مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام - ج ٢

جواد الكاظمي

مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام - ج ٢

المؤلف:

جواد الكاظمي


المحقق: محمّد الباقر البهبودي
الموضوع : الفقه
الناشر: المكتبة المرتضويّة لإحياء الآثار الجعفريّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٣

والحقّ أنّ استفادة ذلك من ظاهر الآية بعيدة بل الظاهر منها كون الغنيمة غنيمة دار الحرب ، والخبر غير صحيح والأولى حمل الغنيمة في الآية على ذلك وجعل الوجوب في غير الغنيمة من المواضع السبعة ثابتا بدليل من خارج كالإجماع ، إن كان أو الأخبار ، ويبقى ما عدا ذلك على الأصل الدالّ على العدم (١).

و «إنّ» إن كانت مكسورة فلا كلام ، وإن كانت مفتوحة وهو الّذي رجّحه في الكشّاف فهي مبتدأ خبره محذوف ووجه الترجيح أنّه إذا حذف الخبر واحتمل غير واحد من المقدّرات كقولك ثابت واجب حقّ لازم وما أشبه ذلك كان أقوى للإيجاب من النصّ على الواحد أي فثابت أو واجب ونحوه.

(وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) مقتضى الآية قسمة الخمس على ستّة أقسام : سهم لله ، وسهم لرسوله ، وسهم لذوي القربى ، وثلاثة أسهم للثلاثة الباقية. وعلى هذا أكثر علمائنا فسهم الله وسهم الرسول للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكذا سهم ذي القربى يضعه حيث يشاء من المصالح ، وحال عدمه يكون الثلاثة المذكورة للإمام القائم مقامه ، وتبقى الثلاثة الأسهم الباقية تصرف إلى المذكورين من بنى هاشم.

هذا هو المشهور بين الأصحاب ، بل كاد يكون إجماعا ، وذهب جماعة من الأصحاب إلى أنّ سهم ذي القربى لا يختصّ بالإمام عليه‌السلام بل هو لجميع قرابة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله من بني هاشم.

__________________

(١) زاد في سن وعش وهامش قض :

وقد يؤيد ذلك قوله (مِنْ شَيْءٍ) فإنه يشمل كل ما يقع عليه اسم الشيء من كثير وقليل ما أمكن نقله كالثياب والدواب وما لم يمكن كالأراضي والعقارات مما يصح تملكه للمسلمين ، وظاهر أن هذا الإطلاق يناسب المعنى الخاص لأن أكثر الفوائد يعتبر فيها النصاب أو الفضل بعد المؤنة.

وكذا يؤيده كون سابقها ولاحقها في الحرب والجهاد ، ونزولها في غنيمة دار الحرب ان صح ، فتأمل.

٨١

ورواه ابن بابويه في كتاب المقنع (١) ومن لا يحضره الفقيه وهو اختيار ابن الجنيد حيث قال : هو مقسوم على ستّة أقسام سهم لله يلي أمره إمام المسلمين ، وسهم لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأولى الناس به رحما ، وأقربهم إليه نسبا ، وسهم ذي القربى لأقارب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بنى هاشم وبنى عبد المطّلب بن عبد مناف : إن كانوا من بلدان أهل العدل. ويردّه ظاهر قوله (وَلِذِي الْقُرْبى) فإنّه يدلّ على الوحدة فلا يتناول الأقارب أجمع فيتعيّن كونه الإمام إذ الثالث خرق الإجماع.

لا يقال أراد الجنس كما في ابن السبيل لأنّا نقول تنزيل اللفظ الموضوع للواحد على الجنس مجاز ، بل حقيقته الواحد فلا يعدل عنه ، إلّا أن يتعذّر حمله على الواحد فيحمل على الجنس ، وحيث إنّ الواحد متعذّر في ابن السبيل إذ ليس هناك معنى واحد يمكن أن يكون مقصودا به اللفظ ، فلا وجه للحمل عليه ، بخلاف ذي القربى ، فإنّ هناك معنى واحدا يصلح أن يكون مقصودا به فيحمل عليه.

وما يقال إنّا لا نسلّم تبادر الواحد من ذي القربى بل الظاهر منه الجنس كما في غير هذا الموضع قال تعالى (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) ـ (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى) (٢) وغير ذلك من الآيات فيحمل على الجنس إلى أن يثبت المقتضى للعدول عنه ، على أنّ إرادة الواحد منه متوقّفة على قيام الحجّة بذلك ، أمّا بدونها فلا.

مدفوع بأنّا قد بيّنا أنّ الظاهر من لفظ ذي القربى الواحد وإنّما يحمل على الجنس مع التعذّر ، فليس احتماله للواحد والجنس على حدّ سواء ، بل الظاهر المتبادر منه الواحد. وإرادة الجنس في المواضع الّتي وقع فيها ذي القربى غير هذا الموضع إنّما هو لتعذّر إرادة الواحد منه ، ولو أمكن إرادته منه لوجب حمله عليه ، وبالجملة نحن

__________________

(١) هكذا في المختلف الجزء الثاني ص ٣٣ والحديث في المقنع ص ٥٣ والفقيه ج ٢ ص ٢٢ الرقم ٧٩ عن زكريا بن مالك الجعفي عن ابى عبد الله (ع) لكني لم أتحقق السر في تخصيصهم ذكر الرواية عن الصدوق مع أن الحديث رواه الشيخ أيضا في التهذيب ج ٤ ص ١٢٥ بالرقم ٣٦٠ ثم ان زكريا بن مالك الجعفي مجهول لم يذكر في حقه مدح وسرده الشيخ في أصحاب الإمام الصادق ص ٢٠٠ الرقم ٧١.

(٢) اسرى : ٢٦ ، النحل : ٩٠.

٨٢

إنّما نحمله على الجنس مع تعذّر الواحد ، فلو أمكن بوجه من الوجوه حملناه عليه وفيما نحن فيه ممكن دون ما عداه من المواضع ، فيحمل عليه.

على أنّ الأخبار قد دلّت على ذلك ، وقد بلغت حدّا لا يمكن التأويل فيه ومن ثمّ نقل الشيخ في ذلك إجماع الفرقة ، وكأنّه لم يعتدّ بخلاف هذا القائل ، نعم هو قول جماهير العامّة ، بل إنّهم أطبقوا على أنّ المراد بذي القربى قرابة الرسول من ولد هاشم وبعضهم أضاف إليه آل المطّلب.

وقال بعض الأصحاب : إنّما يقسم الخمس على خمسة أسهم : سهم لرسوله ، وبعده للإمام ، وسهم ذي القربى له ، والثلاثة الباقية لليتامى والمساكين وابن السبيل ، قالوا ومعنى (لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) أنّ للرسول خمسه ، كقوله تعالى (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) (١) والمراد رسوله ، والافتتاح بذكر اسم الله تعالى على جهة التيمّن والتبرّك ، لأنّ الأشياء كلّها له عزوجل ، وأنّ من حقّ الخمس أن يكون متقرّبا به إلى الله عزوجل لا غير ، وأنّ قوله (وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى) إلخ بيان لأنّ مصرفه هؤلاء الأخصّين به.

ويدلّ على ذلك صحيحة ربعيّ بن عبد الله (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا أتاه المغنم أخذ صفوه ، وكان ذلك له ، ثمّ يقسم ما بقي خمسة أخماس ويأخذ خمسه ثمّ يقسم الأربعة أخماس بين الناس الّذي قاتلوا عليه ثمّ يقسم الخمس الّذي أخذه خمسة أخماس يأخذ خمس الله عزوجل لنفسه ، ثمّ يقسم الأربعة الأخماس بين ذي القربى واليتامى والمساكين وأبناء السبيل يعطي كلّ واحد منهم حقّا وكذلك الإمام يأخذ كما أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإلى هذا يذهب جمهور العامّة.

واختلفوا في سهم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد وفاته فقائل منهم أنّه يصرف في مصالح المسلمين كما فعله الشيخان بعده وقائل أنّه يسقط سهمه وسهم ذي القربى ، ويصير الكلّ مصروفا

__________________

(١) براءة : ٦٢.

(٢) التهذيب ج ٤ ص ١٢٨ الرقم ٣٦٥ والاستبصار ج ٢ ص ٥٦ الرقم ١٧٦ وهو في الوافي الجزء السادس ص ١٤٧ والمنتقى ج ٢ ص ١٤٧.

٨٣

إلى الثلاثة الباقية وعلى هذا أبو حنيفة وأصحابه وقائل إنّه لوليّ الأمر بعده كما يذهب إليه ذلك البعض من أصحابنا.

والجواب أنّ الآية بعيدة عمّا ذكروه ، فانّ ظاهرها الانقسام إلى الستّة ، وقولهم الافتتاح بالله للتبرّك مجاز لا يصار إليه إلّا بدليل يدلّ عليه بخصوصه ، والروايات إنما تضمّنت حكاية فعله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجاز أن يكون صلى‌الله‌عليه‌وآله أخذ دون حقّه توفيرا لحصص الباقين إمّا تبرّعا منه صلى‌الله‌عليه‌وآله أو لاعوازهم فلا يثبت بها الحكم على العموم ، على أنّ حملها على التقية ممكن لكون ذلك مذهب [بعض] العامة كما عرفت ثمّ إنّ الأكثر من أصحابنا قالوا : إنّ الأصناف الثلاثة من بنى هاشم دون بنى المطلب ، وهو قول بعض العامة ، وذهب بعضهم إلى دخول بنى المطلب فيهم وعلى هذا أكثر العامة مستدلّين عليه بما روي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) لما قال له بنوا عبد شمس ونوفل : هؤلاء إخوتك بنو هاشم لا ننكر فضلهم لمكانك الّذي جعلك الله فيهم أرأيت إخواننا بني المطّلب أعطيتهم وحرمتنا ، وإنما نحن وهم بمنزلة واحدة! فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّا وبنوا المطّلب لم نفترق في جاهليّة ولا إسلام ونحن وهم شيء واحد ، وشبّك بين أصابعه.

ومن طريق الخاصّة ما رواه زرارة عن أبى عبد الله عليه‌السلام (٢) قال : لو كان العدل ما احتاج هاشميّ ولا مطّلبيّ إلى صدقة إنّ الله جعل لهم في كتابه ما كان فيه سعتهم ، يعنى الخمس.

والجواب أنّ الأخبار المذكورة غير واضحة الصحّة مع معارضتها بمثلها ، روى حمّاد بن عيسى (٣) عن بعض أصحابنا عن العبد الصالح أبى الحسن الأوّل عليه‌السلام قال :

__________________

(١) سنن ابى داود ج ٣ ص ٢٠١ بالرقم ٢٩٨٠ وقريب منه ما في الرقم ٢٠٠ منه واللفظ في الأخير إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد وكان يرويه يحيى بن معين انما بنو هاشم وبنو المطلب سى الواحد بالسين المهملة مكسورة اى هما سواء تقول هذا سى هذا أى مثله ونظيره ، وأخرج الحديث أيضا الشافعي في الا م عن مطعم بن جبير ج ٤ ص ١٤٦.

(٢) التهذيب ج ٤ ص ٥٩ الرقم ١٥٩ وروى في الاستبصار ج ٢ ص ٣٦ الرقم ١١١ شطرا منه.

(٣) الكافي في الأصول باب الفيء والأنفال الحديث ٤ وهو في المرآة ج ١ ص ٤٤٣ ـ

٨٤

وهؤلاء الّذين جعل الله لهم الخمس قرابة النبيّ وهم بنو عبد المطّلب أنفسهم الذكر والأنثى منهم ، ليس فيهم من أهل بيوتات قريش ولا من سائر العرب أحد. ونحوها من الأخبار ومع التعارض يتساقطان ويبقى اشتغال الذمّة باستخراج الخمس إلى مستحقّه باقيا.

ويمكن أن نستدلّ على ما نقوله بأنّ بني المطّلب يستحقّون الزكاة فلا يستحقّون الخمس لعدم اجتماعهما في محلّ واحد إجماعا ، واستحقاقهم للزكاة ثابت بعموم قوله (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ) (١) الآية خرج منه بنوا هاشم بالإجماع ، فيبقى ما عداهم ، منهم بنو المطّلب.

ولو قيل إنّ الاخبار السابقة مخصّصة للآية ، لقلنا إنّها ضعيفة معارضة بمثلها وذلك يقتضي تساقطها ، وبقي عموم القرآن سالما فيتمّ المطلوب.

ويعتبر في المساكين وابن السبيل الحاجة على ما مرّ في باب الزكاة إذ هو الظاهر من الإطلاق.

وأما اليتيم فاعتبر فقره بعض الأصحاب نظرا إلى أنّ الخمس عوض الزكاة على ما دلّت عليه الأخبار فيعتبر فيه ما يعتبر فيها من الفقر والحاجة ، ولأنّ الإمام يقسمه بينهم على قدر حاجتهم ، والفاضل له ، ومع تحقّق الغنى تنتفي الحاجة فينتفى النصيب.

ونفى الآخرون اعتباره نظرا إلى عموم الآية الصادق على الغنيّ والفقير ، وبأنّ استحقاقه لكونه يتيما فيستوي فيه الغنىّ والفقير (٢) ولأنّه لو اعتبر فيه الفقر لكان داخلا تحت المساكين ، فلا يكون قسما برأسه ، ويلزم من ذلك تداخل الأقسام ،

__________________

ـ وفي شرح ملا صالح المازندراني ج ٧ ص ٣٩٢ وطبع مع الفروع ص ٤٢٣ ورواه في التهذيب ج ٤ ص ١٢٨ الرقم ٣٦٦ والاستبصار ج ٢ ص ٥٨ الرقم ١٦٥ والحديث طويل فيه بيان أحكام كثيرة من مسائل الخمس وهو وان كان مرسلا فهو كالصحيح وتراه في الوافي الجزء السادس ص ٣٩.

(١) براءة : ٦٠.

(٢) فيستويان فيه خ.

٨٥

والمنازع مستظهر من الجانبين إلّا أنّ الاحتياط يقتضي الاعتبار ومقتضى اللّام على ما تقدّم بيان المصرف ، فيجوز تخصيص الفريق الواحد من الثلاثة بنصف الخمس الّذي هو حصّتهم وإليه ذهب أكثر المتأخرين.

واعتبر جماعة وجوب بسط النصف على الثلاثة الأصناف نظرا إلى أنّ اللام في الآية للملك ، فلا يجوز الاقتصار على صنف واحد. قالوا : ويؤيّد ذلك أنّها لو كانت هنا لبيان المصرف لجاز إعطاء الجميع لصنف واحد غير الامام ، وإن كان الامام حاضرا بل الظاهر أنّه لا قائل به ، ويمكن أن يجاب بأنّ ذلك خرج بالإجماع ، ولو لا الإجماع لساغ ذلك ، لكنّ الإجماع منع من صرف حصّة الإمام إلى غيره ، مع وجوده ، ومن ثمّ كان الخلاف بينهم إنّما هو في الأسهم الثلاثة للأصناف الثلاثة ، والخارج بالإجماع لا يرد نقضا.

على أنّ القائل بوجوب البسط إنّما يقول به مع حضور الأصناف لا مع غيبتهم فانّ الشيخ ممّن يقول بوجوب البسط ، وقد صرّح في بعض كتبه بأنّه إذا لم يكن في البلد إلّا فرقة واحدة منهم ، جاز أن يفرّق فيهم ولا ينتظر غيره ، ولا يحمل إلى بلد آخر ، وهذا ممّا يضعّف حمل اللّام على الملكيّة والاحتياط في البسط على الأصناف. أما تعميم الأشخاص الحاضرين فقد قيل به وهو بعيد.

(إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ) متعلّق بمحذوف دلّ عليه ما تقدّمه إى إن كنتم آمنتم بالله فاعلموا أنّ الخمس لهؤلاء المذكورين فسلّموا إليهم ، وفي الكلام تأكيد لوجوب الخمس على أتمّ وجه ، وأكّده تصدير الكلام بالعلم ، واقترانه بأنّ المفيدة للتوكيد ، وتقييد الحكم بالايمان ، وذكر الجملة الخبريّة ، وتكرار أنّ المؤكّدة وحذف الخبر وليس المراد هنا مجرّد العلم ، فانّ العلم المتعلّق بالعمل إذا أمر به كان العلم مقصودا بالعرض لتحصيل العمل الّذي هو المقصود أصالة.

(وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا) محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الآيات والملائكة والنصر (يَوْمَ الْفُرْقانِ) أراد به يوم بدر ، فإنّه يوم حصل فيه الفرق بين الحقّ والباطل ، وغلب فيه الحقّ عليه (يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) هم المسلمون والكفّار وهي أوّل واقعة عظيمة صارت

٨٦

في الإسلام (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فيقدر على نصر الجماعة القليلة على الفئة الكثيرة وإمدادها بالملائكة كما وقع في ذلك اليوم.

الثانية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) (١) الآية.

قد ذكرناها في باب الزكاة فلا نعيدها.

الثالثة (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٢).

(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) جمع نفل بسكون الفاء وفتحها وهو الزيادة ومنه سميت النافلة لزيادتها على الواجب ، قيل المراد بها [ههنا] غنيمة يوم بدر [والمراد السؤال عن أحكامها وكيفيّة قسمتها.

ويؤيّده ما قيل إنّها نزلت بسبب اختلاف المسلمين في غنائم بدر] (٣) وأنّها كيف تقسم؟ ومن يقسمها : المهاجرون أو الأنصار؟ فبيّن حكمها وأنّ أمر ذلك إلى الله والرسول ، وقيل : المراد بها أنفال السرايا المجعولة لهم كقوله عليه‌السلام من فعل كذا وكذا فله كذا ، وقد وقع منه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك في يوم بدر ، فتسارع الشبّان وبقي الشيوخ تحت الرايات ، فلمّا انقضى الحرب طلب الشبّان بما كان قد نفلهم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال الشيوخ : كنّا ردءا لكم لو وقعت عليكم الهزيمة لرجعتم إلينا ، فتشاجروا في ذلك فنزلت.

وبه استدلّ الشافعيّ على أنّه لا يلزم الامام أن يفي بما وعد (٤) وهذان القولان مرغوب عنهما فيما بيننا.

__________________

(١) البقرة : ٢٦٧.

(٢) الأنفال : ١.

(٣) ما بين العلامتين لا يوجد إلا في قض.

(٤) وهو احد قوليه على ما في الكشاف ج ٢ ص ٢.

٨٧

والّذي عليه أصحابنا أنّ المراد بها ما قد وردت به الروايات عن الباقر والصادق (١) عليهما‌السلامأنّهما قالا : الأنفال كلّ ما أخذ من دار الحرب بغير قتال وكلّ أرض انجلى عنها أهلها بغير قتال ـ ويسمّيها الفقهاء فيئا ـ وميراث من لا وارث له ، وقطائع الملوك ، إذا كانت في أيديهم من غير غصب ، والآجام وبطون الأودية ، والأرضون الموات ، ونحوها (٢).

وقد روى عن أهل البيت عليهم‌السلام (٣) أنّهم قرأوا «يسألونك الأنفال» بدون لفظة «عن» (٤).

__________________

(١) المجمع ج ٢ ص ٥١٧ وانظر أيضا الروايات في البرهان ج ٢ من ص ٥٩ الى ص ٦٢ ونور الثقلين ج ٢ من ص ١١٧ الى ص ١٢١ والعياشي ج ٢ ص ٤٦ الى ٤٨ والوسائل أبواب الأنفال.

(٢) في سن وعش :

«وغير ذلك مما هو مذكور في موضعه وقالا : هي لله وللرسول وبعده لمن قام مقامه يصرفه حيث يشاء من مصالح نفسه ليس لأحد فيه شيء وقالا : إن غنائم بدر كانت للنبي (ص) فسألوه أن يعطيهم فأعلمهم الله ان ذلك لله وللرسول وليس لهم في ذلك شيء ، وروى ذلك أيضا عن ابن عباس وابن جريج والضحاك والحسن ، واختاره الطبري وقالوا : ان «عن» صلة ومعناه «يسألونك الأنفال أن تعطيهم» وقد روى عن أهل البيت إلخ.

راجع في ذلك المجمع ج ٢ ص ٥١٧ ونقله عن الطبري تراه في ج ٩ ص ١٧٥ من تفسيره.

(٣) انظر المجمع ج ٢ ص ٥١٦ ونقل هذه القراءة عن على بن الحسين ومحمد بن على وجعفر بن محمد وزيد بن على وكذا عن ابن مسعود وسعد بن ابى وقاص وطلحة بن مصرف وقد حكى هذه القراءة عن ابن مسعود أيضا الطبري.

(٤) زاد في سن وعش أيضا : ثم قال الطبرسي : (ج ٢ ص ٥١٧) وقال على بن طلحة عن ابن عباس : كانت المغانم لرسول الله (ص) خاصة ليس لأحد فيها شيء ، وما أصاب سرايا المسلمين من شيء أتوه به ، فمن حبس منه إبرة أو سلكا فهو غلول ، فسألوا الرسول (ص) أن يعطيهم منها فنزلت.

وفي الكنز بعد أن نقل بعض ما قدمناه قال : «والصحيح ما قاله الباقر والصادق أنها ـ

٨٨

(قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) أي هي لهما مختصّة بهما ، والمراد أنّها للرسول في حال حياته صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن بعده للإمام القائم مقامه ، وعلى هذا فلا تكون منسوخة بآية الغنيمة أعني قوله تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ) الآية لعدم التنافي بينهما ، لاختلاف المحلّ ، نعم لو حملناها على الغنيمة أمكن القول بالنسخ للتنافي (١).

__________________

ـ ما أخذ ـ الى أن قال ـ وقالا (ع) : ان غنائم بدر كانت للنبي خاصة فقسمها بينهم تفضلا منه ، وهو مذهب أصحابنا الإمامية» وفي التفسير المنسوب الى على بن إبراهيم (انظر تفسيره المطبوع ص ١٣٧ وقد نقل عنه في البرهان ج ٢ ص ٦١ بالرقم ٢٦ ونور الثقلين ج ٢ ص ١١٩ بالرقم ١٣) ما يدل على أنها نزلت يوم بدر ، وأنت خبير بأن الذي يقتضيه هذا أن الأنفال أعم من الغنيمة والفيء إذا كانت الغنيمة كالفيء مختصة به (ص) [فان كون غنائم بدر من أحد الأقسام المذكورة في تفسير الأنفال بعيد جدا لا شاهد له] فإطلاق الأنفال على غنائم بدر كما هو مقتضى نزول الآية فيها لا يكون الا باعتبار شمول النفل للغنيمة أيضا وان كان باعتبار كونها للنبي فهي كانت أحد الأقسام أيضا فإطلاق الأنفال عليها ان كان بخصوصها فمن إطلاق العام على الخاص ، ويكون المراد بالروايات المتضمنة لتفسيرها بتلك الاقسام انها باعتبار معناها العام الباقي على حكمها الان ، وان كان المراد الأعم فالاقتصار في الروايات على الأقسام المذكورة متوجه أيضا ، فإن الظاهر أن الغنيمة على هذا قد أخرجت من حكم بقية الأنفال.

(١) زاد في سن وعش : وقد عرفت حملها على الغنيمة فيما سبق ، قال العلامة. (ره) (انظر المنتهى ج ٢ ص ٩٢٢ وقريب منه ما في التذكرة ج ١ ص ٤١٩ ونقله عن العلامة في المرآة ج ١ ص ٤٢٢) : الغنيمة كانت محرمة فيما تقدم من الأديان وكانوا يجمعون الغنيمة فتنزل النار من السماء فتأكلها ، فلما أرسل الله محمدا (ص) أنعم بها عليه فجعلها له خاصة قال تعالى (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) وقد روى عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي وذكر منها أحلت لي المغانم ، إذا ثبت (راجع الجامع الصغير بالرقم ١٧٤ ج ١ ص ٥٦٦ شرح فيض القدير أخرجه عن البخاري ومسلم والنسائي عن جابر) ، فإن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان مختصا بالغنائم لقوله (يَسْئَلُونَكَ) الآية فنزلت في بدر لما تنازعوا في الغنائم فلما نزلت قسمها رسول الله (ص) وأدخل معهم جماعة لم يحضروا الواقعة لأنها كانت له يصنع بها ما يشاء ، ثم نسخ ذلك وجعلت للغانمين ـ

٨٩

(فَاتَّقُوا اللهَ) باتّقاء معاصيه واتّباع ما يأمركم به (وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ) أي الحال الّتي بينكم بالمواساة ومساعدة بعضكم بعضا فيما رزقكم الله ، وترك الخصومة والمنازعة بالصلح والمحبّة ، وتسليم الأمر إلى الله.

(وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) ولا تخرجوا عمّا أمرتم به (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) مصدّقين بالله والرسول ، فانّ الايمان يقتضي ذلك ، أو إن كنتم كاملي الأيمان ، فإنّ كماله بهذه الثلاثة أعني اجتناب المناهي الّذي هو في معنى الاتّقاء واتّباع الأوامر ، وإصلاح ذات البين بالعدل والإحسان ، والمساعدة على الحقّ كما دل عليه قوله تعالى (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى) الآية (١).

(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) فزعت لذكره استعظاما له ، وتهيّبا من جلاله ، وقيل هو الرجل يهمّ بالمعصية فيقال له : اتّق الله فيرتدع عنه خوفا من العقاب ، والمراد بالآية كاملو الايمان ، لعدم اعتبار مثله في أصل الايمان كما دلّ عليه قوله في موضع آخر (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) (٢) حكم عليهم بتحقّق الايمان فيهم ، ولم يعتبر الوجل عند الذكر فاقتضى أنّها صفة زائدة توجب كماله.

(وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً) لزيادة المؤمن به فإنّ الايمان بالآيات

__________________

ـ خاصة أربعة أخماسها والخمس الباقي لمستحقه ، قال تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ) الآية فأضاف الغنيمة إليهم وجعل الخمس للأصناف التي عداها المغايرين للغانمين فدل على ان الباقي لهم وروى الجمهور عن النبي انه قال : العنيمة لمن شهد الواقعة (كما عقد البيهقي لذلك بابا راجع السنن ج ٦ ص ٣٣٣ الى ٣٣٥ وانظر أيضا فتح الباري لابن حجر ج ٧ ص ٣٧ قال عند شرح عقد البخاري باب الغنيمة لمن شهد الواقعة : هذا لفظ أثر أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح عن طارق بن شهاب أن عمر كتب الى عمار أن الغنيمة لمن شهد الواقعة ذكره في قصة) ولا نعلم فيه خلافا انتهى (يعنى كلام العلامة) وفيه تنبيه على ما نبهنا عليه فلا تغفل.

(١) المائدة : ٢.

(٢) البقرة : ٢.

٩٠

يوجب الزيادة بازديادها ، أو لاطمينان النفس ورسوخ اليقين بتظاهر الأدلّة أو بالعمل بموجبها ، وهو قول من قال الايمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، بناء على دخول العمل فيه ، وهو قول مرغوب عنه. وقد تحقّق مما ذكرناه أنّ زيادة الايمان تكون على ثلاثة أنحاء : الأوّل بقوّة الدليل وتكثّره فانّ كلّ دليل فهو مركّب لا محالة من مقدّمات ولا شكّ أنّ النفوس مختلفة في الإشراق والانارة ، والأذهان متفاوتة بالذكا والغباوة ، فكلّ من كان جزمه بالمقدّمات أكثر وأدوم ، كان علمه بالنتيجة أكمل وأتمّ.

الثّاني بتعدّد [النظر] التصديق وتجديده ومن المعلوم أنّ من صدّق إنسانا في شيئين كان تصديقه أزيد من تصديق من صدّقه في شيء واحد.

الثالث أن يقال الإيمان عبارة عن مجموع الاعتقاد والإقرار والعمل ، وإذا كان عبارة عن مجموع الثلاثة ، فبنسبة دخول التفاوت في العمل ، يظهر التفاوت في الايمان وإن لم يكن التفاوت في الإقرار والاعتقاد متصوّرا.

(وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) يفوّضون إليه أمورهم. ولا يخشون سواه ، ولا يرجون إلّا رحمته ، والواو للحال ، وفي ذلك إشارة إلى أنّ كمال الإيمان إنّما يكون بالتوكّل عليه ، والإنابة إليه.

ولنختم هذا البحث بآية لها تعلّق به وهي قوله تعالى :

(وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ) أي إعادة عليه بمعنى صيّره له ، فان كان حقيقيّا بأن يكون له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنّه تعالى خلق الناس لعبادته ، وخلق ما خلق لهم ليتوسّلوا به إلى طاعته ، فهو في أيدي الكفرة في غير محلّها ، وإرجاعها إلى المؤمنين فيء وإعادة ، وفي الكافي أنّ الله تبارك وتعالى جعل الدنيا بأسرها لخليفته حيث يقول للملائكة (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) (١) فكانت الدنيا بأسرها لآدم ، وصارت بعده لأبرار ولده ، وخلفائه ، فما غلب عليه أعداؤهم ثمّ رجع إليهم بحرب أو غلبة ، سمّي فيئا وهو أن يفيء إليهم بغلبة وحرب فكان حكمه فيه ما قال الله (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ) الآية (٢)

__________________

(١) البقرة : ٢٤.

(٢) الأنفال : ٤٢.

٩١

فهذا هو الفيء الراجع وإنّما يكون الراجع ما كان في يد غيرهم ، فأخذ منهم بالسيف وأمّا ما رجع إليهم من غير أن يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، فهو الأنفال ، فهو لله وللرسول خاصّة ، وليس لأحد فيه شركة ، وإنّما جعل الشركة في شيء قوتل عليه إلى آخر ما ذكره (١).

ومقتضاه أنّ هذا القسم أعني الراجع إليهم بلا قتال بعد دخوله في يد غيرهم من الأنفال وقد سبقت الإشارة إلى كونه من الأنفال ، وهنا يظهر الوجه في كونه فيئا.

(مِنْهُمْ) أي من الكفرة أو من بني النضير (فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ) الفاء جواب الشرط أي ما أجريتم على تحصيله ومغنمه ، من الوجف وهو سرعة السير (مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) وإنّما مشيتم إليه على أرجلكم ، فانّ قرى بنى النضير كانت على ميلين من المدينة فمشوا إليهم رجالا غير رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنّه ركب جملا أو حمارا ولم يجر قتال.

(وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) أي يمكّنهم من عدوّهم من غير قتال بأن يقذف الرعب في قلوبهم ، أو على ما في أيديهم كما كان يسلّط رسله على أعدائه فالأمر فيه مفوّض إليه ، فلا يقسم قسمة الغنيمة الّتي قوتل عليها وأخذت عنوة ، وذلك أنّهم طلبوا قسمتها بينهم فنزلت.

جعل الله أموال بني النضير لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خالصة يفعل بها ما يشاء إلّا أنّه قسمها بين المهاجرين ولم يعط الأنصار منها شيئا إلّا ثلاثة نفر كانت بهم حاجة ، وقد تقدّم أنّ هذا من الأنفال فيكون للإمام عليه‌السلام بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

(وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فيفعل تارة بالوسائط الظاهرة ، وتارة بغيرها.

(ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) (٢) قيل لم يعطف هذه على ما قبلها لأنّها بيان

__________________

(١) أصول الكافي أول باب الفيء والأنفال وهو مطبوع مع الفروع ج ١ ص ٤٢٣ وشرحه المجلسي في المرآة ج ١ ص ٤٤١ وملا صالح المازندراني في ج ٧ ص ٢٨٧.

(٢) في سن وعش وهامش قض أيضا : اختلف المفسرون في هذه الآية فحكى عن قتادة أنها منسوخة بما ذكر في سورة الأنفال ، ويرده ان سورة الأنفال نزلت في قصة بدر وهذه بعدها بلا خلاف فكيف تنسخ بها.

٩٢

لها غير أجنبيّة منها ، بيّن لرسوله فيها ما يصنع بالفيء وأمره أن يضعه حيث يضع الخمس من الغنائم كذا في الكشاف وغيره ، وفيه نظر فانّ ظاهر الاولى أنّ أمر الفيء مفوّض إليه ، وهذا أوجب قسمته بطريق الخمس وكون القصّة واحدة تزيد الاشكال ، ومن ثمّ

__________________

ـ وذهب قوم الى ان الاولى لرسول الله وآله بلا خلاف ، والثانية اختلف الناس فيها على أربعة أقوال :

أحدها في القرى التي قوتلت ، فما أفاء الله على رسوله منها فلله وللرسول ولذي القربى ، الآية ، ثم نسخ بما في الأنفال ، ويرده ما تقدم.

الثاني أن الاولى أن النبي (ص) يأخذ حاجته منه ويصرف الباقي في مصالح المسلمين. والثانية أن المراد بها الجزية والخراج ، فهي للأصناف المذكورة.

الثالث أن الاولى في بني النضير ولم يكن فيها خمس ولم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ، وكانت صافية لرسول الله فقسمها بين المهاجرين وثلاثة من الأنصار والثانية في بني قريظة.

الرابع أن المراد بهما واحد وأنهما في غير الغنيمة ، وهو الأصح بين أصحابنا نظرا الى أن المراد بالغنيمة ما أخذ بالسيف : أربعة أخماسه للمقاتلة ، وخمسه للذين ذكرهم الله في سورة الأنفال ، والفيء غيرها.

قال الشيخ في التبيان (ج ٢ ص ٦٦٦ ط إيران) بعد ذكر الأقوال : والذي نذهب اليه أن مال الفيء غير مال الغنيمة ، فالغنيمة كل ما أخذ من دار الحرب بالسيف عنوة مما يمكن نقله الى دار الإسلام ، ومالا يمكن نقله الى دار الإسلام فهو لجميع المسلمين ينظر فيه الامام ويصرف ارتفاعه الى بيت المال لمصالح المسلمين ، والفيء كل ما أخذ من الكفار بغير قتال أو انجلى أهلها وكان ذلك للنبي وآله خاصة يضعه في المذكورين في هذه الآية ، وهو لمن قام مقامه من الأئمة الراشدين انتهى.

وفي الكشاف (ج ٣ ص ٢١٤ ط ١٣٦٧ مطبعة البابى الحلبي) : لم يعطف على ما قبلها لأنها بيان لها غير أجنبية عنها بين لرسول الله (ص) فيها ما يصنع بالفيء وأمره أن يضعه حيث يضع الخمس من الغنائم.

قلت : ما ذكره من الوجه في عدم العطف جيد وظاهر كلامه يوافق أصحابنا فإن المراد أنه أمره أن يضع جميع الفيء حيث يضع الخمس من الغنائم ونحن نقول به ، الا أنهم لا يخصون اليتامى والمساكين بقرابة الرسول (ص) بل يعمون بها جميع الناس كما سننبه عليه. فلله وللرسول إلخ.

٩٣

احتمل بعضهم كونها ناسخة لسابقتها.

وبالجملة ظاهرها يخالف ما هو الشائع بين أصحابنا وتظافرت به أخبارهم ، من أنّ ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فهو للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعده للإمام ، ويمكن أن يقال بتغاير القضيّتين كما ذكره بعض المفسّرين من أنّ ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب نزلت في أموال بني النضير ، وأنّها كانت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان ينفق منها على أهله وأما أهل القرى المذكورون في هذه الآية فهو أهل الصفراء وينبع وما هنا لك من قريب الغرب الّتي تسمّى قرى غريبة قال وحكمها مخالف لأموال بني النضير فإنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يحبس من هذه لنفسه شيئا بل قسمها على ما أمره الله.

وهذا هو الظاهر ممّا رواه الشيخ عن محمّد بن مسلم (١) عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : الفيء والأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة الدماء ، وقوم صولحوا وأعطوا من أيديهم ، وما كان من أرض خربة أو بطن واد فهو كلّه من الفيء فهذا لله ولرسوله فما كان لله فهو لرسوله يضعه حيث يشاء وهو للإمام بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقوله (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) قال ألا ترى هو هذا؟ وأمّا قوله (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) فهذا بمنزلة المغنم كان أبي يقول ذلك ، وليس لنا فيه غير سهمين سهم الرسول وسهم ذي القربى ، ثمّ نحن شركاء الناس فيما بقي.

وعلى هذا فلا إشكال بأن يكون الاولى في حكم الفيء الّذي لم يوجف عليه وهذه في حكم ما أوجف عليه ، فانّ جميع ما في أيدي الكفّار للمؤمنين ، وبعد حصوله في أيديهم بقتال أو بغيره ، يصير فيئا على ما عرفت ، وحينئذ فيمكن أن يوجّه عدم العطف بكون هذه غير الاولى إمّا ابتداء لكلام أو على الاستيناف ، فإنّه لمّا مرّ حكم الفيء الّذي لم يوجف كأنّ سائلا يسأل عن حكم ما أوجف عليه فبيّن أنّ ما هذا شأنه فهو في حكم الغنيمة.

__________________

(١) التهذيب ج ١ ص ٣٨٨ الطبعة القديمة.

٩٤

(فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) بتمليك الله إيّاه (وَلِذِي الْقُرْبى) (١) يعني أهل بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنّ التقدير ولذي قرابته ونحوه (وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) قد تقدّم أنّ المراد بهم من كان من بني هاشم ، وهو الظاهر من الآية ، لأنّ التقدير ولذي قرباه ويتامى أهل بيته ومساكينهم وابن السبيل منهم ، وفي الروايات دلالة عليه : روى المنهال بن عمر (٢) عن عليّ بن الحسين عليهما‌السلام قال : قلت : قوله (وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) قال : هم قرباؤنا ومساكيننا وأبناء سبيلنا ، وقال جميع الفقهاء : هم يتامى الناس عامّتهم وكذلك المساكين وأبناء السبيل ، وفي رواية محمّد بن مسلم السابقة إشعار به فتأمّل وقد عرفت حكم قسمة الغنيمة.

(كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ) علّة لانقسام الفيء الخاص إلى الأقسام أي من حقّ الفيء أن يعطى الفقراء ليكون لهم بلغة يعيشون بها ، لا دولة بين الأغنياء يتداولونه ويدور بينهم ، كما كان في الجاهليّة أنّ الرؤساء منهم كانوا يستأثرون بالغنيمة لأنّهم أهل الرئاسة والدولة والغلبة ، والمعنى كي لا يكون أخذه غلبة وأثره جاهليّة وهو خطاب للمؤمنين دون الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته ونقل في مجمع البيان عن الكلبي (٣) أنّها نزلت في رؤساء المسلمين قالوا يا رسول الله خذ صفوك والربع ، ودعنا والباقي فهكذا كنّا نفعل في الجاهليّة ، فنزلت الآية ، فقال الصحابة : سمعا وطاعة لأمر الله ورسوله.

(ما آتاكُمُ الرَّسُولُ) من الأمر أو الفيء (فَخُذُوهُ) فتمسّكوا به لأنّه واجب الطاعة

__________________

(١) في سن وعش وهامش قض : يعني أهل بيت رسول الله (ص) لان التقدير ولذي قرابته ونحوه (وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) فان المراد بهم من كان أهله وهو الظاهر من الآية ، لأن الألف واللام تعاقب الضمير أى ويتامى أهل بيته ومساكينهم وابن السبيل منهم ، وفي الروايات إلخ.

(٢) راجع العياشي ج ٢ ص ١٦٣ ، الرقم ٦٣ والبحار ج ٢٠ ص ٥٢ ، البرهان ج ٢ ص ٨٨ ، الرقم ٥٣ ، والوسائل أبواب قسمة الخمس.

(٣) انظر المجمع ج ٥ ص ٢٦١ وفيه وانشدوا له ص :

لك المرباع منها والصفايا

وحكمك والنشيطة والفضول.

٩٥

أو حلال لكم (وَما نَهاكُمْ عَنْهُ) عن إتيانه أو أخذه من الفيء (فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ) في مخالفة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) لمن خالف فليحذر الّذين يخالفون عن أمره وهو عامّ في كلّ ما أمر به النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونهى عنه وإن نزلت في الفيء ، فانّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، وقد يستدلّ على أنّ مقتضى الأمر الوجوب والنهي التحريم (١) [لكن بالنسبة إلى أمر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونهيه فتأمّل].

(لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ) قيل : هو بدل من المساكين وابن السبيل في الآية السابقة والمقصود الحثّ على هؤلاء بالنسبة إلى غيرهم لمكان ما بهم من الفقر والمهاجرة (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ) فإنّ أهل مكّة أخرجوهم عنها وأخذوا أموالهم واستدلّ بعضهم بظاهرها على جواز بيع دور مكّة ، وأنّها ممّا يصحّ تملّكها وفيه نظر سيجيء.

(يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً) حال مقيّدة لإخراجهم بما يوجب تعظيمهم (وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) بأموالهم وأنفسهم (أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) الّذين ظهر صدقهم في أيمانهم وجهادهم.

(وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ) ثنّى تعالى بعد ذكر المهاجرين بوصف الأنصار ومدحهم حتّى طابت أنفسهم عن الفيء ، والمراد أنّهم لزموا المدينة والايمان ، وتمكّنوا فيها أو تبوّؤا دار الهجرة ودار الايمان ، فحذف المضاف من الثاني ، والمضاف إليه من الأوّل وعوّض عنه اللّام. أو تبوّؤا الدار وأخلصوا الايمان ، كقوله علّفتها تبنا وماء باردا.

(مِنْ قَبْلِهِمْ) أي قبل هجرة المهاجرين إليهم ، وقدومهم عليهم ، لأنّ الأنصار لم يؤمنوا قبل المهاجرين [بل كان إيمان المهاجرين سابقا فلا بدّ من التأويل لما ذكر ، وقيل : معناه قبل إيمانهم] (٢) والمراد بهم أصحاب ليلة العقبة ، وهم سبعون رجلا بايعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ضرب الأحمر والأبيض كذا في مجمع البيان.

(يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا) من الفيء وغيره من أنواع الإحسان ، فلم يحصل لهم حسد ولا غيظ ممّا اعطى المهاجرون دونهم

__________________

(١) زاد في سن وعش وهامش قض : كما ثبت في الأصول.

(٢) ما بين العلامتين لا يوجد إلا في قض.

٩٦

(وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ) فيقدّمون المهاجرين عليها حتّى لو كان عند بعضهم امرأتان نزل عن واحدة وزوّجها من أحدهم (وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ) حاجة إلى ما آثروا به من خصاص البناء وهي فرجه (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ) أي يدفع ويمنع عنه بخل نفسه فيخالفها فيما دعته إليه منه والشحّ اللؤم الذاتي الّذي يقتضيه الحالة النّفسانيّة ومن ثمّ أضيف إلى النّفس ، قيل : من لم يأخذ شيئا نهاه الله عن أخذه ، ولم يمنع شيئا أمره الله بإعطائه فقد وقي شحّ نفسه.

(فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الفائزون بالثناء العاجل والثّواب الآجل ، وفيه حثّ على مخالفة النّفس فيما يغلب عليها من حبّ المال وبغض الإنفاق (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ) وهم الّذين هاجروا من بعد ما قوي الإسلام أو التّابعون لهم بإحسان وهم المؤمنون بعد الفريقين إلى يوم القيامة. ومن ثمّ قيل إنّ الآية قد استوعبت جميع المؤمنين وعلى هذا فيكون مقطوعا ممّا قبله عطف الجملة على الجملة لا عطف المفردات فانّ قوله (وَالَّذِينَ جاؤُ) مبتدأ خبره (يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا) في الدين (الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ) أخبر تعالى عنهم بأنّهم لإيمانهم ومحبّتهم يقولون ذلك (وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا) حقدا لهم (رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) فحقيق بأن تجيب دعانا يا خير من دعاه داع وأقرب من رجاه راج.

٩٧

كتاب الحج

(والبحث فيه يقع على أنواع الأول في وجوبه)

وفيه آيتان :

الاولى : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) (١).

(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ) أي بني للنّاس ولم يكن قبله بيت مبنىّ بل إنّما دحيت الأرض من تحته.

فقد روي (٢) عن أبى جعفر عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام قال : إن الله تعالى بعث ملائكته

__________________

(١) آل عمران : ٩٦.

(٢) رواه بهذا اللفظ في تفسير الإمام الرازي ج ٨ ص ١٥٢ الطبعة الأخيرة وفي التبيان مع تفاوت ففيه ج ١ ص ١٥٧ ط إيران تفسير الآية ٢٧ من سورة البقرة :

وروى عن محمد بن على الباقر أنه قال ان الله تعالى وضع تحت العرش أربع أساطين وسماه الضراح وهو البيت المعمور وقال للملائكة طوفوا به ثم بعث ملائكة فقال ابنوا في الأرض بينا بمثاله وقدره ، وأمر من في الأرض ان يطوفوا بالبيت.

ورواه في المجمع ج ١ ص ٢٠٧ ورواه عن المجمع في نور الثقلين ج ٥ ص ١٣٦ الرقم ٦ وفي الصافي عند تفسير الآية ٤ من سورة الطور وروى قريبا منه أيضا في مستدرك الوسائل ج ٢ ص ١٣٨ عن فقه القرآن للراوندي وأخرجه أيضا الخازن ج ١ ص ٢٥٢ عن على بن الحسين واخرج مضمون الحديث بوجه أبسط الأزرقي في اخبار مكة عن ابى جعفر عن أبيه على بن الحسين انظر ج ١ ص ٣٥ وص ٣٦ ونقله في الدر المنثور ج ١ ص ١٢٨ ـ

٩٨

فقال : ابنوا لي في الأرض بيتا على مثال البيت المعمور وأمر الله تعالى من في الأرض أن يطّوّفوا كما يطّوّف أهل السّماء بالبيت المعمور.

وروى الكليني (١) عن أبى حسان عن أبى جعفر عليه‌السلام قال لما أراد الله عزوجل أن يخلق الأرض أمر الرّياح فضرب متن الماء حتّى صار موجا ثمّ أزبد فصار زبدا واحدا فجمعه في موضع البيت ثمّ جعله جبلا من زبد ثمّ دحى الأرض من تحته وهو قول الله عزوجل (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً) ورواه أيضا سيف بن عميرة عن أبى بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه‌السلام ونحوها من الأخبار الواردة في ذلك.

__________________

ـ وحسين بن عبد الله بإسلامه في كتابه تاريخ الكعبة ص ٤٠.

ثم الضراح على ما في اللسان بالضم وبالضاد بيت في السماء حيال الكعبة وهو البيت المعمور من المضارحة بمعنى المقابلة والمضارعة قال ابن الأثير ومن نقله بالصاد فقد صحف وقال ياقوت أصله الشق قال منه الضريح ثم استشهد ببيت ابى العلاء المعرى :

لقد بلغ الضراح وساكنيه

ثناك وزار من سكن الضريحا

حيث جمع بين الضراح والضريح ارادة التجنيس والطباق انظر معجم البلدان ج ٣ ص ٤٥٤ ط بيروت (الضراح).

(١) انظر الكافي ج ١ ص ٢١٦ ورواه في الفقيه أيضا ج ٢ ص ١٥٤ بالرقم ٦٧٠ مع تفاوت يسير في اللفظ ثم الأخبار الدالة على دحو الأرض من موضع الكعبة كثيرة ، انظر الكافي ج ١ ص ٢١٦ والفقيه ج ٢ ص ١٥٦ والعياشي ج ١ ص ١٨٦ أو البرهان ج ١ ص ٢٩٨ ونور الثقلين ج ١ ص ٣٠٣ والوسائل الباب ١٨ من أبواب مقدمات الطواف ص ٢٩٧ و ٢٩٨.

ومن كتب أهل السنة الدر المنثور ج ١ من ص ١٢٥ الى ص ١٢٧ وج ٢ ص ٥٢ والطبري ج ٤ ص ٨ واخبار مكة للازرقى ج ١ ص ٣١.

واستدل العلامة الشهرستاني قدس‌سره بهذه الاخبار على حركة الأرض انظر الهيئة والإسلام من ص ٧٨ الى ص ٩٩ مستمدا من كلمات أهل اللغة ان الدحو بمعنى الدحرجة.

٩٩

أو وضع للعبادة ولم يكن قبله بيت يعبد الله فيه فقد روى أبو ذر (١) أنّه سئل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن أوّل مسجد وضع للناس فقال المسجد الحرام ثمّ البيت المقدّس فسئل كم بينهما فقال : أربعون سنة.

أو أنّه : أوّل بالشّرف والرتبة لا بالزمان فقد روى (٢) عن علىّ أنّ رجلا قال له أهو : أوّل بيت؟ قال : لا ، قد كان قبله بيوت ولكنّه أوّل بيت وضع للنّاس مباركا فيه الهدى والرّحمة والبركة ، وأوّل من بناه إبراهيم عليه‌السلام ثمّ بناه قوم من العرب من جرهم ثمّ هدم فبناه قريش.

(لَلَّذِي بِبَكَّةَ) للبيت الّذي ببكّة وهي لغة في مكّة علم للبلد الحرام كالنبيط والنميط في اسم موضع بالدهناء وأمثاله ممّا وقعت الباء موضع الميم لتقارب مخرجهما وقيل إنّ بكّة موضع المسجد ومكّة الحرم كله ويدخل فيه البيوت وهو المروي (٣) عن

__________________

(١) اخرج الحديث السيوطي في الدر المنثور ج ٢ ص ٥٢ عن ابن أبي شيبة واحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وابن جرير والبيهقي في الشعب ورواه المحقق البلاغي قدس‌سره في آلاء الرحمن ج ١ ص ٣١٣.

وهو في البخاري كتاب الأنبياء ج ٧ ص ٢١٨ وص ٢٧٣ من فتح الباري وص ٢ ج ٥ من شرح النووي على صحيح مسلم وج ٢ ص ٣٢ من سنن النسائي وص ٢٤٨ من سنن ابن ماجة بالرقم ٧٥٣ وروى الحديث في المجمع أيضا ج ١ ص ٤٧٧.

(٢) رواه في البرهان ج ١ ص ٣٠١ بالرقم ٣٦ عن ابن شهرآشوب وأخرجه السيوطي في الدر المنثور عن ابن المنذر وابن أبى حاتم من طريق الشعبي عن على عليه‌السلام وحكاه عنه في آلاء الرحمن ج ١ ص ٣١٣ ورواه الإمام الرازي ج ٨ ص ١٥٤ وفي الكشاف عند تفسير الآية ج ١ ص ٣٨٦ نشر دار الكتاب العربي ولم يتعرض ابن حجر لتخريجه ومضمون الحديث موجود في اخبار مكة للازرقى بوجه أبسط ج ١ ص ٦١ وص ٦٢ رواه عن على عليه‌السلام.

(٣) رواه في المجمع ج ١ ص ٤٧٧ وانظر أيضا العياشي ج ١ ص ١٨٧ الرقم ٩٤ و ٩٦ والبرهان ج ١ ص ٣٠٠ والبحار ج ٢١ ص ١٨ وقلائد الدرر ج ٢ ص ٥ وروى قريبا منه أيضا في العلل عن ابى عبد الله عليه‌السلام انظر البرهان ج ١ ص ٢٩٩ الرقم ١٢ ونور الثقلين ج ١ ص ٣٠٤ الرقم ٢٥٣.

١٠٠