القرآن الكريم وروايات المدرستين - ج ١

السيد مرتضى العسكري

القرآن الكريم وروايات المدرستين - ج ١

المؤلف:

السيد مرتضى العسكري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: المجمع العلمي الإسلامي
المطبعة: شفق
الطبعة: ٢
ISBN الدورة:
964-5841-09-7

الصفحات: ٣٣٥

حتى بلغت (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) إلى آخر الآية فاضت عيناه (ص).

قال الإمام علي في حقّه : علم القرآن والسنّة.

وقال : قرأ القرآن فاحلّ حلاله وحرّم حرامه.

وقال : بينا نحن عنده (ص) على حراء إذ نزلت عليه (ص) سورة المرسلات فأخذتها وانّ فاه ليرطب بها.

***

كان ذلكم بعض أخبار ابن مسعود على عهد الرسول (ص) ومن أخباره بعده ما رواه الذهبي بترجمة الخليفة عمر من تذكرة الحفاظ وقال :

إنّ عمر حبس ثلاثة ابن مسعود وأبا الدرداء وأبا مسعود الأنصاري فقال : أكثرتم الحديث عن رسول الله (ص) (١).

يعني حبسهم في المدينة ومنعهم عن الخروج منها ونرى أنه كان من أثر ذلك ما جاء بترجمة ابن مسعود في تاريخ ابن عساكر ومختصره :

أ ـ كان عبد الله بن مسعود يأتي عليه الحول قبل أن يحدثنا عن رسول الله (ص).

ب ـ بعثه عمر بن الخطاب إلى أهل الكوفة معلما ووزيرا وهو أفقههم وأقرأهم للقرآن وولاه عمر بيت المال.

ج ـ جاء رجل من الكوفة إلى الخليفة عمر فقال : جئت يا أمير المؤمنين من الكوفة فتركت بها رجلا يملي المصاحف عن ظهر قلبه فغضب وانتفخ فقال : ومن هو ويحك ، قال عبد الله بن مسعود فما زال يطفأ ويسير عنه الغضب حتى عاد إلى حاله التي كان عليها ، ثم قال : ويحك ، والله ما أعلم بقي من الناس أحد هو أحق بذلك ... الحديث.

__________________

(١) راجع ترجمة ابن مسعود بتاريخ ابن عساكر ومختصره ؛ وتذكرة الحفاظ ١ / ٧.

٢٠١

وسيأتي موجز أخباره في زمن الخليفة عثمان ـ إن شاء الله تعالى ـ في بحث اختلاف المصاحف من المجلد الثاني من هذا الكتاب وتوفي سنة اثنتين وثلاثين من الهجرة.

١١ ـ أبو الدرداء عويمر بن زيد بن قيس الأنصاري الخزرجي شهد مع رسول الله أحدا فما بعدها وآخى بينه وبين سلمان الفارسي وكان ممن جمع القرآن على عهد رسول الله (ص).

وفي ترجمته بتاريخ ابن عساكر ومختصره (١٩ / ١٠ ـ ٤٣) ما موجزه :

قال رجل لأبي الدرداء : يا معشر القرّاء ما بالكم أجبن منا وأبخل إذا سئلتم ، وأعظم لقما إذا أكلتم؟ فأعرض عنه أبو الدرداء ولم يرد عليه شيئا ، فأخبر بذلك عمر بن الخطاب ، فسأل أبا الدرداء عن ذلك؟ فقال أبو الدرداء : اللهم غفرا! وكل ما سمعناه منهم نأخذهم به! فانطلق عمر إلى الرجل الذي قال لأبيّ الدرداء ما قال ، فقال بثوبه وخنقه ، وقاده إلى النبي (ص) فقال الرجل : إنما كنا نخوض ونلعب ، فأوحى الله تعالى إلى نبيه (ص) (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ) (التوبة / ٦٥).

وروى انه كان ممن بعثه عمر إلى الشام لتعليم القرآن ثمّ ولاه على القضاء ـ يعني بدمشق ـ وكان القاضي يكون خليفة الأمير إذا غاب.

وقال : كان عبد الله بن مسعود يقول : علماء الناس ثلاثة : واحد بالعراق ، وآخر بالشام ـ يعني أبا الدرداء ـ يحتاج إلى الذي بالعراق ـ يعني نفسه ـ والذي بالشام والعراق يحتاجان إلى الذي بالمدينة ـ يعني علي بن أبي طالب ـ ولا يحتاج إلى واحد منهما. قالوا توفي سنة ٣١ أو ٣٢ في الشام.

١٢ ـ أبو عبد الرحمن معاذ بن جبل الأنصاري الخزرجي شهد بيعة العقبة وبدرا والمشاهد كلها مع رسول الله (ص).

جاء بترجمته من تاريخ ابن عساكر ومختصره ما موجزه :

لما فتح رسول الله (ص) مكة وسار إلى حنين استخلف عليها عتاب

٢٠٢

ابن أسد يصلي بهم وخلّف معاذ بن جبل يقرئهم القرآن ويفقههم ، ثم بعثه مع أبي موسى إلى اليمن وقال لهما : يسرا ولا تعسرا.

وبترجمته من الاستي عاب :

فقال معاذ لأبي موسى : كيف تقرأ القرآن ، قال : أقرؤه في صلاتي وعلى راحلتي قائما وقاعدا ومضطجعا أتفوقه تفوقا. فقال معاذ : لكني أنام ثمّ أقوم فاحتسب نومتي كما أحتسب قومتي.

وتوفي في طاعون عمواس بناحية الأردن من الشام سنة ثماني عشرة في خلافة عمر وهو ابن ثمان وثلاثين سنة (١).

ومن أخبار القرآن ان النبيّ (ص) كان يفضل في تعيين الولاة والامراء ولاقامة الجمعة والجماعة أقرأهم للقرآن.

وقد مرّ بنا خبر عمرو بن سلمة الجرمي الذي كان سكنى قومه على ماء ممرّ الناس عليه وكانوا يسألون القادمين من الحرم عن أخبار الرسول (ص) فيخبروهم انه يقول : «أوحي إليّ كذا وكذا» يعنون ما سمعوه من السور المكية التي كان الرسول (ص) يقرؤها في صلاته في الحرم وفي غيرها قال : كنت أتلقى الركبان فيقرءوني فجعلت لا أسمع شيئا إلّا حفظته حتى جمعت فيه قرآن كثيرا ولمّا وفد قومه على النبيّ (ص) بعد فتح مكة فاصبح امام جماعتهم واستمرّ على ذلك حتى عصر معاوية ، ونظير هذا الخبر خبر عثمان الثقفي الآتي :

أبو عبد الله عثمان بن أبي العاص الثقفي

بترجمته من طبقات ابن سعد (٧ / ٤٠) ما موجزه :

قدم على رسول الله (ص) المدينة في وفد ثقيف فأسلموا وكان عثمان من أصغرهم فجاء إلى النبي (ص) ، قبلهم فأسلم وأقرأه قرآنا ولزم أبيّ بن كعب

__________________

(١) راجع ترجمته في تاريخ ابن عساكر ومختصره ٢٤ / ٣٦٩ ـ ٣٨٣ ؛ وطبقات ابن سعد ٣ / ٥٨٣ ـ ٥٩٠ ؛ والاستيعاب ١ / ٢٣٨.

٢٠٣

فكان يقرئه فلمّا أراد وفد ثقيف الانصراف إلى الطائف قالوا : يا رسول الله أمّر علينا ، فأمّر عليهم عثمان بن أبي العاص الثقفيّ ، وقال إنّه كيس وقد أخذ من القرآن صدرا ، فقدم معهم الطائف ، فكان يصلي بهم ويقرئهم القرآن.

وعلى عهد عمر كتب إليه أن استخلف على الطائف ويقبل إليه فاستخلف أخاه الحكم بن أبي العاص وأقبل إليه فوجّهه إلى البصرة.

وبترجمته من الاستيعاب والاصابة :

ولاه عمر سنة خمس عشرة على عمان والبحرين وسكن في زمان معاوية البصرة وتوفي في خلافة معاوية.

وكان النبي (ص) يعين الولاة على الجيوش والامراء والقضاة في البلاد ممّن برز في قراءة القرآن وحفظه وجمعه وكان ممن عينه كذلك :

أ ـ الصحابي معاذ بن جبل بعد فتح مكّة يعلّم أهلها القرآن ويفقههم في الدين وبعد ذلك بعثه إلى الجند من بلاد اليمن ليقرئهم ويفقههم ويقضي بينهم ويقبض الصدقات.

ب ـ الصحابي عمرو بن حزم استعمله على نجران ليفقههم في الدين ويعلّمهم القرآن.

ج ـ إلى الطائف عثمان بن أبي العاص (١).

د وه ـ معاذ بن جبل وأبا موسى الأشعري إلى اليمن (٢).

***

كان ذلكم فهرسا لأخبار الاقراء والقرآن في عصر الرسول في المدينة وفي ما يأتي فهرس أخبار تدوين القرآن يومذاك.

__________________

(١) طبقات ابن سعد ٥ / ٥٠٨.

(٢) حلية الأولياء لأبي نعيم ١ / ٢٥٦ وبترجمته بطبقات ابن سعد.

٢٠٤

رابعا ـ تدوين القرآن في المدينة

ندرس في هذا البحث الأمور الآتية :

أ ـ أمر الكتابة في المدينة قبل الاسلام :

قال البلاذري في فتوح البلدان :

كان الكتاب بالعربيّة في الأوس والخزرج قليلا ، وكان بعض اليهود قد علّم كتاب العربيّة ، وكان تعلّمه الصبيان في المدينة في الزمن الأول ، فجاء الاسلام وفي الأوس والخزرج عدة يكتبون وهم سعد بن عبادة بن دليم والمنذر بن عمرو وأبي بن كعب وزيد بن ثابت ، فكان يكتب العربية والعبرانية ، ورافع بن مالك ، وأسيد بن حضير ، ومعن بن عديّ البلويّ حليف الانصار ، وبشير بن سعد ، وسعد بن الربيع وأوس بن خولي وعبد الله بن ابيّ المنافق.

قال : فكان الكملة منهم والكامل من يجمع الى الكتاب الرمي والعوم :

رافع بن مالك ، وسعد بن عبادة وأسيد بن حضير ، وعبد الله بن أبيّ ، وأوس ابن خولي ، وكان من جمع هذه الأشياء في الجاهليّة من أهل يثرب : سويد بن الصامت وحضير الكتائب (١).

قال : كانت الشفاء كاتبة في الجاهلية (٢).

__________________

(١) فتوح البلدان ط. بيروت دار النشر للجامعيين سنة ١٣٧٧ ه‍ ص ٦٦٣ ـ ٦٦٤.

(٢) فتوح البلدان ص ٦٦١ ـ ٦٦٢.

٢٠٥

بترجمتها من الاستيعاب والاصابة : أسلمت الشفاء قبل الهجرة وهي من المهاجرات الأوائل ، بايعت النبي (ص) قبل الهجرة وكانت من عقلاء الناس وكانت ترقى النملة.

ب ـ أمر الكتابة في المدينة بعد الاسلام :

١ ـ من كان يقرأ ويكتب من الصحابيات :

قال البلاذري في فتوح البلدان :

وكانت حفصة زوج النبي تكتب.

وان أم كلثوم بنت عقبة كانت تكتب.

وان عائشة بنت سعد قالت : علمني أبي الكتاب.

وان كريمة بنت المقداد كانت تكتب.

وقال ان عائشة كانت تقرأ المصحف ، ولا تكتب.

وكانت أم سلمة تقرأ ولا تكتب (١).

في امتاع الاسماع :

وكان في الأسرى من يكتب ، ولم يكن في الأنصار من يحسن الكتابة ، وكان منهم من لا مال له ، فيقبل منه أن يعلّم عشرة من الغلمان الكتابة ويخلى سبيله. فيومئذ تعلّم زيد بن ثابت الكتابة في جماعة من غلمان الأنصار. خرّج الإمام أحمد من حديث عكرمة عن ابن عباس قال : كان ناس من الأسرى يوم بدر لم يكن لهم فداء ، فجعل رسول الله (ص) فداءهم أن يعلّموا أولاد الانصار الكتابة ، قال : فجاء غلام يبكي إلى أبيه فقال : ما شأنك؟ قال : ضربني معلّمي.

__________________

(١) فتوح البلدان للبلاذري ص ٦٦١ ـ ٦٦٢.

٢٠٦

قال : الخبيث!! يطلب بذحل بدر ؛ والله لا تأتيه أبدا (١).

وفي ترجمة الحكم وعبد الله بن سعيد بن العاص الأموي من أسد الغابة والاصابة أنّه قدم على النبي (ص) مهاجرا وكان اسمه الحكم فسمّاه النبي (ص) عبد الله وكان يكتب في الجاهلية فأمره رسول الله (ص) أن يعلّم الكتاب بالمدينة وكان كاتبا محسنا.

ج ـ من كتب لرسول الله (ص):

قال البلاذري في فتوح البلدان :

اوّل من كتب لرسول الله (ص) مقدمه المدينة أبيّ بن كعب الانصاري ، وهو اوّل من كتب في آخر الكتاب ، وكتب فلان ، فكان أبيّ ، اذا لم يحضر دعا رسول الله (ص) زيد بن ثابت الانصاري ، فكتب له فكان أبيّ وزيد يكتبان الوحي بين يديه ، وكتبه الى من يكاتب من الناس ، وما يقطع وغير ذلك.

قال الواقدي : واوّل من كتب له من قريش عبد الله بن سعد بن ابي سرح ، ثم ارتدّ ورجع الى مكّة ، وقال لقريش : انا آتي بمثل ما يأتي به محمد ، وكان يملّ عليه الظالمين ، فيكتب الكافرين ، يملّ عليه سميع عليم ، فيكتب غفور رحيم وأشباه ذلك ، فأنزل الله :

(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ) (الانعام / ٩٣)

فلما كان يوم فتح مكة أمر رسول الله (ص) بقتله ، فكلّمه فيه عثمان بن عفّان وقال : أخي من الرضاع ، وقد أسلم فأمر رسول الله (ص) بتركه ، وولّاه عثمان مصر ، فكتب لرسول الله (ص) عثمان بن عفان وشرحبيل بن حسنة الطابخي من خندف حليف قريش ، ويقال بل هو كندي ، وكتب له جهيم بن

__________________

(١) امتاع الاسماع للمقريزي ص ١٠١ ، ومسند احمد ١ / ٣٤٧.

٢٠٧

الصّلت بن مخرمة ، وخالد ابن سعيد وأبان بن سعيد بن العاصي ، والعلاء بن الحضرمي ، فلما كان عام الفتح اسلم معاوية ، كتب له ايضا ، ودعاه يوما وهو يأكل فابطأ ، فقال : لا أشبع الله بطنه ، فكان يقول : لحقتني دعوة رسول الله (ص) وكان يأكل في اليوم سبع أكلات وأكثر وأقل.

وقال كتب حنظلة بن الربيع بن رباح الأسيدي من بني تميم بين يدي رسول الله (ص) مرّة ، فسمّي حنظلة الكاتب.

تعلم كتابة اليهود :

وقال : زيد بن ثابت : أمرني رسول الله (ص) أن أتعلّم له كتاب يهود ، وقال لي : اني لا آمن يهودا على كتابي ، فلم يمرّ بي نصف شهر حتّى تعلمته ، فكنت اكتب له الى يهود وإذا كتبوا إليه قرأت كتابهم (١).

وفي فتوح البلدان :

قال الرسول (ص) لزيد بن ثابت : «يا زيد : تعلم لي كتابة يهود فإني ما آمنهم على كتابي».

قال : فحذقته في نصف شهر (٢).

***

واهتم الرسول بنشر الكتابة في المدينة ، وجعل فدية من يعرف الكتابة من سبعين أسيرا في غزوة بدر تعليم كل واحد منهم عشرة من صبيان المدينة الكتابة.

ومن النساء كانت تكتب حفصة زوجة الرسول وأم كلثوم ابنة عقبة وعائشة ابنة سعد وكريمة ابنة المقداد وزوجتا الرسول عائشة وأم سلمة كانتا

__________________

(١) فتوح البلدان ص ٦٦٢ ـ ٦٦٤ ، وعيون الاثر ص ٨٤ ـ ٨٦.

(٢) أمر الخط في آخر فتوح البلدان ص ٦٦٣ ـ ٦٦٤ ، ترجمة زيد من تذكرة الحفاظ للذهبي ١ / ٣٠ ـ ٣٢.

٢٠٨

تقرءان ولا تكتبان (١).

كان في الصحابة جمع يكتبون لرسول الله (ص) في المدينة عدّ منهم البلاذري من ذكرناه في فصل من كتب لرسول الله (ص) وأضاف إليهم ابن سيد الناس (ت : ٧٣٤ ه‍) في فصل ذكر كتابه (ص) من عيون الأثر وقال :

أبو بكر وعمر وعلي وعامر بن فهيرة وعبد الله بن الأرقم وثابت بن قيس ابن شماس والمغيرة بن شعبة وعبد الله بن زيد وجهيم بن الصلت والزبير بن العوام وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعبد الله بن رواحة ومحمد بن مسلمة وعبد الله بن عبد الله بن أبي ومعيقيب بن أبي فاطمة وطلحة بن عبيد الله ويزيد ابن أبي سفيان والأرقم بن ابي الأرقم والعلاء بن عتبة وأبو أيوب الأنصاري خالد بن زيد وبريدة بن الحصيب والحصين بن نمير وأبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد وحويطب بن عبد العزي وأبو سفيان بن حرب وحاطب بن عمر وكتب له عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، ثم ارتد ورجع إلى مكة وكذب على رسول الله ، فنزلت فيه : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً)(٢).

وبين المؤرخ الثبت المسعودي في التنبيه والاشراف (ص / ٢٤٥ ـ ٢٤٦) ما كان يكتب كل منهم وقال :

كان خالد بن سعيد بن العاص بن امية يكتب بين يديه في سائر ما يعرض من أموره والمغيرة بن شعبة والحصين بن نمير يكتبان أيضا فيما يعرض من حوائجه ، وعبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث الزهري ، والعلاء بن عقبة يكتبان بين الناس المداينات وسائر العقود والمعاملات ، والزبير بن العوام ، وجهيم ابن الصلت يكتبان أموال الصدقات ، وحذيفة بن اليمان يكتب خرص الحجاز ، ومعيقيب بن أبي فاطمة الدوسي يكتب مغانم رسول الله (ص) ، وكان عليها من

__________________

(١) أمر الخط في فتوح البلدان ص ٦٦١ ـ ٦٦٢.

(٢) عيون الأثر ٢ / ١٩١.

٢٠٩

قبله وزيد بن ثابت الأنصاري ثم الخزرجي من بني غنم بن مالك بن النجار يكتب الى الملوك ، ويجيب بحضرة النبي (ص) وكان يترجم للنبي (ص) بالفارسية والرومية والقبطية والحبشة ، تعلم ذلك بالمدينة من أهل هذه الألسن ، وكان حنظلة بن الربيع بن صيفي الاسيدي التميمي يكتب بين يديه (ص) في هذه الأمور اذا غاب من سمينا من سائر الكتاب ينوب عنهم في سائر ما ينفرد به كل واحد منهم ، وكان يدعي حنظلة الكاتب ، توفي في خلافة عمر بن الخطاب.

وكتب له عبد الله بن أبي سرح من بني عامر بن لؤي بن غالب ثم لحق بالمشركين بمكة مرتدا ، وكتب له شرحبيل بن حسنة الطابخي ، وكان أبان بن سعيد والعلاء بن الحضرمي ربما كتبا بين يديه ، وكتب له معاوية قبل وفاته باشهر ، وإنما ذكرنا من أسماء كتابه (ص) من ثبت على كتابته واتصلت أيامه فيها وطالت مدته وصحت الرواية على ذلك من أمره من كتب الكتاب والكتابين والثلاثة إذ كان لا يستحق بذلك ان يسمى كاتبا ويضاف إلى جملة كتابه.

دراسة الخبر :

وصف العلماء هذا العدد الكبير بكتاب الوحي وأحيانا وصفوا الواحد منهم بكاتب الوحي ويصدق هذا الوصف عليهم جميعا وعلى الواحد منهم كذلك في ما اذا كان رسول الله (ص) قد عينهم لتدوين القرآن بينما نجد المسعودي عند ما يذكر نوع عملهم في الكتابة لم يخص أحدا بذكر كتابة القرآن ومن ثم نعرف أنهم جميعا كانوا يكتبون ما نزل من القرآن كسائر الكتبة من الصحابة وسنذكر في ما يأتي أن نسخة من القرآن كان في بيت الرسول (ص) وأمر الامام علي بجمعه بعد وفاته ولعله كان قد أمره في حال حياته بكتابة تلك النسخة ثم أمره بعد وفاته بجمعها بعد أن كانت مكتوبة على قطع مختلفة.

كان ذلك شأن الكتابة والكتاب على عهد رسول الله (ص) في المدينة وفي ما يأتي خبر النظام الذي سنه الرسول في تدوين القرآن.

٢١٠

د ـ كيفية تدوين القرآن بأمر الرسول (ص):

في مسند أحمد بسنده عن ابن عباس أنه قال في حديثه عن الخليفة عثمان أنّه قال :

إن رسول الله (ص) كان مما يأتي عليه الزمان ينزل عليه من السور ذوات العدد ، وكان إذا أنزل عليه الشيء يدعو بعض من يكتب عنده ، يقول : ضعوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ، وينزل عليه الآيات فيقول : ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ، وينزل عليه الآية فيقول : ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا (١).

وفي لفظ آخر قال :

كان رسول الله (ص) مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه من السور ذوات العدد ، فكان إذا أنزل عليه الشيء دعا بعض من يكتب له فيقول : ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ، وإذا أنزلت عليه الآيات قال : ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ، وإذا أنزلت عليه الآية قال : ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا (٢).

ولفظ الحديث في سنن أبي داود كالآتي :

قال عثمان : كان النبي (ص) مما ينزل عليه الآيات فيدعو بعض من كان يكتب له ويقول له «ضع هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا» وتنزل عليه الآية والآيتان فيقول مثل ذلك (٣).

وفي سنن الترمذي :

__________________

(١) مسند احمد ١ / ٥٧ ، وكنز العمال الحديث ٤٧٧٠.

(٢) مسند احمد ١ / ٦٩ ، ومستدرك الحاكم ، كتاب التفسير ، ٢ / ٢٢١. ذكر ابن الجوزي بعض الحديث في تفسيره زاد المسير تفسير سورة التوبة ٣ / ٣٨٩ ـ ٣٩٠.

(٣) سنن ابي داود ١ / ٢٠٩ كتاب الصلاة باب من جهر بها.

٢١١

قال عثمان : كان رسول الله (ص) مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد ، فكان اذا نزل عليه الشيء ، دعا بعض من كان يكتب فيقول ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا.

وإذا نزلت عليه الآية فيقول ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا.

قال ابو عيسى هذا حديث حسن صحيح (١).

وفي مستدرك الحاكم وتلخيصه :

فقال عثمان (رض) ان رسول الله (ص) كان يأتي عليه الزمان تنزل عليه السور ذوات عدد ، فكان اذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من كان يكتبه ، فيقول : ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا.

وتنزل عليه الآية ، فيقول : ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا (٢).

ووضع له رمز البخاري ومسلم أي أن الحديث صحيح على شرطهما.

وفي تفسير القرطبي بسنده عن ابن وهب قال :

سمعت مالكا يقول : إنما ألف القرآن على ما كانوا يسمعونه من رسول الله (ص). وذكر أبو بكر الأنباري في كتاب الردّ : أن الله تعالى أنزل القرآن جملة إلى سماء الدنيا ، ثم فرق على النبي (ص) في عشرين سنة ، وكانت السورة تنزل في أمر يحدث ، والآية جوابا لمستخبر يسأل ، ويقف جبريل رسول الله (ص) على موضع السورة والآية ، فاتساق السورة كاتساق الآيات والحروف ، فكلّه عن محمد

__________________

(١) سنن الترمذي ط. مصر سنة ١٣٥٣ ه‍ ١١ / ٢٢٦ ـ ٢٢٧ في تفسير سورة التوبة ، وفي تفسير ابن كثير ٢ / ٣٣١ ، وفي فضائل القرآن ٤ / ١١ ، وفي كتاب المصاحف لابن ابي داود ص ٣١ ، والسيوطي ٣ / ٢٠٧ ـ ٢٠٨ ، وكنز العمال الحديث ٤٧٧٠.

(٢) مستدرك الحاكم وتلخيصه للذهبي ٢ / ٢٢١.

٢١٢

خاتم النبيين عليه‌السلام ، عن ربّ العالمين ؛ فمن أخر سورة مقدّمة أو قدّم أخرى مؤخرة ، فهو كمن أفسد نظم الآيات ، وغيّر الحروف والكلمات (١).

وفي كنز العمال : عن عسعس بن سلامة قال :

قلت لعثمان : يا أمير المؤمنين ما بال الانفال وبراءة ليس بينهما (بسم الله الرحمن الرحيم)؟ قال كانت تنزل السورة فلا تزال تكتب حتى تنزل (بسم الله الرحمن الرحيم) فاذا جاءت (بسم الله الرحمن الرحيم) كتبت سورة أخرى. فنزلت الانفال ولم تكتب (بسم الله الرحمن الرحيم) (٢).

وفي ترجمة رافع بن مالك من أسد الغابة ما موجزه :

إن رافع بن مالك بن العجلان الانصاري الخزرجي تعلم من رسول الله في مكة سورة طه ثم كتبها ثم أقبل بها الى المدينة ، فقرأها على بني زريق.

وفي ترجمته من الاصابة : انه أوّل من قوّم كتّابهم.

ه ـ نظام تدوين القرآن :

أ ـ كان الوحي يعين مكان الآيات في السور.

في حديث عثمان بن ابي العاص بمسند أحمد :

قال : كنت عند رسول الله (ص) اذ شخص ببصره ... فقال : اتاني جبريل (ع) فأمرني أن أضع هذه الآية بهذا الموضع من هذه السورة : ان الله يأمر بالعدل والاحسان ... (٣).

__________________

(١) تفسير القرطبي ١ / ٦٠. وابن وهب هو ابو محمد عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي المصري الفقيه. قال علي بن الحسين بن الجنيد : مسائل ابن وهب عن مالك صحيحة ، تهذيب التهذيب بترجمته ، ٦ / ٧١ ـ ٧٤.

(٢) كنز العمال ط ٢ ، ٢ / ٣٦٧ ـ ٣٦٨.

(٣) مسند احمد ٤ / ٢١٨.

٢١٣

ب ـ كان الرسول يأمر بتدوين الآيات في السورة.

ذكرنا حديث عثمان في بحث كيفية تدوين القرآن السابق.

وفي حديث البراء بن عازب :

ان رسول الله (ص) نزلت عليه آية فقال : ادع لي زيدا وليجئ باللوح والدواة والكتف أو الكتف والدواة قال : ثم اكتب ... الحديث (١).

وفي مستدرك الحاكم وتلخيصه :

عن زيد بن ثابت قال : كنا حول رسول الله (ص) نؤلّف القرآن ...

وفي رواية : كنا عند رسول الله (ص) نؤلّف القرآن من الرقاع ...

قال الحاكم : (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ـ البخاري ومسلم ـ ولم يخرجاه وفيه البيان الواضح ان جمع القرآن لم يكن مرة واحدة فقد جمع بحضرة رسول الله (ص) ثم جمع بعضه بحضرة أبي بكر الصديق والجمع الثالث هو في ترتيب السورة كان في خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان (رض)) (٢).

و ـ القلم الذي خط به القرآن :

اطنب المستشرقون ومن تبعهم من المشارقة في التفكير في وصف الخط الذي كتب به القرآن في صدر الاسلام.

أما المستشرقون منهم ، فإنهم أرادوا بعملهم التشكيك من طرف خفي بثبوت النص القرآني كما سنشرحه في آخر هذا الباب ان شاء الله تعالى.

وسار أتباعهم من الشرقيين في طريقهم دونما تنبه لهدفهم المنشود.

__________________

(١) صحيح البخاري ٣ / ١٥١ كتاب فضائل القرآن باب كاتب النبي.

(٢) مستدرك الحاكم وتلخيصه كتاب التفسير ٢ / ٢٢٩. الاتقان للسيوطي ١ / ٥٩.

٢١٤

أما نحن فنقول : إن كل ما فعلوه باسم البحث العلمي لا جدوى فيه بتاتا ويكفينا في هذا الصدد أن نعلم أن الخط الذي دون المسلمون به قرآنهم كالآتي تصويره :

٢١٥

٢١٦

بسم الله الرحمن الرحيم

من محمد رسول الله الى المنذر بن ساوى سلام عليك فاني احمد الله اليك الذي لا اله غيره واشهد ان لا إله إلّا الله وأنّ محمدا عبده ورسوله.

أما بعد فإني أذكرك الله عزوجل ، فإنه من ينصح فانما ينصح لنفسه ، وانه من يطع رسلي ويتبع أمرهم فقد أطاعني ، ومن نصح لهم فقد نصح لي. وإن رسلي قد أثنوا عليك خيرا. وإني قد شفعتك في قومك فاترك للمسلمين ما أسلموا عليه ، وعفوت عن أهل الذنوب فاقبل منهم. وإنك مهما تصلح فلن نعزلك عن عملك. ومن أقام على يهوديته أو مجوسيته فعليه الجزية.

 (محل الختم)

رسول الله محمد (١)

وهذا الخط خال من الاعجام ولا فرق في خطه بين الباء والتاء والثاء والنون والياء في وسط الكلام وآخره وأوله وخال من الإعراب لأي علامات الفتحة والكسرة والضمة والسكون ـ منها ثم أدخل كل منها في رسم الخط القرآني ابتداء من النصف الثاني من القرن الأول الهجري مندرجا كما سنبينه في ما يأتي ان شاء الله تعالى.

__________________

(١) مجموعة الوثائق السياسية د. محمود.

٢١٧

خامسا ـ أخبار السيرة في القرآن الكريم :

مقدمة البحث :

نورد في هذا البحث من الآيات والروايات في شأن نزولها وبيانها وتفسيرها ما نحتاج الى دركها واستيعابها في بحث اختلاف المصاحف وزيادة القرآن ونقصانه ـ معاذ الله ـ الآتيين (١).

الآيات وشأن نزولها وتفسيرها وبيانها في الروايات

أ ـ ما يخص الرسول (ص) وأهل بيته :

١ ـ آية التطهير :

قال الله سبحانه في سورة الاحزاب / ٣٣ :

(إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)

شأن نزول الآية وما صنع الرسول (ص) بهذه المناسبة :.

روى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب (٢) قال :

__________________

(١) سوف نستدل باذنه تعالى في البابين المذكورين عن اثر هذه الاخبار فيهما.

(٢) بمستدرك الصحيحين ٣ / ١٤٧.

وعبد الله بن جعفر ذو الجناحين : ابن عمّ النبي أبي طالب وأمّه أسماء بنت عميس الخثعمية ـ

٢١٨

(لمّا نظر رسول الله (ص) إلى الرحمة هابطة ، قال : «أدعوا لي ، ادعوا لي» فقالت صفية (١) : من يا رسول الله؟

قال : «أهل بيتي عليّا وفاطمة والحسن والحسين» (٢).

__________________

ـ ولد بأرض الحبشة في هجرة أبويه إليها ، وهاجر أبوه به إلى المدينة. وكان حليما كريما يقال له : بحر الجود ، توفي بالمدينة سنة ثمانين عام الجحاف ـ عام جاء فيه سيل عظيم ببطن مكّة جحف الحاجّ وذهب بالإبل عليها أحمالها ـ وروى عنه أصحاب الصحاح ٢٥ حديثا. ترجمته بأسد الغابة وجوامع السيرة ص ٢٨٢.

(١) صفية بنت حيي بن أخطب : من سبط هارون بن عمران من بني إسرائيل ، وأمّها برة بنت السموأل من بني قريظة. كانت زوجة كنانة بن الربيع من يهود بني النضير فقتل عنها يوم خيبر فاصطفاها النبيّ وقال لها : «إن اخترت الإسلام أمسكتك لنفسي وإن اخترت اليهودية فعسى أن أعتقك فتلحقي بقومك» ، فقالت : يا رسول الله لقد هويت الإسلام وصدقت بك قبل أن تدعوني حيث صرت إلى رحلك ، وما لي في اليهودية إرب وما لي فيها والد ولا أخ ، وخيّرتني الكفر والاسلام ، فالله ورسوله أحبّ إليّ من العتق وأن أرجع إلى قومي. فاعتدّت ثم تزوّجها النبيّ وتوفّيت في سنة ٥٢ ه‍ وروى عنها أصحاب الصحاح ١٠ أحاديث. ترجمتها بطبقات ابن سعد ٨ / ١٢٠ ـ ١٢٩. وجوامع السيرة ص ٢٨٥.

(٢) فاطمة بنت رسول الله (ص) وأمّها أمّ المؤمنين خديجة (ع).

في ترجمتها بأسد الغابة والإصابة : أن كنيتها أمّ أبيها وأنه انقطع نسل رسول الله إلا منها ، وقال رسول الله (ص) لفاطمة : «إن الله يغضب لغضبك ويرضي لرضاك» أخرجه ـ أيضا ـ الحاكم في مستدركه ٣ / ١٥٣. وبميزان الاعتدال ٢ / ٧٧. وتهذيب ٢ لتهذيب ١٢ / ٤٤١. وفي باب مناقب فاطمة بصحيح البخاري ٤ / ٢٠٠ و ٢٠١ و ٢٠٥ : قال رسول الله (ص): «فاطمة بضعة منّي ، من أغضبها أغضبني».

وفي رواية أخرى فيه بباب ذبّ الرجل عن ابنته من كتاب النكاح ٣ / ١٧٧ ، وباب فضائل فاطمة من صحيح مسلم ، والترمذي. وبمسند أحمد ٤ / ٣٢٨. ومستدرك الصحيحين ٣ / ١٥٣ : «يؤذيني ما آذاها ، أو يؤذيها».

وكان آخر الناس عهدا برسول الله إذا سافر فاطمة ، وإذا قدم من سفر كان أول الناس عهدا به فاطمة ، كما في مستدرك الصحيحين ٣ / ١٥٥ و ١٥٦ و ١ / ٤٨٩. ومسند أحمد ٥ / ٢٧٥. وسنن البيهقي ١ / ٢٦.

٢١٩

فجيء بهم. فألقى عليهم النبيّ (ص) كساءه ، ثمّ رفع يديه ، ثمّ قال :

__________________

وفي باب فرض الخمس من صحيح البخاري ٢ / ١٢٤ ، عن عائشة أنّ فاطمة سألت أبا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله (ص) أن يقسم لها ميراثها ما ترك رسول الله ممّا أفاء الله عليه ، فقال أبو بكر : إنّ رسول الله قال : «لا نورث ما تركنا صدقة». فغضبت فاطمة بنت رسول الله فهجرت أبا بكر ، فلم تزل مهاجرته حتى توفّيت ، وعاشت بعد رسول الله (ص) ستّة أشهر.

وفي باب غزوة خيبر منه ٣ / ٣٨ ؛ فلمّا توفّيت دفنها زوجها عليّ ليلا ، ولم يؤذن بها أبا بكر ، وصلّى عليها ، وكان لعليّ وجه حياة فاطمة ، فلمّا توفّيت استنكر عليّ وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي بكر ...

ورواه مسلم كذلك في صحيحه بكتاب الجهاد ٥ / ١٥٤. ومسند أحمد ١ / ٩. وسنن البيهقي ٦ / ٣٠٠.

وبترجمتها في أسد الغابة : وأوصت إلى أسماء أن تغسلها ولا تدخل عليها أحدا ، فلما توفّيت جاءت عائشة فمنعتها أسماء.

قال المؤلف :

ولم يعرف موضع قبرها حتّى اليوم.

وروى عنها أصحاب الصّحاح ١٨ حديثا. جوامع السيرة ص ٢٨٣.

والحسنان سبطا رسول الله وابنا علي وفاطمة.

ولد الحسن في النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة ، وولد الحسين لثلاث خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة.

قال رسول الله (ص) : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبو هما خير منهما. في سنن ابن ماجة باب فضائل أصحاب رسول الله (ص) ص ٥١ ـ ٥٢. ومستدرك الصحيحين ٣ / ١٦٧. ومصادر كثيرة غيرهما.

بايع المسلمون الحسن بعد وفاة أبيه سنة أربعين وبقي أكثر من ستّة أشهر في الخلافة ، ثمّ اقتضت مصلحة الإسلام العليا أن يصالح معاوية. ولمّا أراد معاوية أن يأخذ البيعة لابنه يزيد دسّ إليه السّمّ فقتله سنة خمسين. أحاديث أمّ المؤمنين عائشة ١ / ٢٥١ ـ ٢٦٦.

وفي سنة ستين أبي الحسين أن يبايع يزيد وقال : «وعلى الإسلام السلام إذا بليت الأمّة براع مثل يزيد». فقتله جيش يزيد بكربلاء عاشوراء سنة إحدى وستّين. اللهوف لابن طاوس.

روى أصحاب الصحاح عن الحسن ١٣ حديثا ، عدا البخاري ومسلم ، وعن الحسين ٨ أحاديث. جوامع السيرة ص ٢٨٤ و ٢٨٦. وتقريب التهذيب ١ / ١٦٨.

٢٢٠