القرآن الكريم وروايات المدرستين - ج ٣

السيد مرتضى العسكري

القرآن الكريم وروايات المدرستين - ج ٣

المؤلف:

السيد مرتضى العسكري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: المجمع العلمي الإسلامي
المطبعة: شفق
الطبعة: ٢
ISBN: 964-5841-63-1
ISBN الدورة:
964-5841-09-7

الصفحات: ٨٥٦

(١١)

أقوال مفسّرة وليست برواية

(يه) ٣٥٩ ـ علي بن إبراهيم قال نزلت يا أيّها النبي جاهد الكفار بالمنافقين لان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يجاهد المنافقين بالسيف.

(يو) ٣٦٠ ـ الطبرسي وروى في قراءة أهل البيت عليهم‌السلام جاهد الكفار بالمنافقين قالوا عليهم‌السلام لان النبي صلعم لم يكن يقاتل المنافقين وانما يتألفهم لان المنافقين لا يظهرون الكفر وعلم الله تعالى بكفرهم لا يبيح قتلهم إذا كانوا يظهرون الايمان.

(يز) ٣٦١ ـ محمد بن الحسن الشيباني في (نهج البيان) وفي قراءة أهل البيت عليهم‌السلام جاهد الكفار بالمنافقين يعنى من قتل من الفريقين كان فتح.

وقد جاء في تفسير القمي :

قال علي بن إبراهيم ذكر المنافقين فقال (الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) ـ إلى قوله ـ (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) فانه محكم ثم ذكر المؤمنين فقال (وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) الآية محكمة وقوله (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ). قال إنما نزلت «يا أيها النبي جاهد الكفار بالمنافقين» لان النبي (ص) لم يجاهد المنافقين بالسيف. قال حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي جعفر (ع) قال جاهد الكفار

٢٢١

والمنافقين بالزام الفرائض.

دراسة ما عدها الشيخ النوري والاستاذ ظهير ثلاث روايات وليست برواية بل تفسير للمتشابه كما جاء برواية بعده للتأييد وانّ النص القرآني كان (وَالْمُنافِقِينَ) لا «بالمنافقين».

والشيخ النوري قد ترك الرواية المنصوصة وأخذ القول المفسّر مكانها ونسبها إلى القمي في صورة الرواية!

وعلى أيّ حال ، لقد أعاننا الشيخ في عمله هذا على أمور مهمة وهي :

١ ـ انّ علي بن إبراهيم القمّي ليس من القائلين بالتحريف والتغيير وما ورد في التفسير المنسوب إليه أو روي عنه يكون من هذا القبيل.

٢ ـ انّ الفاظ : (نزلت) ، و (هكذا أنزلت) ، و (تنزيله هكذا) ، اصطلاحات استعملت في زمن المعصومين (ع) في التفسير والبيان ، وقولهم (ع) : هكذا أنزلت يعني : قصدت منه هذا المعنى أو معناه هكذا وهذا المعنى من هذه المصطلحات كان معلوما عند المتقدمين من العلماء في عصرهم (ع) وفي عصر الكليني والقمي والعياشي والصدوق والشيخ الطوسي والطبرسي و... ولذا ترى ـ مثلا ـ في التفسير المنسوب إلى علي بن إبراهيم وتفسير العياشي أوردا في كلّ مورد من هذه الموارد أولا نصّ الآية الموجودة في المصحف الذي كان في متناول أيدي المسلمين وأوردا الروايات الواردة في تفسيرها وبيانها ولم يقولا في أي مورد منها انّ النصّ حرّف أو بدّل فالتحريف عندهما تحريف المعنى لا النّص كما مر في (ص : ٨٦) عن فضل بن شاذان في اعتراضه على اتباع مدرسة الخلفاء برواياتهم في الزيادة والنقيصة ، وبناء على هذا فقد صح ادعاء الاجماع من الصدوق والشريف المرتضى والشيخ الطوسي والطبرسي على انّ ما بين الدفتين قرآن بلا زيادة ونقصان.

٢٢٢

٣ ـ انّ الشيخ النوري لمّا كان بصدد اثبات مزعومته لم يأت من الروايات والأقوال إلّا بمقدار ما يفيده ، وقد تكون في نفس الروايات التي أوردها حتى روايات أمثال السياري أشياء على خلاف ما أراده كما بيّناها.

٤ ـ انّ القول بالتحريف والنقيصة ورد في كتب أتباع مدرسة أهل البيت في القرون الاخيرة ، ومنشؤه تبديل المعنى المصطلح عند القدماء التي توهمتها الاذهان الساذجة ـ خصوصا الاخباريون أمثال السيد نعمت الله الجزائري ومن حذا حذوه انّها من التحريف اللفظي.

٢٢٣

خلاصة البحوث ونتائجها

أ ـ في البحث الأول :

وجدنا الروايات التي استدل بها كل من الشيخ النوري والاستاذ ظهير على مرادهما ، وعدّاها ورقّماها بخمس عشرة رواية كانت سبع روايات. وهل خفى ذلك على الشيخ والاستاذ أم دفعهما إلى اخفاء هذه الحقيقة حب التكثير في ايراد الروايات الدالّة على تحريف القرآن على حدّ زعمهما والعياذ بالله وتأتي دراسة متونها في البحوث الآتية.

ب ـ في البحث الثاني :

وجدنا قول الزور والبهتان أعظم مما ورد في البحث الأول وذلك لأنّ الرواية التي استدلّا بها في هذا البحث مرويّة من قبل رواة مدرسة الخلفاء ومسجّلة في كتب حديثهم وعلى هذا فهي معدودة من روايات مدرسة الخلفاء وليست برواية شيعية كما زعماها وانما انتقلت إلى كتب حديث مدرسة أهل البيت (ع) من كتب حديث مدرسة الخلفاء وهذا النوع من الرواية نسميها في بحوثنا بالروايات المنتقلة.

وسوف يأتي انه ليس المراد من الزيادة التي ورد في متونها زيادة النص القرآني ، بل المراد زيادة بيان وتوضيح للآيات.

٢٢٤

ج ـ وكذلك الشأن في روايات البحث الثالث والمشتركة بين المدرستين :

وإلى هنا تقع مسئولية اشاعة قول الزور والبهتان على القرآن الكريم عليهما سواسية ، ويقع على الشيخ النوري عظم المسئولية في شناعة عملهما في البحث الرابع الآتي.

د ـ في البحث الرابع روايات الغلاة والمتهمين في دينهم :

في هذا البحث روايات غلاة متهمين في دينهم مثل السيارى وسهل زياد وإبراهيم بن اسحاق النهاوندي وحسين بن حمدان الحضيني وأبي سمينة محمد علي الكوفي ومحمد بن سليمان الديلمي وحسن بن على أبي حمزة وأبيه.

ولست أدري كيف يعتمد على روايات هؤلاء الغلاة محدث كالشيخ النوري ما اختلقوه في شأن القرآن!! لست أدري؟

وكيف يستدل برواياتهم التي افتروا بها على الله ورسوله (ص) والأئمة من أهل بيته (ع)؟

ه ـ في البحث الخامس روايات مختلقات واهية :

في هذا البحث خرافات وأكاذيب بعضها مما يضحك الثكلى ، ولم يخف على الشيخ والاستاذ ما فيها ما من مختلقات واهية ، ولكنّ هيامهما بايراد أمثال هذه الروايات دفعهما إلى أن يغضّا النظر عن كل ما فيها من السخف ويستشهدا بها على مرادهما. ولسنا بحاجة مع كل ذلك إلى دراسة متونها.

و ـ في البحث السادس روايات لا أصل لها :

تقع على الشيخ النوري خاصّة مسئولية الاستشهاد بروايات احتجاج الطبرسي. مع شنيع ما نقل في شأن شيخ الحديث الأقدم الصدوق رضوان الله

٢٢٥

تعالى عليه وكذلك شأن الروايات التي رواها عن الكتب الآتية :

١ ـ تفسير فرات بن إبراهيم الذي لم يعرف من هو وقد ورد في تفسيره روايات الواقفية والزيدية واتباع مدرسة الخلفاء!

٢ ـ تفسير القمي فيه روايات رواتها مجهولون وأقوال مجهول قائلها!

٣ ـ تفسير العياشي والذي حذف منه الناسخ اسناد الروايات لغرض الاختصار ، ووجدنا فيها روايات كثيرة من كتاب قراءات السياري الغالي الكذاب مع حذف اسمه واسم كتابه!

٤ ـ أصل سليم بن قيس الذي قال فيه الشيخ المفيد (قد حصل فيه تخليط وتدليس ، فينبغي للمتدين أن يتجنب العمل بكلّ ما فيه)!

٥ ـ عن بعض المفسرين! ومن هم بعض المفسرين؟!

٦ ـ عن غير واحد من أجلة المحدثين! ومن هم أجلّة المحدثين؟!

ويستشهد الاستاذ ظهير بأمثال ما سبق مع قوله : (فيلزم الباحث المنصف أن لا ينسب شيئا إلى القوم ، إلّا أن يكون ثابتا من أئمتهم ، والظاهر أنّه لا يثبت إلّا حينما يكون واردا في الكتب التي خصصت لا يراد مرويّاتهم وأحاديثهم).

ان الاستاذ ظهير مع ادعائه هذا يستشهد بسورة النورين السخيفة المختلقة التي رواها الزرادشتي كيخسرو كبير علماء فرقة المجوس في الهند عداء منه للاسلام ومحاولة منه لحطّ كرامة القرآن.

كانت تلكم خلاصة دراساتنا في أسانيد الروايات التي استشهد بها الشيخ والاستاذ على ما أرادا وبئسما أرادا وفي دراسات المتون قلنا ما ملخصه : ان المقصود مما جاء في بعض تلكم الروايات ان ربع ما في القرآن حلال وربع حرام وربع فينا وربع في عدوّنا وان المقصود فينا معاشر المسلمين وفي عدونا معاشر المسلمين. ثم اننا برهنا في ما سبق ان كتب الحديث لدى المدرستين ليست كالنص القرآني الذي قال فيه الله تبارك وتعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ

٢٢٦

لَحافِظُونَ) بل وقع التصحيف والتحريف في الفاظ الحديث كما ذكرنا أمثلة منها في بحث (أخطاء في نسخ كتب الحديث) من المجلد الثالث من معالم المدرستين مثل بعض الأخطاء التي وردت في روايات أصول الكافي وأيضا وقع أخطاء في أسماء رواة الأحاديث.

وكتب العلماء في تصحيح أسماء الرواة عدّة مؤلفات ذكرنا أسماء ٢٣ مؤلفا منها في بحث الخلاصة من عبد الله بن سبأ ج ٢.

وأشهر تلك الكتب : الاكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى والانساب لابن ماكولا.

فكيف يستشهد الشيخ النوري والاستاذ ظهير بأمثال تلكم الروايات على عدم سلامة النص القرآني؟

ز ـ في البحث السابع روايات رواة مجهولين :

وجدنا في اسناد رواياتها أسماء تسعة عشر راويا لم نجد لهم ذكرا في كتب معرفة الرواة وخمسة مجهولة حالهم وراويين ضعيفين وراويا لعنه الامام جعفر الصادق (ع).

ولدى دراسة متون رواياتها وجدنا فيها ما يدل على وقوع التحريف والاسقاط في القرآن الكريم وسوف ندرس باذنه تعالى معنى الاسقاط والتحريف في البحثين التاسع والعاشر الآتيين.

ح ـ في البحث الثامن أدعية بلا سند :

في هذا البحث خمسة أدعية بلا سند ، وفي متونها ما يدل على وقوع التحريف في القرآن وتغيير الأحكام وتغيير سنّة الرسول (ص).

٢٢٧

وتلاوات مغيّرة للقرآن الكريم ، وسيأتي المراد منها في البحثين التاسع والعاشر الآتيين.

ط ـ في البحث التاسع روايات رواة غير ثقاة :

روايتان في سند أولاهما راو ضعيف روايته مختلط ، وفي سند الثانية راو مجهول الحال ، وهي مرسلة السياري الغالي الهالك. وفي متنيهما إشارة إلى تحريف القرآن واسقاط من بعض الآيات.

والمراد من الاسقاط : ان الله سبحانه كان قد أوحى إلى رسوله (ص) آي القرآن بوحي قرآني ، وأنزل مع هذا الوحي بيان الآيات بوحي غير قرآني مثل قوله تعالى في سورة : يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ـ في علي ـ وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ....

وقوله تعالى في سورة التحريم : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ ...) وجاء في الوحي البياني انهما أم المؤمنين عائشة وأم المؤمنين حفصة.

وكان الرسول (ص) يبلغ أصحابه ، ويعلمهم الوحيين معا ، ويكتبونهما في مصاحفهم كذلك معا ، وكان يأمر من حضره من كتّاب الصحابة ان يكتبهما كذلك ـ معا ـ في ما حضرهم من قرطاس وجلد وخشب وكتف شاة وما شابهها مما يكتب عليه واحتفظها (ص) كذلك جميعا في بيته فلمّا توفي أمر (ص) عليا (ع) أن يجمع ذلك القرآن فجمعها بضم بيان الآيات مع آياتها في كل سور القرآن وحمل ذلك القرآن وجاء به مع مولاه قنبر يوم الجمعة إلى مسجد الرسول (ص) فقالوا : لا حاجة لنا به وبدءوا بكتابة مصحف مجرّد عن بيان الرسول (ص) في عصر الخليفة أبي بكر وتمت الكتابة في عصر الخليفة عمر فاودعها عند أم المؤمنين حفصة وعلى عهد الخليفة عثمان أمر بنسخ عدّة نسخ على ذلك المصحف ووزّعها

٢٢٨

على أمهات البلاد الاسلامية وجمع مصاحف الصحابة والتي كان في بيان آياتها أسماء الممدوحين والمذمومين وبعملهم ذلك أسقطوا الأسماء التي كانت في الوحي البياني مع القرآن.

وأما قرآن الرسول أو مصحف الرسول (ص) الذي كان فيه الوحي البياني مع الوحي القرآني والذي جمعه الامام علي (ع) وكان فيه الأسماء التي أسقطوها فقد ورثه الأئمة من أبناء علي وكانوا ينقلون منه أحيانا لأصحابهم بعض ما أسقطوه من الوحي بيانا وكذلك تداوله الأئمة كابرا بعد كابر إلى المهدي (ع) وذلك القرآن هو الذي يدفعه المهدي (ع) إلى أصحابه ويدرّسونه المسلمين وفيه الأسماء التي أسقطوها.

ي ـ في البحث العاشر : روايات في التحريف والتبديل

في سند الرواية الأولى منها راو ضعيف متهم بالغلوّ وآخر روى عن الضعفاء ويقول بالجبر والتشبيه وثالث لم نجد له ذكرا في كتب الرجال.

وفي سند الثانية راو واقفي لم يوثق بلفظ ثقة.

وفي سند الثالثة متهم كذاب اصل الوقف روى عن بعض أصحابه.

وفي سند الرابعة راو ضعيف.

وفي متونها تكرار حديث تحريف القرآن الكريم وتبديله وان الامام المهدي سيحيي ما بدل من الكتاب.

والتحريف والتبديل بمعنى واحد وبدّل الكلام حرّفه وصرفه عن معناه ويحرّفون الكلم عن مواضعه أي : يفسرونه على غير ما أنزل الله مثل تغييرهم المسح بالغسل في قوله تعالى : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) وتغييرهم سنّة الرسول (ص) ومن مصاديقه قول الخليفة عمر متعتان كانتا على عهد رسول الله (ص) وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما.

٢٢٩

والتلاوات المغيّرة كثيرة في قراءات القرّاء المشهورين.

نتائج البحوث

أولا ـ لم يكن عدد الروايات ثلاثمائة واحدى وستين رواية كما رقمها الشيخ والاستاذ!

ثانيا ـ لم يصحّ سند رواية واحدة منها ، بل كان في اسنادها من وصفه علماء الرجال بضعيف الحديث! فاسد المذهب! مجفوّ الرواية! يروي عن الضعفاء! كذّاب! متهم في دينه! غال!

ثالثا ـ لم يكن المراد مما جاء في متون الروايات ما زعماه بأن في نصوص القرآن الذي بأيدينا اليوم تبديل وتحريف والعياذ بالله بل المراد أن المخاطبين لم يعملوا بها كما هو الشأن في قوله تعالى : (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ) أي : فمن بدّله من الأوصياء بعد ما سمعه في الوصيّة من الميّت ... ويحرفون الكلم عن مواضعه ، أي : يفسّرونه على غير ما أنزل ولما كان القرآن انزل بوحيين وحي قرآني ، وهو ما كان نصّ الفاظه وحيا من الله ، ووحي بياني ، وهو ما أوحى الله إلى رسوله (ص) في بيان آي القرآن وكان في الوحي البياني أسماء الممدوحين والمذمومين ، وعند ما استنسخوا القرآن وحده في عصر الخليفة عثمان واسقطوا الوحي البياني الذي كان فيه الاسماء المذكورة بعملهم ذلك أسقطوا الأسماء التي أوحى الله إلى نبيه وعند ما يظهر المهدي (ع) يخرج القرآن مع الوحي البياني الذي أسقطوه.

كان ذلكم تفسير ما أساء الشيخ والاستاذ فهمه ، وأساءا الاستشهاد به من الروايات.

وعلى هذه ، فقس ما سواها مما استدلّا به والآتي ذكرها وبيانها في الباب الثاني عشر باذنه تعالى.

٢٣٠

دراسة أدلة الباب الثاني عشر

روايات حول آيات سور القرآن من سورة الفاتحة

حتى سورة الناس

٢٣١
٢٣٢

دراسة روايات سورة الفاتحة

(الف) ٦٢ ـ علي بن إبراهيم القمّي في تفسيره عن أبيه عن حماد عن حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : اهدنا الصراط المستقيم صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين الخبر.

(ب) ٦٣ ـ الطبرسي في (مجمع البيان) قرأ صراط من أنعمت عليهم عمر ابن الخطاب وعبد الله بن الزبير ، وروى ذلك عن أهل البيت عليهم‌السلام.

(ج) ٦٤ ـ أحمد بن محمد السياري في كتاب (القراءات) عن محمد بن خالد عن علي بن النعمان عن داود بن فرقد ومعلّى بن خنيس أنّهما سمعا أبا عبد الله عليه‌السلام يقول صراط من أنعمت عليهم.

(د) ٦٥ ـ وعن يحيى الحلبي (١) عن ابن مسكان (٢) عن عبد الحميد الطائي عن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقرأ صراط من أنعمت عليهم.

(ه) ٦٦ ـ وعن حماد عن حريز عن فضيل عن أبي جعفر عليه‌السلام أنّه كان يقرأ صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين.

(و) ٦٧ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن أبي عبد الله

__________________

(١) في الأصل الچلي تصحيف والصواب ما أثبتناه.

(٢) في الاصل سكان تصحيف والصواب ما أثبتناه.

٢٣٣

عليه‌السلام في قوله تعالى : غير المغضوب عليهم وغير الضالين قال المغضوب عليهم النصّاب والضالين الشكاك الذين لا يعرفون الإمام (ع).

(ز) ٦٨ ـ العياشي في تفسيره عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) ، فقال فاتحة الكتاب من كنز العرش فيها (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) الآية التي يقول (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً) و (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) دعوى أهل الجنة حين شكروا لله حسن الثواب و (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) قال جبرئيل ما قالها مسلم قط إلّا صدّقه الله وأهل سماواته (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) إخلاص العبادة (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) أفضل ما طلب به العباد حوائجهم (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) صراط الأنبياء وهم الذين أنعم الله عليهم (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) اليهود وغير الضالين النصارى.

(ح) ٦٩ ـ وعن رجل عن ابن أبي عمير رفعه في قوله (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) وغير الضالين وهكذا نزلت قال : المغضوب عليهم فلان ، وفلان ، وفلان ، والنصاب والضالين : الشكاك الذين لا يعرفون الإمام (ع).

(ط) ٧٠ ـ الطبرسي وقرأ غير الضالين عمر بن الخطاب وروى ذلك عن علي عليه‌السلام.

(ي) ٧١ ـ السياري عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن فضل بن يسار وزرارة عن أحدهما (ع) في قوله تعالى : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) قال : النصارى و «غير الضالين» قال اليهود.

(يا) ٧٢ ـ وعن صفوان عن علاء عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ... الخ ما في (تفسير العياشي).

(يب) ٧٣ ـ العياشي عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله (ع) أنّه كان يقرأ ملك في (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) ويقرأ (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ).

(يج) ٧٤ ـ وعنه عن داود بن فرقد قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقرأ ما لا

٢٣٤

أحصي مالك يوم الدين.

وهذه العبارة تحمل وجهين :

الأول أنّه سمعه (ع) يقرأ في الصلاة الكثيرة وفي غيرها ملك دون مالك وغرضه بيان خصوص قراءته عليه‌السلام.

الثاني أن يكون المراد بيان تكرار الآية الواحدة في الصلاة الواحدة بعد مفروغيّة (١) كون قراءته كذلك.

وهذا أظهر ، ويؤيده ما رواه العياشي أيضا عن الزهري قال كان علي الحسين عليهما‌السلام إذا قرأ (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) يكرّرها حتى كاد أن يموت ، ثمّ أن كون قراءتهم (ع) ملك لا ينافي في (٢) كثرة قراءتهم كما في البحار ، إذ بعد نزول القرآن على نحو واحد يفهم كون الأول هو الأصل من جهة كون القراءة به وكونه خلاف المشهور.

وأيّده شيخنا البهائي في آخر مفتاح الفلاح بوجوه خمسة ولو لا النص لما كان لما ذكره وقع عندنا والله الهادي.

(يد) ٧٥ ـ الثقة الجليل سعد بن عبد الله القمي في باب تحريف الآيات من كتاب ناسخ القرآن قال : وقرأ رجل على أبي عبد الله عليه‌السلام سورة الحمد على ما في المصحف ، فردّ عليه فقال : اقرأ صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين.

دراسة الروايات :

أ ـ قال الله سبحانه وتعالى في الآية السابعة من سورة الفاتحة :

(صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ).

__________________

(١) يقصد به ثبوت كون قراءته كذلك.

(٢) كذا في الاصل والصواب حذف في.

٢٣٥

وفي الروايات : صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين.

ب ـ الأسناد :

١ ـ روايات السيّاري الغالي المتهالك : (٦٤ ، ٦٥ ، ٦٦ ، ٧١ ، ٧٢) جلّها ـ بل كلّها ـ مرسلة.

٢ ـ رواية (٧٥) المنسوبة إلى سعد بن عبد الله من روايات مجهولة المصدر.

فقد قال في الذريعة (٢٤ / ٨) : «ناسخ القرآن ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه لسعد بن عبد الله أبي خلف الأشعري القمّي (ت ٢٩٩ ـ أو ـ ٣٠١) ويظهر من المجلسى أنّه كانت عنده نسخة منه ، لأنّه في مجلّد القرآن من البحار ـ بعد ايراد كتابه «المحكم والمتشابه» بتمامه من أوّله إلى آخره ـ قال : «أقول : وجدت رسالة قديمة مفتتحها هكذا : (حدّثنا جعفر بن محمد بن قولويه قال : حدّثني سعد بن عبد الله الأشعري ، وهو مصنّفه : الحمد لله ذي النعماء ... روى مشايخنا عن أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) ...) ، وساق الحديث إلى آخره ، لكنّه غيّر الترتيب (١) وفرّقه على الأبواب وزاد فيما بين ذلك بعض الأخبار» انتهى كلام المجلسي.

وقال في الذريعة (٤ / ٣١٨) بترجمته تفسير النعماني :

«تفسير النعماني هو أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر الكاتب النعماني تلميذ ثقة الإسلام الكليني ... وقال الشيخ الحرّ : «إنّي قد رأيت قطعة من تفسيره» ، ولعلّ مراده من القطعة هي الروايات المبسوطة الّتي رواها النعماني

__________________

(١) أي غيّر ترتيب رسالة «المحكم والمتشابه» التي تكون نفس التفسير المنسوب إلى النعماني.

٢٣٦

بإسناده إلى الإمام الصادق (ع) ، وجعلها مقدمة تفسيره ، وهي التي دوّنت مفردة مع خطبة مختصرة ، وسمّيت بالمحكم والمتشابه ، ونسبت إلى السيد المرتضى ، وطبع في الأواخر بإيران» (١) وقد أوردها بتمامها العلّامة المجلسي في مجلّد القرآن من البحار.

وقال العلّامة المجلسي في البحار (٦٨ / ٣٩١) ، بعد ما أورد قسما من الرسالة المنسوبة إلى سعد بن عبد الله والتفسير المنسوب إلى النعماني : «بيان : وفي نسختي الروايتين سقم وتشويش».

وبناء على ما مرّ ، فإنّ الرواية المنسوبة إلى سعد بن عبد الله سندها مجهول ، لأنّه قال : «روى مشايخنا عن أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال ...».

فمن مشايخه ومن هم أصحابه؟!

وأمّا رواية النعماني ، ففي سندها :

١ ـ حسن بن علي بن أبي حمزة ضعيف جدا.

٢ ـ علي بن أبي حمزة (أبوه) ضعيف جدا (٢).

ثمّ إنّ الشيخ النوري قال في خاتمة المستدرك ـ بترجمة التفسير المنسوب إلى النعماني ـ : «... ثمّ لا يخفى أنّ ما في أوّل تفسير الجليل علي بن إبراهيم ، من أقسام الآيات وأنواعها ، هو مختصر هذا الخبر الشريف ، فلاحظ وتأمّل (٣)».

إذا فالكتاب ـ خبر واحد ورواية واحدة على حد تعبير الشيخ النوري ، وكما بيّنّاه آنفا ـ ينسب تارة إلى سعد بن عبد الله باسم «ناسخ القرآن

__________________

(١) البحار : ٩٣ / ١ ـ ٩٧.

(٢) معجم رجال الحديث : ١١ / ٢٤٠ ـ ٢٩٩. وننقل من معجم رجال الحديث للسيد الخوئي كلّما نذكر حال الرواة في هذه البحوث.

(٣) خاتمة المستدرك : ط. طهران ، ص : ٣٦٦ ، وط. مؤسسة آل البيت : ١ / ٣٤٨.

٢٣٧

ومنسوخه» ، دون أن يكون له سند ، وأخرى إلى النعماني باسم «تفسير النعماني» ، وثالثة إلى الشريف المرتضى باسم «المحكم والمتشابه» ، ورابعة إلى علي بن إبراهيم القمّي باسم مقدمة تفسيره ، إذا فهذه أربعة كتب مجهولة.

وقد فرّق الشيخ النوري هذا الخبر الواحد الضعيف ، وأورده بشكل روايات كثيرة في الدليل الحادي عشر والثاني عشر من كتابه.

وأوردها الاستاذ إحسان ظهير مرقّما في : «ألف حديث شيعي في تحريف القرآن» ، وعدّاها أربعا وسبعين رواية كما بيناها في الجدول الآتي :

٢٣٨

٢٣٩

وفي ما يأتي نسمي الأقوال المنقولة عنها بروايات مجهولة من مجهولين.

٣ ـ روايتا تفسير علي بن إبراهيم (٦٢ و ٦٧) وقد مرّ بنا في بحث : «دراسة روايات الدليل الحادي عشر ص ...» انّ راوي التفسير مجهول حاله ولم نجد له ذكرا فى كتب الرجال. أضف إليه اختلاف نسخ التفسير وتفاوت ألفاظها كما انّ لفظ «غير الضالين» ليست فى المطبوعة ببيروت (١٣٨٧ ه‍) بل ورد فيها النصّ القرآني : (وَلَا الضَّالِّينَ).

٤ ـ رواية العياشي (٦٨) محذوفة السند هي رواية السيّاري (٧٢) بعينها.

و (٦٩) ـ أيضا ـ محذوفة السند عن مجهول (عن رجل) ومن هو الرجل؟! (عن ابن أبي عمير رفعه) ، وإلى من رفعه؟!

وروايتاه (٧٣ و ٧٤) ـ أيضا ـ محذوفتا السند.

وروايتا الطبرسي (٦٣ و ٧٠) قراءتان بلا سند نقلهما من تفسير التبيان للشيخ الطوسي ، وهما منتقلتان من مدرسة الخلفاء واسنادهما في تفاسير الزمخشري والقرطبي والسيوطي.

ج ـ دراسة المتون :

تنقسم الروايات الآنفة إلى روايات مفسّرة ، وهي مشتركة بين المدرستين وروايات القراءات وهي منتقلة من مدرسة الخلفاء إلى مدرسة أهل البيت.

وندرس كلا منها على حدة في ما يأتي بإذنه تعالى :

أوّلا ـ الروايات المفسّرة (٦٢ ، ٦٧ ، ٦٨ ، ٦٩ ، ٧١ ، ٧٢):

وهي تفسّر الآية السابعة والأخيرة من سورة الحمد :

(صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ).

ففي روايتي السياري (٧١ و ٧٢) والعياشي (٦٨) التي أخذها من رواية

٢٤٠