نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٧

*(٦٩)*

رواية أبى الحسن الدارقطني

لقد ذكر روايته لحديث الثقلين ، ابن باكثير المكي بعد ذكر هذا الحديث عن طريق أم سلمة ، قال : « وأخرجه محمد بن جعفر البزاز عنها بلفظ : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في مرضه الذي قبض فيه وقد امتلأت الحجرة من أصحابه ، قال : أيها الناس ، يوشك أن أقبض قبضا سريعا فينطلق بي ، وقد قدمت القول معذرة إليكم! الا اني مخلف فيكم كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي. ثم أخذ بيد علي فقال : هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض ، فأسألهما عما خلفت فيهما ـ أخرجه الدارقطني » (١).

أقول : وأخرجه في ( المؤتلف والمختلف ) عن أبي ذر وأبي سعيد حيث قال :

« حدّثنا أبو القاسم الحسن بن محمّد بن بشر الكوفي الخزاز في سنة إحدى وعشرين ، حدثنا الحسين بن الحكم الحبري حدّثنا الحسن بن الحسين العرفي حدّثنا عليّ بن الحسين العبدي عن محمّد بن رستم أبو الصامت الضبي عن زاذان أبي عمر عن أبي ذر : إنّه تعلّق بأستار الكعبة وقال : أيّها الناس! من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا جندب الغفاري ... وقد سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :

إنّي تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، سبب بيد الله تعالى وسبب بأيديكم ، وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنّ إلهي عزّ وجلّ قد وعدني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض.

__________________

(١) وسيلة المآل ـ مخطوط.

٣٤١

و سمعته يقول : إنّ مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك » (١).

وقال : « حدّثنا محمّد بن القاسم بن زكريا حدّثنا عباد بن يعقوب حدّثنا عليّ بن هاشم عن عمرو أبي محرز عن عطية عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب وعترتي. الحديث. » (٢).

ترجمته :

له ترجمة في كتب التراجم جميعها ، ولكنا نقتصر هنا على ترجمته في بعضها :

١ ـ الذهبي : « الدارقطني أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد البغدادي الحافظ المشهور ، صاحب التصانيف ، في ذي القعدة وله ثمانون سنة ، روى عنه البغوي وطبقته ، ذكره الحاكم فقال : صار أوحد عصره في الحفظ والفهم والورع ، واماما في القراء والنحاة صادفته فوق ما وصف لي ، وله مصنفات يطول ذكرها. وقال الخطيب : كان فريد عصره ، وفزيع دهره ، ونسيج وحده ، وامام وقته ، انتهى اليه علم الأثر والمعرفة بالعلل وأسماء الرجال مع الصدق وصحة الاعتقاد والاضطلاع من علوم سوى علم الحديث ، منها : القراءة وقد صنف فيها مصنفات ، ومنها المعرفة بمذاهب الفقهاء ، وبلغني أنه درس فقه الشافعي على أبي سعيد الاصطخري ، ومنها المعرفة بالأدب والشعر فقيل : انه كان يحفظ دواوين جماعة. وقال أبو ذر الهروي : قلت للحاكم : هل رأيت مثل الدارقطني؟ فقال : هو امام لم ير مثل نفسه فكيف أنا! وقال البرقاني : كان الدارقطني يملي علي العلل من حفظه. وقال القاضي أبو الطيب

__________________

(١) المؤتلف والمختلف ٢ / ١٠٤٥.

(٢) المؤتلف والمختلف ٤ / ٢٠٦٠.

٣٤٢

الطبري : الدارقطني أمير المؤمنين في الحديث » (١).

٢ ـ ابن قاضي شهبة : « قال ابن ماكولا : رأيت في المنام كأني أسأل عن حال الدارقطني في الآخرة ، فقيل لي : ذاك يدعى في الجنة بالإمام؟ نقل عنه في ـ الروضة ـ في أثناء كتاب القضاء في الكلام على الرواية بالاجازة » (٢).

٣ ـ القنوجى : « كان عالما حافظا فقيها على مذهب الامام الشافعي وانفرد بالامامة في علم الحديث في عصره ، ولم ينازعه في ذلك أحد من نظرائه وكان عارفا باختلاف الفقهاء » (٣).

وانظر : ( وفيات الأعيان ١ / ٣٣١ ) و ( تذكرة الحفاظ ٣ / ٩٩١ ) و ( طبقات القراء ١ / ٥٥٨ ) و ( طبقات السبكي ٣ / ٤٦٢ ) و ( الكامل ٩ / ٤٣ ) و ( طبقات الحفاظ ٣٩٣ ) و ( الأنساب ـ الدارقطني ) وغيرها.

*(٧٠)*

رواية محمد بن عبد الرحمن المخلص الذهبي

تظهر روايته لحديث الثقلين من مراجعة عبارة الحموي حيث يقول : « أخبرتنا الشيخة الصالحة زينب بنت القاضي عماد الدين أبي صالح نصر ابن عبد الرزاق ابن الشيخ قطب وقته عبد القادر ، سماعا عليها بمدينة السلام بغداد عصر يوم الجمعة السادس والعشرين من صفر سنة اثنتين وسبعين وستمائة. قيل لها : أخبرك الشيخ أبو الحسن علي بن محمد بن علي ابن السقاء ، قراءة عليه وأنت تسمعين في خامس رجب سنة سبع عشرة وستمائة بالمدرسة القادرية؟ قالت : نعم؟ قال : أنبأنا أبو القاسم سعيد بن أحمد بن

__________________

(١) العبر ٣ / ٢٨.

(٢) طبقات الشافعية ١ / ١٤٧.

(٣) التاج المكلل ٨٢.

٣٤٣

البناء ، وأبو محمد بن المبارك ابن أحمد بن بركة الكندي في جمادى الاولى سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. قالا : أنبأنا أبو نصر محمد بن محمد بن الريسى قال : أنبأنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس المخلص قال : أنبأنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، أنبأنا بشر بن الوليد الكندي ، أنبأنا محمد بن طلحة ، عن الأعمش ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : انى أوشك أن أدعى فأجيب ، واني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء الى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وان اللطيف الخبير أخبرنى أنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا ما تخلفوني فيهما » (١).

ترجمته :

قال السمعاني : « وكان ثقة صدوقا صالحا مكثرا من الحديث » (٢).

*(٧١)*

رواية محمد بن سليمان بن داود البغدادي

لقد روى حديث الثقلين بسنده : « عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : قد تركت ما ان تمسكتم به لن تضلوا ، كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي » (٣).

__________________

(١) فرائد السمطين ٢ / ٢٧٢.

(٢) الأنساب ـ المخلص.

(٣) مناقب أهل البيت ـ مخطوط.

٣٤٤

*(٧٢)*

رواية الحاكم النيسابوري

أخرج حديث الثقلين في كتابه في باب مناقب الامام أمير المؤمنين عليه‌السلام بقوله : « حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن تميم الحنظلي ببغداد ، ثنا : أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي ، ثنا : يحيى بن حماد. وحدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه ، وأبو بكر أحمد بن جعفر البزاز. قالا : ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبى ، ثنا : يحيى بن حماد ، وثنا : أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخارى ، ثنا : صالح بن محمد الحافظ البغدادي ، ثنا : خلف بن سالم المخرمي ، ثنا : يحيى بن حماد ، ثنا : أبو عوانة ، عن سليمان الأعمش ، قال : حدثنا حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم رضي‌الله‌عنه ، قال : لما رجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن فقال : كأني قد دعيت فأجبت ، انّي [ قد ] تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله تعالى وعترتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض. ثم قال : الله عز وجل مولاي وأنا ولى [ مولى ] كل مؤمن ، ثم أخذ بيد عليّ رضي‌الله‌عنه ، فقال : من كنت وليه [ مولاه ] فهذا وليه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ... هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله ، شاهده : حديث سلمة بن كهيل ... » (١).

كما أخرج الحديث من طريق آخر (٢).

ترجمته :

١ ـ الذهبي : « الحاكم الحافظ الكبير ، امام المحدثين أبو عبد الله محمد

__________________

(١) المستدرك ٣ / ١٠٩.

(٢) المصدر ٣ / ١٧٤.

٣٤٥

ابن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم الضبي الطهماني النيسابوري المعروف بابن البيع صاحب التصانيف.

ولد سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة في ربيع الاول ، طلب الحديث من الصغر باعتناء أبيه وخاله فسمع سنة ثلاثين ، ورحل الى العراق وهو ابن عشرين وحج ثم جال في خراسان وما وراء النهر فسمع بالبلاد من ألفي شيخ أو نحو ذلك » (١).

٢ ـ القنوجى : « امام أهل الحديث في عصره ، والمؤلف فيه الكتب التي لم يسبق الى مثلها. كان عالما عارفا واسع العلم ، تفقه ثم طلب الحديث وغلب عليه فاشتهر به وسمعه من جماعة لا يحصون كثرة ، فان معجم شيوخه يقرب من ألفي رجل ، حتى روى عمن عاش بعده لسعة روايته وكثرة شيوخه. وصنف في علومه ما يبلغ ألفا وخمسمائة جزء ... ناظر الحفاظ وذاكر الشيوخ وكتب عنهم أيضا وباحث الدارقطني فرضيه ، وتقلد القضاء بنيسابور في سنة ٣٥٩ في أيام الدولة السامانية » (٢).

٣ ـ البدخشي : « الحاكم لقب به جماعة من اهل الحديث ، فمنهم من لقب به لأجل رياسة دنيوية كالحاكم الشهيد ... ومنهم من لقب به لأجل الرياسة في الحديث ، وهما رجلان فاقا أهل عصرهما في معرفة الحديث ، أحدهما الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق النيسابوري وليس له ذكر في هذا الكتاب وهو الأكبر. والثاني : الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه النيسابوري صاحب ( المستدرك على الصحيحين ) و ( تاريخ نيسابور ) وغير ذلك من المصنفات وهو الأشهر » (٣).

وانظر : ( وفيات الأعيان ٣ / ٤٠٨ ) و ( المختصر ٢ / ١٤٤ ) و ( تتمة المختصر ١ / ٤٥٣ ) و ( مرآة الجنان ٣ / ١٤ ) و ( طبقات الاسنوى ١ / ٤٠٥ ) و

__________________

(١) تراجم الحفاظ ـ مخطوط.

(٢) تذكرة الحفاظ ٣ / ١٠٣٩.

(٣) التاج المكلل ١١٤.

٣٤٦

( طبقات السبكى ٤ / ١٥٥ ) و ( العبر ٣ / ٩١ ).

*(٧٣)*

رواية عبد الملك الخركوشي

أخرج حديث الثقلين في كتابه المسمى بـ ( شرف النبوة ) على ما جاء في ( مناقب السادات ) : « الحديث الثالث في ( المشارق ) و ( المصابيح ) و ( شرف النبوة ) و ( الدرر ) و ( تاج الأسامي ) وغير ذلك : انّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي فان تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي » (١).

ترجمته :

وتوجد ترجمة الخركوشي في كثير من كتب التراجم والتواريخ مثل ( الأنساب ـ الخركوشي ) و ( تذكرة الحفاظ ٣ / ٢٥٣ ) و ( العبر ٣ / ٩٦ ) و ( طبقات السبكى ٥ / ٢٢٢ ) و ( طبقات الاسنوى ١ / ٤٧٧ ) ونقتصر هنا بخلاصة ما وصفه به السبكى ، قال :

« وكان فقيها زاهدا من أئمة الدين وأعلام المؤمنين ، ترتجى الرحمة بذكره قال فيه الحاكم : انه الواعظ الزاهد ابن الزاهد ، وانه تفقه في حداثة سنّه وتزهد وجالس الزهاد والمجردين الى أن جعله الله خلف الجماعة ممن تقدمه من العباد المجتهدين والزهاد القانعين » (٢).

*(٧٤)*

رواية ابى إسحاق الثعلبي

لقد أورد حديث الثقلين في تفسيره عند تفسير قوله تعالى ( وَاعْتَصِمُوا

__________________

(١) مناقب السادات لشهاب الدين الدولت آبادي.

(٢) طبقات الشافعية ٥ / ٢٢٢.

٣٤٧

بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً ) فقال : « حدثنا الحسن بن محمد بن حبيب المفسر ، قال : وجدت في كتاب جدي بخطه نا : أحمد بن الاحجم القاضي المرندى ، نا ، الفضل بن موسى الشيباني ، أنا عبد الملك بن أبى سليمان ، عن عطية العوفى عن أبى سعيد الخدري ، قال : قال سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : يا أيها الناس اني قد تركت فيكم خليفتين ان أخذتم بهما لن تضلوا بعدي ، أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض وعترتي أهل بيتي ، ألا وانهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض » (١).

كما ذكر الحديث عند تفسير قوله تعالى : ( سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ ).

ترجمته :

١ ـ السبكى : « وكان أوحد زمانه في علم القرآن وله كتاب ( العرائس ) في قصص الأنبياء عليهم‌السلام » (٢).

٢ ـ الاسنوى : « ذكره ابن الصلاح والنووي من الفقهاء الشافعية ، وكان اماما في اللغة والنحو ... » (٣).

٣ ـ الداودي : « كان أوحد أهل زمانه في علم القرآن حافظا للغة ، بارعا في العربية ، واعظا ، موثقا » (٤).

وانظر ( وفيات الأعيان ١ / ٦١ ) و ( الوافي بالوفيات ٧ / ٣٠٧ ) و ( العبر ٣ / ١٦١ ) و ( مرآة الجنان ٣ / ٤٦ ) و ( تتمة المختصر ١ / ٤٧٧ ) و ( المختصر ٢ / ١٦٠ ) و ( بغية الوعاة ١٥٤ ) وغيرها.

__________________

(١) الكشف والبيان ـ مخطوط.

(٢) طبقات الشافعية ٤ / ٥٨.

(٣) طبقات الشافعية ١ / ٤٢٩.

(٤) طبقات المفسرين ١ / ٦٥.

٣٤٨

*(٧٥)*

رواية أبى نعيم الاصبهانى

١ ـ أخرج حديث الثقلين في كتاب ( منقبة المطهرين ) بطرق عديدة وألفاظ كثيرة ، عن أبي سعيد الخدري وزيد بن أرقم وأنس بن مالك والبراء ابن عازب وعن جبير بن مطعم.

٢ ـ كما أخرج الحديث في ( حلية الأولياء ١ / ٣٥٥ ) وفي كلام العلامة السخاوي في ( استجلاب ارتقاء الغرف ـ مخطوط ) وكذلك في كلام العلامة السمهودي في ( جواهر العقدين ـ مخطوط ) :

« عن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي‌الله‌عنه ، أو زيد بن أرقم رضي‌الله‌عنه قال : لما صدر رسول الله من حجة الوداع نهى أصحابه عن شجرات بالبطحاء متقاربات أن ينزلوا تحتهن ، ثم بعث إليهن فقم ما تحتهن من الشوك وعمد إليهن فصلى تحتهن. ثم قام فقال : يا أيها الناس : اني قد نبأني اللطيف الخبير أنه لن يعمر نبي إلا نصف عمر الذي يليه من قبله ، واني لا ظن أن يوشك أن أدعى فأجيب واني مسئول وانكم مسئولون ، فما أنتم قائلون؟ قالوا : نشهد أنك قد بلغت وجهدت ونصحت فجزاك الله خيرا. فقال : أليس تشهدون أن لا اله الا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن جنته حق ، وناره حق ، وأن الموت حق ، وأن البعث حق بعد الموت ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وان الله يبعث من في القبور؟ قالوا : بلى نشهد بذلك؟ قال : اللهم اشهد؟ ثم قال : يا أيها الناس ان الله مولاي وأنا ولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم ، فمن كنت مولاه فهذا مولاه ـ يعنى عليّا ـ اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه. ثم قال : يا أيها الناس انى فرطكم وانكم واردون علي الحوض ، حوض أعرض مما بين بصرى الى صنعاء ، فيه عدد النجوم قدحان من فضة ، واني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما؟ الثقل الأكبر كتاب الله عز وجل سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم ، فاستمسكوا به لا تضلوا ولا تبدلوا ، وعترتي أهل بيتي فانه قد نبأني اللطيف

٣٤٩

الخبير انهما لن ينقضيا حتى يردا علي الحوض.

أخرجه الطبراني في ( الكبير ) والضياء في ( المختارة ) من طريق سلمة ابن كهيل عن أبى الطفيل وهما من رجال ( الصحيح ) عنه بالشك في صحابيته ، وأخرجه أبو نعيم في الحلية ... ».

ترجمته :

١ ـ الذهبي : « قال أحمد بن محمد بن مردويه : كان ابو نعيم في وقته مرحولا اليه ، لم يكن في أفق من الآفاق احد احفظ منه ولا أسند منه ، كان حفاظ الدنيا قد اجتمعوا عنده وكل يوم نوبة واحد منهم يقرأ ما يريد الى قريب الظهر ، فإذا قام الى داره ربما كان يقرأ عليه في الطريق جزء ، لم يكن له غذاء سوى التسميع والتصنيف.

وقال حمزة بن العباس العلوي : كان أصحاب الحديث يقولون : بقي الحافظ أربع عشرة سنة بلا نظير ، لا يوجد لا شرقا ولا غربا أعلى اسنادا منه ولا أحفظ منه » (١).

٢ ـ الصفدي : « تاج المحدثين وأحد اعلام الدين ، له العلو في الرواية والحفظ والفهم والدراية ، وكانت الرحال تشد اليه. أملى في فنون الحديث كتبا سارت في البلاد وانتفع به العباد وامتدت أيامه حتى لحق الأحفاد بالأجداد وتفرد بعلو الاسناد » (٢).

٣ ـ القنوجى : « الحافظ المشهور صاحب كتاب حلية الأولياء. كان من الاعلام المحدثين واكابر الحفاظ ، أخذ عن الأفاضل وأخذوا عنه وانتفعوا به وكتابه الحلية من أحسن الكتب » (٣).

وانظر ( العبر ٣ / ١٧٠ و ( وفيات الأعيان ١ / ٧٥ ) و ( طبقات السبكى

__________________

(١) تذكرة الحفاظ ٣ / ١٠٩٦.

(٢) الوافي بالوفيات ٧ / ٨١.

(٣) التاج المكلل ٣١.

٣٥٠

٣ / ٧ ) و ( مرآة الجنان ٣ / ٥٢ ) و ( طبقات الاسنوى ٢ / ٤٧٤ ) و ( طبقات الحفاظ ٤٢٣ ) و ( طبقات ابن قاضي شهبة ١ / ٣٠١ ) و ( المختصر ٢ / ١٦٢ ) و ( تتمة المختصر ١ / ٤٨٠ ) و ( البداية والنهاية ١٢ / ٤٥ ) و ( النجوم الزاهرة ٥ / ٣٠ ) و ( شذرات الذهب ٣ / ٢٤٥ ) وغيرها.

*(٧٦)*

رواية ابى نصر العتبى

لقد أشار الى حديث الثقلين في صدر كتابه ( التاريخ اليمينى ) حيث يقول « ... الى أن قبضه الله جل ذكره اليه مشكور السعي والأثر ، ممدوح النصر والظفر ، مرضي السمع والبصر ، محمود العيان والخبر ، فاستخلف في أمته الثقلين كتاب الله وعترته اللذين يحميان الاقدام أن تزل ، والأحلام أن تضل ، والقلوب أن تمرض ، والشكوك أن تعرض ، فمن سلك بهما فقد سلك الخيار وأمن العثار وربح اليسار ، ومن صدف عنهما فقد أساء الاختيار وركب الخسار وارتدف الأدبار ، أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى ، فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين ».

ترجمته :

قال الثعالبي : « أبو نصر محمد بن عبد الجبار العتبى ، هو لمحاسن الأدب وبدائع النثر ولطائف النظم ودقائق العلم كالينبوع للماء والزند للنار ، يرجع معها الى أصل كريم وخلق عظيم. وكان فارق وطنه الري في اقتبال شبابه وقدم خراسان على خاله أبي نصر العتبي وهو من وجوه المال بها وفضلائهم ، فلم يزل عنده كالولد العزيز عند الوالد الشفيق الى أن مضى أبو نصر لسبيله ، وتنقلت بأبى النصر أحوال واسفار في الكتابة للأمير أبى على ، ثم للأمير أبى منصور سبكتكين مع أبى الفتح البستي ، ثم النيابة بخراسان لشمس المعالي

٣٥١

واستوطن نيسابور واقبل على خدمة الآداب والعلوم » (١).

*(٧٧)*

رواية أبى بكر البيهقي

ذكر روايته لحديث الثقلين الخوارزمي في مناقبه بقوله « وبهذا الاسناد عن احمد بن الحسين هذا [ هو أبو بكر البيهقي ، حيث قال قبل ذلك : وأخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي ، أخبرنى شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنى أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ].

قال : أخبرنا أبو عبد الله ، قال : حدثنا أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخارى قال : حدثنا صالح بن محمد الحافظ ، قال : حدثنا خلف بن سالم ، قال : حدثنا يحيى بن حماد ، قال : حدثنا أبو عوانة عن سليمان الأعمش ، قال : حدثنا حبيب بن أبى ثابت ، عن أبى الطفيل ، عن زيد بن أرقم ، قال : لما رجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن ثم قال : كأني قد دعيت فأجبت ، انى قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض. ثم قال : ان الله عز وجل مولاي وأنا مولى كل مؤمن. ثم أخذ بيد عليّ فقال : من كنت وليه فهذا وليه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. فقلت : أنت سمعت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فقال : ما كان في الدوحات احد الا قد رآه بعينه وسمعه بأذنه » (٢).

كما تظهر روايته لهذا الحديث من عبارة الحموئي نقلا عن ابن عمه

__________________

(١) يتيمة الدهر ٤ / ٣٩٧.

(٢) المناقب ٩٣.

٣٥٢

نظام الدين الحموي ، والقاضي البتاكشي (١).

أقول : وأخرجه في ( سننه ) في غير موضع منه ، ففي « باب بيان اهل بيته الذين هم آله » أخرجه عن الحاكم بسنده عن زيد بن أرقم قال : « قام فينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بماء يدعى خمّا بين مكّة والمدينة ... » (٢).

وبسنده عن زيد بن أرقم كذلك في « باب بيان آل محمّد الذين تحرم عليهم الصدقة المفروضة » (٣).

وبسنده عنه أيضا كذلك في « كتاب آداب القاضي » وقال : « أخرجه مسلم في الصحيح من حديث أبي حيان التيمي » (٤).

ترجمته :

قال الذهبي : « البيهقي الامام الحافظ العلامة شيخ خراسان ابو بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخسروجردي البيهقي ، صاحب التصانيف ... قال عبد الغافر في تاريخه : كان البيهقي على سيرة العلماء قانعا باليسير متجملا في زهده وورعه. وعن امام الحرمين أبى المعالي قال : ما من شافعي الا وللشافعي عليه منة الا أبا بكر البيهقي فان له المنة على الشافعي لتصانيفه في نصرة مذهبه قال أبو الحسن عبد الغافر في ( ذيل تاريخ نيسابور ) : أبو بكر البيهقي الفقيه الحافظ الأصولي الدين الورع ، واحد زمانه في الحفظ وفرد أقرانه في الإتقان والضبط ، من كبار أصحاب الحاكم ويزيد عليه بأنواع من العلوم ، كتب الحديث وحفظه من صباه وتفقه وبرع وأخذ في الأصول ، وارتحل الى العراق والجبال والحجاز ، ثم صنف وتواليفه تقارب ألف جزء لم يسبقه اليه أحد ، جمع بين علم الحديث والفقه وبيان علل

__________________

(١) فرائد السمطين ٢ / ٢٣٣.

(٢) سنن البيهقي ٢ / ١٤٨.

(٣) سنن البيهقي ٧ / ٣٠.

(٤) سنن البيهقي ١٠ / ١١٤.

٣٥٣

الحديث ووجه الجمع بين الأحاديث » (١).

وانظر : ( الأنساب ـ البيهقي ) و ( معجم البلدان ٢ / ٣٤٦ ) و ( وفيات الأعيان ١ / ٥٧ ) و ( الكامل ١٠ / ١٨ ) و ( مرآة الجنان ٣ / ٨١ ) و ( طبقات السبكي ٤ / ٨ ) و ( طبقات الاسنوى ١ / ١٩٨ ) و ( طبقات ابن قاضي شهبة ١ / ٢٢٦ ) و ( المختصر ٢ / ١٨٥ ) و ( تتمة المختصر ١ / ٥١٦ ) و ( طبقات الحفاظ ٤٣٣ ) و ( التاج المكلل ٢٨ ) وغيرها.

*(٧٨)*

رواية ابى غالب النحوي

لقد أخرج روايته لحديث الثقلين ، ابن المغازلي في [ المناقب ] بالسند الآتي : « أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي ، ثنا : أبو عبد الله محمد بن علي السقطي ، ثنا أبو محمد عبد الله بن شوذب ، ثنا : محمد بن أبى العوام الرياحي ثنا : أبو عامر العقدى عبد الملك بن عمر ، ثنا : محمد بن طلحة ، عن الأعمش ، عن عطية بن سعيد ، عن أبى سعيد الخدري ان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : اني أوشك أن أدعى فأجيب ، وانّي قد تركت فيكم الثقلين كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض وعترتي أهل بيتي ، وان اللطيف أخبرني انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا ما ذا تخلفوني فيهما ».

ترجمته :

توجد في كثير من الكتب المعتبرة ... كما أوردنا ترجمته في مجلد حديث الطير عن ( العبر ٤ / ٢٥٠ ) و ( الجواهر المضية ٢ / ١١ ـ ١٢ ) و ( مرآة الجنان ٣ / ٨٦ ) وغيرها.

__________________

(١) تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٣٢.

٣٥٤

*(٧٩)*

رواية ابن عبد البر القرطبي

ذكر الشاه ولي الله في ( إزالة الخفا ) خطبة الغدير المتضمنة لفضائل الامام أمير المؤمنين عليّ بن ابى طالب فقال : « أخرج الحاكم ، وأبو عمرو وغيرهما ـ وهذا لفظ الحاكم ـ عن زيد بن أرقم : لما رجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن فقال : كأنى قد دعيت فأجبت ، انّي قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله تعالى وعترتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، وانهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ، ثم قال : ان الله عز وجل مولاي وانا ولي كل مؤمن ، ثم أخذ بيد علي فقال : من كنت وليه فهذا وليه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ».

ترجمته :

قال الذهبي : « كان فقيها عابدا متهجدا ، قال الحميدي : أبو عمر فقيه حافظ مكثر عالم بالقراءات وبالخلاف وبعلوم الحديث والرجال ، قديم السماع يميل في الفقه الى أقوال الشافعي. وقال أبو علي الغساني : لم يكن أحد ببلدنا في الحديث مثل قاسم بن محمد ، وأحمد بن خالد الجبّاب ، ثم قال أبو علي : ولم يكن ابن عبد البر بدونهما ولا متخلفا عنهما.

قلت : كان اماما دينا ثقة متقنا علامة متبحرا صاحب سنة واتباع ، وكان أولا أثريا ظاهريا فيما قيل ، ثم تحول مالكيا مع ميل بين الى فقه الشافعي في مسائل ولا ينكر له ذلك فانه ممن بلغ رتبة الأئمة المجتهدين. ومن نظر في مصنفاته بان له منزلته من سعة العلم وقوة الفهم وسيلان الذهن ، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك الا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، ولكن إذا اخطأ امام في اجتهاده لا ينبغي لنا أن ننسى محاسنه ونغطي معارفه بل نستغفر الله له ونعتذر عنه.

٣٥٥

قال أبو القاسم ابن بشكوال : ابن عبد البر امام عصره ، وواحد دهره يكنى أبا عمر.

قال أبو علي بن سكرة : سمعت ابا الوليد الباجى يقول : لم يكن بالأندلس مثل ابى عمر بن عبد البر في الحديث ، وهو أحفظ اهل المغرب » (١).

وانظر : ( الأنساب ـ القرطبي ) و ( وفيات الأعيان ٢ / ٣٤٨ ) و ( تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٢٨ ) و ( العبر ٣ / ٢٥٥ ) و ( المختصر ٢ / ١٨٧ ) و ( تتمة المختصر ١ / ٥٢١ ) و ( طبقات الحفاظ ٤٣٦ ) و ( التاج المكلل ١٥٣ ) وغيرها.

*(٨٠)*

رواية الخطيب البغدادي

تظهر روايته لحديث الثقلين من مراجعة عبارة البدخشاني حيث يقول :« أخرجه ابن ابى شيبة ، والخطيب في ( المتفق والمتفرق ) عنه ـ اى عن جابر ـ بلفظ : انّي تركت فيكم ما لن تضلوا بعدي ان اعتصمتم به ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ».

أقول : وهو بسنده عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ( تاريخ بغداد ٨ / ٤٤٢ ) لكن بتره الأمناء على الحديث.

ترجمته :

قال الذهبي : « الخطيب الحافظ الكبير الامام محدث الشام والعراق ... كان من كبار الشافعية ، تفقه بأبى الحسن بن المحاملي وبالقاضي أبى الطيب ... قال ابن ماكولا : كان أبو بكر الخطيب آخر الأعيان ممن شاهدناه معرفة وحفظا واتقانا وضبطا لحديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم

__________________

(١) سير أعلام النبلاء ١٨ / ١٥٣ ملخصا.

٣٥٦

وتفننا في علله وأسانيده وعلما بصحيحه وغريبه وفرده ومنكره ومطروحة ...

قال أبو سعد السمعاني : كان الخطيب مهيبا وقورا ثقة متحريا ، حسن الخط ، كثير الضبط ، فصيحا ختم به الحفاظ ...

قال أبو الحسن الهمذاني : مات هذا العلم بوفاة الخطيب ، وقد كان رئيس الرؤساء ، تقدم الى الوعاظ والخطاب أن لا يرووا حديثا حتى يعرضوه على أبي بكر ، وأظهر بعض اليهود كتابا بإسقاط النبي صلّى الله عليه وسلّم الجزية عن الخيابرة ، وفيه شهادة الصحابة. فعرضه الوزير على أبي بكر ، فقال : هذا مزور؟ قيل من أين قلت هذا؟ قال : فيه شهادة معاوية وهو أسلم عام الفتح بعد خيبر؟ وفيه شهادة سعيد بن معاذ ومات قبل خيبر بسنين.

قال شباع الذهلي : والخطيب امام مصنف حافظ لم يدرك مثله ... » (١).

وانظر : ( الأنساب ـ الخطيب ) و ( الكامل ١٠ / ٢٥ ) و ( وفيات الأعيان ١ / ٢٧ ) و ( العبر ٣ / ٢٥٣ ) و ( دول الإسلام ١ / ٢١١ ) و ( المختصر ٢ / ١٨٧ ) و ( تتمة المختصر ١ / ٥٢٠ ) و ( مرآة الجنان ٣ / ٨٧ ) و ( طبقات السبكي ٤ / ٢٩ ) و ( طبقات الاسنوي ١ / ٢٠١ ) و ( طبقات الحفاظ ٤٣٤ ) و ( التاج المكلل ٣٢ ) وغيرها من المصادر التاريخية والرجالية.

*(٨١)*

رواية ابى محمد الحسن الغندجاني

أورد الحديث ابن المغازلي في كتاب المناقب بالسند الآتي : « أخبرنا الحسن بن أحمد بن موسى الغندجاني ثنا : أحمد بن محمد ، ثنا : علي بن محمد المصري ، ثنا : محمد بن عثمان ، ثنا : مصرف بن عمر ، ثنا : عبد الرحمن بن محمد بن طلحة ، عن أبيه ، عن الأعمش ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري

__________________

(١) تذكرة الحفاظ ٣ / ١١٣٥.

٣٥٧

قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : أوشك أن ادعى فأجيب وانّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي ، فانظروا ما ذا تخلفوني فيهما » (١).

ترجمته :

قال السمعاني : « أبو محمد الحسن بن موسى الغندجاني ، كان شيخا ثقة صدوقا سكن واسط بآخره ، سمع ببغداد مع ابن عمه أبا طاهر المخلص ، وأبا حفص الكناني وأبا أحمد الفرضي وأبا عبد الله بن دوست العلاف.

روى لي عنه أبو عبد الله محمد بن علي بن الجلابي الثقة ، وكانت ولادته في شوال سنة ٢٨٢ ، ووفاته في جمادى الاولى سنة ٤٦٧ » (٢).

*(٨٢)*

رواية على بن محمد الطيب ـ ابن المغازلي

أخرج حديث الثقلين في كتابه بعدة طرق نقتصر هنا على واحد منها :

« أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان المعروف بابن الصيرفي البغدادي قدم علينا واسطا سنة أربعين وأربعمائة ، قال : نا أبو الحسين عبيد الله بن أحمد بن يعقوب بن البواب ، نا محمد بن محمد بن سليمان الباغنديّ ، نا : وهبان ـ وهو ابن بقية الواسطي ـ ثنا : خالد بن عبد الله ، عن الحسن بن عبد الله ، عن أبي الضحى ، عن زيد بن أرقم ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وانهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض » (٣).

__________________

(١) المناقب : ٢٣٥.

(٢) الأنساب ـ الغندجاني.

(٣) المناقب ٢٣٤ ـ ٢٣٦.

٣٥٨

ترجمته :

ترجم له كبار علماء أهل السنة في كتبهم المعتمدة ، وقد ذكرنا ترجمته في بعض مجلدات هذا الكتاب.

*(٨٣)*

رواية محمد بن فتوح الحميدي

لقد أخرج حديث الثقلين بالسند الآتي : « عن يزيد بن حيان ، قال : انطلقت أنا وحصين بن سيرة ، وعمرو بن مسلم الى زيد بن أرقم ، فلما جلسنا اليه قال حصين : لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا ، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قال : يا ابن أخي؟ والله لقد كبرت سني وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فما حدثتكم فاقبلوه ، ومالا فلا تكلفونيه. ثم قال : قام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ، ووعظ وذكر ثم قال : أما بعد ، أيها الناس؟ فإنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب ، وأنا تارك فيكم الثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به. فحث على كتاب الله ورغب فيه ، ثم قال : وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي. فقال له حصين : ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال : نساؤه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. وزاد في حديث جرير : كتاب الله فيه الهدى والنور ، من استمسك به وأخذ به كان على الهدى ومن أخطأه ضل.

وفي حديث سعيد بن مسروق عن يزيد بن حيان ، نحوه ... غير أنه قال : ألا واني تارك فيكم ثقلين أحدهما كتاب الله وهو حبل الله ، من اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على الضلالة. وفيه فقلنا : من أهل بيته؟ نساؤه؟ قال : لا ، أيم الله ان المرأة تكون مع الرجل العصر ثم الدهر ثم يطلقها

٣٥٩

فترجع الى أبيها وقومها. أهل بيته : أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده » (١).

ترجمته :

١ ـ السمعاني : « أحد حفاظ عصره ، صنف التصانيف وجمع الجموع ، فنسب الى جده الاعلى ... » (٢).

٢ ـ ابن خلكان : « الحافظ المشهور ... كان موصوفا بالنباهة والمعرفة والإتقان والدين والورع ، وكانت له نغمة حسنة في قراءة الحديث » (٣).

٣ ـ الذهبي : « الحميدي الحافظ الثبت القدوة حدث عن ابن حزم فأكثر ، وعن أبي عبد الله القضاعي ، وأبى عمرو بن عبد البر ، وأبى زكريا عبد الرحيم البخاري وأبى القاسم الجيانى الدمشقي وعبد الصمد بن المأمون وأبى بكر الخطيب وأبي جعفر بن مسلمة وأبي غالب بن بشران اللغوي ، ولم يزل يسمع ويكثر ويجد حتى كتب عن أصحاب الجوهري وابن المذهب ...

قال الأمير ابن ماكولا : لم أر مثل صديقنا الحميدي في نزاهته وعفته وتشاغله بالعلم ...

وقال يحيى بن ابراهيم السلماسي قال أبى : لم تر عيناي مثل الحميدي في فضله ونبله وغزارة علمه وحرصه على نشر العلم. قال : وكان ورعا ثقة اماما في الحديث وعلله ورواته ، متحققا في علم التحقيق والأصول على مذهب أصحاب الحديث بموافقة الكتاب والسنة ، فصيح العبارة ، متبحرا في علم الأدب والعربية والترسل » (٤).

__________________

(١) الجمع بين الصحيحين ـ مخطوط.

(٢) الأنساب ـ الحميدي.

(٣) وفيات الأعيان ٣ / ٤١٠.

(٤) تذكرة الحفاظ ٤ / ١٢١٨.

٣٦٠