القرآن الكريم وروايات المدرستين - ج ٣

السيد مرتضى العسكري

القرآن الكريم وروايات المدرستين - ج ٣

المؤلف:

السيد مرتضى العسكري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: المجمع العلمي الإسلامي
المطبعة: شفق
الطبعة: ٢
ISBN: 964-5841-63-1
ISBN الدورة:
964-5841-09-7

الصفحات: ٨٥٦

وكان من حكم النبي (ص) الستر على المنافقين ومعاملتهم بمعاملة أهل الدين ...» (١).

وقال ـ فيما كتبه ردّا على الاخباريين : «وصدرت منهم أحكام غريبة وأقوال منكرة عجيبة ، منها : قولهم بنقص القرآن ، مستندين الى روايات تقضي البديهة بتأويلها وطرحها. وفي بعضها : نقص ثلث القرآن أو ربعه ونقص أربعين اسما في سورة «تبّت» منها أسماء جماعة من المنافقين. وفي ذلك منافاة لبديهة العقل ، لانه لو كان ذلك مما أبرزه النبي (ص) وقرأه على المسلمين وكتبوه لافتضح المنافقون ، ولم يكن النبي (ص) مأمورا إلّا بالستر عليهم ، ولقامت الحرب على ساق ، وكان في ابتداء الاسلام من الفتن ما كان في الختام. ثمّ لو كان حقا لتواتر نقله وعرفه جميع الخلق ، لأنّهم كانوا يضبطون آياته وحروفه وكلماته تمام الضبط ، فكيف يغفلون عن مثل ذلك. ولعرف بين الكفار ، وعدّوه من أعظم مصائب الاسلام والمسلمين. ولكان القارئ لسورة من السور الناقصة مبعّضا في الحقيقة. ولكان القرآن غير محفوظ ، وقد أخبر الله بحفظه ، ولعرف بين الشيعة ، وعدّوه من أعظم الأدلة على خروج الأولين من الدين ، لأنّ النقص ـ على تقدير ثبوته ـ إنما هو منهم».

وقال : «يا للعجب من قوم يزعمون سلامة الأحاديث وبقاءها محفوظة وهي دائرة على الألسن ومنقولة في الكتب ، في مدّة ألف ومائتي سنة ، وأنّها لو حدث فيها نقص لظهر واستبان وشاع!! لكنهم يحكمون بنقص القرآن ، وخفي ذلك في جميع الأزمان!!» (٢).

وقال المحقّق التبريزي (ت : ١٣٠٧) في تعليقته على رسائل استاذه المولى

__________________

(١) كشف الغطاء ، كتاب القرآن من كتاب الصلاة ، المبحث السابع والثامن ص ٢٩٨ ـ ٢٩٩.

(٢) الحق المبين ، ص ١١. ونقله القاضي الطباطبائي في هامش الانوار ، ٢ / ٣٥٩.

١٠١

المحقق الأنصاري (١) : القول بالتحريف هو مذهب الاخباريين والحشوية ، خلافا لأصحاب الأصول الذين رفضوا احتمال التحريف في القرآن رفضا قاطعا ، وهو الحقّ ، للوجوه التالية :

أولا : صراحة القرآن بعدم إمكان التغيير فيه ، كآية التدبّر (النساء : ٨٢) وآية الحفظ (الحجر : ٩) وآية عدم إتيانه الباطل (فصلت : ٤٢). وكذا الروايات الكثيرة الدالة على وجوب الرجوع إلى القرآن.

ثانيا : إجماع الطائفة ، على ما حكاه الشيخ الطوسي والطبرسي والمرتضى علم الهدى والصدوق وغيرهم من أقطاب الامامية.

ثالثا : دليل العقل ، حيث القرآن عماد الدين وأساس الشرع المبين لكونه معجزا ومصدقا لمقام النبوة إلى قيام القيامة. ويؤيد ذلك عناية الامّة بحفظه وحراسته على ما كان عليه في العهد الاول في رسم الخطّ ونحوه ، فلا بدّ من تأويل ما ورد بخلاف ذلك أو طرحه (٢).

وفي القرن الرابع عشر :

قال المحقق الحجّة البلاغي (ت : ١٣٥٢ ه‍) ـ بعد نقل كلمات الأعلام كالصدوق والمرتضى والطوسي وكاشف الغطاء والبهائي وأضرابهم ـ : «وقد جهد المحدّث المعاصر في كتابه «فصل الخطاب» في جمع الروايات التي استدلّ بها على النقيصة ، وكثّر أعداد مسانيدها بأعداد المراسيل ، مع أنّ المتتبّع المحقق يجزم

__________________

(١) وقد كان تلميذه الموفق ، واقفا على دقائق نظرات شيخه واستاذه ، وأحسن من أبان في شرحه على رسائل الشيخ من آرائه في دقائق علم الاصول ، ومنها هذه المسألة في صيانة القرآن عن التغيير والتحريف.

(٢) أوثق الوسائل بشرح الرسائل ص ٩١.

١٠٢

بأنّ هذه المراسيل مأخوذة من تلك المسانيد.

قال : وفي جملة ما أورده من الروايات ما لا يتيسّر احتمال صدقها. ومنها ما هو مختلف بما يؤول الى التنافي والتعارض ، مع أنّ القسم الوافر منها ترجع أسانيدها الى بضعة أنفار ، وقد وصف علماء الرجال كلّا منهم : إمّا بأنّه ضعيف الحديث فاسد المذهب مجفوّ الرواية ، وإمّا بأنّه كذّاب متهم لا أستحلّ أن أروي من تفسيره حديثا واحدا ، وأنّه معروف بالوقف وأشدّ عداوة للرضا عليه‌السلام ، وإمّا بأنّه فاسد الرواية يرمى بالغلوّ.

قال : ومن الواضح أنّ أمثال هؤلاء لا تجدي كثرتهم شيئا.

قال : ولو تسامحنا بالاعتناء برواياتهم في مثل هذا المقام الخطير لوجب من دلالة الروايات المتعدّدة ، أن ننزلها على أنّ مضامينها تفسير للآيات أو تأويل أو بيان لما يعلم يقينا شمول عمومها له لأنّه أظهر الأفراد وأحقّها بحكم العام ، أو ما كان مرادا بخصوصه عند التنزيل ، أو هو مورد النزول ، أو ما كان هو المراد من اللفظ المبهم».

قال : وعلى أحد هذه الوجوه الثلاثة الأخيرة يحمل ما ورد أنّه تنزيل وأنّه نزل به جبرئيل ، كما يحمل التحريف الوارد في الروايات على تحريف المعنى ، كما يشهد بذلك مكاتبة سعد إلى أبي جعفر عليه‌السلام «وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرّفوا حدوده». وكما يحمل ما ورد بشأن مصحف أمير المؤمنين عليه‌السلام وابن مسعود أنّه من التفسير والتأويل ، لقوله عليه‌السلام : «ولقد جئتهم بالكتاب كملا مشتملا على التنزيل والتأويل».

وأيضا ما ورد من تنزيل «الأئمة» موضع «الأمة» ، لا بدّ من حمله على التفسير ، وأنّ التحريف إنّما هو في المعنى. وكذا نظائره من سائر الروايات.

ثم قال أخيرا : وإلى ما ذكرنا وغيره يشير ما نقلناه من كلمات العلماء

١٠٣

الأعلام قدّس الله أسرارهم (١).

وقال الفقيه المحقّق ، الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء (ت : ١٣٧٣ ه‍) في رسالته التي وضعها في أصول معتقدات الشيعة : وإنّ الكتاب الموجود في أيدي المسلمين هو الكتاب الذي أنزله الله إليه (ص) للاعجاز والتحدي ولتعلّم الأحكام وتمييز الحلال من الحرام ، وأنّه لا نقص فيه ولا تحريف ولا زيادة. وعلى هذا إجماعهم (أي إجماع الشيعة الإمامية).

ومن ذهب منهم أو من غيرهم من فرق المسلمين إلى وجود نقص فيه أو تحريف فهو مخطئ نصّ الكتاب العظيم : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) والاخبار الواردة من طرقنا أو طرقهم الظاهرة في نقصه أو تحريفه ضعيفة شاذة ، وأخبار آحاد لا تفيد علما ولا عملا. فإمّا أن تؤول بنحو من الاعتبار أو يضرب بها الجدار (٢).

وفي القرن الخامس عشر :

تبارى علماء الأمة ومراجعها في كتابة بحوث ضافية وموسوعات علميّة رصينة وافية برهنوا فيها على أنّ القرآن الذي بأيدي المسلمين اليوم هكذا دوّن منذ عصر الرسول (ص) لم تنقص منه كلمة ، ولم تزدد عليه كلمة ، درسوا فيها الروايات المختلفة دراسة مقارنة نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر مع حفظ ألقاب مؤلفيها : التمهيد في علوم القرآن للشيخ هادي معرفت ، وصيانة القرآن من التحريف له أيضا ، والتحقيق في نفي التحريف للسيد علي الميلاني ، وحقائق هامة حول القرآن الكريم للسيد جعفر مرتضى العاملي وكتب حولها

__________________

(١) آلاء الرحمن ١ / ٢٥ ـ ٢٧.

(٢) أصل الشيعة وأصولها ص ١٣٣.

١٠٤

استاذ الفقهاء الخوئي (ت : ١٤١٣ ه‍) في مقدمة كتابه البيان في تفسير القرآن.

ثم انّ الروايات التي استدلوا بها على القول بنقصان القرآن والعياذ بالله لم يتبين لهم معانيها فانها لا تدلّ على القول بنقصان القرآن كما يتضح ذلك مما يأتي :

أولا ـ في القرنين الاول والثاني :

قال وصيّا رسول الله (ص) الامام الباقر والامام الصادق عليهما‌السلام:

أ ـ الامام الباقر :

قال (ع) في رسالته الى سعد الخير :

«بسم الله الرحمن الرحيم ، أما بعد فاني أوصيك بتقوى الله ... وكل أمة قد رفع الله عنهم علم الكتاب حين نبذوه .. وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرّفوا حدوده» (١).

ب ـ الامام الصادق (ع) :

قال (ع) في جواب من سأله : إن الناس يقولون : فما له لم يسمّ عليا وأهل بيته عليهم‌السلام في كتاب الله عزوجل؟

قال (ع) قولوا لهم : انّ رسول الله (ص) نزلت عليه الصلاة ولم يسم الله لهم ثلاثا ولا أربعا حتى كان رسول الله (ص) هو الذي فسّر ذلك لهم و... (٢).

وقال (ع) : قال رسول الله (ص) : انّ على كل حقّ حقيقة ، وعلى كل صواب نورا ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فدعوه.

وتابع الامامين (ع) علماء مدرستهم طوال القرون كما مر بنا آنفا أقوال كلا من : ابن شاذان (ت : ٢٦٠) والصدوق (ت : ٣٨١) والمفيد (ت : ٤١٣)

__________________

(١) الروضة من الكافي : ٨ / ٥٣ ، الحديث ١٦.

(٢) نفس المصدر ١ / ٢٨٦ ـ ٢٨٧.

١٠٥

والطوسي (ت : ٤٦٠) والطبرسي (ت : ٥٤٨) وابن طاوس (ت : ٦٦٤) والحلّي (ت : ٧٢٦) والبياضي (ت : ٨٧٧) والمحقق الكركي (ت : ٩٤٠) والاردبيلي (ت : ٩٩٣) والشيخ البهائي (ت : ١٠٣١) والفيض الكاشاني (ت : ١٠٩٠) والحر العاملي (ت : ١١٠٤) والأعرجي (ت : ١٢٢٧) وكاشف الغطاء (ت : ١٢٢٨) والتبريزي (ت : ١٣٠٧) والبلاغي (ت : ١٣٥٢) وكاشف الغطاء الثاني (ت : ١٣٨٣) واستاذ فقهاء عصره السيد الخوئي (ت : ١٤١٣ ه‍).

١٠٦

قال الاستاذ ظهير في ص ١١١ من كتابه :

الباب الرابع

ألف حديث شيعي فى إثبات التحريف في القرآن

من كتاب فصل الخطاب لمحدث شيعي النوري الطبرسي

إننا خصصنا هذا الباب لنقل جزء من كتاب (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الارباب) لمحدث القوم حسين بن محمد التقي النوري الطبرسي ، الكتاب الذي أزاح اللثام عن وجه عقيدة القوم الاصلية في القرآن ، وأثار ضجة كبرى في الأوساط الشيعية. لا من حيث أنه تفرد لبيان هذه العقيدة ، أو ورد فيه شيء جديد غير مألوف مخالف لمعتقداتهم المنقولة المتواترة من أهل البيت حسب زعمهم ، بل لأنه كشف النقاب عن الشيء الذي غلفوه بتقيتهم مدة طويلة عن الآخرين ، وجمع فيه من الاحاديث والروايات من أمهات الكتب وأهمها نقلا عن الائمة الاثنى عشر ، التي بلغت حد التواتر وزادت عليه.

كما أن الكتاب بين للناس أن الشيعة قاطبة من اليوم الذي وجدوا لم يعتقدوا في القرآن الموجود بأيدي الناس ، بل ظنوه مبدلا ومحرفا ، زيد فيه ونقص منه ، غير فيه وحرف منه ، ولم يقل أحد من القوم خلاف هذا إلّا مماشاة ومداراة أو تقية وخداعا.

١٠٧

ثم وإن الكتاب مع قيمته العلمية ومقامه السامي وشأنه الرفيع حيث يشتمل على ألفي رواية تقريبا كلها من الائمة المعصومين لم يؤلف من قبل شخص عادي لا يعبأ به ولا يلتفت إليه ، بل ألفه أحد جهابذة القوم وماهر في العلوم وخاصة في علم الحديث والرجال.

ثم أورد في صفحات ١١٢ ـ ١٣٥ ترجمة الشيخ النوري من تلميذيه الشيخ عباس القمي (ت : ١٣٥٩ ه‍) والشيخ آقا بزرك الطهراني (ت : ١٣٨٩ ه‍) وغيرهما ثم أورد في ص ١٣٥ ـ ١٤٠ تصوير بداية كتاب فصل الخطاب وقال في ص ١٣٥ منه :

فهذا هو الكتاب وهذا ما قيل فيه ، وقد ذكر محمد مهدي الموسوى الاصفهاني الشيعي في كتابه (أحسن الوديعة) الذي كتبه تتميما لروضات الجنات للخوانساري تحت ترجمة النوري هذا :

«هو الشيخ المحدث الحاج الميرزا حسين النوري المتولد في الثامن عشر من شهر شوال من سنة أربع وخمسين بعد المائتين والألف ، والمتوفى في ليلة الاربعاء سابع عشر من شهر جمادي الثانية سنة ١٣٢٠ ه‍ ، والمدفون في إيوان حجرة بانو عظمى بنت سلطان الناصر لدين الله وهو إيوان الحجرة الثالثة القبلية عن يمين الداخل إلى الصحن الشريف المرتضوي من الباب الموسوم باب القبلة هذا ، وله مؤلفات منها (فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الارباب) طبع في ايران على الحجر بقطع (الامالي) لشيخنا الطوسي وليته ما ألفه ، وقد كتب في رده بعض العلماء رسالة شريفة بين فيها ما هو الحق ، وشنع على المحدث النوري علماء زمانه ، وقد أخبرني بعض الثقات أن المسيحيين ترجموا هذا الكتاب بلغاتهم ونشروها.

فهذا هو الكتاب ، وذاك هو الكاتب.

والآن نبدأ في سرد كلام النوري الطبرسي ، القسم الاخير من كتابه (فصل الخطاب) من صفحة ٢٣٥ من الدليل الحادي عشر في اثبات التحريف في القرآن وقد

١٠٨

يحسن بنا قبل البدء أن نذكر بداية الكتاب وفهرسته كي يسهل على القارئ الفهم وربط الموضوع بالسابق كما نثبت صورة الصفحة الاولى والثانية والاخيرة من الطبعة الاولى التي طبعها المصنف نفسه.

وأيضا يجدر بنا أن نقول إننا أبقينا اسلوب النوري لبيان العدد حيث يعدد كالعادة القديمة بحروف الابجد ، ولكننا أضفنا نحن على ذلك التركيب العددي أرقاما لسهولة العدد ولمعرفة أرقام الروايات مسلسلا وبدون كلفة.

وقال في ص ١٤١ :

القسم الاخير من كتاب فصل الخطاب فى إثبات تحريف

كتاب رب الارباب لمحدث الشيعة النوري الطبرسي

الدليل الحادي عشر فى إثبات التحريف في القرآن

الاخبار الكثيرة المعتبرة الصريحة في وقوع السقط ودخول النقصان في الموجود من القرآن زيادة على ما مر متفرقا في ضمن الادلة السابقة وانه أقل من تمام ما نزل اعجازا على قلب سيد الانس والجان من غير اختصاصها بآية أو سورة ، وهي متفرقة في الكتب المعتبرة التي عليها المعول واليها المرجع عند الاصحاب. جمعت ما عثرت عليها في هذا الباب بعون الله الملك الوهاب.

وأورد بعد هذا الى ص ٣٤٣ مسلسلا أدلة الشيخ النوري التي زعم انها من روايات مدرسة أهل البيت (ع) والتي بلغ مجموعها ١٠٦٢ رقما.

بدأ الشيخ بحثه تحت عنوان «الدليل الحادي عشر» بايراد أخبار استدل بها على وقوع السقط ودخول النقصان في القرآن ـ والعياذ بالله ـ وفي الدليل الثاني عشر بدءا بسورة الفاتحة وانتهاء بسورة الاخلاص.

١٠٩

إذا فقد ترك الاستاذ ظهير ايراد عشرة من أدلة الشيخ النوري قبل الدليلين الأخيرين وهي الأدلة التي استشهد فيها بالروايات التي أخرجها من كتب الصحاح والسنن والمسانيد بمدرسة الخلفاء على التحريف والزيادة والنقيصة في القرآن ـ والعياذ بالله ـ وخنس عنها وكتمها وقد حللناها وأجبنا عنها ـ بمنه تعالى ـ في المجلد الثاني من هذا الكتاب دون أن نطعن بأحد ، وفي ما يأتي سنشير إلى بعضها بعد ايراد أدلة الباب الحادي عشر والثاني عشر الآتية :

١١٠

دراسة أدلة الدليل الحادي عشر

الادلة ليست بألف حديث كما عدّها الشيخ النوري والاستاذ ظهير

وليست كلها شيعية كما زعم الاستاذ ظهير

١ ـ روايات متكررة. ٢ ـ روايات منتقلة من مدرسة الخلفاء إلى مدرسة أهل البيت. ٣ ـ روايات مشتركة بين المدرستين. ٤ ـ روايات الغلاة والمتهمين في دينهم. ٥ ـ مختلقات واهية. ٦ ـ روايات لا أصل لها ٧ ـ روايات رواة مجهولين. ٨ ـ أدعية بلا سند. ٩ ـ روايات رواة غير ثقاة. ١٠ ـ روايات في التحريف والتبديل بعض رواتها ثقات. ١١ ـ أقوال مفسرة وليست برواية.

١١١
١١٢

(١)

روايات متكررة

سبع روايات عدّت خمس عشرة رواية

أولا ـ الروايتان (الف) و (ج) الآتيان رواية واحدة :

(الف) ١ ـ ثقة الاسلام في آخر كتاب (فضل القرآن) من (الكافي) عن محمد يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال :

ان القرآن الذي جاء به جبرائيل (ع) إلى محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله سبعة عشر الف آية.

(ج) ٣ ـ أحمد بن محمد السياري في (كتاب القراءات) عن علي بن الحكم عن هشام بن سالم ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام :

القرآن الذي جاء به جبرائيل إلى محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله سبع عشرة الف (١) آية.

__________________

(١) وفي الأصل (عشرة ألف) تصحيف.

١١٣

ثانيا ـ الروايتان (يب) و (كد) الآتيتان رواية واحدة :

(يب) ١٢ ـ الشيخ أبو عمرو الكشي في رجاله في ترجمة أبي الخطاب عن أبي خلف بن حماد عن أبي محمد الحسن بن طلحة عن ابن فضال (١) عن يونس بن يعقوب عن بريد العجلي عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : أنزل الله في القرآن سبعة بأسمائهم ، فمحت قريش ستة (٢) وتركوا أبا لهب.

(كد) ٢٤ ـ السياري عن ابن فضال عن داود بن زيد عن بريد عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : نزل القرآن في سبعة بأسمائهم ، فمحت قريش ستة وتركت أبا لهب.

ثالثا ـ الروايتان (ط) و (كب) الآتيتان رواية واحدة :

(ط) ٩ ـ وعنه ـ العياشي في تفسيره ـ باسناده عن إبراهيم بن عمرو ، قال : قال أبو عبد الله (ع) ، ان في القرآن ما مضى وما يحدث وما هو كائن ، كانت فيه أسماء الرجال فالقيت ، وانما الاسم الواحد منه في وجوه لا تحصى ، يعرف ذلك الوصاة.

ورواه الصفار في (البصائر) عن أحمد بن محمد عن (٣) الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمرو عنه (ع).

(كب) ٢٢ ـ السياري عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمير النخعي (٤) ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان القرآن فيه خبر ما مضى وما يحدث وما كان وما هو كائن ، وكانت أسماء الرجال فالقيت.

__________________

(١) في النص أبي فضال تصحيف.

(٢) في النص (سبعة) تصحيف.

(٣) في النص (محمد بن الحسين) تصحيف.

(٤) في النص (النجفي) تصحيف ولم نجد له ذكرا في كتب الرجال.

١١٤

رابعا ـ الروايتان (ز) و (كج) الآتيتان رواية واحدة :

(ز) ٧ ـ الثقة الجليل محمد بن مسعود العياشي في تفسيره باسناده عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : لو لا انه زيد في كتاب الله ونقص ما خفي حقنا على ذى حجى ، ولو قد قام قائمنا فنطق صدقه القرآن.

قال المحدث البحراني في (الدرر النجفية) : يمكن حمل الزيادة في هذا الخبر على التبديل حيث أن الأصحاب ادعوا الاجماع على عدم الزيادة فيه ، والأخبار الواردة في هذا الباب مع كثرتها ليس فيها ما هو صريح في الزيادة ، فتأويل هذا الخبر بما ذكرنا لا بعد فيه إلّا انه يأتي الاشارة إلى زيادة بعض الحروف ، ويأتي ذكره في محله.

(كج) ٢٣ ـ السياري عن علي بن النعمان عن أبيه عن عبد الله بن مسكان عن أبي جعفر عليه‌السلام انه قال : لو لا انه زيد في القرآن ونقص ما خفي حقنا على ذى حجى ، ولو قد قام قائمنا فنطق صدقه القرآن.

خامسا ـ الروايتان (ح) و (ك) الآتيتان رواية واحدة :

(ح) ٨ ـ وعنه ـ العياشي في تفسيره ـ باسناده عن الصادق (ع) : لو قرئ القرآن كما أنزل لألفيتنا فيه مسمين.

(ك) ٢٠ ـ السياري في كتاب القراءات ـ عن سيف وهو ابن عميرة عن غير واحد عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال : لو ترك القرآن كما أنزل لألفينا فيه مسمين كما سمي من كان قبلنا.

سادسا ـ الروايتان (ى) و (كا) الآتيتان رواية واحدة :

(ى) ١٠ ـ وعنه ـ العياشي ـ باسناده عن حبيب السجستاني عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ان القرآن طرح منه آي كثير ولم يزد فيه إلّا حروفا أخطأت به الكتبة وتوهمتها الرجال.

١١٥

(كا) ٢١ ـ السياري في كتاب القراءات ـ عن أبي سالم عن حبيب السجستاني عن أبي جعفر عليه‌السلام في حديث : انه قال : يا حبيب ان القرآن قد طرح منه آي كثير ، ولم يزد فيه إلّا حروف أخطأت بها الكتاب وتوهمتها الرجال.

سابعا ـ الروايات (م) و (ما) و (مب) الآتية رواية واحدة :

(م) ٤٠ ـ الشيخ جعفر بن محمد بن قولويه في (كامل الزيارة) عن محمد جعفر الرزاز عن الحسين بن أبي الخطاب (١) عن ابن أبي نجران عن يزيد بن اسحاق عن الحسن بن عطية عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، اللهم العن الذين كذبوا رسلك وهدموا كعبتك وحرفوا كتابك. الزيارة.

(ما) ٤١ ـ وفيه عن الحسين (٢) بن محمد عن احمد بن اسحاق عن سعدان بن مسلم عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا أتيت القبر بدأت فأثنيت على الله عزوجل ـ إلى أن قال (ع) في سياق الدعاء : اللهم العن الذين كذبوا رسلك وهدموا كعبتك وحرّفوا كتابك وسفكوا دم أهل بيت نبيك صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(مب) ٤٢ ـ العلامة المجلسي في (البحار) عن (مزار المفيد) في زيارة لأبي عبد الله عليه‌السلام غير مقيدة بوقت ، وفيها : اللهم العن الذين كذبوا رسولك وهدموا كعبتك واستحلوا حرمك ، وألحدوا في البيت الحرام ، وحرفوا كتابك.

دراسة الروايات :

الرواية [الف / ١] ، ثقة الاسلام في آخر كتاب فضل القرآن من الكافي عن

__________________

(١) في النص (الحسنين أبي الخطاب) تصحيف.

(٢) في النص (الحسنين) تصحيف.

١١٦

محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع) ...

هي عين الرواية [ج / ٣] ، أحمد بن محمد السياري في كتاب القراءات عن علي بن الحكم عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله (ع) وكلتا الروايتين عن السياري الهالك مع اختلاف في لفظ العدد. فان محمد بن يحيى يروي عن السياري كما قاله الشيخ النوري (١) وكذلك الرواية [يب / ١٢] ، عن الكشي عن ... عن بريد العجلي عن أبي عبد الله (ع) ، هي عين الرواية [كد / ٢٤] ، عن السياري المتهالك عن ... عن بريد عن أبي عبد الله ... وكذلك الرواية [ط / ٩] عن العياشي ... عن إبراهيم بن عمرو ، هي عين الرواية [كب / ٢٢] ، عن السياري عن إبراهيم بن عمير النخعي مع تحريف في اللفظ. وقد فصل بينهما الشيخ النوري.

وكذلك الرواية [ز / ٧] العياشي في تفسيره باسناده عن أبي جعفر ، هي

__________________

(١) قال في فصل الخطاب ص ٢٣٥ : «احمد بن محمد السياري في كتاب القراءات عن علي الحكم عن هشام بن سالم قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام : القرآن الذي جاء به جبرئيل (ع) إلى محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله عشرة الف آية كذا في نسختي وهي سقيمة والظاهر سقوط كلمة سبعة قبل عشرة لاتحاده متنا وسندا لما في الكافي بل لا يبعد كون ما فيه ماخوذ منه فان محمد بن يحيى يروي عن السياري». وقال في خاتمة المستدرك في الفائدة الثانية في ذكر كتاب قراءات السياري : قال الشيخ في الفهرست : «احمد بن محمد بن سيار ... أخبرنا بالنوادر خاصة الحسين بن عبيد الله عن احمد محمد بن يحيى ، قال : حدثنا أبي [محمد بن يحيى] قال : حدثنا السيّاري ...». وقال النجاشي : «احمد بن محمد بن سيار ... قال : حدثنا احمد بن محمد بن يحيى عن أبيه قال حدثنا السياري ...».

١١٧

عين الرواية [كج / ٢٣] عن السياري عن أبي جعفر. و [ح / ٨] عين [ك / ٢٠] و [ى / ١٠] عين [كا / ٢١] عن السياري!!.

وكذلك الرواية (م) ٤٠ ـ الشيخ جعفر بن محمد بن قولويه في (كامل الزيارة) عن أبي عبد الله عليه‌السلام : اللهم العن الذين كذبوا رسلك وهدموا كعبتك وحرفوا كتابك. الزيارة.

هي عين الرواية (ما) ٤١.

وكذلك هي عين الرواية (مب) ٤٢ ـ العلامة المجلسي في (البحار) عن (مزار المفيد) في زيارة لأبي عبد الله عليه‌السلام غير مقيدة بوقت ، وفيها : اللهم العن الذين كذبوا رسولك وهدموا كعبتك وحرفوا كتابك.

* * *

هكذا عدّ الشيخ النوري والاستاذ ظهير الروايات السبع المذكورة أعلاه خمس عشرة رواية (١) ، وسوف ندرس في البحوث الآتية أسناد هذه الروايات ومتونها.

وفي ما يأتي ندرس بإذنه تعالى روايات انتقلت من مدرسة الخلفاء إلى مدرسة أهل البيت. وبناء على ذلك ليست الروايات التي استدلا بها كلها من روايات مدرسة أهل البيت.

__________________

(١) وكثيرا ما يفعلان ذلك كما سنراها في البحوث الآتية ان شاء الله تعالى.

١١٨

(٢)

روايات منتقلة من مدرسة الخلفاء

إلى مدرسة أهل البيت (ع)

(لد) ٣٤ ـ الصدوق في (الخصال) عن محمد بن عمر الجعابي (١) عن عبد الله بشير عن الحسن بن الزبرقان عن أبي بكر بن عياش عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يجيء يوم القيامة ثلاثة يشكون ، المصحف ، والمسجد ، والعترة ، يقول المصحف : يا ربّ حرقوني (٢) ومزقوني ، ويقول المسجد : يا ربّ عطلوني وضيعوني ، وتقول العترة : يا ربّ قتلونا وطردونا ، فأجثوا للركبتين في الخصومة فيقول الله لي : أنا أولى بذلك.

قال الاستاذ ظهير في ص ٦٤ :

«انّ الصدوق والسيد المرتضى وشيخ الطائفة (في التبيان) وأبو علي الطبرسي (في مجمع البيان) ذهبوا إلى عدم وقوع النقص والتغيير في القرآن الموجود بأيدي الناس».

__________________

(١) في الأصل (الجعاني) تصحيف.

(٢) في الأصل (حرفوني) تصحيف.

١١٩

ثم قال في ص ٦٨ في مقام نقض القول السابق بالنسبة إلى الصدوق :

انّ الصدوق أورد بنفسه روايات كثيرة في كتبه التي ألّفها والتي تدلّ على تغيير القرآن وتحريفه ونقصانه ، بدون أن يقدح فيها ويطعن ، ما يدلّ على أنّ عقيدته الأصليّة كانت طبق ما اعتقدها القوم ، فنورد هاهنا روايات تسعة من الأحاديث الكثيرة التي أوردها في كتبه ، وقد يأتي ذكر بعضها في الباب الرابع.

فأولها ما أوردها في كتابه (من لا يحضره الفقيه) الذي هو أحد الصحاح الأربعة الشيعية في كتاب النكاح تحت باب المتعة فيقول :

«أحل رسول الله (ص) المتعة ولم يحرمها حتى قبض ـ واستدل على ذلك بقوله ـ وقرأ ابن عباس فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن فريضة من الله» (١).

وثانيها ما أوردها في كتابه (الخصال) (٢) :

«حدثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي المعروف بالجعابي قال : حدثنا عبد الله بن بشير قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن الأجلح ، عن أبي الزبير ، عن ...» إلى آخر الحديث الآنف الذكر المرقم (لد) ـ ٣٤.

ثم قال :

وثالثها ورابعها وخامسها ما أورده في كتابه (معاني الأخبار) :

«حدثنا علي بن عبد الله الوراق وعلي بن محمد بن الحسن المعروف بابن مقبرة القزويني قالا : حدثنا سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري قال : حدثنا أحمد بن أبي الصباح ، قال : حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ، عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم ، عن أبي يونس قال :

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه للصدوق ٣ / ٤٥٩.

(٢) كتاب الخصال ص ١٧٤ ، ١٧٥ ، باب الثلاثة.

١٢٠