مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام - ج ٢

جواد الكاظمي

مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام - ج ٢

المؤلف:

جواد الكاظمي


المحقق: محمّد الباقر البهبودي
الموضوع : الفقه
الناشر: المكتبة المرتضويّة لإحياء الآثار الجعفريّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٣

ظاهر الأمر في الآية ، وورود الأخبار المتظافرة بالأمر بها ، مع عدم ظهور المعارض فيعمل الأمر عمله.

روى محمّد بن مسلم (١) في الصّحيح عن أحدهما عليه‌السلام قال : سئل عن رجل طاف طواف الفريضة ولم يصلّ الركعتين حتّى طاف بين الصّفا والمروة ثمّ طاف طواف النّساء ولم يصلّ لذلك حتّى ذكر ، وهو بالأبطح ، قال يرجع إلى المقام فليصلّ الركعتين وفي الصّحيح عن معاوية بن عمّار (٢) قال : قال أبو عبد الله إذا فرغت من طوافك فائت مقام إبراهيم وصلّ ركعتين ، وفي الحسن عن محمّد بن مسلم (٣) قال سألت أبا جعفر عليه‌السلام

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ١٣٨ الرقم ٤٥٥ والاستبصار ج ٢ ص ٢٣٤ الرقم ٨١٠ والكافي ج ١ ص ٢٨٣ باب السهو في ركعتي الطواف الحديث ٦ مع تفاوت وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٢٥ وحكاه في المنتقى ج ٢ ص ٤٦٦ ولفظ المصنف كالتهذيب وفي الكافي «وطاف بعد ذلك طواف النساء» مكان «ثم طاف طواف النساء» «ولم يصل أيضا لذلك الطواف» مكان «ولم يصل لذلك الطواف» «حتى ذكر بالأبطح» مكان «وهو بالأبطح» «يرجع الى مقام إبراهيم فيصلي» مكان «يرجع المقام فيصلي ركعتين» صرح بذلك الاختلاف في المنتقى أيضا.

والحديث في الوافي الجزء الثامن ص ١٣٨ والوسائل الباب ٧٤ من أبواب الطواف الحديث ٦ ص ٣٢٤ ج ٢ ط الأميري.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ١٣٦ الرقم ٤٥٠ والكافي ج ١ ص ٢٨٢ باب ركعتي الطواف والحديث طويل أخذ المصنف موضع الحاجة ورواه في المنتقى ج ٢ ص ٥٠٥ وفيه توضيح مواضع الاختلاف وهو في الوافي الجزء الثامن ص ١٣٦ والوسائل الباب ٧١ من أبواب الطواف الحديث ٤ ص ٣٢٣ ج ٢ ط الأميري.

(٣) الكافي ج ١ ص ٢٨٢ باب ركعتي الطواف الحديث ٣ وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٢٤ وهو في الوافي الجزء الثامن ص ١٣٦ والوسائل الباب ٧٦ من أبواب الطواف الحديث ١ ص ٣٢٤ ج ٢ ط الأميري.

قال المجلسي قدس‌سره في شرح الحديث : قوله قبل الغروب يدل على أن المراد بقوله حين غربت الشمس القريب منه وعلى أنه لا يكره الطواف في هذا الوقت كالنافلة المبتدئة ـ

٢٤١

عن رجل طاف طواف الفريضة وفرغ من طوافه حتّى غربت الشمس ، قال : وجبت تلك الساعة الرّكعتان ، فليصلّهما قبل المغرب.

والأخبار في ذلك كثيرة وما استدلّ به العلّامة في المختلف (١) للخصم من الأصل لا وجه له ، بعد وجود الدّليل النّاقل عنه ، واستدلّ له في المنتهى (٢) بأنّها صلاة لم يشرع لها أذان ولا إقامة ، فلا يكون واجبة كسائر النوافل ، وأجاب بأنّ سقوط الأذان لا يدلّ على الاستحباب كالمنذور ، وصلاة العيد ، وبالجملة فالقول بالندبيّة لا وجه له ، بعد ما تلوناه.

فان قيل أليس قد قرأ نافع وأبو عامر «واتّخذوا» بلفظ الماضي عطفا على جعلنا فكيف يصحّ الاستدلال بها على الوجوب ، قلت : قراءة الماضي (٣) أيضا يكون بمعنى الأمر صونا للقراءتين عن التنافي ، وإن أبيت ذلك قلت : الآية بمعونة الأخبار تدلّ على ذلك قطعا.

ثمّ إنّ الآية كالمجملة في كون موضعهما المقام ولكن الأخبار واردة بالصّلوة عنده أو خلفه ، فيجب المصير إليها في إيقاع الصّلوة في ذلك المكان المعدّ الآن للصّلوة وإلّا فالمقام الحقيقيّ الّذي هو الصّخرة الّتي فيها أثر قدمي إبراهيم عليه‌السلام ممّا لا يمكن

__________________

ـ وفي بعض النسخ قبل المغرب ولعله أظهر فيدل على تقديم صلاة الطواف على صلاة المغرب ، ان حمل المغرب على الصلاة ، وان حمل على الوقت فلا ، قال في المنتهى لو طاف وقت الفريضة قال الشيخ تقدم الفريضة على صلاة الطواف وعندي أنه ان كان الطواف واجبا تخير والأقدم الفريضة انتهى ما في المرآة.

(١) انظر المختلف الجزء الثاني ص ١١٨.

(٢) انظر المنتهى ج ٢ ص ٦٩١.

(٣) وفي سن زيادة هي : قلت على قراءة الماضي يكون الآية اخبارا عن ولد إبراهيم عليه‌السلام أنهم اتخذوا من مقامه مصلى ولا شك أن ذلك بتعليم إبراهيم عليه‌السلام وقد قال تعالى (وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) فيتم الوجوب وان أبيت ذلك قلت إلخ.

٢٤٢

الصّلوة عليها ، وفي أخبارنا دلالة على ذلك أيضا روى إبراهيم بن أبي محمود في الصّحيح (١) قلت للرّضا عليه‌السلام أصلّي ركعتي الطواف خلف المقام حيث هو الساعة أو حيث كان على عهد رسول الله؟ قال : حيث هو الساعة ، ونحوها ، ومقتضى الآية وأكثر الأخبار عدم جواز صلاة هاتين الركعتين في غير المقام ، وهو قول أكثر الأصحاب.

وقال الشيخ في الخلاف يستحبّ أن يصلّيهما خلف المقام ، فان لم يفعل وفعل في غيره أجزأه ، وهو صريح الحلبي وذهب إليه ابن بابويه في المقنع لكن في صلاة طواف النّساء فقطّ ، لا في مطلق الطّواف. وظاهر الآية حجّة عليهم ، وصحيحة محمّد بن مسلم السّالفة دالّة على ذلك أيضا ، وروى صفوان (٢) عمّن حدّثه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ليس لأحد أن يصلّي ركعتي طواف الفريضة إلّا خلف المقام لقوله تعالى (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) فان صلّيتها في غيره فعليك إعادة الصّلوة ونحوها من الاخبار.

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ١٣٧ الرقم ٤٥٣ والكافي ج ١ ص ٢٨٢ باب ركعتي الطواف الحديث ٤ وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٢٤ وفيه أن الحدث صحيح وعليه اتفاق الأصحاب وهو في المنتقى ج ٢ ص ٤٦٦ وفي الوافي الجزء الثامن ص ١٣٦ والوسائل الباب ٧١ من أبواب الطواف الحديث ١ ص ٣٢٣ ج ٢ ط الأميري.

(٢) التهذيب ج ١ ص ١٣٧ الرقم ٤٥١ وهو في الوافي الجزء الثامن ص ١٣٧ والوسائل الباب ٧٢ من أبواب الطواف ص ٣٢٣ ج ٢ ط الأميري.

والحديث يدل بمفهومه على جواز صلاة طواف النافلة في غير المقام ثم الحديث وان كان مرسلا الا ان الراوي لما كان صفوان ابن يحيى المجمع عليه فهو بمنزلة المسند الى العدل.

قال الشيخ في العدة ص ٦٣ ط إيران : وإذ كان أحد الراويين مسندا والأخر مرسلا نظر في حال المرسل فان كان ممن يعلم أنه لا يرسل الا عن ثقة فلا ترجيح لخبر غيره على خبره ولأجل ذلك سوت الطائفة بين ما يرويه محمد بن ابى عمير وصفوان ابن يحيى وأحمد بن محمد بن ابى نصر وغيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون الا عن من يوثق به وبين ما أسنده غيرهم ولذلك عملوا بمراسيلهم إذا انفردوا عن رواية غيرهم انتهى ما أردنا نقله.

٢٤٣

ولعلّ مستند الخصم ما رواه إسحاق بن عمّار (١) عن الصّادق عليه‌السلام قال كان أبى يقول من طاف بهذا البيت أسبوعا وصلّى ركعتين في أيّ جوانب المسجد شاء ، كتب الله له ستّة آلاف حسنة الحديث.

وفيه نظر لضعف المستند (٢) ، وظهور ذلك في طواف التطوّع ، فيبقى الأمر

__________________

(١) الكافي ج ١ ص ٢٧٩ باب فضل الطواف الحديث ٢ وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٢١ والوافي الجزء الثامن ص ٢٢٩ والوسائل الباب ٧٣ الحديث ٢ ص ٣٢٣ ج ٢ ط الأميري وقلائد الدرر ج ٢ ص ٧٦ قال المجلسي حسن أو موثق.

(٢) قلت : سند الحديث هكذا : على بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن إسحاق بن عمار عن أبى عبد الله عليه‌السلام.

فالثلاثة الأول حالهم في الجلالة معلوم ، واما إبراهيم بن عمر اليماني فقال النجاشي على ما في ص ١٦ ط المصطفوى : إبراهيم بن عمر اليماني الصنعاني ثقة روى عن أبى جعفر وأبى عبد الله (ع) ذكر ذلك أبو العباس وغيره له كتاب يرويه عنه حماد بن عيسى وغيره أخبرنا محمد بن عثمان قال حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد قال حدثنا عبيد الله بن احمد بن نهيك قال حدثنا ابن أبى عمير عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر به انتهى.

والظاهر أن أبا العباس هو ابن نوح وان قوى الشهيد الثاني في محكي حواشيه على الخلاصة كونه ابن عقدة ولا أقل من الاحتمال وذلك لان ابن نوح شيخ النجاشي وبينه وبين ابن عقدة وسائط مضافا الى أن ابن نوح جليل والأخر عليل ، والإطلاق ينصرف الى الكامل سيما عند أهل هذا الفن خصوصا النجاشي ، بل ربما يعد ارادة الناقص عندهم تدليسا.

ثم ان كان «ذلك» في قوله «ذكر ذلك أبو العباس وغيره» إشارة إلى تمام ما ذكر قبله فيبعد كون أبى العباس ابن عقدة الزيدي ، ثم يقول شيخ من أصحابنا ، وان كان إشارة إلى كونه من أصحاب الإمامين فيثبت توثيق النجاشي نفسه لإبراهيم بن عمر وعلى أى فالظاهر من كلام النجاشي كونه موثقا عنده وكون وثاقته مشهورة.

وقال العلامة في الخلاصة ص ٦ بالرقم ١٥ ط النجف عند سرد القسم الأول ممن اعتمد على روايته : إبراهيم بن عمر اليماني الصنعاني ، قال النجاشي ره انه شيخ من أصحابنا ثقة ـ

٢٤٤

الوارد في صلاة الطواف الواجب في المقام خاليا عن المعارض ، ويمكن بناء هذا القول على أنّ المراد بمقام إبراهيم جملة الحرم كما نقله بعضهم ، أو المراد به مواقف الحجّ كما نقل عن آخرين ، وفيه أنّ ذلك لم يثبت عندنا ، وكونه خلاف المتبادر قال الطبرسي

__________________

ـ روى عن ابى جعفر عليه‌السلام وابى عبد الله عليه‌السلام ذكر ذلك أبو العباس وغيره وقال ابن الغضائري انه ضعيف جدا روى عن ابى جعفر وأبى عبد الله عليهما‌السلام له كتاب ويكنى أبا إسحاق ، والأرجح عندي قبول روايته وان حصل بعض الشك بالطعن فيه انتهى.

وفي رجال القهبائى ج ١ ص ٦٠ عن ابن الغضائري : إبراهيم بن عمر اليماني الصنعاني يكنى أبا إسحاق ضعيف جدا ، روى عن أبى جعفر وأبى عبد الله عليهما‌السلام وله كتاب انتهى.

وبسط الكلام في حقه العلامة البهبهاني في حواشيه الرجالية على منهج المقال من ص ٢٤ الى ص ٢٦ فراجع.

والأقوى عندي وثاقة الرجل لما عرفت من توثيق النجاشي إياه ولرواية مثل حماد بن عيسى والحسين بن سعيد ومحمد بن على بن محبوب وابن أبى عمير ولو بواسطة حماد بن عيسى عنه وكون رواياته مفتى بها عند الأصحاب في كثير من المسائل وابن الغضائري عندي بمكان من الجلالة ، وان تكلم فيه بعض وليس المقام موضع اطالة الكلام الا أن إكثاره في قدح أعاظم الأصحاب وأجله الرواة وأصحاب الحديث مما يوهن الوثوق بمقاله ، والاعتماد على كتابه في الجرح ، طرح لما سواه من الكتب ، وقد بلغ الغاية في تضعيف الروايات والطعن في الرواة ولعله يعتقد ما ليس بقدح قدحا ، مع أن تعبيره بالضعف ليس القدح في نفس الرجل ، فإنه كثيرا ما يطلق الضعيف على ما يروى عن الضعفاء ويرسل الاخبار أو يروى من غير إجازة أو عمن لم يلقه أو رواية فاسدي المذهب عنه وعكسه أو يروى عن كل أحد أو كون رواياته مما تعرف تارة وتنكر اخرى.

واما إسحاق بن عمار فقال النجاشي في ص ٥٥ ط المصطفوى : إسحاق بن عمار بن حيان مولى بنى تغلب أبو يعقوب الصيرفي شيخ من أصحابنا ثقة ، وساق الكلام الى أن ذكر أن له كتاب نوادر يرويه عنه عدة من أصحابنا ، ثم ذكر رواية الكتاب المذكور بسنده عن ـ

٢٤٥

في مجمع البيان : إنّ مقام إبراهيم عليه‌السلام إذا أطلق لا يفهم منه إلّا المقام المعروف الّذي هو في المسجد الحرام وهو جيّد.

(وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ) أي أمرناهما (أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ) بأن طهّراه على أن

__________________

ـ غياث بن كلوب بن قيس البجلي عن إسحاق.

وذكره الشيخ الطوسي في رجاله في باب أصحاب الصادق عليه‌السلام ص ١٩٤ بالرقم ١٣٥ قائلا إسحاق بن عمار الكوفي الصيحاني ، وفي باب أصحاب الكاظم ص ٣٤٢ الرقم ٣ قائلا إسحاق بن عمار ثقة له كتاب ، وذكره في الفهرست ص ٣٩ بالرقم ٥٢ فقال : إسحاق بن عمار الساباطي له أصل وكان فطحيا الا انه ثقة وأصله معتمد عليه ، ثم ذكر روايته للأصل بسنده عن ابن أبى عمير عنه.

فاختلف أرباب المعاجم الرجالية من المحققين في شأن هذا الرجل وان إسحاق بن عمار في الأسانيد هل هو واحد أو متعدد ، وأن أحدهما إسحاق بن عمار بن حيان الصيرفي التغلبي الثقة والأخر إسحاق بن عمار الساباطي الفطحي ، واختلف القائلون بالاتحاد ، فقال بعض ان الموجود في أسانيد الأحاديث انما هو ابن حيان الصيرفي الإمامي الثقة وانه لا وجود للساباطى في أسانيد الاخبار ونسب الى بعض أنه في الأسانيد واحد ، وأنه هو الساباطي ثم القائلون بالتعدد ذكروا لكل مميزات يتميز حديث أحدهما عن الأخر ، وقد بسط الكلام في هذا البحث العلامة بحر العلوم قدس‌سره في الفوائد الرجالية من ص ٢٩٠ الى ص ٣٢٠ ج ١ والمامقاني في تنقيح المقال من ص ١١٥ الى ص ١٢٠ من أبواب الهمزة ج ١ ، وحجة الإسلام الشفتي في رسالته الرجالية في ص ٣٥ صحيفة كبيرة فراجع.

ولم يتحقق لي إلى الان أن الحق مع اى منهم ، وأنا في شأن هذا الرجل من المتوقفين الا أن نتيجة هذا التوقف أنه يعد الحديث من جهته في الموثق وذلك لان إسحاق بن عمار ان كان واحدا وكان ابن حيان الصيرفي فهو الإمامي الثقة ، فالحديث من جهته صحيح وان كان الساباطي فهو من الموثق وأصله معتمد عليه ، وعند التردد فالنتيجة تابعة لاخس المقدمتين فيعد من الموثق.

ثم مع فرض التعدد فحيث انه لم يثبت صحة ما ذكروه من المميزات لتشخيص أحدهما ـ

٢٤٦

يكون مصدريّة ويجوز أن يكون مفسّرة لتضمّن العهد معنى القول ، والمراد التّطهير من النّجاسات كالفرث والدّم الّذي كان يطرحه المشركون عنده قبل أن يصير في يد إبراهيم عليه‌السلام أو من الأصنام الّتي كانوا يعبدونها على باب البيت قبل إبراهيم عليه‌السلام أو من جميع ما لا يليق به من الأقذار أصناما أو غيرها.

أو المراد أخلصاه (لِلطَّائِفِينَ) حوله ، وفيها دلالة على شرعيّة الطّواف ، وتفاصيل أحكامه يعلم من الفروع.

__________________

ـ عن الأخر فكل حديث في سنده إسحاق بن عمار مردد بين الصحيح والموثق ، وحيث ان النتيجة تابعة لاخس المقدمتين فهو ملحق بالموثق كما أفاده العلامة المجلسي الأول على المحكي في شرحه على مشايخ الصدوق وهو قائل بالتعدد.

وعلى أى فلا إشكال في العمل بروايته فان اعتبار العدالة في الراوي ليس من باب التعبد بل من باب الوثوق والاطمئنان الذي هو المرجع عند العقلاء كافة في أمور معايشهم ومعادهم ، والوثوق بإسحاق بن عمار ولو كان الساباطي حاصل ، ولو كانت العدالة معتبرة في الراوي من باب الموضوعية للزم عدم العمل بروايات بنى فضال مع التنصيص من الامام العسكري عليه‌السلام بالأخذ بما رووا وترك ما رأوا. فالقول باعتبار العدالة على وجه الموضوعية كالاجتهاد في قبال نص العسكري عليه‌السلام.

وعمدة الدليل على حجية الخبر الواحد انما هو طريقة العقلاء واستقرار بنائهم طرا واتفاق سيرتهم العملية على اختلاف مشاربهم واذواقهم على الأخذ بمن يثقون بقوله ويطمئنون إلى صدقه ويأمنون كذبه ، وعلى اعتمادهم في تبليغ مقاصدهم على الثقات ، وأن الاحتمالات الضعيفة المقابلة ملغاة بنظرهم ، لا يعتنون بها فلا يلتفتون الى احتمال تعمد الكذب من الثقة كما لا يلتفتون الى احتمال خطأه واشتباهه أو غفلته.

ومعلوم أن الشارع المقدس متحد المسلك معهم لانه منهم بل هو رئيسهم ، وليس له طريق خاص مخترع في تبليغ الاحكام غير طريق العقلاء ، ولو كان له طريق خاص قد اخترعه غير مسلك العقلاء لاذاعه وبينه للناس ، ولظهر واشتهر ولما جرت سيرة المسلمين على طبق سيرة البشر ، ولا شك في ان سيرة العقلاء انما هو على الأخذ بخبر الثقة بما هو ثقة من غير ـ

٢٤٧

(وَالْعاكِفِينَ) المقيمين عنده أو المعتكفين فيه (وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) أي المصلّين جمع راكع وساجد ، وقد مرّ ما في هذه الآية من الأحكام المستفادة فلا نعيدها.

التاسعة : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ) (١).

(لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا) قالوا إنّ الله تعالى أرى نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام بالمدينة قبل أن يخرج إلى الحديبيّة أنّه وأصحابه دخلوا مكّة آمنين قد حلقوا وقصّروا ، فقصّ الرّؤيا على أصحابه ففرحوا وحسبوا أنّ ذلك في عامهم ، فلما صدّوا عن البيت واستقرّ الأمر على الصلح ، قال بعضهم والله ما حلقنا ولا قصّرنا ، ولا رأينا البيت ، فنزلت ، والمعنى أنّه صدقه في رؤياه ولم يكذبه تعالى الله عن الكذب وعن كلّ قبيح ، حذف الجارّ وأوصل الفعل «بالحقّ» متلبّسا به ، فانّ ما أراه الله كائن لا محالة في وقته المقدّر له وكان ذلك في العام المقبل.

ويجوز أن يكون صفة مصدر محذوف أي صدقا متلبّسا بالحقّ وهو القصد إلى التميز بين الثابت على الإيمان وبين المتزلزل فيه ويجوز أن يكون قسما إمّا باسم الله تعالى أو بنقيض الباطل وقوله (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) جواب له ، وعلى الأوّلين يكون جوابا لقسم

__________________

ـ موضوعية العدالة فما افاده المصنف هنا من ضعف المستند لا وجه له.

نعم ما أفاده بعد ذلك بقوله وظهور ذلك في طواف التطوع تام لا غبار عليه ومتأيد بحديث زرارة عن أحدهما المروي في التهذيب ج ٥ ص ١٣٧ بالرقم ٤٥٢ والكافي ج ١ ص ٣٨٢ باب ركعتي الطواف الحديث ٨ قال «لا ينبغي ان تصلى ركعتي طواف الفريضة إلا عند مقام إبراهيم واما التطوع فحيث ما شئت من المسجد» وليس لكلمة لا ينبغي ظهور في الكراهة بل معناها الأعم من الكراهة وعدم الجواز ، واستعمال هذه الكلمة في غير الجائز كثير. ويدل على جواز صلاة طواف النافلة في غير المقام أيضا مفهوم مرسل صفوان المتقدم كما مر.

(١) الفتح : ٢٩.

٢٤٨

محذوف (إِنْ شاءَ اللهُ) تعليق لعدته بالمشيّة تعليما لعباده أن يقولوا مثل ذلك في عداتهم متأدّبين بأدب الله ، ومقتدين بسنّته ، ولأنّه إذا كان مع علمه [يعلّق العدة بالمشيّة] ففي النّاس مع عدم العلم أولى ، أو أنّه قيد للدخول أي لتدخلنّ جميعا إن شاء الله إذا لم يمت أحد منكم أو يمرض أو يغيب فلا يدخلها ، أو كان ذلك حكاية لما قاله الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأصحابه وقصّ عليهم ، أو متعلّق بقوله (آمِنِينَ) والتّقدير لتدخلنّ المسجد الحرام آمنين من العدوّ إنشاء الله.

(مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ) بعضكم يحلق رأسه وبعضكم يقصّر من شعره (لا تَخافُونَ) أحدا من ذلك ، وقد جرى الأمر (١) في عمرة القضاء على ذلك الوجه في السّنة الثالثة للحديبيّة قال الطبرسيّ في مجمع البيان (٢) وفي هذا دلالة على أنّ المحرم بالخيار عند التحلّل من الإحرام : إن شاء حلق ، وإن شاء قصّر.

ومقتضى ذلك عموم التخيير سواء كان في التحلّل من إحرام العمرة المفردة ، أو المتمتّع بها ، أو الحجّ من أي أقسامه كان ، صرورة كان المحرم أولا ، ملبّدا شعره أو مضفورا أو معقوصا أولا ، إلّا أنّ المشهور بين الأصحاب أنّ التخيير في غير العمرة المتمتّع بها إلى الحجّ ، وفي التحلّل منها يتعيّن التقصير وفي الروايات دلالة على ذلك كصحيحة (٣)

__________________

(١) وانظر في ذلك أيضا تعاليقنا على كنز العرفان ج ١ ص ٢١٥ الى ص ٢١٧.

(٢) المجمع ج ٥ ص ٢١٦ ونقل في قلائد الدرر ج ٢ ص ٨٦ عن الشيخ في التبيان انه اى الحلق والتقصير مندوب غير واجب.

(٣) التهذيب ج ٥ ص ١٦٠ الرقم ٥٣٣ والحديث هكذا.

موسى بن القاسم عن صفوان ابن يحيى عن معاوية ابن عمار عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال إذا أحرمت فعقصت شعر رأسك أو لبدته فقد وجب عليك الحلق ، وليس لك التقصير وان أنت لم تفعل فمخير لك التقصير والحلق في الحج. وليس في المتعة إلا التقصير.

وروى الحديث في المنتقى ج ٢ ص ٥١٤ مع بسط كلام ، والحديث في الوافي الجزء الثامن ص ١٤٣ والوسائل الباب ٧ من أبواب الحلق والتقصير الحديث ٨ ص ٣٦٦ ج ٢ ط الأميري.

٢٤٩

معاوية بن عمّار عن الصادق عليه‌السلام ليس في المتعة إلّا التقصير ونحوها من الأخبار الصحيحة (١) الّتي أوجبت التّخصيص ، وقد صرّح بتحريم الحلق فيها جماعة بل أوجبوا الشاة به.

__________________

(١) ففي صحيح عبد الله بن سنان المروي في التهذيب ج ٥ ص ١٥٧ بالرقم ٥٢٢ عن أبى عبد الله : طواف المتمتع ان يطوف بالكعبة ويسعى بين الصفا والمروة ويقصر من شعره فإذا فعل ذلك فقد أحل. فجعل التقصير داخلا في حقيقة عمرة التمتع ، ونحوه صحيح زرارة المروي في التهذيب ج ٥ ص ٣٦ بالرقم ١٠٧ عن أبى جعفر بعد السؤال عن المتعة أنه يهل بالحج في أشهر الحج فإذا طاف بالبيت وصلى ركعتين خلف المقام وسعى بين الصفا والمروة قصر وأحل فإذا كان يوم التروية أهل بالحج الى آخر الحديث.

وفي صحيحي معاوية بن عمار عن أبى عبد الله المرويين في التهذيب ج ٥ ص ٣٥ بالرقم ١٠٤ وص ٤١ بالرقم ١٢٢ المروي أولهما في الكافي ج ١ ص ٢٤٧ باب ما على المتمتع الحديث ١ : ثم يقصر وقد أحل هذا للعمرة.

وفي صحيح عمر بن يزيد عن أبى عبد الله المروي في التهذيب ج ٥ ص ١٥٧ بالرقم ٥٢٣ : ثم ائت منزلك فقصر من شعرك وحل لك كل شيء وفي صحيحة معاوية بن عمار عن أبى عبد الله المروي في التهذيب ج ٥ ص ١٥٧ بالرقم ٥٢١ والفقيه ج ٢ ص ٢٣٦ بالرقم ١١٢٧ والكافي ج ١ ص ٢٨٦ باب تقصير المتمتع الحديث ١ : «إذا فرغت من سعيك وأنت متمتع فقصر من شعرك الى آخر الحديث وفي صحيح عبد الصمد بن بشير عن ابى عبد الله المروي في التهذيب ج ٥ ص ٧٢ الرقم ٢٣٩ طف بالبيت سبعا وصل ركعتين عند مقام إبراهيم عليه‌السلام واسع بين الصفا والمروة وقصر من شعرك فإذا كان يوم التروية فاغتسل وأهل بالحج واصنع كما يصنع الناس.

وفي خبر سماعة عن أبى عبد الله المروي في التهذيب ج ٥ ص ٦٠ بالرقم ١٩٠ وفي الكافي ج ١ ص ٢٤٩ باب حج المجاورين ووطان مكة الحديث ١٠ ثم يخرج الى الصفا والمروة فيطوف بينهما ثم يقصر ويحل ثم يعقد التلبية يوم التروية ، الى غير ذلك من الاخبار وفيما تلوناك كفاية.

ويدل على المقصود أيضا الأخبار الموجبة للدم على الحالق عمدا ، في عمرة التمتع وعلى ناسي التقصير فيها ، وعلى من أتى النساء قبل التقصير والأمر لناسي التقصير بالاستغفار ـ

٢٥٠

وقال الشيخ في الخلاف (١) الحلق مجز والتقصير أفضل ، نظرا إلى ظاهر الآية وحمل الأخبار على الاستحباب ، وفيه ما فيه ، وأمّا إيجاب الشّاة كما ذهب إليه جماعة نظرا إلى بعض الأخبار الغير الصّحيحة فبعيد ، والاستناد في ثبوت الحكم إلى رواية صحيحة (٢) دلّت على أنّ المتمتّع إذا حلق متعمّدا بعد مضىّ ثلاثين يوما من شهور الحجّ فانّ عليه دما يهريقه أبعد ، وقد بسطنا الكلام في شرح الدّروس.

وحتم الشّيخ في بعض كتبه على الصرورة والملبّد التحلّل في إحرام الحجّ بالحلق وإليه ذهب جماعة من الأصحاب ، والأكثر على ثبوت التخيير بينهما نظرا إلى ظاهر الآية وما ورد من الأخبار الدّالّة على ذلك أيضا كصحيحة (٣) حريز عن الصّادق عليه‌السلام قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الحديبيّة «اللهمّ اغفر للمحلّقين قيل وللمقصّرين يا رسول الله قال : وللمقصّرين ، ونحوها (٤) ولعلّ مستند الشيخ ما في بعض الاخبار الدّالّة على

__________________

ـ والدالة على بطلان العمرة ان أهل بالحج عمدا قبل التقصير فالمسئلة بحمد الله متضحة ولا اشكال ولا ريب في تعيين التقصير في العمرة المتمتع بها الحج والله العالم.

(١) راجع الخلاف ج ١ ص ٤٠٦ المسئلة ١٤٤ من مسائل الحج.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ١٥٨ الرقم ٥٢٦ والاستبصار ج ٢ ص ٢٤٢ الرقم ٨٤٣ والفقيه ج ٢ ص ٢٣٨ الرقم ١١٣٧ والكافي ج ١ ص ٢٨٧ الباب ١٤٩ باب المتمتع ينسى ان يقصر الحديث ٧ وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٢٩ وروى الحديث في المنتقى ج ٢ ص ٥١٧ عن الفقيه فنحن ننقله أيضا بلفظ الفقيه :

وسأله جميل بن دراج عن متمتع حلق رأسه بمكة فقال ان كان جاهلا فليس عليه شيء فان تعمد ذلك في أول شهور الحج بثلاثين يوما فليس عليه شيء ، وان تعمد ذلك بعد الثلاثين التي يوفر فيها الشعر للحج فان عليه دما يهريقه والحديث في الوافي الجزء الثامن ص ٧٠ والوسائل الباب ٤ من أبواب التقصير الحديث ٥ ص ٣٣٤ ج ٢ ط الأميري.

(٣) التهذيب ج ٥ ص ٢٤٣ الرقم ٨٢٢ ورواه في المنتقى ج ٢ ص ٥٧٣ وفي الوافي الجزء الثامن ص ١٧٩ والوسائل الباب ٧ من أبواب الحلق والتقصير الحديث ٧ ص ٣٦٦ ج ٢ ط الأميري.

(٤) كالحديث المروي في الفقيه ج ٢ ص ١٣٩ بالرقم ٥٩٧ والحديث المروي ج ٥ ـ

٢٥١

تعيين الحلق كرواية أبي بصير (١) عن الصّادق عليه‌السلام قال : على الصرورة أن يحلق رأسه ولا يقصّر ، وإنّما التقصير لمن حجّ حجّة الإسلام ، ونحوها رواية (٢) بكير بن خالد عنه عليه‌السلام وهما ضعيفتان (٣) لا يصلحان لتخصيص الآية ، وحملهما على الاستحباب طريق

__________________

ـ ص ٤٣٨ الرقم ١٥٢٣ وهما في الوافي الجزء الثامن ص ١٧٩ وكالاحاديث المروية في مستدرك الوسائل ج ٢ ص ١٦١ وص ١٨١ ومضمون هذه الأحاديث موجودة في كتب أهل السنة أيضا انظر نيل الأوطار ج ٥ ص ٧٤ وسنن البيهقي ج ٥ ص ١٣٤ وكنز العمال ج ٥ ص ٤٢ ومجمع الزوائد ج ٣ ص ٢٦٢ والدر المنثور ج ٦ ص ٨١ والبخاري بشرح فتح الباري ج ٦ ص ٣٠٩ الى ص ٣١٥.

واختلف رواياتهم في الوقت الذي قال فيه رسول الله (ص) هذا القول ، فقيل : انه كان يوم الحديبية ، وقيل انه كان في حجة الوداع ، واختار النووي وابن دقيق العبد كونه في الموضعين ، وقال ابن حجر في الفتح وهو المتعين لتظافر الروايات بذلك في الموضعين وقال الشوكانى في نيل الأوطار وهذا هو الراجح لان الروايات القاضية بأن ذلك كان في الحديبية ، لا تنافي الروايات القاضية بان ذلك كان في حجة الوداع وكذلك العكس.

(١) التهذيب ج ٥ ص ٢٤٣ الرقم ٨١٩ والكافي ج ١ ص ٣٠٣ باب الحلق والتقصير الحديث ٧ وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٤٤ والوافي الجزء الثامن ص ١٧٨ والوسائل الباب ٧ من أبواب الحلق والتقصير الحديث ٥ ج ٢ ص ٣٦٦.

وفي حديث آخر لأبي بصير أيضا رواه في التهذيب ج ٥ ص ٢٤١ بالرقم ٨١٤ وفي الفقيه ج ٢ ص ٣٠١ الرقم ١٤٩٣ وفي الكافي الباب المذكور آنفا الحديث ٥ أن على الصرورة أن يحلق ، ورواه في الاستبصار أيضا ج ٢ ص ٢٨٥ بالرقم ١٠١٢.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ٢٤٣ الرقم ٨٢٠ وهو في الوافي الجزء الثامن ص ١٧٨ والوسائل الباب ٧ من أبواب الحلق والتقصير الحديث ١٠ ص ٣٦٦ ج ٢ ط الأميري.

(٣) اما الحديث الأول ففي طريقه أبو بصير وقد تقدم الكلام منافي حقه في ج ١ ص ٣٢٨ من هذا الكتاب والراوي عنه هذا الحديث على بن حمزة الواقفي المشهور ، واما الحديث الثاني ففي سنده بكر بن خالد قال المامقاني في تنقيح المقال ج ١ ص ١٧٨ الرقم ١٣٥٩ لم أقف فيه الأعلى عد الشيخ ره إياه من أصحاب الباقر وظاهره كونه إماميا الا ان ـ

٢٥٢

الجمع بين الأدلّة وقد أوضح عن الاستحباب صحيحة معاوية (١) عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ينبغي للصرورة أن يحلق وإن كان قد حجّ فان شاء قصّر وإن شاء حلق ، الحديث لظهور ينبغي في الاستحباب (٢).

__________________

ـ حاله مجهول انتهى والراوي عنه هذا الحديث ابان بن عثمان وهو معدود من أصحاب الإجماع ولعله لذلك عبر في الذخيرة عن الحديث بالصحيح مع اعترافه بان بكر بن خالد غير مذكور بمدح ولا قدح.

(١) تمام الحديث : قال «وإذا لبد شعره أو عقصه فان عليه الحلق وليس له التقصير» رواه في التهذيب ج ٥ ص ٢٤٣ بالرقم ٨٢١ وص ٤٨٤ بالرقم ١٧٢٦ والكافي باب الحلق والتقصير الحديث ٦ ج ١ ص ٣٠٣ وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٤٤ ورواه في المنتقى ج ٢ ص ٥٧٤ مع ذكر اختلاف ألفاظ الحديث في الموضعين من التهذيب والكافي فراجع ، والحديث في الوافي الجزء الثامن ص ١٧٨ والوسائل الباب ٧ من أبواب الحلق والتقصير الحديث ١ ص ٣٦٦ ج ٢ ط الأميري.

(٢) لا يخفى عليك أنه لا صراحة في الكلمة في الاستحباب بل لا يبعد أن يكون المراد بلفظ لا ينبغي هو الوجوب بقرينة التخيير لمن حج ، وإرجاع الأمر إلى مشيته فإنه ظاهر في ان مقابله وهو الصرورة ليس كذلك ولا سيما بضميمة مفهوم الشرط في قوله «وان كان قد حج» فإنه دال على أنه ان لم يحج لم يرجع الأمر إلى مشيته.

ولو سلم ظهورها في عدم وجوب الحلق على الصرورة فالوجه حملها على الوجوب لأظهرية غيرها كحديثى ابى بصير وحديث بكر بن خالد المار قبيل ذلك وغيرها ففي حديث ابى سعد (كذا في النسخة المطبوعة من التهذيب بالنجف وفي الوافي الجزء الثامن ص ١٧٨ أبو سعيد مكان ابى سعد) عن أبى عبد الله المروي في التهذيب ج ٥ ص ٤٨٥ بالرقم ١٧٣٩ يجب الحلق على ثلاثة نفر رجل لبد ورجل حج بدئا (كذا في نسخة الوافي ولعله الأصح واما نسخة التهذيب المطبوع بالنجف ففيه ندبا مكان بدئا» لم يحج قبلها ورجل عقص شعره.

وفي حديث عمار الساباطي عن ابى عبد الله المروي في التهذيب بالرقم ١٧٣٠ قال سألته عن الرجل برأسه قروح لا يقدر على الحلق قال ان كان قد حج قبلها فليجز شعره وان ـ

٢٥٣

هذا في الرّجل أمّا المرأة فيتعيّن عليها التّقصير في الجميع إجماعا.

ويجزي في التقصير الأخذ من الشعر مطلقا وإن قلّ وفي المنتهى أنّ أقلّ ما يحصل به التّقصير ثلاث شعرات ، ونسبه إلى علمائنا ، وهو يؤذن بدعوى الإجماع ، ولا فرق في الأخذ بين كونه بحديدة أو نورة أو نتف أو قرض بسنّ ، وفي الأخبار دلالة عليه ، وتمام ما يتعلّق بذلك من الأحكام يعلم من الفروع.

__________________

ـ كان لم يحج فلا بد له من الحلق الى آخر الحديث.

بل المستفاد من حديث سليمان بن مهران عن ابى عبد الله المروي في الفقيه ج ٢ ص ١٥٤ بالرقم ٦٦٨ وعلل الشرائع الباب ٢٠٣ ج ٢ ص ١٣٥ ط قم عدم شمول الآية للصرورة فإنه بعد ما سئله عن علة وجوب الحلق على الصرورة أجابه الإمام بأنه ليصير بذلك موسما بسمة الآمنين ا لا تسمع قول الله عزوجل (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ) فيفيد أن الصرورة إنما يلحق بالامنين إذا حلق فليس مما يراد بالاية أو أن الصرورة من افراد المحلقين ، وانه لا يوسم بسمة الآمنين إلا إذا حلق.

فالحكم بتعين الحلق على الصرورة قوي عندي وضعف إسناد اخبار مجبور بعمل كبراء أصحابنا المتقدمين كالشيخ والمفيد والصدوق وأبى الصلاح وغيرهم مع أن بعضها لا يقصر عن الصحيح كحديث بكر بن خالد فإن أبان بن عثمان وان كان فيه كلام لا يسعنا المقام تشريحه الا انه معدود من أصحاب الإجماع فالمسئلة بحمد الله متضحة والله العالم.

٢٥٤

الثالث

(في أشياء من أحكام الحج وتوابعه)

وفيه آيات :

الاولى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ. أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (١).

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) تخصيصهم بالذّكر لأنّ غيرهم لا يصحّ منهم الإحرام فلا يترتّب عليه أثره (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) أي محرمون ، جمع حرام ، كروح جمع رواح ، أو دخلتم في الحرم أو هما معا ، ولعلّ في التعبير بالقتل دون الذّبح والذكاة للإشارة إلى تعميم تحريمه على أيّ وجه حصل ، سواء كان مستقلا في القتل أو مع مشاركة الغير ، لصدق القتل في الصورتين ، وقد دلّت الأخبار على تحريم ما هو أعمّ من (٢) ذلك كالدّلالة والإشارة والإمساك ونحوها ، على ما يعلم تفصيله من محلّه.

وقد اختلف في المراد بالصّيد فيها ، فقيل هو كلّ ما كان برّيّا وحشيّا أكل أو لم

__________________

(١) المائدة : ٩٥ ـ ٩٦.

(٢) انظر الوافي الجزء الثامن ص ١١١ وص ١١٢ والوسائل الباب ١ من أبواب تروك الإحرام ج ٢ ص ٢٥٣ ط الأميري ، ومستدرك الوسائل ج ٢ ص ١١٩.

٢٥٥

يؤكل ، لإطلاق الصّيد عليه ، قال الطبرسيّ في (١) مجمع البيان : وهو مذهب أصحابنا ولعلّه أراد أكثرهم ويؤيّده من الأخبار صحيحة معاوية (٢) بن عمّار عن الصادق عليه‌السلام قال اتّق قتل الدّوابّ كلّها إلّا الأفعى والعقرب والفارة الحديث ، وما سيجيء من عموم تحريم صيد البرّ في الآية ، وإلى هذا يذهب أبو الصّلاح الحلبي من أصحابنا ، فإنّه ذهب إلى تحريم جميع الحيوانات على المحرم إلّا أن يخاف منها فيجوز قتلها لدفع الضرر الواجب عن النفس ، أو يكون أحد الحيوانات الخمس الّتي وقعت مستثناة من التحريم ، وتظافرت به الأخبار من طرقنا وطرق العامّة (٣) وهو قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «خمس يقتلن في الحلّ والحرم : الحدأة والغراب ، والعقرب ، والفارة ، والكلب العقور» (٤) وفي رواية أخرى الحيّة ولا ينافي هذا القول عدم ترتّب الكفّارة على قتل بعض أفراد الحيوان الغير المحلّل ، إذ ليس من لوازم التحريم ترتّب الكفارة.

قال الشيخ في المبسوط : الوحشي غير المأكول أقسامه ثلثة : الأوّل لاجزاء فيه بالاتّفاق كالحيّة والعقرب والفارة والغراب والحدأة والكلب والذئب ، والثاني يجب فيه

__________________

(١) انظر المجمع ج ٢ ص ٢٤٤ وفيه واستدلوا بقول على عليه‌السلام :

صيد الملوك أرانب وثعالب

فإذا ركبت فصيدي الأبطال

(٢) انظر الكافي ج ١ ص ٢٦٥ باب ما يجوز للمحرم قتله الحديث ٢ وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٠٧ والتهذيب ج ٥ ص ٣٦٥ الرقم ١٢٧٣ علل الشرائع للصدوق ج ٢ ص ١٤٣ ط قم وفي ألفاظ الحديث في المصادر التي سردناها ادنى تفاوت يعرف بالمراجعة ونقل في المنتقى ج ٢ ص ٤٤٨ حديث الكافي وانظر الوسائل الباب ٨١ من أبواب تروك الإحرام ج ٢ ص ٢٦٩ ط الأميري والوافي الجزء الثامن ص ١١٠ وقريب من لفظ الحديث لفظ المقنع ص ٧٧.

(٣) انظر الوسائل الباب ٨١ من أبواب تروك الإحرام ج ٢ ص ٢٦٩ ط الأميري وص ١٢٥ ج ٢ مستدرك الوسائل.

(٤) انظر ج ٣ ص ٤٥٣ وص ٤٥٤ فيض القدير الرقم ٣٩٤٩ و ٣٩٥٠ و ٣٩٥١ من الجامع الصغير عن مسلم واحمد والنسائي وابى ماجة وابى داود بتفاوت في بعض ألفاظ الحديث.

٢٥٦

الجزاء عند من خالفنا ، ولا نصّ لأصحابنا فيه ، والأولى أن نقول لا جزاء فيه ، لانّه لا دليل عليه ، والأصل براءة الذمّة ، وذلك كالمتولّد بين ما يجب فيه الجزاء وما لا يجب كالسّمع المتولّد من الضبع والذئب ، والمتولّد من الأهلي والوحشيّ.

والثّالث مختلف فيه ، وهو الجوارح من الطير كالبازيّ والصّقر والشاهين والعقاب ، فلا يجب عندنا فيه شيء من الجزاء ، وقد روى أنّ في الأسد كبشا وفي الخلاف قطع بوجوب الكبش في الأسد.

والحقّ أنّ وجوب الكفّارة دائر مع وجود الدّليل ، فما قام عليه الدليل وجبت فيه ، وأنّ المدار على صدق الاسم والتولّد بين القسمين لا ينافيه مع الصّدق وربما ذهب بعض أصحابنا إلى أنّ المراد بالصّيد هو الحيوان المحلّل الممتّع بالأصالة وجعل تحريم بعض الحيوان الغير المحلّل مستفادا من الدّليل الخارجي ، وإليه يذهب الشافعي من العامّة ، والأوّل أظهر.

قال البيضاوي (١) واختلف في أنّ هذا النهي هل يلغى حكم الذبح فيلحق مذبوح المحرم بالميتة ومذبوح الوثنيّ ، أولا فيكون كالشاة المغصوبة إذا ذبحها الغاصب قلت فعلى الأوّل لا يجوز أكله إلّا مع الضرورة كالميتة ، وعلى الثّاني يجوز للمحلّ دون المحرم.

ولا يذهب عليك أنّ هذا الاختلاف واقع بين أصحابنا لكن إذا ذبح المحرم له في الحلّ لا في الحرم فالأكثر منهم على أنّه حرام بمنزلة الميتة في النّجاسة ، وتحريم جميع الانتفاعات ، ذهب إلى ذلك الشيخ في جملة من كتبه ، وابن إدريس وابن البرّاج ، بل قال العلّامة في المنتهى أنّه قول علمائنا أجمع ، وقال الصدوق في المقنع ومن لا يحضره الفقيه : وإن أصاب المحرم صيدا خارجا عن الحرم فذبحه ثمّ أدخله الحرم مذبوحا وأهداه إلى رجل محلّ فلا بأس بأكله ، وإنّما الفداء على الّذي أصابه ، وبمثله قال ابن الجنيد ، وهو الظاهر من كلام شيخنا المفيد ، والسيّد المرتضى ، وإليه ذهب جماعة.

__________________

(١) انظر البيضاوي ص ١٦٢ ط المطبعة العثمانية عند تفسير الآية.

٢٥٧

واحتجاج الأوّلين بظاهر النهي في هذه الآية وبالتحريم في قوله تعالى (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً) (١) وبرواية وهب (٢) عن جعفر عن أبيه عن عليّ عليه‌السلام قال إذا ذبح المحرم الصّيد لم يأكله الحلال والحرام ، وهو كالميتة ، ونحوها رواية إسحاق بن عمّار (٣) عنه عليه‌السلام بعيد إذ الآية لا نسلّم دلالتها على محلّ النزاع أمّا النهي فهو راجع إلى الفعل ، ولا نسلّم تحريم ما وقع عليه الذّبح مع أصالة الإباحة ، وأمّا التحريم في الآية الآتية فنحن نقول به على المحرم مطلقا ، وأين الدّلالة على أنّه لو ذبحه المحرم لم يجز للمحلّ أكله ، والرّوايتان ضعيفتا السّند (٤) فلا يثبتان حكما.

__________________

(١) المائدة : ٩٦.

(٢) تمام الحديث وإذا ذبح الصيد في الحرم فهو ميتة ، حلال ذبحه أم حرام ، رواه في التهذيب ج ٥ ص ٣٧٧ الرقم ١٣١٥ والاستبصار ج ٢ ص ٢١٤ الرقم ٧٣٣ والسند! محمد بن أحمد بن يحيى عن أبى جعفر عن أبيه عن وهب عن جعفر عن أبيه عن على عليه‌السلام.

(٣) انظر التهذيب ج ٥ ص ٣٧٧ الرقم ١٣١٦ والاستبصار ج ٢ ص ٢١٤ الرقم ٧٣٤ والحديث هكذا :

محمد بن الحسن الصفار عن الحسن بن موسى الخشاب عن إسحاق بن عمار عن جعفر أن عليا عليه‌السلام كان يقول إذا ذبح المحرم الصيد في غير الحرم فهو ميتة لا يأكله محل ولا محرم وإذا ذبح المحل الصيد في جوف الحرم فهو ميتة لا يأكله محل ولا محرم وفي لفظي التهذيب والاستبصار تفاوت يسير لا يضر والحديثان حديث وهب وإسحاق في الوافي الجزء الثاني ص ١١٢ وهما في الوسائل الباب ١٠ من أبواب تروك الإحرام ، الحديث ٤ و ٥ ص ٢٥٥ ج ٢ ط الأميري.

(٤) اما الحديث الأول فلكون وهب في طريقه ، وهو مشترك بين وهب بن عبد ربه الإمامي الثقة المأمون ، ووهب بن وهب الكذاب ، واما الحديث الثاني ففي سنده الحسن بن موسى الخشاب وإسحاق بن عمار أما إسحاق بن عمار فقد عرفت أنه يعد من الموثق واما الحسن فالظاهر أيضا أنه مقبول الحديث ، وأفصح من ذلك العلامة البهبهاني قدس‌سره في تعليقاته على ـ

٢٥٨

ويدلّ على قول الصّدوق والجماعة مضافا إلى أصالة الحلّية وعدم ظهور المعارضة روايات معتبرة الإسناد كصحيحة الحلبي (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال المحرم إذا قتل الصّيد فعليه جزاؤه ، ويتصدّق بالصّيد على مسكين الحديث ، ولو كان (٢) حراما كالميتة لحرم الانتفاع به رأسا فضلا عن التصدّق ، وصحيحة معاوية (٣) بن عمّار قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل أصاب صيدا وهو محرم أيأكل منه الحلال؟ فقال لا بأس ، إنّما الفداء على المحرم ، وصحيحة حريز (٤) قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن محرم أصاب صيدا أيأكل منه المحلّ؟ قال ليس على المحلّ شيء إنّما الفداء على المحرم ، وصحيحة

__________________

ـ منهج المقال ص ١١٥ وان سرده محمد طه نجف في إتقان المقال في ص ١٧٩ في الحسان ، وقد وصفه العلامة قدس‌سره في الخلاصة ص ٣٢ الرقم ١٩ بأنه من وجوه أصحابنا مشهور كثير العلم والحديث ، وكذا النجاشي ص ٣٣ ط المصطفوى فالحديث إذا من الموثق ولا يعد ضعيفا.

(١) رواه في التهذيب الى ما حكاه المصنف ج ٥ ص ٣٧٧ بالرقم ١٣١٧ والاستبصار ج ٢ ص ٢١٤ بالرقم ٧٣٥ وحكاه في المنتقى ج ٢ ص ٤٤٤ والوافي الجزء الثامن ص ١١١ والوسائل الباب ١٠ من أبواب تروك الإحرام الحديث ٦ ص ٢٥٥ ج ٢ ط الأميري وللحديث وجه أبسط سيشير المصنف اليه ونشير الى مصادره هناك.

(٢) واحتمال كون الباء في «بالصيد» للسببية والصيد مصدرا ، والمسكين للجنس الحاصل في ضمن الافراد بعيد غاية البعد.

(٣) التهذيب ج ٥ ص ٣٧٥ الرقم ١٣٠٧ والاستبصار ج ٢ ص ٢١٥ الرقم ٧٣٨ وحكاه في المنتقى ج ٢ ص ٤١١ وهو الوافي الجزء الثامن ص ١١٢ والوسائل الباب ٣ من أبواب تروك الإحرام الحديث ٥ ص ٢٥٤ ج ٢ ط الأميري.

(٤) التهذيب ج ٥ ص ٣٧٥ الرقم ١٣٠٦ والاستبصار ج ٢ ص ٢١٥ الرقم ٧٣٧ وحكاه في المنتقى ج ٢ ص ٤١١ ، والوافي الجزء الثامن ص ١١٢ والوسائل الباب ٣ من أبواب تروك الإحرام الحديث ٤ ص ٢٥٤ ج ٢ ط الأميري.

٢٥٩

منصور بن حازم (١) قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام رجل أصاب صيدا وهو محرم فآكل منه وأنا حلال؟ قال أنا كنت فاعلا ، قلت : فرجل أصاب مالا حراما ، فقال ليس هذا مثل هذا ، يرحمك الله إنّ ذلك عليه ، وحسنة معاوية (٢) بن عمّار قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام إذا أصاب المحرم الصيد في الحلّ فانّ الحلال يأكله وعليه الفداء ونحوها من الأخبار.

والشيخ في التهذيب بهذه الاخبار احتجّ على قول المفيد بإباحة الأكل كما عرفت لكنّه بعد ذلك أورد خبري وهب وإسحاق المتقدّمين وأجاب عن تلك الاخبار بالحمل على ما إذا أدرك الصيد وبه رمق ، بحيث يحتاج إلى الذّبح ، فإنّه يجوز للمحلّ والحالة هذه أن يذبحه ويأكله ، ثمّ قال : ويجوز أيضا أن يكون المراد إذا قتله برمية ولم يكن ذبحه ، فإنّه إذا كان الأمر كذلك جاز أكله للمحلّ دون المحرم ، والاخبار الأوّلة تناولت من ذبح وهو محرم ، وليس الذبح من قبيل الرمي في شيء انتهى كلامه.

ولا يخفى ما فيه من التكلّف البعيد ، وعدم جريان مثله في صحيحة الحلبي ويوضح ذلك ما في صحيحة (٣) منصور بن حازم قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام رجل أصاب من

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٣٧٥ الرقم ١٣٠٥ وحكاه في المنتقى ج ٢ ص ٤١١ والوافي الجزء الثامن ص ١١٢ والوسائل الباب ٣ من أبواب تروك الإحرام الحديث ٣ ص ٢٥٤ ج ٢ ط الأميري.

(٢) الكافي ج ١ ص ٢٧٠ باب النهي عن الصيد الحديث ٦ وهو في المرآة ج ٣ ص ٣١٣ ورواه الشيخ عن الكليني في التهذيب ج ٥ ص ٣٧٨ الرقم ١٣١٨ والاستبصار ج ٢ ص ٢١٥ الرقم ٧٣٦ وحكاه في المنتقى ج ٢ ص ٤٤٤ ورواه في التهذيب أيضا عن حماد بن عيسى عن معاوية بن عمار ج ٥ ص ٤٦٨ بالرقم ١٦٣٧ واللفظ فيه يفديه مكان يدفنه ، وكذا نقله عنه في الوافي الجزء الثامن ص ١١١ وفي الوسائل الباب ٣ من تروك الإحرام الحديث ٢ ص ٢٥٤ ج ٢ ط الأميري أن في نسخة «يدفنه» وفي نسخة يفديه.

(٣) الكافي ج ١ ص ٢٧٠ أبواب الصيد باب النهي عن الصيد الحديث ٧ وهو في المنتقى ج ٢ ص ٤٣١ والوافي الجزء الثامن ص ١٦٢ وفي المرآة ج ٣ ص ٣١٣ وهو في الوسائل الباب ٣ من أبواب تروك الإحرام الحديث ١ ص ٢٥٤ ج ٢ ط الأميري.

٢٦٠