نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٧

خلفتموني فيهما.

قال : فأعضل علينا ما ندري ما الثقلان حتى قام رجل من المهاجرين قال : بأبي وأمي أنت يا رسول الله وما الثقلان؟ قال : الأكبر منهما كتاب الله ، سبب طرف بيد الله وطرف بأيديكم ، تمسكوا به ولا تزلوا ولا تضلوا ، والأصغر منهما عترتي ، من استقبل قبلتي وأجاب دعوتي فلا تقتلوهم ولا تقهروهم ولا تقصروا عنهم ، فاني قد سألت لهم اللطيف الخبير فأعطاني ، وناصرهما لي ناصر وخاذلهما لي خاذل ووليهما لي ولي وعدوهما لي عدو ، ألا فإنها لن تهلك أمة قبلكم حتى تدين بأهوائها وتظاهر على نبيها وتقتل من قام بالقسط.

ثم أخذ بيد علي بن أبى طالب رضي‌الله‌عنه ورفعها وقال : من كنت مولاه فهذا مولاه ، ومن كنت وليه فهذا وليه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ».

ترجمته :

وترجم له جماعة من العلماء ، ومما يدل على عظمته وجلالته استناد العلامة الأمير الى كتابه ( محاسن الازهار ) ، ونقله عنه كثيرا في كتابه ( الروضة الندية ) ، مع وصفه بـ « العلامة الفقيه » وتارة « الفقيه العلامة حميد الشهيد رحمه‌الله ».

وكذا رواية القاضي الشوكاني لكتابه المذكور ، فانه يعد بذلك من جملة مشايخ الشوكانى في الإجازة ، قال الشوكاني : « محاسن الازهار لحميد الشهيد ، أرويها بالاسناد المتقدم في الديباج الى الداودي عن القاسم بن أحمد ابن حميد عن المؤلف » (١).

__________________

(١) اتحاف الأكابر بإسناد الدفاتر : ٧٨.

٤٢١

*(١٣١)*

رواية نور الدين الهيثمي

روى الهيثمي حديث الثقلين في كتابه ( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ) ـ وهو الكتاب الذي جمع فيه زوائد الكتب الستة من ( مسند أحمد ) و ( مسند البزار ) و ( مسند أبي يعلى ) و ( المعاجم الثلاثة للطبراني ) ـ على ما نص عليه المناوي إذ قال في شرح الحديث : « قال الهيثمي رجاله موثقون ، ورواه أيضا أبو يعلى بسند لا بأس به ، والحافظ عبد العزيز بن الأخضر ، وزاد أنه قال في حجة الوداع ، ووهم من زعم ضعفه كابن الجوزي. قال السمهودي : وفي الباب ما يزيد على عشرين من الصحابة » (١).

ترجمته :

١ ـ شمس الدين السخاوي : « على بن أبى بكر بن سليمان بن أبي بكر ابن عمر بن صالح ، نور الدين أبو الحسن الهيثمي القاهري الشافعي الحافظ ، ويعرف بالهيثمي ، كان أبوه صاحب حانوت بالصحراء ، فولد له هذا في رجب سنة خمس وثلاثين وسبعمائة ، فنشأ فقرأ القرآن ، ثم صحب الزين العراقي وهو بالغ ، ولم يفارقه سفرا وحضرا حتى مات .. وهو مكثر سماعا وشيوخا ، ولم يكن الزين يعتمد في شيء من أموره الا عليه ، حتى أنه أرسله مع ولده الولي لما ارتحل بنفسه الى دمشق ، وزوجه ابنته خديجة ورزق منها عدة أولاد.

وكتب الكثير من تصانيف الشيخ ، بل قرأ عليه أكثرها ، وتخرج به في الحديث ، بل دربه في افراد زوائد كتب كالمعاجم الثلاثة للطبراني والمسانيد لأحمد والبزار وأبي يعلى على الكتب الستة. وابتدأ أولا بزوائد أحمد فجاء في مجلدين ، وكل واحد من الخمسة الباقية في تصنيف مستقل الا الطبراني

__________________

(١) فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير ٣ / ١٥ وانظر : مجمع الزوائد ٩ / ١٦٣.

٤٢٢

الأوسط والصغير منهما في تصنيف ، ثم جمع الجميع في كتاب واحد محذوف الأسانيد سماه ( مجمع الزوائد ). وكذا أفرد زوائد صحيح ابن حبان على الصحيحين ، ورتب أحاديث الحلية لابي نعيم على الأبواب ، ومات عنه مسودة فبيّضه وأكمله شيخنا في مجلدين ، وأحاديث الغيلانيات والخلعيات وفوائد ابى تمام والافراد للدارقطنى أيضا على الأبواب في مجلدين. ورتب كلا من ثقات ابن حبان والعجلي على الحروف ...

وكان عجبا في الدين والتقوى والزهد والإقبال على العلم والعبادة والأوراد ، وخدمة الشيخ وعدم مخالطة الناس في شيء من الأمور ، والمحبة في الحديث وأهله ، وحدث بالكثير رفيقا للزين ، بل قل أن حدث الزين بشيء الا وهو معه ، وكذلك قل أن حدث هو بمفرده ، لكنهم بعد وفاة الشيخ أكثروا عنه ، ومع ذلك فلم يغير حاله ولا تصدر وتمشيخ ...

وقد ترجمه ابن خطيب الناصرية في ذيل تاريخ حلب ، والتقي الفاسي في ذيل التقييد ، وشيخنا في معجمه وانبائه ومشيخة البرهان الحلبي ، والغرس خليل الاقفهسي في معجم ابن ظهيرة ، والتقى ابن فهد في معجمه وذيل الحفاظ وخلق كالمقريزي في عقوده.

قال شيخنا في معجمه : وكان خيرا ساكنا لينا سليم الفطرة ، شديد الإنكار للمنكر ، كثير الاحتمال لشيخنا ولأولاده ، محبا في الحديث وأهله ...

وقال في أنبائه : انه صار كثير الاستحضار للمتون جدا لكثرة الممارسة ، وكان هينا لينا دينا خيرا محبا في أهل الخير ، لا يسأم ولا يضجر من خدمة الشيخ وكتابة الحديث ، سليم الفطرة كثير الخير والاحتمال والأذى ، خصوصا عن جماعة الشيخ ، وقد شهد لي بالتقدم في الفن جزاه الله عني خيرا.

وقال البرهان الحلبي : انه كان من محاسن القاهرة.

وقال التقي الفاسي : كان كثير الحفظ للمتون والآثار صالحا خيرا ...

٤٢٣

وقال الاقفهسي : كان اماما عالما حافظا زاهدا متواضعا متوددا الى الناس ، ذا عبادة وتقشف وورع ـ انتهى.

والثناء على دينه وزهده وورعه ونحو ذلك كثير جدا ، بل هو في ذلك كلمة اتفاق ، وأما في الحديث فالحق ما قاله شيخنا ... » (١).

٢ ـ الجلال السيوطي : « الهيثمي الحافظ ... قال الحافظ ابن حجر : كان خيرا ساكنا صينا لينا سليم الفطرة شديد الإنكار للمنكر لا يترك قيام الليل ، مات في تاسع عشرين رمضان سنة ٨٠٧ » (٢).

٣ ـ الجلال السيوطي أيضا في ذكر من كان بمصر من حفاظ الحديث ونقاده ، كما تقدم (٣).

٤ ـ والشوكانى بمثل ما تقدم (٤).

*(١٣٢)*

رواية المجد الفيروزآبادي

روى حديث الثقلين قائلا : « والثقل محركة متاع المسافر وحشمه وكل شيء نفيس مصون ، ومنه الحديث : انّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي » (٥).

ترجمته :

١ ـ ابن قاضي شهبة في ( طبقات الشافعية ٤ / ٧٩ ).

٢ ـ وتقى الدين الفاسى في ( العقد الثمين في تاريخ البلد الامين ).

__________________

(١) الضوء اللامع ٥ / ٢٠٠.

(٢) طبقات الحفاظ : ٥٤١.

(٣) حسن المحاضرة ١ / ٣٦٢.

(٤) البدر الطالع ١ / ٤٤.

(٥) القاموس المحيط ٣ / ٣٤٣.

٤٢٤

٣ ـ والسخاوي في ( الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ١٠ / ٧٩ ).

٤ ـ والجلال السيوطي في ( بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة ١١٧ ـ ١١٨ ).

٥ ـ والشوكانى في ( البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع ٢ / ٢٨٠ ).

٦ ـ والقنوجى في ( التاج المكلل ٨١٧ ) وغيرهم. وبملاحظة هذه المصادر يتبين شأن المجد الشيرازي الفيروزآبادي لدى أبناء السنة.

*(١٣٣)*

رواية الحافظ البخاري المعروف بـ ( خواجة بارسا )*

روى حديث الثقلين في كتابه ( فصل الخطاب ) فقد قال فيه ما نصه : « وقال الشيخ الامام العارف الولي أبو عبد الله محمد بن علي الحكيم الترمذي قدس الله تعالى روحه في كتاب ( نوادر الأصول في معرفة أخبار الرسول ) في الأصل الموفي خمسين : حدثنا نصر بن عبد الرحمن الوشاء ، قال حدثنا زيد بن الحسن الانماطي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه رضي الله عنهما ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب ، فسمعته يقول : يا أيها الناس قد تركت ما ان أخذتم به لن تضلوا ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي.

حدثنا نصر ، قال حدثنا زيد بن الحسن ، قال حدثنا معروف بن خربوذ المكي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، عن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي‌الله‌عنه قال : لما صدر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من حجة الوداع خطب فقال : يا أيها الناس انه قد نبأنى اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي الا مثل نصف عمر الذي بليه من قبل ، واني أظن أن يوشك أن أدعى فأجيب ، واني فرطكم على الحوض ، واني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين ، فانظروا

٤٢٥

كيف تخلفوني فيهما ، الثقل الأكبر كتاب الله عز وجل ، سبب طرفه بيد الله سبحانه وطرفه بأيديكم ، فاستمسكوا به ولا تضلوا ولا تبدلوا. وعترتي أهل بيتي ، فاني قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ».

وقال فيه نقلا عن جامع الأصول : « وقال زيد بن أرقم رضي‌الله‌عنه : قام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة فحمد الله عز وجل وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال : أما بعد ، ألا أيها الناس انما أنا بشر يوشك أن يأتينى رسول ربى فأجيب ، واني تارك فيكم ثقلين ، أولهما كتاب الله عز وجل فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به. فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال : وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي. أخرجه مسلم رحمه الله تعالى.

قال زيد رضي‌الله‌عنه : اهل بيته صلّى الله عليه وسلّم من حرم الصدقة بعده ، آل عليّ وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس رضي الله عنهم. قيل لزيد : أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال : نساؤه من أهل بيته ، ولكن أهل بيته أهله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده ـ كذا أخرجه مسلم رحمه‌الله ».

ترجمته :

١ ـ الكفوى : « محمد بن محمد بن محمود الحافظي البخاري المعروف بخواجه محمد بارسا. أعز خلفاء الشيخ الكبير خواجه بهاء الدين نقشبند قدس الله أرواحهما. كان من نسل حافظ الدين الكبير تلميذ شمس الأئمة الكردري قد نص عليه في ذكر محمود الانجير الماضي في قلب الكتيبة الحادي عشر.

ولد سنة ست وخمسين وسبعمائة ، وقرأ العلوم على علماء عصره ، وقد كان قد بهر على أقرانه في دهره ، وحصل الفروع والأصول ، وبرع في المعقول

٤٢٦

والمنقول ، وكان شابا.

أخذ الفقه عن قدوة وبقية أعلام الهدى الشيخ الامام الشيخ العارف الولي أبو الطاهر محمد بن الحسن بن علي الطاهر ، ووقع منه الإجازة في أواخر شعبان سنة ست وسبعين وسبعمائة في بخارى. وروي عن خواجه محمد بارسا أنه قال : أجازنى بقية أعلام الهدى أبو الطاهر اني أروي عنه ما قرأت عليه وما سمعت من الفروع والأصول ، وأدرس ما أحرزته من المعقول والمنقول على الشرط المشروط عند النقلة والرواة ، وقد أكملت في تلك السنة عشرين ، وذلك في أواخر شعبان سنة ست وسبعين وسبعمائة.

وأخذ أبو الطاهر عن الشيخ الامام مولانا صدر الشريعة عبيد الله البرهاني المحبوبى ، ووقع الإجازة منه في ذي القعدة سنة خمس وأربعين وسبعمائة. وهو أخذ عن جده تاج الدين محمود بن صدر الشريعة أحمد بن جمال الدين عبيد الله المحبوبي ، عن أبيه أحمد عن أبيه جمال الدين ، عن الشيخ الامام المفتي امام زاده صاحب الشرعة ، عن العماد الزرنجري عن أبيه شمس الأئمة الزرنجرى عن شمس الأئمة السرخسي ، عن شمس الأئمة الحلواني عن أبي على النسفي عن الشيخ الامام أبي بكر محمد بن أبي الفضل ، عن عبد الله السدموني عن أبي عبد الله عن أبي حفص الكبير ، عن أبيه عن محمد عن أبي حنيفة رحمة الله عليهم أجمعين.

وأخذ الفروع والأصول عنه المولى العالم الكامل الياس بن يحيى بن حمزة الرومي ، وأجازه ببخارى يوم الجمعة الحادي والعشرين من شعبان سنة إحدى وعشرين وثمانمائة ، وأخذ عنه أيضا ولده المولى العارف الرباني حافظ الدين محمد بن محمد بن محمد بن محمود الحافظى البخاري الشهير بخواجه أبو نصر بارسا » (١).

٢ ـ غياث الدين المدعو بـ ( خواندمير ) في تاريخه ( حبيب السيرفي

__________________

(١) كتائب اعلام الأخيار.

٤٢٧

اخبار افراد البشر ) : « كان من أولاد عبد الله بن جعفر الطيار رضي الله عنهما ، توجه في محرم سنة ٨٢٢ لأداء فريضة الحج وزيارة قبر خير الأنام عليه الصلاة والسلام ... وكلما دخل بلدة أو قرية تلقاه أهلها وعلماؤها بالإكرام والإعزاز ، وعند ما وصل مكة وفرغ من المناسك ابتلي بمرض شديد حتى انه طاف الطواف الأخير وهو محمول. ثم انه توجه الى المدينة على ما هو عليه من الضعف والمرض ، فبينما هو في بعض الطريق إذ أمر أحد أصحابه بكتابة هذه الكلمات :

بسم الله الرحمن الرحيم. جاءني سيد الطائفة الجنيد قدس الله سره في ضحوة يوم السبت التاسع عشر من ذي لحجة سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة عند انصرافنا من مكة المكرمة زادها الله تعالى تكريما ، ونحن نسير مع الركب وأنا بين النوم واليقظة ، فقال لي : زيارة وبشارة ، القصد مقبول. فحفظت هذه الكلمة وسررت بها ، ثم استيقظت من الحالة الواقعة بين النوم واليقظة ، والحمد لله على ذلك.

حتى وصل المدينة المنورة يوم الأربعاء في الثالث والعشرين من الشهر نفسه ، فتوفي يوم الخميس ، فصلى عليه مولانا شمس الدين الفناري ، وأهل الركب ليلة الجمعة ، ودفن في تلك الليلة بجوار العباس رضي‌الله‌عنه.

ومن مؤلفات الخواجة محمد پارسا كتاب ( فصل الخطاب ) وهو الكتاب الذي لا ينظر اليه علماء الشيعة بنظر الاعتبار ».

٣ ـ ومجد الدين البدخشانى في ( جامع السلاسل ـ مخطوط ).

٤ ـ وعبد الرحمن الجامى كما تقدم (١).

وهذا المقدار كاف لمعرفة عظمة الرجل ...

__________________

(١) نفحات الانس : ٣٩٢.

٤٢٨

*(١٣٤)*

رواية ملك العلماء شهاب الدين الدولت آبادي

روى حديث الثقلين بطرق عدة من الكتب المعتبرة في الاخبار والسنة ، مع بيانات له تؤكد معنى الحديث وتصريح بما هو الحق الذي لا ريب فيه.

قال في الجلوة الاولى فيما جاء في تمسكهم : « وفي ( دستور الحقائق ) للإمام فخر الدين الهانسوي رحمه‌الله : روى عن زيد بن أرقم قال : لما رجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن حجة الوداع ونزل عند غدير خم ـ وهو اسم موضع بين مكة والمدينة ـ فأخر أن يجمع رحال الإبل ، فجعلها كالمنبر فصعد عليها وقال : اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ، ان تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي.

وفيه أيضا : من أراد أن يتمسك بالحبل المتين فليحب عليا وذريته.

وفي ( المشارق ) في باب أما و ( المصابيح ) عن زيد بن أرقم قال : قام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فينا خطيبا بماء يسمى خما بين مكة والمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال : أما بعد يا أيها الناس ، انما أنا بشر مثلكم يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب ، واني تارك فيكم الثقلين كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ، وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي.

وفي ( العمدة ) و ( الدرر ) و ( تاج الاسامي ) : اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ، ولن تضلوا أبدا ان تمسكتم بهما.

وفي ( الأربعين عن الأربعين ) و ( كتاب الشفاء ) و ( نصاب الاخبار ) و ( المصابيح ) و ( مشكاة الأنوار ) و ( النسائية ) : أنا محمد بن المثنى ، قال نبأ يحيى [ بن حماد ، قال أنا أبو عوانة ، عن سليمان ، قال ثنا حبيب ] بن أبي ثابت ، عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم قال : لما رجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن حجة الوداع ونزل غدير خم ، أمر بدوحات فقممن ثم قال : اني

٤٢٩

دعيت فأجبت ، واني تارك فيكم الثقلين ، أحدهما أعظم من الآخر وأكبر ، كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما.

وفي ( المصابيح ) في الحسان : عن جابر رضي‌الله‌عنه قال : رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الناقة القصواء يخطب فسمعته يقول : يا أيها الناس اني تركت فيكم ما ان أخذتم به لن تضلوا ، كتاب الله وعترتي » (١).

ثم انه تكلم على هذا الحديث وأحاديث أخرى بما لا مزيد عليه ، إذ شرحها شرحا يكشف عن أسرارها ويوضح مقصود النبي صلّى الله عليه وسلّم من تلك الأقوال ، كلمة كلمة.

ثم انه رواه في الجلوة الثالثة والخامسة والسادسة من كتابه المذكور.

كما رواه في كتابه الآخر ( مناقب السادات ).

ترجمته :

١ ـ الشيخ عبد الحق الدهلوي في ( أخبار الأخيار ).

٢ ـ ومحمد محبوب عالم في ( تفسير شاهي ) حيث ينقل عنه.

٣ ـ وولى الله الدهلوي ( والد الدهلوي ) في ( المقدمة السنية ).

٤ ـ والكاتب الجلبى في ( كشف الظنون ) حيث ذكر كتبه.

٥ ـ وغلام على آزاد في ( سبحة المرجان في علماء هندوستان ٣٩ ).

٦ ـ ورشيد الدين خان الدهلوي في ( إيضاح لطافة المقال ) و ( غرة الراشدين ).

وهذا تعريب ما ذكره الشيخ عبد الحق الدهلوي في ترجمة الدولت آبادي :

« القاضي شهاب الدين الدولت آبادي ، أوصافه أشهر من أن تذكر ،

__________________

(١) هداية السعداء ـ مخطوط.

٤٣٠

فانه ـ وان كان في عصره علماء وأساتذة كثيرون ـ اشتهر من بينهم ونال القبول التام في أهل زمانه دونهم.

ومن تصانيفه ( حواشي الكافية ) وهو في غاية اللطافة والمتانة ، وقد اشتهر في زمانه وانتشر في الأقطار ، و ( الإرشاد ) في النحو ، وقد التزم فيه التمثيل في ضمن التعبير ، ورتبه ترتيبا جيدا ، وهو أيضا فريد من نوعه ، و ( بديع البيان ) في علم البلاغة ، وقد تقيد فيه بالسجع ، و ( البحر المواج ) وهو تفسير للقرآن الكريم بالفارسية ... وله ( شرح أصول البزودي ) الى مباحث الأمر ... ورسائل وكتب أخرى بالعربية والفارسية. وله رسالة في تقسيم العلوم ، وأخرى في ( الصنائع ) بالفارسية. وكان ينظم الشعر أيضا.

توفي في سنة ثمان وأربعين وثمانمائة ، وقبره في مدينة ( جونبور ).

وللقاضي شهاب الدين رسالة تسمى بـ ( مناقب السادات ) ذكر فيها وجوب محبة أهل البيت عليهم‌السلام ، وأسأله تعالى أن يسعده في الآخرة ببركاتها » (١).

*(١٣٥)*

رواية ابن الصباغ المالكي

« روى حديث الثقلين حيث قال : « وروى الترمذي أيضا عن زيد بن أرقم رضي‌الله‌عنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : من كنت مولاه فعلي مولاه. هذا اللفظ بمجرده رواه الترمذي ولم يزد عليه.

وزاد غيره ـ وهو الزهري ـ ذكر اليوم والزمان والمكان ، قال : لما حج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حجة الوداع وعاد قاصدا المدينة قام بغدير خم ـ وهو ما بين مكة والمدينة ـ وذلك في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة

__________________

(١) وتوجد ترجمته في نزهة الخواطر ٣ / ١٩.

٤٣١

الحرام وقت الهاجرة وقال : أيها الناس اني مسئول وأنتم مسئولون ، هل بلغت ونصحت؟ قالوا : نشهد أنك بلغت ونصحت. ثم قال : وأنا أشهد أني قد بلغت ونصحت. ثم قال : أيها الناس تشهدون أن لا اله الا الله وأني رسول الله؟ قالوا : نشهد أن لا اله الا الله وأنك رسول الله. قال : وأنا أشهد مثل ما شهدتم. ثم قال صلّى الله عليه وسلّم أيها الناس قد خلفت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وأهل بيتي ، ألا وان اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، وسعة حوضي ما بين بصرى وصنعاء ، عدد آنيته عدد النجوم ، ان الله سائلكم كيف خلفتموني في كتابه وفي أهل بيتي. ثم قال : أيها الناس من أولى الناس بالمؤمنين؟ قالوا : الله ورسوله أولى بالمؤمنين يقول ذلك ثلاث مرات. ثم قال في الرابعة ـ وأخذ بيد علي رضي‌الله‌عنه ـ : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاده ـ يقولها ثلاث مرات ـ ألا فليبلغ الشاهد الغائب » (١).

ترجمته :

وقد ترجم له ونقل عنه معتمدا عليه جماعة من مشاهير العلماء منهم :

١ ـ نجم الدين عمر بن فهد المكي في ( اتحاف الورى بأخبار أم القرى ).

٢ ـ وشمس الدين السخاوي في ( الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ٥ / ٢٨٣ ).

٣ ـ ونور الدين السمهودي في ( جواهر العقدين ـ مخطوط ).

٤ ـ ونور الدين الحلبي في ( السيرة الحلبية ).

٥ ـ والشيخانى القادرى في ( الصراط السوي ـ مخطوط ).

٦ ـ وعبد الرحمن الصفورى في ( نزهة المجالس ).

__________________

(١) الفصول المهمة : ٢٣.

٤٣٢

٧ ـ ومحمد محبوب عالم في ( تفسير شاهي ).

٨ ـ وإكرام الدين الدهلوي في ( سعادة الكونين ).

٩ ـ ومحمد الصبان في ( اسعاف الراغبين ).

١٠ ـ والعجيلى في ( ذخيرة المآل ـ مخطوط ).

١١ ـ والعدوى الحمزاوى في ( مشارق الأنوار ).

١٢ ـ والشبلنجي في ( نور الأبصار ).

والخلاصة : ان الرجل من كبار علماء أهل السنة البارزين الذين اعتمدوا على كتبهم ونقلوا رواياتهم.

*(١٣٦)*

رواية شمس الدين السخاوي الشافعي

روى حديث الثقلين يطرق وأسانيد متكثرة ، فقال في بيان تفسير آية المودة :

« وإذ قد بان لك الصحيح في تفسير هذه الآية فأقول : قد جاءت الوصية الصريحة بأهل البيت في غيرها من الأحاديث ، فعن سليمان بن مهران الأعمش عن عطية بن سعيد العوفي وحبيب بن أبي ثابت ، أولهما عن أبي سعيد الخدري رضي‌الله‌عنه وثانيهما عن زيد بن أرقم رضي‌الله‌عنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : انّي تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر ، كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما. أخرجه الترمذي في جامعه وقال : حسن غريب ـ انتهى.

وحديث أبي سعيد عند أحمد في مسنده من حديث الأعمش ، وكذا من حديث أبي إسرائيل الملائي اسماعيل بن خليفة وعبد الملك بن سليمان ، ورواه الطبراني في الأوسط من حديث كثير النواء أربعتهم عن عطية ، ورواه

٤٣٣

أبو يعلي وآخرون.

وتعجبت من إيراد ابن الجوزي له في العلل المتناهية ، بل أعجب من ذلك قوله : انه حديث لا يصح ، مع ما سيأتي من طرقه التي بعضها في صحيح مسلم ، فقد أخرج في صحيحه حديث زيد من طريق سعيد بن مسروق وأبي حيان يحيى بن سعيد بن حيان كلاهما واللفظ الثاني ـ عن يزيد بن حيان عن ثانيهما عن زيد بن أرقم رضي‌الله‌عنه قال : قام فينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ ثم ذكر ثم قال : أما بعد أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب ، واني تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى النور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال : وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ثلاثا. فقيل لزيد : من أهل بيته ، أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال : نساؤه من أهل بيته ، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. قيل : ومن هم؟ قال : هم آل عليّ وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس رضي الله عنهم. قيل : كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال : نعم.

وفي لفظ : قيل لزيد رضي‌الله‌عنه : من أهل بيته؟ نساؤه؟ فقال : لا أيم الله ان المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع الى أمها. وفي رواية غيره : الى أبيها وأمها ، أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده. أخرجه مسلم أيضا ، وكذلك النسائي باللفظ الاول ، وأحمد والدارمي في مسنديهما وابن خزيمة في صحيحه ، وآخرون كلهم من حديث أبي حيان التيمي يحيى بن سعيد بن حيان عن يزيد بن حيان.

وأخرجه الحاكم في المستدرك من حديث الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن زيد بن أرقم رضي‌الله‌عنه.

ومن حديث سلمة بن كهيل عن أبيه عن أبي الطفيل أيضا.

وحديث أبي الضحى مسلم بن صبيح عن زيد بن أرقم رضي‌الله‌عنه.

وقال عقب كل طريق من الطرق الثلاثة : انه صحيح على شرط

٤٣٤

الشيخين ولم يخرجاه.

وكذا أخرجه من طريق يحيى بن جعدة عن زيد بن أرقم ، وافقه على تخريج هذه الطريق الطبراني في الكبير ... وأخرجه الطبراني أيضا من حديث حكيم بن جبير عن أبي الطفيل عن زيد ...

وفي الباب عن جابر ، وحذيفة بن أسيد ، وخزيمة بن ثابت ، وسهل بن سعد ، وضميره ، وعامر بن أبي ليلى ، وعبد الرحمن بن عوف ، وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر ، وعدي بن حاتم ، وعقبة بن عامر ، وعليّ بن أبي طالب ، وأبي ذر ، وأبي رافع ، وأبي الشريح الخزاعي ، وأبي قدامة الانصاري ، وأبي هريرة ، وأبي الهيثم بن التيهان ورجال من قريش ، وام سلمة وام هاني ابنة أبى طالب الصحابية رضوان الله عليهم.

أما حديث جابر فرواه الترمذي في ( جامعه ) من طريق زيد بن الحسن ... ورواه أبو العباس ابن عقدة في ( الولاية ) من طريق يونس بن عبد الله بن أبي فروة ...

وأما حديث حذيفة بن أسيد الغفاري فرواه الطبراني في ( معجمه الكبير ) من طريق سلمة بن كهيل عن أبي الطفيل عنه وزيد بن أرقم ... ومن هذا الوجه أورده الضياء في ( المختارة ). ورواه أبو نعيم في ( الحلية ) وغيره من حديث زيد بن الحسن الأنماطي عن معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل عن حذيفة وحده به.

وأما حديث خزيمة فهو عند ابن عقدة من طريق محمد بن كثير عن فطر وأبي الجارود كلاهما عن أبي الطفيل أن عليا رضي‌الله‌عنه قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أنشدكم الله من شهد غدير خم إلا قام ، ولا يقوم رجل يقول نبئت أو بلغني الا رجل سمعت أذناه ووعاه قلبه. فقام سبعة عشر رجل منهم : خزيمة ابن ثابت وسهل بن سعد وعدى بن حاتم وعقبة بن عامر وأبو أيوب الانصاري أبو سعيد الخدري وأبو شريح الخزاعي وأبو قدامة الانصاري وأبو ليلى وأبو الهيثم بن التيهان ورجال من قريش ، قال علي رضي‌الله‌عنه وعنهم :

٤٣٥

هاتوا ما سمعتم.

فقالوا : نشهد أنا أقبلنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من حجة الوداع حتى إذا كان الظهر خرج رسول الله ، فأمر بشجرات شذ بن والقي عليهن ثوب ثم نادى بالصلاة ، فخرجنا فصلينا ، ثم قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس ما أنتم قائلون؟ قالوا : قد بلغت. قال : اللهم اشهد ـ ثلاث مرات. قال : اني أوشك أن أدعى فأجيب ، واني مسئول وأنتم مسئولون. ثم قال : ألا ان أموالكم ودماءكم حرام كحرمة يومكم هذا وحرمة شهركم هذا ، أوصيكم بالنساء ، أوصيكم بالجار ، أوصيكم بالمماليك ، أوصيكم بالعدل والإحسان. ثم قال : أيها الناس اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ، نبأني بذلك اللطيف الخبير. وذكر الحديث في قوله صلّى الله عليه وسلّم « من كنت مولاه فعليّ مولاه ».

فقال علي رضي‌الله‌عنه : صدقتم وأنا على ذلك من الشاهدين.

وأما حديث زيد فرواه أحمد في ( مسنده ) ...

وأما حديث سهل فقد تقدم مع خزيمة.

وأما حديث ضميرة الأسلمي فهو في ( الموالاة ) من حديث ابراهيم بن محمد الاسلمي عن حسين بن عبد الله بن ضميرة عن أبيه عن جده رضي‌الله‌عنه ....

وأما حديث عامر فأخرجه ابن عقدة في ( الموالاة ) من طريق عبد الله ابن سنان عن أبي الطفيل عن عامر بن ليلى بن ضمرة وحذيفة بن أسيد رضي الله عنهما .... ومن طريق ابن عقدة أورده أبو موسى المديني في ( ذيله ) في الصحابة وقال : انه عزيز جدا.

وأما حديث عبد الرحمن بن عوف فهو عند ابن أبي شيبة ، وعند أبي يعلى في ( مسنديهما ) ، وكذا أخرجه البزار في ( مسنده ) أيضا ....

وأما حديث ابن عباس فأشار اليه الديلمي في ( مسنده ).

٤٣٦

وأما حديث ابن عمر فهو في ( المعجم الأوسط ) للطبراني بلفظ : آخر ما تكلم به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : أخلفوني في أهل بيتي.

وأما حديث عدي بن حاتم وعقبة بن عامر فقد تقدم حديثهما في خزيمة. وأما حديث على فهو عند إسحاق بن راهويه في ( مسنده ) من طريق كثير بن زيد عن محمد بن عمر بن علي أبي طالب ... وكذا رواه الدولابي في ( الذرية الطاهرة ). ورواه الجعابي من حديث عبد الله بن موسى عن أبيه عن عبد الله بن حسن عن أبيه عن جده عن علي رضي‌الله‌عنه. ورواه البزار ....

وأما حديث أبي ذر فأشار اليه الترمذي في ( جامعه ) ، وأخرجه ابن عقدة من حديث سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن أبي ذر رضي‌الله‌عنه ....

وأما حديث أبي رافع فهو عند ابن عقدة أيضا من طريق محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده أبي رافع مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ....

وأما حديث أبي شريح وأبي قدامة فقد تقدما في خزيمة.

وأما حديث أبي هريرة فهو عند البزار في ( مسنده ) ....

وأما حديث الهيثم ورجال من قريش فقد تقدما في خزيمة.

وأما حديث أم سلمة فحديثها عند ابن عقدة من حديث هارون بن خارجة عن فاطمة ابنة علي عن أم سلمة رضى الله عنها ....

وأما حديث أم هاني فحديثها عنده أيضا من حديث عمر بن سعيد عن عمر ابن جعدة بن هبيرة عن أبيه » (١).

__________________

(١) استجلاب ارتقاء الغرف ـ مخطوط.

٤٣٧

ترجمته :

ذكرنا ترجمته مفصلة عن جماعة في مجلد حديث ( مدينة العلم ) ، وهنا نكتفي بخلاصة ما ذكره هو بترجمة نفسه :

« ولد في ربيع الاول سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة ، وأدخله أبوه المكتب بالقرب من الميدان عند المؤدب الشرف عيسى بن أحمد المقسى الناسخ ، فأقام عنده يسيرا جدا ، ثم نقله لزوج أخيه الفقيه الصالح البدر حسين بن أحمد الأزهري أحد أصحاب العارف بالله يوسف الصفي ، فقرأ عنده القرآن وصلى به الناس التراويح في رمضان ، ثم توجه به أبوه لفقيه المجاور لمسكنه المفيد النفاع القدوة الشمس محمد بن أحمد التحريري الضرير مؤدب البرهان ابن خضر والجلال ابن الملقن ، وابن اسد ، وغيرهم من الأئمة ، ولزم الأستاذ الفريد البرهان ابن خضر ، وكذا قرأ على أوحد النحاة الشهاب أبي العباس الحناوي. وأخذ العربية أيضا عن الشهاب الابدي المغربي ، والجمال ابن هشام الحنبلي حفيد سيبويه وقته الشهير وغيرهما ، وحضر عند الشمس الوقائى ... وكذا أخذ اليسير من الفقه عن العلم صالح البلقينى ....

وحضر تقسيم البهجة بتمامه عند الشرف المناوي وتقسيم المهذب أو غالبه عند الزين البوتنجى ، وتردد اليه في الفرائض وغيرها ، بل أخذ عن الشهاب ابن المجدي ، وقرأ الأصول عن الكمال ابن امام الكاملية ، وحضر كثيرا من دروس التقي الشمني ، وأخذ دروسا كثيرة عن الامين الاقصرائى ، وكثير من التفسير وغيره عن السعد ابن الديري ، ومن شرح ألفية العراقي عن الزين السندبيسي ، بل قرأ الشرح بتمامه على الزين العراقي ، وأخذ قطعة من القاموس في اللغة تحريرا واتقانا مع المحب ابن الشحنة ، ولزم الشمس الطبنداني الحنفي امام مجلس التدرسية فيها أياما ، ولبس الخرقة مع التلقين من المحيوي حفيد الكمال يوسف العجمي ، وأبي محمد مدين الاشموني ، وأبي الفتح الفوي وعمر التنيسى في آخرين في هذه العلوم وغيرها كابن الهمام ، وأبي القاسم النويرى ، والعلاء القلقشندي ، والجلال المحلي ، والمحب

٤٣٨

الاقصرائي. وقبل ذلك كله سمع مع والده الكثير من الحديث على شيخه امام الأئمة الشهاب ابن حجر ، حتى صار أكثر أهل العصر مسموعا وأوسعهم دراية.

ومن محاسن من أخذ عنه من عنده الصلاح ابن أبي عمر ، وابن أميلة ، وابن النجم ، وابن الهبل ، والشمس ابن المحب ، والفخر ابن يسارة ، وابن الخوجي ، والمنبجي ، والزيتاوي ، والبياني ، والسوقي والطبقة ، ثم من عنده القاضي العز ابن جماعة ، والتاج السبكى ، وأخوه البهاء ، الجمال الاسنائي ، والشهاب الاذرعي ، والكرماني ، والصلاح الصفدي ، والقيراطي ، والحراوي ، ثم الحسين التكريتي ، والاميوطي ، والباجي ، وأبو البقاء السبكى ، والنشاوري ، وابن الذهبي ، وابن العلائي ، والآمدي ، والنجم ابن الكشك ، وأبو اليمن ، وابن الكويك ، وابن الخشاب ، وابن حاتم ، والمليحي ، وابن رزين ، والبدر ابن الصاحب ، ثم السراج الهندي ، وأكمل الدين البلقينى ، وابن الملقن ، والعراقي ، والهيثمي ، والابناسي ، والبرهان ابن فرحون.

وهكذا سمع من أصحاب أبي طاهر ابن الكويك ، والعز ابن جماعة ، وابن خير ، ثم من أصحاب الولي العراقي ، والفوي ، وابن الجزري ، ثم من يليهم ، والبرهان الزمزمي ، والتقى ابن فهد ، والزين الامياطي ، والشهاب الشوابطي ، وأبي السعادات ، وابن ظهيرة ، وابن حامد بن العيناء ، والبدر عبد الله بن فرحون ، والشهاب أحمد بن النور المحلي ، وابن الفرج المراغي ، والثغر الاسكندري.

ولهذا كله زاد عدد من أخذ عنه من الاعلى والدون والمساوي حتى الشعراء ونحوهم على ألف ومائتين ، والأماكن التي تحمل فيها من البلاد والقرى على الثمانين.

واجتمع له من المرويات بالسماع والقراءة ما يفوق الوصف. وهي تتنوع أنواعا :

٤٣٩

أحدها : ما رتب على الأبواب الفقهية ونحوها ، وهي كثيرة جدا.

ثانيها : ما رتب على المسانيد.

ثالثها : ما هو على الأوامر والنواهي.

رابعها : ما هو على الحروف في أول كلمات الأحاديث.

خامسها : ما هو في الأحاديث الطوال خاصة.

سادسها : ما يقتصر فيه على أربعين حديثا فقط.

سابعها : ما هو على الشيوخ.

ثامنها : ما هو على الرواة.

تاسعها : ما يقتصر فيه على الافراد والغرائب.

عاشرها : ما لا تقيد فيه بشيء مما ذكر.

حادي عشرها : مالا اسناد فيه بل اقتصر فيه على المتون مع الحكم عليها.

الى غيرها من المسموعات التي لا تقيد فيها بالحديث كالشاطبية والرائية في علم القراءة والرسم والالفية في علمي النحو والصرف وجمع الجوامع في الأصلين التصوف. كما أنه ليس المراد بما ذكر من الأنواع الحصر ، إذ لو سرد كل نوع منه لطال ذكره وعسر الآن حصره ، بل لو سرد مسموعه ومقروؤه على شيخه فقط لكان شيئا عجبا. وأعلى ما عنده من المروي ما بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم بالسند المتماسك فيه عشرة أنفس.

وشرع في التصنيف والتخريج قبيل الخمسين وهلم جرا. ومما صنفه في علوم هذا الشأن : فتح المغيث بشرح ألفية الحديث ، الغاية في شرح منظومة ابن الجوزي الهداية في مجلد لطيف ، والإيضاح في شرح نظم العراقي للاقتراح في مجلد لطيف أيضا ، والنكت على الالفية وشرحها بيض منه نحو ربعه في مجلد وشرح التقريب للنووي في مجلد ، وبلوغ الامل بتلخيص كتاب الدارقطني في العلل كتب منه الربع مع زوائد مفيدة ، وتكملة تلخيص شيخنا للمتفق والمفترق ومنه في الشروح تكملة شرح الترمذي للعراقي كتب منه أكثر

٤٤٠