القرآن الكريم وروايات المدرستين - ج ٣

السيد مرتضى العسكري

القرآن الكريم وروايات المدرستين - ج ٣

المؤلف:

السيد مرتضى العسكري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: المجمع العلمي الإسلامي
المطبعة: شفق
الطبعة: ٢
ISBN: 964-5841-63-1
ISBN الدورة:
964-5841-09-7

الصفحات: ٨٥٦

يكون على عرشه علوا كبيرا.

فقال عليه‌السلام : وأمّا قوله : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) وقوله : (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) وقوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ) وقوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ) فإنّ ذلك حقّ كما قال الله عزوجل ، وليس له جيئة كجيئة الخلق ، وقد أعلمتك أنّ ربّ شيء من كتاب الله تأويله على غير تنزيله ولا يشبه كلام البشر ، وسأنبّئك بطرف منه فتكتفي إن شاء الله ، من ذلك قول إبراهيم (ع) : (إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ) فذهابه إلى ربّه توجّهه إليه عبادة واجتهادا وقربة إلى الله جلّ وعزّ ، ألا ترى أنّ تأويله غير تنزيله ، وقال : (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ) يعني السلاح وغير ذلك ، وقوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ) يخبر محمدا (ص) عن المشركين والمنافقين الذين لم يستجيبوا لله وللرّسول فقال : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ) حيث لم يستجيبوا لله ولرسوله (أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ) يعني بذلك العذاب يأتيهم في دار الدّنيا كما عذّب القرون الأولى ، فهذا خبر يخبر به النبيّ (ص) عنهم ، ثم قال : (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) يعني من قبل أن يجيء هذه الآية ، وهذه الآية طلوع الشمس من مغربها ، وإنّما يكتفي اولوا الألباب والحجى واولو النهى أن يعلموا أنّه إذا انكشف الغطاء رأوا ما يوعدون ، وقال في آية اخرى : (فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) يعني أرسل عليهم عذابا ، وكذلك إتيانه بنيانهم قال الله عزوجل : (فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ) فإتيانه بنيانهم من القواعد إرسال العذاب عليهم ، وكذلك ما وصف من أمر الآخرة تبارك اسمه وتعالى علوا كبيرا أنّه يجري اموره في ذلك اليوم الذي كان مقداره خمسين ألف سنة كما يجري أموره في الدّنيا لا يغيب ولا يأفل مع الآفلين ، فاكتف بما وصفت لك من ذلك مما جال في

١٦١

صدرك مما وصف الله عزوجل في كتابه ، ولا تجعل كلامه ككلام البشر ، وهو أعظم وأجلّ وأكرم وأعزّ تبارك وتعالى من أن يصفه الواصفون إلّا بما وصف به نفسه في قوله عزوجل : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) قال : فرجت عني يا أمير المؤمنين فرّج الله عنك ، وحللت عنّي عقدة.

فقال عليه‌السلام : وأمّا قوله : (بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ) وذكر الله المؤمنين (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) وقوله لغيرهم : (إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللهَ ما وَعَدُوهُ) وقوله : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً) فأمّا قوله : (بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ) يعني البعث فسمّاه الله عزوجل لقاءه ، وكذلك ذكر المؤمنين (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) يعني يوقنون أنّهم يبعثون ويحشرون ويحاسبون ويجزون بالثواب والعقاب ، فالظنّ هاهنا اليقين خاصّة ، وكذلك قوله : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً) وقوله : (مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ) يعني : من كان يؤمن بأنّه مبعوث فإنّ وعد الله لآت من الثواب والعقاب ، فاللقاء هاهنا ليس بالرؤية ، واللقاء هو البعث. فافهم جميع ما فى كتاب الله من لقائه فإنّه يعني بذلك البعث ، وكذلك قوله : (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ) يعني أنّه لا يزول الإيمان عن قلوبهم يوم يبعثون ، قال : فرّجت عنّي يا أمير المؤمنين فرّج الله عنك ، فقد حللت عنّي عقدة.

فقال عليه‌السلام : وأمّا قوله : (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها) يعني أيقنوا أنّهم داخلوها ، وكذلك قوله : (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ) يقول : إنّي أيقنت أنّي ابعث فاحاسب ، وكذلك قوله : (يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) وأمّا قوله للمنافقين : (وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) فهذا الظنّ ظن شك وليس ظنّ يقين ، والظنّ ظنّان : ظنّ شك وظنّ يقين ، فما كان من أمر معاد من الظنّ فهو ظنّ يقين ، وما كان من أمر الدّنيا فهو ظنّ شك فافهم ما فسرت لك ، قال : فرّجت عنّي يا أمير المؤمنين فرّج الله عنك.

١٦٢

فقال عليه‌السلام : وأمّا قوله تبارك وتعالى : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً) فهو ميزان العدل يؤخذ به الخلائق يوم القيامة ، يدين الله تبارك وتعالى الخلق بعضهم من بعض بالموازين.

وفي غير هذا الحديث الموازين هم الأنبياء والأوصياء عليهم‌السلام.

وأمّا قوله عزوجل : (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) فإنّ ذلك خاصّة. وأمّا قوله : (فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ) فإنّ رسول الله (ص) قال : قال الله عزوجل : لقد حقّت كرامتي ـ أو قال : مودّتي ـ لمن يراقبني ويتحابّ بجلالي إنّ وجوههم يوم القيامة من نور على منابر من نور عليهم ثياب خضر ، قيل : من هم يا رسول الله؟ قال : قوم ليسوا بأنبياء ولا شهداء ، ولكنّهم تحابوا بجلال الله ويدخلون الجنّة بغير حساب ، نسأل الله عزوجل أن يجعلنا منهم برحمته. وأما قوله : فمن ثقلت موازينه وخفّت موازينه فإنّما يعني الحساب ، توزن الحسنات والسيئات ، والحسنات ثقل الميزان والسيئات خفّة الميزان.

فقال عليه‌السلام : وأمّا قوله : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) وقوله : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) وقوله : (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ) وقوله : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) وقوله : (تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) فإن الله تبارك وتعالى يدبّر الأمور كيف يشاء ، ويوكّل من خلقه من يشاء بما يشاء أمّا ملك الموت فإنّ الله يوكّله بخاصّة من يشاء من خلقه ويوكّل رسله من الملائكة خاصّة بمن يشاء من خلقه ، والملائكة الذين سمّاهم الله عزّ ذكره وكّلهم بخاصّة ما يشاء من خلقه ، إنّه تبارك وتعالى يدبّر الأمور كيف يشاء ، وليس كلّ العلم يستطيع صاحب العلم أن يفسّره لكلّ الناس لأنّ منهم القويّ والضعيف ، ولأنّ منه ما يطاق حمله ومنه ما لا يطاق حمله إلّا من يسهل الله له حمله وأعانه عليه من خاصّة أوليائه ، وإنّما يكفيك أن تعلم أنّ الله هو المحيي المميت وأنّه يتوفّى الأنفس على يدي من يشاء

١٦٣

من خلقه من ملائكته وغيرهم ، قال : فرّجت عنّي فرّج الله عنك يا أمير المؤمنين ونفع الله المسلمين بك.

فقال عليّ عليه‌السلام : للرّجل : إن كنت قد شرح الله صدرك بما قد تبيّنت لك فأنت والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة من المؤمنين حقّا ، فقال الرّجل : يا أمير المؤمنين كيف لي أن أعلم بأنّي من المؤمنين حقّا؟

قال عليه‌السلام : لا يعلم ذلك إلّا من أعلمه الله على لسان نبيّه (ص) وشهد له رسول الله (ص) بالجنّة أو شرح الله صدره ليعلم ما في الكتب التي أنزلها الله عزوجل على رسله وأنبيائه ، قال : يا أمير المؤمنين ومن يطيق ذلك؟ قال : من شرح الله صدره ووفّقه له ، فعليك بالعمل لله في سرّ أمرك وعلانيتك فلا شيء يعدل العمل (١).

انتهت رواية الشيخ الصدوق.

دراسة مقارنة لاخبار الطبرسي مع رواية الشيخ الصدوق

لم يكن السائل لأمير المؤمنين زنديقا كما وصمه الطبرسي صاحب الاحتجاج بل كان مؤمنا يشك في وجود تناقض في بعض آيات كتاب الله العزيز مع بعض الآخر فلمّا أبان له الامام عن عدم وجود تناقض بينها قال السائل : فرّجت عني فرّج الله عنك يا أمير المؤمنين ونفع الله المسلمين بك. ولمّا كان الصدوق (ره) أورد الحديث في (باب الرّد على الثنوية والزنادقة) حسبه صاحب الاحتجاج زنديقا.

وما نقله الشيخ النوري في ذيل الحديث (يح) ـ ١٨ عن الشيخ أسد الله الكاظمي قوله :

__________________

(١) التوحيد للصدوق ، ص ٢٥٥ ـ ٢٦٩ الحديث ٥. ط. مكتبة الصدوق طهران.

١٦٤

(وبالجملة فأمر الشيخ الصدوق مضطرب جدا ولا يحصل من فتواه غالبا علم ولا ظن لا (١) ممّا يحصل من فتاوى اساطين المتأخرين وكذلك الحال في تصحيحه وترجيحه وقد ذكر صاحب (البحار) حديثا عنه في (كتاب التوحيد) عن الدقاق عن الكليني باسناده عن أبي بصير عن الصادق (ع) ، ثم قال : الخبر مأخوذ من (الكافي) وفيه تغييرات عجيبة تورث سوء الظن بالصدوق ، وانه انما فعل ذلك لتوافق مذهب أهل العدل. انتهى.

وربما طعن عليه بعض القدماء بمثل ذلك في حديث رواه في العمل في الصوم بالعدد. وهذا عجيب من مثله).

أما ما نقله عن البحار ، فقد رجعنا الى الجزء الخامس منه ص ١٥٦ ط. طهران ، فوجدنا ما يأتي :

٨ ـ يد : الدّقاق ، عن الكليني ، عن علي بن محمد ، رفعه ، عن شعيب العقرقوفي عن أبي بصير قال : كنت بين يدي أبي عبد الله (ع) جالسا وقد سأله سائل فقال : جعلت فداك يا بن رسول الله من أين لحق الشقاء أهل المعصية حتّى حكم لهم في علمه بالعذاب على عملهم؟ فقال أبو عبد الله (ع) : أيّها السائل علم الله عزوجل أن لا يقوم أحد من خلقه بحقّه فلمّا علم بذلك وهب لأهل محبّته القوّة على معصيتهم لسبق علمه فيهم ، ولم يمنعهم إطاقة القبول منه لأنّ علمه أولى بحقيقة التصديق فوافقوا ما سبق لهم في علمه ، وإن قدروا أن يأتوا خلالا ينجيهم عن معصيته وهو معنى شاء ما شاء وهو سر «ص ٣٦٥ ـ ٣٦٦».

بيان : هذا الخبر مأخوذ من الكافي ، وفيه تغييرات عجيبة تورث سوء الظنّ بالصدوق وإنّه إنما فعل ذلك ليوافق مذهب أهل العدل ، وفي الكافي هكذا : أيها السائل حكم الله عزوجل لا يقوم أحد من خلقه بحقّه فلمّا حكم بذلك وهب

__________________

(١) وفي الأصل : لا تصحيف.

١٦٥

لأهل محبته القوّة على معرفته ، ووضع عنهم ثقل العمل بحقيقة ما هم أهله ، ووهب لأهل المعصية القوّة على معصيتهم لسبق علمه فيهم ، ومنعهم إطاقة القبول منه فوافقوا ما سبق لهم في علمه ، ولم يقدروا أن يأتوا حالا تنجيهم من عذابه لأنّ علمه أولى بحقيقة التصديق وهو معنى شاء ما شاء وهو سرّه.

(يد) رمز لكتاب توحيد الصدوق ونقل العلامة المجلسي الحديث منه والحديث في كتاب التوحيد ط. طهران ١٣٨٧ ه‍ ص ٣٥٤ ـ ٣٥٥ :

وهب لاهل محبته القوة على معرفته ، ووضع عنهم ثقل العمل بحقيقة ما هم أهله ، ووهب لأهل المعصية القوّة على معصيتهم. فالظاهر انها كانت ساقطة عن نسخته من كتاب من لا يحضره الفقيه وما ذكره عن فتوى الصدوق بالعدد فهو ما جاء في باب النوادر من ج ٢ / ١٦٩ ـ ١٧١ ط. طهران الاولى الروايات ٢٠٤٠ ـ ٢٠٤٤ من ان أيام شهر رمضان ثلاثون يوما أبد الدهر وفتواه بذلك ، والجواب عن ذلك ان مشايخ الحديث ، الكليني والصدوق والطوسي رضوان الله تعالى عليهم كفاهم فخرا وذخرا ليوم القيامة انهم جمعوا الاحاديث ودونوها في موسوعاتهم الحديثية وتركوها من بعدهم لآلاف الفقهاء الذين جاءوا من بعدهم ليدرسوها سندا ومتنا ودلالة ويتحفونا بتحقيقاتهم في مؤلفاتهم الفقهية ولا ينبغي أن يطالب الشيخ الصدوق الذي ترك لنا أكثر من مائتي مؤلف في الحديث أن يتوصل إلى ما توصل إليه الفقهاء من بعده على مرّ القرون.

ثم ان اختلاف لفظي روايتي الصدوق والكليني لا يدلّ على ما تجرأ به الشيخ أسد الله فقد مرّ بنا فى بحث (صنفان من الأخطاء) كيف وقع الخطأ في لفظ الكافي وكان الفاظ من روى عنه.

أمّا الشيخ النوري فلحاجته إلى أدلة على مدّعاه بتحريف القرآن ووجود النقصان فيه ، رفع من شأن الطبرسي واستشهد بمنقولاته التي لا أصل لها وضعف شيخ الحديث الاقدم الملقب بالصدوق ، ورماه بما اتّهمه به الشيخ أسد الله

١٦٦

الكاظمي ودافع عن السيّاري الغالي المتهم بالقول بالتناسخ.

ب ـ ومن الاخبار التي لم يعرف لها أصل : الروايات الآتية :

(نح) ٥٨ ـ فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره عن أحمد بن موسى عن الحسين بن ثابت عن أبيه عن شعبة بن الحجاج عن الحكم عن ابن عباس قال : أخذ النبي (ص) يد علي (ع) فقال : ان القرآن أربعة أرباع ، ربع فينا أهل البيت خاصة ، وربع في أعدائنا ، وربع حلال وحرام ، وربع فرائض وأحكام ، ورواه ابن المعالي من الجمهور في مناقبه كما نقل عنه في البرهان.

(نط) ٥٩ ـ وعن محمد بن سعيد بن رحيم الهمداني ومحمد بن عيسى بن زكريا عن عبد الرحمن بن سراج عن حماد بن أعين عن الحسن بن عبد الرحمن عن الاصبغ نباتة عن علي عليه‌السلام قال : القرآن أربعة أرباع ، ربع فينا ، وربع في عدونا ، وربع فراض وأحكام ، وربع حلال وحرام ، ولنا كرائم القرآن.

(س) ٦٠ ـ وعن أحمد بن الحسن بن اسماعيل بن صبيح والحسن بن علي الحسين السلولي عن محمد بن الحسين بن المطهر عن صالح بن الأسود عن حميد بن عبد الله النخعي عن زكريا بن ميسرة عن الأصبغ بن نباتة قال : قال علي (ع) : نزل القرآن أرباعا وذكر قريبا منه.

وقد حسبنا روايات فرات بن إبراهيم ضمن روايات لا أصل لها ، لأن من سمّي بفرات بن إبراهيم لم يعرف من هو ، وقد ورد في تفسيره روايات الواقفية والزيدية واتباع مدرسة الخلفاء.

دراسة الاسناد

في سند رواية (نح) ٥٨ ـ

١ ـ شعبة بن الحجاج من رواة أحاديث مدرسة الخلفاء ترجمته في تقريب التهذيب ١ / ٣٥١.

١٦٧

٢ ـ حسين بن ثابت لم يرد ذكره في كتب تراجم الرواة.

٣ ـ ومن هو الحكم الذي روى عن ابن عباس؟

وفي سند رواية (نط) ٥٩ ـ ١ ـ أحمد بن سعيد بن رحيم.

٢ ـ محمد بن علي بن زكريا.

٣ ـ عبد الرحمن بن سراج.

٤ ـ حماد بن اعين. لم نجد ذكرهم في كتب تراجم الرواة.

وحسن بن عبد الرحمن مجهول حاله.

وفي سند رواية (س ٦٠) :

١ ـ احمد بن الحسن بن اسماعيل بن صبيح.

٢ ـ الحسن بن علي بن الحسين السلولي.

٣ ـ محمد بن الحسين بن المطهر.

٤ ـ صالح بن الاسود.

٥ ـ حميد بن عبد الله النخعي. لم نجد ذكرهم في كتب تراجم الرواة.

وزكريا بن ميسرة مجهول حاله.

دراسة المتون :

ان رواية (ند) ٥٤ ـ (ان القرآن نزل على أربعة أرباع ربع حلال و...) كيف يستدل بها على وقوع التحريف أو النقصان في القرآن ولم لا نحمل (فينا وفي عدوّنا) في روايات ٥٣ و ٥٥ و ٥٦ و ٥٧ و ٥٩ و ٦١ فينا وفي عدونا معاشر المسلمين وسوف ندرس باذنه تعالى المراد من أربعة أرباع فى بحث روايات التحريف والتبديل.

ولو فرضنا ان المقصود من فينا هم (أهل البيت) وهم من نزلت فيهم الآية

١٦٨

الكريمة (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ) بما فيهم رسول الله (ص) وقد قال سبحانه في سورة الزمر / ١١ و ١٢ : (أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ* وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ).

وفي سورة الانعام / ١٤ : (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ).

وفي سورة البقرة / ٢٨٥ : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ).

وكان أوّل المؤمنين من بعده من الرجال ابن عمه علي (ع) وعلى ذلك فكلمّا نزل في القرآن (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) أو مدح للمؤمنين وللمسلمين فاظهر مصاديقها هم ، وما جاء في القرآن من ذمّ وتقريع لاعداء المسلمين من المشركين واليهود والمنافقين فان أجلى مصاديقهم هم أعداء الرسول (ص) وابن عمه علي وسائر أهل بيت الرسول (ص).

على ان روايات انزل القرآن على أربعة أرباع أو ثلاثة أثلاث جاءت عند غير فرات وليس فيها و (ربع فينا أهل البيت خاصة) التي وردت في رواية فرات ٥٨ والروايات الاخرى هي في الكافي.

(نو) ٥٦ ـ العياشي في تفسيره عن أبي الجارود قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : نزل القرآن على أربعة أرباع ، ربع فينا ، وربع في عدونا ، وربع في فرائض وأحكام ، وربع سنن وأمثال ولنا كرائم القرآن.

(نز) ٥٧ ـ وعن محمد بن خالد الحجاج الكرخي عن بعض أصحابه رفعه إلى خيثمة قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : يا خيثمة نزل القرآن أثلاثا ، ثلث فينا وفي أحبائنا ، وثلث في أعدائنا وعدو من كان قبلنا وثلث سنّة ومثل.

١٦٩

تعريف بعض المصادر التي نقل منها الادلة :

مرّ بنا في بحث عقيدة الشيعة في الدور الأول ما موجزه ان :

١ ـ تفسير القمي :

يحتوي على بعض ما روي عن أبي الفضل العباس بن محمد وما أدرج فيه الراوي المجهول من تفسير أبي الجارود وأقوال مجهول قائلها.

٢ ـ تفسير العياشي :

حذف منه الناسخ أسناد الروايات لغرض الاختصار وكيف يستدل بروايات لا يعلم من رواها أهو من راو موثوق أم هو غال ضالّ كذّاب أو انها روايات منتقلة من مدرسة الخلفاء.

٣ ـ تفسير فرات الكوفي :

لم نجد لفرات ذكرا في كتب تراجم الرواة ولم يعرف من هو.

وحوى التفسير روايات الامامية والزيدية والواقفية وأتباع مدرسة الخلفاء.

٤ ـ الكتاب المسمى بأصل سليم بن قيس :

قال الشيخ المفيد فيه : (هذا الكتاب غير موثوق به ، ولا يجوز العمل على أكثره ، وقد حصل فيه تخليط وتدليس ، فينبغي للمتديّن أن يتجنب العمل بكل ما فيه ، ولا يعوّل على جملته والتقليد لروايته).

١٧٠

٥ ـ بعض الادعية المذكورة بلا سند :

ومن الاخبار التي لا سند لها ولا أصل ما أورده الاستاذ ظهير في كتابه بعد تقديمه المقدمة الآتية ، فقد قال في ص ٢٨ منه :

«فيلزم الباحث المنصف أن لا ينسب شيئا إلى القوم إلّا أن يكون ثابتا من أئمتهم. والظاهر انّه لا يثبت إلّا حينما يكون واردا في الكتب التي خصّصت لا يراد (١) مروياتهم وأحاديثهم.

وهذه الكتب أمّا أن تكون من كتب الحديث أو التفسير ، وخاصّة الكتب القديمة التي روت هذه الروايات بالسند ، أو وافق على صحّتها أئمة القوم المعصومين (٢).

ونحن نلزم أنفسنا في هذا الباب أن لا نورد شيئا إلّا ويكون صادرا من (٣) واحد من الائمة الاثني عشر ، ومن كتب الشيعة أنفسهم المعتمدة لديهم والموثوقة (٤) عندهم» (٥).

ونحن نصحح ما قاله ، ونقول : «لا يثبت صحّة الحديث لدى أتباع مدرسة أهل البيت (ع) إلّا ما اتّصل بسند صحيح مسلسل إلى رسول الله (ص) ، ثم الأئمة الاثني عشر من بعده ، ولا يكون مخالفا للنصّ القرآني ، ولا متعارضا مع حديث صحيح آخر.

كما شرحناه في محلّه من الجزء الثالث من معالم المدرستين».

وبناء على ذلك ، فلا عبرة بحديث لم يتصل سنده بهم ، أو اتصل بهم وكان

__________________

(١) خصصت بإيراد ، فهذا الفعل يتعدى إلى مفعوله الثاني بالباء لا باللام.

(٢) المعصومون ، لأنها صفة لمرفوع.

(٣) عن ، لأن صدر يتعدّى بهذا الحرف ب من.

(٤) الموثوق بها ، لأنّ الفعل وثق يتعدّى بالباء.

(٥) أعدنا ما نقلناه عنه في ص ٦٢ لمسيس الحاجة إليه.

١٧١

سنده مطعونا فيه ، أو مخالفا للقرآن ، أو متعارضا مع حديث صحيح آخر.

بعد هذا نرجع إلى كتاب الاستاذ ، لنرى هل وفي بما التزم به؟

قال في ص ١٥ :

«... ان سورة النورين التي ذكرها الخطيب نقلا عن كتاب شيعي (دبستان مذاهب) ، لم ينفرد بذكرها ملا محسن الكشميري ، بل وافقه علّامة الشيعة المجلسي أيضا ، حيث ذكرها في كتابه» (١).

ثم نقل السورة المختلقة في ص ١٨ منه وصوّرها من نسخة «فصل الخطاب» في ص ٢٠ منه وهذا نصّها :

__________________

(١) ونقلها الاستاذ ظهير كذلك في كتابه «الشيعة والسنّة» ص ١٢٠ منه.

١٧٢

(((نص سورة النورين المختلقة)))

١٧٣

وقال الاستاذ ظهير في ص ١٠٤ من كتابه : «ولقد نقل هذا المجلسي في كتابه عن تفسير گازر ، السورة التي أخرجها عثمان بن عفّان من القرآن ، وخاصّة من مصحف عبد الله بن مسعود ، حسب زعمه الباطل ...».

دراسة السند :

بناء على ما نقلناه اعتمد الاستاذ ظهير على «تذكرة الائمة» فيما نقل ، وعلى ما نقله النوري من كتاب «دبستان مذاهب».

فلمن هذان الكتابان؟ وما قيمتهما العلمية؟

أولا ـ كتاب «دبستان مذاهب» :

بما انّ مؤلف كتاب «دبستان مذاهب» لم يسجّل اسمه في تأليفه ، اختلف علماء الشرق والمستشرقون في تشخيص مؤلّفه ، فمنهم من نسبه إلى :

أ ـ مير ذو الفقار علي الحسيني الاردستاني ـ وعند البعض : آذر ساساني المتخلّص (١) ب «مؤبد» وعند الآخرين متخلّص ب «هوشيار».

ب ـ الشيخ محسن الكشميري من علماء السنّة المتعصبين (٢) وعند البعض : ملا محسن ، أو ملّا محمد محسن المتخلص ب «فاني» وعند الآخرين ب «مؤبد» أو

__________________

(١) دبستان مذاهب ٢ / ٤٤. من دأب الشعراء باللغة الفارسية أن يلقبوا أنفسهم في شعرهم بلقب خاص يذكرونه فى آخر بيت من قصائدهم ، ويقال لهذا اللقب «تخلّص» مثل تخلص «سعدي» و «حافظ» أو يقال ـ مثلا ـ متخلّص ب «فردوسي». وقد وردت بعض الاشعار في «دبستان» وتخلّص فيه ب «موبد». ولذلك لقبوا من نسبوا إليه الكتاب ب «مؤبد» و «مؤبد» في الأصل مرتبة دينية من مراتب علماء المجوس.

(٢) دبستان مذاهب ٢ / ٤٣.

١٧٤

«مؤبد شاه».

ج ـ ثبت لدى العلماء المحققين ، انّ مؤلّفه هو «كيخسرو بن اسفنديار» كبير علماء فرقة مجوس في الهند ، وكان المحقق الفاضل «رحيم رضا زاده ملك» جمع أقوال جميع المستشرقين وقسما من علماء الشرق المحققين ، وبرهن على انّ مؤلّفه هو كيخسرو ، ونشر الكتاب في سنة ١٣٦٢ ه‍ ش في مجلدين : أورد متن الكتاب في المجلد الأول منه ، وتحقيقاته في المجلّد الثاني (١).

قيمة الكتاب العلمية :

برهن العلماء المحققون انّ المؤلف كان داعية لمذهبه «الزرادشتية» وفي سبيل الدعوة إلى مذهبه وتفنيد الأديان الأخرى ، كتب هذا الكتاب وانّه لم يكن أمينا في النقل ، ولا يعتمد على نقله في ما نقل (٢).

سند النوري في ما نقل :

استند النوري في نقل هذه السورة السخيفة إلى قول هذا المجوسي مع تصريحه بعد ذلك بأنّه لم يجد هذه السورة في أيّ كتاب من كتب الشيعة (٣).

ثانيا ـ كتاب تذكرة الأئمة :

وردت السورة السخيفة في مصدر آخر سمّي بتذكرة الأئمة (٤) ، فمن هو

__________________

(١) نفس المصدر ٢ / ٧٦.

(٢) نفس المصدر ٢ / ١٢١ ـ ١٣٠ و ١٧٠ ـ ٣٤٠ ، خاصّة في صفحات ١٢٤ ـ ١٢٧.

(٣) فصل الخطاب ص ١٨٠.

(٤) تذكرة الائمة ، ط. طهران ، نشر مولانا ص ١٨ ـ ١٩. وذكرها الاستاذ في ص ١٠٤ ـ ١٠٥ من كتابه نقلا عن تذكرة الائمة ص ٩ و ١٠ ، انّه رواها عن تفسير گازر.

١٧٥

مؤلف الكتاب؟

سجل على غلاف الكتاب المطبوع بايران ، نشر مولانا : «تأليف عالم بزرگوار محمد باقر مجلسى (رض)».

والمجلسي العالم الشهير لم يعرف لنفسه كتابا بهذا الاسم ، وانّما الكتاب لشخص آخر اسمه «محمد باقر بن محمد تقي» ، كما صرّح العلماء بذلك ، مثل :

أ ـ تلميذ المجلسي «عبد الله أفندي» في كتابه : «رياض العلماء» في الفصل الخامس ، المعدّ لذكر الكتب المجهولة. قال :

«كتاب تذكرة الأئمة في ذكر الأخبار المروية في تفسير الآيات المنزلة في شأن أهل البيت (ع) من تأليفات بعض أهل عصرنا ممن كان له ميل الى التصوّف».

وقد كتب هذا الفصل ـ كما في الفيض القدسي ـ في حياة استاذه المجلسي (١).

ب ـ السيد اعجاز حسين (ت : ١٢٨٦ ه‍) قال في مادة «تذكرة الأئمة» من كتابه «كشف الحجب» : «لا يدرى من مصنّفه ، وقد ذكر في أوّله انّ مصنّفه «محمد باقر بن محمد تقي» وليس هو مولانا المجلسي (ره)» (٢).

ج ـ السيد الخونساري (ت : ١٣١٣ ه‍) في كتابه «روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات» ، قال بترجمة المجلسي في ردّ نسبة الكتاب إلى المجلسي : «قلت : وهو باطل من وجوه ، أخصرها وأمتنها عدم تعرّض ختنه الذي هو بمنزلة القميص على بدنه في كراسته التي وضعها لخصوص فهرس مصنفات المرحوم لذلك أصلا ، مع انّه كان بصدد ضبط ذلك جدّا ، بحيث لم يدع منه رسالة

__________________

(١) الفيض القدسي ، المطبوع في أول ج ١٠٥ من كتاب البحار ، ط. طهران ١٣٩١ ه‍ ، ص ٥٣ ـ ٥٤.

(٢) كشف الحجب والأستار عن الكتب والأسفار ، ط. كلكتة ، سنة ١٣٣٠ ه‍.

١٧٦

تكون عدد أبياته خمسين بيتا فما دونها» (١).

ويقصد بقوله [ختنه] صهر المجلسي الأمير محمد حسين الخاتون آبادي (ت : ١١١٦ ه‍).

وفي ترجمة «أحمد بن محمد الأردبيلي» ـ أيضا ـ ضرب مثلا في نفي نسبة «زبدة الشيعة» إلى الأردبيلي ، بنفي نسبة «تذكرة الائمة» الى المجلسي وقال ما موجزه :

«وقد نفى بعضهم نسبة «زبدة الشيعة» إلى الأردبيلي لفقد الدليل على نسبتها إليه ، ولكثرة نقله عن الضعفاء التي لا أثر لها في الكتب المعتبرة ... ونسبة الكتاب إليه بعيد ، مثل بعد نسبة «تذكرة الائمة» الفارسية المعروفة من مولانا المجلسي (ره) ولم يعرفوا حقّ قدر المجلسي في نسبتها إليه بمحض أن رأوا في خطبته ذكرا لمحمد باقر بن محمد تقى المجلسي» (٢).

د ـ المحدّث النوري (ت : ١٣٢٠ ه‍) في الفيض القدسي قال ما موجزه :

«أمّا تذكرة الأئمة ، فان الشاهد على كذب النسبة قطعا ، انّ تلميذه الفاضل الآميرزا عبد الله قال في الرياض ، في الباب الخامس ، المعدّ لذكر الكتب المجهولة ... الحديث» (٣).

ه ـ الشيخ عباس القمي (ت : ١٣٥٩ ه‍) بترجمة «محمد باقر بن محمد تقي» من الفوائد الرضوية ، أنكر نسبة الكتاب الى المجلسي وأكد ذلك (٤).

و ـ خرّيت الفن مؤلف «الذريعة» قال في مادّة «تذكرة الائمة» بعد تحقيق

__________________

(١) روضات الجنات ٢ / ٨٢.

(٢) روضات الجنات للخوانساري ١ / ٨٣.

(٣) البحار ١٠٥ / ٥٣ ـ ٥٤.

(٤) الفوائد الرضوية ، ط. طهران ١٣٢٧ ه‍ ش ، ص ٤١٣.

١٧٧

متقن : «للمولى محمد باقر بن محمد تقي اللاهيجي فنسبة الكتاب الى المجلسي توهم ، منشؤه الاشتراك الاسمي» (١).

قال المؤلف : كان ذلك ما حقّقه علماء الفنّ في عدم صحّة نسبة الكتاب الى المجلسي ، ونقول :

قد أكثر مؤلف «تذكرة الائمة» في أبواب الكتاب من نقل روايات مدرسة الخلفاء مع ذكر السند من الصحاح والمسانيد ، وأحيانا بلا سند مرفوعا ومرسلا ، ومن ضمنها السورة المزعومة. وقد نقلها عن تفسير گازر وقال : «انّ گازر قال : كانت في مصحف ابن مسعود».

وعند ما رجعنا إلى تفسير گازر ، لم نجد لهذه السورة فيه عينا ولا أثرا ، ولا لنسبتها إلى ابن مسعود ذكر.

وبناء على ما ذكرنا ، فإنّ سند السورة ينتهي إلى مؤلّفين مجهولين.

وأقول ـ أيضا ـ كفى بصهر المجلسي الذي لم يذكر اسم الكتاب في عداد مؤلفات المجلسي ، ثم بتلميذه «عبد الله افندي» الذي نفى نسبة الكتاب الى استاذه. كفى بهما شاهدي عدل على ذلك. ثم انّ تلميذ المجلسي ذكر كتاب «تذكرة الائمة» في عداد الكتب المجهولة.

أضف إليه ، انّ صاحب «تذكرة الائمة» حين روى السورة المختلقة عن الصحابي ابن مسعود ، ولم يروها عن أحد من أئمة أهل البيت (ع) ويقول ـ مثلا ـ عن الباقر والصادق (ع) ، وسجل في حقيقة الأمر هذه السورة على مدرسة الخلفاء. وان صحّ قوله ، فقد ارتفع بذلك عدد السور المزعومة لدى مدرسة الخلفاء من أربع إلى خمس ، وخسر النوري في هذه المسابقة ما حصّل عليه من كتاب «دبستان مذاهب» ، وخاب فأله ، وتكثر على الاستاذ ظهير حمله ، و

__________________

(١) الذريعة إلى تصانيف الشيعة ٤ / ٢٦.

١٧٨

دخلت السورة في عداد المرويات من أحاديث مدرسة الخلفاء التي تسرّبت إلى كتب مدرسة أهل البيت (ع).

وان لم تصح هذه الرواية وبقى للسورة سند واحد وهي رواية «دبستان مذاهب» فهي رواية مجهولة من مجهول ، وحينئذ لم يحظ المحدث النوري ولا الاستاذ احسان بما ابتغياه. (١).

وفي ختام البحث ينبغي لنا أن نؤكّد على أمر يدور عليه كلّ بحث ديني بمدرسة أهل البيت ، كما ذكرناه في البحث التمهيدى الآنف من انّه : لا قيمة في مدرسة أهل البيت لأي خبر لا يتصل بسند صحيح إلى رسول الله (ص) أو أحد الأئمة (ع). وهذه السورة المختلقة لم يذكر لها سند بتاتا ، فهي رواية مجهولة عن مجهولين! ومختلق عن مختلقين.

وبناء على ذلك فان الاستاذ ظهير قد خالف شرطه حين قال : «ونحن نلزم أنفسنا في هذا الكتاب أن لا نورد شيئا إلّا ويكون صادرا عن أحد أئمتهم ...».

دراسة المتن :

أما من سائل يسأل من استدل بهذه السورة المختلقة على انها كانت من كلام الله المجيد وفي قرآنه الكريم فاسقطت منه؟

أما من سائل يسأله أهذا الهذر من القول السخيف تقول : انه كان من القرآن واسقط من القرآن وإنا لله وإنا إليه راجعون.

__________________

(١) أدحض البلاغي في الامر الخامس من مقدمة تفسيره السورة المزعومة علميا ، ثم قال : «وانّ صاحب فصل الخطاب من المحدثين المكثرين المجدّين في التتبع للشواذ وانّه ليعدّ أمثال هذا المنقول في «دبستان مذاهب» ضالّته المنشودة ، مع ذلك قال انه لم يجد لهذا المنقول أثرا في كتب الشيعة.

١٧٩

ويلحق بهذا الباب كل حديث وخبر مجهول سنده لا يعرف قائله مثل الاخبار والروايات التي وردت في :

(ب) ٢ ـ المولى محمد صالح في (شرح الكافي) عن (كتاب سليم بن قيس الهلالي) ان أمير المؤمنين عليه‌السلام بعد وفاة رسول الله (ص) لزم بيته وأقبل على القرآن يجمعه ويؤلفه ، فلم يخرج من بيته حتى جمعه كله ، وكتب على تنزيله الناسخ والمنسوخ منه ، والمحكم والمتشابه ، والوعد والوعيد ، وكان ثمانية عشر الف آية).

وبناء على ما ذكره الشيخ المفيد (ره) يترك هذا الحديث ولا يعمل به ويلحق بهذا الباب أيضا كل رواية لا يعرف سندها مثل روايات تفسير العياشي اللاتي أسقط الناسخ أسنادها وقد نقل عنه الشيخ النوري الروايات الآتية :

أ ـ (ز) ٧ ـ الثقة الجليل محمد بن مسعود العياشي في تفسيره باسناده عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لو لا انه زيد في كتاب الله ونقص ما خفي حقّنا على ذي حجى ، ولو قد قام قائمنا فنطق صدقه القرآن.

(ح) ٨ ـ وعنه باسناده عن الصادق (ع) : لو قرئ القرآن كما أنزل لألفينا فيه مسمين.

على ان الروايتين رواهما عن الغلاة.

(ى) ١٠ ـ وعنه باسناده عن حبيب السجستاني عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : ان القرآن طرح منه آي كثير ولم يزد فيه إلّا حروفا أخطأت به الكتبة وتوهمتها الرجال.

ب ـ الروايتين الآتيتين :

(ل) ٣٠ ـ الشيخ محمد بن الحسن الشيباني ، في أول تفسيره المسمى ب (نهج

١٨٠