القرآن الكريم وروايات المدرستين - ج ٣

السيد مرتضى العسكري

القرآن الكريم وروايات المدرستين - ج ٣

المؤلف:

السيد مرتضى العسكري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: المجمع العلمي الإسلامي
المطبعة: شفق
الطبعة: ٢
ISBN: 964-5841-63-1
ISBN الدورة:
964-5841-09-7

الصفحات: ٨٥٦

صنفان من الاخطاء في نسخ من مصادر الدراسات الاسلامية

أ ـ في أسماء رواة الحديث وغيرهم.

ب ـ في متن الحديث والفاظ الحديث.

ولمعرفة خطورة الاخطاء التي انتشرت في الاسماء من كتب الحديث وسعتها وانتشارها ، يكفي الرجوع الى كتاب «المشتبه في الاسماء» للذهبي ، لمعرفة ما وقع من الاشتباه في الاسماء والكنى والالقاب (١) وقد أشرنا الى بعضها في مؤلفاتنا (٢).

ولمعرفة ما وقع من الخلط والاشتباه في الفاظ الروايات ، يجدر الرجوع الى معجم الرجال لاستاذ الفقهاء السيد الخوئي ، فانّه يأتي بما وجد من اختلاف الكتب والنسخ بعد ترجمة كلّ راو يذكره.

وقد ذكرنا في بحث : «أخطاء في نسخ كتب الحديث» من معالم المدرستين ، المجلد الثالث مثالا لذلك بما وقع من خطأ النساخ في خمس روايات أوردها الكليني (ت : ٣٢٩ ه‍) في كتاب الحجة ، باب : «ما جاء في الاثني عشر» من الكافي ، وكيف انّ عدد الائمة «الاثني عشر» بلغ فيها الى «ثلاثة عشر» اماما ، وبمراجعة اصل العصفري (ت : ١٥٠ ه‍) الذي نقل الكليني بعض تلك الاحاديث عنه في الكافي ، ومراجعة من نقل تلكم الاحاديث من كتاب الكافي للكليني ، مثل :

__________________

(١) قد الف العلماء مؤلفات كثيرة ، وأكملها كتاب الاكمال لابن ماكولا.

(٢) راجع عبد الله بن سبأ ، باب «تصحيف وتحريف» في المجلد الثاني.

٢١

الصدوق (ت : ٣٨١ ه‍) في كتابه : «عيون أخبار الرضا» وكتابه : «كمال الدين». والمفيد (ت : ٤١٣ ه‍) في : «الارشاد». والطبرسي (ت : ٥٤٨ ه‍) في : «اعلام الورى» وجدنا في أصل العصفري الذي نقل الكليني الحديث عنه والكتب التي نقل أصحابها تلك الاحاديث عن الكافي للكليني ، بلغ في جميعها عدد الائمة الى اثني عشر اماما.

وبعد هذه المقارنة أدركنا انّ الخطأ في نسخ الكافي المطبوعة وقع من النسّاخ بعد عصر الشيخ المفيد ، وانّ الصحيح ما ورد في أصل العصفري الذي اخذ منه الكليني في الكافي والكتب التي نقلت الحديث من الكافي قبل أن يطبع (١).

وبناء على ما ذكرنا نحتاج احيانا في دراسة الاحاديث الى مقارنة الرواية الواحدة في النسخ المتعددة والكتب المختلفة. كما فعلنا ذلك في «دراسة روايات الزيادة والنقيصة في القرآن الكريم» المنتشرة بكتب مدرسة الخلفاء في المجلد الثاني من هذا الكتاب (٢).

ومع تسلسل الاسناد في جوامع الحديث بمدرسة أهل البيت الى رسول الله (ص) فإنّ فقهاء مدرستهم لم يسمّوا أيّ جامع من جوامع الحديث لديهم بالصحيح ـ كما فعلته مدرسة الخلفاء ، وسمّت بعض جوامع الحديث لديهم بالصحاح ـ ، ولم يحجروا بذلك على العقول ، ولم يوصدوا باب البحث العلمي في عصر من العصور ، وانّما يعرضون كلّ حديث في جوامعهم على قواعد دراية الحديث ، ويخضعون لنتائج تلك الدراسات ، وذلك لأنّهم يعلمون انّ رواة تلك الاحاديث غير معصومين عن الخطأ والنسيان اللذين يعرضان لكل بشر لم يعصمه الله ، وفعلا قد وقع الخطأ في أشهر كتب الحديث بمدرسة أهل البيت وهو

__________________

(١) فصلنا القول عنه في بحث أخطاء الناسخين في كتب الحديث من هذا الكتاب.

(٢) راجع بحث : القرآن الكريم وروايات مدرسة الخلفاء ، ٢ / ٩٥.

٢٢

كتاب أصول الكافي مثل ما جاء في الاحاديث الخمسة المرقمة : ٧ و ٩ و ١٤ و ١٧ و ١٨ من كتاب الحجّة منه في باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم ، كما نشرحه في ما يلي :

الحديثان السابع والرابع عشر :

في كلا الحديثين في اصول الكافي : بسنده عن ابن سماعة ، عن عليّ بن الحسن بن رباط ، عن ابن اذينة ، عن زرارة ، قال : سمعت أبا جعفر (ع) يقول : الاثنا عشر الامام من آل محمد (ع) كلّهم محدث من ولد رسول الله (ص) (١) ، ومن ولد علي ؛ فرسول الله وعليّ هما الوالدان.

وفي لفظ الحديث السابع بعده : «فقال علي بن راشد ...» الحديث.

ومغزى هذين الحديثين : أن يكون عدد الائمة من أهل البيت ثلاثة عشر ، الامام علي مع اثني عشر اماما من ولده. بينما نقل هذه الرواية عن الكافي الشيخ المفيد في الارشاد ، والطبرسي في إعلام الورى ولفظهما كما يلي : الاثنا عشر الائمة من آل محمّد كلّهم محدّث : علي بن أبي طالب ، وأحد عشر من ولده ، ورسول الله وعليّ هما الوالدان (ع).

وأخرج الرواية عن الكليني أيضا الصدوق في كتابه : عيون أخبار الرضا والخصال ولفظه كما يلي : اثنا عشر اماما من آل محمد كلّهم محدّثون بعد رسول الله ، وعلي بن أبي طالب منهم (٢).

__________________

(١) وجهه المجلسي في مرآة العقول ٦ / ٢٢٣ وقال : أي أكثرهم من ولد رسول الله.

(٢) الحديث السابع في الكافي ١ / ٥٣١ عن محمد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمد الخشاب عن ابن سماعة ... والحديث الرابع عشر ١ / ٥٣٣ ولفظ سنده : ـ

٢٣

نتيجة البحث والمقارنة :

يظهر من استعراضنا الحديث عن الكافي ومن أخذ منه ، أي الشيخ الصدوق والمفيد والطبرسي ، انّ النّساخ قد أخطئوا في كتابة الحديث في الكافي بعد عصر الشيخ المفيد ، ولم نقل بعد عصر الطبرسي ، لانّ الطبرسي يأخذ أخباره في اعلام الورى من كتاب الارشاد للمفيد ، وينسج فيه على منواله.

الحديث التاسع :

بسنده عن محمّد بن الحسين ، عن ابن محبوب ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر (ع) ، عن جابر بن عبد الله الانصاري ، قال : دخلت على فاطمة (ع) وبين يديها لوح فيه أسماء الاوصياء من ولدها ، فعددت اثني عشر آخرهم القائم (ع) ثلاثة منهم محمّد وثلاثة منهم علي.

ونقل الحديث عن الكافي بهذا اللفظ المفيد في الارشاد ، وتبعه الطبرسي في اعلام الورى.

ومغزى الحديث بهذا اللفظ في الكتب الثلاثة أن يكون عدد الائمة أوصياء النبي ثلاثة عشر : الإمام علي مع اثني عشر من بنيه من ولد فاطمة.

بينا نرى الصدوق الذي يروي نفس الحديث بإسناده ، ولا ينقله عن الكافي ، يخرجه في عيون أخبار الرضا بسندين ، وفي اكمال الدين بسند واحد ، عن محمّد بن الحسين ، ثمّ يجتمع سنده مع سند الكافي الى جابر ، ثم يروي عنه انّه قال : دخلت على فاطمة (ع) وبين يديها لوح فيه أسماء الاوصياء ، فعدّت اثني

__________________

ـ أبو علي الاشعري ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن الحسن بن موسى الخشاب ، عن علي بن سماعة ... وفي الارشاد ص ٣٢٨ بسند الحديث الرابع عشر ، وفي اعلام الورى ص ٣٦٩ ، وفي عيون أخبار الرضا ١ / ٥٦ ، والخصال ص ٤٨٠ كلاهما عن الكليني بسند حديثه الرابع عشر.

٢٤

عشر آخرهم القائم ، ثلاثة منهم محمد وأربعة عليّ (١).

نتيجة البحث والمقارنة :

ظهر انّ في نسخة الكافي جاء «من ولدها» وهي زائدة ، وجاء «ثلاثة منهم عليّ» محرّفة ، وانّ الشيخ المفيد نقل عنه في الارشاد كذلك ، وانّ الصواب ما جاء في لفظ الرواية عند الشيخ الصدوق في العيون والخصال «أربعة منهم علي» ودون زيادة «من ولدها».

الحديثان ١٧ و ١٨ من كتاب الحجّة :

وقد رواهما الكليني عن أبي سعيد العصفري : (ت : ١٥٠ ه‍) وبحثنا عن أبي سعيد العصفري ، فوجدنا الشيخ يقول عنه في الفهرست :

عباد أبو سعيد العصفري ، له كتاب أخبرنا به جماعة عن التلعكبري عن ابن همّام ، عن محمد بن خاقان النهدي ، عن محمد بن علي أبي سمينة ، عن أبي سعيد

__________________

(١) الكافي ١ / ٥٣٢ وهذا لفظ السند عنده : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين.

الارشاد للمفيد ص ٣٢٨ ولفظ سنده أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد بن يعقوب ، وفي لفظ أسماء الاوصياء والائمة.

إعلام الورى ص ٣٦٦ ، ولفظ رواه محمد بن يعقوب الكليني ... وآخره «وأربعة منهم علي».

عيون أخبار الرضا للصدوق ١ / ٤٦ و ٤٧ ، ولفظ سنده حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رض) ؛ قال : حدثنا أبي ، عن محمد بن الحسين ... ولفظ سند الحديث الثاني : حدثنا الحسين بن أحمد بن ادريس (رض) ، قال : حدثنا أبي ، عن أحمد بن محمد بن عيسى وإبراهيم بن هاشم جميعا ، عن الحسن بن محبوب ... ، وبهذا السند في اكمال الدين ١ / ٢١٣. وفي مرآة العقول ٦ / ٢٢٨ من ولدها أي الاحد عشر أو على المجاز ، وأشار الى التصحيف في «ثلاثة منهم علي».

٢٥

العصفري ، واسمه عبّاد.

وقال النجاشي : كوفي ... أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن عمران ، قال : حدّثنا محمّد بن همّام قال : حدّثنا أبو جعفر محمّد بن أحمد بن خاقان النهدي ، قال : حدّثنا أبو سمينة بكتاب عبّاد (١).

وبحثنا عن كتابه فوجدنا صاحب الذريعة (٢) يقول :

أصل عباد العصفري أبي سعيد الكوفي هو من الاصول الموجودة ، ووجدناه يقول عن هذا الاصل وأصل عاصم : استنسخ من نسخة الوزير منصور بن الحسن الآبي ، وهو كتبها عن أصل محمّد بن الحسن القمي الذي رواه عن أبي محمّد هارون بن موسى التلعكبري سنة ٣٧٤ ه‍.

ووجدنا الشيخ النوري يبحث في مستدركه عن أصل أبي سعيد بتفصيل واف ، ويقول : فيه تسعة عشر حديثا ، ثمّ يصف أحاديثه ، وينقل تراجم أبي سعيد عن مختلف كتب الرجال (٣).

ووجدنا نسخة خطية من أصل العصفري بنفس الاوصاف التي جاءت عنه في المستدرك والذريعة بالمكتبة المركزية لجامعة طهران ضمن مجموعة باسم الاصول الاربعمائة (٤).

فقارنا بين الحديثين في أصل العصفري هذا ، ونسخة الكافي الموجودة لدينا ، فوجدنا ما يلي :

أ ـ الحديث السابع عشر :

__________________

(١) مجمع الرجال ٣ / ٢٤٢ ورجال النجاشي ص ٢٩٣ ، رقم ٧٩٣.

(٢) الذريعة ٢ / ١٦٣ في بحثه عن الاصول.

(٣) مستدرك الوسائل ٣ / ٢٩٩ ـ ٣٠٠ في الفائدة الثانية في شرح حال الكتب.

(٤) نسخة «كتابخانه اهدائى مشكاة بكتابخانه مركزى دانشگاه تهران» ضمن المجموعة المسمّاة : الاصول الاربعمائة والمرقمة ٩٦٢ الرسالة الثانية.

٢٦

١٧ ـ محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن الحسين ، عن أبي سعيد العصفري (١) عن عمرو بن ثابت ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر (ع) قال : قال رسول الله (ص) : «اني واثني عشر من ولدي (٢) وأنت يا علي زرّ الأرض ـ يعني أوتادها وجبالها ـ بنا أوتد الله الأرض أن تسيخ بأهلها ، فإذا ذهب الاثنا عشر من ولدي ساخت الارض بأهلها ، ولم ينظروا» (٣).

وفي أصل العصفري : عبّاد ، عن عمرو ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر (ع) قال : قال رسول الله (ص) : اني وأحد عشر من ولدي وأنت يا علي زرّ الارض ـ يعني أوتادها (و) (٤) جبالها ـ (بنا أوتد الله) (٥) الارض أن تسيخ بأهلها ، فاذا ذهب الاحد عشر من ولدي ساخت الارض بأهلها ولم ينظروا (٦).

نتيجة المقارنة :

و «اثني عشر من ولدي» و «الاثنا عشر من ولدي» في نسخة الكافي تحريف والصواب ما جاء في أصل العصفري : «وأحد عشر من ولدي و «الاحد عشر من ولدي» والذي يروي الكليني الحديث عنه.

ب ـ الحديث الثامن عشر :

__________________

(١) في نسخة الكافي لدينا «العصفوري» تحريف.

(٢) وفي مرآة العقول ٦ / ٢٣٢ : روى الشيخ في كتاب الغيبة بسند آخر «إني وأحد عشر من ولدي» وهو أظهر.

(٣) الكافي ١ / ٥٣٤.

(٤) في نسخة الاصول سقط (و).

(٥) في نسخة الاصل (وقال وتد) تحريف.

(٦) أصل العصفري ، الحديث ٦.

٢٧

جاء في الكافي : ١٨ ـ وبهذا الاسناد ، عن أبي سعيد رفعه ، عن أبي جعفر (ع) ، قال : قال رسول الله (ص) : من ولدي اثنا عشر نقيبا ، نجباء محدّثون ، مفهمون ، آخرهم القائم بالحق يملأها عدلا كما ملئت جورا (١).

وفي أصل العصفري : عبّاد ، رفعه إلى أبي جعفر (ع) ، قال : قال رسول الله (ص) : من ولدي أحد عشر نقباء نجباء ، محدثون ، مفهمون ، آخرهم القائم بالحق ، يملأها عدلا كما ملئت جورا (٢).

نتيجة المقارنة :

ما جاء في نسخة الكافي (اثنا عشر) تحريف وما جاء في أصل العصفري (أحد عشر) هو الصواب.

ولا يحتاج هذا البيان الى استدلال عليه لانّ الكليني انّما روى في الكافي عن أصل العصفري ، ونرى انّ الخطأ من قلم النسّاخ.

ولفظ سندي الحديثين من التلعكبري راوي هذا الاصل عن عباد العصفري فهو الذي يقول في صدري الحديثين (عبّاد) وهو الذي يقول في سند الحديث الثاني (عبّاد ، رفعه) كما جاء في الاصل ، وفي نسخة الكافي.

* * *

وبناء على هذا فليس كل ما ورد في كتب الحديث مصونا عن خطأ الناسخين ونسيانهم ليقابل بها النصّ القرآني الذي حفظه الله سالما أبد الدهر ، بل ينبغي أن ندرسها بتجرد علمي بحت كما فعلنا ذلك ـ ولله الحمد ـ في روايات الزيادة والنقيصة في القرآن الكريم بمدرسة الخلفاء في المجلد الثاني من هذا

__________________

(١) الكافي ١ / ٥٣٤.

(٢) أصل العصفرى ، الحديث ٤.

٢٨

الكتاب.

وما درسناه هناك إضافة إلى أكثر من ألف مورد غيرها نقلها المحدث النوري من كتب مدرسة الخلفاء مباشرة أو بواسطة تصرّح بوجود نقص أو زيادة أو اختلاف في القراءة في كتاب الله الذي بأيدينا ـ معاذ الله ـ وكتمها الاستاذ احسان ظهير ونشر ما أوردها الشيخ النوري بعنوان أحاديث مدرسة أهل البيت ولا بدّ لنا في دراستها أن نرجع الى أئمة أهل البيت ونأخذ منهم ما عينوا من مقاييس لمعرفة الحديث كما سنبينه في ما يأتي ونبيّن ان علماء مدرسة أهل البيت إنما عنوا من الدراسات الروايات التي يستنبطون منها الأحكام أو العقائد دون غيرها.

٢٩
٣٠

بحوث تمهيدية

(٣)

نهج الأصوليين والاخباريين في شأن الحديث

أ ـ تعريف الاخباريين والاصوليين بمدرسة أهل البيت.

ب ـ متابعة العلماء الاصوليين بمدرسة أهل البيت أئمتهم في معاملتهم مع الغلاة أولا وفي تمحيص سنّة الرسول (ص) ثانيا.

٣١

انقسم علماء مدرسة أهل البيت من بعد أئمتهم على أصوليين وأخباريين واتبع الاصوليّون منهم أئمة أهل البيت في معاملتهم الغلاة وفي تمحيص سنّة الرسول (ص) فمن هم الاخباريون؟ ومن هم الاصوليون؟ وكيف عاملوا الغلاة؟

أولا ـ الاخباريّون والاصوليّون بمدرسة أهل البيت (ع)

انّ جماهير علماء مدرسة أهل البيت بعد عصر الأئمة (ع) ومنذ القرن الرابع الهجري حتى اليوم ، يزنون الاحاديث بموازين علم معرفة رجال الحديث وعلم الدراية ، وفي استنباط الاحكام الشرعية ، يزنونها بموازين علم اصول الفقه. واستقلّ عنهم افراد في كلّ عصر خالفوهم في ذلك ، وضعفوا عن طرح الحديث الضعيف ، وأدى ذلك بهم الى التناقض في القول ممّا سندرسه في ما يأتي ـ ان شاء الله ـ وقد تعاظم شأنهم وغالوا في رأيهم وافرطوا في القول منذ عصر عميدهم «محمد امين الاسترابادي» (ت : ١٠٣٣ ـ أو ـ ١٠٣٦ ه‍). ولعل سبب ذلك ما كان من أمر استعارة العلّامة الحلّي بعض مصطلحات الاصول مثل : الاجتهاد والمجتهد ، من مدرسة الخلفاء بدل الفقه والفقيه ، المصطلحين الاسلاميين (١) وما أضيف ـ أيضا ـ في علم الاصول الى أدلّة الاحكام : العقل والاجماع الى الكتاب والسنّة ، وأصبحت بذلك أدلّة الاحكام أربعة.

__________________

(١) وثمّة مصطلحات اخر ...

٣٢

واعتبر الاخباريون اتخاذ العقل والاجماع دليلين للاحكام ، عملا برأي الواحد ورأي الكثيرين في الاحكام ، في مقابل العمل بالكتاب والسنّة ، وتراءى لهم ـ أيضا ـ انّ تقليد المجتهد انّما هو عمل برأي المجتهد في شريعة الله.

في حين انّ الاجتهاد والمجتهد لدى علماء الأصول بمدرسة أهل البيت ، تسميتان عرفيتان للفقه والفقيه ، المصطلحين الاسلاميين ، واشتراك في الاسم مع مصطلح مدرسة الخلفاء ، وليس في المدلول.

وانّ المراد بالعمل بحكم العقل ، ليس مساوقا للعمل بالقياس والاستحسان وأمثالهما في مدرسة الخلفاء ولا مجال لذكر تفصيل الفارق بينهما وتمحيص الاستدلال بالعقل هنا.

وأمّا العمل بالاجماع فإنّ العمل به عمل بالسنّة في الحكم الذي دلّ عليه الإجماع ، لانّه كاشف عن قول المعصوم في الحكم ، أي : انّه كاشف عن وجود السنّة في الحكم.

وانّ التقليد عبارة عن رجوع الجاهل الى العالم ، أي الى رواة السنّة من الذين لهم دراية في فهم السنّة والقرآن.

بناء على ما ذكرنا ، انّ الاشتراك الاسمي في هذه المصطلحات بين المدرستين ، مع اختلاف مدلولاتها ، أدّى بالاخباريين الى المغالاة في الرجوع الى الاخبار ، أي الاحاديث مهما كانت درجتها من الصحة والضعف ، وضعفوا عن طرح الاحاديث الضعيفة ، وأحيانا أوّلوا نصوص القرآن بمفاد الروايات الضعيفة.

وتعاظم أمر الاخباريين ، وانتشرت كلمتهم على يد عميدهم «محمد أمين الاسترآبادي» (ت : ١٠٣٣ ـ أو ـ ١٠٣٦ ه‍) حتى قيام عميد مدرسة الاصول في عصره الاستاذ البهبهاني محمد اكمل (ت : ١٢٠٦ ه‍) وتلامذته ، فانّهم استطاعوا أن يكسروا شوكة الاخباريين ، غير انّه بقي منهم أفراد معدودون في كل عصر ،

٣٣

وشذّ منهم الشيخ احمد الاحسائي (ت : ١٢٤١ ه‍) مؤسس الكشفيّة أو الشيخيّة ، وغلا بعض أتباعه في حق الائمة من أهل البيت (ع). والصفة المميّزة للاخباريين انكارهم علم اصول الفقه وتمسّكهم بالأخبار الضعيفة. وفي الاخبار الضعيفة ما وضعته الغلاة الذين طردهم الائمة وأتباعهم من أهل قم.

وبناء على ما ذكرنا ، لا ينبغي الاحتجاج بآراء هؤلاء الاخباريين على جماهير من أتباع مدرسة أهل البيت والمشهورين باسم الاصوليين مع استنكارهم أقوال الاخباريين وبعض معتقداتهم ، مثل ما اعتقدوا في حقّ الائمة من الغلو ، وفي القرآن من النقص.

ثانيا ـ مقابلة علماء مدرسة أهل البيت (ع) مع الغلاة والراوين عنهم

اشتهر القميون من أتباع مدرسة أهل البيت (ع) بفضح الغلاة ومن يروي عنهم واخراجهم من مدينتهم قم ، كما فعلوه مع الراويين الآتي ذكرهما :

أ ـ أبو سعيد الرازي سهل بن زياد الآدمي :

قال مشايخ علماء الرجال فيه : «ضعيف في الحديث ، غير معتمد عليه فيه ، وكان أحمد بن محمد بن عيسى يشهد عليه بالغلوّ والكذب : أخرجه من قم الى الري وكان يسكنها. كان الفضل بن شاذان لا يرتضيه ويقول : «هو أحمق».

وأخبروا عنه انّه كتب الى الامام أبي محمد العسكري (ع) للنصف من شهر ربيع الأول سنة ٢٥٥ على يد محمد بن عبد الحميد العطّار (١).

ب ـ احمد بن محمد بن خالد البرقي (ت : ٢٧٤ أو ٢٨٠ ه‍ ـ وهو الأظهر):

__________________

(١) معجم رجال الحديث للسيد الخوئي ، ط. الخامسة سنة ١٤١٣ ه‍ ، ٩ / ٣٥٤ ؛ وراجع ترجمته في جامع الرواة لمحمد بن علي الاردبيلي (ت : ١١٠١ ه‍) ط. ايران سنة ١٣٣٤ ه‍ ، ١ / ٣٩٣.

٣٤

قالوا بترجمته ما موجزه : هرب جدّه من والي الامويين على الكوفة الى برقة قم وسكنوها ونسبوا اليها.

كان احمد ثقة في نفسه ، غير انّه أكثر الرواية عن الضعفاء واعتمد المراسيل. طعن عليه القميون ، وليس الطعن فيه ، انما الطعن فيمن يروي عنه. وأبعده عن قم أحمد بن محمد بن عيسى ، ثم أعاده اليها واعتذر اليه (١).

المثال الاوّل لمن كان كذابا غاليا ، والمثال الثاني لمن يروي عن الضعفاء.

عمل أتباع مدرسة أهل البيت في تمحيص سنّة الرسول (ص)

لمّا قام الكليني (ت : ٣٢٩ ه‍) بتأليف أشهر موسوعة حديثية بمدرسة أهل البيت ، نقل تلك الاحاديث في أبواب موسوعته ، وفعل غيره مثله. وأدى ذلك بجماعة من العلماء مثل النجاشي (ت : ٤٥٠ ه‍) والشيخ الطوسي (ت : ٤٦٠ ه‍) وابن الغضائري الذي كان معاصرا لهما ، بتصنيف كتب أسسوا فيها علم معرفة الرجال والمؤلفات.

واستمرّ عمل العلماء في هذا المجال الى عصر العلامة الحلّي (ت : ٧٢٦ ه‍) الذي أسس هو واستاذه ابن طاوس (ت : ٦٦٤) بمدرسة أهل البيت علم دراية الحديث. ثم استمر العلماء بدراسة سنّة الرسول (ص) المروية عن طرق أئمة أهل البيت (ع) في ضوء العلمين المذكورين.

ومن أمثلة تلك الدراسات التي أجراها العلماء على أحاديث الكافي ما يأتي بيانه :

دراسات العلماء لأحاديث الكافي

__________________

(١) جامع الرواة للأردبيلي ١ / ٦٣.

٣٥

شرح الكافي علماء كثيرون ، وهم يبدءون في شرح كل حديث بدراسة سنده ، ثم يشرحون متنه. وفي ما يأتي مثال واحد لدراسة السند عندهم :

«دراسة سند الحديث الثاني من كتاب العقل من أصول الكافى»

«علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن عمرو بن عثمان ، عن مفضّل بن صالح ، عن سعد بن طريف ، عن الاصبغ بن نباتة ، عن علي (ع) ...» الحديث.

قال في شرحه صدر الدين الشيرازي (ت : ١٠٥٠ ه‍) ما موجزه :

[علي بن محمد] ثقة ، عين ، [عن سهل بن زياد] ضعيف في الحديث ، غير معتمد عليه ، [عن عمرو بن عثمان] نقيّ الحديث ، صحيح الحكايات ، [عن مفضّل بن صالح] ضعيف ، كذّاب ، يضع الحديث [عن سعد بن طريف] من أصحاب الباقر ، صحيح الحديث [عن الاصبغ] مشكور ، من خاصّة أمير المؤمنين (١).

وقال محمد صالح المازندراني (ت : ١٠٨٦ ه‍) في شرحه ما موجزه :

[علي بن محمد] ثقة ، ثقة ، عين [عن سهل بن زياد] ضعيف في الحديث [عن عمرو بن عثمان] كوفي ، ثقة ، نقيّ الحديث [عن مفضّل بن صالح] ضعيف كذّاب [عن سعد بن طريف] يعرف وينكر ، قيل : صحيح الحديث. قال ابن الغضائري : انّه ضعيف. [عن الاصبغ بن نباتة] من خاصّة أمير المؤمنين. قال العلامة : انّه مشكور (٢). واكتفى المجلسي (ت : ١١١٠ ه‍) في شرحه بكتاب مرآة العقول بقوله : «ضعيف» (٣). وأطال المظفر دراسة السند في شرحه «الشافي» ، ولا

__________________

(١) شرح اصول الكافي لصدر الدين الشيرازي المسمّى بملا صدرا (ت : ١٠٥٠ ه‍) ط. طهران سنة ١٣٩١ ه‍ ، ص ١٨.

(٢) شرح الكافي للمازندراني.

(٣) شرح المجلسي المسمّى بمرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول (ص) ، ط. طهران سنة ١٣٩٤ ، ١ / ٣٤.

٣٦

مجال لا يراد دراسته له (١).

هكذا يدرس كل واحد منهم اسناد أحاديث الكافي بتفصيل ، عدا المجلسي الذي يوجز دراسة السند غالبا. ونتيجة لهذه الدراسات ، أحصى جمع من العلماء عدد أنواع الحديث في الكافي من ضعيف وقوي وصحيح مثل :

أ ـ الشيخ يوسف البحراني (ت : ١١٨٦ ه‍) في لؤلؤة البحرين.

ب ـ الخونساري (ت : ١٣١٣ ه‍) في روضات الجنات.

ج ـ النوري (ت : ١٣٢٠ ه‍) في مستدرك الوسائل.

د ـ الشيخ آغا بزرگ (ت : ١٣٩٠ ه‍) في الذريعة.

وكان نتيجة الاحصاء كما جاء في خاتمة المستدرك في الفائدة الرابعة نقلا عن كتاب اللؤلؤة كالآتي (٢) :

٥٠٧٢ حديث صحيح.

٠١٤٤ حديث حسن.

١١١٨ حديث موثق.

٠٣٠٢ حديث قوي.

٩٤٨٥ حديث ضعيف.

١٦١٢١ المجموع

انّ العلماء وان كانوا قد اختلفوا في تعيين العدد المذكور لكل نوع من الحديث في الكافي ، غير انهم أحصوا الحديث الضعيف في الكافي وعدّوها أكثر من

__________________

(١) راجع الشافي ط. النجف ١٣٧٦ ه‍ ، ١ / ١٨.

(٢) وفي الذريعة (١٧ / ٢٤٥) مثله الّا انه عدد الموثق فيها (١٧٨) وهو تصحيف قطعا ولا ينطبق مع ما أورده بأن أحاديثه حصرت في ستة عشر ألف حديث.

٣٧

«تسعة آلاف» حديث ضعيف من مجموع ستة عشر الف حديث.

وقال استاذ الفقهاء الخوئي (ره) في باب (المدخل ـ روايات الكتب الاربعة) ما موجزه :

وهذا محمد بن يعقوب بعد ما ذكر أنه طلب منه تأليف كتاب كاف يجمع فيه من جميع فنون علم الدين ما يكتفي به المتعلم ويرجع اليه المسترشد ، ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهما‌السلام ، قال بعد كلام له :

«فاعلم يا أخي ـ أرشدك الله ـ أنه لا يسع أحدا تمييز شيء مما اختلف الرواية فيه عن العلماء ـ عليهم‌السلام ـ برأيه إلّا على ما أطلقه العالم بقوله عليه‌السلام : اعرضوها على كتاب الله فما وافق كتاب الله عزوجل فخذوه وما خالف كتاب الله فردوه.

وقوله عليه‌السلام : خذوا بالمجمع عليه ، فان المجمع عليه لا ريب فيه» (١).

ثم ان في الكافي ـ ولا سيما في الروضة ـ روايات لا يسعنا التصديق بصدورها عن المعصوم عليه‌السلام ، ولا بد من رد علمها إليهم عليهم‌السلام والتعرض لها يوجب الخروج عن وضع الكتاب ، لكننا نتعرض لواحدة منها ونحيل الباقي الى الباحثين.

فقد روى محمد بن يعقوب باسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) فرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الذكر وأهل بيته المسئولون وهم أهل الذكر» (٢).

أقول : لو كان المراد بالذكر في الآية المباركة رسول الله (ص) فمن هو

__________________

(١) معجم رجال الحديث ١ / ٢٥ ، المقدمة. والكافي ١ / ٨.

(٢) الكافي ، الجزء ١ ، الكتاب ٤ ، باب ان أهل الذكر هم الأئمة (ع) الحديث ٤ ص ٢١١.

٣٨

المخاطب ، ومن المراد من الضمير في قوله تعالى : (لَكَ وَلِقَوْمِكَ) وكيف يمكن الالتزام بصدور مثل هذا الكلام من المعصوم (ع) فضلا عن دعوى القطع بصدوره.

وقال (ره) في ص ٨٣ من المقدمة : ويشهد على ما ذكرناه : أن محمد بن يعقوب روى كثيرا في الكافي عن غير المعصومين أيضا ولا بأس أن نذكر بعضها :

١ ـ ما رواه بسنده عن أبي أيوب النحوي ، قال : «بعث إليّ أبو جعفر المنصور في جوف الليل ...» (١) ورواه أيضا عن علي بن إبراهيم عن أبيه ، عن النضر بن سويد (٢).

٢ ـ ما رواه بسنده عن ادريس بن عبد الله الأودي ، قال : «لما قتل الحسين عليه‌السلام ، أراد القوم أن يوطئوه الخيل» (٣).

٣ ـ ما رواه بسنده عن اليمان بن عبيد الله ، قال : «رأيت يحيى بن أم الطويل وقف بالكناسة ...» (٤).

٤ ـ ما رواه بسنده عن إبراهيم بن أبي البلاد ، قال : «أخذني العباس بن موسى ...» (٥).

فانها ليست باحاديث يرويها. ولو سلم أن محمد بن يعقوب شهد بصحة جميع روايات الكافي فهذه الشهادة غير مسموعة ، فانه إن أراد بذلك أن روايات كتابه في نفسها واجدة لشرائط الحجية ـ فهو مقطوع البطلان ، لأن فيها

__________________

(١) الكافي الجزء ١ ، الكتاب ٤ ، باب الاشارة والنص على أبي الحسن موسى عليه‌السلام ٧٠ ، الحديث ١٣.

(٢) الكافي ، الجزء ١ ، الكتاب ٤ ، باب الاشارة والنص على أبي الحسن موسى عليه‌السلام ٧٠ ، الحديث ١٤.

(٣) الكافي ، الجزء ١ ، الكتاب ٢ ، باب مولد الحسين بن علي عليهما‌السلام ١١٥ ، الحديث ٨.

(٤) الكافي : الجزء ٢ ، الكتاب ١ ، باب مجالسة أهل المعاصي ١٦٣ ، الحديث ١٦.

(٥) الكافي ، الجزء ٦ ، الكتاب ٦ ، باب الاشنان والسعد ١٣٤ ، الحديث ٥.

٣٩

مرسلات وفيها روايات في اسنادها مجاهيل ، ومن اشتهر بالوضع والكذب ، كأبي البختري وأمثاله.

وقال (ره) في ص ٨٥ منه : (ومما يؤكد ما ذكرناه من ان جميع روايات الكافي ليست بصحيحة : أن الشيخ الصدوق ـ قدس‌سره ـ لم يكن يعتقد صحة جميع ما في الكافي.

وكذلك شيخه محمد بن الحسن بن الوليد على ما تقدم من ان الصدوق يتبع شيخه في التصحيح والتضعيف.

والمتحصل أنه لم تثبت صحة جميع روايات الكافي ، بل لا شك في ان بعضها ضعيفة ، بل ان بعضها يطمأن بعدم صدورها عن المعصوم عليه‌السلام. والله أعلم ببواطن الامور).

وقال في ص ٩١ : (وقد تحصل من جميع ما ذكرناه انه لم تثبت صحة جميع روايات الكتب الاربعة ، فلا بدّ من النظر في سند كل رواية منها ، فان توفرت فيها شروط الحجّية أخذ بها ، وإلّا فلا).

النظر في صحة روايات من لا يحضره الفقيه

وقد استدل الصدوق على ان روايات كتاب من لا يحضره الفقيه كلها صحيحة ـ بما ذكره في أول كتابه ـ حيث قال :

«ولم أقصد فيه قصد المصنفين في ايراد جميع ما رووه ، بل قصدت الى ايراد ما افتي به وأحكم بصحته ، واعتقد فيه انه حجة فيما بيني وبين ربي تقدّس ذكره ، وتعالت قدرته ، وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول وإليها المرجع ... وغيرها من الاصول والمصنفات التي طرقي إليها معروفة في فهرس الكتب التي رويتها عن مشايخي وأسلافي رضي الله عنهم».

والجواب :

٤٠