القرآن الكريم وروايات المدرستين - ج ٣

السيد مرتضى العسكري

القرآن الكريم وروايات المدرستين - ج ٣

المؤلف:

السيد مرتضى العسكري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: المجمع العلمي الإسلامي
المطبعة: شفق
الطبعة: ٢
ISBN: 964-5841-63-1
ISBN الدورة:
964-5841-09-7

الصفحات: ٨٥٦

السيارى (٧٢) : إنّ (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) : النصارى ، و «غير الضّالّين» : اليهود.

وفي روايتي علي بن إبراهيم (٦٢) المحذوفة الذيل ، و (٦٧) ، قال : (الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) : النصّاب و (الضَّالِّينَ) : الشكاك الذين لا يعرفون الإمام.

ومثله رواية العياشي (٦٩).

والمراد من النصّاب : الذين نصبوا العداء لأهل البيت مثل الخوارج في عصر أمير المؤمنين.

والضالين : الذين لا يعرفون الإمام ، أي : إمام زمانهم كما جاء عن رسول الله (ص) في مسند أحمد (٤ / ٩٦) : «من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية» ، وفي الكافي (١ / ٣٧١ و ٣٧٦) : «من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية».

وجاء نظيرها في روايات مدرسة الخلفاء الآتية :

روى أحمد بن حنبل (ت ٢٤١ ه‍) في مسنده (١ / ٣٧٨ ـ ٣٧٩) عن عدي ابن حاتم ، وفي (٥ / ٧٧) عن رجل عن رسول الله (ص).

والطبري (ت ٣١٠ ه‍) في تفسيره (١ / ٦١ ـ ٦٢) في سبع روايات عن عدي وعبد الله بن شقيق.

والقرطبي (ت ٦٧١ ه‍) في تفسيره (١ / ١٤٩) عن مسند الطيالسي والترمذي ـ أيضا ـ عن عديّ بن حاتم.

وابن كثير (ت ٧٧٤ ه‍) في تفسيره (١ / ٢٩ ـ ٣٠) عن عديّ وأبي ذر وغيرهما من الصحابة.

في جميع الروايات المذكورة آنفا عن الصحابة أنّهم سمعوا رسول الله (ص) يقول : «(غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) هم اليهود (وَلَا الضَّالِّينَ) هم النصارى».

وفي تفسير السيوطي (١ / ١٥) عن صحيح ابن حبّان والترمذي عن عديّ ابن حاتم ... وأخرج روايات أخرى عن الصحابة عن رسول الله (ص)

٢٤١

كذلك.

وبناء على ما قدّمناه ، جاء في روايات المدرستين تفسير (الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) بأنّهم اليهود وتفسير (وَلَا الضَّالِّينَ) بأنّهم النّصارى.

ولست أدري ما وجه استدلال الشيخ النوري بهذه الروايات على تحريف القرآن واستدلال الأستاذ ظهير بأنّها ضمن الألف حديث الشيعي الدالة على تحريف القرآن في حين أنّها من الروايات المشتركة بين المدرستين في تفسير الآية!

ثانيا : روايات القراءات :

جاء في الروايات (٦٢ ـ ٧٥) : «صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين» بدلا من : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ).

وفي رواية (٧٣) :

ألف ـ «ملك» بدلا من «مالك».

ب ـ «السراط» بدلا من «الصراط».

وفي (٧٤) : «مالك» بدلا من «ملك».

وجاء نظير تلكم القراءات في تفاسير مدرسة الخلفاء :

أ ـ قراءة ملك ومالك :

١ ـ القرطبي (ت : ٦٧١ ه‍) قال في تفسيره (١ / ١٤٠) :

«اختلف العلماء أيّما أبلغ : «ملك» أو «مالك»؟

والقراءتان مرويتان عن النبي (ص) وأبي بكر وعمر ، ذكرهما الترمذي ...».

٢ ـ ابن كثير (ت : ٧٧٤ ه‍) قال في تفسيره (١ / ٢٤) في «مالك يوم

٢٤٢

الدين» : «قرأ بعض القرّاء : «ملك يوم الدين» وقرأ آخرون «مالك» وكلاهما صحيح متواتر في السبع.

٣ ـ السيوطي (ت : ٩١٠) قال في تفسيره (١ / ١٣) في «ملك يوم الدين» :

«أخرج الترمذي و... عن أم سلمة أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يقرأ : «ملك يوم الدين» بغير ألف» ، وقال : «وأخرج أحمد والترمذي وابن أبي داود و... عن أنس أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يقرءون (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) بالألف و...».

ب ـ قراءة الصراط والسراط :

قال القرطبي في تفسيره (١ / ١٤٨) :

(وقرئ «السراط» بالسين).

وقال ابن كثير في تفسيره (١ / ٢٦) :

(قراءة الجمهور بالصاد وقرئ «السراط»).

وقال السيوطي (١ / ١٤) :

(أخرج سعيد بن منصور ... والبخاري ... عن ابن عباس أنّه قرأ : «اهدنا السراط» بالسين).

ج ـ قراءة : صراط الذين أنعمت ، وصراط من أنعمت ، ولا الضالين ، وغير الضالين.

قال الزمخشري (ت ٥٣٨ ه‍) في تفسيره (١ / ٦٩ و ٧٣) :

قال ابن مسعود : «صراط من أنعمت عليهم».

وعن عمر وعلي رضي الله عنهما أنّهما قرآ : «غير الضالين».

وقال القرطبي (١ / ١٤٩ ـ ١٥٠) :

قرأ عمر بن الخطاب وابن الزبير (رض) : «صراط من أنعمت عليهم».

٢٤٣

وقرأ عمر بن الخطاب وأبيّ بن كعب : «غير الضالّين».

وقال ابن كثير (١ / ٢٩) : عن عمر بن الخطاب (رض) أنّه كان يقرأ : «غير الضالين».

وقال السيوطي (١ / ١٥) : أخرج وكيع و... عن عمر بن الخطاب أنّه كان يقرأ : «صراط من أنعمت ... غير الضالين».

وأخرج أبو عبيد ... عن عبد الله بن الزبير قرأ : «صراط من أنعمت ... غير الضالين» في الصلاة.

بعد هذا الاستعراض ينبغي أن ندرس بإيجاز تاريخ القراءات بمدرسة الخلفاء وكيف انتقلت منها إلى مدرسة أهل البيت؟ ومن نقلها؟ ولما ذا نقلوها؟

أولا ـ اختلاق القراءات وانتشارها بمدرسة الخلفاء

مرّ بنا في بحث «السبعة أحرف» و «القراءات» من الجزء الثاني من هذا الكتاب انّ القراءات بمدرسة الخلفاء لم تقف عند حد ما اختلقتها الزنادقة في أخريات القرن الثاني ، بل استمرّ اختلاق القراءات من بعدهم ، ثمّ تكاثرت على يد القرّاء الكبار الذين سمّاهم الذهبي (ت : ٧٤٨ ه‍) في كتابه «معرفة القرّاء الكبار».

وليس لنا أن نبرئ جميعهم من تبعة إضرارهم بالقرآن ، وان كان جلّهم قد كثّر القراءات بحسن نيّة ، فقد كان منهم أمثال :

«محمّد بن يوسف بن يعقوب الرازي» الذي قال الذهبي نفسه عند ترجمته في لسان الميزان :

«محمّد بن يوسف بن يعقوب الرازي» شيخ يروي عنه أبو بكر بن زياد النقاش ، ظالم لنفسه وضع كثيرا في القراءات.

وقال الخطيب : «متّهم بوضع الحديث».

٢٤٤

وقال الدار قطني : «وضع نحوا من ستين نسخة قراءات ليس منها أصل ، ووضع من الأحاديث ما لا يضبط ، قدم قبل الثلاث مائة بغداد فسمع منه ابن مجاهد وغيره ثمّ تبين كذبه فلم يحك عنه ابن مجاهد حرفا.

وأمّا النقاش ، فيدلّسه فتارة يقول : «حدّثنا محمد بن طريف ، وتارة محمد ابن نبهان ، وتارة محمد بن عاصم يعني ينسبه إلى أجداده» ، انتهى.

وقد سبق مستوفي في «محمد بن طريف».

وقال الدار قطني في غرائب مالك : حدثني أبو القاسم هبة الله بن جعفر المقري ، قال : ثنا محمد بن يوسف ابن يعقوب الرازي قال : ثنا إدريس بن علي الرازي قال : ثنا يحيى بن الضريس قال : ثنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء يسار عن أبي سعيد رضي الله عنه رفعه إذا تغوّط الاثنان ، فليتوار كلّ واحد منهما عن صاحبه ولا يتحدثا على طرفهما».

قال الدار قطني : «لا يصحّ عن عطاء ولا عن زيد ولا عن مالك والمتهم بوضعه محمد بن يوسف».

ثم ساق له حديثا آخر ، وقال : «كان يضع الأحاديث والنسخ».

وبترجمته في تاريخ بغداد :

«محمد بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن نبهان بن طريف عاصم ، أبو بكر ويقال أبو عبد الله الرازي ، سكن بغداد ، وحدث بها عن محمد ابن حميد الرازي ، وأحمد بن سعيد الهمداني ، ومحمد بن هشام البعلبكي ، وإسحاق بن أبي حمزة ، وإسحاق بن وهب الجمحي المصري ، ومحمد بن عبد الله القسام الرازي ، وغيرهم.

روى عنه محمد بن مخلد الدوري ، ومحمد بن العباس بن نجيح ، وهبة الله ابن جعفر ، ومحمد بن الحسن النقاش المقريان ، وعثمان بن علي الصيدلاني ، وحبيب بن الحسن القزاز. حدّثنا القاضي أبو الفرج محمد بن أحمد بن الحسن

٢٤٥

الشافعي ، حدّثنا حبيب بن الحسن القزاز ، حدثنا محمد بن يوسف بن يعقوب الرازي ، حدّثنا أبو عمر محمد بن عبد الله بن دينار القسام الرازي ، حدّثنا أبو زهير عبد الرحمن بن مغراء عن أبي سعد البقال عن عكرمة عن ابن عباس ، قال : ما سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم جمع أبويه لأحد إلّا لسعد ، فإنّي سمعته يقول : «إرم سعد فداك أبي وأمي». حدّثني أبو القاسم الأزهري عن أبي الحسن الدار قطني ، قال : محمد بن يوسف بن يعقوب الرازي ؛ شيخ دجّال كذّاب ، يضع الحديث ، والقراءات والنسخ ، وضع نحوا من ستين نسخة قراءات ليس لشيء منها أصل.

ووضع من الأحاديث المسندة ما لا يضبط ، قدم إلى هاهنا قبل الثلاثمائة ، فسمع منه ابن مجاهد وغيره ، ثمّ تبين كذبه فلم يحك عنه ابن مجاهد حرفا.

وقد روى عنه النقاش غير شيء ، فمرة ينسبه إلى محمد بن طريف عاصم مولى علي بن أبي طالب ، ومرة يقول محمد بن نبهان ، ومرة يقول محمد بن يوسف ، ومرة يقول محمد بن عاصم الحنفي (١).

* * *

كان ذلكم شأن القراءات بمدرسة الخلفاء ، وانتقلت منها إلى مدرسة أهل البيت بواسطتين :

أولا ـ الغلاة بسوء نية.

ثانيا ـ العلماء بحسن نية.

أما الغلاة ، فقد مرّ بنا فى بحث : «كيفية تمحيص سنّة الرسول (ص) بمدرسة أهل البيت (ع) ، ومقابلة أئمة أهل البيت للغلاة» فيما رواه الكشّي بسنده عن أبي عبد الله الصادق (ع) ، أنّه كان يقول :

__________________

(١) تاريخ بغداد للخطيب : (٣ / ٣٩٧ ـ ٣٩٨).

٢٤٦

«لعن الله المغيرة بن سعيد ، انّه كان يكذب على أبي ، فأذاقه الله حرّ الحديد ، لعن الله من قال فينا ما لا نقوله في أنفسنا ، ولعن الله من أزالنا عن العبودية لله الذي خلقنا وإليه مآبنا ومعادنا ، وبيده نواصينا».

وروى ـ أيضا ـ بسنده عن هشام بن الحكم انّه سمع أبا عبد الله (ع) يقول : «كان المغيرة بن سعيد يتعمّد الكذب على أبي ، ويأخذ كتب أصحابه ، وكان أصحابه المستترون بأصحاب أبي يأخذون الكتب من أصحاب أبي ، فيدفعونها إلى المغيرة ، فكان يدسّ فيها الكفر والزندقة ، ويسندها الى أبي ، ثم يدفعها الى أصحابه ، فيأمرهم أن يبثوها في الشيعة.

فكلما كان في كتب أصحاب أبي من الغلو ، فذاك ما دسّه المغيرة بن سعيد في كتبهم».

وفي رواية أخرى :

سئل يونس وقيل له : ما أشدّك في الحديث لما يرويه أصحابنا ، فما الذي يحملك على ردّ الأحاديث؟

فقال : حدّثني هشام بن الحكم انه سمع أبا عبد الله (ع) يقول : «لا تقبلوا علينا حديثا إلّا ما وافق القرآن والسنّة ، أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة ، فإنّ المغيرة بن سعيد ـ لعنه الله ـ دسّ في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدّث بها أبي.

فاتقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربّنا تعالى وسنّة نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله فانا إذا حدّثنا قلنا قال الله عزوجل وقال رسول الله (ص).

قال يونس : وافيت العراق ، فوجدت بها قطعة من أصحاب أبي جعفر (ع) ووجدت أصحاب أبي عبد الله (ع) متوافرين ، فسمعت منهم ، وأخذت كتبهم فعرضتها ، من بعد على أبي الحسن الرضا (ع) ، فأنكر منها أحاديث كثيرة أن يكون من أحاديث أبى عبد الله (ع) ، وقال لي : «انّ أبا

٢٤٧

الخطاب كذب على أبي عبد الله (ع) لعن الله أبا الخطاب!

وكذلك أصحاب أبي الخطاب يدسّون هذه الاحاديث الى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبد الله (ع) ، فلا تقبلوا علينا خلاف القرآن ، فانّا إن تحدّثنا حدّثنا بموافقة القرآن (١) وموافقة السنّة ، إنّا عن الله وعن رسوله (ص) نحدّث ولا نقول : قال فلان وفلان ، فيتناقض كلامنا ، انّ كلام آخرنا مثل كلام أوّلنا وكلام أولنا مصادق لكلام آخرنا ، فإذا أتاكم من يحدثكم بخلاف ذلك ، فردوه عليه ...».

وكان منهم «احمد بن محمد بن سيّار» أبو عبد الله المشهور بالسيّاري ، كان من كتّاب آل طاهر.

قيل : انه كان معاصرا للإمام أبي محمد الحسن العسكري من أئمة أهل البيت (ع).

وموجز ما ذكرناه في ما مرّ أنّ السيّاري :

«ضعيف الحديث ، فاسد المذهب ، مجفو الرواية ، كثير المراسيل ، متهالك ، غال ، محرّف ، قال بالتناسخ».

واستثنى الشيخ الصدوق (ت : ٣٨١ ه‍) في كتاب النوادر ما رواه السيّاري ، وقال : لا أعمل به ، ولا أفتي به لضعفه.

وعدّ الشيخ الطوسي والنجاشي من كتبه ثواب القرآن ، الطبّ ، القراءات ، النوادر ، الغارات ، وقالا : أخبرنا بالنوادر خاصّة ... عن ... إلّا بما كان فيه غلوّ وتخليط.

له كتاب القراءات وأكثر النقل منه الشيخ النوري (٢) ولدينا نسخة منه

__________________

(١) إذا فكل رواية رويت عن أئمة أهل البيت (ع) خلافا للنصّ القرآني فهي مفتراة عليهم.

(٢) وقد بلغ عدد رواياته من قراءات السياري أولا وبلا واسطة أكثر من ثلاثمائة رواية ، ثم نقل ـ

٢٤٨

مستنسخة من نسخ ينتهي استنساخها عن نسخة السيد حسن الصدر (ت : ١٣٥٤ ه‍).

وسندرس روايات السياري بعد بيان الواسطة الثانية لنقل القراءات من مدرسة الخلفاء إلى مدرسة أهل البيت.

الواسطة الثانية لنقل القراءات إلى مدرسة أهل البيت العلماء بحسن نية وخاصّة في الدراسات القرآنية وفي مقدمتهم الشيخ الطوسي (ره) فقد قال في مقدمة تفسيره التبيان :

«... وسمعت جماعة من أصحابنا قديما وحديثا يرغبون في كتاب مقتصد يجتمع على جميع فنون علم القرآن من القراءة والمعاني والاعراب والكلام على المتشابه و...».

واستجابة لطلب اولئك نقل القراءات في تفسيره عن مدرسة الخلفاء ابتداء من سورة الفاتحة. وقال في تفسير (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) :

وقرأ حمزة بضم الهاء ... وروى الدوري عنه بضم الهاء في قوله فعليهم غضب من الله. وقرأ يعقوب بضم كل هاء قبلها ياء ساكنة في التثنية وجمع المذكر والمؤنث نحو عليهما وفيهما وعليهنّ وفيهنّ وضمّ ميم الجمع ووصلها بواو في اللفظ ابن كثير وأبو جعفر ، وعن نافع فيه خلاف كثير وعن غيره لا نطول بذكره وهو مذكور فى كتب القراءات فمن قرأ بكسر الهاء واسكان الميم قال انّه امن اللبس إذا كانت الالف فى التثنية ، وقد دلت على للامين ولا ميم في الواحد فلما الزمت الميم الجمع حذفوا الواو واسكنوا الميم طلبا للتخفيف وحجّة من قرأ

__________________

ـ هذه الروايات بعينها مرّة أخرى بواسطة من نقلوا عنه مثل العياشي ومحمد بن العباس الماهيار وغيرهما وكثّر بها العدد حتى بلغ أكثر من ستّ مائة رواية كما سيأتي في البحوث الآتية إن شاء الله.

٢٤٩

عليهم انّهم قالوا ضمّ الهاء هو الاصل لانّ الهاء اذا انفردت من حرف متصل بها قيل هم فعلوا ومن ضمّ الميم إذا لقيها ساكن بعد الهاء المكسورة قال لما احتجت الى الحركة رددت الحرف إلى أصله فضممت وتركت الهاء على كسرتها لانّه لم يأت ضرورة تحوج الى ردّها الى الاصل ومن كسر الميم فالساكن الذي لقيها والهاء مكسورة ثم اتبع الكسرة الكسرة والذين في موضع جرّ بالاضافة ولا يقال في الرّفع الّذون لانّه اسم في ليس يتمكن وقد حكى الّذون شاذا كما قيل الشّياطون وذلك في حال الرفع ولا يقرأ به وقرأ «صراط من أنعمت عليهم عمر بن الخطاب وعبد الله بن الزبير وروي ذلك عن أهل البيت عليهم‌السلام والمشهور الاول».

كان الشيخ الطوسي (ره) بمدرسة أهل البيت أول من نقل القراءات من مدرسة الخلفاء إلى تفسيره ونقل اسنادها بكل امانة علمية ، وكذلك اعتمد ـ رضوان الله تعالى عليه ـ على مروياتهم مثل روايتهم في آيات الافك عن أم المؤمنين عائشة انها رميت بالافك وانّ الآيات نزلت في تبرئتها. في حين ان الآيات نزلت في تبرئة مارية في ما رمتها أم المؤمنين عائشة وعصبتها بمابور في ولدها إبراهيم ابن رسول الله (ص). كما فصلنا ذلك في الجزء الثاني من أحاديث أم المؤمنين عائشة.

وأخذ من الشيخ الطوسي الشيخ أبو علي الفضل ابن الحسن الطبرسي (ت : ٥٤٨ ه‍) في تفسيره مجمع البيان الذي تمّ تأليفه (٥٣٦ ه‍) وقال فى مقدمة كتابه : «... ما جمعه الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي من كتاب التبيان ... وهو القدوة استضيء بانواره ...).

مثل رواية نزول آيات الافك عن أم المؤمنين عائشة ، وانها نزلت في تبرئتها.

ولم يأخذ منه (ره) قوله في النسخ في المقدمة ولا في تفسير الآية الثانية من

٢٥٠

سورة النور كما سيأتي بيانه هناك.

ومن ثم قالوا فيه (وأكثر منقولاته في مجمع البيان من مفسري العامّة ولم ينقل من تفاسير أهل البيت عليهم‌السلام إلّا القليل من تفسير العياشي وعلي إبراهيم القمي (١).

وينقل الشيخ الطبرسي في تفسيريه مجمع البيان وجوامع الجامع الذي تمّ تأليفه سنة ٥٤١ ه‍ من قراءات مدرسة الخلفاء ما لم يرد في تفسير التبيان وقد وجدناه ينقل فيه القراءات نصا عن تفسيري الزمخشري والقرطبي دون أن يذكر مصدره ويقول في مقدمة تفسير جوامع الجامع :

«وممّا حداني إليه وبعثني عليه أن خطر ببالي وهجس بضميري ، بل القي في روعي محبّة الاستمداد من كلام جار الله العلّامة ولطائفه ، فإنّ لألفاظه لذّة الجدّة ورونق الحداثة ، مقتصرا فيه على إيراد المعنى البحت والإشارة إلى مواضع النّكت بالعبارات الموجزة والايماءات المعجزة مما يناسب الحقّ والحقيقة ويطابق الطريقة المستقيمة» (٢).

ومن علماء القرن السادس الهجري نقل أبو الفتوح الرازي في تفسيره روح الجنان الروايات والقراءات من تفسير التبيان وأضاف اليه ما راقه نقلها من غيره.

ومن علماء القرن التاسع والعاشر الهجري أخذ ابو المحاسن الحسين الحسن الجرجاني ونقل عن تفسير التبيان في تفسيره «جلاء الاذهان» القراءات

__________________

(١) لؤلؤة البحرين للشيخ يوسف بن أحمد (ت : ١١٨٦ ه‍) ط. مؤسسة آل البيت للطباعة بقم ص ٣٢٠ ؛ وقصص العلماء للميرزا محمد بن سليمان التنكابني (ت : ١٣٠٤ ه‍) ط. طهران ـ العلمية ٤٢٤ ..

(٢) جوامع الجامع للطبرسي ، مقدمة المصحح ، ص ٧.

٢٥١

والروايات.

وأيضا نقل الروايات والقراءات من تفسير التبيان الى تفسيره المعين نور الدين محمد بن مرتضى الكاشاني (ت : ١١١٥ ه‍).

هؤلاء الاعلام نقلوا في تفاسير هم القراءات والروايات التي رواها الشيخ الطوسي في تفسيره من مدرسة الخلفاء والطبرسي في تفسيريه مجمع البيان وجوامع الجامع دون أن يسندوها إلى أحد.

* * *

بعد بيان ما سبق ، أقول : ان الشيخ الطبرسي نقل روايتي القراءة (٦٣) و (٧٠) نصا مما أوردناه من تفسير التبيان كما نقل القراءة عن التبيان أو مجمع البيان الشيخ أبو الفتوح الرازي والشيخ الحسين بن الحسن الجرجاني والشيخ محمد بن مرتضى الكاشاني ، كما ذكرناه آنفا وذكر الشيخ الطوسي سنده بكل امانة علمية.

أمّا السيّاري ، فقد أخذ رواياته (٦٤ و ٦٥ و ٦٦) من مدرسة الخلفاء وركّب عليها سندا وافترى بها على أئمة أهل البيت وقصد الشيخ الطوسي بقوله : (وروى ذلك عن أهل البيت) بصيغة المجهول روايات السيّاري المذكورة اشعارا بضعف الراوي عنده ، فانه هو الذي ذكر في رجاله غلّوا السيّاري وتخليطه.

والفارق بين الشيخ الطوسي والطبرسي في ما ينقلان من القراءات عن مدرسة الخلفاء والسياري : ان الشيخ الطوسي يسند القراءات الى أصحابها بمدرسة الخلفاء ولا يضيف إليها شيئا من عند نفسه. والشيخ الطبرسي ينقلها دون أن يسندها إلى أحد أو يضيف إليها شيئا من عند نفسه.

والسياري يركب عليها اسنادا ويفتري بها على أئمة أهل البيت وأحيانا يضيف اليها ما يقتضيه غلوّه وأحيانا يختلق هو ومن سبقه من الغلاة ما يقتضيه غلوهم ويركبون عليها اسنادا ويفترون بها على أئمة أهل البيت.

٢٥٢

وبناء على ما ذكرناه ، فان جميع روايات القراءات منتقلة من مدرسة الخلفاء الى مدرسة أهل البيت بواسطتين :

أولا ـ تفاسير مدرسة أهل البيت

أ ـ التبيان مع ذكر اسنادها بكل امانة علمية.

ب ـ مجمع البيان وجوامع الجامع دون ذكر السند.

ومنتشرة منها إلى تفاسير أخرى بمدرسة أهل البيت ـ أيضا ـ دون ذكر السند.

ثانيا ـ السياري الذي افتري بها على أئمة أهل البيت ، وسوف نرى ـ باذنه تعالى ـ انه كيف دسّ هو ومن سبقه من الغلاة في روايات القراءات ما يقتضيه غلوهم وركبوا عليها اسنادا ، وافتروا بها على أئمة أهل البيت ، وانطلت حيلتهم على المحدثين بمدرسة أهل البيت ونقلوها الى كتب أحاديث مدرسة أهل البيت عليهم‌السلام واستشهد بها على تحريف القرآن ـ والعياذ بالله ـ محدثون أمثال الشيخ النوري ولم يعتد بها علماء الاصول بمدرسة أهل البيت.

أضف إلى ذلك أنّ للسور القرآنية أوزانا كأوزان الشعر التي اكتشفها الخليل ابن أحمد ، ولتعابيرها وتناسق ألفاظها نظم يدركها ذو الحسّ المرهف ، وإنّ لكلّ مترادف في لغة العرب من معنى يميزه من مرادفه مثل : «الجيد» و «الرّقبة» و «العنق» ، فقد تضمّنت الأولى منها معنى «الجودة» والثانية «النسمة» والأخيرة «الطول» ، ويخلّ بالمعنى استعمال كل منها في غير ما يناسبها ، مثل :

ألف ـ «الجيد» ، في قوله تعالى في سورة تبّت :

(فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ).

ب ـ «الرقبة» ، في قوله تعالى في سورة النساء / ٩٢ :

(وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ).

٢٥٣

ج ـ «العنق» ، في قوله تعالى في سورة سبأ / ٣٣ :

(وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا).

وقوله في سورة غافر / ٧١ :

(إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ).

فإنّ تبديل (فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) إلى «في عنقها» أو «في رقبتها» حبل من مسد يخلّ بالمعنى المراد ، لأنّ التهكّم بحمّالة الحطب أخت أبي سفيان في «سورة تبّت» ، يقتضي أن يقال : علّقت في جيدها بدل القلّادة التي تتزيّن بها الفتيات حبلا تحمل بها الحطب لاشتعال نار الفتنة.

وكذلك الشأن في (تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) ، لأنّ الرقبة تتضمن معنى النسمة ، والعنق يتضمن معنى الطول ، وتبديل كل منهما بمرادفه يخلّ بالوزن والنظم والمعنى (١).

ومرّة أخرى نوكد : أنّ كلّ عربي اللسان مارس قراءة القرآن بتدبر في بلاغته وفصاحة كلماته يدرك تجانسها وتناسق أنغامها ويكتشف أوزان سورها ، ويدرك أنّ تبديل أية كلمة منها بأخرى ، أو تقديمها وتأخيرها عن مكانها نشاز يمجّه ذوقه السليم كما يدرك مثلا قبح تبديل أصابع رجلي الإنسان بأصابع يديه ، وتحويل أذنيه مكان عينيه ، ورجليه مكان يديه ، ـ لو أمكن ذلك ـ هكذا يدرك سخف ما تقوّله آلهة القراءات الذين جعلوا القرآن عضين ، واستمروا في غيّهم منذ القرن الثاني الهجري حتى اليوم يعمهون.

وفي الآية الكريمة تبديل «الذين» ب «من» و «لا» ب «غير» في سورة الحمد ، يخلّ بالوزن والمعنى والنظم ، ممّا لم يدركه آلهة القراءات.

__________________

(١) راجع حول موضوع أوزان السور القرآنية البحث السادس من المجلد الثاني من هذا الكتاب «القراءات المختلقة وقراءها» ص ١٨٥ ـ ٢٦١.

٢٥٤

نتيجة البحث :

عدّ الشيخ النوري والأستاذ ظهير الروايات التي استدلّا بها على تحريف القرآن الكريم من روايات آيات سورة الفاتحة ١٤ رواية ، بينما وجدناها ١٣ رواية لاتحاد روايتي العياشي (٦٨) والسياري (٧٢) :

والروايات المفسّرة منها (٦٢ ، ٦٧٤ ، ٦٨ ، ٦٩ ، ٧١ ، ٧٢) مشتركة بين المدرستين.

وروايات القراءات منتقلة من مدرسة الخلفاء إلى مدرسة أهل البيت.

* * *

اختلق الزنادقة القراءات المغيّرة للنصّ القرآني بسوء نيّة وبثّوها في كتب أتباع مدرسة الخلفاء بسوء نية ، ونشرها وكثّرها من بعدهم القرّاء الكبار بينهم بحسن نيّة.

ونقلها الغلاة إلى كتب أتباع مدرسة أهل البيت بسوء نيّة ، وأضافوا إليها ما يقتضيه غلوّهم ، ودسّوها في كتب الحديث بسوء نيّة.

ونقلها علماء مدرسة أهل البيت ، ونشروها فى تفاسيرهم بحسن نيّة ، ومع كل ما فعله اولئك وهؤلاء بسوء نيّة وحسن نيّة حفظ الله كتابه الكريم أن يغيره شيء من تلك القراءات بين اولئك وهؤلاء وبين جميع البشر وصدق الله العظيم حيث يقول : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ).

وأخيرا لست أدري كيف استدل الشيخ النوري المحدّث بروايات منتقلة من مدرسة الخلفاء بلا سند وبروايات مفسرة على تحريف القرآن والعياذ بالله.

وكيف يعدّها ـ والحالة هذه ـ الاستاذ ظهير من الالف حديث شيعي الدالة على تحريف القرآن في حين انها كانت منتقلة أو مشتركة بين المدرستين ، لست أدري؟!

٢٥٥

نتيجة البحث

وجدنا مصدر روايات ٦٤ و ٦٥ و ٧١ و ٧٢ السياري الغالي الهالك.

وقراءة عمر بن الخطاب التي نقلها الطبرسي في ٦٣ و ٧٥ بلا سند.

وروايات العياشي ٦٨ و ٦٩ و ٧٣ و ٧٤ محذوفة الاسناد.

وروايتا علي بن إبراهيم ٦٢ و ٦٧ عن مجهول الحال.

ووجدنا متون الروايات تنقسم إلى ما فيها تفسير الآيات وما فيها نقل قراءات انتشرت في كتب القراءات والتفاسير وحفظ الله القرآن الكريم المتداول بين المسلمين منها. وبناء على ذلك فان أربع عشرة رواية قدمها الشيخ والاستاذ دليلا على القول بتحريف القرآن والزيادة والنقيصة فيه والعياذ بالله كان باطلا.

٢٥٦

دراسة روايات سورة البقرة :

أولا ـ روايتا آية (٢٣):

(الف) ٧٦ ـ ثقة الاسلام في (الكافي) عن علي بن إبراهيم عن أحمد بن محمد البرقي عن أبيه عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن منخل عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال نزل جبرائيل بهذه الآية على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله هكذا : وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا في علي فاتوا بسورة من مثله.

(ب) ٧٨ (١) ـ السياري عن محمد بن علي بن سنان (٢) عن عمار بن مروان عن منخل عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه‌السلام.

دراسة الروايتين :

أ ـ قال الله سبحانه في الآية (٢٣) من سورة البقرة :

(وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) وأضافت الرواية ـ في علي ـ بعد (مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا).

__________________

(١) الصواب (٧٧).

(٢) والصواب : محمد بن علي عن ابن سنان وهو محمد.

٢٥٧

ب ـ السند :

١ ـ رواية السياري (٧٧) في سندها «محمد بن علي (أبو سمينة)» ضعيف ، غال ، كذاب وكذلك «محمد بن سنان» «منخل بن جميل» ضعيف غال ، و «جابر ابن يزيد» مختلط في نفسه قال النجاشي بترجمته : «روى عنه جماعة غمز فيهم وضعفوا ، منهم : عمرو بن شمر ومفضل بن صالح ومنخل بن جميل ويوسف يعقوب ، وكان في نفسه مختلطا (١).

٢ ـ رواية الكليني (٧٦) ، هي رواية السياري الغالي بعينها عن الغلاة والكذّابين.

والروايتان رواية واحدة وليستا بروايتين كما رقمها الشيخ وظهير.

وقدّم الشيخ النوري رواية الكليني (ت : ٣٢٩ ه‍) على رواية السيّاري (ت : ٢٦٨) ليقوّي بها رواية السيّاري المتهالك.

ج ـ المتن :

لا ندري أيّ من الغلاة المذكورين في سند الرواية اختلق بمقتضى غلّوه القول بأنّ آية ٢٣ من سورة البقرة كانت (وأن كنتم في ريب مما نزّلنا على عبدنا ـ في علي ـ فأتوا بسورة من مثله) ، وأنّه حذف ـ في علي ـ من القرآن المتداول بين المسلمين ـ والعياذ بالله ـ وركّب عليها سندا.

ثم افترى بما اختلق على جبرائيل والإمام الباقر (ع) وأدرجه السيّاري الغالي في كتابه القراءات ونال الغلاة غرضهم وتسرّبت الرواية المختلقة الى كتاب الكافي الشريف ، وأخذها واستشهد بها كل من الشيخ النوري في كتابه «فصل الخطاب على تحريف القرآن» ـ والعياذ بالله ـ والأستاذ ظهير في كتابه «الشيعة

__________________

(١) معجم رجال الحديث : ٤ / ١٧ ـ ٢٠٢٦.

٢٥٨

والقرآن» وإنّا لله وإنا إليه راجعون.

وإذا رجعنا إلى محلّ الآية في سورة البقرة ، وجدنا الآيات : (٦ ـ ٢٤) تصف المشركين ، ويقول الله سبحانه فيها : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ / ٦). ويصف تبارك وتعالى حالهم ـ إلى قوله ـ (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ... فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ ... / ٢٤).

وهكذا يجري الكلام في الآيات حول شركهم بالله وعدم إيمانهم برسالة النّبي (ص) ، وذكر ـ في علي ـ في هذا الكلام نشاز يدركه كل عربيّ اللّسان يفهم معنى الآيات. ثم إنّ للسور القرآنية أوزانا لم تكتشف كما اكتشف الخليل بن أحمد أوزان الشعر. وإنّ إضافة ـ في علي ـ تخلّ بوزن الآية في السورة (١).

ثانيا ـ روايات آية (٥٩):

(ج) ٨٧ (٢) الكليني عن أحمد بن مهران عن عبد العظيم الحسني عن محمد الفضل عن أبي جعفر عليه‌السلام قال نزل جبرائيل بهذه الآية على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله هكذا : فبدل الذين ظلموا آل محمد حقهم قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا آل محمد حقهم رجزا من السماء بما كانوا يفسقون.

(د) ٧٩ ـ العياشي عن زيد الشحام عن أبي جعفر عليه‌السلام قال نزل جبرائيل بهذه الآية على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله : فبدل الذين ظلموا آل محمد حقهم الخ.

(ه) ٨٠ ـ السياري عن الحسن بن يوسف عن أخيه عن أبيه عن زيد الشحام عن

__________________

(١) راجع البحث السادس من المجلد الثاني من هذا الكتاب بحث قياس النص القرآني بقواعد اللغة العربية.

(٢) الصواب (٧٨).

٢٥٩

أبي جعفر عليه‌السلام قال نزل جبرائيل بهذه الآية هكذا وذكر مثله.

(و) ٨١ ـ وعن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله.

(ز) ٨٢ ـ وعن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله.

(ح) ٨٣ ـ سعد بن عبد الله القمي في كتاب (ناسخ القرآن) كما في (البحار) قال : وقال أبو جعفر عليه‌السلام : نزل جبرائيل بهذه الآية هكذا : وقال الظالمون آل محمد حقهم غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا آل محمد رجزا من السماء بما كانوا يفسقون.

دراسة الروايات :

أ ـ قال الله سبحانه في الآية (٥٩) من سورة البقرة :

(فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ).

وأضافت الروايات بعد قوله تعالى : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا) ، وقوله تعالى : (فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) ـ آل محمّد حقّهم ـ.

ب ـ الأسناد :

١ ـ في أسناد روايات السيّاري المتهالك :

(٨٠) حسن بن يوسف وأخوه وأبوه مجهول حالهم.

(٨١) مرسلة ، لأنّ السيّاري (ت : ٢٦٨ ه‍) لم يكن في طبقة محمد الفضيل ، الذي روى عن الإمام الصادق (ع) ، فما بعد ، وهو ضعيف رمي بالغلو. وأبو حمزة مشترك بين عدد من الرواة ينتج جهلا بحاله.

(٨٢) محمد بن علي (أبو سمينة) ضعيف غال كذّاب ، ومحمد بن الفضيل

٢٦٠