مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام - ج ٣

جواد الكاظمي

مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام - ج ٣

المؤلف:

جواد الكاظمي


المحقق: محمّد الباقر البهبودي
الموضوع : الفقه
الناشر: المكتبة المرتضويّة لإحياء الآثار الجعفريّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٤٠

(النوع العاشر)

الغصب

وهو الاستيلاء على مال الغير بغير حق ، والآيات الدالة عليه بالعموم كثيرة :

كقوله تعالى (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) البقرة ـ ١٨٨ وقوله (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) البقرة ـ ١٩٠ والغاصب معتد.

وقوله (إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ) جمع حبر وهو عالم اليهود (وَالرُّهْبانِ) جمع راهب عالم النصارى (لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ) (براءة ـ ٣٥) ونحوهما من الآيات.

قيل ويدل عليه وعلى جواز المقاصة قوله تعالى (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) (البقرة ـ ١٩٤) يمكن أن يقال انها غير خاصة في المقاصة بل دالة على ضمان الغاصب للمغصوب ووجوب رد مثله أو قيمته على المغصوب منه وبها استدل أصحابنا على ذلك ونحوها في الدلالة قوله (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها).

وقوله (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) قد يدل على المقاصة بخصوصها ، فان المعنى : من انتصر لنفسه وانتصف من ظالمه بعد ظلمه ، أي بعد أن ظلمه وتعدى عليه ـ والإضافة إلى المفعول ـ فأخذ لنفسه بحقه ، فالمنتصرون ما عليهم من اثم وعقوبة وذم ، وذلك يعطي المقاصة ، لكنه على الوجه الذي غصب منه من غير زيادة في عين أو صفة ، كما هو الظاهر من الآيات السابقة.

١٠١

(النوع الحادي عشر)

(الإقرار)

وفيه آيات :

الاولى : (فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ) الملك ـ ١١

الثانية : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ) براءة ـ ١٠٢

الثالثة : (قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا) آل عمران ـ ٨١ في دلالة هذه الآيات على الإقرار المصطلح بين الفقهاء نظر ، فإنه اخبار عن حق سابق على زمان التكلم ، وشيء من الآيات لا يدل على ذلك.

الرابعة : (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ) النساء ـ ١٣٤ وفيها دلالة عليه ، فان شهادة المرء على نفسه عين إقراره كما قالوه ، فثبت مشروعيته بالكتاب ، وقد انعقد عليه الإجماع وتظافرت الاخبار به. وتفاصيل مباحثه يعلم من الفروع.

١٠٢

النوع الثاني عشر

الوصية (١)

وفيها ثلاث آيات :

الاولى : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ، فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة ـ ١٨٠

(كُتِبَ عَلَيْكُمْ) أيها المؤمنون أو كل من يصلح للخطاب (إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) أي حضر أسبابه وظهرت أماراته بزيادة المرض أو البلوغ الى الهرم أو حدوث الوباء ونحو ذلك ، لا إذا عاين الموت وصار محتضرا لعدم الشعور بالوصية حينئذ (إِنْ تَرَكَ خَيْراً) أي مالا ، وقيل مالا كثيرا ، لما روي (٢) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أن مولى له أراد أن يوصى وله سبعمائة درهم فمنعه وقال : قال الله تعالى (إِنْ تَرَكَ خَيْراً) والخير المال الكثير. قال في المجمع : وهذا هو المأخوذ به عندنا لأن قوله حجة ، وهو جيد إن ثبت صحة السند والا فالعمل على الإطلاق كما هو الظاهر ، لعدم تقييدها بمقدار مخصوص من المال.

(الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) مرفوع بكتب ، وتذكير فعلها لأنها في معنى أن

__________________

(١) قال الشهيد الثاني في الروضة : الوصية مأخوذة من وصى يصي أو اوصى يوصي أو وصى يوصي (باب التفعيل) وأصلها الوصل وسمى هذا التصرف وصية لما فيه من وصلة التصرف في الحيوة به بعد الوفاة أو وصلة القربة في تلك الحال بها في الحالة الأخرى انتهى ويقال وصيته بالتشديد ووصاه بالتخفيف بغير همز.

(٢) المجمع ج ١ ص ٢٦٧ واخرج مضمونه في الكشاف ج ١ ص ٢٢٣ ومثله في الدر المنثور ج ١ ص ١٧٤ عن عبد الرزاق والفريابى وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن ابى حاتم والحاكم والبيهقي عن عروة عن على (ع).

١٠٣

يوصي أو الإيصاء ، ومن ثم ذكر الضمير في بدّله ويبدلونه ، أو لأن التأنيث غير حقيقي وقيل لمكان الفصل بينهما ، وفيه نظر لإشعاره بتعيين التأنيث مع عدم الفصل ، ولا وجه له.

وقيل انه مرفوع بالابتداء وخبره للوالدين والجملة جواب الشرط بإضمار الفاء ، كقوله «من يفعل الحسنات الله يشكرها» (١) وفيه أن ذلك إن صح فهو من الضرورات الشعرية ، فلا يلحق به القرآن ، فاذن الوجه الأول ، والعامل في إذا مدلول كتب لا الوصية المتقدمة.

«بالمعروف» اما متعلق بالوصية أو بمقدر حال عنها ، والمراد به العدل الذي لا حيف فيه ولا جور ، كالوصية لهم قبل إخراج الواجبات أو مع حرمان أولاده الصغار.

ويحتمل أن يرجع الى قدر ما يوصى به ، بأن لا يزيد على الثلث ، أو بأن يكون على القدر المستحب فيها كما قالوه ، إذ المستحب كونها بالثلث أو الخمس أو الربع ، [ويؤيده (٢) ما رواه سعد بن ابى وقاص قال : مرضت فجاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يعودني ،

__________________

(١) صدر بيت عجزه «والشر بالشر عند الله مثلان» وهو من أبيات الكتاب ج ١ ص ٤٣٥ ونسبه سيبويه الى حسان بن ثابت واستشهد به في الكشاف عند تفسير الآية ٧٨ من سورة النساء (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ) ونسبه الأفندي في شواهده ص ٢٠٧ الى كعب بن مالك الأنصاري.

واستشهد به في المجمع أيضا ج ٢ ص ٧٨ والاشمونى بحاشية الصبان ج ٤ ص ٢٠ الرقم ٨٥٠ وفي مواضع متعددة وكذا السيوطي في عوامل الجزم ونسبه في جامع الشواهد الى عبد الرحمن بن حسان بن ثابت وزعم الأصمعي أن النحويين غيروه وان الرواية من يفعل الخير فالرحمن يشكره ومثله محكي عن المبرد أيضا وعليه فلا شاهد في البيت وروى المصرع الثاني سيان مكان مثلان وعبر الشاعر عن جزاء الشر بالشر للمشاكلة.

(٢) أخرجه في المنتقى ج ٦ ص ٤٠ نيل الأوطار عن الجماعة مع ذكر اختلاف ألفاظ الحديث في طرقه قوله عالة اى فقراء جمع عائل وهو الفقير والفعل منه عال يعيل إذا افتقر قوله يتكففون اى يسألونهم بأكفهم يقال تكفف الناس واستكف إذا بسط كفه للسؤال أو سأل كفافا من الطعام.

١٠٤

فقلت : يا رسول الله أوصي بمالي كله؟ قال : لا. قلت : النصف؟ قال : لا. قلت : الثلث؟ قال : الثلث كثير ، إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس بأيديهم ـ الخبر] ولا يصل في القلّة بحيث يتجاوز الحد فان من ملك الكثير فأوصى لأقربائه مثلا بدرهم لم يكن وصية بالمعروف.

ويحتمل أن يرجع إلى الموصى لهم ، على أنه أمر بطريق العدل لا نحو أن يوصى للغنى ويترك الفقير أو يوصى للبعيد ويترك القريب. ولا يبعد الحمل على جميع ذلك لصلاحية اللفظ له.

(حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) مصدر مؤكد لمضمون الجملة ، أي حق ذلك حقا ثابتا على الذين يتقون من المعاصي ، فكأنهم خصوا بعد فهم التعميم من «عليكم» لشرفهم وكثرة انتفاعهم.

وقد اختلف في كون الآية منسوخة أو محكمة [فذهبت الحنفية بل أكثر العامة إلى كونها منسوخة].

قال في الكشاف (١) ان الوصية كانت في بدء الإسلام واجبة فنسخت بآية المواريث ، ولقوله (٢) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «ان الله أعطى كل ذي حق حقه ، ألا لا وصية لوارث».

__________________

(١) الكشاف ج ١ ص ٢٢٤.

(٢) أخرجه في المنتقى بشرح نيل الأوطار ج ٦ ص ٤٣ وفيه انه أخرجه الخمسة إلا النسائي قال في المنار ج ٢ ص ١٣٨ : فقد علم مما تقدم ان آية المواريث لا تعارض آية الوصية فيقال بأنها ناسخة لها إذا علم انها بعدها واما الحديث فقد أرادوا أن يجعلوا له حكم المتواتر أو يلصقوه بتلقى الأمة له بالقبول ليصلح ناسخا.

على انه لم يصل الى درجة ثقة الشيخين به فلم يروه احد منهما مسندا ورواية أصحاب السنن محصورة في عمرو بن خارجة وأبي امامة وابن عباس وفي اسناد الثاني إسماعيل بن عياش تكلموا فيه وانما حسنه الترمذي لأن إسماعيل يرويه عن الشاميين وقد قوى بعض الأئمة روايته عنهم خاصة.

وحديث ابن عباس معلول إذ هو من رواية عطاء عنه وقد قيل انه عطاء الخراساني وهو ـ

١٠٥

وتلقاه الأمة بالقبول حتى لحق بالمتواتر وان كان من الآحاد.

وأجاب عنه القاضي (١) بأن آية المواريث لا تعارضه بل تؤكده ، من حيث أنها تدل على تقديم الوصية مطلقا ، والحديث من الآحاد وتلقى الأمة له بالقبول لا يلحقه بالمتواتر.

وهو جيّد [فان الخبر إذا لم يبلغ حد التواتر لا يصح الانتساخ به] فان انتساخ القرآن بخبر الواحد مرغوب عنه بين المحققين من الأصوليين. ويؤيده ان من الأقارب من قد لا يكون وارثا فكيف ينسخ الوصية له بالخبر.

وقد تظافرت أخبارنا عن أئمتنا عليهم‌السلام بجواز الوصية للوارث : روى الكليني (٢) في الصحيح عن ابى ولاد الحناط قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الميت يوصي للوارث بشيء؟ قال : جائز له. وفي الصحيح (٣) عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر ـ عليه‌السلام قال : الوصية للوارث لا بأس بها. وعن محمّد بن مسلم (٤) عن ابى جعفر عليه‌السلام قال :

__________________

 ـ لم يسمع من ابن عباس وقيل عطاء بن أبى رباح فإن أبا داود أخرجه في مراسيله عنه وما أخرجه البخاري من طريق عطاء بن ابى رباح موقوف على ابن عباس وما روى غير ذلك فلا نزاع في ضعفه.

فعلم انه ليس لنا رواية للحديث صححت إلا رواية عمرو بن خارجة والذي صححها هو الترمذي وهو من المتساهلين في التصحيح وقد علمت ان البخاري ومسلم لم يرضياها فهل يقال ان حديثا كهذا تلقته الأمة بالقبول انتهى.

قلت وأقر ابن حجر في فتح الباري ج ٦ ص ٣٠١ بان اسناد كل منها لا يخلو عن مقال.

(١) البيضاوي ج ١ ص ٢١٥ ط مصطفى محمد بحاشية الكازروني.

(٢) الكافي ج ٢ ص ٢٣٦ باب الوصية للوارث وهو في المرآة ج ٤ ص ١٢٦ ورواه في التهذيب ج ٩ ص ٢٠٠ بالرقم ٧٩٧ والاستبصار ج ٤ ص ١٢٧ بالرقم ٤٧٨ وهو في الوافي الجزء ١٣ ص ١٧.

(٣) الكافي ج ٢ ص ٢٣٦ وهو في المرآة ج ٤ ص ١٢٦.

(٤) الكافي ج ٢ ص ٢٣٦ باب الوصية للوارث وهو في المرآة ج ٤ ص ١٢٦ ورواه ـ

١٠٦

سألته عن الوصية للوارث ، فقال : يجوز ، ثم تلي هذه الآية (إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ). ونحوها من الاخبار (١).

ويمكن حمل الخبر السابق على تقدير ثبوته على الوصية الغير الجائزة كالوصية مع الدين المستغرق أو فيما زاد على الثلث ونحو ذلك مما يمنع الوصية ، على انه معارض (٢) بما رووه عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله «لا تجوز الوصية للوارث الا أن يجيزها الورثة». وظاهر أن الإجازة متأخرة عنها ، فحين وقوع الوصية المتقدم على الإجازة ان وقعت باطلا لم تؤثر الإجازة ، فإن الباطل لا عبرة به ولا اعتبار له في نظر الشرع ، فوجب أن تكون صحيحة.

وذهب ابن عباس وجماعة من العامة إلى أن الآية منسوخة في حق من يرث ثابتة فيمن لا يرث ، قالوا : الآية دلت على وجوب الوصية للقريب وارثا وغيره ترك العمل به في حق القريب الوارث إما بآية المواريث أو بقوله «لا وصية لوارث» أو بإجماع ، فبقيت الآية دالة على وجوب الوصية للقريب الذي لا يكون وارثا.

لكن يشكل الحكم بأن أكثر العلماء لا يقولون بوجوب الوصية للمذكورين ، فيمكن توجيه النسخ حينئذ بأن الوصية كانت واجبة ثم نسخ وجوبها بالخبر. ولا يلزم من نسخ الوجوب ارتفاع الجواز ، بل يبقى بعده الجواز الأصلي أو الشرعي كما قالوه فيصح قول من قال بالنسخ ان أراد ذلك نظرا الى عدم الوجوب.

[قيل] ويمكن أن يقال : المراد بالآية الندب ، على أن «كتب» بمعنى ندب وان كان ظاهره الوجوب ، لانعقاد الإجماع على عدمه ، فلا حاجة الى النسخ مع كون الأصل

__________________

 ـ في التهذيب ج ٩ ص ١٩٩ الرقم ٧٩٣ والفقيه ج ٤ ص ١٤٤ الرقم ٤٩٣ ورواه في المجمع ج ١ ص ٢٦٧.

(١) انظر الوسائل الباب ١٥ من أبواب كتاب الوصايا ج ٢ ص ٦٦٤ ط الأميري ومستدرك الوسائل ج ٢ ص ٥٢٠.

(٢) انظر سنن البيهقي ج ٦ ص ٢٦٣ و ٢٦٧ و ٢٧٢ والمنتقى بشرح نيل الأوطار ج ٦ ص ٤٣ واللفظ فيهما الا ان يشاء الورثة فما في الكتاب منقول بالمعنى.

١٠٧

عدمه ، وتكون التأكيدات في الآية للمبالغة في استحبابها ، فإن الأخبار متظافرة به ، وانما تجب إذا كان عليه حق واجب فيجب عليه الوصية به ، سواء كان لله أو للآدمي ويحرم تركه ويتضيق عند أمارات الموت. وتمام ما يتعلق بذلك يعلم من الرجوع الى محله.

(فَمَنْ بَدَّلَهُ) غيّر الإيصاء من الأوصياء أو الشهود أو غيرهما ممن يمنع من وصول ذلك المال الى مستحقه. وقيل انه راجع الى الموصى نفسه ، وتبديله تغيير الوصية عن الموضع الذي بيّن الله تعالى الوصية فيه ، فإنهم كانوا يوصون في الجاهلية للأبعدين طلبا للفخر والشرف ويتركون الأقارب في الضرّ والفقر ، فأمرهم بالوصية للأقربين وأوعدهم على تركها ، وهو مبتدأ تضمن معنى الشرط.

(بَعْدَ ما سَمِعَهُ) ظرف للتبديل ، وما مصدرية ويحتمل الموصولة ، والمراد بسماعه وصول علمه اليه وتحققه عنده. ولعل ذكر السماع للتنبيه على أن الوعيد الآتي لا يلزم الا بعد العلم والسماع ، فان التكليف انما هو بعد العلم.

(فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ) فما اثم الإيصاء المغيّر أو التبديل الّا على مبدله ، لأنه الذي خان وخالف الشرع ، والمجموع خبر المبتدأ ، والفاء لتضمن معنى الشرط ، والعائد هو الظاهر لكونه في معناه ، فان وضع الظاهر موضع المضمر يكون عائدا أيضا ، كما قالوه في قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) ، والتصريح بالجمع للإشعار بأن التبديل قد يكون من الوارث أو الوصي أو الشاهد أو غيرهم.

(إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) وعد للعامل بالوصية بل سائر العبادات أو وعيد للمبدل بغير الحق ، فإنه يعلم السر وأخفى ، فيجازى على ما صدر منهم. قال في المجمع وفي الآية دلالة على أن الوصي أو الوارث إذا فرط في الوصية أو غيرها لا يأثم الموصى بذلك ولم ينقص من أجره شيء وأنه لا يجازى أحد على عمل غيره.

قلت : الظاهر أن مراده أن الموصى لا يلحقه اثم التبديل الذي صدر من الوارث أو غيره [فان الظاهر أن المشار اليه بذلك هو التفريط ، ولا ينقص من أجره شيء بسبب الوصية وان وقع التبديل من الوارث] فإنه لا يجازى أحد على عمل غيره ، كأنه قال

١٠٨

إذا وقع التفريط من الوارث لم يلحق الموصى من الإثم شيء ويكون ثواب الوصية له ، لا ان مراده أن الإثم الذي كان حاصلا للموصي بسبب ترك الزكاة والحج والصلاة والصوم وغيرها من الأمور الواجبة بالأصل أو غيره متى ما أوصى بها خرج عن العهدة وتعلق ذلك الإثم بالمبدل ، فان في ذلك مخالفة للعقل والنقل ، إذ يمتنع أن يكون الإنسان مع تقصيره في الحقوق الواجبة كالزكاة والخمس وأكل مال الناس غصبا وظلما متى ما أوصى بها خرج عن تلك الحقوق ولا يكون عليه إثم ويلحق إثمها للوصي المبدل ، مع ان قوله «ولا يجازى أحد على عمل غيره» صريح في إرادة ما قلناه ، فلا يرد عليه ذلك.

ثم قال : وفيها أيضا دلالة على بطلان قول من قال ان الوارث إذا لم يقض دين الميت فإنه يؤاخذ به في قبره أو في الآخرة ، لما قلناه من انه يدل على ان العبد لا يؤاخذ بجرم غيره ، إذ لا اثم عليه بتبديل غيره ، وكذلك لو قضى عنه الوارث من غير أن يوصى بها لم يزل ذلك عقابه الا أن يتفضل الله بإسقاطه عنه.

قلت : الظاهر أن مراده ان الميت إذا أوصى بما عليه من الدين خرج عن عهدة أصل الدين ، فإنه بمثابة دفع الدين إلى من يدفعه الى صاحبه لا انه يخرج عن عهدة التقصير الحاصل له بعدم دفعه إلى صاحبه مع طلبه في وقت يمكن الدفع فيه اليه وتأخيره عنه الى ان مات.

وعلى هذا لو فرط الوارث في الدفع الى صاحب الدين لم يكن الميت مؤاخذا في قبره وفي الآخرة بأصل الدين ، فان العبد لا يؤاخذ بجرم غيره ، والتقصير في دفع الدين الذي أوصى به الميت انما صدر من الوارث حيث لم يدفعه إلى صاحبه وغيّر الوصية ، أي ليس على الميت هذا الإثم وان كان الإثم عليه بسبب تقصيره في الدفع الى صاحبه إذا طلبه أيام حياته مع تمكنه من الدفع اليه وتقصيره فيه ، فلو لم يتمكن منه لم يكن عليه اثم بوجه من الوجوه ويرجع الإثم إلى الوارث لو غيّر الوصية.

وفي الاخبار دلالة على ما ذكرناه : روى الحلبي (١) في الصحيح عن الصادق عليه‌السلام

__________________

(١) الكافي ج ٢ ص ٢٤٠ باب من اوصى وعليه دين الحديث ٥ وهو في المرآة ج ٤ ص ١٢٩ والتهذيب ج ٩ ص ١٦٧ الرقم ٦٨٠ والفقيه ج ٤ ص ١٦٧ الرقم ٥٨٢ ورواه ـ

١٠٩

في الرجل يموت وعليه دين فيضمنه ضامن. فقال : إذا رضى به فقد برئت ذمة الميت ونحوها.

ولعل في قوله «وكذلك لو قضى الوارث عنه من غير أن يوصي بها» إشارة الى ان تقصيره هنا جاء من قبل نفسه بسبب عدم الوصية بالدين الذي عليه ، فيكون اثم ذلك عليه.

وبالجملة في هاتين الصورتين يخرج عن عهدة أصل الدين وتبرأ ذمته من الحقوق التي عليه ويبقى تقصيره في التأخير وعدم الدفع أيام الحياة ، وكذا تقصيره في عدم الوصية حال الموت ، أمره إلى الله تعالى ان شاء تفضل عليه بإسقاط العقاب عنه وان شاء عاقبه عليه ، لان ذلك حقه تعالى محضا ، لاندفاع حق الناس إليهم في الصورتين المفروضتين.

ولو فرض أنه لم يوص بذلك ولا قضاه الوارث عنه مع كونه مقصرا في الدفع حال الحياة كان أصل الدين مطالبا به في قبره وفي الآخرة ، وكذا التقصير في التأخير وعدم الوصية ، ويكون إثمه عليه في الآخرة ، وحينئذ فيوصل حق الناس إليهم ويبقى حقه تعالى ، أمره إليه سبحانه.

هذا ما يظهر من كلامه ، وهو موافق للقواعد الكلامية ، غايته أنه يبقى الكلام في المقدمة القائلة بأن الميت إذا أوصى بما عليه من الدين خرج عن عهدة أصل الدين بتلك الوصية ، ولو لم يدفعها الوصي إلى صاحب الدين كان التقصير في ذلك على الوصي ، فإن المنع قد يتوجه عليها. الا أن في كلامه الإشارة إلى ثبوتها ، حيث استدل عليها بأن العبد لا يؤاخذ بجرم غيره ، فهو مع الدفع إلى الوصي خرج عن عهدة أصل الدين ، وعدم دفع الوصي الدين إلى صاحبه تقصير منه ، فلا وجه لمؤاخذة الميت به.

__________________

 ـ في الوسائل في مواضع متعددة من أبواب الدين والقرض وكتاب الضمان وكتاب الوصايا والحديث عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام فما في نسخ الكتاب عن الحلبي لعله من سهو النساخ.

١١٠

وينبه على ذلك ما رواه إسحاق بن (١) عمار عن الصادق عليه‌السلام في الرجل يكون عليه الدين فيحضره الموت فيقول وليه علىّ دينك. فقال : يبرئه ذلك وان لم يوفه وليه من بعده وقال أرجو أن لا يأثم وانما إثمه على الذي يحتبسه. وإذا برئ بمجرد الضمان وان لم يوص فبراءته مع الوصية أولى ، وحينئذ فلا يؤاخذ به.

وقد تلخص مما ذكرناه أن الميت إذا أوصى بما عليه من الدين فإنما يبقى عليه عقاب التأخير في الدفع الى صاحبه حال حياته لو كان متمكنا منه فلو لم يكن متمكنا منه لم يكن مقصرا ولا اثم عليه بالتأخير أيضا.

نعم لو لم يوص كان عليه الإثم من هذه الجهة ، وإن فرض قضاء الوارث عنه وكذا الوصي لو لم يتمكن من الدفع إلى صاحب الحق وحصل التأخير لا باختياره فإنه لا يكون آثما بذلك وانما يأثم لو أخر عمدا فيكون مؤاخذا على قدر تقصيره. ولا فرق في ثبوت الإثم بينه وبين كل من يكون له دخل في المنع من إخراج الوصية على اى وجه كان ولو كان باعتبار النظارة لكونه تعاونا على الباطل.

واعلم أن ظاهر الآية وان كان في الوصية الخاصة وان تبديلها حرام لا الوصايا مطلقا ، الا أن الفقهاء عمموا الحكم بتحريم التبديل في جميع الوصايا ، للعلة الظاهرة وورود كون المراد بها العموم في الاخبار :

روى الكليني في الحسن (٢) عن محمّد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل أوصى بماله في سبيل الله. فقال : أعطه لمن أوصى له به وان كان يهوديا أو نصرانيا ، ان الله تبارك وتعالى يقول (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ

__________________

(١) الوسائل الباب ١٤ من أبواب الدين والقرض الحديث ٢ ج ٢ ص ٦٢٣ ط الأميري عن الكافي.

(٢) الكافي ج ٢ ص ٢٣٧ باب إنفاذ الوصية على جهتها الحديث ٢ وهو في المرآة ج ٤ ص ١٢٧ ورواه في التهذيب ج ٩ ص ٢٠٣ بالرقم ٨٠٨ والاستبصار ج ٤ ص ١٢٩ بالرقم ٤٨٨ والفقيه ج ٤ ص ١٤٨ بالرقم ٥١٤ ومثله أيضا عن محمد بن مسلم عن أحدهما وهو في التهذيب بالرقم ٨٠٤ وفي الاستبصار بالرقم ٤٨٤.

١١١

يُبَدِّلُونَهُ) ونحوها من الاخبار المتظافرة (١) ، بل استدلوا بها على تحريم التبديل في الوقف وغيره من الاحتياط فيه.

(فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ) فمن توقع ، والمجرور في محل النصب على الحال من قوله (جَنَفاً) ميلا عن الحق ، والتقدير من توقع جنفا كائنا من موص بسبب مخالفة الشرع خطأ (أَوْ إِثْماً) بأن فعل ذلك الجنف عن عمد (فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ) أي بين الموصى لهم بإجراء وصيتهم على النهج المشروع (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) بذلك التبديل ، فإن الإثم إنما يترتب على التبديل من الحق إلى الباطل وهذا من الباطل إلى الحق.

وروى (٢) الكليني عن محمّد بن سوقة قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله تبارك وتعالى (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ). قال : نسختها التي بعدها (فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً). قال : يعنى الموصى اليه إن خاف جنفا من الموصى فيما أوصى به اليه فيما لا يرضى الله به من خلاف الحق ، فلا إثم على الموصى اليه أن يبدله إلى الحق والى ما يرضى الله به من سبيل الخير.

ولعل المراد بنسخها رفع عموم التحريم المستفاد من التبديل مطلقا ، ويكون التحريم بالنسبة إلى التبديل من الباطل إلى الحق كما هو مفاد الآية الثانية مرتفعا عن حكم الأولى ، فكأنه نسخ.

واحتمل في المجمع (٣) «أن يكون معنى الآية ان الوصي إذا كان يظن حين

__________________

(١) انظر الوسائل الباب ٣٣ و ٣٤ من أبواب كتاب الوصايا ص ٦٧٠ و ٦٧١ ج ٢ ط الأميري ومستدرك الوسائل ج ٢ ص ٥٢٢ ـ ٥٢٣.

(٢) الكافي ج ٢ ص ٢٣٩ باب من خاف في الوصية الحديث ٢ وهو في المرآة ج ٤ ص ١٢٨ ورواه في التهذيب ج ٩ ص ١٨٦ بالرقم ٧٤٧.

(٣) المجمع ج ١ ص ٢٦٩ وهذا المعنى هو مختار الطبري في تفسيره ج ٢ ص ١٢٦ واحتمله غير واحد من المفسرين وعليه يكون قوله فمن خاف على ظاهره ويكون للأمر المنتظر ولو كان المراد المعنى المشهور من رد الأوصياء خطأ الميت لكان المناسب التعبير بلفظ فمن تبين من موص جنفا أو اثما.

ويكون على هذا المعنى قوله فأصلح بينهم اى فيما يخاف بينهم من حدوث الخلاف فيه ـ

١١٢

الوصية من الموصى انه يجوز في الوصية فأصلح بينهم ـ أي بين الموصى والورثة والموصى له وردهم الى المشروع ـ فلا إثم عليه. وهو جيد ، غير أن الأول عليه أكثر المفسرين كما اعترف به في المجمع ، وهو الظاهر من الروايات.

(إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) وعد للمصلح ، وذكر المغفرة لمطابقة ذكر الإثم ، وكون هذا الفعل من جنس ما يؤثم به. ويحتمل أن يكون المراد به انه غفور للمذنب فكيف

__________________

 ـ فيما بعد وعليه لا نحتاج الى جعل نفى الإثم نظير نفى الجناح في السعي بين الصفا والمروة والتقصير في السفر واخبار الباب أيضا لا تنافي هذا المعنى.

وتفصيل الكلام لا يناسبه المقام الا ان الأستاد مرتضى المدرسى الجاردهى مد ظله قد اتحفنا بنسخة خطية من آيات الأحكام للعلامة الرجالي ميرزا محمد بن على بن إبراهيم الحسيني الأسترآبادي المتوفى ١٠٢٦ رأيت منه في هذا البحث بيانا متينا لا يسعني الإعراض عنه ويعجبني نقله بعين عبارته.

قال قدس‌سره بعد نقل كلام الطبرسي الفرق بين الجنف والإثم بالخطإ والعمد هو ظاهر أكثر محققي المفسرين خصوصا المتأخرين وظاهر كلام صاحب القيل (المقصود كلام الطبرسي بلفظ قيل) كما تقدم ان الجنف ميل الموصى عن الحق بأن يوصى لبعض دون بعض والإثم ما يستلزم الخلاف والفساد بين جماعة منهم وكأنه لا بأس بأن يحمل الجنف على ميل الموصى عن الحق إذا أمكنه تداركه برجوعه الى الصواب والإثم على ما لم يكن إذ الظاهر أنه لا يأثم بما أمكن تداركه.

ويكون مآل الكلام ومن خاف من موص جنفا ان يقع منه أو ان يلحقه عقوبته أو إثما اى ميلا عن الحق لزمه فلا يمكنه الرجوع منه وتغييره فأصلح بينهم في الأول بأن يشير عليه بالحق ويرده الى الصواب وان كان قد اوصى وفي الثاني بأن يرد الوصية إلى الحق والمعروف ويعمل كما هو المقرر عند آل محمد عليهم‌السلام وحينئذ فخاف على ظاهره وكذا الجنف والإثم ولم يثبت عنهم عليهم‌السلام ما ينافي حمل الآية على هذا العموم نعم الحمل على ما اوصى انسب ببيان ما تقدم من التبديل فتدبر.

انتهى كلامه رفع مقامه وهو بيان دقيق عميق يليق بان يكتب بماء الذهب على القباطي بل لعمري انه لحري أن يكتب بالنور على صفحات خدود الحور ولا ننسى الثناء الجزيل للأستاد المدرسى الجاردهى مد ظله حيث تفضل علينا بإرسال هذا الكتاب الثمين لهذا العالم الجليل النبيل.

١١٣

لمن لا ذنب له.

الثانية : (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ) النساء ـ ١١).

(مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ) متعلق بما تقدمه من قسمة المواريث كلها لا بما يليه فقط أى يقسم التركة على الوجه الذي ذكر بعد قضاء الدين والوصية التي أوصى بها. ومعنى «أو» هنا الإباحة ، وفيها إشارة إلى أنه لو كان أحدهما أو كلاهما قدم على قسمة الميراث ، كقولك «جالس الحسن أو ابن سيرين» أي جالس أحدهما منفردا أو مضموما إلى الأخر.

والآية وان كانت مطلقة في اعتبار الدين والوصية ، الا أن الاخبار دلت على أن الدين ان كان مستغرقا للتركة لم تكن الوصية معتبرة بل كان الدين مقدما عليها وعلى الإرث ، وان لم يكن مستغرقا كانت الوصية نافذة في ثلث الفاضل عن الدين ، وعلى ذلك إجماع أصحابنا ، فيقيد إطلاق الآية به.

وقال بعد ذلك (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ) حال من فاعل يوصى اى يوصى بها ، وهو غير مضار اما في الوصية وذلك أن يوصي بالزيادة على الثلث واما في الميراث بأن يوصي بالثلث فما دونه ، ولكن قصده مضارة ورثته وحرمانهم لا وجه الله تعالى.

ويحتمل أن يكون المراد أن يوصي بدين ليس عليه يريد بذلك إضرار ورثته وفي حكمه إقراره باستيفاء ديونه في مرضه أو بيع ماله أو استيفاء ثمنه لئلا يصل الى وارثه.

(وَصِيَّةً مِنَ اللهِ) مصدر يؤكد ما تقدم ، ويجوز أن يكون مفعولا به لغير مضار أي لا يضار وصية من الله ، وهي الثلث فما دونه بزيادته على الثلث ، أو وصية من الله بالأولاد وان لا يدعهم عالة على الناس بإسرافه في الوصية وإقراره الكاذب ، وفي الحديث «ان الإضرار بالوصية من الكبائر».

(وَاللهُ عَلِيمٌ) بالمضار وغيره (حَلِيمٌ) لا يعاجل بالعقوبة ، ففيها دلالة على مشروعية الوصية وعلى تقديمها على الإرث. ولعل تقديمها في الذكر على الدين مع أنها متأخرة

١١٤

عنه في الحكم فان قضاء الدين قبل الوصية ، لكونها شاقة على الورثة مزاحمة لهم في ميراثهم ، إذ هي تشبه الميراث في كونها مأخوذة من غير عوض ، فكأن أداءها مظنة التفريط ، بخلاف الدين فان نفوس الورثة مطمئنة إلى أدائه ، وكأن في تقديمها ترغيب لهم في أدائها وحث عليه.

وفي الآية دلالة على أن الموصى له يملك الوصية بمجرد الموت من غير توقف على القبول ، وهو قول الشيخ في الخلاف وموضع من المبسوط ، لانه تعالى جعل للورثة أنصباءهم بعد الوصية على الإطلاق ولم يقيدها بالقبول ، ولا يمكن بقاؤها على ملك الميت لانه لا يملك شيئا ، واستمرار ملكه في هذه الصورة مع الموت بعيد جدا ، فلم يبق الا أن يكون ملكا للموصى له والا يبقى بلا مالك ، وهو بعيد لاستحالة بقاء الملك بغير مالك ، ولأن الوصية على مضاهاة الإرث يملك بالموت.

وقضية هذا القول أن القبول كاشف عن الملك حين الموت ، بمعنى انه ان قبل الموصى له الوصية انكشف انه تملّكها بالموت ، وان لم يقبل انكشف ان الملك قد انتقل إلى الورثة بالوفاة. والأكثر من الأصحاب على أن القبول من الموصى له شرط في تحقق ملك الوصية على الموصى له ، كما أن الموت شرط في ذلك أيضا ، فإن الملك حادث فلا بد له من سبب وليس هو الموت وحده إجماعا ، ومن ثم لو ردّها بعد الموت رجعت الى ملك الورثة ، ولا القبول وحده والا لكفى بدون الموت وهو باطل إجماعا ، فتعين انهما معا سبب في الملك ، فمتى وجد الموت والقبول ملك الوصية.

وأجابوا عن الآية بأن المراد من بعد وصية مقبولة ، لأنه لو لم يقبل لكان ملكا للوارث ، وقبل قبولها ليست مقبولة.

والذي اختاره العلامة في التذكرة ان الوصية تنتقل الى الموصى له بوفاة الموصى لكن انتقالا متزلزلا غير مستقر ، فان قبله بعد الموت استقرت عليه وان رده انتقلت الى الوارث بالردّ.

وهو غير بعيد ، لأن انتقال الوصية بالموت الى الموصى له لو كان على وجه الاستقرار للزم عدم زوالها عنه بعد الموت بالرد كما لا يزول بالرد بعد القبول المتعقب

١١٥

للموت ، لأن الاملاك المستقرة على ملك أربابها لا تزول عنهم بردهم إياها ، ولا يمكن القول بالوقف لأنه انما ثبت الوقف بالنسبة إلينا لعدم علمنا بالحكم لا في نفس الأمر ونحن قسمنا بالنسبة الى ما في نفس الأمر فلم يبق الا ما ادّعيناه.

وظاهر الآية يساعد على ذلك لاقتضائه الإرث بعد الوصية كما عرفت ، ونحن نقول به لحصول الملك بالموت لكنه غير مستقر والقبول يوجب استقراره ، وهذا كما نقول في المبيع مدة الخيار ، فإنه ملك المشتري حصل له بالعقد ولا يستقر عليه الا بمضي زمان الخيار.

وقد اختلف العامة في ذلك ، وللشافعي فيه أقوال ثلاثة : أصحها عندهم ما اخترناه أخيرا. والثاني أنه يدخل في ملك الموصى له بموت الموصى من غير اختياره كما يدخل الميراث في ملك الورثة ، ويستقر بقبوله وهو قول غير مشهور بينهم ، ووجهه انه يستحقه بالموت فأشبه الميراث ، ولا يجوز ان يبقى على ملك الميت لأنه صار جمادا ، ولا يجوز أن ينتقل إلى الورثة لأنه تعالى قال (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها) ، فثبت انه ينتقل الى الموصى له.

والثالث ان الموصى له يملك ما أوصى له بالقبول لانه تمليك بعقد فيتوقف الملك فيه على القبول كالبيع ونحوه.

قال مالك وأبو حنيفة واحمد وأهل العراق : وهل الملك قبل القبول للوارث أو يبقى للميت؟ فيه وجهان عندهم أصحهما الأول.

وحيث أن النظر الى ظاهر الآية فهو الى ما ذهبنا إليه أقرب واحتاج حملها على غيره الى تكلف أو تقييد والأصل عدمه. وتظهر فائدة الخلاف في النماء الحادث بين الموت والقبول ، فعلى ما اخترناه للموصى له ، وعلى قول الأكثر للوارث أو على ملك الميت ، فإنه لم يخرج بالموت عن قابلية الملك ، ومن ثم يبقى ملكه على ما يحتاج اليه من مؤنة تجهيزه ودفنه وقضاء ديونه ونحوها. ويجوز أن يتجدد له ملك أيضا ، كما إذا نصب شبكة فوقع فيها صيد بعد موته فإنه يملكه وينفذ فيه وصاياه ويقضى ديونه ونحو ذلك.

واعلم ان ما اخترناه من كون ملك الوصية متزلزلا بالموت فيما إذا كان الموصى ـ

١١٦

له معينا ، فلو كانت لغير معين ـ بأن كان في جهة عامة كالمساجد والقناطر أو للفقراء مثلا أو بالعتق وشبهه ـ لم يعتبر فيها القبول وكفى الموت وحده في الاستقرار.

الثالثة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ. فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ. ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاسْمَعُوا وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) (المائدة ـ ١٠٦).

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ) أى الإشهاد الذي يقام به الحقوق فيما بينكم عند الحكام وأمرتم به ، وإضافتها إلى الظرف على الاتساع (إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) إذا شارفه وظهرت اماراته عنده ، لا حال احتضاره لعدم القدرة على التكلم حينئذ ، وهو ظرف للشهادة (حِينَ الْوَصِيَّةِ) بدل منه. وفي الابدال تنبيه على أن الوصية مما لا ينبغي أن يتهاون بها المسلم عند ظهور أمارات الموت ، فكأن وقتيهما واحد. ويحتمل أن يكون ظرفا آخر للشهادة. (اثْنانِ) خبر شهادة بينكم ، أو فاعل ساد مسد الخبر على حذف المضاف ، أي شهادة اثنين ، ويحتمل أن يكون فاعل فعل محذوف ، أي شهادة ما بينكم أن تشهد اثنان (ذَوا عَدْلٍ) صاحبا عدالة يسكن إلى قولهما (مِنْكُمْ) من المسلمين ، وهما صفتان للاثنان ، ويحتمل كون منكم حالا عنهما.

(أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) من غير ملتكم كأهل الذمة ، والظاهر أن المراد آخران كذلك أى ذوا عدل [كما يقتضيه ظاهر العطف على قوله منكم الداخل في حيز العدالة] والمراد كونهما ظاهري العدالة عند أهل ملتهم ، وقد وقع التصريح باعتبار ذلك في الخبر على ما سيجيء.

١١٧

ولعل ترك ذلك للتنبيه على أنها بمثابة العدم لعدم الايمان ، وعلى هذا فيجوز شهادة الذمّي في الوصية مع حصول الشرائط المذكورة ، وهو قول ابن عباس وجماعة من العامة ، وعليه أصحابنا اجمع ، وجمهور العامة على أن المراد بقوله (مِنْكُمْ) من أقاربكم و (مِنْ غَيْرِكُمْ) من الأجانب ، ومنعوا شهادة الذمي رأسا وسيجيء.

(إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) سافرتم فيها (فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ) اى قاربتم الأجل ، والفاء للعطف على ضربتم ، والخبر محذوف من جنس قوله ، (أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) وهو شرط للانتقال من شهادة العدلين من المسلمين إلى شهادة غيرهما ، فكأنه قال شهادة غيرهما تسمع إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم الموت ولا شاهد من المسلمين معكم. وبالجملة يجوز شهادة الغير مع الضرورة وفقد عدول المسلمين لا مع الاختيار.

(تَحْبِسُونَهُما) تمنعونهما وتصبرونهما ، وهو صفة آخران ، ولعل توسط الشرط بين الصفة والموصوف للإشارة إلى أن سماع شهادة الغير مشروط بالتعذر كما أشرنا اليه. ويجوز ان يكون للاستيناف ، كأنه قيل كيف نعمل ان ارتبنا بالشاهدين فقال تحبسونهما.

(مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ) صلاة العصر للرواية ، ولأن الناس بالحجاز كانوا يحلفون بعدها ، ولانه وقت اجتماع الناس وتكاثرهم وتصادم ملائكة الليل وملائكة النهار ، ولأنها هي صلاة أهل الذمة وهم يعظمونها ، وقيل مطلق الصلاة.

(فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ) ان ارتاب الوارث منكم في شأنهما أو اتهمهما ، ويجوز أن يكون الخطاب للحكام ، والشرط اعتراض بين القسم والمقسم عليه وهو (لا نَشْتَرِي بِهِ) لا نستبدل بالله أو بالقسم به أو بالشهادة فإنها بمعنى الاشهاد ، ولعل فائدة الشرط التنبيه على أن القسم انما هو مع الارتياب لا مطلقا.

(ثَمَناً) عرضا «قليلا» من الدنيا كما هو مفاد التنكير أى لا نحلف بالله كاذبين لطمع الدنيا (وَلَوْ كانَ) المشهود له (ذا قُرْبى) وجوابه محذوف أي لا نشتري ، أو انها غنية عن الجواب لكونها وصلية ، وتخصيصه بالذكر لميل الناس إلى أقاربهم ومن

١١٨

يناسبونهم ، أو المراد ان هذه عادتهم في صدقهم وأمانتهم ابدا ، فكأنهم داخلون في قوله (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ).

(وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ) أي الشهادة التي أمرنا الله بإقامتها ، وهو عطف على المحلوف عليه ، وعن الشعبي انه وقف على شهادة. ثم ابتدأ الله بالمدّ على طرح حرف القسم وتعويضه بحرف الاستفهام ، وقد ينقل عنه بغير مد على حذف حرف القسم من غير تعويض كقوله «الله لأفعلنّ».

(إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ) أى ان كتمناها ، والظاهر أنهم يذكرون في قسمهم جميع ما ذكر. والإحلاف اثر الصلاة ليكون لطفا في النطق بالصدق وناهية عن الكذب والزور ، والغرض من ذلك التغليظ في الوقت ، وهو قول الشافعية ، وقال أبو حنيفة يحلف من غير تغليظ ، ولا يخفى بعده عن ظاهر الآية.

(فَإِنْ عُثِرَ) فان اطلع لامارة أوجبت الظن (عَلى أَنَّهُمَا) اي الآخران من الغير اللّذين شهدا (اسْتَحَقَّا إِثْماً) استوجباه بسبب تحريفهما في الشهادة وحلفهما كذبا (فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما) فشاهدان آخران يقومان مقامهما بعد عزلهما ورد شهادتهما (مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ) أى «من الذين استحقّ عليهم» أي الإثم ومعناه من الّذين حق عليهم ، وهم الورثة الذين استحق عليهم الوصية بسبب شهادة الذمّيين الكاذبين (الْأَوْلَيانِ) الاحقّان بالشهادة لقرابتهما ومعرفتهما ، وهو بدل من ضمير يقومان ، أو خبر مبتدأ محذوف ، أو خبر آخران ، أو مبتدأ خبره آخران.

وقرأ حمزة ويعقوب وأبو بكر عن عاصم «الأوّلين» على أنه صفة الذين أو بدل منه ، أى من الأولين الذين استحق عليهم ، وقرئ «الأولين» على التثنية وانتصابه على المدح ، و«الأولان» وإعرابه اعراب الأوليان.

(فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما) أصدق وأولى بأن يقبل من شهادة الآخرين من الغير الذي اطلع على كذبهما (وَمَا اعْتَدَيْنا) وما تجاوزنا فيها الحق (إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) أي ان اعتدينا فنحن من الظالمين لأنفسنا أو مطلقا لوضعنا الباطل موضع الحق.

١١٩

وسبب النزول على ما رواه الكليني (١) عن علي بن إبراهيم عن بعض رجاله رفعه قال : خرج تميم الداري وابن بندي وابن أبي مارية في سفر ، وكان تميم الداري مسلما وابن بندي وابن أبي مارية نصرانيين ، وكان مع تميم الداري خرج له فيه متاع وآنية منقوشة بالذهب وقلادة أخرجهما إلى بعض أسواق العرب للبيع ، واعتل تميم الداري علة شديدة.

فلما حضره الموت دفع ما كان معه إلى ابن بندي وابن أبي مارية وأمرهما ان يوصلاه إلى ورثته ، فقدما المدينة وأخذا من المتاع الآنية والقلادة وأوصلا سائر ذلك إلى ورثته ، فافتقد القوم الآنية والقلادة فقال لهما أهل تميم : هل مرض صاحبنا مرضا طويلا أنفق فيه نفقة كثيرة.؟ فقالا : لا ما مرض إلا أياما قلائل. قالوا : فهل سرق منه شيء في سفره هذا؟ قالا : لا. قالوا : فهل اتجر تجارة خسر فيها؟ قالا : لا. قالوا فقد افتقدنا أفضل شيء كان معه آنية منقوشة مكللة بالجوهر وقلادة. فقالا : ما دفع إلينا فقد أدينا إليكم.

فقدّموهما إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأوجب رسول الله عليهما اليمين فحلفا فخلّا عنهما ، ثم ظهرت تلك الآنية والقلادة عليهما فجاء أولياء تميم إلى رسول الله فقالوا : يا رسول الله قد ظهر على ابن بندي وابن أبي مارية ما ادعيناه عليهما.

فانتظر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من الله الحكم في ذلك ، فأنزل الله تبارك وتعالى (يا ـ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ).

فأطلق الله عزوجل شهادة أهل الكتاب على الوصية فقط إذا كان في سفر ولم يجد المسلمين (فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ).

__________________

(١) الكافي باب الاشهاد على الوصية الحديث ٧ ج ٢ ص ٢٣٥ وهو في المرآة ج ٤ ص ١٢٥ والوافي الجزء ١٣ ص ٩ وذيل الحديث ذلك أدنى أن يأتوا الشهادة على وجهها أو يخافوا ان ترد ايمان بعد ايمانهم.

١٢٠