القرآن الكريم وروايات المدرستين - ج ٣

السيد مرتضى العسكري

القرآن الكريم وروايات المدرستين - ج ٣

المؤلف:

السيد مرتضى العسكري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: المجمع العلمي الإسلامي
المطبعة: شفق
الطبعة: ٢
ISBN: 964-5841-63-1
ISBN الدورة:
964-5841-09-7

الصفحات: ٨٥٦

بالمنافقين.

دراسة الروايات :

أ ـ قال الله سبحانه في الآية (٩) من سورة التحريم :

(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).

وفي الروايتين (٩١١) و (٩١٢) : بالمنافقين ـ بدل ـ (وَالْمُنافِقِينَ).

وفي رواية (٩١٣) : جاهدوا ـ بدل ـ (جاهِدِ).

ب ـ السند :

١ ـ رواية السيّاري المتهالك (٩١٢) في سندها (عروة) مشترك بين عدد من الرواة كلّهم مجاهيل.

٢ ـ رواية سعد بن عبد الله (٩١٣) مرسلة هي رواية السياري بعينها.

٣ ـ رواية الطبرسي (٩١١) بلا سند ـ أيضا ـ مصدرها رواية السياري وأوردها بلفظ المجهول لعدم اعتماده على رواية السياري.

وفي تفسير التبيان : وفي قراءة أهل البيت ... وبناء على ذلك فالروايات الثلاث رواية واحدة عن الغلاة والمجاهيل.

ج ـ المتن :

في مفردات القرآن للراغب : الجهاد والمدافعة استفراغ الوسع في مدافعة العدوّ والجهاد ثلاثة أضرب : مجاهدة العدو الظاهر ومجاهدة الشيطان ومجاهدة النفس وتدخل ثلاثتها في قوله تعالى : (وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ) و (وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) و (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا

٧٤١

بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ).

وقال (ص) : «وجاهدوا أهواءكم كما تجاهدون أعداءكم» والمجاهدة تكون باليد واللسان قال (ص) : «جاهدوا الكفار بأيديكم وألسنتكم».

وبناء على ذلك يكون جهاد المنافقين باللسان وليس بالسيف غير ان السيّاري الجاهل لم يكن يحسن العربيّة وأراد أن يصحح كلام الله جلّ اسمه فاختلق الرواية الآنفة وركّب عليها سندا وافترى بها على الامام الصادق (ع) حفيد أفصح من نطق بالضّاد وانتشرت فريته في تفاسير مدرسة أهل البيت واستشهد بها الشيخ النوري على ان كتاب ربّ الأرباب محرّف فاستصوب ما اختلقه السياري!!

رابعا ـ رواية آية (١٢):

(يد) ٩١٤ ـ سعد بن عبد الله ـ عن علي بن الحكم عن سيف عن داود بن فرقد قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا فقال أبو عبد الله عليه‌السلام فنفخنا في جيبها من روحنا كذلك تنزيلها.

دراسة الرواية :

أ ـ قال الله سبحانه في الآية (١٢) من سورة التحريم :

(وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ).

وفي الرواية : بعد (فَنَفَخْنا) ـ في جيبها ـ.

ب ـ السند :

٧٤٢

وجدنا هذه الرواية في نسختنا من قراءات السياري غير ان الشيخ أخطأ وعطفها على رواية سعد بن عبد الله.

وتفرّد بها السياري الغالي المتهالك وبتفسير الآية من تفسير القرطبي (١) : في قراءة أبيّ (فنفخنا في جيبها).

وبناء على ذلك فهي منتقلة من مدرسة الخلفاء وليس لظهير أن يعدها من الألف حديث شيعي على حد تعبيره.

وفي المعجم الوسيط (جيب) القميص ونحوه : ما يدخل منه الرأس عند لبسه ويقال فلان ناصح الجيب.

والفرج : الشق بين الشيئين (ج) فروج وفي التنزيل العزيز (وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ) شقوق وفتوق وما بين الرجلين وكنى به عن السوءة وغلب عليها وفي التنزيل العزيز (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها) و (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ).

ج ـ المتن :

التغيير يخلّ بالوزن والمعنى.

نتيجة البحث :

عدّ الشيخ والاستاذ الروايات التي استدلّا بها على تحريف آيات سورة التحريم أربع عشرة رواية بينما هي خمس روايات : رواية واحدة ممّا عدّا بلا سند واحدى عشر رواية عن الغلاة والمجاهيل والضعفاء وروايتان منتقلتان من مصادر مدرسة الخلفاء إلى مصادر مدرسة أهل البيت.

__________________

(١) تفسير القرطبي ١٨ / ٢٠٤.

٧٤٣

دراسة روايات سورة الملك

أولا ـ روايات آية (٢٨):

(الف) ٩١٥ ـ السياري عن ابن اسباط عن أبي حمزة عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ان أهلكني الله ومن معي قال هذه الآية مما حرفوا وغيروا وبدلوا فان الله عزوجل لا يهلك محمدا رسول الله (ص) ولا من كان معه من المؤمنين وهو خير ولد آدم ولكن قال أرأيتم إن أهلككم الله جميعا ورحمنا فمن يجركم من عذاب أليم.

(ب) ٩١٦ ـ شرف الدين النجفي في (تأويل الآيات الباهرة) عن علي بن أسباط عن أبي حمزة عن أبي بصير عنه (ع) مثله إلّا ان فيه فمن يجير الكافرين.

(ج) ٩١٧ ـ وفيه عن محمد البرقي يرفعه عن عبد الرحمن بن سلام الأشهل قال : قيل لأبي عبد الله عليه‌السلام قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا قال ما أنزلها الله تعالى هكذا وما كان الله ليهلك نبيه (ص) ومن معه ولكن أنزلها قل أرأيتم إن أهلككم (١) الله ومن معكم ونجاني ومن معي فمن يجير الكافرين من عذاب أليم.

دراسة الروايات :

أ ـ قال الله سبحانه في الآية (٢٨) من سورة الملك :

__________________

(١) في النص (أَهْلَكَنِيَ) تصحيف.

٧٤٤

(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ).

وفي رواية الف : (إن أهلككم الله جميعا ورحمنا فمن يجركم من عذاب اليم).

وفي رواية ب : (إن أهلككم الله جميعا فمن يجيركم).

وفي رواية ج : (إن أهلككم الله ومن معكم ونجاني ومن معي).

ب ـ السند :

١ ـ رواية السياري (٩١٥) عن «أبي حمزة» تصحيف والصواب ابن أبي حمزة كما في نسختنا من القراءات وهو علي بن أبي حمزة البطائني الضعيف الكذّاب المتهم.

٢ ـ رواية شرف الدين النجفي (٩١٦) هي رواية السيّاري (٩١٥) بعينها.

وروايته المرفوعة (٩١٧) عن عبد الرحمن بن سلام الأشهل ، لم نجد له ذكرا في كتب الرجال ، وهي ـ أيضا ـ تطابق رواية السياري بتغيير في العبارة. إذا فالروايات الثلاث رواية واحدة عن غال كذّاب.

ج ـ المتن :

أولا ـ كان على الشيخ النوري أن يعين أية قراءة من القراءات الثلاث المختلقة يرى انها كانت نصا قرآنيا أوحى الله عزوجل بها إلى رسوله (ص) وحرّفت إلى النص القرآني المتواتر بين المسلمين!؟

ثانيا ـ القراءات الثلاث المختلقة تخل بوزن الآية في السورة.

ثانيا ـ روايتا آية (٢٩):

(د) ٩١٨ ـ الكليني عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن ابن اسباط عن

٧٤٥

علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله في قوله عزوجل فستعلمون من هو في ضلال مبين يا معشر المكذبين حيث أنبأكم رسالة ربي في ولاية علي والأئمة من بعده من هو في ضلال مبين كذا نزلت.

(ه) ٩١٩ ـ السياري بالاسناد فستعلمون انكم في ضلال مبين وساق ما يقرب منه.

دراسة الروايتين :

أ ـ قال الله سبحانه في الآية (٢٩) من سورة الملك :

(قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ).

وأضيف إليها في الرواية : «يا معشر المكذبين حيث أنبأكم رسالة ربّي في ولاية علي والأئمة من بعده».

ب ـ السند :

١ ـ رواية السيّاري (٩١٩) في سندها : علي بن أبي حمزة ضعيف كذّاب متهم.

٢ ـ رواية الكليني (٩١٨) هي رواية السيّاري بعينها إذا فالروايتان رواية واحدة من غال كذّاب.

ج ـ المتن :

اختلق الغلاة الاضافة وركبوا عليها سندا وافتروا بها على الامام الصادق (ع) وغم أمرها على محدّث جليل القدر مثل الكليني وأدرجها في تأليفه واستشهد بها الشيخ النوري على تحريف القرآن والعياذ بالله مع وضوح اختلاقها

٧٤٦

وبعد سياقها عن سياق القرآن بعد السماء عن الأرض.

نتيجة البحث :

عدّ الشيخ والاستاذ الروايات التي استدلّا بها على تحريف آية ٢٩ من سورة الملك روايتين بينما هي رواية واحدة للغالي الهالك.

٧٤٧

دراسة روايات سورة القلم

أولا ـ روايات آيتا (٥) و (٦):

(الف) ٩٢٠ ـ علي بن إبراهيم قوله تعالى فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون بأيكم تفتنون هكذا نزلت.

(ب) ٩٢١ ـ السياري عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله.

(ج) ٩٢٢ ـ وعن الأعمش عن أبي عبد الله (ع) مثله وزاد قال كان أمير المؤمنين يقرأ فستبصرون بأيكم تفتنون.

(د) ٩٢٣ ـ سعد بن عبد الله عن مشايخه ان الصادق عليه‌السلام قرأ فستبصر (١) ويبصرون بأيكم تفتنون.

دراسة الروايات :

أ ـ قال الله سبحانه في الآية (٥ و ٦) من سورة القلم :

(فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ* بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ).

في الروايات الأربع «بايكم تفتنون».

وفي رواية (ج) : «فستبصرون».

__________________

(١) في النص (فتسبصر) تصحيف.

٧٤٨

ب ـ السند :

١ ـ رواية السياري المتهالك (٩٢١) مرسلة عن بعض أصحابنا! ومن هم بعض أصحابه؟!

وروايته (٩٢٢) أيضا مرسلة.

٢ ـ رواية سعد بن عبد الله (٩٢٣) عن مشايخه! ومن هم مشايخه؟!

٣ ـ رواية تفسير المنسوب إلى علي بن إبراهيم (٩٢٠) قول تفسيري بلا سند إذا ، فلا سند للروايات الأربع غير السياري الغالي المتهالك.

ج ـ المتن :

أيضا لم يبيّن الشيخ النوري النص الذي يختاره بديلا عن النصّ القرآني ثم ان التغيير يخل بالوزن القرآني.

نتيجة البحث :

عدّ الشيخ والاستاذ الروايات التي استدلّا بها على تحريف الآيتين الخامسة والسادسة من سورة القلم أربع روايات بينما لم نجد لها معينا غير معين السياري الغالي الهالك.

٧٤٩

دراسة رواية سورة الحاقة

(ه) ٩٢٤ ـ الكليني بالسند المتقدم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال فأنزل الله بذلك قرآنا فقال ان ولاية علي تنزيل من ربّ العالمين إلى أن قال (ع) ثم عطف القول فقال ان ولاية علي لتذكرة للمتقين العالمين وإنا لنعلم ان منكم مكذبين وان عليا لحسرة على الكافرين وان ولايته لحق اليقين فسبح يا محمد باسم ربك العظيم.

دراسة الرواية :

أ ـ قال الله سبحانه في آيات (٤٨ ـ ٥٢) من سورة الحاقة :

(وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ* وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ* وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ* وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ* فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ).

وفي الرواية ان ولاية علي تنزيل من ربّ العالمين ، ان ولاية علي لتذكرة للمتقين العالمين ، وإنا لنعلم ان منكم مكذبين وان عليا لحسرة على الكافرين وان ولايته لحقّ اليقين فسبّح يا محمد باسم ربك العظيم.

ب ـ السند :

في سند الرواية علي بن أبي حمزة البطائني ضعيف كذّاب متّهم.

٧٥٠

ج ـ المتن :

أولا ـ جاء في الآيات قبلها (إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ ... إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ* وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ* وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ* تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ* وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ* لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ* ... وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ).

وهكذا يجري الكلام حول من لا يؤمن بالله ورسالة الرسول (ص) وأي تناسب في هذا المقام لذكر علي (ع) معهم وفي مكة.

ثانيا ـ ان ما اختلقه الكذّاب المتهم يخرج الآيات عن كونها آيا قرآنيا ويجعل القرآن عضين.

نتيجة البحث :

استدلّ الشيخ والاستاذ على تحريف الآيات (٤٨ ـ ٥٢) من سورة الحاقة برواية في سندها البطائني الضعيف الكذّاب المتهم.

٧٥١

دراسة روايات سورة المعارج

(الف) ٩٢٥ ـ الكليني عن علي بن إبراهيم عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد عن محمد بن سليمان عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله تعالى سأل سائل بعذاب واقع للكافرين بولاية علي ليس له دافع ثم قال هكذا والله نزل بها جبرائيل على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(ب) ٩٢٦ ـ محمد بن العباس عن أحمد بن القاسم عن أحمد بن محمد السياري عن محمد بن خالد عن محمد بن سليمان عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه تلا سأل سائل بعذاب واقع للكافرين بولاية علي ثم قال هكذا هي في مصحف فاطمة عليها‌السلام.

(ج) ٩٢٧ ـ وعن محمد البرقي باسناده الى محمد بن سليمان مثله وفي آخره ثم قال (ع) هكذا والله نزل بها جبرائيل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهكذا هو مثبت في مصحف فاطمة عليها‌السلام.

(د) ٩٢٨ ـ السياري عن البرقي عن محمد بن سليمان مثله.

(ه) ٩٢٩ ـ الكليني عن عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن أبيه عن أبي بصير قال بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم جالس إذ أقبل أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى أن قال (ع) ثم أتى الوحي إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال سأل سائل بعذاب واقع للكافرين بولاية علي ليس له دافع من الله ذي المعارج

٧٥٢

قال قلت جعلت فداك إنّا لا نقرؤها هكذا فقال هكذا أنزل الله بها جبرئيل على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وهكذا هو والله مثبت في مصحف فاطمة عليها‌السلام. الخبر كذا في النسخ والظاهر سقوط شيء في الآية كما صرّح به العلامة المجلسي في (مرآة العقول) ولعله الكلمة السابقة بقرينة ما رواه في (الاصول) عن محمد بن سليمان كما نقلنا.

(و) ٩٣٠ ـ وابن شهرآشوب في المناقب كما في (البحار) وغيره عن أبي بصير عن الصادق (ع) في خبر طويل في قصة حارث وفي آخره فلما أصحر أنزل الله عليه طيرا من السماء في منقاره حصاة مثل العدسة فأنزلها على هامته وخرجت من دبره إلى الأرض ففحص برجله فأنزل الله تعالى على رسوله سأل سائل بعذاب واقع للكافرين بولاية علي قال هكذا نزل بها جبرائيل.

دراسة الروايات :

أ ـ قال الله سبحانه في الآية (١ و ٢) من سورة المعارج :

(سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ* لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ).

وفي الروايات : بعد (لِلْكافِرينَ) ـ بولاية علي ـ.

ب ـ السند :

١ ـ رواية السيّاري (٩٢٨) في سندها : محمد بن سليمان الضعيف الغالي وأبوه شرّ منه.

٢ ـ روايتا محمد بن العباس (٩٢٦ و ٩٢٧) عن السيّاري والبرقي رواية واحدة وهي رواية السيّاري (٩٢٨) بعينها.

٣ ـ روايتا الكليني (٩٢٥ و ٩٢٩) ـ أيضا ـ كذلك.

٤ ـ رواية ابن شهرآشوب (٩٣٠) هي رواية الكليني (٩٢٩) بعينها.

٧٥٣

إذا فالروايات الست ليست إلّا رواية واحدة عن محمد بن سليمان وأبيه الغاليين وليس للشيخ وظهير أن يعداها ست روايات.

ج ـ المتن :

ما ورد في الروايات من شأن نزول الآية في أمر الحارث ونزول العذاب عليه ورد بتفسير الآية في تفسير الفرّاء والزمخشري والقرطبي وابن كثير والسيوطي (١).

وليست المناقشة فيه وإنما الكلام على اضافة ـ بولاية علي ـ إلى النص القرآني فانها تصح أن تكون بيانا وتفسيرا كما مرّ بنا نظائره في آية «يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ـ في علي ـ وإن لم تفعل فما بلغت رسالته» وأمثالها ولا يصح القول بانها جزء من الآية فان هذه الاضافة تخل بوزن الآية في السورة وما جاء في بعض الروايات من انّها كانت مثبتة في مصحف فاطمة (ع) فانه كذب وافتراء على فاطمة (ع) ومصحفها ، فقد كان في مصحفها أخبار عمّن يلي الحكم في أمّة محمّد (ص) (٢).

__________________

(١) الفرّاء ٣ / ١٨٣ ؛ الزمخشري ٤ / ١٥٦ ؛ القرطبي ١٨ / ٢٧٨ ؛ ابن كثير ٤ / ٤١٨ ؛ والسيوطي ٦ / ٢٦٤.

(٢) راجع أخبار مصحف فاطمة (ع) في بحث مصطلحات قرآنية من الجزء الأول من هذا الكتاب.

٧٥٤

دراسة رواية سورة نوح

(الف) ٩٣١ ـ السياري عن حماد عن حريز انه قرأ اغفر لي ولوالدي آدم وحواء.

دراسة الرواية :

أ ـ قال الله سبحانه في الآية (٢٨) من سورة نوح :

(رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ...).

وفي الرواية : «آدم وحواء» بعد (لِوالِدَيَ).

ب ـ السند :

تفرّد بها السيّاري الغالي المتهالك مرسلا.

ج ـ المتن :

أولا ـ سياق الآية ربّ اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي يدل على ان مراد نوح (ع) والديه وليس آدم وحواء.

ثانيا ـ يجوز أن نعدّ الاضافة بيانية وليست من باب القول بانها نصّ قرآني.

ثالثا ـ ان الاضافة تخلّ بوزن الآية في السورة.

٧٥٥

دراسة روايات سورة الجن

أولا ـ روايتا آية (١٧):

(الف) ٩٣٢ ـ السياري عن محمد بن علي عن محمد بن أسلم عن مروان بن مسلم عن بريد العجلي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله تعالى لنفتنهم فيه قال هذا حرف محرف إنما قال لاسقيناهم ماء غدقا لا تفتنهم (١) فيه.

(ب) ٩٣٣ ـ محمد بن العباس عن أحمد بن القاسم عن أحمد بن محمد عن محمد خالد عن محمد بن علي عن محمد بن مسلم عن بريد العجلي قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل وان لو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم (٢) ماء غدقا قال لاذقناهم علما كثيرا يتعلمونه عن الأئمة عليهم‌السلام قلت قوله لنفتنهم (٣) فيه قال إنما هو لا يفتنهم فيه يعني المنافقين.

دراسة الروايتين :

أ ـ قال الله سبحانه في الآية (١٧) من سورة الجن :

(لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً).

__________________

(١) في النص (لا تفنهم) تصحيف.

(٢) في النص (لاستيناهم) تصحيف.

(٣) في النص (لنفتينهم) تصحيف.

٧٥٦

وفي الرواية الف : لا نفتنهم ـ بدل ـ (لِنَفْتِنَهُمْ).

وفي الرواية ب : لا يفتنهم ـ بدل ـ (لِنَفْتِنَهُمْ).

ب ـ السند :

رواية (٩٣٢) عن السيّاري الغالي المتهالك عن محمد بن علي (أبو سمينة) الضعيف الغالي الكذّاب.

ورواية (٩٣٣) هي رواية السيّاري بعينها إلّا أن في سندها تصحيف وهو اسقاط «مروان بن مسلم» ومجيء «محمد بن مسلم» بدل «محمد بن أسلم».

ج ـ المتن :

للفتنة في لغة العرب معان من جملتها : الاختبار وفي مفردات الراغب : وقوله (وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) الانفال / ٢٨ فقد سماهم هاهنا فتنة اعتبارا بما ينال الانسان من الاختبار بهم.

وبهذا المعنى فسر الآية المفسرون مثل الطبرسي والزمخشري (١) الذي قال : (لنفتنهم فيه لنختبرهم فيه كيف يشكرون ما خولوا منه).

ولما كانت الفتنة في اللغة الفارسية يساوي الشر والعذاب (٢) والآيات بصدد ذكر نعم الله. رأى السياري أن يصوّب التعبير في هذه الآية وقال ـ لا نفتنهم ـ وركب عليها سندا وافترى به على الامام الصادق (ع) واستشهد بها الشيخ والاستاذ على مرادهما.

__________________

(١) تفسير الزمخشري ٤ / ١٧٠.

(٢) راجع مادة (فتن) في موسوعة دهخدا.

٧٥٧

ثانيا ـ رواية آية (١٨):

(ج) ٩٣٤ ـ محمد بن العباس عن محمد بن أبي بكر عن محمد بن اسماعيل عن عيسى بن داود النجار عن الامام موسى بن جعفر عليهما‌السلام في قوله عزوجل وان المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا قال سمعت أبا جعفر بن محمد عليهما‌السلام يقول هم الأوصياء الأئمة منا واحد فواحد فلا تدعوا إلى غيرهم فتكونوا كمن دعا مع الله أحدا هكذا نزلت.

دراسة الرواية :

أ ـ قال الله سبحانه في الآية (١٨) من سورة الجن :

(وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً).

وفسّره في الرواية : «هم الأوصياء الأئمة منّا».

ب ـ السند :

في الرواية سقط أو ارسال ومحمد بن اسماعيل وعيسى بن داود النجار مجهول حالهما.

ج ـ المتن :

ان صحّت الرواية فهي تفسيرية وعدّ الجملات المذكورة في الرواية نصّا قرآنيا يخل بوزن الآية في السورة.

ثالثا ـ روايتا آيتي (٢٢) و (٢٣):

(د) ٩٣٥ ـ كنز الآيات عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضي عليه

٧٥٨

السلام قلت قوله تعالى إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا إلى أن قال فأنزل الله عزوجل قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا قل إني لن يجيرني مع الله ان عصيته أحد لن أجد من دونه ملتحدا إلّا بلاغا من الله ورسالاته في علي قلت هذا تنزيل؟ قال : نعم ثم قال توكيدا ومن يعص الله ورسوله في ولاية علي فان له نار جهنم الآية.

(ه) ٩٣٦ ـ الكليني عن علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل عنه (ع) في خبر طويل مثله سواء.

دراسة الروايتين :

أ ـ قال الله سبحانه في الآيتين (٢٢ و ٢٣) من سورة الجن :

(قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً* إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللهِ وَرِسالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً).

في رواية الكليني بعد (مِنَ اللهِ) ـ إن عصيته ـ وبعد (وَرِسالاتِهِ) ـ في علي ـ وبعد (وَرَسُولَهُ) ـ في ولاية علي ـ.

ب ـ السند :

١ ـ رواية الكليني (٩٣٦) عن بعض أصحابنا! مجهول حاله عن محمد الفضيل ، ضعيف يرمى بالغلو.

٢ ـ رواية كنز الآيات (٩٣٥) هي رواية الكليني (٩٣٦) بعينها والمراد من أبو الحسن الماضي الامام موسى بن جعفر (ع) فهي رواية واحدة عن مجاهيل وضعيف غال.

ج ـ المتن :

٧٥٩

الكلام في هذه الآيات كسابقاتها في أول البعثة على أصل الرسالة والدعوة الى توحيد الالوهية والربوبية والاضافات تغير سياق القرآن.

نتيجة البحث :

عدّ الشيخ والاستاذ ما استدلّا بها على تحريف آيتي ٢٢ و ٢٣ من سورة الجنّ روايتين ، بينما هي رواية واحدة عن غلاة ومجهولين.

٧٦٠