مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام - ج ٢

جواد الكاظمي

مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام - ج ٢

المؤلف:

جواد الكاظمي


المحقق: محمّد الباقر البهبودي
الموضوع : الفقه
الناشر: المكتبة المرتضويّة لإحياء الآثار الجعفريّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٣

النسك ذبح الهدي ، فكأنّه قال يذبح ويرجع ، وإن لم يجد هديا ولا ثمنه صام بدله ونحوه روى ابن بابويه عنه في الصّحيح ولا بأس بالمصير إليه.

وما الواجب في الصوم حينئذ؟ يحتمل عشرة لأنّه بدل الهدي ويكون إطلاق الصوم في الأخبار إشارة إليه ، ويحتمل ثلثة أيّام ، ويحتمل ما يصدق عليه الصوم مطلقا من غير تعيين لصدق الصوم ، وأصالة عدم الزيادة ولكن الاحتياط في الأوّل وأحوط منه البقاء إلى أن يتحقّق الهدى أو يأتي بأفعال ما أحرم له ويحتمل الانتقال إلى العمرة المفردة كما يقوله الأصحاب فيمن فاته الحجّ ولا يخفى ما فيه.

العاشر : حيث بيّنا حكم الآية في المحصر بالمرض فالمصدود بالعدوّ حكمه عند أصحابنا أن يذبح مكانه حلا كان أو حرما وقد اتّفق العامّة والخاصّة على أنّه عليه‌السلام ذبح أو نحر بالحديبية لمّا صدّه المشركون ، وهي من الحلّ ، وقول صاحب الكشاف أنّ الذبح طرف الحديبية الّذي إلى أسفل مكّة وهو من الحرم غير واضح ، وقد نقل الطبرسيّ في مجمع البيان (١) عن مالك أنّ الحديبيّة ليست من الحرم.

وقد روي أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نحر هديه عند الشجرة (٢) الّتي كانت تحتها بيعة الرضوان وهي من الحلّ باتّفاق أهل النقل ، ويؤيّد ما نقوله قوله تعالى (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) (٣) فإنّها صريحة

__________________

(١) انظر المجمع ج ١ ص ٢٩٠ الا أن مراد صاحب المجمع غير ما افاده المصنف وانما أراد الطبرسي النقل عن مالك أن محل الذبح الموضع الذي يصد فيه لا كون الحديبية من الحل أو الحرم فراجع.

وفي معجم البلدان ج ٢ ص ٢٢٩ ط بيروت : وبعض الحديبية في الحل وبعضها في الحرم وهو أبعد الحل من البيت وليس هو في طول الحرم ولا في عرضه بل هو مثل زاوية الحرم فلذلك صار بينها وبين المسجد أكثر من يوم وعند مالك بن انس أنها جميعها من الحرم.

(٢) انظر تفسير الطبري ج ٢ ص ٩٧ وسنن البيهقي ج ٥ ص ٢١٧ و ٢١٨.

(٣) الفتح : ٢٧.

١٦١

في أنّهم نحروا الهدي في غير الحرم فتأمل.

والأخبار الواردة عن أئمّة الهدى صلوات الله عليهم وقعت مطلقة في ذبح المصدود مكانه روى معاوية بن عمّار (١) في الصّحيح عن الصادق عليه‌السلام قال المحصور والمصدود ينحران بدنتيهما في المكان الّذي ينظران فيه. وقد تقدّم المعارضة في المحصور فيبقى حكم المصدود.

وروى حمران (٢) عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين صدّ بالحديبية قصّر وأحلّ ونحر أي أوقع هذه الثلثة ، وفيها دلالة على وجوب التقصير على المصدود كما اختاره الشّهيد ، وخيّر بينه وبين الحلق ، إلّا أنّ الرّواية غير معلومة الصّحة.

وصحيحة معاوية بن عمّار (٣) الواردة في بيان فعله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الحديبية مشتملة

__________________

(١) لفظ الفقيه في ج ٢ ص ٣٠٥ بالرقم ١٥١٣ هكذا :

وقال الصادق عليه‌السلام المحصور والمضطر ينحران بدنتيهما في المكان الذي يضطران فيه وفي بعض النسخ ينظران فيه (خ) والحديث في الوافي الجزء الثامن ص ١٢١ والوسائل ج ٢ ص ٢٩٣ ط الأميري.

(٢) الكافي باب المحصور والمصدود الحديث ١ ج ١ ص ٢٩٣ وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٠٨ قال المجلسي ضعيف على المشهور ، ولذلك قال المصنف أيضا الا أن الرواية غير معلومة الصحة ، لكنك قد عرفت الكلام في سهل في المجلد الأول من هذا الكتاب في مواضع منه فراجع والحديث في الوافي الجزء الثامن ص ١٢١ والوسائل الباب ٦ من أبواب الإحصار والصد الحديث ١ ج ٢ ص ٢٩٣ ط الأميري.

(٣) انظر الفقيه ج ٢ ص ٣٠٦ الرقم ١٥١٧ والتهذيب ج ٥ ص ٤٢٤ الرقم ١٤٧٢ وأورده في المنتقى ج ٢ ص ٦٠٥ وبين مواضع اختلاف ألفاظ الحديث والظاهر أن في النسخة المطبوعة بالنجف من الفقيه في لفظ الحديث غلطا إذ فيه «فان رسول الله» والذي نقل عن الفقيه في المنتقى «وان رسول الله» بالواو وحسن في المنتقى نسخة الفقيه قال لان الحكم مستقل بنفسه فقطعه عما قبله اولى والحديث في الوسائل الباب ٩ من أبواب الإحصار والصد الحديث ٥ ج ٢ ص ٢٩٤ وفي الوافي الجزء الثامن ص ١٩٢.

١٦٢

على النحر والإحلال من غير تعرّض لشيء من الحلق أو التقصير فيمكن القول بعدم وجوب شيء منهما عملا بمقتضى الأصل ، وفعله عليه‌السلام غير واضح في الوجوب خصوصا مع قيام الدّليل على العدم والاحتياط لا يترك ، ويمكن حمل الآية على ما يعمّ المصدود بالعدوّ أيضا بأن يراد من الإحصار المنع مطلقا بالعدوّ أو المرض ، وقد صرّح الطبرسيّ في مجمع البيان بذلك حيث قال : وقوله تعالى (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ) فيه قولان أحدهما معناه إن منعكم خوف أو عدوّ أو مرض فامتنعتم لذلك عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وعطا وهو المرويّ عن أئمتناعليهم‌السلام.

وهذه دعوى عارية عن الدلالة إذ أخبار أئمّتنا عليهم‌السلام ما ذكرناها سابقا ، ولعلّه نظر إلى بعض الأخبار المشتملة على تسوية الحكم بين الصدّ والحصر من غير نظر إلى المعارض في الصدّ على ما عرفت ومع تسليم ذلك فيكون وجوب ما استيسر من الهدي متعلّقا بكلّ منهما ، ويكون وجوب البعث والصبر إلى أن يبلغ الهدي محلّه مخصوصا بالمرض كما ذهب إليه الأكثر ، لقيام الأدلّة على ذبح المصدود مكانه.

وأخذ أبو الصّلاح بظاهر العموم فأوجب بعث هدى المصدود أيضا كالمحصر وجعله الشيخ في الخلاف أفضل وهو من البعد بمكان كما بعد قول ابن إدريس بإسقاط الهدي عن المصدود نظرا إلى أنّ الأصل براءة الذمّة ، وقوله (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ) إنّما يتناول الإحصار بالمرض دون غيره ، ووجه البعد تظافر الأدلّة بوجوبه عليه أيضا كما نقل عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه ذبح بالحديبية وغير ذلك من الأخبار وعموم الآية إن حملنا الحصر على المنع مطلقا.

نعم لا يختصّ بموضع دون موضع كما يذهب إليه الحنفيّة من وجوب ذبحه في الحرم إن كان وإلّا بعث به إليه ، لأنّه بعيد على ما عرفت ، فانّ مقتضى الأدلّة أنّ التحلّل بالذبح ففي أيّ موضع أراده تحلّل بل في صحيحة معاوية دلالة على جواز الذبح بعد الرّجوع إلى منزله في المحصور ، وهو يقتضي جواز ذلك في المصدود بطريق أولى فلا يبعد جواز الذبح في منزله أيضا.

ولو اجتمع الصدّ والإحصار في موضع واحد ، فقد رجّح الشهيد في الدروس

١٦٣

تغليب الصدّ لزيادة التحلّل به ، فانّ النساء يحللن بذبح هديه أيضا كما عرفت أنّه به يحلّ من جميع محرّمات الإحرام ، ولا كذا الحصر ، فإنّه لا يحلّ به من النّساء وحاصله أنّه أقوى في التّأثير فيكون مقدّما.

وفيه نظر إذ هو خلاف الاحتياط مع وجود المانع من هذا التحلّل وهو الإحصار الموجب للبقاء على حرمة النّساء كما عرفت.

قال ويمكن التخيير ويظهر الفائدة في الخصوصيّات وفيه بعد لوجود موجب البعث وعدم تحلّل النّساء حتّى يطوف فعدم الالتفات إليه والعمل بالآخر لا يخلو من إشكال.

ثمّ قال : والأشبه جواز الأخذ بالأخفّ من أحكامهما أي أحكام كلّ منهما بمعنى أنّه يعمل بالأخفّ من أحكام الصدّ وبالأخفّ من أحكام الحصر فيعمل بهما معا وهو في الحقيقة ترجيح للصدّ ، إذ لا أخفّ في أحكام الحصر فإنّها وجوب البعث والبقاء على حكم الإحرام إلى أن يبلغ الهدي محلّه ، وعدم التحلّل من النّساء حتّى يطوف ويسعى ، والصدّ على الخلاف من هذه الأحكام ، وقد عرفت الإشكال في اختياره مع حصول موجب هذه الأحكام.

ثمّ قال ولا فرق بين عروضهما معا أو متعاقبين ، نعم لو عرض الصدّ بعد بعث المحصور أو الإحصار بعد ذبح المصدود ، ولمّا يقصّر فترجيح جانب السّابق أقوى انتهى.

وفيه شيء والأحسن أن نقول إن حصل أحدهما بعد التحلّل من الأوّل فالظاهر الاكتفاء به وعدم وجوب شيء آخر عليه للطّارى ، لزوال حكم الإحرام ، ويحتمل ضعيفا وجوب الحلق أو التقصير إذا لم يفعلهما في الأوّل كما لو كان هو الصدّ ولم يوجب أحدهما فيه.

وإن حصلا معا فان قلنا بجواز الذبح في مكان المنع بالنسبة إلى كلّ منهما احتمل وجوب اختيار حكم الحصر فيتحلّل بالحلق أو التقصير ، بعد بعث الهدى ، لدخوله في الآية قطعا ودخول أفعال الصدّ فيه ، والاحتياط. ويحتمل وجوب أحكامهما معا نظرا إلى تعدّد الموجب وهذا أولى إن قلنا بتعيّن البعث في الإحصار والذبح مكانه في الصدّ ولا شكّ أنّه أحوط.

١٦٤

ولو شرع في أحدهما فعرض الآخر في الأثناء أو عرض قبل الشروع في الآخر احتمل ما تقدّم ولا يبعد وجوب العمل بالأوّل لسبقه واستقرار المنع به ، وعدم ظهور ثبوت أحكام الآخر لأنّه ممنوع بالأوّل فلا يتحقّق المنع في الثاني إذ المريض الّذي لا يقدر على الذّهاب إلى الحجّ مثلا إذا حصل له عدوّ يمنعه على تقدير برئه لا يقال إنّه منعه العدوّ وهو ظاهر ، وتمام الأحكام يطلب من الفروع.

(فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً) مرضا يحتاج فيه إلى الحلق لارتفاعه به أو عدم زيادته معه (أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ) بأن تأذّى بهوامّه ، وإن لم يكن هناك مرض (فَفِدْيَةٌ) خبر مبتدأ محذوف أو مبتدأ حذف خبره تقديره فالواجب أو فعليكم فدية على تقدير الحلق لذلك العذر لا مطلقا وفي إطلاق الفدية من غير تقييد بشرط الفعل إشعار بوجوب الحلق لدفع الضّرر فإنّه واجب.

ثمّ بين الفدية بقوله (مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) فالصّيام ثلثة أيّام ، والنسك شاة ، ولا خلاف في ذلك بين العلماء ، وفي الأخبار دلالة عليه وإنّما اختلفوا في الصدقة فقيل إنّها ثلثة أصوع من طعام على ستّة مساكين لكلّ مسكين نصف صاع ، وعلى هذا أكثر أصحابنا وهو المشهور فيما بينهم ، ويدلّ عليه صحيحة (١) حريز عن أبى عبد اللهعليه‌السلام

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٣٣٣ الرقم ١١٤٧ والاستبصار ج ٢ ص ١٩٥ الرقم ٦٥٦ والسند فيهما عن موسى بن القاسم عن عبد الرحمن بن حماد عن حريز عن ابى عبد الله.

وفسر في الوسائل عند نقله الحديث عبد الرحمن يعنى ابن أبى نجران ورواه في المنتقى عن الشيخ ج ٢ ص ٤٠٦.

ورواه في الكافي ج ١ ص ٢٦٣ الباب ٩٤ العلاج للمحرم إذا مرض إذا أصابه جرح أو علة الحديث ٢ عن حريز عمن أخبره عن ابى عبد الله ولذا قال في المرآة مرسل معتبر ورواه في الفقيه ج ٢ ص ٢٢٨ الرقم ١٠٨٣ مع تفاوت وبدون قول أبى عبد الله.

والحديث في الوافي الجزء الثامن ص ١٠٤ والوسائل الباب ١٤ من أبواب بقية كفارات الإحرام الحديث ١ ج ٢ ص ٢٩١ ط الأميري وروى مثله في العياشي مع تفاوت ـ

١٦٥

قال : مرّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على كعب بن عجرة الأنصاريّ والقمل يتناثر من رأسه فقال أيوذيك هو أمّك؟ فقال : نعم فأنزل الله هذه الآية (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) فأمره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحلق رأسه وجعل عليه صيام ثلاثة أيّام والصدقة على ستّ مساكين لكلّ مسكين مدّان ، والنسك شاة الحديث. ونحوه نقل القاضي وصاحب الكشّاف ، وزاد في الكشّاف وكان كعب بن عجرة الأنصاريّ يقول : في نزلت هذه الآية.

ويؤيّد ذلك ما رواه زرارة (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إذا أحصر الرّجل

__________________

ـ ج ١ ص ٩٠ بالرقم ٢٣١ عن حريز عمن رواه وروى ذيله بالرقم ٢٣٢ ورواهما في البحار ج ٢١ ص ٤١ والبرهان ج ١ ص ١٩٥ وروى مضمون الصدر في مستدرك الوسائل ج ٢ ص ١٣٤ عن فقه الرضا وغوالي اللآلي.

وترى مضمون الصدر في كتب أهل السنة انظر المنتقى بشرح نيل الأوطار ج ٥ ص ١٢ والبيهقي ج ٥ ص ٥٥ وتفاسيرهم عند تفسير الآية كالدر المنثور ج ١ ص ٢١٣ و ٢١٤ والطبري ج ٢ ص ٢٣٠ الى ص ٢٣٤ والكشاف ج ١ ص ١٤١ وغيرها من تفاسيرهم.

قال ابن حجر في الفتح ج ٤ ص ٣٩٠ : وفي حديث لكعب بن عجرة من الفوائد ما تقدم ان السنة مبينة لمجمل الكتاب لإطلاق الفدية ، وتقييدها بالسنة ، وتحريم حلق الرأس على المحرم ، والرخصة له في حلقها إذا آذاه القمل أو غيره من الأوجاع. وفيه تلطف الكبير بأصحابه وعنايته بأحوالهم وتفقده لهم وإذا رآى ببعض اتباعه ضررا سأل عنه وأرشده إلى المخرج منه.

واستنبط منه بعض المالكية إيجاب الفدية على من تعمد حلق رأسه بغير عذر فإن إيجابها عن المعذور من التنبيه بالأدنى على الأعلى ، ولكن لا يلزم من ذلك التسوية بين المعذور وغيره ، ومن ثم قال الشافعي والجمهور لا يتخير العامد بل يلزمه الدم انتهى ما أردنا نقله.

(١) التهذيب ج ٥ ص ٣٣٤ الرقم ١١٤٩ والاستبصار ج ٢ ص ١٩٦ الرقم ٦٥٨ والكافي ج ١ ص ٢٦٧ باب المحصور والمصدود الحديث ٦ وهو في المرآة ج ٣ ص ـ

١٦٦

فبعث بهديه فآذاه رأسه قبل أن ينحر هديه فإنّه يذبح شاة مكانه الّذي أحصر فيه أو يصوم أو يتصدّق على ستّة مساكين ، والصّوم ثلثة أيّام ، والصّدقة نصف صاع لكلّ مسكين.

وذهب بعض علمائنا إلى وجوب إطعام عشرة مساكين لكلّ مسكين مدّ مستدلّا عليه برواية عمر بن يزيد (١) عن الصّادق عليه‌السلام قال قال الله تعالى في كتابه (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) فمن عرض له أذى أو وجع فتعاطى ما لا ينبغي للمحرم إذا كان صحيحا فالصّيام ثلثة أيّام والصّدقة على عشرة مساكين يشبعهم من الطّعام ، والنّسك شاة يذبحها فيأكل ويطعم ، وإنّما عليه واحد من ذلك.

والشيخ في التهذيب جمع بين الرّوايتين بالتخيير بين إطعام الستّة لكلّ مسكين مدّان ، وبين إطعام العشرة يشبعهم ، فانّ التخيير طريق جيّد في الجمع بين الخبرين المختلفين ، ولا يخفى أنّه لا دلالة في الخبر على كون الإطعام للعشرة كلّ واحد مدّا بل قدر شبعهم ، وذلك قد يزيد على العشرة أمداد ، فلا وجه للاستدلال بها على ذلك إلّا أن يقال الغالب في شبع المسكين مدّ فيحمل الخبر عليه ، وفيه بعد.

ويمكن أن يقال بالتخيير بين عدد المنفق عليهم ، بمعنى جواز كونهم ستّة أو عشرة مع تعيين الاثنى عشر مدّا في الإطعام ، فإن شبع العشرة قد يكون اثنى عشر مدّا.

هذا ويمكن أن يقال إنّ التخيير كيف كان إنّما يتمّ لو تكافأ السّند في الرّوايتين وهو غير ثابت هنا لعدم صحّة الأخيرة (٢) وندرة القائل بها ، وندرة ورودها أيضا إذ لم

__________________

ـ ٣٠٩ والوافي الجزء الثامن ص ١٢٠ والوسائل الباب ١٤ من أبواب بقية كفارات الإحرام الحديث ٣ ج ٢ ص ٢٩١ ط الأميري.

(١) التهذيب ج ٥ ص ٣٣٣ الرقم ١١٤٤ والاستبصار ج ٢ ص ١٩٥ الرقم ٦٥٧ وهو في الوافي الجزء الثامن ص ١٠٤ والوسائل الباب ١٤ من أبواب بقية كفارات الإحرام الحديث ٢ ص ٢٩١ ط الأميري.

(٢) فان في سندها محمد بن عمر بن يزيد وهو مجهول.

١٦٧

ينقل في شيء من الكتب الأربعة سوى التهذيب (١) بخلاف الأوّل مع كثرة الاخبار بها فهي أشهر رواية وفتوى من الأخيرة وذلك مرجّح للعمل بها إن لم يكن معيّنا له كما هو اختيار جماعة ، على أنّ متن الأخيرة قد اشتمل على الأكل من الكفّارة للمكفّر وهو خلاف المعهود من مذهب الأصحاب.

لا يقال في سند الاولى عبد الرّحمن المشترك بين الثقة والضّعيف ، لأنّ الظاهر أنّه ابن أبي نجران الثقة على ما حقّقناه في غير هذا الموضع ، ومن ثمّ قطع العلّامة والجماعة بصحّتها (٢) ، ولو قطع النّظر عن ذلك فهي راجحة على الأخيرة بالوجوه المذكورة ولا يذهب عليك أنّ الحكم الوارد هنا في الحلق مع المرض والأذى كما اقتضاه نصّ الآية موجب لثبوته مع العمد بطريق أولى.

__________________

(١) مقصود المصنف التهذيبان والا فقد عرفت نقله في الاستبصار أيضا والأصحاب يطلقون على الكتابين : التهذيب والاستبصار لفظ التهذيبين على التغليب.

(٢) انظر المنتهى ج ٢ ص ٨١٤ و ٨١٥ عبر عن الحديث ب «ما رواه الشيخ في الصحيح عن حريز عن أبى عبد الله» وعبر في المختلف الجزء الثاني ص ١١٥ ب «ما رواه حريز في الصحيح عن أبى عبد الله».

قال المحقق الأردبيلي في شرح الإرشاد : والظاهر هو العمل بمضمون الاولى (يريد صحيحة حريز) لدعوى صحتها في المنتهى وان كان فيه عبد الرحمن المشترك لكن يحتمل أنه الثقة لدعواها في المنتهى في مثل هذا السند كثيرا ، وكأنه عرف كونه الثقة.

ويؤيّده الشهرة وكثرة الاخبار وان كانت من طرق العامة مع عدم صحة الثانية (يريد رواية عمر بن يزيد) لوجود محمد بن عمر بن يزيد المجهول ، وقلة القائل كما يفهم من المنتهى انتهى ما أردنا نقله.

قلت : وقد عرفت كثرة الاخبار في كتب أهل السنة من صحاحهم وتفاسيرهم بمضمون الصحيحة ولا يضر فيما نحن بصدده اختلاف الألفاظ في أخبارهم كما تجد التفصيل في الفتح من ص ٢٨٣ الى ص ٣٩١ ففي بعضها إطلاق الصاع وفي بعضها التقييد بالحنطة وفي بعضها بالتمر وفي بعضها بالطعام وفي بعضها بالزبيب وغير ذلك من وجوه الاختلاف.

١٦٨

وقد نقل العلّامة في المنتهى إجماع علماء الأمصار على وجوب الفدية في حلق الرأس عمدا عالما ، قال : ومستند الأذى هو النصّ ، وغير الأذى لمفهوم الموافقة وهو جيّد.

قلت ويدلّ عليه أيضا صحيحة زرارة (١) عن أبي جعفر عليه‌السلام من حلق رأسه أو نتف إبطه أو قلّم أظفاره إلى أن قال : ومن فعله متعمّدا فعليه دم شاة ، والاقتصار على الشّاة لكونها أحد الأفراد الثّابتة بالنصّ في حلق الرأس فتأمّل ، نعم بينهما فرق من جهة ثبوت الإثم وعدمه.

واعلم أنّ ظاهر الآية أنّ وجوب الفدية مع المرض أو التأذّي على المحصر إذا بعث هديه قبل بلوغ محلّه ، ويؤيّده رواية زرارة المتقدّمة والمفسّرون جميعا حملوها على الأعمّ من ذلك وجوّزوا الحلق معهما لمن كان محرما على العموم ، نظرا إلى

__________________

(١) الحديث ورد بوجهين وكأن المصنف خلط بين لفظي الوجهين فالأول ما رواه في التهذيب ج ٥ ص ٣٣٩ الرقم ١١٧٤ والاستبصار ج ٢ ص ١٩٩ الرقم ٦٧٢ والكافي ج ١ ص ٢٦٤ باب المحرم يحتجم أو يقص ظفرا الحديث ٨ وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٠٧ وحكم المجلسي بصحته.

ولفظ الحديث عن زرارة عن ابى جعفر هكذا «من حلق رأسه أو نتف إبطه ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شيء عليه ومن فعله متعمدا فعليه دم».

والثاني ما رواه في التهذيب ج ٥ ص ٣٦٩ بالرقم ١٢٨٧ عن زرارة عن أبى جعفر بهذا اللفظ : من نتف إبطه أو قلم ظفره أو حلق رأسه أو لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله وهو محرم ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس عليه شيء ومن فعله متعمدا فعليه دم شاة.

وأورد الحديث باللفظين في المنتقى ج ٢ ص ٤٢٧ ورواه في الفقيه أيضا مرسلا ج ٢ ص ٢٢٨ وترى الحديث الأول في الوافي الجزء الثامن ص ١٠٢ والثاني ص ٩٦ وكليهما في الوسائل في الباب ١٠ من أبواب بقية كفارات الإحرام ج ٢ ص ٢٩٠ ط الأميري.

١٦٩

عموم اللّفظ ، ويؤيّده سبب النزول في صحيحة حريز وهذا أولى لأنّ العبرة بعموم اللّفظ.

(فَإِذا أَمِنْتُمْ) أي كنتم في حال أمن وسعة قادرين على الحجّ غير محصورين ولا ممنوعين بالمرض ونحوه (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ) فمن استمتع وانتفع متقرّبا إلى الله تعالى بالعمرة منتهيا في الانتفاع إلى التقرّب بالحجّ [والتمتّع بالعمرة إلى الحجّ هو أن يعتمر في أشهر الحجّ من الميقات ويقدم مكّة ، ويأتي بأفعال العمرة ويحلّ منها ثمّ يقيم حلالا بمكّة حتّى ينشئ منها إحرام الحجّ ويحجّ من عامه] (١) فالاستمتاع بالعمرة المنتهى إلى الحجّ إمّا بناء على أنّ الانتفاع بالتقرّب بها إلى الله قبل الانتفاع بتقرّبه إليه تعالى بالحجّ ، وإمّا بناء على أنّه إذا أحلّ من عمرته انتفع باستباحة ما كان محرّما عليه إلى أن يوقع الإحرام للحجّ.

(فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) فعليه أو فالواجب دم استيسره من أصناف الهدي بسبب ذلك التمتّع يذبحه أو ينحره بمنى يوم النحر بعد الرمي ، قبل الحلق أو التقصير على ما علم من الأدلّة. ولا خلاف في وجوب الهدي على المتمتّع كما هو الظاهر من الآية (٢) إنّما الخلاف في كونه نسكا أو جبرانا فالمشهور بين علمائنا أنّه نسك أي عبادة

__________________

(١) ما بين العلامتين من مختصات سن.

(٢) وزاد في نسخة سن هنا ما يلى :

وقالت الشافعية انما يجب دم التمتع بخمس شرائط : أحدها أن يقدم العمرة على الحج والثاني أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج وان أتى بشيء من الطواف ولو شوطا واحدا ثم أكمل باقية في أشهر الحج في هذه السنة لم يلزمه الدم ، واعتبر أبو حنيفة في كونه متمتعا أن لا يأتي بأكثر الطواف قبل أشهر الحج الثالث أن يحج في هذه السنة فان حج في سنة أخرى لا يلزمه الدم لانه لم يوجد منه مزاحمة الحج والعمرة في عام واحد الرابع أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام لما سيجيء ، الخامس أن يحرم بالحج من جوف مكة بعد الفراغ من العمرة فإذا عاد الى الميقات فأحرم بالحج لا يلزمه دم التمتع لان لزوم الدم لترك الإحرام من الميقات ، ولم يوجد ، وهذه الشروط عندنا شروط في أصل التمتع بحيث لا يتحقق بدونها فلو انتفى أحدها لم يكن متمتعا فلا يجب عليه دم.

١٧٠

مخصوصة لا تعلّق له بغيره كالطّواف والسّعي وغيرهما.

بل ادّعى الشيخ في الخلاف (١) عليه الإجماع ونسب الخلاف فيه إلى الشّافعيّة حيث زعموا أنّه جبران لما فات من إحرام الميقات فلا يجب عندهم إلّا بشرط أن لا يعود إلى الميقات ، بأن يحرم من مكّة ويستمرّ عليه إلى أن يمضي إلى عرفات فلو عاد إلى ميقاته الّذي أنشأ العمرة منه ، فأنشأ الإحرام بالحجّ من هناك فلا دم.

وقالوا : وكذا لو رجع إلى مثل مسافة ذلك الميقات فأحرم منه ، ومقتضاه أنّ الإحرام بحجّ التمتّع من مكّة رخصة لا عزيمة وذلك باطل عندنا ، بل الظاهر كونه عزيمة وأنّ ميقات حجّ التمتّع مكّة لا غير كما بيّنّا ، فيكون الهدي نسكا من المناسك ولدلالة الآيات غيرها على وجوب الأكل منه وهو إنّما يتمّ مع كونه نسكا لا جبرانا وإلى هذا يذهب الحنفيّة أيضا.

وظاهر الآية إجزاء ما صدق عليه الهدي ، ولكنّ الأصحاب اشترطوا فيه شروطا لأدلّة أوجبت تقييد الآية بها ككونه ثنيّا وهو من البقر والمعز ما دخل في الثّانية ومن الإبل ما دخل في السادسة ، ومن الضّأن ما كمل له سبعة أشهر ، وكونه تامّا فلا يجزى الأعور ولا المريض ولا الأعرج البيّن العرج ، ولا الأجرب ولا مكسور القرن الداخل ، ولا مقطوع الأذن ، ولو قليلا ، ولا الخصيّ ولا المجبوب وكونه سمينا بمعنى وجود الشحم على كليتيه ولو كان ذلك بالظنّ فلو ظهر خلافه لم يضرّ الخطأ المعلوم بعد الذبح ، ونحو ذلك من الأمور. إلّا أنّ في أدلّة بعض هذه الأحكام قصورا فتقييد ظاهر الآية بمثله لا يخلو من بعد والحقّ أنّ ظاهر الآية اقتضى العموم ، فما لم يوجد الدّليل الصّالح للإخراج القاطع للعذر لم يخصّص به.

وكذا ظاهر الآية اقتضى وجوب الهدى الواحد عن المتمتّع الواحد ومع التعذّر الصّوم فالحكم بجواز اشتراك السّبعة أو السّبعين في الهدي الواحد إذا كان هناك ضرورة كما اختاره بعض الأصحاب وبإجزاء البقرة عن الخمسة إذا كانوا من أهل بيت واحد

__________________

(١) الخلاف ج ١ ص ٣٨٠ المسئلة ٣٥ من مسائل الحج.

١٧١

غير ظاهر الوجه ، خارج عن منطوق الآية يحتاج إلى دليل قويّ يوجب التّخصيص.

ولو قيل إنّ قوله تعالى (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) يقتضي تحقّق التيسّر مع القدرة على البعض كما يتحقّق مع الكلّ ، لقلنا هذا بعيد عن الظّاهر ، إذ المتبادر من ذلك الهدي كملا [والمراد ما استيسر من أقسام الهدي] وأنّه لا يتحقّق مع التمكّن من بعضه. وفي الأخبار الصّحيحة دلالة على ما قلناه أيضا ولعلّ الوجه فيما ذهبوا إليه وجود أخبار دلّت على إجزاء الهدي الواحد عن أكثر من واحد مع قلّة الأضاحي كما في حسنة حمران (١) قال : عزّت البدن سنة بمنى حتّى بلغت البدنة مائة دينار سئل أبو جعفر عليه‌السلام عن ذلك فقال اشتركوا فيها ، قلت وكم؟ قال ما خفّ فهو أفضل ، قلت عن كم تجزى؟ قال : عن سبعين ، ونحوها من الأخبار الغير الصّريحة في كون المراد الاشتراك في الهدى الواجب إذ يجوز أن يكون المراد به الأضحيّة المستحبّة كما دلّ عليه صحيحة الحلبي (٢) قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن النفر يجزيهم البقرة فقال أمّا الهدي فلا ، وأمّا في الأضحى فنعم ، وحينئذ فيحمل إطلاق الأخبار على ذلك على أنّها غير دالّة على وجوب الاشتراك في الهدي أقصاها أنّها تدلّ على جواز ذلك ، فيمكن أن يكون واردا في محلّ الرّخصة لمكان الضرورة بمعنى أنّ هذه رخصة ، لو عمل بها عامل لم يكن عليه شيء كما في سائر الرّخص ، وحينئذ فالأصل هو الحكم الّذي دلّ

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٢٠٩ الرقم ٧٠٣ والاستبصار ج ٢ ص ٢٦٧ الرقم ٩٤٨ والكافي ج ١ ص ٣٠١ الباب ١٨٤ البدنة والبقرة عن كم تجزى الحديث ٤ وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٤٣ والوافي الجزء الثامن ص ١٦٨ الوسائل الباب ١٨ من أبواب الذبح الحديث ١١ ج ٢ ص ٣٥٤ ط الأميري.

(٢) التهذيب ج ٥ ص ٢١٠ الرقم ٧٠٥ والاستبصار ج ٢ ص ٢٦٨ الرقم ٩٥٠ والفقيه ج ٢ ص ٢٩٧ الرقم ١٤٧٢ مع تفاوت يسير في الألفاظ وأورده في المنتقى ج ٢ ص ٥٥٠ بلفظ الفقيه والحديث في الوافي الجزء الثامن ص ١٦٩ والوسائل الباب ١٨ من أبواب الذبح الحديث ٣ ج ٢ ص ٣٥٢ ط الأميري.

١٧٢

عليه ظاهر الآية ، والأخبار المانعة ، وحيث يذبح الهدي يجب فيه النيّة لأنّه عبادة فاعتبرت فيه كما في غيره ، ويجزى الاستنابة على المشهور للأصل ، وكونه ممّا يدخله النيابة وظاهر رواية علىّ بن أبي حمزة (١) عن أحدهما عليهما‌السلام قال أيّما امرأة أو رجل خائف أفاض من المشعر ليلا فلا بأس فليرم الجمرة ثمّ ليمض وليأمر من يذبح عنه الحديث ولأنّ الظاهر أنّ المقصود هو الذّبح من أيّ فاعل كان ، ولإشعار بعض الأخبار به مثل إجزاء ذبح الضالّ عن صاحبه مع قصده ، فاندفع قول بعضهم بعدم الاجزاء. ويجب الأكل منه ويقسم على الوجه المتقدّم ، وإطلاق الآية هنا مقيّد به.

(فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) أي كلّ من وجب عليه الهدي للتمتّع ، ولم يجد هديا (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ) في أيّامه وهو تمام ذي الحجّة على ما دلّت عليه صحيحة رفاعة (٢) وانعقد إجماعنا عليه ، وهي وإن كانت مطلقة في التتالي وعدمه إلّا أنّ الإجماع على اعتبار التتالي في صومها إلّا في صورة خاصّة وهي ما لو فاته قبل يوم التروية ، فإنّه يصوم يوم التروية وعرفة ، والثالث بعد العيد وأيّام التشريق وفي الأخبار دلالة عليه ويؤيّده قراءة من قرأ «ثلثة أيّام متتابعات» (٣) وإن كان الشاذّ لا حجّة فيه.

__________________

(١) انظر التهذيب ج ٥ ص ١٩٤ الرقم ٦٤٤ والاستبصار ج ٢ ص ٢٥٦ الرقم ٩٠٤ والكافي ج ١ ص ٢٩٥ باب من تعجل من المزدلفة قبل الفجر الحديث ٤ وما نقله المصنف بعض الحديث وهو في الوافي الجزء الثامن ص ١٥٨ والوسائل الباب ١٧ من أبواب الوقوف بالمشعر الحديث ٤ ج ٢ ص ٣٤٣ ط الأميري.

(٢) الاتية عن قريب.

(٣) اخرج الحاكم في المستدرك ج ٢ ص ٢٧٦ عن أبى بن كعب أنه كان يقرئها «فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعات» وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي في التلخيص (مطبوع ذيل المستدرك) وقال صحيح.

وأخرجه في الدر المنثور ج ١ ص ٢١٦ عن الحاكم وفي الكشاف أيضا ج ١ ص ٢٤٢ ط دار الكتاب العربي وفي قراءة أبي «فصيام ثلاثة أيام متتابعات» وفي كنز العرفان ج ١ ص ٢٩٨ يجب فيها التتابع ولذلك قرء شاذا متتابعات.

١٧٣

واستثنى ابن حمزة من وجوب التتالي صورة أخرى ، وهي ما لو صام قبل يوم التروية ويومها وخاف إن صام عرفة عجز عن الدّعاء ، فإنّه يجوز له الإفطار ويصوم بدله بعد أيّام التشريق ، وأنكره ابن إدريس نظرا إلى أنّ الأصل التتابع ، خرج عنه الصورة المجمع عليها فيبقى الباقي على الوجوب وهو جيّد.

ومقتضى الآية أنّ زمان الانتقال إلى الصّوم هو زمان تعذّر الهدي في محلّ وجوبه ، وذلك إنّما يكون بحضور زمان الذبح الّذي يجب إيقاعه فيه ، ويؤيّده ما رواه الكلينيّ (١) عن أحمد بن عبد الله الكرخي قلت للرّضا عليه‌السلام المتمتّع يقدم وليس معه هدي أيصوم ما لم يجب عليه؟ قال : يصبر إلى يوم النّحر ، فان لم يصب فهو ممّن لم يجد.

ولكن اتّفق الجميع على أنّ أفضل أوقاته أن يصوم سابع ذي الحجّة وثامنه وتاسعه ، إذا علم عدم الوجدان في محلّه ، وقد دلّت على ذلك الأخبار الكثيرة روى رفاعة بن موسى في الصّحيح (٢) قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المتمتّع لا يجد الهدي قال

__________________

(١) انظر الكافي ج ١ ص ٣٠٤ الباب ١٩١ صوم المتمتع إذا لم يجد الهدى الحديث ١٦ وهو في الوافي الجزء الثامن ص ١٧٤ والوسائل الباب ٥٤ من أبواب الذبح الحديث ٢ ج ٢ ص ٣٦٣ ط الأميري.

(٢) الحديث رواه في التهذيب ج ٥ ص ٢٣٢ بالرقم ٧٨٥ عن الحسين بن سعيد عن صفوان وفضالة عن رفاعة وكذا في الاستبصار ج ٢ ص ٢٨٠ بالرقم ٩٩٥ نقله صاحب المعالم في المنتقى ج ٢ ص ٥٥٨ وبين مواضع الغلط في ألفاظه ورواه في التهذيب أيضا ج ٢ ص ٣٨ بالرقم ١١٤ عن الكليني بألفاظ أصح.

وهو في الكافي ج ١ ص ٣٠٤ باب صوم المتمتع إذا لم يجد الهدى الحديث ١ وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٤٥ الا أن السند فيه : عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد جميعا عن رفاعة بن موسى ، وكذالك نقله عنه في التهذيب بالرقم ١١٤.

قال صاحب المعالم بعد نقل الحديث : والطريق غير متصل لانه رواه عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد جميعا عن رفاعة ـ

١٧٤

يصوم قبل التروية بيوم ويوم التروية ويوم عرفة ، قلت فان قدم يوم التروية؟ قال : يصوم ثلثة أيّام بعد التشريق ، قلت فإن لم يقم عليه جمّاله قال يصوم يوم الحصبة وبعدّه يومين ، قلت وما الحصبة قال يوم نفره ، قلت يصوم وهو مسافر؟ قال نعم أليس هو يوم عرفة مسافرا إنّا أهل بيت نقول ذلك لقوله تعالى (فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ) يقول في ذي الحجّة ونحوها من الأخبار المعتبرة الاسناد الدّالّة على جواز الصّوم تلك الأيّام.

__________________

ـ بواسطة أو ثنتين وكذلك سهل الا أنه الا التفات الى روايته والشيخ أورده في التهذيب أيضاً بهذا الطريق غير الموضع غير الموضع الذي ذكر فيه ذالك وحكاه العلامة في المنتهى بهذا المتن وجعله من الصحيح والعجب من شمول الغفلة عن حال الاسناد للكل انتهى.

وقال المجلسي بعد جعله الحديث من الصحيح على الظاهر قال. الظاهر أن فيه سقطا إذ أحمد بن محمد وسهل بن زياد لا يرويان عن رفاعة لكن الغالب أن الواسطة اما فضالة أو ابن أبى عمير أو ابن فضال أو ابن أبى نصر والأخير هنا أظهر بقرينة الخبر الاتى حيث علقه عن ابن أبى نصر ويدل على تقدم ذكر.

والحديث في الوافي الجزء الثامن ص ١٧٥ وفي الوسائل الباب ٤٦ من أبواب الذبح الحديث ١ ج ٢ ص ٣٦١ ط الأميري.

ثم الحصبة بفتح الحاء وسكون الصاد ويقال المحصب بميم مضمومة ثم حاء ثم صاد مشددة مهملتين مفتوحتين ثم باء موحدة شعب بين مكة ومنى مخرجه الأبطح سمى به لاجتماع الحصباء فيه ، والحصباء كالحصبة واحدته الحصبة بفتحتين الحجارة والحصى ، ويقال للنزول بالمحصب التحصيب وقد نزل فيه رسول الله (ص) كما سيأتي ومن ثم أضيف يوم النفر إليه في الحديث.

وسمى المكان أبطح لأن الماء ينبطح فيه ، أى يذهب يمينا وشمالا ويضاف الأبطح إلى مكة ومنى ، لان المسافة بينه وبينها واحدة وربما كان الى منى أقرب.

قال في الوافي : ويستفاد من هذا الحديث وما في معناه مما يأتي جواز صيام يوم الثالث عشر في هذه الصورة ، ولا بأس فيخص المنع من صيام أيام التشريق بغيرها كتخصيص منع الصيام في السفر بغير الثلاثة الأيام الا أنه يأتي ما ينافيه ويظهر من كلام بعض أهل اللغة أن يوم الحصبة اليوم الرابع عشر ولا يلائمه هذه الاخبار انتهى.

١٧٥

والعلّامة في المنتهى بعد أن حكم بأنّ وقت وجوب الصّوم هو وقت وجوب الهدي أورد سؤالا بأنّه كيف جاز الانتقال إلى البدل قبل زمان المبدل مع عدم تحقّق العجز عنه؟ وأجاب بأنّ مبنى التّجويز على ما هو الظاهر من حال المعسر واستمرار إعساره.

قلت : بعد ثبوت الحكم بالأخبار لا حاجة إلى هذا الاعتبار ، إلّا أنّه كالمؤيّد لها فتأمّل.

ولا يجب الصّوم في الأيّام المذكورة بل يجوز له التأخير عنها كما صرّحت به صحيحة ابن سنان (١) عن الصادق عليه‌السلام قال سألته عن رجل لم يجد هديا قال فليصم ثلثة أيّام ليس فيها أيّام التّشريق ، ولكن يقوم بمكّة حتّى يصومها الحديث ، وهل يجوز صومها من أوّل شهر ذي الحجّة بعد التلبّس بإحرام العمرة؟ قيل نعم ، وهو ظاهر الشيخ في النهاية والمبسوط والخلاف فإنّه صرّح فيها بأنّه قد وردت رخصة في جواز تقديم الصّوم للثلثة من أوّل ذي الحجّة ونحوه قال في التهذيب إلّا أنه قال بعد ذلك والعمل على ما رويناه أوّلا ، وأراد به عدم التقديم.

وأنكر ابن إدريس التقديم بل ظاهر كلامه يعطي الإجماع على عدم جواز الصّوم قبل اليوم السابع ، والحق أنّ الرّواية الدّالّة على التقديم أوّل الشهر ضعيفة مع أنّها مطلقة في جواز الصّوم ، وإن لم يتلبّس بالإحرام ، وهو خلاف الإجماع ، إذ هو بمثابة تقديم الواجب على سببه.

نعم بين الأصحاب اختلاف في جوازه بعد إحرام العمرة ، وظاهر بعضهم الجواز ، لصدق التلبّس بالحجّ والشّروع فيه معها ، ولأنّه يستحبّ الصّوم يوم السّابع وتاليه والإحرام بالحجّ إنّما يستحبّ يوم التروية فيكون الصّوم مقدّما على الحجّ ، وظاهر بعضهم أنّه لا يجب قبل إحرام الحجّ والنّزاع كاللفظيّ فانّ التلبّس

__________________

(١) النظر التهذيب ج ٥ ص ٢٢٨ الرقم ٧٧٤ والاستبصار ج ٢ ص ٢٧٦ الرقم ٩٨٣ وللحديث تتمة وأورد الحديث في المنتقى ج ٢ ص ٥٥٧ وهو في الوافي الجزء الثامن ص ١٧٦ والوسائل الباب ٥١ من أبواب الذبح الحديث ١ ج ٢ ص ٣٦٢ ط الأميري.

١٧٦

بالحجّ يحصل بالتلبّس بالعمرة للارتباط بينهما لكن لا يخفى أنّ ذلك يقتضي وجوب الهدي بالتلبّس بإحرام العمرة ، لأنّ الصّوم بدل عنه. والقائل بذلك من أصحابنا غير معلوم إلّا أن يقال : هذا القول يستلزم القول بذاك قطعا ، وفيه نظر ، بل الظاهر أنّ مقتضى البدليّة أنه لا ينتقل إلى حكم البدل إلّا مع العجز عن المبدل ، إلّا فيما أخرجه الدّليل كما عرفت.

ولو خرج ذو الحجّة ولمّا يصم الثلاثة ، فالّذي عليه أصحابنا تعيّن الهدي عليه وعدم إجزاء الصّوم ، وفي الأخبار دلالة عليه أيضا روى عمران الحلبي (١) في الصحيح أنّه سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن رجل نسي أن يصوم الثلثة الأيّام الّتي على المتمتّع إذا لم يجد الهدي ، حتّى يقدم إلى أهله ، قال يبعث بدم ، وروى منصور في الحسن (٢) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من لم يصم في ذي الحجّة حتّى يهلّ إهلال المحرّم فعليه دم شاة ، وليس له صوم ، ويذبح بمنى. ونحوها من الأخبار وهو الظاهر من إطلاق قوله تعالى (فِي الْحَجِّ) كما أشعرت به صحيحة رفاعة السالفة.

وقول الشيخ في باب مناسك منى من التهذيب : إنّ من فاته صومها بمكّة لعائق أو

__________________

(١) انظر التهذيب ج ٥ ص ٢٣٥ الرقم ٧٩٢ والاستبصار ج ٢ ص ٢٧٩ الرقم ٩٩٠ وص ٢٨٣ الرقم ١٠٠٤ والفقيه ج ٢ ص ٣٠٤ الرقم ١٥١١ وهو في المنتقى ج ٢ ص ٥٦٠ وفيه : والوجه في هذا الحديث أن يقتصر به على صورة النسيان ، لئلا ينافي ما سبق ويأتي من الاخبار الدالة على أنه يصوم في أهله وظاهرها استناد الفوات لغير النسيان فيختلف الموضوع وللشيخ في الكتابين وجهان في الجمع غير مرضيين انتهى.

والحديث في الوافي الجزء الثامن ص ١٧٨ والوسائل الباب ٤٧ من أبواب الذبح الحديث ٣ ج ٢ ص ٣٦٢ ط الأميري.

(٢) انظر التهذيب ج ٥ ص ٣٩ الرقم ١١٦ والاستبصار ج ٢ ص ٢٧٨ الرقم ٩٨٩ والكافي ج ١ ص ٣٠٤ باب صوم المتمتع إذا لم يجد الهدى الحديث ١٠ وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٤٦ ونقله في المنتقى ج ٢ ص ٥٧٣ وهو في الوافي الجزء الثامن ص ١٧٧ والوسائل الباب ٤٧ من أبواب الذبح الحديث ١ ج ٢ ص ٣٦٢ ط الأميري.

١٧٧

نسيان فليصمها في الطّريق إن شاء وإن شاء إذا رجع إلى أهله وأطلق ، وظاهره عدم تعيّن ذي الحجّة لها ، وأنّها لا تسقط بخروجه ، مستدلّا عليه بأخبار حملها على من دخل بلده في ذي الحجّة ، بحيث لا يهلّ المحرّم قبل الفراغ من الصّوم ، طريق الجمع.

وقد أغرب العلّامة في هذا المقام حيث قال في المنتهى إنّه بإهلال المحرّم يسقط عنه فرض الصّوم ، ويستقرّ الهدي في ذمّته ويجب عليه شاة كفّارة لتأخيره مستدلّا عليه بحسنة منصور السالفة ، وبأنّه ترك نسكا هو الصّوم فيجب الدّم ، لقوله عليه‌السلام من ترك نسكا فعليه دم (١).

وجوابه أنّ الحديث إنّما دلّ على وجوب الشّاة والظاهر أنّ المراد به الهدي المبدل ، ولا أقلّ من احتماله فيسقط الاستدلال معه والثاني غير واضح الإسناد فتأمّل.

ولو صام الثلاثة ثمّ وجد الهدي في وقت يمكن ذبحه فيه أعني يوم النحر فالأكثر من الأصحاب على عدم الوجوب ويمضي في صومه وظاهر جماعة الوجوب ، ويدلّ على الأوّل ظاهر الآية فإنّ مقتضاها انتقال غير الواجد إلى الصّوم ومع إتمام الثلاثة يحصل الاشتغال بالمأمور به ، والامتثال ببعضه على وجه يخرج عن العهدة يسقط اعتبار الهدي نفسه ، لأنّ الأمر يوجب الاجزاء ، ويؤيّد ذلك رواية حمّاد بن عثمان (٢) قال سألت

__________________

(١) الحديث مذكور في كتب فقهائنا رضوان الله عليهم بعنوان النبوي أو بعنوان حديث ابن عباس عن النبي ص ولم أظفر في كتب أهل السنة عليه مرفوعا إلى النبي ص نعم مذكور موقوفا على ابن عباس واللفظ في سنن البيهقي ج ٥ ص ١٥٢ من نسي من نسكه شيئا أو تركه فليهرق دما وفي المغني لابن قدامة ج ٣ ص ٤٩١ عنه من تركه شيئا من مناسكه فعليه دم.

(٢) انظر التهذيب ج ٥ ص ٣٨ الرقم ١١٢ والاستبصار ج ٢ ص ٢٦٠ الرقم ٩١٩ والكافي ج ١ ص ٣٠٤ الباب ١٩١ صوم المتمتع الحديث ١١ وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٤٦ وفي الوافي الجزء الثامن ص ١٧٥ وفي الوسائل الباب ٤٥ من أبواب الذبح الحديث ١ ج ٢ ص ٣٦٠ ط الأميري.

١٧٨

أبا عبد الله عليه‌السلام عن متمتّع صام ثلثة أيّام في الحجّ ثمّ أصاب هديا يوم خرج من منى قال : أجزأه صيامه ، ونحوها ، واحتجاج الموجب بأنّه وجد المبدل قبل الفراغ من البدل فكان بمثابة المتيمّم الواجد للماء في الأثناء قياس لا نقول به ، ورواية عقبة بن خالد (١) ضعيفة محمولة على الاستحباب جمعا بين الأدلّة.

ولو وجد الهدي بعد التلبّس بصوم الثلثة ، فالمشهور الوجوب وأنكره ابن إدريس لظاهر قوله (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) إذ مقتضاه وجوب الصّوم على غير الواجد بمجرّد حصول العجز وعدم الوجدان [فانتقاله إلى الهدي محتاج إلى دليل] وفيه تأمّل.

(وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ) أي إلى أهليكم وهو الظاهر من إطلاق الرّجوع ، ولا خلاف في ذلك بين أصحابنا ، وقد تظافرت أخبارهم الواردة عن أئمّة الهدى صلوات الله عليهم بذلك ، ووافقنا في ذلك الشافعيّ في أحد قوليه وذهب في قوله الآخر إلى جواز صومها بعد الفراغ من مناسك منى [وهو قول أبي حنيفة] حملا للرّجوع على النفور والفراغ من أعمال الحجّ [والأخذ في الرّجوع] وهو بعيد ، عن ظاهر الآية كما لا يخفى [فإنّ الأخذ في الرّجوع ليس رجوعا حقيقة والكلام إنّما يحمل على الحقيقة] (٢).

__________________

(١) التهذيب ج ٥ ص ٣٨ الرقم ١١٣ والاستبصار ج ٢ ص ٢٦١ الرقم ٩٢٠ والكافي ج ١ ص ٣٠٤ باب صوم المتمتع الحديث ١٤ وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٤٦ قال المجلسي عليه الرحمة مجهول ولفظ الحديث هكذا : محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن عبد الله بن هلال عن عقبة بن خالد قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل تمتع وليس معه ما يشترى به هديا فلما أن صام ثلاثة أيام في الحج أيسر أيشتري هديا فينحره أو يدع ذلك ويصوم سبعة أيام إذا رجع إلى أهله قال يشترى هديا فينحره ويكون صيامه الذي صام نافلة له.

والحديث في الوافي الجزء الثامن ص ١٧٥ والوسائل الباب ٤٥ من أبواب الذبح الحديث ٢ ج ٢ ص ٣٦٠ ط الأميري.

(٢) ما بين العلامتين من مختصات سن في المواضع.

١٧٩

ويؤيّده ما رواه الجمهور (١) عن ابن عمر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث طويل فمن لم يجد هديا فليصم ثلثة أيّام في الحجّ وسبعة إذا رجع إلى أهله.

وقد ألحق أصحابنا بالرّجوع إلى الأهل ما لو أقام بمكّة مجاورا بعد زمان الحجّ ومضى له مدّة يمكن وصوله إلى أهله فيها ، ما لم تزد على الشهر ، فان زادت عليه كفى الشهر ، ولم يعلم للعامّة في ذلك قول ، بل جوّز مالك وأبو حنيفة وأحمد صومها بعد مضىّ أيّام التشريق ، وقد تقدّم قول الشّافعيّ.

وقد دلّ على ما ذكرناه من التفصيل صحيحة (٢) معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله

__________________

(١) حديث ابن عمر هذا أخرجه البخاري باب من ساق البدن معه فتح الباري ج ٤ ص ٢٨٦ ومسلم ج ٨ ص ٢٠٨ شرح النووي وأخرجه عنهما البيهقي ج ٥ ص ٢٣ والدر المنثور ج ١ ص ٢١٦ وفي الدر المنثور أحاديث أخر أيضا موقوفة على الصحابة أن السبعة انما هي بعد الرجوع الى الأهل.

(٢) رواه في التهذيب ج ٥ ص ٢٣٤ بالرقم ٧٩٠ والاستبصار ج ٢ ص ٢٨٢ بالرقم ١٠٠٢ والحديث هكذا : سعد بن عبد الله عن احمد بن محمد عن الحسين عن فضالة بن أيوب عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله ص من كان متمتعا فلم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع الى أهله ، فإن فاته ذلك وكان له مقام بعد الصدر صام ثلاثة أيام بمكة وان لم يكن له مقام صام في الطريق أو في أهله وان كان له مقام بمكة وأراد أن يصوم السبعة ترك الصيام بقدر مسيره إلى أهله أو شهرا ثم صام.

قال في المنتقى ج ٢ ص ٥٥٩ وروى الصدوق عجز هذا الخبر بطريقه عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله «ان كان له مقام بمكة فأراد أن يصوم السبعة ترك الصيام بقدر مسيره إلى أهله أو شهرا».

قلت وهذا الذيل تراه في الفقيه ج ٢ ص ٣٠٣ الرقم ١٥٠٧.

ثم قال في المنتقى : وقوله فيه بعد الصدر محتمل ، لان يكون مصدرا بمعنى الرجوع كالمصدر فتسكن دالة ، وأن يكون اسم مصدر فتفتح ، ولان يراد به اليوم الرابع من أيام ـ

١٨٠