن من أية ناحية أتيته ، لا ترى فيه إلا أنوار؟؟؟؟ وأدلة ساطعة على أنه كلام الله. ولا يمكن أن تجد فيه نكتة من كذب ، ولا وصمة من زور ، ولا لطخة من جهل. وإنى لأقضى العجب من هؤلاء الذين أغمضوا أعينهم عن هذه الأنوار ، وطوعت لهم أنفسهم اتهام محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالكذب ، وزعموا أن القرآن من تأليفه هو لا من تأليف ربه ، مع أن الكاذب لا بد أن تكشف عن خبيئته الأيام والمضلل لا مناص له من أن يفتضح أمره ويتهتك ستره.

«ثوب الرياء يشفّ عما تحته

فإذا التحفت به فإنك عار»

فيا أيها اللاعبون بالنار ، الهازءون بقوانين العقل والمنطق ، العابثون بمقررات علم النفس وعلم الاجتماع. الغافلون عن؟؟؟؟ الكون وأوضاع التاريخ ، الساخرون بدين الله وكتابه ورسوله. كلمة واحدة أقولها لكم فاعقلوها : معقول أن يكذب الكاذب ليجلب إلى نفسه أسباب العظمة والمجد ، وليس بمعقول أبدا (حتى عند البهائم) أن يكذب الصادق الأمين ليبعد عن نفسه أعظم عظمة وأمجد مجد. ولا شىء أعظم من القرآن ولا أمجد ، فكيف يتنصل محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم منه ولا يتشرف بنسبته إليه لو كان من تأليفه ووضعه؟! يمينا لا حنث فيها ، لو أن محمدا كان كاذبا لكذب فى أن ينسب هذا القرآن إلى نفسه ، على حين أنه ليس من إنشائه ورصفه. كيما يحرز به الشرف الأعلى ، ويدرك به المقام الأسمى ، لو كان ينال شرف ويعلو مقام بالافتراء والكذب!. ولكن كيف يكذب الصادق الأمين ومولاه يتوعد ويقول : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ* لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ* ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ* فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ* وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ

٣٣١

لِلْمُتَّقِينَ* وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ* وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ* وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ* فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) ومن أعجب العجب أن نسمع أمثال تلك الشبهات الساقطة فى محيطنا الإسلامى ؛ على حين أن طوائف كثيرة من علماء الإفرنج فى هذه العصور الأخيرة ، قد أعلنوا بعد دراستهم للقرآن ونبى القرآن : إن محمدا كان سليم الفطرة ، كامل العقل ، كريم الأخلاق ، صادق الحديث ، عفيف النفس ، قنوعا بالقليل من الرزق ، غير طموع فى المال ولا جنوح إلى الملك. ولم يعن بما كان يعنى به قومه من الفخر والمباراة فى تحبير الخطب وقرض الشعر. وكان يمقت ما كانوا عليه من الشرك وخرافات الوثنية ، ويحتفر ما يتنافسون فيه من الشهوات البهيمية ، كالخمر والميسر وأكل أموال الناس بالباطل. وبهذا كله وبما ثبت من سيرته ويقينه بعد النبوة جزموا بأنه كان صادقا فيما ادعاه بعد استكمال الأربعين من سنه ، من رؤية ملك الوحى ، ومن إقرائه إياه هذا القرآن ، ومن إنبائه بأنه رسول من الله لهداية قومه وسائر الناس». ولقد وصل الأمر ببعض هؤلاء الباحثين الأجانب ، أن أعلن هذه الحقيقة : «لو وجدت نسخة من القرآن ملقاة فى فلاة ، ولم يخبرنا أحد عن اسمها ومصدرها ، لعلمنا بمجرد دراستها أنها كلام الله ، ولا يمكن أن تكون كلام سواه».

٣٣٢

كلمة الختام

أما بعد : فإن الكلام فى إعجاز القرآن طويل ، وعلاج جميع الشبهات التى لفقها أعداء الإسلام أطول. حتى لقد اطلعت على رسالة خبيثة أسموها (كتاب حسن الإيجاز فى إبطال الإعجاز) فوجدتها قد حملت من الأكاذيب والأراجيف ، ومن اللف والدوران ، أشكالا وألوانا فى الصحيفة الواحدة. وعقيدتى أن ما بسطناه فى هذا المبحث وما يتصل به ، فيه الكفاية لمن أراد الهداية. ولو أننا استقصينا وجوه الرد على مثل هذه الرسالة لاقتضانا الأمر كتابا كبيرا كاملا ، على حين أنها هى لا تزيد على اثنتين وعشرين صفحة من القطع الصغير.

ثم أنى لنا ذلك الرد المسهب الآن؟ وأزمة الورق طاحنة ، وأدوات الطباعة عزيزة ، حتى لقد اضطررنا من أجل هذا ، أن نقف فى الكتابة عند هذا الحد (بالطبع) ولقد كنا نود أن نمضى قدما حتى نأتى على قصص القرآن وأمثاله وجدله ، ولكن الضرورات تبيح المحظورات. وعسى أن يكون خيرا.

نحمده سبحانه أن كتب لنا التوفيق فى هذه المحنة حتى انتهينا إلى هذه الغاية ، ونستغفره ونتوب إليه من كل خطأ وزلل. ونسأله القبول والمزيد والتعجيل بتفريج الكروب ، وأن يصلح الحال والمآل لنا وللمسلمين جميعا فى مشارق الأرض ومغاربها.

٣٣٣

رجاء

ونرجو من كل مطلع على هذا الكتاب أن يتفضل فيدعو لنا بالخير ، وأن يزودنا بملاحظاته واستدراكاته ، فإن الدين النصيحة ؛ والمؤمنون بخير ما تناصحوا.

وليعلم القارئ الكريم أننا لا نزعم لأنفسنا الكمال. ولكن قصارانا أننا نحاول الكمال ، وأن نؤدى رسالتنا فى هذه الحياة كما يجب. أما الكمال المطلق فهو لله تعالى وحده.

(وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً. لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ. وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).

(سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ* وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ* وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).

وصلى الله على افضل خلقه ، وخاتم رسله ، سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وأصحاب الحقوق علينا أجمعين آمين آمين.

وكان الفراغ من طبع هذه المذكرات فى شهر جمادى الآخرة سنة ١٣٦٢ ه‍ الموافق لشهر يونيه ١٩٤٣ م.

٣٣٤

فهرس الجزء الثانی

من مناهل العرفان

خطبة الجزء الثانی................................................................ ٢

المبحث الثالث عشر القرآن ومعانيه ومقاصده................................. ٦٩ ـ ٣٩

اهمیة هذا البحث................................................................. ٣

الترجمه فی اللغة.................................................................. ٥

الترجمه فی العرف................................................................. ٧

تفسیر الترجمة.................................................................... ٧

مالا بد منه فی الترجمة مطلقا....................................................... ٩

ما لا بد فی الترجمة الحرفیة......................................................... ٩

فروق بین الترجمة والتفسیر....................................................... ١٠

الترجمة والتفسیر الاجمالی بغیر لفغة الاصل......................................... ١٤

تنبیهان مفیدان................................................................. ١٥

الترجمظ لیست تعریفا منطقیا..................................................... ١٦

القرآن ومعانیه ومقاصده.................................................... ١٦ ـ ٢٧

المراد بالقرآن هنا................................................................ ١٧

معانی القرآن نوعان............................................................. ١٧

مقاصد القرآن الکریم............................................................ ١٩

هدایة القرآن الکریم............................................................. ٢٠

اعجاز القرآن.................................................................. ٢٤

التعبد بتلاة القرآن تفصیلا....................................................... ٢٥

حکم ترجمة القرآن تفصیلا.................................................. ٢٧ ـ ٣٦

حکم ترجمة القرآن بمعنی تبلیغ الفاظه.............................................. ٢٧

حکم ترجمة القرآن بمعنی تفسیره بلغته العربیة....................................... ٢٨

٣٣٥

حکم ترجمة القرآن بمعنی تفسیره بلغة اجنبیة........................................ ٢٩

امور هامة..................................................................... ٢٩

فوائد الترجمظ بهذا المعنی......................................................... ٣٣

دفع شبهات الواردة علی جواز هذه الترجمة.................................... ٣٦ ـ ٤٩

دفع شبهة استلزمها للترجمظ العرفیة الممنوعة........................................ ٣٦

دفع استلزامها لما یتعذر الوفاء به.................................................. ٣٧

دفع عدم الحاجة الیها........................................................... ٣٧

حکم ترجمة القرآن بمعنی نقله الی لغة اخری........................................ ٣٩

الحکم علی هذه الترجمة بالاستحالة العادیة......................................... ٤٠

الحکم علی هذه الترجمة بالاستحالة الشرعیة........................................ ٤٣

دفع الشبهات الواردة علی منع هذه الترجمة.................................... ٤٩ ـ ٥٦

نقض استدلالهم بان تبلیغ الاسلام الی الاجانب واجب.............................. ٤٩

نقض استدلالهم بان الرسول کاتب عظماء الاجانب یدعوهم الی الاسلام.............. ٥١

نقض استدلالهم بقیاس هذه الترجمة علی التفسیر.................................... ٥٣

نقض استدلالهم بامکان نقل المعانی الاصلیه للقرآن................................. ٥٣

نقض استدلالهم بان الذین ترجموا القرآن اخطئوا..................................... ٥٤

نقض استدلالهم بروایة ان سلمان الفارسی ترجم ما ترجم............................. ٥٥

حکم قراءة الترجمة والصلاة بها............................................... ٦٠ ـ ٥٦

مذهب الشافعیة................................................................ ٥٦

مذهب المالکیة................................................................. ٥٧

مذهب الحانبلة................................................................. ٥٨

مذهب الحنفیة................................................................. ٥٨

توجیهات وتعلیقات............................................................. ٦٠

کلمة للامام الشافعی........................................................... ٦٠

کلمة المحقق الشاطبی........................................................... ٦١

کلمة لجحة الاسلام الغزالی...................................................... ٦٤

موقف الازهر من ترجمة القرآن الکریم.............................................. ٦٥

٣٣٦

فذلکة البحث................................................................. ٦٨

المبحث الرابع عشر فی النسخ............................................. ١٦٦ ـ ٦٩

اهمیة هذا المبحث............................................................... ٦٩

النسخ فی اللغة................................................................ ٧١

النسخ فی الاصطلاح........................................................... ٧٢

توجیهات اربعة................................................................. ٧٣

ما لا بد منه فی النسخ.......................................................... ٧٦

الفرق بین النسخ والبداء......................................................... ٨٦

الفرق بین النسخ والتخصیص.................................................... ٨٠

النسخ بین مثبیته ومنکریه........................................................ ٨٢

ادلة ثبوت النسخ عقلا وسمعا............................................... ٨٣ ـ ٩٤

ا . ادلة جواز النسخ............................................................ ٨٣

ب . ادلة وقوع النسخ.......................................................... ٨٣

حکمة الله فی النسخ........................................................... ٩٠

دفع شبهات المنکرین لجوازه عقلا............................................ ٩٤ ـ ٩٨

دفع اعتراضهم بان النسخ یستلزم البداء والبعث..................................... ٩٤

دفع اعتراضهم بان النسخ یستلزم الجهل او تحصیل الحاصل........................... ٩٥

دفع اعتراضهم بان النسخ یستلزم تحصیل الحاصل او ما هو فی معناه................... ٩٥

دفع اعتراضهم بان النسخ یستلزم اجتماع الضدین................................... ٩٧

شبهات المنکرین النسخ سمعا ودفعها........................................ ١١٢ ـ ٩٨

شبهة العنائیة والشمعونیة ودحضها................................................ ٩٨

شبهة النصاری ودحضها....................................................... ١٠٠

شبهة العیسویة ودحضها....................................................... ١٠٢

شبهة ابی مسلم ودحضها...................................................... ١٠٣

طرق معرفة النسخ............................................................. ١٠٥

قانون التعارض............................................................... ١٠٧

(٢٢ ـ مناهل العرفان ـ ٢)

٣٣٧

ما یتناوله النسخ.............................................................. ١٠٧

انواع النسخ.................................................................. ١١٠

دفع شبهات المانعین لنسخ التلاوة او الحکم دون الآخر..................... ١١٢ ـ ١١٩

ا ـ دفع شبهتهم بان التلاوة والحکم متلازمان...................................... ١١٢

ب ـ دفع شبهتهم بان نسخ الحکم دون التلاوة یستلزم تعصیل الکلام الالهی........... ١١٣

دفع شبهتهم بان نسخ الحکم دون التلاوة یوقع فی اللبس.......................... ١١٣

دفع شبهتهم بان نسخ التلاوة دون الحکم یوقع فی اللبس ایضا...................... ١١٤

دفع شبهتهم بان نسخ نسخ التلاوة دون الحکم عبث.............................. ١١٤

النسخ بدل وبغیر بدل......................................................... ١١٦

شبهة المعتزلة فی منع النسخ بغیر بدل ودفعها..................................... ١١٧

نسخ الحکم ببدل اخف او مساو او اثقل......................................... ١١٨

شبهات الماعنعین النسخ ببدل اثقل ودفعها................................ ١١٩ ـ ١٢٦

نقض استدلالهم بان فی ذلک تزهیدا فی الطاعة وتثبیطا عن الواجب................ ١١٩

نقض استدلالهم بآیة (ویضع عنهم اصرهم).................................... ١٢١

نقض استدلالهم بآیات التخفیف فی القرآن....................................... ١٢١

نقض استدلالهم بآیة (ما ننسخ).............................................. ١٢٢

نسخ الطلب قبل التمکن من امتثاله............................................. ١٢٣

ادلة ثابتین لهذا النوع من النسخ................................................. ١٢٣

شبهات المنکرین لهذا النوع ودفعها........................................ ١٣٢ ـ ١٢٦

دفع قولهم انه عبث........................................................... ١٢٦

دفع قولهم انه یستلزم احد محالین................................................ ١٢٧

دفع قولهم انه یستلزم الجمع بین الضدین......................................... ١٢٧

دفع نقضهم للاستدلال بقضة ذبح اسماعیل...................................... ١٢٨

دفع نقضهم للاستدلال بنسخ فریضة الصلوات الخمسین........................... ١٣٠

النسخ فی دورانه بین الکتاب والسنة...................................... ١٤٥ ـ ١٣٢

نسخ القرآن بالقرآن........................................................... ١٣٢

نسخ القرآن بالسنة............................................................ ١٣٣

٣٣٨

مقام جوازه................................................................... ١٣٣

دفع الاعتراض بالسنة الاجتهادیة والآحادیة...................................... ١٣٧

مقام وقوعه.................................................................. ١٣٨

نسخ السنة بالقرآن............................................................ ١٤٠

دلیل جوازه وادلة وقوعه........................................................ ١٤٠

دفع الاعتراض باحتمالین واهیین................................................ ١٤١

نقض استدلالهم بآیة (وانزلنا الیک الذکر لتبین للناس)............................. ١٤٢

نسخ السنة بالسنة............................................................ ١٤٣

ادلة الجمهور علی عدم جواز نسخ النسة للتواتر بالآحادیة شرعا..................... ١٤٣

ادلة اهل الظاهر علی جواز هذا النسخ شرعا..................................... ١٤٤

نسخ القیاس والنسخ به................................................. ١٤٥ ـ ١٦٦

ادلة المانعین له مطلقا.......................................................... ١٤٦

دلیل المجوزین له مطلقا......................................................... ١٤٧

دلیل المفصلین فیه وهم الجمهور................................................. ١٤٧

نسخ الاجماع والنسخ به....................................................... ١٤٨

المجوزون له ومناقشتهم فی هذا التجویز........................................... ١٤٩

موقف العلماء من الناسخ والمنسوخ.............................................. ١٤٩

منشا غلط للمزیدین تفصیلا.................................................... ١٥٠

الآیات التی اشتهرت بانها منسوخة.............................................. ١٥١

آیة (ولله المشرق والمغرب)................................................... ١٥٢

آیة (یا ایها الذین آمنوا کتب علیکم اذا حضر احدکم الموت)................... ١٥٣

آیة (وعلی الذین یطیقونه فدیة).............................................. ١٥٤

آیة (یا ایها الذین آمنوا کتب علیکم الصیام).................................. ١٥٥

آیة (یسالونک عن الشهر الحرام)............................................. ١٥٦

آیة (والذین یتوفون منکم)................................................... ١٥٧

آیة (وان تبدوا ما فی انفسکم او تخفوه)...................................... ١٥٨

٣٣٩

آیة (یا ایها الذین آمنوا اتقوا الله حق تقاته).................................... ١٥٨

آیة (واذا حضر القسمة اولو القربی)......................................... ١٥٩

آیة (والذین عقدت ایمانکم)................................................. ١٥٩

آیة (واللاتی یاتین الفاحشة من نسائکم)...................................... ١٦٠

آیة (یا ایها الذین آمنوا لا تحلواا شعائر الله)................................... ١٦٠

آیة (فان جاءوک فاحکم بینهم او اعرض عنهم)............................... ١٦١

آیة (یا ایها الذین آمنوا شهادة بینکم)........................................ ١٦١

آیة (ان یکم منکم عشرون صابرون).......................................... ١٦١

آیة (انفروا خفافا وثقالا).................................................... ١٦٢

آیة (الزانی لاینکح الا زانیة او مشرکة)....................................... ١٦٢

آیة (یا ایها الذین آمنوا لیستاذنکم).......................................... ١٦٣

آیة (لا یحل لک النساء من بعد)............................................. ١٦٣

آیة (یا ایها الذین آمنوا اذا ناجیتم الرسول)................................... ١٦٤

آیة (وان فاتکم شیء من ازواجکم).......................................... ١٦٥

آیة (یا ایها المزمل) الخ...................................................... ١٦٥

المبحث الخامس عشر فی محکم القرآن ومتشابه............................ ١٨٩ ـ ١٦٦

المعنی اللغوی................................................................. ١٦٧

القرآن محکم ومتشابه.......................................................... ١٦٨

المعنی الاصطلاحی............................................................ ١٦٨

آراء العلماء فی معنی المحکم والمتشابه............................................ ١٧١

نظرة فی هذه الآراء............................................................ ١٧١

آراء اخری................................................................... ١٧٢

منشا التشابه واقسامه وامثلته................................................... ١٧٤

انواع المتشابهات............................................................... ١٧٧

هل فی ذکر المتشابهات من حکمة.............................................. ١٧٨

متشابه الصفات.............................................................. ١٨٢

الرای الرشید فی متشابه الصفات............................................... ١٨٢

٣٤٠