مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام - ج ٤

جواد الكاظمي

مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام - ج ٤

المؤلف:

جواد الكاظمي


المحقق: محمّد الباقر البهبودي
الموضوع : الفقه
الناشر: المكتبة المرتضويّة لإحياء الآثار الجعفريّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٥٥

__________________

ـ همع الهوامع ج ٢ ، ١٨٥ ، والمقرب لابن عصفور ج ٢ ، ص ٨٠ ، وجامع الدروس العربية ج ٢ ص ٨٥ ، وشرح النظام على الشافية وليس في الطبع الذي عندي منه رقم الصفحات حتى أبينه ، وشرح الاشمونى بحاشية الصبان ج ٤ ، ص ١٥٧ ، والموجز في قواعد اللغة العربية لسعيد الافغانى طبعة دار الفكر ص ١٥٦.

وقد صرح علماء الأدب من الحفاظ ممن شرح الحديث بأن التصغير في الحديث للتقليل فصرح ابن حجر في فتح الباري ج ١١ ، ص ٣٩١ بذلك الا انه جعل المعنى : ان القدر القليل كاف ومثله ما في شرح عون المعبود طبعة الافست لاسماعيليان ج ٢ ، ص ٢٦٣ في شرح سنن أبى داود وكذلك في نيل الأوطار ج ٦ ، ص ٢٧ الا أنهما جعلا المعنى : ان القدر القليل بان تغيب الحشفة في الفرج وقريب منه في المعنى ما في شرح النووي على صحيح مسلم ج ١٠ ص ٣ من تغيب الحشفة في قبلها وادعى اتفاق العلماء على ذلك.

وعندي ان هذا المعنى لا يناسب الحديث اما الأول وهو كفاية القدر القليل من غير تقييد بتغيب الحشفة في الفرج فلان شكاية امرأة رفاعة انما كانت عن عبد الرحمن بن الزبير من أجل ان ما معه مثل هدبة الثوب وهدبة الثوب بفتح الهاء وقيل بضم الهاء وسكون المهملة وحكى صحة ضمها أيضا بعدها باء موحدة مفتوحة هي طرف الثوب لم ينسج ، ومعلوم إمكان القدر القليل وان كان ما معه مثل هدبة الثوب.

نعم من قيد القليل بتغيب الحشفة يمكن ان لا يقدر من معه مثل هدبة الثوب على ذلك الا ان في بعض الأحاديث الواردة عن النبي (ص) التعبير بعد ذلك بقوله (ص) : كما ذاق الأول ، انظر البخاري بشرح فتح الباري ج ١١ ، ص ٢٨٣ وعمدة القارئ ج ٢٠ ، ص ٢٣٧ ومعلوم ان ذوق الأول لم يكن مجرد التغيب.

وترى حديث ذوق العسيلة في الموطإ بشرح الزرقانى ١١٥١ الى الرقم ١١٥٣ من ص ١٣٧ الى ص ١٣٩ ج ٣ من الشرح طبعة مطبعة الاستغاثة بالقاهرة الا ان الشارح استفاد كفاية الجماع دفعة واحدة من توحيد لفظ العسيلة ولم يتعرض لسر التصغير فالذي يقبله الطبع السليم والذوق المستقيم هو ما أفاده الأديب البارع المحقق المدقق الشريف الرضي أعلى الله مقامه الشريف.

هذا ولكن عندي في كلامه موضع من النظر :

٨١

ويمكن ان يراد من النّكاح هنا الوطي لوروده بمعناه في غيرها من الايات فليكن هنا كذلك ، ويؤيّده انعقاد الإجماع على عدم الاكتفاء بالعقد ويكون العقد مستفادا من لفظ الزّوج.

__________________

وذلك أن قوله قدس‌سره في ما اميلح : هو من أبيات الكتاب ، المتبادر من لفظ الكتاب حيث يستعمله أهل الأدب هو الكتاب لسيبويه ولم أظفر عليه في الكتاب ولم نر من أسند أنه من شواهد الكتاب بل لعل قائله لم يولد قبل وفاة سيبويه وسنذكر مصادر نقل قائله فممن نسب اليه الباخرزى وليس المراد صاحب دمية القصر وان اشتهر بالباخرزى إذ وفاته كان في سنة ٤٩٧ فلا يستشهد مثل الشريف الرضى بشعره وان فرض حيوته في زمن الشريف طفلا وهذا الباخرزى على بن الحسن بن على بن أبى طيب الباخرزى.

وأما من نسب اليه البيت (يا ما امليح) فهو أحمد بن الحسين الباخرزى المعروف ان وفاته سنة ٤٣٥ وقد نقل في الإعلام ج ١ ، ص ١١٢ عن الدر الفريد ان ولادته في سنة ٣٣٢ ووفاته في سنة ٤١١ فيكون مقاربا لعصر الشريف الرضى حيث ان مولد الشريف كان سنة ٣٥١ وتوفي في سنة ٤٠٦ على الأصح وان قيل ٤٠٤ أيضا ولعله من سهو النساخ فإن أكثر العلماء الإثبات ذكروا عمره ٤٧ عاما وهو ينطبق على كون سنة وفاته ٤٠٦.

واما المصادر التي ترى فيها الأقوال في قائل البيت (يا امليح) فانظر الدرر اللوامع على همع الهوامع ج ١ ، ص ٤٩ بالتفصيل وفي ج ٢ ، ص ١١٩ بالإجمال ، والخزانة للبغدادى المطبوع بالافست ج ١ ، من ص ٤٥ الى ص ٤٨ ، وفي الطبعة التي طبعت بالطبع الحروفى الى الشاهد الحادي والثلاثين بعد المائة ولما يطبع ما بعده في ج ١ ، من ص ٦٥ الى ص ٦٩ وأشار بالإجمال أيضا في المطبوع بالافست ج ٤ ، ص ٩٥.

وترى الأقوال في قائله أيضا في شواهد العيني المطبوع بهامش الخزانة ج ١ ص ٤١٦ الى ٤١٨ في شواهد اسم الإشارة لابن عقيل وفي هامش ج ٣ ، ص ٤٤٤ في شواهد باب التعجب لابن الناظم.

وترى الأقوال أيضا في شواهد السيوطي لابيات المغني طبعة لجنة التراث العربي بتحقيقات وتعليقات للشنقيطى سنة ١٣٨٦ ، ص ٩٦١ الرقم ٨٥٤ ، وشرح البغدادي لشواهد صرف الرضى ج ١ ، ص ١٩٠ طبعة ١٣٨٥ بتحقيق ثلاثة من كبار المدرسين في الكلية العربية وكذا ص ٢٨٠.

٨٢

وعلى هذا يعتبر كون الزّوج الثّاني ممّا يصلح للوطي بأن يكون بالغا وعليه رواية علي بن الفضل (١) قال : كتبت الى الرّضا عليه‌السلام : رجل طلّق امرأته الطّلاق الّذي لا يحلّ له إلّا ان تنكح زوجا غيره فتزوّجها غلام لم يحتلم قال : لا حتّى يبلغ ، الحديث ونحوها.

وإطلاق النّكاح ينصرف إلى الدّائم لأنّه المتبادر عند الإطلاق ويؤيّده قوله : (زَوْجاً غَيْرَهُ) لظهوره فيه وكذا قوله (فَإِنْ طَلَّقَها) اى الزّوج الثّاني أي المحلل (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما) اى لا اثم ولا حرج على الزّوجين (أَنْ يَتَراجَعا) اى يرجع كلّ واحد منهما الى صاحبه بعقد مستأنف بعد انقضاء العدّة من المحلّل لمكان الوطي المعتبر.

(إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ) المتعلّقة بالزّوجيّة من حسن الصحبة والمعاشرة وبيان الأمور الواجبة عليهما ، والتّقييد بالظّنّ لانّ العلم مغيب عنهما لا يعلمه إلّا الله.

ومقتضى التّقييد عدم جواز التّراجع بدون ذلك الظّنّ سواء تيقّنا العدم أو ظنّاه أو تساوى الطّرفان عندهما لما في ذلك من استلزام الدّخول في المحرّم فيكون حراما ويحتمل عدم اعتبار هذا المفهوم وجواز التّراجع بدون القيد نظرا

__________________

(١) انظر الباب ٨ من أبواب أقسام الطلاق من الوسائل ، الحديث ١. وهو في طبعه الأميري ج ٣ ، ص ١٦٠ ، وطبعة الإسلامية ج ١٥ ، ص ٢٦٧ المسلسل ٢٨١٩٥ ، وهو في فروع الكافي ج ٢ ، ص ١٠٣ باب التي لا تحل لزوجها الحديث ٦ ، وفي طبعه الآخوندى ج ٦ ، ص ٧٦ ، وفي المرآة ج ٤ ، ص ٨ وفيه انه : «ضعيف على المشهور». ورواه في التهذيب ج ٨ ، ص ٣٣ الرقم ١٠٠ ، والاستبصار ج ٣ ، ص ٢٧٤ الرقم ٩٧٥ ، وفي الوافي ج ١٢ ، ص ٤٧. وتتمه الحديث : فكتبت اليه : ما حد البلوغ؟ ـ فقال : ما أوجب الله على المؤمنين الحدود.

والظاهر ان قول المجلسي قدس‌سره : انه ضعيف على المشهور لكون سهل في طريقه وقد بينا في ج ١ ، ص ٣٥٢ من مسالك الافهام اعتبار أحاديثه.

٨٣

الى انّ المفهوم انما يعتبر إذا لم يكن فايدة سواه.

ولعلّ الفائدة في التقييد الإشارة إلى تأكيد حسن المعاشرة وعدم الخروج عن الطاعة إذ يرجعان إلى المفارقة على تقدير عدم ذلك فلا يترتب الأثر على الزوجية وكيف كان فلا ينبغي الريب في صحة العقد إذ نهاية ذلك انه فعل حراما والنهي في غير العبادة لا يوجب البطلان ولو قلنا بعدم اعتبار المفهوم فلا ريب في الصحة.

واستدلّ بعض العامّة بظاهر الآية على حصول التحلل للزوج الأول بمجرد التراجع عقيب ما يطلقها الزوج الثاني من غير عدة بدلالة فاء التعقيب وفيه نظر فان الآية مخصوصة بقوله : والمطلقات يتربصن بأنفسهن الآية حيث دلّت على وجوب التربص مطلقا.

هذا وقد اختلف في النكاح بشرط التحليل فجوّزه أبو حنيفة وحكم بصحته على كراهية وقيل : لا يصح العقد ولا الشرط فلا تحلّ للأول ولا للثاني وعلى هذا أصحابنا والشافعية لأنّ الشرط مناف لمقتضى العقد إذ مقتضاه صحة بقاء الزوجية وعدم وجوب الطلاق فيكون بمثابة اشتراط العدم ولان عقد النكاح لا يبطل مع صحته من دون طلاق أو فسخ فيكون الشرط باطلا وهو يستلزم بطلان المشروط.

وقد يستدل لأبي حنيفة بعموم الآية وفيه بعد لظهور ان المراد من قوله : حتى تنكح زوجا غيره العقد الصحيح المتلقى من الشارع وغير معلوم انه مع الشرط كذلك بل قيل ان الاستدلال بعمومات العقود لا يمكن إلّا بعد تحقق شرائطها.

وقد ظهر من ذلك انهما لو كان في خاطرهما ذلك ناويين له من غير ان يتلفظ به لم يضر في النكاح فان الظاهر من الشارع ان تعلق الاحكام على العقود الظاهرة وخطور التحليل في البال لا دخل له بل الظاهر انه قليلا ما ينفك عن القصد.

وما نقل عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله انه لعن المحلل والمحلل له (١) فالظاهر انه المحلل المشترط

__________________

(١) انظر مصادر الحديث في المعجم المفهرس ج ١ ، ص ٤٩٣ العمود الثاني ، وج ٦ ، ص ١٢٣ العمود الثاني ، ورواه في الجامع الصغير بشرح فيض القدير ج ٥ ، ص ٢٧١ الرقم ٧٢٦٦ عن أحمد والسنن الأربعة عن على والترمذي والنسائي عن ابن مسعود و ـ

٨٤

التحليل في العقد إذ لا شك في جواز فعل ذلك بدون النية كما لو وقع اتفاقا إذ مع النية على ما عرفت. وذهب مالك وجماعة من العامّة إلى بطلان النكاح على تقدير أن يكون في خاطرهما ذلك وهو بعيد.

(تِلْكَ) إشارة إلى الأمور المذكورة الّتي بيّنها في النكاح والطلاق والرجعة.

(حُدُودَ اللهِ) أوامره ونواهيه (يُبَيِّنُها) يذكرها مبينة (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) يفهمون ويعملون بمقتضى العلم لا من لا يعمل بمقتضاه بمثابة غير العالم لعدم انتفاعه بعلمه ، وهذا هو الوجه في تخصيص العالمين مع ان الاحكام ثابتة للجميع ويجوز أن يكون الوجه في تخصيصهم انّهم الرؤساء فاكتفى بهم أو تشريفا لهم أو أنّ المراد من يصحّ منه العلم فيدخل الجميع وفيه ما فيه.

__________________

ـ الترمذي عن جابر وعليه رمز الصحة ، وشرحه المناوى على ما ينطبق على ما أفاده المصنف قدس‌سره ، ويؤيده ان الحاكم في المستدرك بعد نقل حديثين بهذا المضمون والتشبيه بالتيس المستعار ج ٢ ، ص ١٩٨ و ١٩٩ نقل حديثا يدل على صحة النكاح إذا لم ينوياه ، وصحح الأحاديث الثلاثة الذهبي في التلخيص المطبوع ذيل المستدرك.

ثم المحلل الأول ورد بصيغة اسم الفاعل من باب الافعال ومن باب التفعيل واما المحلل له فلم أر فيما ظفرت عليه من نقل الحديث إلا بصورة اسم المفعول من باب التفعيل.

واعلم انه استشكل المناوى في فيض القدير على السيوطي حيث نقله عن على عن أحمد والسنن الأربعة وان النسائي لم ينقله عن على وانما نقله عن ابن مسعود.

وانظر الحديث أيضا وشرحه في سنن الترمذي بشرح تحفة الاحوذى ج ٢ ص ١٨٥ ، وانظر أيضا عون المعبود في شرح سنن أبى داود ج ٢ ، ص ١٨٨ وفيه بعد بيان ما يقرب من بيان المصنف نقل الرواية الثالثة التي نقلناه عن الحاكم.

ثم قال : وقال ابن حزم : «وليس الحديث (مقصوده حديث اللعن) على عمومه في كل محلل إذ لو كان كذا ، لدخل كل واهب وبائع ومزوج ، فصح أنه أراد بعض المحللين وهو من أحل حراما لغيره بلا حجة فتعين أن يكون ذلك فيمن شرط ذلك لأنهم لم يختلفوا في ان الزوج إذا لم ينو تحليلها للاول ونؤته انها لا تدخل في اللعن فدل على ان المعتبر الشرط والله اعلم» انتهى.

٨٥

الثاني

في الخلع والمبارأة

وفيه آية واحدة وهي قوله (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ) اى من الصّدقات (شَيْئاً) ولو كان قليلا والخطاب فيه يحتمل ان يكون للحكّام نظرا الى انّ الأخذ والإعطاء بأمرهم وصحّ إسناد الأخذ والإيتاء إليهم لأنّهم السّبب القوىّ والمعنى لا يحلّ لكم ايّها الحكّام أن تأمروا بأخذ شيء ممّا حكمتم على الأزواج بإعطائه أوّلا من المهور المدفوعة إليهنّ.

(إِلَّا أَنْ يَخافا) اى الزّوجان (أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ) مفعول يخافا بنزع الخافض اى من ترك اقامة حدوده فيما يلزمها من مواجب الزّوجيّة أو غيرها ، قيل : نزلت في ثابت بن قيس (١) كانت زوجته تبغضه وهو يحبّها فأتت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقالت : لا أنا ولا ثابت ولا يجمع رأسي ورأسه شيء ، والله ما أعيبه في دين ولا في خلق ولكنّي أكره الكفر في الإسلام ما أطيقه بغضا فاختلعت منه بحديقة أصدقها ايّاها. ويحتمل أن يكون الخطاب للأزواج وما بعد ذلك خطاب للحكّام وفيه شيء من جهة تشويش النّظم على القراءة المشهورة. والمراد بخوفهما عدم اقامة الحدود ، ظنّهما ذلك.

ويؤيّده قراءة من قرأ يظنّا (٢) وذلك بأن يظنّ من المرأة النّشوز والخروج

__________________

(١) انظر كنز العرفان ج ٢ ، ص ٢٨٤ ، والمجمع ج ١ ، ص ٣٢٩ ، والكشاف ج ١ ص ٢٧٤ ، وروح المعاني ج ٢ ، ص ١٢١. واختلف في المرأة فقيل : هي جميلة بنت سلول وقيل : بنت ابى ابن سلول ، وقيل : بنت عبد الله بن ابى ابن سلول ، وقيل : كان اسمها زينب ، وقيل : كانت حبيبة بنت سهل. انظر الكاف الشاف المطبوع ذيل الكشاف.

(٢) نقل القراءة في الكشاف ج ١ ، ص ٢٧٥ وفيه أيضا نقل قراءة الا أن يخافا على البناء للمفعول وإبدال أن لا يقيما من ألف الضمير بدل الاشتمال ، ونقل أيضا قراءة الا ان تخافوا.

٨٦

عن الطّاعة إذ تقول لا أغسل لك رأسي من جنابة على ما دلّت عليه الأخبار (١) المعتبرة الإسناد كصحيحة الحلبي (٢) عن الصّادق عليه‌السلام قال : لا يحلّ خلعها حتّى تقول لزوجها : والله لا أبرّ لك قسما ولا أطيع لك أمرا ولا اغتسل لك من جنابة ولأوطئنّ فراشك الحديث ونحوه من الأخبار.

(فَإِنْ خِفْتُمْ) ايّها الحكّام (أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ) الأحكام المتعلّقة بالزوجية وغيرها (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما) نفي الجناح عن الزّوجين مع كون الخطاب للحكّام لأنّ نفي الجناح عنهما يستلزم نفيه عنهم اى لا حرج ولا اثم على الزّوجين (فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) المرأة نفسها : لا على الرّجل فيما أخذه ولا عليها في الإعطاء.

وإطلاق الافتداء عليه لأنّها تخلّص نفسها من تحت حكمه وكأنّها تخلص من الملكيّة أو القتل لمكان نقصها أو عتقها أو من المعاصي والظاهر عدم اثم المرأة في إعطاء ما تخلص به نفسها ولكن هذا لا يستلزم عدم الإثم بإظهار الكراهة والخروج عن الطّاعة.

ويمكن أن يقال : صحّة الإعطاء مشروط بخوفها وظنّها انّها ما تقدر على ضبط نفسها في الخروج عن الشّرع وحينئذ فلا بعد في الجواز بل الوجوب تخييرا بينه وبين التّرك ولكن لما عرفت من نفسها عدم القدرة على التّرك تعيّن الإعطاء

__________________

(١) انظر الوسائل الباب ١ من أبواب الخلع ج ٣ ، ص ١٧٩ طبعة الأميري ، وفي الطبعة الإسلامية ج ١٥ ، من ص ٤٨٧ الى ص ٤٨٩ ، ومستدرك الوسائل ج ٣ ، ص ٢٥.

(٢) الوسائل الباب ١ من أبواب الخلع ، الحديث ٣ المسلسل ٢٨٥٩٠ ، والكافي ج ٢ ، ص ١٢٣ باب الخلع ، الحديث ١. وهو في طبعه الآخوندى ج ٦ ، ص ١٣٩ ، وفي المرآة ج ٤ ص ٢٥. وفيه بيان مشروح من أراد فليراجع ، وفي الوافي الجزء ١٢ ، ص ١٣١.

وروى الحديث في التهذيب ج ٨ ، ص ٩٥ الرقم ٣٢٢ ، والاستبصار ج ٣ ، ص ٣١٥ الرقم ١١٢١ ، والفقيه طبعة النجف ج ٣ ، ص ٣٣٨ الرقم ١٦٣١ ، وفي طبعه مكتبة الصدوق ج ٣ ، ص ٥٢٢ الرقم ٤٨٢١. وفي ألفاظ الكافي والتهذيبين والفقيه قليل تفاوت يظهر بالمراجعة.

٨٧

عليها ، بل الظّاهر هو انّ إعطاء المال لتخليص النفس من المشقة الحاصلة بالمعاشرة لأنه غير موافق لها طبعا وان كان موافقا لها شرعا مما لا قصور فيه هذا.

ومقتضى الآية جواز الأخذ مع خوف اقامة الحدود من الجانبين بأن تكون الكراهة من كلّ منهما والظاهر من الأصحاب بل الرّوايات انّ ذلك ليس بشرط في الخلع نعم هو شرط في المبارأة عندهم إلّا أن يحمل على خوف الزوج أيضا بسبب خروج الزّوجة عن موجبات الشرع فيخاف هو أيضا الخروج ، لكونه سببا فيه ولكنّ الظاهر ان هذا غير شرط في الخلع عندهم.

وبالجملة فالثابت فيما بينهم انّ شرط الخلع بغض الزّوجة وقولها ما يدلّ على عدم القيام بحقوق الزّوجية من غير تعرّض لحال الزّوج والأخبار انّما دلّت على هذا ، فيمكن حمل الآية على المباراة دون الخلع كما هو المشهور فإنّها إنّما ثبتت مع الكراهة من الطّرفين لكنّ ظاهر الآية قد ينافيه لظهورها في جواز أخذ الزّائد على ما أعطاها وهو إنّما يصح عندنا في الخلع إذ في المبارأة لا يجوز أخذ الزّائد عليه فالآية على كلّ تقدير لا تنطبق على شيء منهما.

ويمكن حملها على الخلع ويكون ذكر الرّجل معها لاقترانهما كقوله تعالى : (نَسِيا حُوتَهُما) وقوله (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) وإنّما هو من الملح دون العذب فجاز للاتّساع كما حمل قوله (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما) على المرأة فقط لأنّ الفدية منها.

قال الشّيخ في التّبيان (١) وهذا أليق بمذهبنا لأنّ الّذي يبيح الخلع عندنا هو ما لولاه لكانت المرأة عاصية وظاهر انّه هنا كذلك بالنّسبة إلى المرأة فيحمل عليه قول القاضي (٢).

«واعلم انّ ظاهر الآية يدلّ على انّ الخلع لا يجوز من غير كراهة وشقاق

__________________

(١) انظر التبيان طبعة إيران ج ١ ، ص ٢٤٤.

(٢) البيضاوي ج ١ ، ص ٢٤٢.

٨٨

ولا بجميع ما ساق الزّوج إليها فضلا عن الزّائد ويؤيّد ذلك قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) أيّما امرأة سألت زوجها طلاقا من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة وما روى من انّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لجميلة امرأة ثابت بن قيس : أتردّين عليه حديقته؟ ـ قالت : أردّها وأزيد عليها فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : امّا الزّائد فلا ، والجمهور استنكروه ولكنّ بعّدوه فانّ المنع عن العقد لا يدلّ على فساده وانّما يصحّ بلفظ المفاداة فإنّه سمّاه اقتداء» انتهى.

وقد تضمّن كلامه ثلاثة أحكام :

الأوّل ـ عدم جواز الخلع بدون الكراهة والشقاق ولعلّه أراد بعدم الجواز عدم حلّيّة ما يأخذه بدون ذلك كما هو ظاهر الآية وكان عليه أن يبيّن كون الكراهة والشّقاق من الجانبين أو من جانب واحد ، كما أشرنا اليه والأمر فيه سهل بعد ما بيّناه.

والثاني ـ عدم جوازه بجميع ما ساقه إليها ويلزم منه عدم الجواز في الزّائد بطريق أولى ولكن في دلالة الآية عليه كما ادّعاه بعد بل الظّاهر دلالتها على الزّائد فضلا عن الجميع لعموم فيما افتدت به والأصل عدم تقييده وتخصيصه بشيء ممّا آتيتموهنّ وان سبق لعدم ما يوجب التّخصيص.

وحديث ثابت بن قيس لم يدلّ صريحا على عدم جواز الزّيادة إذ يجوز أن

__________________

(١) أخرجه الجامع الصغير بشرح فيض القدير ج ٣ ، ص ١٢٨ بالرقم ٢٩٤٤ عن أحمد وأبى داود وابن ماجة والترمذي وابن حبان واللفظ فيه : سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس.

ورواه في الوسائل الباب ٢ من أبواب الخلع ، الحديث ٢ ، وهو في طبعه الأميري ج ٣ ، ص ١٧٩ ، وفي طبعه الإسلامية ج ١٥ ، ص ٤٩٠ المسلسل ٢٨٥٩٨. واللفظ في كلتا الطبعتين من غير بأس مع انه نقله عن محمد بن على بن أحمد في روضة الواعظين مع ان اللفظ في المطبوع عندنا في سنة ١٣٣٠ بسعي الحاج محمد كاظم في ص ٣١٣ في غير ما بأس ، وعلى اى فلا تأثير في أصل المطلوب والعبارتان صحيحتان والمعنى واحد.

٨٩

يكون قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : امّا الزّائد فلا ، بعد قولها : وأزيد عليه ، لا لعدم جواز الزّيادة بل لعدم الاحتياج إليها لأنّه يرضى بما دفعه أوّلا إليها فالزّيادة غير جائزة ولا يبعد أولويّة هذا.

ولو سلّمنا انّ المراد عدم الجواز لقلنا : انّ المنع امّا أن يقع عن الزّائد فقط أو عن الجميع والزّائد ، وعلى كلّ تقدير يفيد عدم صلاحيّته للعوضيّة وعدم صحّة تملّكه للزّوج كما في المنع عن بعض المعاملات مثل عدم جواز بيع المجهول والرّبا ونحو ذلك ممّا كان المنع فيه راجعا الى أحد الطّرفين ودالا على الفساد فلا وجه للقول بانّ المنع راجع الى العقد فلا يدلّ على فساده.

سلّمنا انّ النّهي لا يدلّ على الفساد لكن لا يلزم دلالته على الصّحة بل لا بدّ لها من دليل يدل عليها الا ترى ان الآية دلّت على صحّة الخلع حال خوف عدم اقامة الحدود ومقتضاها التّحريم في غير هذه الحالة ولا يمكن أن يقال بالصحّة وان النهي لا يدل على الفساد لعدم ما يدل على الصّحة.

وبالجملة الظّاهر من حال الشّرع انّه لا يحكم بترتب الأحكام إلّا على ما رضى به وأجازه إلّا أن ينص على خلافه أو يقوم دليل على الصحة في عموم ذلك الحكم فيندرج الفاسد تحته وما نحن فيه ليس كذلك.

وهذا بحث إلزامي له وإلا فالصحيح جوازه بالجميع والزائد عليه لظاهر الآية وتظافر الأخبار به وعدم ظهور صحة الخبر الّذي ذكره ولو سلّم فمحمول على ما قلناه من عدم الاحتياج إلى الزائد مع الرضا بما دفعه فقط.

الثالث ـ صحة الخلع بلفظ المفاداة نظرا إلى انه تعالى سماه افتداء ولا يخفى بعده كيف والإيقاعات لها عبارات متلقاة من الشارع يتوقف صحتها على إيقاعها على وجهها وأصالة العدم فيما سواها ومجرد تسمية إعطاء الزوجة افتداء لا يقتضي ذلك فتأمل.

ثم قال القاضي : «واختلف في انه إذا جرى بغير لفظ الطلاق فهل يكون فسخ أو طلاق والأظهر انه طلاق لانه فرقة باختيار الزوج فهو كالطلاق المفوض» انتهى.

٩٠

ولا يذهب عليك ان هذا الاختلاف جار بين أصحابنا أيضا ولكن الأكثر منهم على انه طلاق لدلالة الأخبار الكثيرة عليه وحينئذ فتحتسب من الطلقات الثلاث ، ولو خالعها ثلاثا احتاجت الى المحلل ونحو ذلك من الاحكام.

وقال الشيخ : الأولى انه فسخ لا طلاق محتجا بأنها فرقة عريت عن صريح الطلاق ونيته فكانت فسخا كسائر الفسوخ وفيه نظر إذ لا استبعاد في عرائه عن صريح الطلاق وكونه في حكمه كما دلّت عليه الأخبار هذا كلّه على تقدير القول بوقوعه مجردا عن لفظ الطلاق كما ذهب إليه الأكثر ودلّت عليه بعض الأخبار المعتبرة الاسناد (١) ولو اعتبرنا في صحة وقوعه اتباعه بالطلاق فلا كلام في عده طلاقا.

(تِلْكَ حُدُودُ اللهِ) إشارة الى ما حد من الأحكام السابقة كالعدة والرجعة والطلاق والخلع وأحكامها اي أوامر الله ونواهيه.

(فَلا تَعْتَدُوها) فلا تجاوزوها وتعملوا بخلافها (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ) ويتجاوزها بالمخالفة (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) لظلمهم أنفسهم بتعريضها لعقاب الله في الآخرة بل في الدّنيا أيضا بالحبس والتعزير والحدود إذا كان ممّا يوجبها.

وهنا آية أخرى قد تدلّ على حكم الخلع في الجملة وهي قوله تعالى :

(وَلا تَعْضُلُوهُنَّ) تمنعوهن بعض حقوقهنّ اللازمة بالزّوجية (لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ) من المهور وهو خطاب للأزواج فقد قيل : انّ الرّجل منهم كان يكره زوجته ويريد مفارقتها فيسيء العشرة معها ويشقّ الأمر عليها حتّى تفتدي منه بمالها وتختلع فنهوا عن ذلك.

(إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) بالفتح على قراءة بعض اي بيّنها الله أو الشهود الأربعة ، وبالكسر على قراءة آخرين اي ظاهرة متبيّنة ، قيل : هي الزّنا ، وقيل : ما يوجب الحدّ مطلقا ، وقيل : كلّ معصية حتّى النّشوز وشكاسة الخلق.

والمشهور انّه استثناء من أخذ الأموال والمراد انّه لا يحلّ له ان يحبسها

__________________

(١) انظر الباب ٣ من أبواب الخلع من الوسائل فيه ما يدل على لزوم الاتباع بالطلاق وما يدل على عدم اللزوم ومحل البحث الكتب الفقهية.

٩١

ضرارا لتفتدي إلّا إذا فعلت فاحشة فحينئذ يحلّ لزوجها أن يسألها الخلع فانّ الاستثناء من النّهي اباحة ، ولأنّها إذا زنت لم يأمن أن تلحق به ولدا من غيره وتفسد فراشه فلا تقيم حدود الله في حقّه فيدخل في قوله (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) ففيها دلالة على جواز الخلع في الصورة المفروضة.

وقيل : انّه استثناء من العضل نهوا عن حبسهنّ في بيوت الأولياء إلّا بعد وجود الفاحشة.

ومن هؤلاء القائلين من زعم انّ هذا الحكم منسوخ بآية الحدود وهو بعيد إذ لا منافاة بينهما مع أنّ الأصل عدم النّسخ وعلى المشهور فهل يختصّ جواز العضل ببذل ما وصل إليها منه من مهر وغيره فلا يجوز الزّيادة عليه أم لا يتقيّد بذلك بل يجوز الزّيادة حتّى يرضى.

قيل : بالأوّل حذرا من الضّرر العظيم ولما تقدّم من قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لجميلة امرأة ثابت : أمّا الزّائد فلا. وقيل بالثّاني نظرا إلى إطلاق الاستثناء الشّامل للزّائد وعدّ بعض الأصحاب هذا خلعا وهو غير بعيد وللبحث فيه مجال فانّ المستثنى منه إذهاب بعض ما أعطاها فالمستثنى هو ذلك البعض فيبقى المساوي والزّائد على أصل المنع فان خرج المساوي بدليل آخر بقي الزّائد.

وإطلاق الخلع على مثله محلّ نظر لأنّها ليست كارهة بل مكرهة ، ولو سلّم فالكراهة غير مختصّة بها وهي شرط الخلع وذكرها في باب الخلع لا يدلّ على انّها منه ، وبالجملة الأبحاث السّابقة واردة هنا ، ويمكن الجواب بما تقدم فتأمّل.

٩٢

الثالث الظهار

وفيه آيات :

الاولى : (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ) (١) الظّهار ان يقول الرّجل لامرأته : أنت علىّ كظهر أمّي. واشتقاقه امّا من الظّهر أو من الظّهور (٢) وهو الرّكوب والعلوّ ، ومعناه علوي وركوبي عليك حرام كعلوّ أمّي.

[روى ان أول من ظاهر في الإسلام أويس بن الصامت (٣) من زوجته خولة

__________________

(١) هذه الآية الثانية من سورة المجادلة وهذه السورة على نصف القرآن عددا ، وعشره باعتبار الاجزاء ، وفي كل آية منها اسم الله مرة أو مرتين أو ثلاثا ، وليس في القرآن سورة تشابهها في ذلك.

(٢) قوله : أو من الظهور وهو الركوب والعلو : قد استعمل في القرآن أيضا بمعنى العلو قال عز من قائل : لا يظهرون عليها ، ولو كان المراد ظهر الإنسان لم يكن أولى من سائر الأعضاء التي هي مواضع التلذذ والمباضعة فهو مأخوذ من الظهر الذي هو العلو لان امرأة الرجل مركب له وظهر ، يدلك على ذلك قولهم : نزلت عن امرأتي اى طلقتها وفي قولهم : أنت على كظهر أمي حذف وإضمار تأويله ظهرك على اى علوي عليك حرام كعلوى على أمي وهو كناية عن الجماع.

(٣) رواه على بن إبراهيم في تفسيره ص ٣٤٧ وحكاه عنه في البرهان ج ٤ ، ص ٣٠٢ وقلائد الدرر ج ٣ ، ص ٢٧٠ ، ونور الثقلين ج ٥ ، ص ٢٥٤ ، ورواه في الوسائل الباب ١ من كتاب الظهار ، الحديث ٤ عن رسالة المحكم والمتشابه من كتاب تفسير النعماني وهو في طبعه الأميري ج ٣ ، ص ١٨٢ ، وفي طبعه الإسلامية ج ١٥ ، ص ٥٠٨ المسلسل ٢٨٦٥٥.

وفي الفقيه ج ٣ ، ص ٣٤٠ طبعة النجف الرقم ١٦٤١ ، وفي طبعه مكتبة الصدوق ج ٣ ص ٥٢٦ بالرقم ٤٨٢٩ قصة ظهار أوس بن الصامت من زوجته خولة بنت المنذر من غير تصريح بكونه أول من ظاهر في الإسلام الا ان ذكره نزول الآية بعد ظهاره يدل على كونه ـ

٩٣

بنت ثعلبة ، على اختلاف في اسمها ونسبها (١) فأتت رسول الله فاشتكت منه ، فأنزل الله تعالى (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها) ، الآية].

والأصحّ عند أصحابنا وقوعه إذا شبّه الزّوجة بغير الأمّ أيضا كالأخت والبنت وغيرهما من المحرّمات ولو بالرّضاع واليه يذهب أبو حنيفة والشّافعي في الجديد لورود الأخبار الصّحيحة به (٢) ، ومن منع من أصحابنا وقوعه بغير الامّ النّسبيّة نظر الى ظاهر الآية.

ولا يخفى ما فيه فانّ الآية لا تنفى غير الامّ فيصحّ إثباته بالأخبار الصّحيحة لا بالاية ولا ينافيه صحيحة سيف التّمار (٣) عن الصّادق عليه‌السلام قال : قلت له : الرّجل

__________________

ـ أول من ظاهر. وهو في الوسائل طبعة الإسلامية ج ١٥ ، ص ٥٠٦ الباب ١ من باب الظهار الحديث ١ ، المسلسل ٢٨٦٥٤.

ورواه من أهل السنة ابن سعد في الطبقات ج ٣ ، ص ٥٤٧ عن عمران بن أنس ، وابن كثير في تفسيره ج ٤ ، ص ٣٢٠ عن خصيف عن مجاهد عن ابن عباس ، وفتح الباري ج ١١ ، ص ٣٥٤ عن الطبراني وابن مردويه ، فما في بعض التفاسير من وقوع الظهار من غير أوس بن الصامت مثل سلمة بن صخر لا محالة يكون بعد ظهار أوس بن الصامت.

(١) فقيل خولة بنت مالك بن ثعلبة ، وقيل خولة بنت ثعلبة ، وقيل خولة بنت حكيم ، وقيل خولة بنت وليج ، وقيل خولة بنت خويلد ، وقيل خولة بنت الصامت ، وقيل خويلة بنت ثعلبة وقيل ، خويلة بنت حكيم ، وقيل خويلة بنت خويلد ، وقيل جميلة بنت الصامت وغير ذلك.

انظر الإصابة ج ٤ ، ص ٢٨٢ و ٢٨٣ ، والدر المنثور ج ٦ ، من ص ١٧٩ الى ص ١٨٣ ، والطبري ج ٢٨ من ص ١ ـ ٦ وتفسير ابن كثير ج ٤ ، من ص ٣١٨ ـ ٣٢٢ وفتح القدير ج ٥ ، ص ١٧٧ وروح المعاني ج ٢٨ ، ص ٣ ، والمجمع ج ٥ ص ٢٤٦ وغير ذلك من كتب التفسير ومعاجم الصحابة.

(٢) انظر الوسائل الباب ٤ من أبواب الظهار ج ١٥ ، ص ٥١١ و ٥١٢ ، وطبعة الأميري ج ٣ ، ص ١٨٣.

(٣) انظر التهذيب ج ٨ ، ص ١٠ الرقم ٣٠ ، والكافي ج ٢ ، ص ١٢٨ باب الظهار الحديث ١٨ ، وهو في طبعه الآخوندى ج ٦ ، ص ١٥٧ ، وفي المرآة ج ٤ ، ص ٣٠ ، و ـ

٩٤

يقول لامرأته : أنت علىّ كظهر أختي أو عمّتي أو خالتي ، فقال : انّما ذكر الله تعالى الأمّهات وانّ هذا لحرام ، لانّ عدم ذكره لغيرهنّ لا يدلّ على الاختصاص.

فان قيل : يلزم من ذلك تأخير البيان عن وقت الحاجة أو الخطاب.

قلنا : لا يلزم فإنّه عليه‌السلام أجاب بالتّحريم ولعلّ السّائل استفاد المقصود منه إذ ليس في السّؤال ما يدلّ على موضع الحاجة بخصوصها فيجوز ان يكون هو التّحريم ، وقد ذكر في الجواب فتأمّل.

أمّا ما يدلّ على عموم التّحريم في الرّضاع والنّسب معا ، فقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يحرم من الرّضاع ما يحرم من النّسب (١) ، وظاهر انّ من في الخبر إمّا تعليلية أو بمعنى الباء والتقدير يحرم لأجل الرّضاع أو سببه ما يحرم لأجل النّسب أو بسببه والتّحريم في الظّهار بالأم بسبب النّسب ثابت في الجملة إجماعا فيثبت بسبب الرضاع كذلك.

فاندفع ما قيل (٢) : ان التحريم في الظهار بسبب التشبيه بالنسب لا نفس النسب ، فلا يلزم من كون التشبيه بالنسب سببا في التحريم كون التشبيه بالرضاع سببا فيه فتأمّل.

وهل يقع بغير لفظ الظهر كالبطن والفخذ؟ الظاهر العدم وحكاه في الكشاف عن

__________________

ـ فيه قوله : «انما ذكر الأمهات ظاهره ان ما دلت عليه الآية هي الأمهات ، لكن التشبيه بسائر المحرمات أيضا محرم يظهر من السنة ، أو ان ما يترتب عليه الحكم بالظهار هي الأمهات واما غيرها فحرام لكنه غير محرم.

واستدل به ابن إدريس على عدم التحريم حملا له على المعنى الأخير» انتهى ما في المرآة والحديث في الوسائل الباب ٤ من أبواب الظهار ، الحديث ٣ ج ١٥ ص ٥١١ المسلسل ٢٨٦٦٧ وفي طبعه الأميري ج ٣ ، ص ١٨٣ ، وفي الوافي الجزء ١٢ ص ١٣٥.

(١) قد مر مصادر الحديث في الجزء الثالث من الكتاب فراجع.

(٢) قلت : بل لما يندفع والتنزيل في الحديث انما هو التحريم لا ما يشمل انعقاد الظهار.

٩٥

بعضهم وقطع بوقوعه وتابعه القاضي فيه ، وهو قول الحنفية فإنهم يذهبون إلى انّه إن شبّهها بعضو من الام يحرم عليه النظر اليه كالبطن والفخذ كان ظهارا وان شبهها بعضو يجوز النظر اليه كاليد والرأس لم يكن ظهارا.

وذهب الشّافعيّة الى ان ذلك العضو ان كان مشعرا بالإكرام كقوله أنت على كروح أمي أو عينها ، وقصد الظهار صح ظهاره وان قصد الإكرام لم يصح وان لم يقصد شيئا فوجهان وان لم يكن مشعرا بالكرامة كقوله : أنت على كرجل أمي أو كيدها أو بطنها ففي الجديد انه ظهار وفي القديم لا.

وفي أصحابنا من يذهب الى بعض هذه الأقوال ويرده أصالة الإباحة حتى يعلم المحرّم وهو غير معلوم فيما عدا الظهر من الاجزاء ولانه مشتق (١) منه فلا يصدق بدونه ، والاخبار الدالّة على اعتباره ، وما استند اليه ذلك البعض من رواية سدير (٢) عن الصادق عليه‌السلام قال : قلت له : الرجل يقول لامرأته أنت على كشعر أمي أو ككفها أو كبطنها أو كرجلها قال : ما عنى به ان أراد به الظهار فهو الظهار ، مدفوع بضعف الخبر من وجوه (٣) ومثله لا يعارض به الأدلّة القاطعة النّاصة على خلافه.

ثم انّ مقتضى عموم الآية صحّة الظّهار من الذّميّ لأنّ (الَّذِينَ) يتناول المسلم

__________________

(١) بل قد عرفت انه ليس المراد تشبيه الظهر عضو الإنسان حتى يقاس تشبيه عضو آخر مع قطع النظر عن بطلان القياس عندنا بل المراد تشبيه العلو المكنى به عن الجماع.

(٢) التهذيب ج ٨ ، ص ١٠ الرقم ٢٩ ومثله مرسل يونس المروي في الكافي ج ٢ ، ص ١٢٩ كتاب الظهار ، الحديث ٣٦ ، وهو في طبعه الآخوندى ج ٦ ، ص ١٦١ ، وفي الوسائل الباب ٩ من كتاب الظهار ، الحديث ١ حديث يونس ، والحديث ٢ حديث سدير وهو في طبعه الأميري ج ٣ ، ص ١٨٣ ، وفي طبعه الإسلامية ج ١٥ ، ص ٥١٧ المسلسل ٢٨٦٨٥ و ٢٨٦٨٦ ، وحديث يونس في المرات ج ٤ ، ص ٣١ ، والحديثان في الوافي الجزء ١٢ ، ص ١٣٥.

(٣) لكون بعض رجال السند مقدوحا وبعضها مجهولا ، وقال في الجواهر : «ان الضعف ينجبر بادعاء الشيخ الإجماع في الخلاف على ذلك وبعمل الصدوق والقاضي وابن البراج» والحق عندي ما افاده المصنف والله أعلم بالصواب.

٩٦

والكافر وأيضا تأثير الظهار انّما هو في التّحريم والذّميّ أهل لذلك ، بدليل صحّة طلاقه وأيضا إيجاب الكفّارة للزّجر عن هذا الفعل الذي هو منكر من القول وزور وهذا المعنى قائم في الكافر والى هذا يذهب ابن إدريس وجماعة من أصحابنا وهو قول الشافعيّة.

وقال الشّيخ في الخلاف والمبسوط : لا يصحّ الظّهار من الكافر لانّ التّكفير لا يصحّ منه لاشتراط نيّة القربة فيه فيمتنع منه النيّة ، وهي من لوازم الوقوع وبوجه آخر من لوازم الظّهار وجوب الصّوم من الفاقد العاجز عن الإعتاق وإيجاب الصّوم على الذّمي ممتنع لانّه مع الكفر باطل ومع الإسلام غير لازم لانّه يجبّ ما قبله.

وقد تابع الشيخ في هذا القول جماعة من الأصحاب وهو قول الحنفيّة والمالكيّة وربّما احتجّوا عليه بانّ قوله (مِنْكُمْ) خطاب للمؤمنين فلا يدخل الكافر فيه فلا يلحقه الحكم.

والقول الأوّل أظهر نظرا الى عموم الآية وعدم صلاحية ما ذكروه للمانعيّة فإنّ الظّهار من قبيل الأسباب الّتي لا يتوقّف على الاعتقاد ، والتمكين من التكفير يتحقّق بتقديمه الإسلام لأنّه قادر عليه ، فإنّه لو لم يكن قادرا عليه لامتنع التّكليف به ، وبالجملة عدم صحّتها منه حال الكفر لا ينافي التّكليف بها ، إذ هو قادر على ان يقدم إسلامه ثمّ يأتي بها وقوله الإسلام يجبّ ما قبله قلنا هو عامّ والتّكفير خاصّ والخاصّ مقدّم على العامّ.

وأجاب الشّافعية أيضا بانّ من لوازم الظّهار أنه متى عجز عن الصّوم اكتفى منه بالإطعام ، فهنا ان تحقّق العجز وجب أن يكتفى منه بالإطعام ، وان لم يتحقّق العجز زال السؤال رأسا وأيضا الصّوم بدل من الإعتاق والبدل أضعف من المبدل ، ثمّ انّ العبد عاجز عن الإعتاق مع أنّه يصحّ ظهاره بالاتّفاق ، وإذا كان فوات أقوى اللّازمين لا يوجب منع الظّهار ، ففوات الأضعف كيف يمنع.

ويجاب عن الثّاني بأنّ قوله (مِنْكُمْ) خطاب للحاضرين فلم قلتم انّه مختصّ

٩٧

بالمؤمنين ، على انّ التّخصيص بالذّكر لا يدلّ على نفى ما عداه ، وهل هو إلّا بمثابة الخطابات المصدّرة بالمؤمنين والحكم فيها يشمل الكافر أيضا هذا.

وانّ عندنا انّ شروط الظهار هي شروط الطلاق سواء من كون المرأة طاهرا طهرا لا يقربها فيه بجماع وبحضرة شاهدين ويقصد التحريم فان اختلّ شيء من ذلك لم يقع به ظهار ودليل ذلك الأخبار والإجماع عندنا (١) وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي يظّاهارون (٢) من الظّاهر وقرأ عاصم يظاهرون بضمّ الياء من ظاهر وقرأ ابن كثير وأهل البصرة يظّهارون بتشديد الظّاء وفتح الياء وفي قوله منكم تهجين لعادتهم في الظّهار فإنّه كان من أيمان الجاهليّة دون سائر الأمم.

(ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ) على الحقيقة وعن عاصم على الرّفع على لغة بني تميم.

(إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ) فلا يشبه بهنّ غيرهنّ في الحرمة ولا يلحق بهنّ فيدخل في حكمهنّ الّا من ألحقها الله بهنّ في الحرمة كالمرضعات بسبب الرّضاع الموجب لدخولهنّ في حكم الأمّهات ، وأزواج الرّسول صلى‌الله‌عليه‌وآله فإنهّن أمّهات المؤمنين قد حرّم الله نكاحهنّ على الأمّة فدخلن في حكمهنّ.

(وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ) ينكره الحقيقة والعرف والشّرع (وَزُوراً) كذبا باطلا منحرفا عن الحقّ فإنّ الزوجة لا تشبه بالأمّ ، وفي الآية دلالة ظاهرة على تحريمه مع ترتب الأحكام (وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) يعفو عنهم ويغفر لهم ان تابوا أو تفضّلا منه وإحسانا واستدلّ بعضهم على أنّه لا عقاب فيه وفيه انّه وصف مطلق فلا يتعيّن كونه عن هذا الذّنب أو انّ ذلك عنه لكن مع التّوبة كما في غيره

__________________

(١) انظر الوسائل الباب ٢ و ٣ من أبواب الظهار وص ٢٧ من ج ٣ مستدرك الوسائل.

(٢) انظر المجمع ج ٥ ، ص ٢٤٦ ، وروح المعاني ج ٢٨ ، ص ٥ ، والبحر المحيط لأبي حيان ج ٨ ، ص ٢٣٢ ، وقال في نثر المرجان ج ٧ ، ص ٢٣٧ بعد نقل القراءات : «ورسم بدون الالف بعد الظاء بالاتفاق كما نص عليه الداني في سورة الأحزاب حيث قال : وكذلك في سورة المجادلة في الحرفين انتهى وذلك لرعاية القراءات ووافقه الشاطبي وغيره» انتهى ما في نثر المرجان.

٩٨

من غيره من المعاصي.

الثانية :

(وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ) أي يقولون الّذي حكيناه سابقا.

(ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا) اى يتداركون ما قالوه لانّ المتدارك للأمر عائد اليه ومنه المثل : عاد الغيث على ما أفسد ، اى تداركه بالإصلاح.

قال الفراء لا فرق في اللغة بين قولك عاد لما قال والى ما قال وفيما قال ، والمشهور بين أهل اللغة انّ القائل إذا قال عاد لما فعل جاز أن يريد انّه فعل مرة أخرى وهذا ظاهر ، وجاز أن يريد أنّه نقض ما فعل ، لانّ التّصرف في الشيء لا يمكن الّا بالعود إليه.

والى هذا يذهب الأكثر من العلماء الّا انّ الشّافعيّ قال : معنى العود لما قالوا السّكوت عن الطّلاق بعد الظّهار زمانا يمكنه أن يطلّقها فيه ، وذلك لانّه لمّا ظاهر فقد قصد التّحريم ، فان وصل ذلك بالطّلاق فقد تمّ ما شرع فيه من إيقاع التّحريم ولا كفّارة عليه ، فإذا سكت عن الطّلاق دلّ على انّه ندم على ما ابتدأ به من التحريم فحينئذ يجب عليه الكفّارة.

والذي يذهب إليه أصحابنا هو القول الأوّل فهو عندنا إرادة الوطي أو نقض ما قاله أوّلا. ويدلّ على أنّ المراد بالعود ما قلناه بعد ما ذكرنا من قول أهل اللغة انّه لا يجوز أن يراد به الوطي على ما ذهب اليه قوم بقوله (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) فأوجب الكفّارة بعد العود قبل الوطي فدلّ على أنّه غيره.

ولا يجوز أن يكون العود إمساكها زوجة مع القدرة على الطّلاق على ما قاله الشّافعيّ لأنّ العود يجب أن يكون رجوعا الى ما يخالف مقتضى الظّهار ، وإذا لم تقتض فسخ النّكاح لم يكن العود الإمساك ، ولانّه قال (ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا) وذلك يقتضي التّراخي ، وعلى قول الشافعيّ الذّاهب الى أنّ العود هو السّكوت عن طلاقها يكون المظاهر عائدا عقيب القول بلا تراخ وهو خلاف مقتضى الآية.

وأجابوا بأنّه على هذا يلزم أن لا يتمكّن المظاهر من العود إليها عقيب الفراغ من التلفظ بلفظ الظهار ، حتّى يحصل له التّراخي بالعود والإجماع على خلافه ، فإذا

٩٩

المعتبر الحكم بالعود ، ونحن لا نحكم بالعود ما لم ينقض زمان يمكنه أن يطلّقها فيه ، فقد تأخّر كونه عائدا عن كونه مظاهرا بهذا القدر ، وهو يكفي في العمل بمقتضى كلمة ثمّ.

والتحقيق أن الكلام وارد على الغالب أو أنّ كلمة «ثمّ» هنا ليست للتّراخى الحقيقي بل للتّراخى الرتبي الدال على أنّ مرتبة العود بعد الظهار من غير اعتبار التّراخي حقيقة ، ويكفي في ردّ قول الشّافعيّ انه خلاف المتبادر من العود ما قاله أهل اللغة فإن الألفاظ انما ثبت معانيها بالنقل عن أهل اللغة لا بالقياس.

(فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) خبر مبتدأ محذوف أو مبتدأ حذف خبره والتقدير فالواجب أو فعليهم تحرير رقبة (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) اى من قبل أن يجامع إذ هو الظاهر من إطلاق المماسة كما في قوله : من قبل أن تمسوهنّ. وان كان بحسب اللّغة أعمّ منه. وعلى هذا فلا يحرم غيره من ضروب الاستمتاعات كالقبلة ونحوها وهو أحد القولين لأصحابنا والعامة ، والآخر تحريمها مطلقا وهو اختيار الشيخ في المبسوط وجماعة من العامة لإطلاق المسيس على مطلق الاستمتاع في اللغة والأصل عدم النقل.

وفيه نظر إذ يجوز أن يكون الإطلاق على التواطؤ بمعنى أنه موضوع لمعنى يشترك فيه كثير وهو تلاقى الأبدان مطلقا وإطلاقه على الوطي استعمال اللفظ في بعض أفراده الّذي كثر استعمال اللفظ فيه ، بحيث صار هو المتبادر عند الإطلاق فلا نقل ولا اشتراك لفظ ولا مجاز ، وظاهر الآية تحريم ذلك على كلّ منهما ، إذ الضمير عائد إليهما ولانّ مقتضى التشبيه ذلك.

ولكن المشهور بين الأصحاب اختصاص حكمه بالرّجل دون المرأة الّا أن تكون معاونة له على الإثم ، فيحرم لذلك لا للظّهار ، وفي الآية دلالة على تقديم الكفارة على المسيس بمعنى تحريم المسيس حتى يكفر فلو عزم على العود ولم يفعل الاستمتاع ثمّ بدا له في ذلك فطلقها سقطت عنه الكفارة.

واحتمل بعض الأصحاب استقرارها بالعود نظرا الى ظاهر قوله تعالى (ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) الآية ، وفي الدلالة نظر بل الظاهر وجوبها بالعود

١٠٠